Hiba Awar

Hiba Awar

هنادي قشور

كان وقع الفرحة هائلا على انصار الاسير المحرر جورج إبراهيم عبد الله، لدى تلقيهم، امس، قرار القضاء الفرنسي الإفراج عنه، هو المسجون في فرنسا منذ 28 عاما بعد إدانته بالتآمر في اغتيال ديبلوماسيين اثنين في باريس في 1982، شرط ترحيله من الأراضي الفرنسية.

وعلى وقع الأناشيد القومية احتفل مناصرو عبد الله في مقر «اتحاد الشباب الديموقراطي»، بالافراج عنه حيث كانوا ينتظرون قرار المحكمة التي انعقدت جلستها عند الساعة الثالثة بعد ظهر أمس في قصر العدل للنظر في الاستئناف الذي تقدم به الادعاء العام لنقض قرار إطلاق سراح عبد الله.

وبعد الإعلان عن قرار الإفراج علت صيحات الموجودين معبرين عن فرحتهم العارمة بقرار القضاء الفرنسي بعد الطلب الثامن الذي تقدم به محامي عبد الله لإطلاق سراحه،

فلم يصدق أحد في البداية قرار الإفراج عن جورج عبد الله بسبب المماطلة المستمرة من قبل القضاء الفرنسي والضغط من قبل الإدارة الأميركية لعدم اطلاقه.

ويقول ابن أخي جورج عبد الله، وائل، انه «طوال السنوات كانت قناعاتنا أن لا شيء يقدم من السلطات على طبق من فضة فجورج اليوم خرج إلى الحرية وكان الأفضل أن تقوم الدولة بواجباتها بالدفاع عنه والمطالبة الحازمة به من دون الرضوخ للتدخلات وللحسابات السياسية الخارجية» .

أصدقاء عبد الله الذين دافعوا عنه وطالبوا بحريته وعايشوا الظلم الذي تعرض له طوال 28 عاماً ومن ناصر قضيته، اجتمعوا عند مستديرة «بسترس»، المكان الذي انطلقت منه المقاومة الوطنية عام 1982.

في هذا المكان، أقامت الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله ، في السادسة من مساء أمس، احتفالا بعنوان «احتفال حرية المقاوم البطل جورج إبراهيم عبد الله»، أمام لوحة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية - مستديرة صيدلية بسترس في الصنائع، بمشاركة ممثلين لقوى وأحزاب وتيارات لبنانية وفلسطينية رفعوا صوره ولافتات هنأت بإطلاقه.

وتجمّع العشرات من المناصرين مرددين عبارات «خلي اللي مش سامع سامع جورج عبد الله راجع... هلّ فجر الحرية ... اسمعوا يا لبنانيين الحكومة الفرنسية رضخت للقضية».

وأطلقوا المفرقعات النارية أمام لوحة جبهة المقاوم تعبيرا عن فرحتهم ورفعت أيضا صور للمعتقل في السجون الإسرائيلية الامين العام السابق لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أحمد سعدات .

وفي هذا الإطار، دعا عضو الحملة حسن صبرا إلى «ضمان كل الإجراءات اللوجستية والديبلوماسية لضمان عودة جورج عبد الله إلى لبنان»، مطالبا «الحكومة الفرنسية بالإسراع في الإجراءات لإطلاقه».

وهنأت «الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله» في بيان بـ«قرار القضاء الفرنسي الافراج عن الأسير اللبناني المعتقل، تعسفا في السجون الفرنسية»، مؤكدة أن «جورج عبد الله الحر في سجنه، هو قدوة في الكفاح والنضال، ورفع على امتداد سنوات اعتقاله الـ 28 شعار: «لن أندم ولن أساوم وسأبقى أقاوم».

وطالبت الحملة «السلطات اللبنانية باتخــاذ كــل الإجــراءات الديبلوماسيــة واللوجســتية من أجل ضمان عودته إلى لبنان في أقرب فرصة»، محملة «السلطات الفرنسية مسؤولية تسهيل إجراءات عودته وضمان سلامته وأمنه إلى حين وصوله إلى لبنان».

BEIRUT: Long-time prisoner George Abdallah will be freed after 28 years behind bars in France, on condition that he is expelled from the country, a French court ruled Thursday. The French Interior Ministry has until Jan.14 to expel the 61-year-old.

“[George] telephoned me and informed me of the French decision,” said Joseph Abdallah, George’s brother.

“We are pleased that the French judiciary has restored its stature and is no longer succumbing to U.S. pressure [to keep George in prison],” Abdallah told The Daily Star.

“We are also happy to see this prisoner back with his family,” said Joseph, who hasn’t seen his brother since 1984.

A member of the Lebanese Armed Revolutionary Factions, Abdallah was arrested by French authorities in 1984 and sentenced to life in prison in 1987 over his involvement in the 1982 assassinations of American Lt. Col. Charles Ray and Israeli diplomat Yacov Barsimentov, in Paris.

The French judiciary issued repeated rejections of his requests for parole since he became eligible for release in 1999. Abdallah’s family and supporters argue that the accusations against him were fabricated and that U.S. pressure was keeping him in jail.

The court granted Abdallah a parole in November of last year but an appeal by the state prosecutor kept him behind bars.

U.S. Ambassador to France Charles Rivkin opposed granting parole to Abdallah, saying he had never expressed remorse and could still pose a threat if freed.

Abdallah’s lawyer welcomed the ruling and said he hoped the government would not give in to U.S. pressure, and refuse to expel him.

“I welcome this ruling as I had asked the French courts not to act like a whore for the American pimp,” said Jacques Verges.

The decision to release Abdallah is the result of relentless efforts, according to Hasan Sabra, a Lebanese activist who has been lobbying for his release over the past years.

“We said we would stand with him until his release, and this is what happened,” Sabra added. “The French judiciary was obliged to meet our demand, given the pressure that we and his family exerted [on it].”

Sabra is the representative of the Union of Lebanese Democratic Youth, a leftist organization that is a member of the International Campaign to Free George Abdallah, which was launched by Abdallah’s family and several organizations around six years ago.

Sabra has been in contact with Abdallah for the past seven years.

“He is a very knowledgeable person and aware of all what is happening in our region ... we will receive him in Lebanon as a hero and tell the world that he is a man of resistance, in the full sense of the word,” he said.

The ICFGA celebrated the decision to release him in a gathering near the Boustros Pharmacy in Beirut, the scene of the first military operation carried out by the secular, leftist Lebanese National Resistance Front against Israeli troops who invaded Beirut in 1982.

The campaign urged the Lebanese authorities to take all diplomatic and logistic measures to secure Abdallah’s return to Lebanon as soon as possible.

The group also held the French authorities responsible for facilitating the process of his return and guaranteeing his safety until he reaches Lebanon. – With AFP

محمد بلوط

جورج إبراهيم عبد الله حر طليق في بيروت مساء الاثنين المقبل.

جاك فرجيس، محامي الدفاع عن المعتقل السياسي اللبناني، قال لـ«السفير» إن وزارة الداخلية الفرنسية طلبت منه الحضور صباح الاثنين المقبل إلى الوزارة لإبلاغه رسميا قرار إبعاد موكله عبدالله إلى لبنان في اليوم ذاته.

