تضامناً مع الرفيق جورج ابراهيم عبدالله واستنكاراً لقيام وزارة الداخلية الفرنسية بعدم المصادقة على قرار الافراج عن الرفيق جورج والاستجابة للضغوط الأمريكية وإرجاء القرار إلى 28 من الشهر الجاري، أقامت شبيبة حزب الوحدة الشعبية ومجموعة من الحراكات الشبابية والشعبية وأصدقاء الحزب اعتصاماً أمام السفارة الفرنسية في العاصمة الأردنية عمان، حيث رفع المشاركون أعلام لبنان وفلسطين والأردن وصور الرفيق الأسير ولافتات تندد بالسلطات الفرنسية واستمرار اعتقال الثائر الأممي الرفيق جورج ابرهيم عبدالله.
وردد المشاركون هتافات:
"أمريكا هي هي.. أمريكا راس الحية"
"جورج عبد الله ما بننساك.. لاجلك نخطف طيارات"
"تحيتنا بالألوفات لأبطال المعتقلات.. عبد الله واحمد سعدات"
"يلي ألقيت السلاح.. اتعلم من جشـ الكفاح"
وفي ختام الاعتصام ألقى الرفيق هادي الخيطان نص المذكرة التي تم تسليمها إلى الملحق العسكري الفرنسي الذي تسلمها نيابة عن السفيرة الفرنسية، وتالياً نص المذكرة:
السيدة كورين بروزيه، سفيرة جمهورية فرنسا،
نتوجه لكم بهذه المذكرة للتأكيد على رفضنا واستنكارنا لقيام سلطات بلادكم بالتلكؤ في الإفراج عن المناضل العروبي الرفيق جورج إبراهيم عبدالله، ونرى أن هذا الإجراء ما هو إلا خضوع لحملة الابتزاز التي تمارسها الإدارة الأميركية في هذه القضية. علماً بأن سلطات بلادكم كانت قد استمرت سابقاً باعتقال الرفيق جورج عبدالله على الرغم من انتهاء محكوميته دون أي سند قانوني.
أن رضوخ سلطات بلادكم المتواصل لرغبات الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني واعتبارها أوامر لا بد من تنفيذها يدلّ على "وهم" شعارات السيادة والحرية التي تحاول بلادكم الإيهام برفعها. كما أنها تكشف زيف تغنيكم الدائم باستقلالية القضاء.
إن قرار سلطات بلادكم بحق الرفيق جورج عبدالله يكشف بشكل فاضح الوجه الأكثر قباحة للإمبريالية التي تعتبر مقاومة الشعوب لمخططاتها الاستعمارية إرهاباً، فيما تسيتمر في التغطية على جرائمها وجرائم حلفائها.
إننا نعلن رفضنا لقرار سلطاتكم ونؤكد على تضامننا مع رفيقنا جورج عبدالله والمطالبة بتنفيذ قرار المحكمة بالإفراج الفوري عنه. كما نؤكد على تنسيقنا وتضامننا مع الرفاق في اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني واللجنة الدولية لإطلاق سراح جورج عبدالله في كافة الخطوات القادمة والعمل على إطلاق أوسع حملة تضامن سياسية وشعبية مع المناضل عبد الله خلال هذه المرحلة الحاسمة من قضيته.
المكتب الشبابي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني
15 كانون ثاني 2013
ما أروع أن يعيش الإنسان الحرية داخل سجنه ، وما أروع أن يعيش المناضلين ملاحم بطولاتهم في نفوس وعقول وأحلام وتطلعات الأجيال ، وما أسوء أن نبقى نحن العرب نعيش الكذب والمكر والخداع ، من أولئك الذين يدعون الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، وما أحوجنا للعقل والحكمة عندما نعتبرهم مثلنا الأعلى في الفكر والنضال وحتى في المأكل والملبس
المناضل البطل جورج عبدالله ، يرزح في السجون الفرنسية الديمقراطية والإنسانية الكاذبة منذ أكثر من (28) عام ، لكنه بروحه وفكره يعيش الحرية بأبعادها الثورية والنضالية في قلوب وعقول أجيال الشباب المؤمنة بالحق والعدل . وبعد طول سنين وسنين أصدر القضاء الفرنسي (العادل ) حكما بالإفراج عن المناضل جورج عبدالله ، لكنه لم يترجم عمليا ولم ينفذ من قبل الحكومة الفرنسية الديمقراطية ( التي تدعم ثوراتنا وعوراتنا العربية ) لان أسياد الديمقراطيات والحريات في العالم ( الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني ) لم يوافقوا على هذا القرار ، وعجبا وأسفا على ذلك القضاء الفرنسي الذي بات قزما وعبدا للبيت الأبيض ، وحتى الحكومة الفرنسية باتت تنتظر الأوامر من أسيادها الأمريكان والصهاينة .
إننا في الاتحاد العام للطلبة العرب ، ندين بشدة موقف الحكومة الفرنسية المنحاز للاملاءات الأمريكية والصهيونية والامبريالية العالمية ، وندعوا للإفراج الفوري عن الأسير اللبناني البطل جورج عبدالله ، ونطالب ما تبقى من الأمم المتحدة ومؤسساتها وهيئاتها من أجل الإسراع في تنفيذ الحكم القضائي والإفراج عن المناضل عبدالله ، وجميع الأسرى والمعتقلين العرب في السجون الإسرائيلية والأمريكية والغربية والامبريالية.
