قدّمت فرنسا أول من أمس نفسها دولة «راعية للحرية». مشهد الرهائن الأستونيين السبعة يلوّحون بقبضاتهم من شباك السفارة مؤثر فعلاً. لكنّ مشهداً آخر أمام قصر الصنوبر كان يعيد تركيب الصورة بطريقة أخرى
بسام القنطارعشرات اختاروا الوقوف لثلاث ساعات متواصلة أمام قصر الصنوبر في بيروت مسمعين صوت أسير الحرية في سجن لانميزون الفرنسي، جورج عبد الله. المئات الذين اصطفوا منتظرين دورهم للدخول الى القصر الذي أعلنت منه «دولة لبنان الكبير» للمشاركة في حفل «14 تموز» الذي أقامه السفير داني بييتون، كانوا يرمقون الواقفين في الجهة المقابلة بنظرات دهشة من يفاجأ بأن هناك في لبنان من يشتم «الأم الحنون» فرنسا. هناك على الرصيف المقابل للقصر، كان موريس شقيق جورج عبد الله يصرخ بأعلى صوته ويردّد وراءه الجمع الآتي من بلدة القبيات والقرى المجاورة لها في قضاء عكار. «فرنسا الأم الحنونة. قال إلها علينا مونة. تنريحها بإسرائيل. ومع أمريكا تعمل Deal. جورج عبد الله بالحبس الإفراج عنو مستحيل».
يتقدم وفد كبير من ضباط وأفراد الفرقة الفرنسية في اليونيفيل، فتغيّر حناجر المعتصمين الموجة الى اللغة الفرنسية «Liberté Georges Abdallah». وسرعان ما يرجع الهتاف الى الموجة العربية «جورج عبد الله مسجون. لا تبرير ولا قانون. هيدي دولة ساركوزي».قضاة ورجال دين وسياسيون ونواب ووزراء، جميعهم دخلوا القصر على وقع هتاف الحرية للرئيس السابق لـ«الفصائل الثورية المسلحة اللبنانية» المعتقل منذ عام 1984 في فرنسا بتهمة التآمر لاغتيال دبلوماسيين اثنين في باريس عام 1982، هما الاميركي تشارلز روبرت داي والاسرائيلي جاكوب بارسيمانتوف.الهتاف لم يوفر قضايا الفساد في فرنسا التي تثير ضجة كبيرة هذه الأيام، «من فرنسا الفضايح. عم بتفح الروايح. بالضرايب فضايح. بالعدلية فضايح. بالتنصت فضايح بالأخلاق فضايح. الفساد بفرنسا طايح. بالتمويل السياسي. وبحملات الرئاسة. فضايح عا فضايح».كذلك لم يوفر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يخوض حملة للإفراج عن الجندي الاسرائيلي المحتجز في غزة جلعاد شاليط، على اعتبار أنه يحمل الجنسية الفرنسية. «فرنسا وحقوق الانسان حكي فاضي من زمان. القانون بفرنسا تجليط ما بهمّا غير شاليط. جورج عبد الله بالسجن خدمة للصهيونية. خدمة للأمريكية».الناشطة في الحملة الدولية للإفراج عن جورج عبد الله، أمل نجار، تلت مذكرة باسم المعتصمين انتقدت فيها الرئيس ساركوزي الذي يرفض اعتبار آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وبينهم الفرنسي ـــــ الفلسطيني صلاح الحموري، أسرى سياسيين، كذلك يرفض الإفراج عن جورج عبد الله وهو حق يعطيه إياه القانون الفرنسي».الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة شارك المعتصمين في وقفتهم ، وقال لـ«الأخبار»: «هذا العام كما العام الماضي، سوف أصافح السفير الفرنسي وأقول له إنني كنت معتصماً في الخارج قبل أن أدخل الى قصر الصنوبر. ونحن سعينا مع رفاقنا النواب عن الحزب الشيوعي الفرنسي لتقديم استجواب جديد الى وزارة العدل الفرنسية، لأنه لا يجوز السكوت عن الظلم المتمادي اللاحق بجورج عبد الله».وتحدث جوزف، شقيق جورج عبد الله، قائلاً: «نحتفل اليوم معتصمين أمام قصر الصنوبر لنضع اللبنانيين المجنسين أمام مسؤولياتهم في التضامن مع الأسير جورج عبد الله. فهذا التضامن يعبّر عن احترامهم لأنفسهم كلبنانيين وكفرنسيين. نحن لا نطلب منهم تأييد جورج عبد الله في ما نُسب إليه، وإن كان هناك وزراء فرنسيون يعتبرونه مقاوماً قام بواجبه الوطني، ولكننا نطلب منهم، كلبنانيين وكفرنسيين معاً، المطالبة بتطبيق القانون الفرنسي الذي يقضي بإطلاق سراحه. وهذا في تقديرنا واجب عليهم تجاه الأسير وذويه والمتضامنين معه». وختم: «نحتفل اليوم لنكرر مطالبتنا للمسؤولين اللبنانيين بأداء دورهم تجاه مواطن لبناني دافع عن بلده في وجه الغزو الصهيوني بمباركة أميركية وفرنسية. بالطبع مطلبنا هذا كررناه مراراً دون جدوى. ولكننا سنستمر بالمطالبة، وسنستمر بأن نطلب منهم موقفاً علنياً ورسمياً. أما التهرب من الرد على مطالبنا وفق القوانين المرعية اللبنانية، فهذا يعني أن السلطات اللبنانية تجعلنا رغماً عنّا خارجين عن القانون».