وخلال الساعات المقبلة يطوي جورج إبراهيم عبدالله (29 عاما)، نصف حياته تقريبا، في السجن الفرنسي، في سبيل قضية المقاومة الوطنية اللبنانية من دون أن «ينحني أمام من أرادوا الانتقام منه وإذلاله بإطالة أمد سجنه» كما قال محاميه فرجيس «لأنه كان يدافع عن كرامته ولأن الكرامة تخيف في عالم الأقزام».

وأمام عبدالله ثلاثة أيام فرنسية مملوءة، قبل أن يشتم نسائم الحرية بين عائلته وأهله وأصدقائه الكثر في لبنان و«يلاقي عائلته المؤلفة من تسعة أشقاء وشقيقات» كما قالت رئيسة حملة إطلاق سراحه سوزان لومونسو، والذين منع من لقائهم طيلة أعوام السجن، ولم يقيض له خلالها سوى مقابلة والدته، قبل وفاتها أما والده فقد توفي من دون أن يتمكن من لقائه.

وقالت لومونسو إنه فور إبلاغه بالقرار بدأ ليل أمس بتوضيب صناديق الكتب التي قام بتجميعها في ثلاثة عقود من السجن «ليهب جزءا منها إلى بعض رفاق السجن، وأخرى يحملها إلى لبنان لاحقا». وأضافت إن عبدالله قد ابلغ رسميا بموعد أخير مع المحكمة التي قررت إطلاق سراحه وإبعاده إلى لبنان و«طلبت منه المحكمة أن يكون على أهبة الاستعداد لتلقي القرار رسميا عند التاسعة من صباح الاثنين المقبل عبر لقاء متلفز عن بعد» بين باريس، حيث مقر المحكمة، وسجن لنمزان جنوب غرب فرنسا قبل إحضاره إلى العاصمة.

ومن حيث المبدأ وفور إبلاغه القرار رسميا سيتم نقل المعتقل السياسي اللبناني من سجنه الفرنسي صباح الاثنين المقبل في طائرة من مطار «بو» إلى مطار باريسي، وينتقل إلى القنصلية اللبنانية برفقة أمنية فرنسية مشددة حيث يقوم القنصل في باريس بتسليمه «جواز مرور مؤقتا» كوثيقة سفر، كي تتمكن السلطات الفرنسية من تنفيذ قرار الترحيل فورا إلى لبنان، علما أن نص قرار إطلاق سراحه المتخذ في الرابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي يشترط ترحيله قبل الاثنين في 14 كانون الثاني.

وحتى مساء الأمس لم تكن السلطات القنصلية اللبنانية في باريس، ولا السفارة اللبنانية قد تبلغت رسميا طلبا من السلطات الفرنسية باستصدار «جواز مرور» للمواطن جورج إبراهيم عبدالله، لتقوم بدورها بإبلاغ الأمن العام اللبناني بموعد وصول المبعد إلى بيروت كإجراء تقليدي في حالة المبعدين. وتقول مصادر إن «جواز المرور» قد يكون وثيقة السفر الرسمية الأولى التي ستحمل اسم جورج إبراهيم عبدالله الحقيقي. وكان عبدالله يحمل جواز سفر جزائري مزورا لدى اعتقاله في ليون في العام 1984.

ونفى جاك فرجيس أن تكون السلطات الفرنسية قد اقترحت نقله إلى الجزائر أو أي بلد آخر «نظرا إلى موافقة الحكومة اللبنانية، بل مطالبتها في الآونة الأخيرة، باستعادته إلى لبنان».

وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد طرح قضيته أمام السلطات الفرنسية، كما دافع عنها مرتين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وقلما حدث أن تدخلت الحكومة اللبنانية لاستعادة سجين لبناني، وقلما أن عانى لبناني من إجحاف ومطاردة قضائية كما عانى جورج إبراهيم عبدالله الذي كان يقترب من اختتام 30 عاما من السجن من اجل قضية المقاومة الوطنية اللبنانية، ونقلها إلى ساحة أوروبية بعد اجتياح إسرائيل للبنان في العام 1982 .

وكان عبدالله قد أدين بتهمة قتل الكولونيل الأميركي شارل راي، احد مسؤولي الاستخبارات الأميركية في باريس، وياكوف بارسيمنتوف احد عملاء الموساد في العام 1982. لكن الفضل الكبير في إطلاق سراحه يعود إلى حملة تضامن يسارية فرنسية ولبنانية عنيدة حولت عبدالله إلى رمز لمقاومة التعسف القضائي في فرنسا، وتناوبت قلة منهم على التظاهر تحت نوافذ وزارة العدل والداخلية، في مناسبات طلبات إطلاق سراحه (الثمانية)، منددة بسجنه من دون مبرر بعد انقضاء عشرين عاما عليه.

«القرار بإطلاق سراحه يؤخذ متأخرا كثيرا» يقول فرجيس، «عشرة أعوام أو أكثر بسبب جبانة ونذالة حكامنا أمام الأميركيين وخضوعهم للضغوط الأميركية بعدم إطلاق سراحه».

لم ينفع فيتو الرئيس الاميركي باراك أوباما في لجم القضاء الفرنسي عن التشبث بقراره اطلاق سراح جورج عبد الله الذي يتوقع ان يصل الى لبنان في مهلة اقصاها الاثنين المقبل. اما لماذا قررت فرنسا الافراج عن قائد «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية»؟ فلأنها «توقفت عن التصرف كمومس امام القواد الاميركي» يجيب محاميه الشهير جاك فيرجيس

بسام القنطار

في قرار متوقع، قرر القضاء الفرنسي امس، الافراج عن الاسير اللبناني جورج ابراهيم عبد الله المسجون في فرنسا منذ 28 عاماً شرط ترحيله من الاراضي الفرنسية، معيدا بذلك الكرة الى السلطات الحكومية الفرنسية، إذ بات يتعين على وزارة الداخلية ان تتخذ قرار الترحيل بحلول الاثنين كما قررت غرفة تنفيذ الاحكام في باريس في 21 تشرين الثاني 2012، التي استجابت لطلب الافراج عن عبد الله وحددت 14 كانون الثاني موعدا نهائيا لترحيله.

وأمل محامي عبد الله جاك فيرجيس «ان تكون لدينا حكومة مستقلة لترحيله (...)». واضاف: «أرحب بهذا القرار لاني طلبت من القضاء الفرنسي التوقف عن التصرف كمومس امام القواد الاميركي».

وكان جورج ابراهيم عبد الله قد اوقف في 24 تشرين الاول 1984 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 1987 بتهمة الضلوع في اغتيال «الدبلوماسيين» الاسرائيلي ياكوف بارسيمنتوف والاميركي تشارلز روبرت راي عام 1982 في باريس.

وندد فيرجيس على الدوام بارادة «سياسية» و«املاء اميركي» لابقاء موكله قيد الاحتجاز في حين كان يفترض الافراج عنه منذ 1999. وقد طلب اخلاء سبيله ثماني مرات.

وكان هذا السيناريو حدث في 2003 عندما قرر قضاء منطقة بو الذي كان مختصا بالقضية حينذاك اطلاقه بشروط، لكن الحكم الغي في الاستئناف في كانون الثاني 2004.

وعبّرت الولايات المتحدة عن انزعاجها من القرار الايجابي في شأن القضية الذي صدر في تشرين الثاني الماضي، وأعرب السفير الاميركي في باريس تشارلز ريفكين عن أسفه لقرار القضاء الفرنسي، وقال ان عبد الله «زعيم مجموعة ارهابية لبنانية» و«لم يبد اي ندم على اغتيال الدبلوماسي الاميركي تشارلز راي في 1982 في باريس ومحاولة اغتيال القنصل العام للولايات المتحدة في ستراسبورغ روبرت هوم في 1984».

