Hiba Awar

Hiba Awar

بعد 113 يوماً على اختطافهم، انتهت مأساة الأستونيين السبعة الذين اختطفوا في البقاع. وكما يوم الاختطاف، كذلك يوم الإفراج. غموض تام، وغياب للدولة اللبنانية، من دون أن يفهم أحد ما يجري. ولئن كان الشهود العيان قد وصفوا ما جرى يوم الاختطاف، فإن عملية التحرير صباح أمس جرت بلا شهود لبنانيين. وحدهم الأوروبيون: فاوضوا ودفعوا الثمن، وحرروا مواطنيهم

عفيف دياب

أخيراً، نجحت الاستخبارات الفرنسية في الوصول إلى نهاية سعيدة للدراجين الأستونيين السبعة الذين اختطفوا في 23 آذار الماضي، قرب مدينة زحلة في البقاع، بعد اجتيازهم بنصف ساعة فقط نقطة المصنع الحدودية، قادمين من سوريا الى لبنان على دراجات هوائية.

فالمفاوضات السرية الشاقة (راجع «الأخبار»، عدد 20 أيار 2011) التي تمت مع الخاطفين منذ شهر أيار الماضي حتى أمس، نجحت في تسجيل أكثر من خرق إيجابي لمصلحة فرنسا على حساب لبنان وأجهزته الأمنية، أفضت إلى إطلاق سراح الأستونيين السبعة من دون معرفة الثمن الذي «نقدته» فرنسا، ومن خلفها أستونيا ولبنان، في مقابل الإفراج عن الأوروبيين السبعة الذين تركوا في سهل قرية الطيبة (جنوب بعلبك) قبل ساعات من بدء الجيش اللبناني مناورات عسكرية في «حقل الطيبة». وقالت معلومات أمنية لـ«الأخبار» إن 4 سيارات ذات دفع رباعي تابعة للسفارة الفرنسية تولت فجر أمس عملية نقل الأستونيين السبعة الى بيروت. وسلك الموكب «الدبلوماسي ـــ الأمني» الفرنسي طريق الطيبة ـــ بريتال ـــ شتورة ـــ ضهر البيدر، من دون لفت انتباه حتى الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية العاملة في سهل البقاع، التي فوجئت بعملية الإفراج عن الأستونيين السبعة وعلمت به من خلال وسائل الإعلام. وأحدث ذلك بلبلة في صفوف الضباط اللبنانيين، نتيجة استيقاظهم على حدث أمني جرى قرب أسرّتهم، من دون «حسّ أو خبر». وسريعاً، بدأ تبادل الاتهامات بشأن التقصير الأمني في فشلهم بإطلاق سراح الأستونيين السبعة أولاً، وبشأن العملية الأمنية الفرنسية ثانياً في عقر مربعاتهم الأمنية التي تخرق بين الحين والآخر، إن كان من لصوص السيارات وتجار المخدرات والممنوعات، أو من أجهزة أمنية أجنبية حتى لو كانت صديقة. فالتقصير الأمني اللبناني على مختلف المستويات والأجهزة المتعددة أصبح بعد نجاح الاستخبارات الفرنسية في إدارة مفاوضات طيلة أشهر وتحرير 7 أجانب أوروبيين، تحت خانة «المساءلة» عن أسباب التقصير. وقالت معلومات أمنية خاصة بـ«الأخبار» إن الاستخبارات الفرنسية أدارت عملية الإفراج عن السبعة من «الألف إلى الياء». وأوضحت المعلومات الخاصة بـ«الأخبار» أن الخاطفين اشترطوا لإيصال عملية إفراجهم عن الأستونيين السبعة، منع أي جهاز أمني لبناني من الدخول على خط المفاوضات المباشرة التي جرت في منزل محايد، قرب بلدة عرسال البقاعية، عبر وسيط لم تحدد هويته أو جنسيته، كان ينقل الرسائل والشروط المتبادلة بين الطرفين، ومنها شريط فيديو لم يبث يظهر السبعة بصحة جيدة. وكشفت المعلومات أن الخاطفين أصرّوا منذ بداية المفاوضات على ترك حرية اختيارهم لزمان الإفراج عن الدراجين السبعة ومكانه، وأن الجانب الأمني الفرنسي وافق على هذا الشرط، بعدما وصلت المفاوضات السرية الى خواتيمها السعيدة التي ترضي الطرفين قبل أيام. وتابعت المعلومات إن الخاطفين حددوا شتورة أو عرسال كمكانين محتملين لإطلاق سراح المخطوفين، من دون تحديد الزمان بدقة، إلى أن أبلغت الجهة المفاوضة عند الخامسة صباحاً (أمس) بأن الأستونيين في سهل بلدة الطيبة. وكشفت المعلومات أن الجانب الفرنسي كان يراهن خلال فترة المفاوضات الشاقة على عامل الوقت و«أطال عمداً عملية التفاوض لإرهاق الخاطفين والتقليل من قيمة شروطهم التي كانت تعجيزية في البداية، وبدأت بالتراجع لاحقاً». ورفضت المعلومات الأمنية الحديث عن «فدية» مالية دفعت في مقابل الإفراج عن الأستونيين السبعة، مكتفية بالقول: «لا معلومات لدينا عن أموال دفعت. لكن سمعنا أن الخاطفين طلبوا مبلغاً مالياً كبيراً (14 مليون دولار)، لكن لبنان لم يدفع قرشاً واحداً، ولا نملك معلومات عما إذا كانت أستونيا أو فرنسا قد دفعتا الأموال، في مقابل الإفراج عن الرهائن». ونفى المصدر الأمني علمه بوجود «أي دور سوري» في عملية الإفراج عن السبعة، وقال: «لا معلومات لدينا أن الاستخبارات السورية قد ساهمت في عملية الإفراج بشكل أو بآخر، لكن الجهات الفرنسية والأستونية كانت قد أجرت اتصالات سياسية وأمنية مع الجانب السوري، ولم نعلم صراحة بما أفضت إليه هذه الاتصالات التي كانت بعيدة عن الأضواء، ولا نخفي أننا بدورنا أجرينا اتصالات مع السوريين الذين نفوا علمهم بوجود الأشخاص السبعة على أراضيهم أو حتى في مواقع فلسطينية على الحدود المشتركة بيننا». وعن اللغز في تحديد مكان إطلاق سراح الرهائن بعدما كان العمل الأمني منصبّاً على البقاعين الأوسط والغربي، وخصوصاً في مجدل عنجر ومنطقتها، قال المصدر الأمني إن «مكان إطلاق سراح الأستونيين حُدد فجأة للفرنسيين الذين كانوا في البقاع بعد اتفاق مسبق على موعد الإفراج. أما كيف نقل السبعة من مكان احتجازهم الى منطقة الطيبة، فلا معلومات لدينا». ويقول المصدر: «يوم عملية الاختطاف، شاهد أحد رجال الأمن اللبنانيين موكب سيارات جيب مدنية تعبر مسرعة طريق الدلهمية ـــ حوش حالا ـــ رياق، وحين وصل الى مكان عملية الخطف قرب المدينة الصناعية، ربط بين المشهدين. لكن المعلومات الميدانية كانت