الحرية للأسير البطل جورج عبدالله
الحرية لجميع الأسرى والمعتقلين العرب
والنصر لقضايا امتنا العربية العادلة
اللجنة التنفيذية
للاتحاد العام للطلبة العرب
دمشق : 17 /1 /2013
تعمل المؤسسات الفرنسية على نشر الثقافة الفرنسية في لبنان والعالم. ويتركز هذا العمل من خلال المركز الثقاقي الفرنسي المرتبط مباشرة بالسفارات الفرنسية في كل دولة.
إن الثقافة الفرنسية التي كانت تدعي أنها مثالاً للتحرر والمساواة في الماضي من الثورة الديمقراطية ومبادئها وكومونة باريس وحلم العدالة الاجتماعية أصبحت اليوم ثقافة الأسر والترهيب مع استمرار اعتقال الأسير البطل جورج ابراهيم عبدالله ظلماً منذ عقود، وإصرار الدولة الفرنسية على خطفه رغم قرار القضاء بالإفراج عنه.
إن هذه النزعة القمعية المرتبطة بعقلية الدولة الاستعمارية هي ثقافة غير مرحب بها في لبنان. ونحن نؤكد أن عمل المؤسسات الفرنسية بشكل طبيعي في لبنان لن يكون ممكناً إذا استمر اعتقال جورج ابراهيم عبدالله. فالحرية مقابل الحرية ولا تهاون مع إرهاب الإدارة الفرنسية المستمر.
سنغلق أبواب المراكز اليوم بشكل تحذيري، وسنعاود الكرة وسنغلقها مطولاً بحال لم تستجب السلطات لموضوع إخلاء السبيل والترحيل إلى لبنان.
ولن تكون المؤسسات الأخرى بعيدة عن عملنا حيث ولت أيام الانتظار وصارت قضية جورج عبدالله قضية وطنية لبنانية بامتياز وقضية مقاومة المشروع الأميركي وأصبح الآلاف خلف جورج، وسيهبون إلى حريته بكل الوسائل المتاحة.
aلن تعودوا إلى عملكم المعتاد إلا بعد الحرية، ولم نسمح لثقافتكم بالانتشار إلا حينما تقترن بحرية الأسير البطل جورج ابراهيم عبدالله.
لا لثقافة الأسر نعم للحرية - لا لعنجهيتكم نعم لكرامتنا - لا للخضوع نعم لمقاومة ظلمكم بكل الوسائل.
الحملة الدولية للإفراج عن الأسير جورج ابراهيم عبدالله
أعلن مصدر قضائي فرنسي، أمس، أن قرار الإفراج المشروط عن المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبدالله، الذي تأجل إلى 28 كانون الثاني الحالي، قد يتم إرجاؤه مرة جديدة بسبب دعوى استئناف رفعتها النيابة.
وكانت محكمة تطبيق الأحكام في باريس المختصة بشؤون الإرهاب، قررت تأجيل قرارها النهائي حول طلب الإفراج عن جورج عبد الله إلى 28 الحالي في انتظار التوقيع المفترض لوزير الداخلية الفرنسي على قرار إبعاد المناضل اللبناني عن الأراضي الفرنسية.
وهذا القرار من وزارة الداخلية ضروري للسماح بالخروج من السجن لعبد الله الذي أيدته محكمة تطبيق الأحكام في تشرين الثاني الماضي. وهذا التأجيل هو الذي تحتج عليه النيابة. ولأن دعواها الاستئنافية تتأجّل إذا لم تناقش قبل 28 كانون الثاني، لا تستطيع محكمة تطبيق الأحكام، مرة أخرى، البتّ في هذا الموعد. وغرفة تطبيق الأحكام في محكمة الاستئناف في باريس يُتاح لها شهران لبحث دعوى الاستئناف.
وذكرت النيابة، في بيان، أنها تعتقد أن سلطات تطبيق الأحكام كان يجب أن «تعلن رفض طلب الإفراج المشروط عن عبدالله نظراً لعدم وجود قرار بالإبعاد، وهو شرط لا بد منه للبحث في هذا الطلب».
وكان عبدالله أدين بتهمة قتل الكولونيل الأميركي شارل راي، أحد مسؤولي الاستخبارات الأميركية في باريس، وياكوف بارسيمنتوف أحد عملاء الموساد في العام 1982، وسجن لحوالي 29 سنة في فرنسا.
وقد دعت هيئة دعم الإفراج عن جورج إبراهيم عبدالله إلى تظاهرة السبت المقبل قرب وزارة الداخلية للاحتجاج على «المهزلة القضائية». وانتقدت، في بيان، «انتقاماً سياسياً» للدولة الفرنسية من المناضل اللبناني.
وكانت واشنطن اعترضت مؤخرا على قرار القضاء الفرنسي، الإفراج عن عبدالله. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «لا نعتقد انه يجب الإفراج عنه، ونواصل التشاور مع الحكومة الفرنسية حول هذا الامر». وأضافت «لدينا شكوك قوية في أنه قد يعود الى ميدان القتال».