والتحفظات نفسها صدرت عن النيابة التي عارضت الافراج عن عبد الله، واعتبرت ان «المشروع غير المؤكد الذي يمثله عبد الله لا يسمح بضمان عدم تكراره» لفعلته واستئناف معركته الثورية في لبنان، مشيرة الى انه لم يبدأ بدفع تعويضات الى المدعين بالحق المدني ويواصل تبني افعاله.

وسبق لفيرجيس ان اعلن في مرافعة عام 2007 انه اذا كانت الادارة الاميركية راغبة بالحصول على تعويضات من خلال عائلة عبد الله في لبنان فعليها ان ترفع دعوى في الموضوع امام المحاكم اللبنانية. وقد علّق فيرجيس على اعتراض النيابة بالقول إن عبد الله «يرفض دفع اي يورو لعائلة عميل اميركي وهو على حق!». وأكد ان جورج ابراهيم عبد الله «في صحة عقلية وجسدية جيدة»، ويأمل العودة الى لبنان حيث «تدير عائلته مدرسة يمكن ان يعمل فيها».

وكشف مصدر دبلوماسي لبناني واسع الاطلاع لـ«الأخبار» ان السفارة اللبنانية في باريس تنتظر ورود طلب رسمي من الخارجية الفرنسية بالموافقة على قرار ترحيل عبد الله.

وكان وزير الخارجية عدنان منصور قد تعهد امام وفد من «الحملة الدولية لاطلاق سراح جورج عبد الله» في 30 كانون الأول الماضي بأن تتخذ الوزارة كافة الاجراءات الدبلوماسية المتعلقة بعودة عبد الله الى لبنان، على ان يعطى «تصريح مرور» من قبل الأمن العام اللبناني الذي يتوقع ان يواكب عملية الافراج. وفي حين لم يُعرف بعد شكل الاستقبال للمناضل عبد الله في مطار بيروت، تنوي «الحملة الدولية» الضغط لاقامة استقبال رسمي في صالة الشرف في مطار بيروت، على أن يواكبها استقبال شعبي في رحلة العودة الى بلدة عبد الله القبيات.

وفي وقت احتفل نشطاء بقرار الافراج عن عبد الله في بيروت، قالت سوزان لو مانسو، العضو في اللجنة الفرنسية لإطلاق سراح عبد الله «لا نستطيع أن نفرح مثلكم بعد، نحاول أن نمسك دموعنا، فطالما لم يضع جورج قدمه خارج السجن، وطالما أن وزير الداخلية الفرنسي لم يوقع بعد على إطلاق السراح، لا نستطيع أن نفرح».

وكشفت لو مانسو أنها استطاعت التحدث الى جورج في زنزانته عن طريق هاتف السجن واكدت انه «كان فرحاً وفهمت أنه قد بدأ بترتيب زنزانته وجمع أغراضه».

اسباب عدة دفعت فرنسا الى اتخاذ قرار باطلاق عبد الله، ابرزها الشهادة الطوعية التي قدمها للقاضي قبل اشهر مدير الاستخبارات الداخلية الفرنسية الأسبق، إيف بونيه، الذي كان قد كشف لـ«الأخبار» أسراراً عمرها ربع قرن عن عملية تلفيق تهم ضد عبد الله، ما دفع الإدارة القضائية الفرنسية للمسارعة إلى التأكيد أن جورج عبد الله «استوفى كل الشروط اللازمة لإطلاق سراحه، بعدما قضى أكثر من 28 عاماً في السجن، وكان دوماً سجيناً حسن السلوك».

وفُهم من ذلك أن السلطات الفرنسية ترغب في التسريع في إطلاقه وإبعاده إلى لبنان، خشية أن ينفِّذ محاميه، جاك فيرجيس، تهديداته باستعمال المعطيات الأخيرة التي أدلى بها بونيه للمطالبة بإجراء محاكمة جديدة للأسير اللبناني، الامر الذي كان سيؤخر الإفراج عنه، لكنه كان سيضع القضاء الفرنسي في موقف حرج، لأن المحاكمة الجديدة ستسلط الضوء على «إرهاب الدولة» الذي مارسته الاستخبارات الفرنسية، بالتواطؤ مع نظيرتيها الأميركية والإسرائيلية، لإدانة جورج عبد الله زوراً، وإبقائه في السجن منذ 1984.

لم تتوصل السلطات الفرنسية إلى أي أدلة تدين عبد الله، باستثناء منشورات تدل على انتمائه إلى «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية» وجواز سفر جزائري مزوّر. لذا، لم توجَّه له حين قُدِّم أمام المحكمة للمرة الأولى، في تموز 1986، سوى تهمة واحدة هي «استعمال وثيقة سفر مزوَّرة».

يوم 6 آذار 1985، دوَّن مستشار الرئيس فرنسوا ميتران، جاك أتالي، في يومياته، التي نُشرت عام 1988 في كتاب مذكراته عن «سنوات الإليزيه»: «لا تتوافر لدينا أي أدلة ضد جورج إبراهيم عبد الله. لذا، لا يمكن أن توجِّه إليه المحكمة أي اتهام آخر سوى امتلاك جواز مزور». تلك التهمة البسيطة التي وُجِّهت لـ«الثوري اللبناني الملتحي» كان معناها أنه سيغادر السجن بعد أقل من 18 شهراً. لكن قضيته لم تلبث أن سلكت وجهة مغايرة تماماً، أدت إلى إدانته بالمؤبد.

وتروي المحامية إيزابيل كوتان باير (زوجة كارلوس) التي كانت عضو هيئة الدفاع عن عبد الله، التي ترأّسها «سفاح المحاكم» جاك فيرجيس، تفاصيل «المؤامرة القضائية» التي لُفقت ضد الثوري اللبناني، قائلة: «استُدعي عبد الله مجدداً إلى المحكمة، على نحو مفاجئ، في 28 شباط 1987، وفوجئنا بتهم مغايرة وأدلة جديدة لم تكن مدرجة في الملف خلال المحاكمة الأولى. وزعم الادعاء بأن أسلحة قد حُجزت في مخابئ وشقق سرية تابعة لعبد الله. واعُتبر ذلك دليل إثبات على اشتراكه في العمليات الفدائية التي نفذتها الفصائل الثورية اللبنانية في فرنسا عام 1982».

وأثناء المحاكمة تجرأ محامي الحكومة الأميركية على تشبيه القضاء الفرنسي بمخابرات فيشي الخاصة، فيما لو لم يأتِ الحكم مطابقاً تماماً لإرادة الخارجية الأميركية، ما دفع النائب العام بيير باشلين إلى الرد عليه بعبارات منتقاة بدقة: «أنت تمثل هنا أميركا، وليس من حق الادعاء المدني التدخل في القضايا الفرنسية. ولست مؤهلاً لتعطي الفرنسيين دروساً في كيفية التصرف».

ومنذ بدء محاكمته كان الطرف الاميركي حاضراً من خلال طرف الادعاء على خلفية ادانة عبد الله باغتيال الملحق العسكري الاميركي تشارلز روبرت راي، في المقابل فضلت عائلة مسؤول الموساد الاسرائيلي في باريس ياكوف بارسيمنتوف والحكومة الاسرائيلية ان لا يكونا طرفاً في الادعاء العام، ربما لأن الضلوع الاميركي في القضية كان اكثر من كاف.