تقول لنا إن موكب الخاطفين اتجه من مكان الخطف نحو منطقة مجدل عنجر، وقد عثرنا على أدلة وأوقفنا 3 أشخاص على علاقة بالعملية». وتابع: «لا أخفي أن الخاطفين قد نجحوا في تضليلنا. تركز بحثنا الأمني في مجدل عنجر والبقاع الغربي، حيث توصلنا الى خيوط عدة انقطعت كلها عند رأس مجموعة التنفيذ، وائل ع. وقد استطاعوا نقل السبعة من دون إثارة أمنية وبسلاسة». السياسيون مبتهجون وكما في الأمن، كذلك في الأوساط السياسية، أحدث تحرير الأستونيين صدمة. وسرعان ما بدأ السياسيون اللبنانيون، على جري عادتهم، التهليل لـ«الإنجاز» الذي حقق، فيما استغل البعض ما جرى للتصويب على طرف سياسي. وزير الداخلية مروان شربل، انتقل إلى السفارة الفرنسية حيث التقى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. ورأى شربل أن الإفراج عن الأستونيين السبعة «انتصار للدولة والشعب اللبناني»، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية الرسمية تابعت هذا الملف «في عهد الحكومة السابقة والحالية، فأدّت القوى الأمنية دوراً مهماً جداً». وشدد على أنه «لم نعرف بعد من وراء خطف الأستونيين»، مشيراً إلى أنّ «النيابة العامة ستقوم بالتحقيقات، وبالتالي سنعرف كل التفاصيل». وذكر الوزير أنّ قوى الأمن الداخلي «ألقت القبض على تسعة أشخاص، من بينهم لبنانيون، إضافة إلى جنسيات أخرى، وسنترك الأمر للتحقيق»، مؤكداً مشاركة الأجهزة الأمنية اللبنانية «من بعيد»، في عملية الإفراج عن الرهائن «حتى لا تتعرقل الأمور، ونحن نملك كل المعلومات، وستظهر النتائج في وقت لاحق»، مضيفاً إنه «سنجري التحقيقات مع الرهائن لجلاء كل الأمور المتعلقة بخطفهم». وعن الموقوفين، لفت شربل إلى أن «قوى الأمن الداخلي ألقت القبض على سبعة أشخاص بعد مرور 24 ساعة على الخطف، وأصبحوا تسعة بعد المتابعة»، مشيراً إلى التنسيق بين المؤسسات الأمنية، ومشيداً بفرع المعلومات الذي «كان له الدور الأكبر في الإفراج عن الأستونيين». وسئل شربل عن دور السفارة الفرنسية، فأوضح شربل أنه ليس للدولة الأستونية سفارة في بيروت «ولذلك، وبما أنها في الاتحاد الأوروبي أصبح من واجب كل الدول التي هي في الاتحاد الاهتمام، والسفارة الفرنسية تابعت الموضوع مع قوى الأمن الداخلي، واستمر هذا التنسيق مع الشرطة الأستونية حتى توصلنا الى هذه النتيجة». وقال شربل إن الخاطفين «تقريباً هم عصابة منظمة، وأنا لن أتكلم قبل التحقيق معهم، فالمدعي العام سيأخذ إفاداتهم»، شاكراً الدولة الفرنسية على «النشاط والجهود المبذولة التي قامت بها». وفي سياق متّصل، تابع أمس رئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، عملية الإفراج عن الأستونيين واطّلع من قادة الأجهزة الأمنية على تقارير تفصيلية عن وضعهم ونقلهم الى بيروت. كما اطّلع من السفير الفرنسي دوني بييتون على الجهود الفرنسية في هذا الإطار. وتلقى الرئيس ميقاتي اتصالاً من وزير خارجية أستونيا، أورماس بات، تشاورا في خلاله في الموضوع، وجرى الاتفاق على عقد اجتماع في السرايا الحكومية فور وصول الوزير الأستوني الى لبنان ليل أمس. من جهة أخرى، عبّر وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، عن سروره للإفراج عن الرهائن الأستونيين، مذكراً بأن «فرنسا بذلت كلّ الجهود الممكنة للمساهمة في ذلك نظراً إلى أن أستونيا ليس لديها سفارة في بيروت». وأشار جوبيه في بيان صادر عن الخارجية الفرنسية الى أنّ «الأستونيين وصلوا هذا الصباح إلى مقر السفير الفرنسي في بيروت وأصبحوا الآن في مكان آمن، وسينضم إليهم خلال النهار وزير الخارجية الأستوني»، موضحاً أنه «منذ عملية الخطف، كنت على اتصال دائم مع نظيري الأستوني، أورماس بايت، لتأكيد دعم فرنسا الكامل لأستونيا في هذه المحنة، ولقد أكّدت له أننا سنبذل كل ما بوسعنا لمساعدة أصدقائنا الأستونيين لكي يتمكن مواطنوهم السبعة من استعادة الحرية سريعاً». وأشاد جوبيه بجهود «كل الذين ساهموا في هذه النهاية السعيدة، وخصوصاً السلطات اللبنانية». كذلك أشار السفير الفرنسي في بيروت، دوني بييتون، إلى أنّ «عملية الإفراج جاءت نتيجة التحقيقات التي جرت»، لافتاً إلى أنه «منذ وقوع عملية الخطف، تحركت فرنسا كما كل الدول الشريكة والصديقة الأخرى لأستونيا، من أجل توفير الدعم الدبلوماسي واللوجستي، إذ إنها مسألة أستونية ـــ لبنانية، ونحن سعداء لأننا استطعنا المساهمة من جهتنا في هذه العملية الإيجابية لإطلاق سراح هؤلاء، لكنني أكرر أنها مسألة أستونية ـــ لبنانية». وأكد بييتون أنّ «الأستونيين المفرج عنهم يرتاحون في السفارة الفرنسية، بانتظار عودتهم الى بلدهم بأسرع وقت ممكن، وأعتقد أنهم بصحة جيدة». من جهة أخرى، أكد وزير العدل، شكيب قرطباوي، أنّ «قضية خطف الأستونيين لم تنته بعد بالنسبة إلى القضاء»، مشيراً إلى أنه لن يكون هناك «عفى الله عما مضى، والتحقيق سيكون جدياً في الموضوع». وعلّق عضو المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي، على إطلاق الرهائن الأستونيين باعتباره «خطوة إيجابية وجيدة»، مؤكداً أنّ الحزب «ضد الممارسات والأعمال التي تعرض لبنان لأزمات وتشوّه صورته في الخارج، وتؤثر على استقرار لبنان ومصلحته وأمنه». أما عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، النائب الأسبق مصطفى علوش، فقد رأى أنّ عملية تسليم الأستونيين جرت «ضمن أسلوب سوري إيراني»، لافتاً الى أن هذا الأمر يشير الى العودة لاستخدام ملف الإرهاب للضغط في السياسة.