وكان المحامي جاك فرجيس الثمانيني وصف رفض وزير الداخلية الفرنسية التوقيع على قرار ترحيل جورج عبدالله بالقول «الوزير يتصرف كقحبة أميركية». ووسّع من قطر دائرة سخطه ليحكم «الأميركيون لم يوافقوا على إطلاق سراح جورج، والوزراء يتناقلون الجمرة الحارقة، لا يريد أحدهم أن يكون من يوقع على قرار إطلاق سراح عبدالله. (السفير، ا ف ب)
بسام القنطار
فعلتها وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا مجدداً، وقررت أن تسير على خطى زميلها وزير الداخلية مانويل فالس في الامتثال للإرادة الأميركية في إبقاء الأسير اللبناني جورج إبراهيم عبد الله في السجن؛ ففي قرار جديد وغير متوقع، أعلن مصدر قضائي أمس أن قرار الإفراج المشروط عن عبد الله الذي تأجل إلى 28 كانون الثاني الجاري، قد يُرجأ مرة جديدة بسبب دعوى استئناف رفعتها النيابة. وليس معلوماً بعد المعطيات القانونية التي سمحت للنيابة العامة برفع هذه الدعوى، علماً بأن دعوى استئناف سابقة رفعت في ٢١ تشرين الثاني الماضي وأُعلن رفضها في ١٠ كانون الثاني الجاري. وكانت محكمة تطبيق الأحكام في باريس قد قررت الاثنين تأجيل قرارها النهائي بشأن طلب الإفراج عن عبد الله إلى الاثنين في 28 كانون الثاني في انتظار التوقيع المفترض على قرار الإبعاد من الأراضي الفرنسية لجورج المسجون في لانمزان (البيرينيه العليا). وهذا القرار من وزارة الداخلية ضروري لإنفاذ حكم الإفراج المشروط، ولقد شكل امتناع فالس عن التوقيع الإشارة الخضراء التي أطلقتها الحكومة الفرنسية إلى الحكومة الأميركية بأنها قد بدأت بالفعل في عرقلة المسار القضائي بالإفراج عن عبد الله، الذي كان في مراحله الختامية.
وتحتج النيابة العامة الفرنسية على قرار المحكمة بتأجيل الإفراج إلى ٢٨ كانون الثاني الحالي. ولأن دعواها الاستئنافية تتأجل إذا لم تناقش قبل 28 كانون الثاني، لا تستطيع محكمة تطبيق الأحكام، مرة أخرى، بتّ هذا الموعد.
وغرفة تطبيق الأحكام في محكمة الاستئناف في باريس يتاح لها شهران لبحث دعوى الاستئناف.
ولشرح مسعاها، ذكرت النيابة، في بيان، أنها تعتقد أن سلطات تطبيق الأحكام كان يجب أن «تعلن رفض طلب الإفراج المشروط عن عبد الله، نظراً إلى عدم وجود قرار بالإبعاد».
في لبنان، لم يتأخر ردّ الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج عبد الله على المحاولات الفرنسية لتعطيل الإفراج عن سجين الرأي اللبناني. فلليوم الثالث على التوالي، استمرت فاعليات خيمة الاعتصام المفتوح أمام السفارة الفرنسية. وعلمت «الأخبار» أن أمن السفارة ضغط لإزالة الخيمة، ولقد سعت القوى الأمنية إلى التفاوض مع المعتصمين بشأن هذه المسألة، فكان الجواب: «الخيمة باقية، وهناك المزيد من الخيم في الأيام المقبلة».
وتنظم الحملة الدولية سلسلة اعتصامات اليوم أمام المراكز الثقافية الفرنسية في الجنوب والبقاع والشمال وجبل لبنان، أبرزها في صيدا عند الساعة الثانية عشرة ظهراً.
كذلك تجتمع المنظمات الشبابية والطلابية في خيمة الاعتصام عند السادسة من مساء اليوم. وينظم فرع الطلاب في كلية الآداب ــ الفرع الأول اعتصاماً تضامنياً. وكان طلاب وأساتذة معهد العلوم الاجتماعية في الفرع الثالث في طرابلس قد نظموا اعتصاماً أمس وعلقت الدروس.
وفي القبيات، مسقط رأس المناضل اللبناني، نظم أهالي البلدة اعتصاماً في الساحة الرئيسية، عبروا خلاله عن استنكارهم «للموقف المجحف والمفاجئ لوزير الداخلية الفرنسي». وحمل المشاركون في الاعتصام صوراً لعبد الله ولافتات كتبت عليها عبارات التنديد بالموقف الفرنسي.
وتوجه رئيس اللجنة المكلفة عملية التحضير لاستقبال عبد الله في القبيات الأب نسيم قسطون، إلى الرؤساء الثلاثة، وطالبهم بإيلاء هذه القضية أعلى مستويات الاهتمام، والاتصال بالسلطات الفرنسية مباشرة عبر لجنة وزارية مكلفة متابعة هذه القضية حتى نهاياتها السعيدة.
وألقى كلمة عائلة جورج عبد الله شقيقه موريس عبد الله، مشيداً «بالإجماع الذي نراه في بلدتنا حول موضوع هذا المناضل، والذي عمّ كل أرجاء الوطن».
وفي رام الله، اعتصم فلسطينيون، أمس، أمام المركز الثقافي الفرنسي، تضامناً مع عبد الله. وهتفوا: «من بيروت لرام الله... الحرية لجورج عبد الله»، «جورج عبد الله طل وشوف... واحنا معاك مافي خوف».
