23 أيار 2011 رؤبين فدهتسور - "هآرتس" الاسرائيليةإن الجدل العقيم الذي دار بين الاستخبارات العسكرية وبين قيادة المنطقة الشمالية، بشأن ارسال إنذار بخصوص نية آلاف السوريين محاولة عبور الحدود في هضبة الAffinityCMSن، هو أمر مقلق. لكن ما هو أكثر إقلاقا هو الصورة التي ظهرت مع وصول هؤلاء السوريين الى السياج الحدودي.إن الامر يتعلق هنا بحدود مع دولة معادية، وأحد أهدافها هو تأخير تقدم قوات العدو في الساعات الاولى للحرب. لقد أنفقت ملايين كثيرة طوال السنوات في بناء هذه الحدود. إن حقول الالغام التي وضعت خلف السياج كان الهدف منها تكبيد العدو خسائر فادحة. أما السياج نفسه كان الهدف منه تأخير فيالق المهاجمين، الذين سيضطرون الى استخدام معدات هندسية من أجل اقتحامها ومواصلة العبور باتجاه هضبة الAffinityCMSن.إذا ما الذي حدث هناك ؟ مئات من المدنين مسلحين بأعلام فقط عبروا حقول الالغام، ولم يصب أحد منهم بأذى . لقد وصلوا الى الأسيجة وإقتلوعها وكأنها مصنوعة من أغصان طرية. وواصلوا في مسيرة الانتصار الى داخل قرية مجدل شمس وأقاموا هناك تظاهرة صاخبة وهم يلوحون باعلام سوريا وفلسطين.إن المؤلم أكثر هو أنه لم يعرف أحد في قيادة المنطقة الشمالية أن السياج الحدودي وحقول الالغام هذه أنها مجرد رواية. في الحدود الساخنة جدا التي تعمل فيها المؤسسة الامنية بفعالية كبيرة ، وتخوفنا من حرب مرتقبة في الجبهة الشمالية لم يكلف أحد نفسه أن يفحص طوال السنوات الاخيرة وضع الشريط الشائك الذي هو جزء مهم من خطة الحماية لدى قيادة المنطقة الشمالية في حال اندلاع حرب أخرى بشكل مفاجئ.من غير الواضح ما الذي فكر به كبار مسؤولي المنطقة الشمالية عندما طلب منها دراسة السيناريو الذي ينحدث عن قيام آلاف السوريين بشق طريقهم نحو السياج. إنهم لن يتجرأو ، يمكن الافتراض أنهم قالوا ذلك لقثيادة المنطقة. وذا تجرأوا وتقدموا فإن ألغامنا ستفعل بهم فعلها, وإذا كان من بينهم عدد ما من الشجعان وواصلوا طريقهم نحو السياج حتى أيضا بعد موت أصدقائهم في انفجار الالغام، فإن هؤلاء سيتم إيقافهم على الاقل حتى نصل الى هناك ونضع حدا لهذه الفوضى.إن هذا التفكير على ما يبدو أوصل الى قرار الاستعداد في قطاع تلة الصرخات بعشرة جنود من الاحتياط فقط. أيضا بعد أن تم إبلاغ قيادة المنطقة الشمالية بوصول عشرات الاتوبيسات التي تحمل آلاف السوريين الذين يشقون طريقهم الى القطاع، لم يهتموا كثيرا في قيادة المنطقة الذين كانوا من المفترض بكبار قيادتها على الاقل أن يتعاطوا بجدية مع انعكاسات سيناريو تنفيذ مسيرة جماهيرية باتجاه الحدود.بمعزل عن اخفاق الاهمال المتعلق بوضع السياج والالغام، فإن انطلاق مسيرة منظمة من المواطنين السوريين الى داخل مجدل شمس، فيها مس شديد بقدرة الردع الاسرائيلية في الجبهة السورية. بالنسبة لمئات من سكان قرية مجدل شمس الذين رحبوا بالمقتحمين وقدموا لهم الطعام والشراب، في الوقت الذي كان فيه جنود الجيش الاسرائيلي واقفين وينظرون الى هذا المشهد، إنكسر(لدى هؤلاء) للمرة الاولى منذ حرب الايام الستة حاجز الخوف. فهذا هو الجيش الضخم المزود بأفضل منظومات الاسلحة الحديثة غير قادر على أن يواجه فتيان يلوحون بالاعلام وهم يقتحمون الحدود بدون أي ازعاج.لقد رأيت وصول الجماهير، يقول أحد سكان مجدل شمس ويضيف "في النهاية وصلوا الى السياج الذي افتخرت به اسرائيل وتبين أنه مجرد أن لمسوه انهار. لقد اقتحموا السياج الاول ثم عبروا السياج الثاني. لقد تفاجأت من السهولة التي عبروا بها السياج. هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها أحد ما فعل ذلك. لقد كان السياج بالنسبة لنا حتى اليوم رعب مميت، ومن اليوم وصاعدا يمكن التنزه من هنا والذهاب الى دمشق بشكل حر. هذا أمر مضحك".نأمل أن تكون أصوات الضحك هذه تدوي في مسامع قادة الجيش الاسرائيلي، وتطير النوم من عيونهم. لا أحد يضمن لهم أن لا يكون في المرة القادمة الذين يحتفلون تحت تمثال سلطان باشا الاطرش من هؤلاء المواطنين".