حسن عليقللمرة الأولى، منذ زمن، يتفق الأمنيون اللبنانيون على جملة واحدة: «لا نعرف». لا تنافس بين استخبارات الجيش وفرع المعلومات. ولا تسعى المديرية العامة لأمن الدولة إلى حشر أنفها في ملف لا طاقة لها على الدخول في تفاصيله، ولا المديرية العامة للأمن العام تكرر معلوماتها «البايتة». كلهم كانوا سواء. لا أحد يدري بما يجري.عند السابعة من صباح أمس، اتصل أمنيون فرنسيون بنظراء لبنانيين لهم، ليبلغوهم بأن قضية الأستونيين «ستنتهي اليوم» (أمس). وبعد نصف ساعة، ورد الاتصال الثاني: عثرنا عليهم. بعد ذلك بنحو ساعة: صاروا في السفارة. الاتصالات جرت من باب أخذ العلم لا أكثر. لكن الأمنيين اللبنانيين يزيدون من حجم الفضيحة، إذ يؤكدون أن أي موكب للسفارة الفرنسية لم يُرصَد بعد الاتصال الأول. واستنتجوا من ذلك أن الأستونيين كانوا قد وصلوا إلى قصر الصنوبر، منذ ما قبل الساعة السابعة صباحاً. فالفرنسيون والأستونيّون لا يثقون بالأجهزة الأمنية اللبنانية. رأوها بأمّ العين تتصارع طوال الأشهر الأربعة الماضية، على ملف الأستونيين. كانت الدوريات تتصادم في البقاع خلال المداهمات. وإذا نصب أحد الأجهزة الأمنية كميناً للمشتبه فيهم، دهمته دورية من جهاز آخر. وأكثر من ذلك، كان مسؤولون فرنسيون وأستونيون يسمعون من ضباط لبنانيين تشهيراً بزملاء لهم في الأجهزة الأخرى. الخلاصة أن «الشرشحة» وصلت إلى ذروتها أمام «الاجانب». وهؤلاء الأجانب كانوا أسياد الساحة أمس. لا سيادة في لبنان أمام حياة أوروبي واحد. فكيف إذا كانوا سبعة؟وزير الخارجية الأستوني أوماس باييت، كان شديد الصراحة في تصريحه للمؤسسة اللبنانية للإرسال. صراحته لم تكن في المعلومات التي كشفها، بقدر ما هي تكمن في إغفاله لذكر السلطات اللبنانية، عندما عدّد من ساعدوا بلاده في الإفراج عن مواطنيه. قال إن العملية تمّت «بمساعدة فرنسية وألمانية وتركية مع جهات أخرى».«لا نعرف شيئاً، ولا غيرنا يعرف». عبارة رددها ضباط من قوى الأمن الداخلي ومن استخبارات الجيش بصراحة تامة. معلومات الضباط كانت متقاطعة ودقيقة، مفادها أن الفرنسيين والأستونيين تفاوضوا مع الخاطفين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في غفلة من الأجهزة الأمنية اللبنانية. كان الضباط الأستونيون، وزملاؤهم الفرنسيون الذين يفتحون لهم أبواب ثكن الأمن والجيش، يصولون ويجولون في لبنان. ومن بيروت ينتقلون إلى دمشق. لكنهم، وكعاملين في الأجهزة المحترفة، لم يكونوا يزوّدون الأجهزة الأمنية اللبنانية سوى بفتات المعلومات، بهدف تحصيل معلومات إضافية من الطرف اللبناني لا أكثر.التحفظ الأستوني تواصل يوم أمس. بدأ منذ ساعات الصباح الأولى: موعد تسلم المخطوفين كان سرياً، وكذلك المكان ووسيلة الاتصال بالخاطفين وهوياتهم. وعندما سأل الطرف اللبناني عن المزيد، لم تكن الإجابة سوى بالمزيد من الكتمان، والكذب أحياناً في سبيل الحفاظ على سرية العملية. فأحد المراجع الأمنية اللبنانية تلقى من الفرنسيين والأستونيين إجابة مفادها بأن المعلومات عن مكان وجود المخطوفين وساعة تسلمهم كانت تصل تباعاً من أعلى المراجع الأمنية في العاصمة الأستونية. وعندما ألحّ آخر لمعرفة التفاصيل، قيل له إن الخاطفين اشترطوا أن تكون الأجهزة الأمنية اللبنانية بعيدة عن الملف. وحين حاول ضابط لبناني أخذ معلومات من أحد أصدقائه الفرنسيين، أتاه الجواب أن دور السفارة الفرنسية اقتصر على تأمين موكب السيارات التي تحمل لوحات دبلوماسية للأمنيين الأستونيين لا أكثر.أبعد من ذلك، عندما طلبت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي حضور المخطوفين إلى مقرّها العام في الأشرفية، رفضت السفارة الفرنسية ذلك. حتى إن السفارة الفرنسية رفضت أن يخضع الأستونيون لاستجواب الشرطة اللبنانية، سامحةً وحسب لقاضي التحقيق فادي صوان بالاستماع إلى إفاداتهم. وصوان كان قبل ظهر أمس يسأل عن صحة المعلومات التي تتداولها وسائل الإعلام عن تحرير المخطوفين، وكذلك فعل القضاة المعنيون بالملف، من دون أن يضعهم أحد بصورة ما يحصل. فالأستونيون والفرنسيون تصرفوا كما لو أنهم نيابة عامة وضابطتها العدلية في آن معاً، ولم يجدوا سبباً مقنعاً يدفعهم إلى إبلاغ القضاء اللبناني بغزوتهم البقاعية.وعندما أراد وزير الداخلية مروان شربل نسبة إنجاز لطرف لبناني، جرى الاستناد إلى التوقيفات التي أجراها فرع المعلومات قبل أكثر من ثلاثة أشهر، والتي شملت عدداً من المشتبه في مشاركتهم في عملية الاختطاف. فلا توقيفات جديدة. ولا فرع المعلومات كان يعرف ما يعدّ له الفرنسيون والأستونيون. وطوال يوم أمس، كانت قيادة قوى الأمن الداخلي معنية بسؤال وحيد: كيف سينظر المسؤولون اللبنانيون في عيون أبناء المؤهل راشد صبري، الذي قضى قتلاً في بلدته مجدل عنجر، خلال عمله على جمع معلومات عن الأستونيين المختطفين؟