وقال د. عادل سمارة: «إن هذه المؤسسات (في إشارة إلى المركز الثقافي الفرنسي) يجب أن تغلق؛ لأن مكانها لا يجب أن يكون هنا». وأشاد رئيس أساقفة سبسطية المطران عطا الله حنا بالتضحيات التي قدمها عبد الله من أجل فلسطين، مطالباً بإطلاق سراحه من دون تأخير.
وقد دعت هيئة دعم الإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله إلى تظاهرة السبت قرب وزارة الداخلية في باريس للاحتجاج على «المهزلة القضائية».
الخميس ١٧ كانون الثاني ٢٠١٣
روبير عبد الله
يوم صدور قرار القضاء الفرنسي بالإفراج عن شقيقي المناضل جورج عبد الله تغيّب ولداي عن المدرسة بانتظار سماع القرار. من شدة الفرح لم يتمكنا من النوم طول الليل. غاب الإثنان عن المدرسة في اليوم التالي لانشغالهما بإعداد مهرجان الاستقبال.
نهار الإثنين كان يوم صدور قرار الترحيل، ذهب رواد إلى المدرسة بعد وعد مني بأنني فور صدور القرار سأسحبه من المدرسة ليذهب معي إلى استقباله في المطار.
عين على ورقة المسابقة وأخرى على شباك الصف، يعد الدقائق والثواني منتظراً قدومي ليكتشف بالمباشر صورة العم البطل، تلك الأسطورة التي حفرت عميقاً في عقله وقلبه منذ نعومة الأظافر.
صورة جورج تشكلت في ذهن رواد، ابن الخامسة عشرة، رويداً رويداً. ففي السنة الخامسة من عمره تلقى أولى رسائله. حرص جورج على تشكيل أحرف كل كلمة بالألوان. توقّف تشكيل الكلمات لاحقاً، ليبدأ تشكُلاً من نوع آخر، يتعلق بالوعي والمواقف وحيثيات الأسر وبأشياء أخرى.
بفارغ الصبر انتظرني رواد لأصطحبه من المدرسة لاستقبال عمه في المطار. لم يكن الشوق حافزه الوحيد، فقد كان ينتظر ليكتشف نوع الحياة التي يعيشها باقي الأطفال والمراهقين الذين لا يوجد في بيوتهم أسرى. كان الصبي يحلم أن يأتي يوم يرى لدى والده بعض الوقت ليراجع معه دفتر العلامات، أو ليرافقه في رحلة صيد أو خلافه من الأشياء التي يسمع عنها من رفاق الحارة والمدرسة.
بالنسبة إليّ، تلقي نبأ حنث الحكومة الفرنسية بواجبها تنفيذ الحكم القضائي بالإفراج عن جورج، كان وقعه أسهل بكثير من توقع ردة فعله عندما سأخبره أننا لسنا ذاهبين للاحتفاء بالعودة المنتظرة، خصوصاً أنه كان يسابق الرجال في الإعداد لمهرجان الاستقبال في القبيات.
تهافت إلى السيارة وهو يلعن كل ما هو مكتوب باللغة الفرنسية، يود أن يصل إلى سفارة فرنسا بأسرع وقت ممكن، لـ «يفعل ويسوي...». للمرة الأولى رأيت الشرر يتطاير من عينيه أمام السفارة الفرنسية، وللمرة الأولى أدركت بالملموس مفهوم «أطفال الحجارة». ففي غفلة مني اخترق جموع الغاضبين ولم أره إلا واقفاً أمام هراوات حراس السفارة.
تكثف الزمن، انحشرت الأسئلة في رأسي. صورة محمد الدرة ارتسمت أمامي. هل ألجم اندفاعته؟ هل أتركه يلقى مصيراً أسود؟ هل أخطأت في تربيته؟ هل كان من واجبي تشويه صورة عمه لكي أطفئ نار حقده على الفرنسي؟
الأسوأ من ذلك أن اتصالاً مقتضباً جاءني في ذروة فورة الغضب من أمه التي كانت تراقب التظاهرة على شاشات التلفزة، قالت لي «لا تهتم فقد ابتلعت ما يكفي من الحبوب المهدئة»، وأقفلت الخط حتى لا تزيد من إرباكي، أو كي لا تشغلني عن متابعة أمر تعرف أن لا شيء يحول بيني وبينه.
حال ولدي هي من أحوال أولاد وبنات عمه وعماته. أكبرهم وائل ابن شقيقي الأكبر الذي صار يعرفه لبنان كله، وينادونه بالعملاق، وهو صاحب الحنجرة التي لا تحتاج إلى مكبرات الصوت في كل تظاهرة واعتصام، وأصغرهم طفل آخر لم تتح له براءته أن ينطق بأبلغ من جملة «هيدي فرنسا أكبر كذابة».
