Hiba Awar

Hiba Awar

وبعيداً عن النقاش السياسي الداخلي، وبعد انتهاء الجلسة الحكوميّة، عند الثامنة والنصف من مساء أمس، تعرّض نحو 50 ناشطاً وناشطة اعتصموا أمام السفارة السوريّة للتضامن مع الشعب السوري للاعتداء بالضرب بالعصي والسكاكين والكراسي الحديديّة، ما أدّى إلى جرح عدد من المتضامنين.

وفي التفاصيل أن المتضامنين قرروا عدم طلب ترخيص لتحرّكهم وإبقاءه سرياً، لأنه في كلّ مرّة طلبوا ترخيصاً، كان مؤيدو النظام يسبقونهم إلى السفارة السوريّة الواقعة في شارع الحمراء حاملين عصياً لمنعهم من التظاهر. وعند الثامنة والنصف، وصل المعتصمون، ولم يكن أمام السفارة سوى عناصر الحماية الأمنيّة، وبدأوا بالهتاف تأييداً للشعب السوري. بعد دقائق، وصل نحو خمسين شخصاً حاملين العصي والسكاكين وهتفوا «بالروح بالدم نفديك يا بشار» للردّ على هتاف المتضامنين «بالروح بالدم نفديك يا سوريا» و«حريّة حريّة، ومن حماه لبيروت شعب واحد ما بيموت». ثم ارتفع عدد مؤيدي النظام السوري إلى مئة شخص، ليبدأ فجأة هجوم عنيف على المعتصمين، ما أدّى إلى تعرّض معظمهم لجروح ورضوض منها ما هو بالغ.وعند وصول دوريّة قوى الأمن، رفض قائد الدوريّة التصرّف، رغم طلبات المعتصمين منه منع المهاجمين من التعرّض لهم بالسكاكين، وردّ عليهم بأن أوامره تقضي بعدم اعتقال أحد. ثم وصلت قوّة من الجيش اللبناني، فسأل قائدها فوراً «من مع النظام ومن ضدّه» وبدأ بطرد من هم ضدّ النظام. وعندما توجّهت إليه إحدى المتضامنات بطلب الحماية أجابها: «ابعتيلي رجّال، أنا ما بحكي مع نسوان».وبعد انفضاض التحرّك، حمل الشبّان الجرحى إلى مستشفى الجامعة الأميركيّة التي رفضت استقبالهم بدون دفع تأمين مالي، فجمعوا من بعضهم نحو 300 دولار، بحسب ما أفادوا، ليُدخلوا أحد الشبان، وأخذوا الباقين إلى مستشفى المقاصد. وعند سير ثلاثة من الناشطين في شارع الحمراء الرئيسي، تعرّض لهم بعض الشبان بالضرب. وأفاد ناشطون آخرون بأن سيّارة هاجمت سيّارتهم وعندما هربوا من السيارة باتجاه أحد المطاعم، دخل المهاجمون المطعم وضربوهم بداخله.بعد ذلك، توجّه اثنان من الناشطين إلى مخفر حبيش لرفع دعوى على مجهول، فرفض المسؤولون في المخفر قبول الشكوى، بحجّة أن المدعي العام أبلغهم أنه ليس من صلاحية المخفر قبول مثل هذه الشكاوى.

النهار: اختتم اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني مخيمه الصيفي التثقيفي في صور، الذي تضمن سلسلة نشاطات تثقيفية وورش عمل ونقاشات.وبدأ المخيم الذي استمر أربعة أيام، بعرض لفيلم "ما العمل في حال الحريق" الذي يعرض العنف الثوري في ألمانيا خلال ثمانينات القرن الماضي. وتضمن اليوم الثاني للمخيم ورشة عمل اقتصادية عن القطاعات الاساسية في الاقتصاد اللبناني وبعض خصائصه، وتوزع الناتج القومي الاجمالي والدين العام وخدمته والموازنة وغيرها... تلتها ورش عمل تدريبية عن سبل إدارة الوقت والاجتماعات ومهارات التواصل بهدف تنمية القدرات الفردية للمشاركين.كما خصص الاتحاد يوماً كاملاً لعرض وجهته السياسية والفكرية ومفاهيم اليسار والعلمنة والديموقراطية كمرتكزات لخلفيته الفكرية. كما عرض برنامج عمله وأبرز نقاط خطة تحركه، ومنها قانون الانتخاب وفق النظام النسبي وخفض سن الاقتراع وإقرار قانون مدني للأحوال الشخصية، وصولاً الى التحركات المطلبية.

http://www.annahar.com/content.php?priority=6&table=tarbia&type=tarbia&day=Tue

العين 4 – 8 آب 2011

الخميس 4 آب:

3.00 – 5.00: وصول

6.00 - 8.00: تنظيف الحديقة

صور، 28-31 تموز 2011

أقام اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني مخيمه التثقيفي الصيفي في مدينة صور وذلك ضمن خطة الصيف المركزية لعام 2011. استمر المخيم من الخميس 28 تموز حتى الاحد 31 تموز بمشاركة متنوعة من الجنوب والمناطق اللبنانية الاخرى. تضمن المخيم نقاشات وندوات تثقيفية وورش عمل وعرض أفلام.

النجدة الشعبية - صور

اليوم الاول: الخميس 28 تموز:

3.00 – 6.00: الوصول

7.00: عرض فيلم ثقافي ونقاش حوله

افتتح اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني "أشد" المخيم التاسع للشباب الفلسطيني تحت عنوان "مخيم شهداء العودة" بمشاركة عشرات الشباب والشابات الفلسطينيين من كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان وسوريا والاردن اضافة الى مشاركة شبابية من كوبا وكندا والنرويج، وحضر حفل الافتتاح الذي اقيم في الجامعة اللبنانية الدولية في البقاع  فعاليات

 

فلسطينية ولبنانية ومنظمات شبابية وطلابية.

وشمل برنامج المخيم الذي امتد من 15 ولغاية 24 تموز مجموعة من الندوات والمحاضرات. وورش العمل تحدث خلالها كل  من استاذ علم الاجتماع في الجامعة الامريكية في بيروت الدكتور ساري حنفي حول دور الشباب في الثوراث العربية، فأكد على اهمية وحيوية الدور الذي يقوم به قطاع الشباب في تحريك الشارع العربي من اجل تحقيق مطالب الشعوب العربية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ونجاح الشباب في استخدام وسائل الاتصال الحديثة وتسخيرها بما يخدم اهداف الثورات ومطالبها المحقة والعادلة.