هل ستشهد الايام المقبلة مفاجآت؟ ام ان زمن الفيتو الاميركي قد ولى؟ هذا ما اوحى به القضاء الفرنسي امس.

الجمعة ١١ كانون الثاني ٢٠١٣

كان صعباً على اشقاء جورج عبد الله ان يخترقوا ثلج القبيات الى بيروت للمشاركة في الاحتفال بحرية شقيقهم الذي ناضلوا سنوات طويلة من اجل حريته. للعائلة قصة تروى من التلفيقات المخابراتية الى خطف الرهائن وصولاً الى النضال السلمي والحناجر التي هتفت آلاف المرات «اطلقوا جورج عبد الله»

بسام القنطار

فجر الاثنين المقبل كحد أقصى يُفتح باب سجن لانميزان الفرنسي. من هناك سيخرج رجل اسمه جورج عبد الله. انه يومه الـ 10309 والأخير على الارجح في سجون «الحرية والعدالة والمساواة» الفرنسية. أخيراً ستشرق شمس القبيات على وجه قائد «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية» الذي تعرض لمحاكمات جائرة ومفبركة «على طريقة القاضي لينش Lynch في أفلام الويسترن الأميركية الرديئة» على حد قول محاميه الشهير جاك فرجيس.

عديدة هي الاسباب التي دفعت عائلة جورج عبد الله الى ان يسكنها قدر كبير من التشاؤم بأنه لن يطلق سراحه.

لكن عيون جوزيف، الشقيق الاكبر لجورج، كانت تقول الكثير. المثقف الثوري والعكاري السريع الغضب، كان يستجمع يومياً مؤشرات اداء القضاء الفرنسي، منذ ان اعلن في21 تشرين الثاني الماضي ان محكمة تطبيق الاحكام في باريس وافقت على ثامن طلب للافراج عن عبد الله مع طرده من الاراضي الفرنسية. ومن ابرز هذه المؤشرات مسارعة القاضي الى تحديد جلسة للنظر في الاستئناف الذي تقدمت به وزارة العدل الفرنسية التي تعترض، بتشجيع اميركي صريح، على اطلاقه، اضافة الى تحديد يوم امس موعداً للنطق بالحكم، وذلك قبل أربعة أيام من الموعد الذي حدده القضاء، لكي تنجز وزارة الداخلية اجراءات الترحيل خارج الاراضي الفرنسية.

يطلق، جوزيف، الاستاذ الجامعي المتخصص بعلم الاجتماع، لقب «الصعاليك» على من حمل راية الدفاع عن جورج عبد الله. هؤلاء الذين نبذتهم طوائفهم واحزابهم، وبقوا وحيدين يجاهرون بالعداء لـ«الام الحنون» في حين تسابق الجميع الى حفلات الاستقبال السنوية في «قصر الصنوبر» احتفاء بالعيد الوطني الفرنسي.

لطالما اعتبرت السلطات الفرنسية اشقاء جورج عبد الله جزءاً من «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية». واثر العملية التي نفذت في شارع رين Rennes في باريس في 17 أيلول سنة 1986 اتهمت السلطات الفرنسية عائلة عبد الله بالوقوف وراءها.

كانت تلك التهمة كذبة دنيئة للغاية خصوصاً أن تحقيقات مكتب مكافحة الإرهاب في النيابة العامة في باريس اظهرت أن لا عبد الله ولا أحداً من أهله متورط في هذه الاعتداءات. يقول قاضي مكافحة الإرهاب السابق، آلان مارسو، في كتاب مذكرات بعنوان «قبل أن ننسى كل شيء»: «لقد تمت إدانة عبد الله أساساً على ما لم يقم به لأننا حصلنا، بعد فترة وجيزة، على أدلة وضعتنا على الطريق الصحيح واستطعنا تحديد هوية المسؤولين عن اعتداءات 1986». ويضيف: «إن تحميل المسؤولية لفؤاد صالح في اعتداءات 1986 قد أزالت الضغط فجأة، وأعادت وضع جورج عبد الله في مكانه الصحيح. بعد بضع ساعات على الاعتداء في شارع رين، اتجهنا في تحقيقاتنا نحو الأخوة عبد الله وعدة شهود تعرفوا على صور أخوة جورج. لكن تم تفسير هذا اللغط بسرعة: أحد واضعي القنبلة، المدعو حبيب حيدر، والذي تحديداً كان معنيا بالاعتداء في شارع رين، يشبه بشكلٍ كبير إميل عبد الله».

يروي جوزيف انه فور اتهام افراد من العائلة بالوقوف وراء عملية شارع رين، وتخصيص جائزة مالية لمن يدلي بمعلومات حول مكانهم، سارعت العائلة الى عقد مؤتمر صحافي في القبيات، ما جعل المخابرات الفرنسية في موقف محرج، بعدما روجت لساعات روايات بوليسية سخيفة وصول افراد من العائلة الى باريس وتنفيذهم العملية قبل ان يلوذوا بالفرار. وطالبت العائلة في المؤتمر بدفع الجائزة المالية الى عائلات ضحايا العمليات التي تتهم السلطات الفرنسية جورج عبد الله بأنه يقف وراءها.

لكن العائلة التي كانت منخرطة في العمل المقاوم ضد الاحتلال الاسرائيلي للبنان، لا تخفي حقيقة انها بادرت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي الى خطف فرنسيين من اجل مبادلتهم بجورج عبد الله. غير أن ضغوطاً وتهديدات لبنانية وسورية دفعتهم الى تسليم الرهائن قبل فتح قناة للتفاوض حول مصير اطلاق عبد الله.

اليوم تتملك العائلة هواجس عديدة حول المستقبل. فجورج عبد الله المهدد بالقتل داخل سجنه الفرنسي، يفترض ان يحظى بحماية أمنية في بلد مكشوف امام اجهزة استخبارات الكرة الارضية. لا تعد مسألة التهديد باغتيال عبد الله من قبيل التخمين او التحليل النظري. فقد سبق لوليام كايسي William Casey، يوم كان مديراً للمخابرات المركزية الأميركية «سي أي إيه»، أن جاء إلى فرنسا مع كل العنجهية المرتبطة بممارسة هذه الوظيفة، ليمارس الضغط على الحكومة الفرنسية ممثلة بشخص روبير باندرو Robert Pandraud وزير الأمن.

يروي دو ميريتين de Meritens وفيلينوف Villeneuve قصة اللقاء في كتاب بعنوان «أقنعة الإرهاب» Les Masques du terrorisme. خلال جلسة إلى مائدة أعدها السيد باندرو: «يهدد وليام روبير بشوكة الطعام. الرسالة واضحة: إذا لم يحكم على عبد الله بالمؤبد، فالولايات المتحدة ستعتبر أن فرنسا لم تحترم القاعدة الأولى في العدالة، وأنها أخلفت بواجباتها تجاهها، ما سيؤدي إلى القطيعة الدبلوماسية. بعد بضع ثوانٍ جاء الرد نموذجياً: لدي ما هو أفضل لأقترحه عليك، قال باندرو بكل برودة. يفرج عن عبد الله. وإذا رغبتم نتناقش في التاريخ. ونرسله إلى الشرق الأوسط، ومن ثم نزودكم بكل المعلومات حوله. أنتم، الولايات المتحدة، هذه الدولة العظمى بكل شبكاتها في المنطقة، سيكون من السهل عليكم تصفيته، ونطوي الأمر نهائياً. ذُهل كايسي للعرض. لقد بان الابتزاز في العلاقات الدبلوماسية، بكل وضوحه، وبسخريته المطلقة».