أتساءل في نفسي ماذا يجني الفرنسيون من استمرار خطفهم لشقيقي جورج؟ ما معنى كذبتهم وكذبة معلمهم الأميركي «جورج يشكل خطراً على السلم العالمي». هل يتوقعون أن طفلاً سيولد من عائلة عبد الله غير حاقد على فرنسا وعلى كل من يقف من ورائها. هل يعلم الأميركيون ما معنى تصريح كبار قادتهم أن جورج ينبغي أن يبقى في السجن حتى يموت؟ هل حقاً يدركون حجم ردات الفعل؟
بمنطق العواطف والوجدان والمشاعر، لا شك في أن الإدارة الفرنسية نجحت وتنجح دوماً في تأجيجها، وظفرت في استهلاك بعض أعصاب أفراد العائلة، خصوصاً النساء والأطفال منا. لكن التساؤل يستمر: لماذا تهدي فرنسا العائلة كل الظروف والمبررات لكي تلد مناضلين ثوريين. وأية تفاهة يرتكبها سفيرها عندما يقول «لننتظر حكم القضاء في الثامن والعشرين من الشهر الجاري»؟ وهل تثبيت حكم الإفراج في محكمة الاستئناف كان قد صدر عن محاكم جزر القمر؟
أولادنا، كما نحن، يا سعادة السفير، تعلموا في إرسالياتكم، وبعضهم حتى قد تخرج من جامعاتكم؟ لكن أبطال الثورة الفرنسية التي تعرضونها بالمزاد أمام سادتكم الأميركيين والإسرائيليين تخرجوا أيضاً من مدارس وجامعات حكم ملكي استبدادي، ومع ذلك ثاروا على ملوككم، وعلقوا لهم المشانق.
أنتم تقفلون بالحديد باب السجن على جورج، ونحن سنقفل باب سفارتكم باللحم الحي، كما سنستمر في فضح عري نفاقكم أمام قصر الصنوبر كلما احتفلتم بمقاومتكم التي غدرتم بها، أو كلما استقبلتم زائراً مرموقاً لتتبجحوا أمامه بحضارتكم المزيفة. وكذلك الحال أمام «مراكزكم الثقافية» الداعرة. ثقافتكم «الحنونة» نعرفها بالتاريخ والجغرافيا. نعرف كيف زرعتم ثقافة الحقد والكراهية بين اللبنانيين، ودوزنتم اقتتالاً طائفياً مستداماً. نعرف ونتابع أخباركم البشعة في أرجاء القارة السوداء. ولعلّ تزامن حملاتكم العسكرية الراهنة في بعض الدول الإفريقية مع رفض وزير داخليتكم تنفيذ أوامر قضاء بلاده، جعل جورج عبد الله يستحق اليوم أكثر من أي وقت مضى اللقب الذي وصفه به العديد من مناصريه «مانديلا العرب».
أما أصحاب الفخامة والدولة والسعادة والمعالي في دولتنا الحبيبة، (البعض من أصحاب هذا العهد، والأغلبية من الحكومات السابقة) ففيهم رأينا العجب. ولكم تمنى أحدنا (في لحظة تخلٍ طبعاً) أن يكون جورج عميلاً أو سارقاً أو أمير زاروب أو مهرباً. أستحلفكم بربكم أن تجيبوا عن بضعة أسئلة: لو كان جورج يحمل إحدى الصفات تلك، بل لو كان يحملها كلها، هل كان لا يزال في السجن حتى هذا اليوم؟ هل يعقل أن تمنح بلدات فرنسية أوسمة شرف لجورج عبد الله على تضحياته في سبيل وطنه الذي أنتم قادته، وتتنكرون له؟ هل يعقل أن يهب ناشطون فرنسيون للدفاع عن جورج عبد الله وأنتم تقومون بالعراضات مثل صناديق الفرجة؟ هل سمعتم محاميه الفرنسي جاك فيرجيس يسألكم إذا كنتم مسؤولين في دولة تحت الانتداب أم في دولة مستقلة؟
* خيمة الاعتصام أمام السفارة الفرنسية
الاربعاء ١٦ كانون الثاني ٢٠١٣
بسام القنطار
لن تستطيع فرنسا ان تناور كثيراً، فإما ان يوقع وزير داخليتها قرار ترحيل جورج عبد الله، او ان تختار احتجازه رهينة. ومن لبنان الى فلسطين والاردن وصولاً الى باريس تتوسع حلقة التضامن مع عبد الله الذي بات سجين الرأي الابرز في اوروبا والعالم.
السفير الفرنسي في بيروت باتريس باولي، الذي التقى وزير الخارجية عدنان منصور أمس، حاول المناورة أيضاً، فأعرب عن «التفهم» للقلق اللبناني من تأخير الافراج عن عبد الله، لكنه أشار في نفس الوقت الى ان «لا وجود لقرار نهائي حول هذه القضية». وأوضح ان «محكمة تطبيق العقوبات ستتخذ قرارا في 28 كانون الثاني»، مشيرا الى قرارات اخرى تتعلق بالترحيل المحتمل يفترض ان تصدر عن وزارة الداخلية. وقال: «كل ذلك اليوم محور نقاش، والسلطات المعنية ستتخذ قراراتها»، داعيا الى التحلي ببعض الصبر. واضاف «ليس ثمة قرار حاسم في شأن هذه المسألة». ولم يشأ التعليق حول ما إذا كانت الولايات المتحدة طلبت من فرنسا تأجيل البت بهذا القرار، «وعلى كل شخص أن يقرأ بنفسه ما تم التعليق عليه من قبل البعض. ولكن بالنسبة لي فإن القرار في فرنسا يتخذ بكل استقلالية من قبل القضاء الفرنسي والحكومة الفرنسية». والتقى باولي في وقت لاحق رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
ورداً على تصريحات باولي عقدت الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج ابراهيم عبد الله، مؤتمراً صحافياً أمام السفارة الفرنسية في بيروت. وأصدرت بيانا تلاه عضو الحملة حسن صبرا اكّد فيه أن «اعتصامنا مستمر، وهو اعتصام مفتوح». وسأل: «أي قرار تنتظره فرنسا؟ فالقضاء الفرنسي أعلن قراره وأشهر موقفه بالافراج عنه. بعد ان استنفدت وزارة العدل كل إجراءات التمييز، وهي أعلى درجات المراجعة في حالات الافراج المشروط، والمطلوب من فرنسا ومن وزير داخليتها اليوم قبل الغد توقيع قرار الترحيل». ودعا البيان الحكومة الى تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الملف، وزيارة فرنسا لبحث المسألة في حال استمر التعنت الفرنسي برفض التوقيع على قرار الترحيل».