كما تحدث مدير مركز التنمية الانسانية المحامي سهيل الناطور في ندوة اخرى حول قوانين الانتخابات وغياب الحياة الديمقراطية في المؤسسات الوطنية، التي يعيش البعض منها حالة شلل وتعطل وغياب منذ سنوات طويلة، منوهاً بالحراك الشباب الفلسطيني الذي انطلق في شهر آذار ورفع شعارات واضحة تدعو الى انهاء الانقسام الفلسطيني والعودة الى الشعب من خلال انتخابات ديمقراطية تعيد الروح والحياة للمؤسسات الوطنية الفلسطينية. مؤكداً بأن قانون التمثيل النسبي هو القانون العادل الذي يساهم في تعزيز المشاركة الوطنية في مختلف المؤسسات الوطنية .

لتمكن الشباب من لعب دور محوري في مختلف المؤسسات الوطنية الفلسطينية وفي عملية صنع القرار الوطني .

وتحدث نائب رئيس المجلس النيابي اللبناني السابق ايلي الفرزلي في ندوة حول القضية الفلسطينية والتطورات التي تشهدها المنطقة العربية داعياً الى التنبه من المؤامرات الخارجية التي تتعرض لها المنطقة العربية ومحاولة الادارة الامريكية وبعض الدول الغربية استغلال الحراك الشعبي العربي وتحريفه بما يخدم المصالح والاطماع الامريكية الاسرائيلية في المنطقة.

وتطرق الى الاوضاع الفلسطينية فاستغرب الصمت الدولي تجاه الممارسات العدوانية الاسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني واستمرار سياسة التوسع والاستيطان التي تبتلع الارض الفلسطينية وتهدم منازل المواطنين الفلسطينيين دون أي رادع دولي.

حول اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فأشار الى ضرورة تحسن الظروف الانسانية والاجتماعية وفي مقدمتها السماح للفلسطينيين بحق العمل الى جانب تحسين واقع المخيمات على كافة الصعد الصحية والاجتماعية وغيرها. منوهاً بتضحيات الفلسطينيين في مسيرات العودة وتقديمهم الدماء والشهداء ليتبثوا للعالم اجمع ان قضية الاجئين وحق العودة هي عنوان نضالهم وانهم لا يمكن ان يتنازلوا عن هذا الحق مهما بلغت المؤامرات فكانت رسائلهم متعددة ووصلت الى اكثر من اتجاه.

وفي ندوة له حول اوضاع الشباب الفلسطيني تطرق رئيس اتحاد الشباب يوسف احمد الى الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها الشباب في مخيمات لبنان، مستعرضا اوضاع المؤسسات الفلسطينية المعنية برعاية الشباب وخاصة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتها اتحاد الطلبة والاتحادات الرياضية والفنية...، مؤكدا بأن ابقاء هذه الاتحادات دون تفعيل وتطوير يضر بالدور الوطني للشباب الفلسطيني ويحد من قدرته على الفعل والحركة في اطار النضال الوطني والاجتماعي الذي يخوضه اللاجؤون الفلسطينيون في لبنان، داعيا الى الاسراع في اطلاق ورشة بناء تشمل كافة الاتحادات الشعبية بما يعيد الاعتبار لدورها وفعلها بين اوساط الشباب الفلسطيني.

وتطرق الى الاوضاع التربوية للطلبة الفلسطينيين سواء في مدارس الانروا او على صعيد المرحلة الجامعية، فأكد ان هناك الكثير من المشكلات والعراقيل التي تعترض تقدم المسيرة التعليمية في مدارس الانروا بفعل بعض السياسات الخاطئة المتبعة من قبل الوكالة وبفعل تراجع الموازنات المخصصة للبرنامج التعليمي، كما تطرق الى تفاقم ازمة التعليم الجامعي نتيجة عدم تبني الانروا لهذه المرحلة التعليمية واقتصار مساعداتها على العدد المحدود من المنح المقدمة من بعض الدول المانحة. الجذري  مشدداً على استمرار اتحاد الشباب بتحركه من اجل تبني الانروا ومنظمة التحرير الفلسطينية لمشروع انشاء الجامعة الفلسطينية في لبنان بإعتباره الحل الجذري الذي ينقذ المستقبل التعليمي للطلبة ويمكنهم من مواصلة دراستهم الجامعية وتحقيق احلامهم وطموحاتهم على صعيد التخصصات الجامعية.

وتحدث الباحث الفلسطيني فتحي كليب بمحاضرة حول النظام السياسي الفلسطيني فأشار الى ان النظام السياسي الفلسطيني هو نظام مركب وفريد من نوعه، انه نظام خليط بين نظام اكتسب شرعيته من تجربة ثورية ونظام آخر استمد شرعيته من اتفاقات دولية ومن عملية انتخابية لها ظروفها الخاصة، وبالتالي عدم الفصل بين النظامين ادى الى بروز تشوهات في تركيبة النظام السياسي الحالي، واي عملية اصلاحية لا يمكن ان تاخذ طريقها دون اقرار قانون انتخابي جديد يراعي الواقع السياسي الفلسطيني، ويراعي في نفس الوقت التعددية السياسية الموجودة على ارض الواقع، والنظام اللانتخابي العادل الذي يوصل الى هذه النتيجة هو نظاظ وقانون التمثيل النسبي الكامل.

واقيمت ورشة عمل حول استراتيجية العمل الشبابي الفلسطيني أدارتها مسؤولة البرامج الشبابية في جمعية المساعدات الشعبية النرويجية منال قرطام، طرح خلالها المشاركون رؤيتهم لواقع وظروف الشباب الفلسطيني والمشكلات التي يعانونها على كافة الصعد السياسية والاجتماعية والتربوية ... واستراتيجية العمل المطلوبة للنهوض بدور الشباب وكيفية تحقيق مطالبه واهدافه.

وتوقف المشاركون امام الاوضاع المعطلة والحياة الديمقراطية المشلولة في المؤسسات الوطنية التي تعنلى باوضاع الشباب الفلسطيني ولا سيما اتحاد الطلبة مجلس رعاية الشباب. واكدوا على اهمية اعطاء الشباب حقهم في المشاركة الفاعلة وفي صنع القرار وتمكينهم من اخد دورهم الريادي والمتقدم على كافة الصعد.