جعفر العطار

كان المشاركون في مسيرة «حملة إسقاط النظام الطائفي ورموزه» يجهّزون لافتات المسيرة، صباح أمس، عندما رفع رجل خمسيني لافتة تقول «الشعب يريد إسقاط الأسعار» بيده اليمنى، ورغيف خبز بيده اليسرى. تحاكي اللافتة، التي تبدو للوهلة الأولى أشبه بمعلّقة من المعلّقات الغابرة، سخط الرجل على تردي الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار، ويشن كاتبها هجوماً على «لصوص البلد»، في نسق متسلسل: الديون المتراكمة على كاهل المواطن، غلاء أسعار المحروقات واللحوم، انتشار البطالة، اليأس من الشكوى. وفيما كان الرجل يهمّ بالانطلاق من أمام مركز «الضمان الاجتماعي» في وطى المصيطبة، بعد ساعة من الموعد الذي تم تأجيله بانتظار توافد أعداد أكبر من المشاركين، رفع المتظاهرون لافتات بعناوين عريضة، خبرية، تنادي بإسقاط النظام الطائفي ورموزه، وتعرّف عن حامليها بأنهم «نحن نبني مجتمعاً أفضل»، وتطالب بمحاكمة الطبقة الحاكمة. حمل المشاركون، أمس، أحلامهم وأفكارهم في لافتات كرتونية، سارت معهم من مركز «الضمان الاجتماعي» الرئيسي، إلى وزارة التربية، فشارع مار الياس، ووصولاً إلى شارع المصارف قبالة مجلس النواب. ساروا في خط عمودي، أشبه بشجرة اعتادت أن تحمل أغصانها. في المسيرات الأربع التي سبقتها، كان للشجرة أوراق أكثر من أوراق أمس، تفيض بحماسة تشي بأن الأغصان متشابكة، متماسكة. شجرة أمس لم تحمل إلا المئات من الأوراق التي بدت قاب قوسين أو أدنى، من أن تشيخ وتذبل. الحناجر التي كانت تصدح بقوة، من أفواه غاضبة وحانقة، بعد سقوط النظامين التونسي والمصري، ارتبكت أمس، كأنما الحماسة السابقة، ما كانت إلا وليدة تغيّرات شجعتهم على المحاولة مرة، وإعادة الكرّة مرة ثانية، ثم حلّ اليأس. خرجت من رحم الحملة الرئيسية، حملات كثيرة، لم يشارك منظموها في مسيرة أمس، التي شهدت بدروها، توزيع قصاصات من الورق، تفيد بإعلان قيام المزيد من الحملات الإضافية، من بينها «ثورة صيف 2011»، التي ترمي إلى «محاكمة الطبقة الحاكمة». كانت تتغير، بين الحين والآخر، أنواع الهتافات المطالبة بإسقاط النظام الطائفي ورموزه، تارةً من مكبرات الصوت، وطوراً من بعض الحناجر التي ما كانت تلقى الرد كما كانت تلقاه في المسيرات السابقة، كأنما لازمة «الشعب يريد» خفّ وهجها وسط انخفاض الأعداد المشاركة. همساً، كانوا يستفسرون عن «السرّ: «أين البشر؟». فيجيبون، كعزاء للخيبة التي أصابتهم يوم أمس، أن التحضير للمسيرة لم يُعدّ على نحو دقيق، كما أن «اليوم عطلة، وكثيرون يفضّلون إما الاستراحة في المنزل، أو التوجه إلى القرى أو قضاء النهار على الشاطئ».كثيرون اعتبروا أن مسيرة أمس كانت بمثابة ورقة النعي للحملة، فيما استمدّ آخرون من الخيبة حماسة تنضب بدم جديد، معوّلين على تشكيل ائتلاف يضم الحملات المنادية بإسقاط النظام الطائفي، في عباءة واحدة، تكون وظيفتها التنسيق والتخطيط، والتنفيذ بيد واحدة، كأغصان شجرة متماسكة. غير أن البعض، ومنهم منظمون في الحملة، شاهدوا الأطفال والأمهات والكهول والشبان، من عين ودّعتهم للمرة الأخيرة، كأنها لن تراهم في مسيرات لاحقة، كما ودّعت سابقاً عربات الأطفال التي كانت تصطف في مقدمة المسيرات بين الآلاف. لم يطلّ القاطنون في «مار الياس» من شرفاتهم كما كانوا يطلّون سابقاً، ما إن يتناهى إلى مسامعهم أصوات الحناجر. لم تنثر الأمهات الأرز على الرؤوس، كما كن ينثرن ويزغردن. مرّت المسيرة في الشارع الطويل بهدوء، قبل وصولها إلى محيط المجلس النيابي، بهدوء استُثني منه صخب الأغاني والهتافات. وبينما كان المشاركون يهمّون بالمغادرة، بعد إعلان منظمي الحملة أنهم مستمرون في النضال حتى سقوط النظام الطائفي ورموزه، كان رجل خمسيني يجتاز الطريق الفاصل بين الساحة والمجلس، حاملاً لافتة بعنوان: «الشعب يريد إسقاط الأسعار». الرجل، كخطوة أولى على الطريق، لا يريد أن يلهث وراء أكثر من عشرة عصافير. هو يريــد أن يلتـقط عصفوراً واحداً، قبل تفرّغه لبقية العصافير..