اعلنت الناشطة الأميركية اليهودية رائي أبيليا، التي قاطعت خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الكونغرس الأميركي، انها "تعرضت للضرب من جانب أعضاء في المنظمات اليهودية الأميركية الداعمة لإسرائيل "أيباك" ونقلت إلى مستشفى في واشنطن، وبعد ذلك اعتقلتها الشرطة الأميركية". ولفتت أبيليا "28 عاما"، والتي يحمل والدها الجنسية الإسرائيلية، لموقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني إلى انه "عندما بدأ نتانياهو يتحدث عن إسرائيل والديمقراطية نهضت للحديث ضد ممارساتها غير الديمقراطية وصرخت كفى للاحتلال، أوقفوا جرائم الحرب الإسرائيلية"، كما دعت إلى "منح الفلسطينيين حقوقا متساوية". وأضافت ابيليا أنه "بعد ذلك مباشرة انهال عليها نشطاء من "أيباك" وأنه سقطت على الأرض، وقام النشطاء بخنقها وضربها"، وتابعت ان "رجال الشرطة اقتادتها إلى الخارج، وبعد ذلك اعتقلوها لساعات عدة بعد تسريحها من المستشفى الذي تلقت فيه علاجا جراء إصابتها برضوض في عنقها وكتفها". واشارت أبيليا، العضو في منظمة "نساء بالوردي" المناهضة للحروب، إلى انها "قاطعت خطابا لنتانياهو أمام اتحاد المنظمات اليهودية في أميركا الشمالية الذي عقد في مدينة نيو أورلينز الأميركية قبل شهور". واضافت "نحن جيل شاب من اليهود الذين لن نصمت ولن نسمح لرؤساء الحكومات الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية بالتحدث"، ونرى أن "بإمكانهم أن يتحدثوا فقط في المحكمة الدولية في التي تحاكم مجرمي الحرب". وأوضحت أنها "تمكنت من الدخول إلى منصة الضيوف في الكونغرس بواسطة بطاقة حصلت عليها من صديق لها".
بمناسبة ذكرى تأسيس الاتحاد
يدعوكماتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
الى حفل العشاء الساهر
نهار السبت 28 أيار الساعة الثامنة والنصفمطعم النسيم الحدثسعر البطاقة 35.000 ليرة
للاستعلام: محمد جمول 71549623او هبة الاعور 03681091
التراجع ما بين 10 و 20% ... والإمارات وتركيا مقصد المستثمرين
أدت الثورات العربية والوضع اللبناني المأزوم إلى إحداث تغييرات في المشهد العقاري الذي ساد في لبنان خلال السنوات الماضية؛ إذ يلحظ المراقبون جموداً في الأسعار، واتجاهات نحو انخفاض يطال العقارات والشقق الفخمة، قد يمتد إلى تلك الصغيرة، لكن بعد حين
رشا أبو زكي
لم يعد الحديث عن انخفاض أسعار العقارات مجرد شائعة، ولم تعد التوقعات هذه مصبوغة بالأمنيات؛ فبعدما كانت السوق العقارية تتجه نحو ارتفاع جديد في الأسعار، بمتوسط 15 في المئة حتى نهاية عام 2011، تضافرت الأزمة المحلية مع الثورات العربية لتفرض واقعاً جديداً على المشهد السكني في لبنان، مشهد تظهر فيه المؤشرات العقارية أنها إلى انخفاض، والانخفاض هذا يبدأ بالشقق الكبيرة (فوق 300 متر)، لينسحب بنسب أقل على الشقق الصغيرة (أقل من 200 متر).