لن يكون بمقدور جورج عبد الله معانقة والدته التي رحلت قبل سنوات طويلة من موعده مع الحرية. لكن سيكون امامه ساعات من العناق الطويل مع الاشقاء والشقيقات والأولاد والاحفاد. وعلى وقع نحر الخواريف وقرع اجراس الكنائس سيدخل الماركسي بلدته القبيات، ومن هناك سيقرر بهدوء يوميات حريته التي ستبدأ بوتيرة سريعة قبل ان تهدأ تدريجياً، لكنه بالتأكيد لن يكون شديد الحماسة للعودة الى التعليم الرسمي والإضراب من اجل تحصيل سلسلة الرواتب.

الجمعة ١١ كانون الثاني ٢٠١٣

بيار أبي صعب

نعم كانت مرحلة ألم ودم وموت، كانت هناك معاناة قاسية ودهاليز كافكاويّة، واستغرق عبور النفق ٢٨ عاماً. ومع ذلك، فما إن صدر أمس قرار المحكمة الفرنسية الذي تأخّر دهراً، حتّى بدا لنا اسم جورج ابراهيم عبدالله، مرادفاً للزمن الجميل. الرجل الذي نحتفظ منه بصورة قديمة تعود إلى أواسط الثمانينيّات، بلحيته الكثّة، ونظرته الحادة الكاسرة، هو بالنسبة إلى كثيرين في هذا المقلب من العالم، عنوان لجيل اليوتوبيا السعيدة...

يوتوبيا نستعيدها اليوم بشغف وحنين ومرارة، في مستنقع الردّة وتفشّي وباء الطائفيّة والمذهبيّة والعصبيّات والانعزاليّات، وانحسار الأحلام الوطنيّة والقوميّة والأمميّة، أمام مدّ الجراد الأسود الذي لا يقف بوجهه شيء، في زمن «الثورة العربيّة 2.0» (!) كان الهمّ المستحوذ على وعي جورج ورفاقه هو فلسطين، وكان مشروعهم مواجهة الاستعمار وتحقيق التقدّم والعدالة، اليوم يدور النقاش حول جواز مضاجعة جثّة الزوجة أو معايدة النصارى أو إرضاع الكبير، واليوم يدور الهمس خلف لحى الربيع المسروق، عن أرقى فنون الارتماء في أحضان اسرائيل ــــ بزيّ «مقاوم» (تائب) إذا أمكن ــــ وخدمة مصالح الاستعمار. جيل جورج ابراهيم كان يقرأ كارل ماركس، أما اليوم، فالذين في مثل عمره آنذاك، العمر الذي توقّف عنده في الصورة القديمة، يكتفون بتطبيق دفتر شروط المنظمات غير الحكوميّة للتنعّم بتمويلات تساعد على تعزيز «الحريّة» و«حقوق الانسان» ووعي «الجندر»... وطبعاً الاحتفاء بالـ Altmedia (الاعلام البديل) التي باتت على ما يبدو باباً للخلاص من العهد القديم والشفاء من جراحه. هؤلاء الشباب بعضهم لا يعرف جورج عبدالله ربّما. بل إن جزءاً أساسيّاً منهم لا يعرف شيئاً عن تلك «اليوتوبيا» التي أخذت تلميذاً شاباً اسمه سمير القنطار (المولود درزيّاً) في عمليّة فدائيّة إلى فلسطين، وحملت جورج عبدالله، أستاذ المدرسة (المولود مارونيّاً) من بلدته القبيّات، إلى (كومونة) باريس مقتفياً مثُله الثوريّة في الطريق إلى فلسطين. خرج من الرَبع والعشيرة والطائفة إلى الوطن والأمّة والانسانيّة، ليصبح مناضلاً ضدّ الصهيونيّة، تحت راية «الجبهة الشعبيّة»، ومؤسساً لما عرف بـ«الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية». كل ذلك يبدو اليوم بعيداً، لكنّه قريب أكثر مما نتصوّر...

اختار جورج ورفاقه النضال الثوري لرفع الظلم، والدفاع عن الحقّ، في مواجهة قوى مهيمنة، تطبّق سياسات دمويّة وتدعم الطغاة، من أجل حماية مصالحها على حساب الشعوب المستغلّة والمقهورة (هل تغيّر شيء منذ الثمانينيات؟). كذلك فعل مناضلو «العمل المباشر» جان ــــ مارك رويان ونتالي منينغون والآخرون. هل كانت الغاية تبرّر الوسيلة؟ ما الحدّ الفاصل بين اليوتوبيا السعيدة واليوتوبيا القاتلة؟ سؤال أخلاقي وفلسفي طالع من «العادلون» لألبير كامو، أكثر منه من «أمير» ماكيافيلي. وسائل العمل العنيفة التي تبنّاها هؤلاء، قد تكون موضع إعادة نظر بعد كلّ هذه السنوات. المراجعة ضروريّة ومطلوبة، كما كتبنا مرّة في معرض نقدنا لفيلم أوليفييه أساياس التسطيحي عن «كارلوس»... لكنّها لا تعني أبلسة الماضي أو تشويهه، ولا التجريد والتعميم، بمعزل عن معطيات المرحلة عربيّاً وأوروبياً وعالميّاً. الحقيقة تتغيّر تبعاً للموقع الذي ننظر منه إلى الأمور، كما يذكّر محامي جورج عبدالله جاك فيرجيس الذي يرافع انطلاقاً من «استراتيجيّة القطيعة». لكن نزيل سجن «لانيميزان» في جنوبي غربي فرنسا، دفع حسب أحكام القانون دينه المفترض للمجتمع، وكان القانون يسمح باستعادته الحريّة منذ العام ١٩٩٩. مع ذلك بقي في السجن ١٣ عاماً إضافيّاً. لأن الادعاء العام، باسم الدولة الفرنسيّة، كان يرى أنّه ثوري خطير قد يستأنف نضاله بعد العودة إلى بيروت. سبع مرّات طلب اخلاء سبيله، لكن سدىً. إيف بونّيه المدير السابق للـ DST (١٩٨٢ ـــ ١٩٨٥) أحد أجهزة المخابرات الفرنسيّة المعنيّة بمكافحة الارهاب، صرّح العام الماضي أنّه يعاني شخصيّاً من تأنيب ضمير بشأن هذا الملفّ: «إنّها لفضيحة أن يبقى جورج عبدالله في السجن، ثلاثين سنة بعد الوقائع». وأضاف قبل عام لـ«لو موند»، أن من حق عبدالله أن يتبنّى ما قامت به مجموعته «كفعل مقاومة» («لو موند»، ١/٩/ ٢٠١٢ ). واعتبر أن بقاءه في السجن يكتسي شكلاً انتقاميّاً من قبل الدولة الفرنسيّة، فيما وصف جاك فيرجيس هذا التشبّث بـ «القرار السياسي». بالأمس، كان روبير بادنتير، وزير العدل الفرنسي السابق الذي ألغى حكم الاعدام في فرنسا، بعد وصول الاشتراكيين إلى السلطة مع فرنسوا ميتران (1981)، يحاضر في «بيت المحامي» في بيروت عن فلسفة العدالة. وفي اليوم نفسه، كانت العدالة الفرنسيّة تطلق أخيراً سراح جورج عبدالله. مجرّد مصادفة طبعاً. بلى جورج أيقونة، والاحتفال الوحيد الممكن بحريّته المستعادة، كان مساء أمس في بيروت، أمام صيدليّة بسترس. حيث انطلقت المقاومة اللبنانيّة ضد اسرائيل. المقاومة مستمرّة، رفيق جورج، وإن بأشكال أخرى!