 

الدول لا تُفلس – كانت هذه هي النظرية المقبولة على الأقل لكنها لم تعد كذلك. فاليونان على خطوة من عجز عن قضاء الدين، والبرتغال كذلك ليست بعيدة عن ذلك وربما اسبانيا ايضا. لكن هل يمكن أن يخطر بالبال أن تمضي الولايات المتحدة وهي أكبر اقتصاد في العالم على أثرها؟ يوجد اليوم خبراء اقتصاد وإن كانوا ما يزالون قلة، يتحدثون بصراحة عن هذه الامكانية الكابوسية. والمعطيات تتحدث من تلقاء ذاتها: فالدين الداخلي والخارجي في الولايات المتحدة بلغا مقادير لم يسبق لها مثيل وما يزالان يكبران – ولا تبدو في الأفق خطوات صارمة تستطيع أن تُغير هذا الاتجاه. للولايات المتحدة في الحقيقة ميزة على دول اخرى – فهي تطبع الدولارات وما يزال الدولار هو العملة الدولية الرئيسة – لكن ماذا سيحدث للدولار اذا بلغ مدينو الولايات المتحدة الى استنتاج أنها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها؟ قد يقف ايضا عمل آلات الطبع إما نتاج قيود قانونية وإما لان هذه الدولارات التي يوجد من يسميها اليوم "مال احتكار" لن تعود لتمثل قيمة اقتصادية حقيقية.الإثنين 20 حزيران 2011،  18:53 زلمان شوفال - "اسرائيل اليوم"

والى هذا ينبغي خفض الضرائب لتشجيع الاستثمارات والنمو. ما تزال المعركة على هذا الشأن غير خاسرة من قبل الادارة لان الجمهوريين قد يرضون في اللحظة الاخيرة مقابل تنازل حكومي في شؤون اخرى. لكن ذلك على كل حال سيظل مشيا على شفا الهاوية. إن الاختلافات في الشأن الاقتصادي هي لب الصراع السياسي في الولايات المتحدة: فالذين يؤيدون التوسع الميزاني ومشاركة أكبر للحكومة في الاقتصاد، لا سيما الديمقراطيون لكن ليسوا هم وحدهم – يزعمون أن صب مبالغ مالية كبيرة في الاقتصاد ثالامريكي سيمنع أزمة اقتصادية اخرى قد تكون أكثر حدة من التي سبقتها. وهم يزعمون أنه بهذا فقط ستنشأ اماكن عمل جديدة، وأن السوق الداخلية والتصدير الامريكي سيرتفعان درجة، وسيكبر نتاج كل ذلك جباية الضرائب (التي ينبغي رفع نسبها أصلا). آنذاك سينتعش الاقتصاد بحسب وجهة نظرهم. ويعتقد معارضو هذا التوجه، ولا سيما الجمهوريون لكنهم ليسوا وحدهم، أن هذه السياسة خاصة هي والدة كل خطيئة. أي أن الميزانيات العامة الضخمة هي التي أفضت الى الازمات الحالية. وهم يثورون على مبادرات التوسيع الميزاني وفيها أفكار مثل الاصلاح الصحي غير الشعبي لاوباما الذي سيكلف دافع الضرائب الامريكي في السنين القريبة تريليونات اخرى من الدولارات. وهم يدعون الى التقليص ويبدو أن هذا الشعار يقبله جزء كبير من مواطني الولايات المتحدة ايضا.تعلمون انه يوجد في الاتحاد الاوروبي سقف للديون والعجوزات الميزانية التي يجوز للاعضاء فيه تحملها؛ ويحدد مجلس النواب في الولايات المتحدة المستوى المسموح به لسقف الدين الوطني – وهذا السقف يقف الآن على مبلغ يقل عن الدين الفعلي بـ 14.3 مليار دولار. اذا لم يُرفع هذا السقف حتى مطلع شهر آب فستعجز امريكا عن قضاء الدين – والقرار على رفع السقف كما قلنا آنفا في يد مجلس النواب. وتعلمون ان الجمهوريين يسيطرون على مجلس النواب. ونظريتهم الاقتصادية ذات اتجاه واحد تقول انه ينبغي تقليص العجوزات وعدم فتح الكيس المثقوب بعد.