كما استضاف المخيم الوزير المفوض في السفارة الكوبية في لبنان في ندوة حول الثورة الكوبية وتحدياتها، فعرض الوزير المفوض لمسيرة كوبا الثورية وكفاحها ونضالها المستمر ضد الامبريالية العالمية، مؤكدا ان الثورة الكوبية استطاعت ان تتغلب على كل التحديات والظروف الصعبة وان تواجه الحصار والظلم والعدوان بمزيد من الوحدة والتطور.

واكد على موقف كوبا الداعم للشعب الفلسطيني ونضاله من اجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق اللاجئين بالعودة واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

وتحدث الباحث والاعلامي  الفلسطيني معتصم حمادة حول حركة اللاجئين وحق العودة، فاكد على ضرورة دعم حركة مستقلة لللاجئين تدافع عن حق العودة وعن القضايا والهموم المباشرة لللاجئين في مختلف اماكن تواجدهم.

ودعا الى ايجاد آلية للتنسيق بين جميع مكونات حركة اللاجئين تحت راية الدفاع عن حق العودة وفق القرار 194، مشددا على ضرورة دعم الدول العربية المضيفة للمطالب التي ترفعها حركة اللاجئين سواء كانت وطنية عامة، او انسانية واجتماعية وبما يصون الهوية الوطنية للاجئين ويدعم صمودهم ونضالهم من اجل حق العودة وتمكينهم من مواجهة مؤامرات التهجير والتوطين.

كما قام المشاركون بالمخيم بزيارة مدينة الصدر التربوية في بعلبك والتقوا بوفد شبابي من مكتب الشباب والرياضة في حركة امل تقدمهم مسؤول مكتب الشباب في البقاع هيثم لحفوفي، وجرى حوار بين الشباب الفلسطيني واللبناني، تم التاكيد خلاله على ضرورة واهمية التنسيق والتعاون وتعزيز العلاقات الشبابية والطلابية الفلسطينية – اللبنانية بما يصب في مصلحة الشعبين ويدعم نضال اللاجئين وحقهم بالعودة الى ديارهم .وشددوا على اهمية الاسراع في اقرار الحقوق الانسانية والاجتماعية لللاجئين الفلسطينيين وفي المقدمة حق العمل والتملك.

وأكد عضو اللجنة المركزية في الجبهة الديمقراطية عبد الله كامل خلال ندوة حوارية حول الاوضاع الفلسطينية، أن الاحتكار الثنائي بين حركتي فتح وحماس في بحث آليات تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية، كان السبب في تعثر اتفاق المصالحة وتأخره، مضيفاً: أن أكثر من شهرين مضت على توقيع اتفاق المصالحة دون نتائج تذكر.

وأكد ضرورة تنفيذ اتفاق المصالحة من خلال دعوة ممثلي جميع القوى والفصائل التي وقعت على اتفاق المصالحة لبحث سبل تجاوز العقبات التي تعرقل تطبيق الاتفاق والتوافق على آليات التنفيذ وجدوله الزمني على أساس الشراكة الوطنية الشاملة.

وشدد على أن توجه م.ت.ف. والقيادة الفلسطينية للأمم المتحدة في أيلول القادم لنيل الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، بحاجة إلى وحدة الصف الفلسطيني وإنهاء كافة أشكال الخلافات الداخلية ودعم وتحرك كافة قوى شعبنا الفلسطيني.

كما شمل برنامج المخيم مجموعة من النشاطات الرياضية والثقافية والترفيهية والفنية وورش العمل الحوارية اضافة الى زيارة عدد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية تعرف خلالها المشاركون على اوضاع وظروف اللاجئين الفلسطينييين في لبنان.

كاترين ضاهر

شارك وفد من اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني ممثلاً برئيس الاتحاد علي متيرك وأمين السر العام عمر الديب في فعاليات المهرجان الرابع والعشرين للشبيبة القبرصية وندواته الدولية. وذلك من 6 الى 8 تموز الجاري في العاصمة نيقوسيا.

الندوة الأولى حملت عنوان "سياسات الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وهجرة العمال الشباب" بمشاركة دولية واسعة من العديد من المنظمات الأوروبية والعربية. تخلل البرنامج مداخلات من ممثلي المنظمات المشاركة حول هذا الموضوع والثورات العربية. وكان للاتحاد مداخلة تناولت واقع الاقتصاد اللبناني واتفاقيات الشراكة الأوروبية الجائرة للقطاعات المنتجة في لبنان وتحديداً الزراعة والصناعة حيث تفتح الأبواب أمام منتجات الاتحاد الأوروبي دون وجود إمكانيات منافسة لدى القطاعات المنتجة اللبنانية وسط غياب دعم الدولة لها. كذلك شرح الاتحاد واقع الهجرة الكثيفة للشباب اللبناني نتيجة البطالة والفقر وعدم الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان.

الأخبار: علاء اللامي

في بداية شهر تموز الجاري، راجت معلومات عن قرب قيام نائب الرئيس الأميركي بايدن بزيارة العراق، غير أنّ من حضر بعد أيام قليلة كان نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، يرافقه وفد ضخم، فاق عدد أعضائه المائتين، بينهم سبعة وزراء. وقبل أن يصل رحيمي بأيام قليلة، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من طهران التي زارها أخيراً، أنّ تقدماً كبيراً قد تحقق في ملف الخلافات الحدودية وغيرها، بين العراق وإيران.