الجمعة ١١ كانون الثاني ٢٠١٣

منذ الصباح كان النشطاء في الحملة الدولية لاطلاق سراح جورج عبد الله يخططون لتحركاتهم بالتزامن مع صدور القرار القضائي الفرنسي عند الثالثة بتوقيت باريس. الفكرة كانت تقضي باقامة اعتصام مفتوح امام السفارة الفرنسية في بيروت الى حين

صدور القرار. لكن الطقس العاصف حال دون الاعلان عن هذا النشاط. بادر حسن صبرا القيادي في اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، الى دعوة الرفاق والاصدقاء الى اللقاء في مقر الاتحاد في منطقة مار الياس، بانتظار صدور القرار. هناك كانت اغاني الشيخ امام ومرسيل خليفة تصدح من حناجر جيل، اختار ان يكون جورج عبد الله ايقونته الثورية دون منازع.

فور صدور القرار اعلن عن «الخطة ب» التي تقضي بالاحتفال بحرية عبد الله امام اللوحة التي تؤرخ ذكرى عملية جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في 21 ايلول 1982 قبالة صيدلية بسترس في الصنائع.

وهناك اجتمع عند السادسة مساءً العشرات من الشباب ووجوه سياسية لبنانية وفلسطينية.

وعلى وقع اطلاق المفرقات ارتفعت عالياً صور عبد الله. «اسمع يلي مش سامع» يصرخ شاب بأعلى صوته فيرد المشاركون «جورج عبد الله راجع». اما مكبرات الصوت فكانت تصدح بأغنية راب لناصر الدين الطفار تقول ««يخي .. انت و راجع حر عقبياتك. انسى امر الدولة خلص شيلا من حساباتك، كل يوم حبس الك كان اطهر الطهارة، وعالسياسة بلبنان ادعر الدعارة».

(الأخبار)

الجمعة ١١ كانون الثاني ٢٠١٣

عماد الزغبي

أطلق الدكتور حسن إسماعيل صرخة باسم «الأساتذة المستثنين من ملف التفرّغ في الجامعة اللبنانيّة»، مهاجماً ومسمياً كل من يعتقد أنه وقف أمام منع تفرغ زملائه، وفي نبرة حادة صب جام الغضب على كل من وضع العراقيل أمام الأساتذة المستثنين من التفرغ، وعلى كل من أسماهم «بعض المعاونين المكلفين إدارة الملف لمنعنا من لقاء من يمثلون بدءًا من رئيس الهرم حتى آخر متدخّل في هذا الملف». وللمرة الأولى يتم في مؤتمر صحافي تسمية الأمور علانية، من دون مواربة، أو لف ودوران. وأكد إسماعيل لـ «السفير» أن المذبوح لا يخاف من الصراخ، فلماذا الاستغراب إن صرخ الذبيح؟ وشدد على أن الأساتذة لن يسكتوا عن ضياع حقنا الذي كفله لنا الدستور.

استهل إسماعيل المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر «رابطة أساتذة التعليم الثانويّ الرسميّ»، بحضور عدد من الاساتذة المستثنين من التفرغ، وأساتذة مستحقين، مشيراً إلى أن عيديّة السنة الجديدة «579 اسماً، فضلا عن 126 أسما جديدا ستحفظ حقوق أصحابهم إلى دورة جديدة من المعاناة والانتظار، ناهيك بتسعين اسما أكثرها من غير أصحاب الحقوق دمغوها بخطاب السيّد حسن نصرالله ليسبغوا عليها صفة الشرعيّة. وقد استثنوا المتعاقدين الممنوحين وهم عادة من المتفوقين، واستثنوا أيضا الموظفين الذين أفنوا أعمارهم في الوظيفة العامة، وكأنّ رئيس الجامعة (عدنان السيد حسين) لم يكن يوما معلّما. فهل تُراه ينتقم من التعليم ما قبل الجامعيّ إلى يوم القيامة».

وسأل: «لماذا استعجال رئيس الجامعة في ملف التفرغ لولا الرائحة الكريهة؟ أليس في هذا الموقف المتحيّز شبهة؟». وأشار إلى أن وزير التربية حسان دياب وفي اللقاءين معه كان يدافع عن الملف بعد أن يصرّح أن لا فيتو على الموظفين، وإذ كنا نسأل كيف نترجم هذا اللا فيتو لم نحصل على جواب واضح. وحيا عضو «رابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانيّة»، الدكتور داود نوفل، الذي قدم استقالته بعدما رفض أن يكون شاهد زور في هذا الملف».

وقال: «إذا صادف أن التقينا العماد ميشال عون على سبيل المثال كان لنا العميد كميل حبيب بالمرصاد لقلب الحقائق. وإذا التقينا الوزير وليد جنبلاط صرح أنه لا يعرف شيئا عن الملف، وأعطانا الحق بالتفرّغ ثم كلف الدكتور وليد صافي للاتصال برئيس الجامعة لهذه الغاية، فأسفرت المحادثات، بعد حفلة شتائم من طرف واحد، عن إضافة خمسة أسماء لجنبلاط رفع بهم العدد من 574 إلى 579 مرشحا في جائزة ترضية رخيصة، أطلق عليها السيّد حسين اسم التوازن الوطنيّ، وإذا التقينا الرئيس نبيه بري أحالنا الى الدكتور حسن زين الدين، وهو الذي رفض الملف أولا، وبعدما حصل منه على ما حصل، طمأن الرئيس أنّ الملف صحيح وشرعيّ... فهل هذا صحيح؟ طبعا سيجيبنا زين الدين أنّ من الأسماء المستثناة كثيرين من «حركة أمل»، وهذا صحيح، وهم بيننا ومعنا، ولكن حل محلّهم باسم الحركة أناس غير مستحقين ومن غير الحركة، فهل يعلم الرئيس بري ذلك؟».

وتابع: «كلّهم أوهمونا أنّ الرئيس نجيب ميقاتي يضع علينا فيتو... ويرفض تفرغنا، فهل هذا الأمر حقيقة؟». وبعدما أشار إلى وجود أسماء رفعت قبل نيل أصحابها شهادة الدكتوراه التي هي الشرط الأكاديميّ للتعاقد قبل التفرّغ، انتقد تغييب الموظفين علنا بعد أن رفعت أسماؤهم من الأقسام والوحدات والكليات بصورة قانونيّة. وناشد الرؤساء بري وميقاتي وعون وجنبلاط والنائب محمد رعد أن «يدقّقوا بأنفسهم في الملف، وألاّ يركنوا إلى مزاعم ممثليهم مهندسي الملف مع رئيس الجامعة، إلاّ إنْ كانوا هم أو بعضهم راضين على ما فيه وفي ملحقه من ظلم وفساد».