وأعلنت الحملة عن سلسلة من النشاطات بينها توقف الدروس في معهد العلوم الاجتماعية ــ الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية في طرابلس اليوم الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، ولقاء لفاعليات القبيات الثالثة بعد الظهر. وتنظم الحملة غداً اعتصاماً عند الساعة الثانية عشرة ظهراً امام المركز الثقافي الفرنسي في صيدا.
بدوره، دعا الاسير المحرر سمير القنطار الدولة اللبنانية الى التحرك العاجل لانقاذ جورج عبد الله الذي بات رهينة في السجون الفرنسية. ودعا، في حال فشلت المساعي الدبلوماسية في جعل القرارات القضائية الفرنسية موضع التنفيذ الى البحث عن «خيارات بديلة».
وفي الأردن اعتصم شبيبة حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الاردني امام السفارة الفرنسية في عمان امس. وفي رام الله دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى وقفة احتجاجية امام المركز الثقافي الفرنسي في رام الله. وفي فرنسا ينظم عدد من الناشطين اعتصاما في بوردو امام مقر الحزب الاشتراكي الفرنسي. كما تنظم الحملة الدولية للافراج عن جورج عبد الله اعتصاماً مركزياً قرب وزارة الداخلية الفرنسية في باريس الثالثة بعد ظهر السبت المقبل.
وفي المواقف، استغربت كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها الاسبوعي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة «الخطوة التي اقدمت عليها الحكومة الفرنسية بحق عبد الله، متمنية على السلطات الفرنسية المبادرة إلى احترام قرارات القضاء الفرنسي واطلاق سراح عبد الله، حيث لم يعد مبررا الاستمرار في حجز حريته».
وانتقد مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب «صمت المنظمات اللبنانية التي تحمي مبادئ حقوق الانسان»، ودعا مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان والمنظمات الانسانية العالمية الى «ادانة الموقف الفرنسي».
الاربعاء ١٦ كانون الثاني ٢٠١٣
طلال سلمان
الأخ جورج عبدالله:
أتوجه إليك بالتحية، متحاشياً ـ كما لا بد لاحظت ـ أن أناديك باللقب الذي كان حميماً ومحبباً وموضع تقدير: «الرفيق». ومن باب أولى أنني تحاشيت صفة «المناضل» المشرّفة حتى لا أتسبّب في الإساءة إليك، بعدما أجلى الطائفيون والمذهبيون «المناضلين» عن أرض هذا الكيان بوصفهم بعض «أبطال» الحرب الأهلية في صيغتها البدائية، التي لها اليوم صيغ أخرى بينها «الانتخابات» بالقانون الأرثوذكسي المطعّم مارونياً أو بقانون فؤاد بطرس المعدّل مذهبياً..
وبعد التحية أتوجه إليك برجاء حار: لا تعد إلى لبنان! أنت على البُعد مناضل، بل بطل، ولكنك ـ عن قرب ـ شبح مقلق ينتمي إلى عصر مضى، و«مخلوق» من ذرية على وشك الانقراض كانت تسمى «الثورة».
وبصراحة جارحة فإن كثيراً من أهلك و«الرفاق» سينكرونك، بل سينظرون إليك كمصدر خطر على «السلم الأهلي» وعلى «الأمن القومي» وعلى «التوازنات الدقيقة» التي تحمي النظام وإن غيّبت الدولة... فقد يندفع بعض المراهقين إلى الخروج من كانتوناتهم بدافع الحماسة فيدب الرعب في الكانتونات المجاورة وتكون فتنة.
لقد اندثر لبنان الذي غادرته قبل ثلاثة عقود ولم يغادرك. اغتيلت هويته الجامعة، وارتحلت عنه «القضية المقدسة» بالأمر الأميركي ـ الإسرائيلي ـ الطوائفي الحاسم. وتهاوت «دولته» بعدما ضربتها المحاصصة الطائفية التي استولدت الآن «المذهبية»، واغتيلت وحدة الشعب فصار «أمماً شتى» متواجهة، متناحرة، مقتتلة إلى يوم الدين.
ستصل، إن وصلت، إلى بلاد لا دولة فيها ولا شعب موحداً.