التقى رحيمي بالمالكي ومسؤولين عراقيين آخرين، ووقع على ست اتفاقيات كبيرة، أغلبها اقتصادي، قفزت بقيمة التبادلات التجارية الحالية بين البلدين من ستة مليارات دولار إلى أكثر من عشرين ملياراً، ليكون العراق بذلك الشريك الاقتصادي الثالث لإيران على المستوى العالمي. نفتح قوساً صغيراً هنا للتذكير بأنّ هذا المبلغ هو نفسه الذي حاول رئيس الوزراء التركي أردوغان الحصول عليه حين وقع مع المالكي مجموعة اتفاقات مشابهة خلال العام الجاري، لكن البرلمان العراقي قرر تجميدها، بانتظار تغيير تركيا لموقفها المتشدد الرافض لإطلاق حصة العراق العادلة من مياه دجلة والفرات. حصة محبوسة خلف السدود التركية العملاقة، في وضع ينذر بكارثة حقيقية بلغت درجة التحذير من نشوب حرب أهلية بين قبائل العراق في الوسط والجنوب، بسبب المياه المتناقصة يوماً بعد آخر. كان أردوغان يطمح إلى الصعود بالحصة التركية من الاقتصاد العراقي الواعد، من عشرين إلى سبعين ملياراً، لكنّه لن يقترب كما يبدو من هذا الهدف، إلا بعد أنْ يحوّل العراق إلى صحراء حقيقية، مستفيداً من الضعف والتفريط اللذين تبديهما حكومة بغداد. فجميع أطرافها يدافعون بالأظفار والأسنان عن مصالحهم الطائفية، وبما أن دجلة والفرات ليسا طائفيين ـــــ شيعيين أو سنيين ـــــ فلا أحد يتجشم عناء الدفاع عنهما.بالعودة إلى زيارة رحيمي، وخصوصاً إلى ذروتها السياسية التي تجلت في تصريح مستفز أدلى به الزائر، ومفاده أنّ «إيران سوف تقترح على العراق السيطرة الأمنية في حال انسحاب قوات الاحتلال»، وبغض النظر عمّا قيل في تفسير عبارة «السيطرة الأمنية»، وسواء عَنَتْ مساعدة القوات العراقية أو مشاركتها في تولي مهماتها مباشرة، فإنّها أقنعت حتى أكثر الأطراف دفاعاً عن «براءة إيران» بالحجم غير المحتمل لهيمنتها السياسية على العراق المحتل. هيمنة تتكرس باطراد هذه الأيام، وتحوّلت أخيراً إلى إطباق اقتصادي وأمني شامل وعميق. لقد ظلّت تصريحات رحيمي تلك دون ردود أفعال من أقطاب حكومة المحاصصة، ومن زعماء الأحزاب الصديقة لإيران خصوصاً. وحتى المالكي الذي اعتاد سابقاً القيام بدور المتحفظ والمراوغ والمعرقل للتصرفات والتصريحات الإيرانية، لاذ بالصمت هذه المرة، ولم يعلق عليها بشيء. أما الزعامات الكردية، فقد ظلّت على مواقفها القديمة من إيران، فهي صديقة لها بمقدار ما كانت موافقة أو ساكتة على مكتسبات تلك الزعامات.من اليسير اليوم أن يبحث البعض عن روائح صفقة أميركية ـــــ إيرانية لتنظيم تقسيم الكعكة العراقية. تلك الروائح لم تعد مجرد احتمالات نظرية، أو شعارات يرفعها المتطرفون القوميون أو الطائفيون ممن أدمنوا معاداة إيران حقاً أو باطلاً، بل ثمة الكثير مما يرجحها على أرض الواقع. من ذلك مثلاً، أنّ زعيم التيار الصدري المقيم في إيران مقتدى الصدر، وبعدما أطلق سلسلة تهديدات بأنّه سيرفع التجميد عن نشاط ميليشيات «جيش المهدي» ضد قوات الاحتلال إذا لم تنسحب، تراجع وأصدر بياناً جديداً بعد زيارة رحيمي بيومين، أعلن فيه أنّ التجميد سيظل سارياً حتى إذا لم تنسحب قوات الاحتلال وتم التمديد لبقائها. أما المبرر الذي ساقه الصدر لقراره فهو غريب حقاً، إذْ ردَّه إلى وجود مفاسد داخل «جيش المهدي».ومع أنّ التيار الصدري يبدو في الظاهر منسجماً ومتماسكاً على طريقة الأحزاب العقائدية والتوتاليتارية «الشمولية» الأخرى، فهو يستبطن خلافات كثيرة بين قياداته بلغت درجة الانشقاق العلني أحياناً. فحين صدرت تصريحات إيرانية على لسان مرشد الحكم الإيراني خامنئي قبل فترة، تطالب بغداد الرسمية برفض التمديد لبقاء قوات الاحتلال، تصدى لها القيادي الصدري حاكم الزاملي بالرفض وقال إنّ «الشعب العراقي لا يمتثل لأي جهة خارجية سواء كانت من إيران أو من السعودية أو سوريا في التمديد لبقاء القوات الأميركية». وأضاف بصراحة غير معهودة أنّ تلك الدعوة عندما «تأتي خاصة من إيران ستؤكد أنّ الحكومة العراقية تابعة لإيران، وهذه مشكلة كبيرة للكتل السياسية التي تربطها علاقة مع إيران...».ربما يكون الزاملي قد أطلق تلك التصريحات لامتصاص غضب القواعد الصدرية أو كتلته الناخبة، وهي في ضمور مستمر كما يؤكد مراقبون، وخصوصاً حين قال إنّ على العراقيين ألا ينصاعوا لأوامر إيران بإغلاق معسكر أشرف، فيما كان رئيس الجمهورية الفخري جلال طالباني يبشر القيادة الإيرانية بأنّ هذا المعسكر للمعارضين الإيرانيين سيغلق قريباً. لكنّ تلك التصريحات تؤكّد ما قيل عن خلافات في القيادة الصدرية أولاً، ولكنّها ـــــ ثانياً ـــــ لا تفسر لنا تراجع الصدر عن تهديداته برفع التجميد عن ميليشياته، إلا بربط كل هذه التطورات مع ما قيل عن صفقة أميركية ـــــ إيرانية تسمح لإيران بتطوير هيمنتها السياسية والاقتصادية على العراق، بما يجعلها أقرب إلى الاحتلال غير المباشر، مقابل أن يحصل المحتل الأميركي المنسحب جزئياً على بعض الفتات من الساحة العراقية. لم تتمكن إيران من تطويع قيادات الأحزاب الإسلامية الشيعية وأغلب القيادات الكردية فقط، بل وحتى أجزاء من الأحزاب الممثلة للعرب السنة. صحيح أنّ محاولتها في الموصل فشلت حين رفض محافظها أثيل النجيفي هدية السفير الإيراني «سيارة حديثة فاخرة»، لكنّها قد تنجح في أماكن أخرى باستعمال هدايا من نوع آخر!يمكن أيضاً، أن نربط بين «الانتصارات الإيرانية» في العراق المحتل، وبين الذعر ذي الجذور الطائفية والمذهبية في المناطق ذات الأغلبية السكانية العربية السنية. هذا الذعر المبرر الذي انفجر وبلغ درجة التهديد بالانفصال وتشكيل إقليم شبه مستقل بذريعة الإقصاء والتهميش، وهي ذريعة قوية ولا يمكن نكرانها، لم يأتِ من فراغ. إنّ بلوغ هذا السقف الأقصى في ردود الأفعال يعطينا تصوراً أوّلياً عما يمكن أن تلحقه إيران من أضرار وكوارث قد تدمر وحدة العراق الجغرافية والسياسية عبر سياسة الهيمنة والافتراس الاقتصادي والأمني، مستغلة وجود حلفائها في الأحزاب الإسلامية الشيعية الضعفاء وحكمهم المنخور بالفساد. ويقيناً ستكون هذه الأضرار الإيرانية أشد فتكاً في المستقبل المنظور بحلفاء إيران في تلك الأحزاب، لأنّها محكومة بحساسية شديدة لدى جماهيرها من التبعية لإيران، رغم الجامع المذهبي والطائفي. الأمر الذي سيحوّل هذه الأحزاب، وفي المقدمة منها حزب المالكي والتيار الصدري، إلى قوى هامشية ومنبوذة، أسوةً بما حدث لحليف إيران الأقرب المجلس الأعلى، بقيادة الحكيم في الانتخابات التشريعية الأخيرة. لن تصب تلك التطورات في مصلحة الخصم التقليدي للإسلاميين الشيعة ولإيران، أي قائمة علاوي كما قد يعتقد البعض، فالأخيرة لم تسلم من الانحرافات الطائفية الخطيرة لبعض مكوناتها والأداء الملتبس والفئوي لقيادتها، ما يجعلها ليست بعيدة عن مصير الأحزاب الإسلامية الشيعية في التشرذم والضمور، بل ستصب في مصلحة بديل وطني ديموقراطي آخر، تأخر ظهوره كثيراً.لقد احتفلت إيران بـ«انتصاراتها» في العراق، فأجّجت أكثر المشاكل تعقيداً له ولمكوناته المجتمعية، لكنّها عادت بعد يومين إلى ممارسة سياسة التصلب والترهيب، حين قطعت مياه نهر «الوند» عن محافظة ديالى التي تعاني نقصاً فادحاً. وكما هو متوقع، لم تحرك حكومة المالكي ساكناً، غير أنّ رد الفعل الشعبي كان واعداً ومتقدماً، إذْ تظاهر سكان المناطق المتضررة، وخصوصاً في ضواحي «خانقين»، وقطعوا الطريق الاستراتيجي الرابط بين العراق وإيران. أما في الجنوب فاعتقال الصياديين العراقيين والاعتداء عليهم من حرس الحدود الإيراني مستمر، وحفر الآبار النفطية في المناطق الحدودية المختلف عليها مستمر أيضاً، والنفايات والملوثات السائلة لا يكاد يتوقف تدفقها نحو الأراضي العراقية حتى يبدأ مجدداً. تلك مظاهر معلنة للهيمنة الإيرانية المتفاقمة ولسياسة التصلب والترهيب، فما بالك بما خفي واستتر!