وتوجه إلى أمين عام «حزب الله» بالقول: أما السيّد حسن نصرالله فإننا نردد معك دوماً: «هيهات منّا الذلّة». نعم، لن نُذَلّ، لا لزعيم سياسيّ ولا لزعيم طائفيّ من أجل حق وترقيَة وظيفيّة كفلهما الدستور والقانون، فنحن من أساتذة لبنان الذين تخرّج على أيدينا رؤساء ووزراء ونواب وقادة وعلماء ومقاومون وشهداء، ومنّا أيضا مقاومون وشهداء. فبالله عليك، أيّ جيل سيتخرّج على يد أستاذ ذليل؟ إننا ننتظر منك يا سيّد المقاومة أنْ تقرن مقاومة الاحتلال بمقاومة الفساد، وإلاّ فما قيمة مقاومة يستشهد أبناؤها دفاعا عن الوطن، ويطيحَ الفساد بمعنى شهادتهم؟ وليكن طريق تحقيق مضمون خطابكم الأخير سببا لتستبدلوا بالدكتور عبدالله زيعور رجلا يمثلكم بشرف».

وختم بالطلب من رئيس الجمهورية ميشال سليمان موعدا للقاء به، «بعد أن حال مَن على بابكم دون ذلك اللقاء لغاية في نفس الدكتور إيلي عساف». والقت كلمة «أساتذة مستحقون، مستثنون من التفرغ» الدكتورة وفاء نون سألت فيه رئيس الجامعة وكل المعنيين بملف التفرغ: كيف يكون هذا الملف هو الأفضل ولم يبق حزب أو فريق سياسي لم يعبث به وذلك بشهادة رجال السياسة أنفسهم؟ كيف يكون هذا الملف هو الأنظف وقد أصبحت الجامعة الوطنية مزرعة للتوظيف يتهافت فيها الأساتذة الجامعيون على أبواب السياسيين ورؤساء المكاتب التربوية ليحظوا بإدراج أسمائهم في ملف أقل ما يقال فيه أنه فاسد؟ وكل ذلك بغياب أو تغيّب «رابطة الأساتذة المتفرغين» التي يفترض أن ترعى وتحمي حقوق جميع الأساتذة دون استثناء».

تناقش الحكومة مجموعة واسعة من الإجراءات كشروط مسبقة لإقرار مشروع قانون سلسلة الرواتب الجديدة... لا يقتصر الأمر على محاولة قنص قطاعات الاتصالات والكهرباء والبنى التحتية المختلفة عبر اشتراط «الخصخصة والشراكة مع القطاع الخاص»، بل باستكمال العملية الممنهجة لتفريغ إدارات الدولة من ملاكاتها!

محمد زبيب

لم تكتف الدراسة التي أعدّها الفريق الاقتصادي لدى رئاسة مجلس الوزراء بحصر النقاش في تمويل التعديلات على سلسلة الرواتب بمصدرين «خطيرين»: الأول، رفع عامل الاستثمار العقاري (طابق ميقاتي). والثاني، زيادة أسعار الكهرباء (المقطوعة أصلاً)... كذلك لم تكتف بالتراجع عن كل الوعود التي أُعطيت للموظّفين والموظفات بزيادة رواتبهم وفقاً لمشروع القانون المقرّ في الحكومة منذ مدّة (قرار رقم 1 تاريخ 6/9/2012)، ولم يُحَل على مجلس النواب حتى الآن...

كذلك لم تكتف هذه الدراسة بتحميل المتقاعدين وأراملهم وأسرهم جزءاً مهماً من كلفة زيادة الرواتب لموظفي الإدارة والقطاعات التعليمية حتى بعد خفضها (وفقاً للاقتراحات الجديدة يمكن أن تخفض الزيادات حتى نسبة 30%!) وذلك بالسعي إلى خفض قيمة المعاش التقاعدي أكثر من النصف وتكليفه ضريبة الدخل مع تعويض نهاية الخدمة (راجعوا تقارير سابقة منشورة في «الأخبار» منها: عبقرية تمويل السلسلة http://www.al-akhbar.com/node/171395 ، ومكافأة المضاربين بدل تغريمهم http://www.al-akhbar.com/node/173555)... لم تكتف الدراسة المذكورة بكل ذلك (رغم إقرارها بأن رواتب موظفي الدولة لم تخضع لإعادة نظر منذ 14 عاماً)، بل عمدت إلى وضع شروط ستدفع إدارات الدولة وملاكاتها الشاغرة وغير المنتجة نحو المزيد من الانهيار والتفريغ الممنهج، فضلاً عن أنها شروط مخالفة لأحكام الدستور ومبادئ المساواة بين المواطنين وقوانين أساسية كثيرة، في مقدّمها قانون المحاسبة العمومية (إذ لا يجوز فصل السلسلة وتمويلها عن موازنة الدولة الشاملة والموحّدة، ولا يجوز الاستمرار بالتمييز بين الدائنين عبر إعطاء الأفضلية للمصارف والمستفيدين من خدمة الدين العام البالغة نحو 6 آلاف مليار ليرة سنوياً، فيما يجري السعي إلى تقسيط رواتب الموظفين والموظفات التي تعدّ من الديون الممتازة على الدولة).

ما هي هذه الشروط التي تناقشها الحكومة؟ بحسب نص الدراسة الموزّعة على الوزراء بتاريخ 10/12/2012، ورد حرفياً:

«إن إقرار مشروع قانون السلسلة يجب أن يقترن بالشروط الآتية مجتمعة:

أ. وجوب تقسيط المبالغ الإضافية المستحقة على مدى خمس سنوات. ويكون من شأن هذا الإجراء عدم زيادة نسب العجز المالي بمبالغ كبيرة إلى جانب تمكين الإدارة من جباية الأموال اللازمة لتسديد الأكلاف المتوقعة، وتجنّب خلق تضخم في الأسواق من جراء ضخ مبالغ ضخمة بوقت قصير في الاقتصاد.

ب. الفصل بين زيادات القطاع العام وزيادة القطاع الخاص، ولا سيما في قطاع التعليم في المدارس الخاصة.

ج. تضمين مشروع القانون اقتراحات إصلاح في الإدارة العامة تسهم بطريقة غير مباشرة، بل فعالة، في التخفيف من العبء المالي الواقع على الخزينة العامة من جراء تطبيق السلسلة (الملحق رقم 1: لائحة بالاصلاحات المقترحة)».

وورد أيضاً في الدراسة نفسها: «بالإضافة إلى الشروط المذكورة أعلاه، وبالتزامن مع إرسال مشروع قانون السلسلة، نرى أيضاً ضرورة ملحّة في الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية في الاقتصاد، وخصوصاً في مجال تطبيق مندرجات قوانين الخصخصة كافة، ولا سيما قوانين الهيئات الناظمة، مع إقرار مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك لإشراك القطاع الخاص في تمويل البنى التحتية وتطويرها لخفض أكلافها على الاقتصاد وتحسين نوعيتها».

وجاء في الملحق رقم 1 في الدراسة، وتحت عنوان «الإصلاحات» ما يأتي:

أولاً: المباشرة في ضبط وتفعيل تطبيق بعض القوانين والأنظمة في القطاع العام:

1 ـ وقف الاستخدام في القطاع العام.

2 ـ عدم اللجوء إلى طرق التوظيف الدائم المقنّع (تعاقد دائم، استخدام بالفاتورة، الخبراء، المستشارون، المدربون والحرس في الجامعة...).

3 ـ الحد من اللجوء إلى التعاقد في القطاع العام والتقيّد بمفهومه من حيث هو عمل مؤقت.

4 ـ تنفيذ خطة جدية في التعاقد مع المدارس الرسمية بما يتوافق مع حاجاتها الفعلية.