البطالة هي مركز الجدل. وفي هذا الشأن "لا يأخذون أسرى"، لان الطرفين، الديمقراطيين والجمهوريين، يعلمون أن هذا هو الذي سيحسم انتخابات الرئاسة كما يبدو. سُجل في الشهر الماضي 14 مليون عاطل عن العمل، أي 9.1 في المائة من قوة العمل. ولم تكد تنشأ اماكن عمل جديدة في أي قطاع في الجهاز الاقتصادي، وتجدد التدهور في مجال الاسكان والبناء، وتشير المعطيات الى امكانية أن يقف نمو الاشهر الاخيرة مرة اخرى. يُبين التاريخ الامريكي أنه لم ينجح أي رئيس منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي في أن يُنتخب من جديد اذا زادت نسبة البطالة على 7.1 في المائة. مشكلة اوباما انه لا يكاد يملك في الأمد القريب على الأقل وسائل لتغيير اتجاهات الاقتصاد السلبية لا من جهة سياسية ولا من جهة اقتصادية. ولا يستطيع المصرف الفيدرالي ايضا أن يخفض الفائدة التي تُماس الصفر أصلا. وهناك من يتهمونه ايضا ولا سيما في اليسار بأنه لا يظهر زعامة مناسبة ولا يتخذ خطوات يملكها. ولا يوجد عند الجمهوريين بطبيعة الامر علاجات سحرية لكن واجب البرهان الآن مُلقى على الادارة وعلى رئيسها. وكما كتب المحلل الليبرالي ريتشارد كوهين في صحيفة "واشنطن بوست": "يُشك كثيرا في أن تكلف سياسة اوباما في الشرق الاوسط الخسارة في الانتخابات لكن الاقتصاد مسألة مختلفة".

كوبا أمريكا هي من أقدم وأعرق البطولات بين كل البطولات العالمية , انطلقت عام 1916،وأول بلد إستضاف هذه البطولة هو الاوروجوي ، وعلى مدار تاريخها أقيمت 42 بطولة .فهذه الكوبا سبقت كأس العالم الذي إنطلق عام 1930 في الأورجواي أيضاً, و البطولات القارية كبطولة الأمم الأوروبية عام 1960 و الإفريقية التي إنطلقت بالخرطوم عام 1957 وكذلك الأسيوية عام 1956 والتي أقيمت النسخة الأولى منها

تقاسم كل من المنتخبان الاروغوي والارجنتيني صدارة أكثر الفرق فوزا" 14 مرة لكل منهما ، فيما حلت البرازيل ثالثة ب 8 مرات وتلاها البارغواي والبيرو بمرتين أما كولومبيا وبوليفيا فلم يحالفهما الحض إلا مرة واحدة

هذه هي النسخة الثالثة والاربعين لمسابقة كأس اميركا الجنوبية لكرة القدم المقررة من 3 إلى 24 تموز المقامة في الارجنتين،سيكون لقاء المنتخب الارجنتيني المضيف مع نظيره البوليفي في المبارة الافتتاحية للبطولة

أما في ما يتعلق بتوزيع الفرق ، فالمجموعة الاولى تضم كل من الارجنتين-كولومبيا -اليابان- بوليفيا أما المجموعة الثانية فتضم كل من البرازيل البرجواي-الاكوادور- فنزويلا ، أما المجموعة الثالثة فعلى رأسها الاوروجواي- تشيلي - المكسيك- البيرو

ويجدر الذكر بأن المجموعة الثانية تمثل أقوى المجموعات والمجموعة الثالثة لا تقل عنها أهمية فيما تعتبر المجموعة الاولى الاسهل نسبياً

أما ضيوف الشرف فهما الفريق الاْ سي وي (اليابان) والفريق الاميريكي الشمالي(المكسيك)، ففيما حلت اليابان في المجموعة الاولى، جاءت المكسيك في المجموعة الثانية

ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺟﻮﺭﺝ ﺣﺎﻭﻱ

ﺗﺪﻋﻮﻛﻢ

ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻞ ﺟﻮﺭﺝ ﺣﺎﻭﻱ،

ﻟﺤﻀﻮﺭ ﻣﻌﺮﺽ ﺻﻮﺭ "ﻣﻦ ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ" ﻭ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻞ ﺍﺭﺗﻴﻦ ﻣﺎﺩﻭﻳﺎﻥ "ﺣﻴﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﺱ".

ﺍﻟﺴﺒﺖ ٢٥/٠٦ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ٦:٣٠ ﻣﺴﺎءً. ﻭﻃﻰ ﺍﻟﻤﺼﻴﻄﺒﺔ ﺍﻣﺎﻡ ﻣﻨﺰﻝ ﺟﻮﺭﺝ ﺣﺎﻭﻱ.

برنامج المخيم الحواري

اليوم الاول: الخميس 14 تموز:

3.00 – 6.00: الوصول

6.00: عرض فيلم عن تحركات الحملة

المخيم --- المكان --- الزمان --- ملاحظات

الحواري --- صور - الجنوب --- 14- 18 تموز --- بعنوان "إسقاط النظام الطائفي"

إعداد قادة كشاف --- صليما - الجبل --- 21 - 24 تموز --- مغلق، فقط للراغبين في بناء أفواج كشفية في فروعهم

التثقيفي --- صور  - الجنوب --- 28-31 تموز --- مغلق، يتم اختيار المشاركين بالتنسيق مع المحافظات

التطوعي الاول --- العين - البقاع --- 4 - 7 آب --- مفتوح، إنشاء ملعب أو حديقة عامة في العين

التطوعي الثاني --- لبايا - البقاع --- 11- 14 آب --- مفتوح، إنشاء ملعب في لبايا

الفنانين --- جبيل او الشمال --- 8 أيلول – 12   أيلول --- مغلق، بمشاركة عربية ودولية

الكشاف --- يحدد لاحقاً --- 7 – 11 أيلول --- يختتم بكرنفال كشفي

 

نشاطات صيفية مركزية أخرى:

مظاهرة إسقاط النظام الطائفي: 26 حزيران – بيروت

مهرجان شهداء الاتحاد: 13 آب – لبايا – البقاع في نهاية المخيم التطوعي

المهرجان الرياضي: الأسبوع الثاني من أيلول

السيمنار الطلابي: 24-25 أيلول

الحريري ونحاس قبل ان تكسر الجرة (م. ع. م.)ايلي الفرزلي بعد نحو أسبوعين من نيل حكومة الرئيس سعد الحريري للثقة، طلب الحريري من وزير الاتصالات في حكومته شربل نحاس أن يزوره في السرايا الكبيرة.كان الحريري قد سمع أكثر من تحذير، جعله يتوجس من ذلك الوزير الذي يحمل «أفكاراً اقتصادية غير مريحة». قال له نحاس حينها «أنت لست مسؤولا عن إرث أبيك في ظل الوصاية السورية، وبالتالي يمكنك أن تتعامل بذهنية مختلفة، وعدم تكرار خطأ الرئيس رفيق الحريري الذي اعتمد على المزج بين القطاعين العام والخاص» («سوليدير» على سبيل المثال لا الحصر).انزعج الحريري حينها، فهو لم يكن يتوقع أن يسمع النصح من الوزير الذي استدعاه ليطلب منه الهدوء والتروي.منذ ذلك الحين بدا ان العلاقة «مش راكبة» ولا مجال للحديث عن «كيمياء».أول تصادم جدي بين الرجلين كان في نيسان 2010، عندما عرضت وزيرة المالية ريا الحسن الموازنة العامة على مجلس الوزراء. عندها اعترض نحاس على مبدأ شمولية الموازنة، داعياً إلى فصل موازنات الهيئة العليا للإغاثة ومجلس الانماء والأعمار وغيرها من الهيئات عن الموازنة.لم يكتف نحاس بهذا الاعتراض، فقدم ورقة اقتصادية كاملة، دعا خلالها إلى: فرض ضريبة على الربح العقاري، التغطية الصحية الشاملة، تنفيذ مشاريع تأسيسية للبنى التحتية. وكل ذلك عبر الاستفادة من فوائض السيولة في المصارف.نحاس استند في ورقته هذه إلى حقيقة أن المصارف أصبحت قادرة على تلبية طلبات الحكومة بدون ترك آثار سلبية على الاقتصاد، لأن حجم الموجودات في المصارف قارب الـ140 مليار دولار، وهو رقم هائل بالمقارنة مع حجم الاقتصاد اللبناني (خلال سنتين منذ عام 2008، عام الأزمة المالية العالمية، بلغت التدفقات المالية نحو 42 مليار دولار).أراد نحاس من خلال ورقته أن يقول حان الوقت لننسى قليلاً هاجس سد العجز وخدمة الدين والانطلاق نحو مشاريع تأسيسية مستفيدين من تدفقات نقدية هائلة. كان السؤال: نسد العجز ونخدم الدين أو نقوم بمشاريع للبنى التحتية كالمياه والكهرباء والرعاية الصحية والنقل العام. قال لهم: تعالوا ننجز واجباتنا تجاه الناس ومن ثم ننظر إلى معالجة الدين العام.عندما زار الرئيس السابق للبنك الدولي جيمس ولفنسون لبنان عام 2001، قال جملة واحدة جعلت السلطة اللبنانية تحبو وراء هلع الدين العام. قال: السفينة المثقوبة لا تغرق لوحدها بل تغرق معها الجميع. وبعدما كان الرئيس رفيق الحريري خارجاً من نصر انتخابي كبير عام 2000، معتمداً على خطاب يعد بتكبير الاقتصاد، صار كل البلد أمام مشكلة واحدة تجند الجميع لمواجهتها وهي تخفيض الدين العام. وبمعنى آخر، صار الهدف استثمار كل زيادة في الناتج المحلي حصراً في خدمة الدين، فضاعت كل الأهداف الباقية.بغض النظر عن تأييده لهذه النظرية من عدمه، فقد اعتمد نحاس في ورقته على أن حجة عدم وجود تدفقات مالية لم تعد صالحة اليوم بعدما انقلب الاتجاه عام 2008. وفي ظل الوفر الكبير في الموجودات هل نجلس ونتفرج أم نقول لدينا فرصة إعادة تأسيس جديدة للبلد؟ وسأل: أليست وظيفة الدولة إنشاء المشاريع المنتجة؟رداً على ورقة نحاس، خرج فريق الحريري بنظرية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فانكشفت النيات الحقيقية: الدولة تمول والقطاع الخاص ينفذ ويستفيد، ولا أحد يعرف لماذا لا تنفذ الدولة بنفسها طالما أن كلفة استثمارها هي حكماً أقل.وقد لعب نحاس في مواجهة هذه الخطة دوراً رئيسياً، شكل نقطة اللاعودة في العلاقة بينه وبين الحريري. ومنذ ذلك التاريخ تركز الهجوم اليومي عليه من فريق رئيس الحكومة السابق، وما يزال.ونحاس كذلك كان الوحيد بين نظرائه الذي تنبه لبند كاد يمر في الموازنة وينص على تخفيض الضرائب على إعادة تخمين الموجودات. ففيما حاول فريق «المستقبل» الإشارة حينها إلى أن هذا البند يساعد في دعم المصانع اللبنانية، اعترض نحاس على ذلك، قائلاً: من يهتم فعلاً للقطاع الصناعي فليقم بإعداد مشروع خاص يعفيه من كل تلك الضرائب وعدم الاكتفاء بتخفيضها فحسب. اما سبب الاعتراض الرئيسي من قبل نحاس على ذلك البند، فهو أنه يسمح لكل الشركات العقارية بالحصول على هذا التخفيض، لا سيما منها شركة «سوليدير» التي تتجنب منذ زمن إعادة تخمين موجوداتها هرباً من الضريبة، فإذ بالقانون يقدم لها على طبق من فضة تخفيضاً يسمح لها بتوفير ما يقارب 3 مليارات دولار.في المقلب الآخر وبعدما تيقن نحاس أن مشروعه لتطوير شبكة الخلوي عبر إدخال تقنيات الجيل الثالث وتطوير شبكة الانترنت عبر تمديد الألياف الضوئية، سيواجه من قبل أصحاب المصالح ومافيات الأعمال ولن يمر في مجلس الوزراء، لعب بأوراق خصومه. واستغل سلطته في شركتي الخلوي ليطلب منهما أن تقوما بتمويل عملية تطوير الشبكات، مهدداً بعدم تجديد العقود. أبلغت الشركتان من يهمه الأمر ان لا حول لها ولا قوة وهما مضطرتان للسير بالمشروع.