* كاتب عراقي

الاسم الحقيقي للمنزل الذي سكنه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري هو «قصر أياس». وللقصر مالك لا يزال حياً، لكن يمنع عليه الاقتراب منه؛ فقد استولت عليه «سوليدير» من دون علمه، وأدخلته إلى «إمارة الحريري». لا الدعاوى نفعت ولا الشكاوى وصلت!

رشا أبو زكي

«بيت الوسط»، تسمية اعتاد اللبنانيون تردادها منذ انتقل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى منزله في وسط بيروت. البيت شكله مربّع، بناؤه قديم جداً، لونه أصفر، على سقفه قرميد، يشبه أحد القصور القديمة من عهد العثمانيين. السؤال الذي يتبادر إلى ذهن زائر المنزل: هل يُصَنَّف «بيت الوسط» من البيوت والعقارات التي صادرتها «سوليدير»؟ لا صعوبة إطلاقاً في الإجابة عن هذا السؤال؛ فـ«بيت الوسط» لم يرثه الحريري عن أجداده، ولا أجداد أجداده، وطبعاً لا تملكه «سوليدير» بصورة قانونية ناصعة. إنه «قصر أياس»، وهو أصل الحكاية.

ما علاقة عائلة «أياس» (البيروتية) بعائلة «الحريري» (الصيداوية)؟ أيضاً، لا حاجة إلى التفكير طويلاً؛ فالجواب هو: «لا علاقة». فقد تملّك الرئيس الراحل الحريري القصر من شركة «سوليدير»، التي هجّرت منه مالكيه الحقيقيين، حتى من دون تعويض، وقد سكنه الحريري من دون علم أصحابه! وفي «بيت الوسط»، استقبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ضيوفاً عالميين ومحليين، وأبناء بيروت أيضاً، ودعا إلى مائدته سفراء ووزراء وملوكاً ورؤساء، ويرى مالكو «البيت» أنه لو علم هؤلاء «قصة البيت» لما دخلوه، أو لربما دخلوه على رؤوس أصابعهم، لئلا يتعثروا بقصص أصحابه الذين لا يزالون أحياء وذكرياتهم ومأساتهم ويمنع عليهم حتى الاقتراب من باحة منزلهم!تبدأ الحكاية بذكريات تتقلّب مع دولاب كرسيّه، وكلما دفع نفسه خطوة إلى الأمام تتسابق إلى عقله الأفكار. يرتبك قليلاً ليعيد تنظيم عباراته. فالقصص كثيرة. والوقائع غريبة. وقلة الراغبين بسماع حقائق عن معاناة أهل بيروت مع آل الحريري تستلزم منه القليل من الجهد لاستحضار المعطيات بدقة. ورقة على الطاولة، عليها شجرة عائلة آل أياس، «ستساعدك لتعرفي كيف ورثنا القصر، ومن هم المالكون الحقيقيون لما يسمونه جوراً وظلماً بيت الوسط»، يقول قبل أن يركن كرسيّه المدولب بالقرب من الطاولة. فقد أصيبت قدمه بكسر خطير، كسر لم يلتئم منذ أكثر من شهرين بسبب الوهن الذي أصاب عظامه. فالسنوات الإحدى والسبعون لم تمر بسهولة على محمد أنيس النصولي، وخصوصاً السنوات الست الأخيرة، أي منذ عام 2005 حين قرر العودة من الكويت إلى لبنان، ليكتشف فعلة سوليدير ومالكها!إنه العقار 105، الموجود في ميناء الحصن. اسم الشارع قديماً هو «شارع فرنسا»، والعقار عبارة عن «قصر أياس». بناه محمد عثمان أياس، ولقبه «بيلار بك». لقب منحه إياه العثمانيون، ومعناه «رئيس البكوات في الشرق الأوسط»، وهو باني سوق أياس القديم في وسط بيروت كذلك. أما موقع القصر، فيعود إلى رغبة «محمد بك» في أن يكون منزله بالقرب من قصر الوالي العثماني (القصر الحكومي حالياً).وكان لـ«محمد بك» ثلاثة أولاد: محمد علي أياس، محمد خير أياس، ومحمد سعيد أياس، عاشوا كلهم في القصر حتى وفاتهم. بما أن محمد علي لم يكن لديه أولاد، انتقل إرثه إلى حنيفة أياس (ابنة محمد خير) وحصتها 75%؛ لأنها اشترت حصص أخوتها من الإرث، ومريم أياس (ابنة محمد سعيد) وحصتها 25% من الإرث. تزوجت حنيفة بأنيس النصولي، وتزوجت مريم بيوسف الداعوق، فورث محمد النصولي حصة والدته، فيما ورث خالد الداعوق حصةوالدته.تزوجت حنيفة أياس (والدة محمد النصولي) وأقامت في البيت وبقيت فيه حتى الحرب الأهلية في عام 1975، إلا أن أخاها بقي في القصر في عز الحرب الأهلية، وتوفي هناك وحيداً؛ إذ اقتحمت قوة من الميليشيات القصر ورمته من الشرفة، وسرقت محتويات القصر التي تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات. لم يصب القصر بأضرار خلال الحرب، ومع بدء «أوجيه لبنان» المملوكة لآل الحريري ورشة الإعمار، ومن ثم إنشاء «سوليدير»، لم يدخل القصر ضمن مخطط الأخيرة، فما الذي حدث إذاً؟ابتسامة هازئة تغيّر ملامح محمد النصولي. يشرح أنه في التسعينيات هدم «أحدهم» سقف القصر، وجزءاً من سوق أياس، وعملوا على إصدار قانون جديد ضموا فيه القصر إلى مخطط المنطقة «التي استولت عليها شركة سوليدير عام 1995». لم يكن النصولي يعلم شيئاً عن هذه الأحداث، فقد كان في الخليج منذ عام 1964، وكل ما كان يعرفه أن القصر نُهب وأن خاله رُمي من الشرفة. لم يخطر بباله أن أحداً سيصادر قصر العائلة. هدم السقف وضم القصر وترميمه وامتلاك الحريري له وتحويله إلى منزل، كل هذه التطورات كانت تحدث من دون علم أيّ من مالكي قصر أياس!في عام 2003 كتب النصولي في إحدى الجرائد موضوعاً عن جرف الرئيس رفيق الحريري مقبرة «السنطية»، وهي مقبرة مخصصة للعائلات البيروتية منذ آلاف السنين، وتضمن الموضوع الذي حمل عنوان «اطردوا سارقي الهيكل» انتقادات للحريري ولشركة «سوليدير» تتعلق بالسيطرة على بيروت القديمة. الموضوع الذي أزعج رئيس الحكومة الراحل تحوّل إلى مادة لإقلاق النصولي؛ إذ يؤكد أن «الحريري طلب من بعض مصارف الخليج والمصارف اللبنانية التي يمون عليها الامتناع عن إعطائي بطاقات ائتمان». أدى ذلك إلى خروج النصولي من العمل التجاري، وسلّم أولاده الشركات... هذه «الحرب التجارية» دفعته إلى المجيء إلى لبنان في عام 2005، وحين حاول الاقتراب من قصره، منع من الوصول إليه. «قالوا لي: هذا منزل الرئيس! أي رئيس؟ أنا المالك! أنا صاحب القصر!». ينفعل النصولي بيأس. حينها رفع دعوى قضائية على «سوليدير»، وعيّن عدداً من المحامين لمساعدته في استرجاع قصر أجداده، إلا أن أيّ حكم لم يصدر حتى الآن! «لا يملكون ورقة واحدة تعطيهم حق الاستحواذ على المنزل» يقول النصولي. يؤكد: «ولا ورقة! يستقبل ويودع في منزلي!».يظهر الإرهاق جلياً على وجه النصولي، الذي انتقل، منذ أن كسرت قدمه، إلى منزل ابنه الذي يطلّ على «قصر أياس» أو ما يعرف حالياً بـ«بيت الوسط». من الشرفة تستطيع أن ترى القصر القديم، الطبقتين العلويتين، القرميد، والمباني التي تحيطه من كل الجهات. ينظر النصولي إلى بيته القديم بحسرة، يراقبه يومياً، تعود إليه ذكريات كثيرة، الغرفة التي مكث فيها لسنوات، النوافذ التي كانت تطل على حرش كبير، إخوته، والدته. «أنزعج كثيراً حين أراه يستقبل الرؤساء وجميع الناس في منزلي ويودعهم. أنزعج وأشعر بالظلم الكبير. كيف يمكن أحداً أن يتحمل فكرة أنه لا يستطيع أن يرى منزله، حيث عاش مع أهله وحيث تركة الأجداد، سوى عبر التلفاز؟ لا بل إن أحداً آخر يسكن منزله ويستخدمه كأنه مالك له!».تذوب عينا النصولي في وجهه، كف يده ترجع من الأمام إلى الوراء، كمن يحاول الانتقال من الحاضر إلى الماضي. تتوقف يده في الهواء ويستسلم قائلاً: «مرّت فترة طويلة، تخونني ذاكرتي، هذا بيتي، بيت أمي وجدي ووالد جدي، نسيت الكثير من التفاصيل، فقد كبرت». يخرج صوراً عن «القصر المخطوف»، ويشرح: «يتألف من أربع طبقات، كل طبقة فيها 10 غرف نوم و4 صالونات، وتصل مساحة الطابق إلى نحو 1700 متر. أما تحت القصر فيمتد سرداب موصول إلى البحر، وكانت السلطة العثمانية تستخدم هذا السرداب بعد إفراغ البواخر لإدخال الذهب والبضائع الغالية الثمن إلى بيروت، وذلك خوفاً من عمليات السرقة».لا تستمر الرحلة إلى الماضي طويلاً. النصولي متعب. يرهقه «لبنانهم». يهرب من جور القضاء وقوى «الأمر الواقع» إلى صفحات الجرائد. يكتب بعضاً من قلقه، بعضاً من غضبه، غضب ليس فقط على من استحوذ على ماض وإرث يفخر به، بل «على حاضر ومستقبل ناس لا يزالون يؤمنون بأن الحريري يمثلهم». يأخذ النصولي من مقالة كتبها في 23/7/2009 عبارة يقول إنها تعبّر عن كل ما يجول في خاطره: «مما لا يحيّر نظراً لتدني مستوى الأخلاق أمام سطوة المال وسلطانه أن يقوم الإعلام الموبوء المأجور والمشترى، وهو المصرّ على التراث والمحافظة عليه، بالتطبيل والتزمير «لبيت الوسط» وهو يعلم أنه قصر أياس وأنه أخذ ظلماً وعدواناً»، ولكن «دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة». يسكت نصولي، يجرّ نفسه إلى مكان يطل مباشرة على «قصر أياس»، يطلب أن نأخذ له صورة مع قصر أجداده. يقول إن هذا حقه، ولن يضيع. واثق هو، مبتسم، وقصره يمتد خلفه. ساكن القصر الآن، ينتظر ضجيج الكون، وبين جدرانه تعجّ ذكريات أصحابه، سكانه الأصليين الذين شردوا بعدما اكتشف «البيض» مستعمرة جديدة، مستعمرة كان اسمها وسط بيروت فأصبح «منطقة سوليدير».طبعاً، لا تتوقف عمليات الاستيلاء على بيت الوسط؛ فإذا أراد المتابع العودة إلى الحقوق، وجد أن أهالي بيروت هجروا تهجيراً من وسط بيروت، أو ما أصبح يطلق عليه اسم «منطقة سوليدير». لكن ثمة بعض الممتلكات أو الرموز البيروتية التي دخلت ضمن «جمهورية سوليدير» أو استولى عليها المنتفعون (وهم كثر)، ومن هذه المعالم أو الرموز ما يعرف بمقبرة السنطية. فهذه المقبرة هي للعائلات البيروتية، كانت قائمة منذ عام 1453، وكانت فيها آلاف المقابر العائدة لعشرات العائلات البيروتية من آل الداعوق وقرنفل ونصولي والشيخ وفتح الله وأياس. ويقول محمد النصولي إنه في عام 1982 «حين دخل الحريري الأب إلى بيروت لتنظيفها بعد الاجتياح، جرف مقبرة «السنطية»، علماً بأنها لم تكن ضمن مخطط «سوليدير»، ووضع الردم، أي جثث أهالي بيروت في البيال». ويشير النصولي إلى أن «مؤسسة المقاصد الإسلامية باعت المقبرة، وهي العقار 128 ميناء الحصن لشركة سوليدير عام 1994 بما يوازي 869 ألف سهم، رغم أنها مال موقوف. في حين أن بعض موظفي المقاصد باعوا رخام القبور، وكل ذلك بعلم المفتي محمد رشيد قباني، الذي أصبح مفتياً بعد أن قبل بهذا الموضوع. وبعد أن بدأت شركة «ميد غلف» بتشييد مبنى لها على جزء من المقبرة، ذهب وفد من العائلات البيروتية الى المفتي واستنكروا ما يحدث، وتحت الضغط، أوقفت عمليات التشييد على ما بقي من المقبرة، وأصبحت المقبرة تحت سلطة بلدية بيروت (رغم المطالب التي رفضت هذه الوصاية، مشيرة إلى أن المقبرة هي ملك لأهل بيروت، وليس للبلدية أي مصلحة فيها). والآن من يمر من قرب المقبرة، سيجد سوراً كبيراً يلفها، ولافتة كتب عليها: «هنا كانت مقبرة السنطية!».بالطبع، قضية بيت الوسط أو قصر أياس لا تزال قائمة، وكذلك قضايا أكثر من 1600 عقار استولت عليها شركة سوليدير في منطقة وسط بيروت. يضحك أحد المتابعين للقضية بخبث ويسأل: «لكي يحل ملوك الميليشيات قضية المهجرين، أنشأوا صندوقاً وأداروه بأنفسهم، فأهدروا آلاف مليارات الليرات ولم يعد المهجرون. فما بالكم بمن هجروا من وسط بيروت؟ لا صندوق سيعيد إليهم حقوقهم، ولا مسؤول سيرفع قضيتهم... ففي السرقات الكبرى يسكت الجميع، لأن الجميع مشتركون بالجريمة».