ستنزل في مطار بيروت الواقع في قارة أخرى غير العاصمة، بعدما قسمت الحرب الإسرائيلية في تموز 2006 بين الأشقاء، وستقطع «مجاهل» فيها أقوام وعشائر شتى، قبل أن تصل إلى مدينة أُجبرت على مغادرة تاريخها، قلبها مفرغ من أهلها، شاطئها ليس لهم وناطحات السحاب تحجب الشمس ـ والبحر ـ عن أبناء الأحياء الفقيرة التي طورد ناسها ليخرجوا فلا يعودون.
ستعبر الكانتون الأول، شمالاً، ثم الثاني، فالثالث قبل أن تصل إلى طرابلس التي كانت واحة فصارت «جبهات» عدة، لكل حي «ميليشياه» ومن يموّل ويسلّح، البعض للتصدير في اتجاه سوريا، والبعض الآخر لاستدراج الحرب التي تكاد تصبح أهلية بمضمون طائفي إلى لبنان.
لن تعرف المنية التي كانت بعض أهلك، ولن يعرفك بعض من حل في العبده، وقد ينكرك أهل بينو، وقد تجد من يتذكرك في قرى السهل، وقد يرحب بك فقراء عكار بوصفك «المظلوم»، وقد تفزع منك بعض الوجاهات في القبيات ومن حولها خوفاً من أن تؤثر على الحسابات الانتخابية.
لن تستطيع العبور إلى سوريا لأن خنادق الدم باتت تعزل الأخ عن أخيه، يقوم على حراستها الملتحون الذين يحتكرون الله ويدعون لأنفسهم حق محاسبة الآخرين.
ولن تستطيع المكوث طويلاً في القبيات، بل وفي عكار جميعاً، ولن ترحب بك طرابلس التي يسكنها الرعب من الفتنة، ولن يقبلك النافذون في البترون التي تنتظر النفط والغاز ولا تريد شريكاً لها فيهما، كما لن تقبل وجاهات تنورين هذا الطارئ الذي قد يبدل في الحساب الانتخابي، وقد تقبل بك جبيل عابراً، أما كسروان فسترى فيك خطراً داهماً لأنك قد تستعدي عليها فرنسا.. وباختصار: قد لا تجد مفراً من أن تعود إلى بيروت التي طالما فتحت قلبها لكل القادمين إليها: أغنياء هاربين من التأميم، ومناضلين هاربين من المخابرات، وجواسيس آتين لرصد النبض الثوري في المنطقة، وشبكات التهريب بمختلف بضائعه النفيسة، ومافيا المخدرات، ومناضلين ضاقت بهم بلادهم، وأقفلت الفضائيات والصحف أبوابها في وجوههم إلا إذا نزفوا تاريخهم الثوري قطراً قطراً.
والجنوب ليس أفضل حالاً؛ فصيدا غير جبل عامل، وجزين غير شبعا، وحاصبيا غير راشيا، والبقاع الغربي غير البقاع الشمالي، والبقاع الأوسط غيرهما، وجبل لبنان جبال. ما فوق فوق وما تحت تحت.
سيأتيك «الرفاق» مرحبين، فتجد أنهم قد شابوا، وضرب أجسادهم وأفكارهم الوهن، فانضووا تحت لواء النظام الطوائفي ليناضلوا ضد الطائفية والمذهبية، مفتقدين «الجمهور» في الداخل، و«السند» في المحيط، غير منتبهين إلى أن ثمة من قرع جرس الانصراف للمناضلين... خصوصاً وقد جاء «المجاهدون» فاحتلوا الساحة باللحى المسلحة والريالات المذهبة.
سيستقبلك الجميع بالقبلات والأحضان والخطب الطنانة بسبب خواء الكلمات... وستقام المهرجانات احتفاءً بعودتك سالماً، وستنظم لك المقابلات في الفضائيات والأرضيات والصحف التي تعيش زمن بؤسها.
... لكنك بعد أيام ستنتبه أن زنزانتك كانت أرحب، وأن سجانيك كانوا أرحم من سجاني بلادك الذين ألغوا معنى الوطن والمواطن، فكيف بالمناضل؟!
آسف إن كنت قد عكّرت عليك حلم العودة إلى الوطن، وفي الصحيفة التي حملت قضيتك مع رفاق شبابك وزخم أيام النضال. لقد غادرت زنزانة ضيقة إلى وطن يريدون تحويله إلى مجموعة من الزنازين بديموقراطية الطوائف التي تأخذ إلى الحرب الأهلية.
وأهلاً بك مناضلاً شجاعاً لم يستسلم ولم يبدّل لغته.
أهلاً بك إلى جانب الذين ما زالوا يقاتلون لحماية حلم الوطن، واستعادة المحتل من الأرض، والذين هزموا الحرب الإسرائيلية، لكنهم يحارون كيف يمكنهم الانتصار على حروب الطوائف باسم الديموقراطية.
أهلاً بك نموذجاً فذاً لمناضل عنيد دفع حياته ثمناً لإيمانه بعدالة القضية المقدسة التي خرج باسمها، فلسطين، ومن أجل حرية وطنه الصغير، لبنان، بعدما حاول السيف الإسرائيلي اغتياله عبر اجتياحه عسكرياً واحتلاله في حزيران 1982.
أهلاً بك بين أهلك الذين تخوض طلائعهم جولة جديدة في المعركة من أجل التحرر وكرامة الإنسان في أرضه، مدركة أن إسقاط المشروع الطائفي هو بين شروط استعادة الحرية للوطن والمواطن.