اعتمد نحاس في ذلك على القانون الذي وضعه الرئيس رفيق الحريري عام 2002، حين ألغيت عقود BOT، حيث تقوم وزارة المالية كل أسبوعين لسحب كل الأرصدة الموجودة في صندوق الشركتين المشغلتين. والقانون نفسه لا يمنع الشركتين من استعمال بعض الأرصدة قبل أن تتحول إلى الصندوق، في سبيل التطوير. وهكذا كان.مشروع الألياف الضوئية بدوره سلك طريقاً ملتوية. عرض نحاس المشروع على مجلس الوزراء عبر طلب للحصول على «سلفة بقيمة 100 مليار ليرة لتمويل مشروع إنشاء شبكة الألياف الضوئية على كامل الأراضي اللبنانية». وبالفعل وافق المجلس سريعاً على السلفة ضمن سلة السلف التي وافق عليها من دون أن يقرأها.بعدما اكتشفت لعبة وزير الاتصالات في وقت لاحق، طلب الحريري من نحاس تقديم دراسة حول المشروع، فما كان من الأخير إلا أن أحضر إلى المجلس كل الدراسات المتعلقة به، وتضم آلاف الاوراق. وهو ما كان كافياً لإنهاء النقاش، وموافقة المجلس على المشروع الذي تحول إلى أمر واقع.في الجلسة التي تلت ظن وزراء «المستقبل» أنه يمكن الاستلحاق وسحب المشروع، فطلب الحريري من نحاس تحضير عقد تراض مع شركة خطيب وعلمي للإشراف على المشروع. وعندما عرضه نحاس، رفضه الحريري، متوقعاً أن يكون ذلك بمثابة رفض للمشروع برمته. فما كان من وزير الاتصالات إلا أن شكر رئيس الحكومة لتوفيره على الدولة مصاريف إضافية، لا سيما أن الوزارة قادرة على القيام بالمهمة بنفسها.في الحالتين، أكمل المشروعان طريقهما إلى التنفيذ، ولن يمضي شهر أيلول إلا ويكونان حقيقة دامغة، تنقل لبنان إلى مصاف الدول المتطورة تقنياً.يحكى في هذا السياق أن إحدى شركات الانترنت الخاصة، تقدمت بدعوى ضد الدولة، لأن مشروع الألياف الضوئية سيكون أسرع 300 مرة من سرعة الانترنت الحالية، وبقدرة أوسع، وهو سيضر بمصالح الشركات الحالية، طالبة إيقاف المشروع!مسك الختام في العلاقة المتوترة منذ اليوم الأول، كانت جلسة شهود الزور الشهيرة، حين قدم نحاس مداخلة دعا فيها لعدم الرضوخ إلى الضغوط الخارجية من إسرائيل وغير إسرائيل، والتفكير بالأمر من منطلق المصلحة الوطنية العليا. عندها سأله الحريري هل تقول إنني أتعرض للضغوط الإسرائيلية. قال نحاس: قلت ضغوط إسرائيلية مباشرة وغير مباشرة.وأنهى الحريري النقاش بالقول: الله لا يخليني أذا بخليك يا شربل... ولم يتبع تلك العبارة أي كلمة بين الرجلين، حتى لو كانت «مرحبا».في مرحلة تصريف الأعمال، وقبل أيام من تشكيل الحكومة الجديدة، أعلن عن منتج جديد قدمته شركتا الخلوي، من دون أن يتبين ماهيتهما. بعد التدقيق، تبين أن نحاس الذي كان يسعى لإيجاد طريقة لتخفيض أسعار الخلوي (القانون ينص صراحة أن أي تخفيض بحاجة إلى قرار من مجلس الوزراء)، وجد أن قانون الإدارة يخول الشركتين تقديم منتجات جديدة للمشتركين. ومن هذه الثغرة، كان سهلاً أن يعلن عن بطاقات تعبئة بأسماء مختلفة، هي بمثابة منتجات جديدة، تصل فيها نسبة التوفير إلى 35 في المئة.هكذا أنهى نحاس «خدمته» في وزارة الاتصالات، وهو يعلم أن ثمة منظومة في القطاع الخاص قد حفرت مواقع عالية جدا في هذه الوزارة وغيرها وقد تجد من يحميها حتى ضمن الفريق الذي يدّعي أنه يقدم البديل.لا مكان لشربل نحاس في حكومة كان يمكن أن تأتي برئاسة سعد الحريري. لو عاد سعد كان سيردد ما قاله قبل ست سنوات: «الله لا يخليني بالبلد اذا بخلي ميشال عون يدخل على الحكومة». الفاتورة مرتفعة بين نحاس والحريري، من اقتراح الثاني رفع ضريبة القيمة المضافة في مطلع عهده الحكومي ونجاح الأول في خلق مناخ اعتراضي عليها في صفوف المعارضة السابقة، الى الطبقة الثانية في العدلية... الى مجمل الذهنية الاقتصادية الاجتماعية.. كأنه الصراع يتجدد بين هانوي وهونغ كونغ.

نفذ عشرات الشبان اعتصاما سلميا أمام المجلس الدستوري في منطقة كاليري سمعان، بعد ظهر اليوم، بدعوة من "لجنة إسقاط النظام الطائفي ورموزه" في ساحل المتن، ووزع المعتصمون بيانا جاء فيه: "لا عدالة ومساواة بين اللبنانيين في ظل هذا النظام الطائفي الفاسد. لن نقبل بعدالة ستة وستة مكرر. لماذا لا يطبق قانون الإثراء غير المشروع؟ إن أموال الشعب المسروقة يجب أن تعود الى الشعب. نحو قانون للانتخابات النيابية قائم على أساس النسبية وخارج القيد الطائفي. لا عدالة ومساواة بين اللبنانيين من دون تطبيق قانون مدني موحد للأحوال الشخصية".

كما دعا المعتصمون الى تظاهرة في السادس والعشرين من حزيران الحالي، تنطلق من أمام مبنى الضمان الاجتماعي في منطقة الكولا باتجاه المجلس النيابي مرورا بوزارة التربية، وذلك تعبيرا عن "رفضهم لهذا النظام الطائفي وللمطالبة بإسقاطه".

الأكثر قراءة