قصص تخبو بين جدران «البيت»

أُنشئت شركة «سوليدير» وفق القانون رقم117/91 الصادر في عام 1991. وعقدت الجمعية التأسيسية للشركة في أيار من عام 1994، ومنذ ذلك الحين عملت «سوليدير» على «تملك» أملاك المواطنين في وسط بيروت، من خلال إجبارهم على بيع أملاكهم وفق لجان للتخمين، والتخمينات قدرت سعر المتر المربع من الأرض بنحو 1500 دولار، فيما سعره في ذلك الحين كان يصل إلى 3500 دولار ويزيد، بحسب المنطقة العقارية، فيما حددت اللجان سعر المتر المبني بنحو 100 دولار، على الرغم من أن السعر كان يتعدى 400 دولار، وعلى هذه الأسس عُوِّض على أصحاب العقارات، فيما التجار وأصحاب المحال حصلوا على نصيبهم من هذه العملية. فإذا بهم يبيعون محالهم لـ«سوليدير»، ومن ثم يدفعون نسبة من السعر الجديد للمحال الذي فرضته «سوليدير»، وبدلاً من أن يعودوا إلى ما أصبح ملكهم، أجرت «سوليدير» هذه المحال من دون الأخذ بالاعتبار أنها أعطت وعوداً بالبيع لأشخاص ينتظرون الانتهاء من ترميم محالهم لإعادة افتتاحها.