5 ـ المباشرة بتقليص حجم الفائض في المدارس الرسمية وإعادة العمل بسياسة تجميع المدارس.

6 ـ ضبط عملية التفرغ والتعاقد بالساعة في الجامعة اللبنانية وتطبيق قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بها.

7 ـ تفعيل دور المعهد الوطني للإدارة في سبيل إعداد كادرات مؤهلة وقادرة.

8 ـ الحد من اللجوء إلى الإدارة الموازية في الوزارات، ولا سيما من خلال برامج التعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية التي تغذي الخزينة العامة موازناتها.

9 ـ ضبط عملية التكليف بالساعات الإضافية ومنح المكافآت والتعويضات المختلفة بحجة تشكيل لجان وخلافه، تمهيداً لإعادة النظر بالأنظمة التي ترعاها.

10 ـ إلغاء التعويضات عن المشاركة في اللجان الفاحصة أو الإشراف على الأبحاث، وكذلك عن المشاركة في تصحيح المسابقات وفي مراقبة الامتحانات، في وزارة التربية والتعليم العالي، وفي الجامعة اللبنانية.

11 ـ ضبط عملية إعطاء المساهمات المالية لمختلف الهيئات الأهلية والاجتماعية الشبابية والرياضية وسواها وفق الأنظمة التي تعترض التأكد من قيامها فعلياً بما يحقق النفع العام، بالقدر الذي تحقق منه.

ثانياً: إطلاق ورشة تشريعية وإدارية لتحديث الإدارة العامة والمؤسسات العامة وزيادة إنتاجيتها بما ينسجم ويتوازى مع الرواتب والتقديمات والعطاءات.

ثالثاً: نظام دوام العمل

أ ـ اعتماد دوام عمل كامل (من الساعة الثامنة وحتى السابعة عشرة).

ب ـ التعطيل يومي السبت والأحد من كل أسبوع.

ت ـ الإبقاء على دوام العمل المعتمد يوم الجمعة.

ث ـ اختصار العطلة الصيفية في المدارس الرسمية إلى شهرين وتخصيص الشهر الثالث لإعادة تأهيل المعلمين والأساتذة وتدريبهم.

ج ـ اختصار العطلة القضائية إلى شهر واحد.

رابعاً: إعادة النظر بهيكلية الإدارة العامة والرواتب ومعاشات التقاعد:

1 ـ اعتماد الحكومة الإلكترونية وتحديث وسائل عمل الإدارات التقنية والفنية.

2 ـ إلغاء بعض الإدارات العامة أو المؤسسات العامة (المديرية العامة للبريد، مصافي النفط، المؤسسة العامة للأسواق الاستهلاكية، اليسار، إلخ...).

3 ـ إعادة النظر في الملاكات الإدارية وتقليص أحجامها.

4 ـ إعادة النظر بشروط التوظيف وربط الراتب بالتوصيف الوظيفي.

5 ـ ربط التدرّج الوظيفي والانتقال من فئة إلى أخرى بالإنتاجية، واعتماد نظام تقويم جدي وموضوعي للموظفين.

6 ـ الحد من إمكانية الانتقال في ما بين الملاكات الإدارية والمؤسسات العامة، إعادة النظر بالمؤسسات العامة القائمة وبالنظام الذي يرعاها من حيث هي مرافق عامة متخصصة.

7 ـ إلغاء نظام تناقص ساعات التدريس.

8 ـ رفع قيمة المحسومات التقاعدية من 6% إلى 8%.

9 ـ فرض ضريبة الدخل على المعاشات التقاعدية.

10 ـ إعادة النظر بالتعويضات على أنواعها.

11 ـ إعادة النظر بالأحكام القانونية التي تحدّ من الفساد والإثراء غير المشروع، بحيث تكون قابلة للتطبيق بصورة حقيقية وفاعلة.

الاثنين ١٧ كانون الأول ٢٠١٢

يحيى دبوق

إلى جانب المناورات والاستعدادات العسكرية المتبادلة، وسعي كل من الطرفين لإعداد رزمة من المفاجآت للطرف الآخر، تخوض الدولة العبرية والجمهورية الإسلامية في إيران صراعاً ضارياً على مستوى عالم السايبر. هذا الصراع دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى رصد الإمكانات والخبراء من أجل تكوين قدرة دفاعية وهجومية عن المنشآت الحساسة الإسرائيلية، انطلاقاً من فرضية عمل، كما يقول رئيس قسم الدفاع عن الحواسيب الحساسة في الدولة، التابع للشاباك، بأن الإيرانيين أكثر ذكاءً منا وينبغي عدم الاستهتار بهم وهم الذين اخترعوا الشطرنج قبل 5000 سنة. وكشف معلّق الشؤون الأمنية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» رونين بيرغمان، عن هجمات قاسية شنتها إيران ضد مختلف الحواسيب الحساسة المنتشرة في كل أنحاء إسرائيل، تميزت بحسب تعبير عدد من مسؤولي شعبة السايبر في الشاباك بالتطور العالي جداً. ونقل بيرغمان عن هؤلاء المسؤولين في مقابلة حصرية تنشر كاملة في ملحق الصحيفة اليوم (الجمعة)، قولهم إنه بالإضافة إلى مئات آلاف الهجمات على مستوى منخفض من قبل نشطاء إسلاميين من كل أنحاء العالم، حصل في السنوات الثلاث الأخيرة عدد من الهجمات المتطورة على مستوى الدولة، وعند تشخيص هذه الهجمات تمت الاستعانة بطواقم خاصة من شعبة السايبر، التي قامت بنشاطات عملانية مختلفة من أجل تشخيص الجهات التي تقف وراء هذه الهجمات (مصدرها إيران) قبل وصولهم إلى المناطق الحساسة في البنية التحتية، وتم إحباط الهجوم في الوقت الملائم.

وفي ما يتعلق بخلفيات الهجمات الإلكترونية الإيرانية، يضيف بيرغمان إنه في أعقاب الهجمات التي تلقتها الحواسيب التابعة لمشروعها النووي، أنشأت إيران شبكة مركزية لتنسيق كل نشاطات السايبر هدفها العلني الدفاع عن الحواسيب الحساسة لها، لكن هدفها الخفي مهاجمة الحواسيب للأطراف المعادية. وضمن هذا الإطار، استعاد بيرغمان اتهام وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، قبل ثلاثة أشهر، إيران بشن سلسلة هجمات قاسية ضد حواسيب البنوك في الولايات المتحدة.

ومن أجل حماية الحواسيب الاستراتيجية التابعة للمصارف في إسرائيل وضمها إلى قائمة المنشآت التي تقع ضمن حماية شعبة السايبر في الشاباك، تم تسريع سن قانون في الكنيست، هو الآن في مراحل مختلفة في لجنة الداخلية ولجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست.

يُشار إلى أن شعبة السايبر مسؤولة عن تحديد الدفاع عن منظومات الحواسيب الحساسة في الدولة، حيث تعمل مجموعة من «الهاكرز» الشبان في مختبرات تابعة للشعبة في المنطقة الوسطى، تهدف إلى حماية وتدمير أي محاولة إضرار بحواسيب المؤسسات الهامة التي يمكن أن تشلّ الدولة، مثل شركة الكهرباء، والاتصالات والمياه وغيرها. كما يتبع للشعبة قسم استخبارات هدفه جمع المعلومات وخوض قتال في عالم السايبر.

الجمعة ٢١ كانون الأول ٢٠١٢

الأكثر قراءة