النهار: امين قمورية
يعود جورج ابرهيم عبدالله الى القبيات من سجنه الفرنسي. او سيعود. قد تتأخر عودته لكنه عائد.
هنيئا لجورج حريته. وهنيئا لاشقائه الذين انتظروا عودته 28 عاما حتى وخط الشيب رأسي جوزف وروبير. سيجد السجين المحرر لدى عودته شبابا متحمسين يرون فيه مثالا، وسيجد كهولا يغتنمون اللحظة للحنين الى زمن نضالي غابر يعتبرونه جميلا في ظل واقع يعيشون اليوم على هامشه ويشكل نقيضا لاحلامهم السابقة.
لكن فرحة العودة ولقاء الاهل والاصدقاء ومن صمد من الرفاق قد لا تخفف وقع الخيبة الآتية لا محالة.
لا شك في انك، يا جورج، تدرك كم تغيرت عكار وكم تغير لبنان وتغيرت فلسطين، والى اي منزلق انحدرت القضايا التي منحتها كل ما لديك حتى شبابك والحياة، فانت على اطلاع يومي على المتغيرات والانقلابات التي حدثت في غيابك ولا تفوتك شاردة او واردة. ولكن ما كنت تسمعه في سجنك غير ما ستراه غدا في شوارع بيروت وطرابلس او ستراه على شاشات التلفزيون المحلية التي زاد عددها منذ رحيلك كما الفطر في سهول قريتك. ستسمع بعض من كنت تظن انهم رفاقك المناضلون، يخجلون بماضيهم ويتخندقون في مواقع التعصب الطائفي والمذهبي بعدما كانوا ينشدون للاممية وازالة الحدود بين الاوطان. لا تسأل رفيقا عن رفيق آخر لانك لن تسمع سوى الشتائم وافعال التخوين. لا تسأل ايا من رفاقك الذين انتفخ ريشهم وجيوبهم اثناء غيبتك: من اين لك هذا؟ لانك ستلقى جوابا لا يسرك. ابقَ في القرية ولا تبحث عن سكن في بيروت، لان العاصمة التي عرفتها واحببتها لم تعد مدينتك او مدينة امثالك. صار قلبها مدينة غرباء، وشوارعها زوايا طائفية، وهويتها قطعة عقارية تباع وتشرى في المزادات.
لا تلفظ اسم فلسطين كثيرا لان تكرار هذه الكلمة مرتين كفيل بنعتك بالانفصام. اما كلمة نضال فكفيلة بتصنيفك في جنة المجانين. يكفي ان تشاهد نشرة اخبار واحدة لتسترجع ذاكرتك كل السباب الذي نسيته، ولتدرك اي درك سياسي وصلنا اليه.
وأخيرا امنية من القلب، الا تضطر الى طلب وظيفة او عمل او منحة استشفاء من زعيم طائفة او امير منطقة، لانك ستترحم فورا على امثالهم الذين عايشتهم قبل سجنك ونفرت منهم وسعيت الى تغييرهم بنخب جديدة. باختصار ستجد عكس كل ما حلمت به وناضلت من أجله.
ومع ذلك لا ادعوك الى البحث عن ملجأ آخر او وطن آخر. اهلا بك في لبنان، يسواك ما يسوى غيرك من قدامى المناضلين الخائبين.
2013-01-15
كـ«الصاعقة»، نزل خبر عدم توقيع وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس على قرار اطلاق جورج ابراهيم عبدالله.
ولهذه الغاية، أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميــقاتي، خلال اتصال أجراه مع الســفير الفرنسي باتريس باولي مستفــسرا عن أسباب إرجاء إطلاق سراح عبدالله، أن «التأخير في اطلاقه خطوة غير مبررة وتمس حقوقه المدنية»، متمنياً على السلطات الفرنسية المختصة «الاسراع في اطلاقه ليعود الى وطنه وأهله».
بدوره، لفت «حزب الله» الانتباه إلى أن «استسلام السلطات الفرنسية المتواصل أمام رغبات الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني، واعتبارها أوامر لا بد من تنفيذها، يدلّ على هزال مزاعم السيادة وحرية القرار عند هذه السلطات، ويؤكد على كذب الحديث عن استقلالية القضاء وغلبة قيم العدل في الدول الغربية».
وطالب في بيان بـ«أقصى درجات الاستنفار من جانب السلطات الرسمية اللبــنانية لمواكبة الموضوع ومتابعــة تطــوراته بشــكل دائم، وصــولاً إلى التحــرك بالشكل المناسب لمواجــهة هذا الطغيان الأميركي والصهيوني السافر والتخاذل الفرنسي».
وتوجّه الأمين العام لـ«الحزب الشيوعي» خالد حدادة، عقب لقائه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون في الرابية، الى المسؤولين في لبنان، قائلاً: «إن هناك لبنانــيا مخطوفا من قبل الأمن الفرنسي والمطلوب تحرك سريع للافراج عنه وتحرك شعبي لاستنكار هذه العقلية القمعية».
بدوره، اعتبر «الحزب السوري القومي الاجتــماعي» ان عدم تنفــيذ السلطات الفرنســية لقرار الإفــراج عن عبــدالله «عملية اختــطاف موصــوفة ترسم علامات استفهام كبيرة حول نوايا مضمرة».