استيلاء وإفقار

كتب محمد أنيس النصولي نهاية العام الماضي مقالاً جاء فيه: «قصرهم الذي يقيمون فيه أخذ عنوة، كما الأسواق والتجارة، من العائلات البيروتية الأصيلة التي بنت بيروت بالعمل الجاد والحرص ومخافة الله. كل هذا عن طريق قضاة وسلطة تشريعية طغت عليها الرشاوى وقوانين جائرة. فاستولوا على قلب بيروت التجاري وأفقروا أصحابه الأصليين وهم يبيعونه بأغلى الأثمان. فكان ذلك أكبر ضرب استيلاء على الأملاك الخاصة عرفه تاريخ الشرق الأوسط. لم يكتفوا بـ«سوليدير»، بل زادوا عليها عقود سوكلين لتكبّل بلديات لبنان بأغلى الأسعار لمساعدتهم على التخلص من نفاياتهم على أن يعود كلّ ما يتعلق بسوكلين وتوابعها إلى جيوبهم الخاصة، وإذا رفض أن تجدد العقود هددونا بالنفايات، التي ستطمرنا».

قدّمت فرنسا أول من أمس نفسها دولة «راعية للحرية». مشهد الرهائن الأستونيين السبعة يلوّحون بقبضاتهم من شباك السفارة مؤثر فعلاً. لكنّ مشهداً آخر أمام قصر الصنوبر كان يعيد تركيب الصورة بطريقة أخرى

بسام القنطار

عشرات اختاروا الوقوف لثلاث ساعات متواصلة أمام قصر الصنوبر في بيروت مسمعين صوت أسير الحرية في سجن لانميزون الفرنسي، جورج عبد الله. المئات الذين اصطفوا منتظرين دورهم للدخول الى القصر الذي أعلنت منه «دولة لبنان الكبير» للمشاركة في حفل «14 تموز» الذي أقامه السفير داني بييتون، كانوا يرمقون الواقفين في الجهة المقابلة بنظرات دهشة من يفاجأ بأن هناك في لبنان من يشتم «الأم الحنون» فرنسا. هناك على الرصيف المقابل للقصر، كان موريس شقيق جورج عبد الله يصرخ بأعلى صوته ويردّد وراءه الجمع الآتي من بلدة القبيات والقرى المجاورة لها في قضاء عكار. «فرنسا الأم الحنونة. قال إلها علينا مونة. تنريحها بإسرائيل. ومع أمريكا تعمل Deal. جورج عبد الله بالحبس الإفراج عنو مستحيل».

يتقدم وفد كبير من ضباط وأفراد الفرقة الفرنسية في اليونيفيل، فتغيّر حناجر المعتصمين الموجة الى اللغة الفرنسية «Liberté Georges Abdallah». وسرعان ما يرجع الهتاف الى الموجة العربية «جورج عبد الله مسجون. لا تبرير ولا قانون. هيدي دولة ساركوزي».قضاة ورجال دين وسياسيون ونواب ووزراء، جميعهم دخلوا القصر على وقع هتاف الحرية للرئيس السابق لـ«الفصائل الثورية المسلحة اللبنانية» المعتقل منذ عام 1984 في فرنسا بتهمة التآمر لاغتيال دبلوماسيين اثنين في باريس عام 1982، هما الاميركي تشارلز روبرت داي والاسرائيلي جاكوب بارسيمانتوف.الهتاف لم يوفر قضايا الفساد في فرنسا التي تثير ضجة كبيرة هذه الأيام، «من فرنسا الفضايح. عم بتفح الروايح. بالضرايب فضايح. بالعدلية فضايح. بالتنصت فضايح بالأخلاق فضايح. الفساد بفرنسا طايح. بالتمويل السياسي. وبحملات الرئاسة. فضايح عا فضايح».كذلك لم يوفر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يخوض حملة للإفراج عن الجندي الاسرائيلي المحتجز في غزة جلعاد شاليط، على اعتبار أنه يحمل الجنسية الفرنسية. «فرنسا وحقوق الانسان حكي فاضي من زمان. القانون بفرنسا تجليط ما بهمّا غير شاليط. جورج عبد الله بالسجن خدمة للصهيونية. خدمة للأمريكية».الناشطة في الحملة الدولية للإفراج عن جورج عبد الله، أمل نجار، تلت مذكرة باسم المعتصمين انتقدت فيها الرئيس ساركوزي الذي يرفض اعتبار آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وبينهم الفرنسي ـــــ الفلسطيني صلاح الحموري، أسرى سياسيين، كذلك يرفض الإفراج عن جورج عبد الله وهو حق يعطيه إياه القانون الفرنسي».الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة شارك المعتصمين في وقفتهم ، وقال لـ«الأخبار»: «هذا العام كما العام الماضي، سوف أصافح السفير الفرنسي وأقول له إنني كنت معتصماً في الخارج قبل أن أدخل الى قصر الصنوبر. ونحن سعينا مع رفاقنا النواب عن الحزب الشيوعي الفرنسي لتقديم استجواب جديد الى وزارة العدل الفرنسية، لأنه لا يجوز السكوت عن الظلم المتمادي اللاحق بجورج عبد الله».وتحدث جوزف، شقيق جورج عبد الله، قائلاً: «نحتفل اليوم معتصمين أمام قصر الصنوبر لنضع اللبنانيين المجنسين أمام مسؤولياتهم في التضامن مع الأسير جورج عبد الله. فهذا التضامن يعبّر عن احترامهم لأنفسهم كلبنانيين وكفرنسيين. نحن لا نطلب منهم تأييد جورج عبد الله في ما نُسب إليه، وإن كان هناك وزراء فرنسيون يعتبرونه مقاوماً قام بواجبه الوطني، ولكننا نطلب منهم، كلبنانيين وكفرنسيين معاً، المطالبة بتطبيق القانون الفرنسي الذي يقضي بإطلاق سراحه. وهذا في تقديرنا واجب عليهم تجاه الأسير وذويه والمتضامنين معه». وختم: «نحتفل اليوم لنكرر مطالبتنا للمسؤولين اللبنانيين بأداء دورهم تجاه مواطن لبناني دافع عن بلده في وجه الغزو الصهيوني بمباركة أميركية وفرنسية. بالطبع مطلبنا هذا كررناه مراراً دون جدوى. ولكننا سنستمر بالمطالبة، وسنستمر بأن نطلب منهم موقفاً علنياً ورسمياً. أما التهرب من الرد على مطالبنا وفق القوانين المرعية اللبنانية، فهذا يعني أن السلطات اللبنانية تجعلنا رغماً عنّا خارجين عن القانون».

الأكثر قراءة