فالواضح حالياً، أن الطلب على العقارات والشقق الكبيرة ينخفض، في مقابل جمود في الطلب المتعلق بالعقارات والشقق الصغيرة... ومظاهر تراجع الأسعار لن تظهر غداً، ولا بعده، بل في فترة تمتد بين شهرين و 6 أشهر من الآن. وإن كان بعض العاملين في القطاع لا يزالون يراهنون على صعود مقبل في الأسعار، فإن التحليلات المالية والاقتصادية تشير إلى عكس ذلك، لا بل تظهر أن الانخفاض سيراوح ما بين 10 و 20 في المئة على المدى المنظور... وإن كان الخفض سيكون مقتصراً على عقارات الأثرياء ووحداتهم السكنية، فإن الفقراء ستلحقهم «طرطوشة»، لعلها حجر يُبنى عليه أمل بأن يصبح في مقدورهم التملك بأرض أصبحت، عاماً بعد عام، ليست لهم! يرتبط الوضع المالي مباشرة بالقطاع العقاري، وتؤثر بكلا القطاعين الظروف السياسية والأمنية المحلية والإقليمية. وهذا الارتباط، بحسب الخبير المالي وليد أبو سليمان، يجعل من السوق العقارية رهينة عاملي العرض والطلب. أما الواقع القائم خلال هذه الفترة، فيمكن تلخيصه بوجود عرض يقابله تراجع في الطلب، والأسباب متعددة، لكن أكثرها تأثيراً هو العامل الخارجي؛ إذ إن «الاضطرابات» في المنطقة العربية وشمال أفريقيا ووجود «مشاكل» على الحدود اللبنانية ـــــ السورية أدىا إلى تراجع في الاستثمارات الخارجية على نحو ملحوظ، بعدما أصبحت كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة المقصد الآمن للاستثمار. ويشير أبو سليمان إلى وجود حديث خلال هذه الفترة عن تصفية عدد من العرب استثماراتهم العقارية في لبنان، إلا أنه ليس ثمة ما هو فاضح حتى الآن... والتأثير الثاني، الناتج من الاضطرابات هذه، يقع على استثمارات المغتربين اللبنانيين الذين يمثلون نسبة ملحوظة في عمليات شراء الوحدات السكنية والعقارات. أما المسبب الثاني للمشهد الجديد في السوق العقارية، فهو الوضع اللبناني المأزوم. ويشرح أبو سليمان قائلاً إن القطاع العقاري هو عمود من أعمدة الاقتصاد في لبنان. والاقتصاد مرتبط بالاستقرار السياسي والأمني. لبنان خلال هذه الفترة ينعم باستقرار أمني، إلا أن الوضع السياسي معقد ويعيش في مرحلة ترقب في ظل الفراغ الحكومي القائم. ويقول أبو سليمان إن أسعار الشقق والعقارات في لبنان لا تزال مقبولة مقارنة بدول الجوار، والارتفاع الجنوني الذي ساد خلال السنوات الماضية كان ناتجاً من عملية تصحيح للأسعار، إلا أن هذه العملية توقفت خلال الأشهر الماضية، ليسود جمود عام لحقه انخفاض بنسبة 10 إلى 15 % في بيروت وضواحيها في الشقق الفخمة والعقارات المرتفعة الثمن. إلا أن الهبوط هذا لن يصل إلى 50 في المئة. أما الشقق الصغيرة، فسيبقى عليها طلب، لكن الأسعار ستشهد ثباتاً في الفترة المقبلة. وإذا استمر الوضع المأزوم في لبنان ومحيطه، فسيطالها الانخفاض. ويلفت أبو سليمان إلى أن هذه المؤشرات لن تبدأ بالظهور إلا بعد ثلاثة إلى ستة أشهر تعقب الاضطرابات والانكماش الحاصل، لكن يمكن أن ترتفع الأسعار بعد هذه الفترة إذا تحسن الوضع الإقليمي والمحلي. إنها المرة الأولى التي تظهر فيها آثار الأزمات في لبنان ومحيطه على القطاع العقاري منذ أكثر من 5 سنوات. هذا ما يشير إليه رئيس شركة رامكو العقارية رجا مكارم، شارحاً أنه لا يستطيع توقع مستوى الأسعار الذي سيسود خلال الشهر المقبل مثلاً، إلا أن الواقع الحالي يشهد جموداً مستمراً بسبب الخوف لدى الناس والهواجس المقبلة من التطورات الحاصلة في العالم العربي من ثورات وتغييرات. ويلحظ مكارم أن القطاع لا يشهد النشاط المعتاد، والطلب تراجع منذ فترة تراجعاً إجمالياً. إلا أن هذه التأثيرات تتركز حالياً في الشقق الفخمة والعقارات المرتفعة الثمن، ولم تطاول حتى الآن الشقق السكنية الصغيرة... لافتاً إلى أن استمرار هذا الوضع والإحجام المتواصل عن الطلب سيجعلان من العارضين في موقع خفض الأسعار لتشجيع المستثمرين واللبنانيين أيضاً على الشراء. أما حجم الخفض المقبل، فهو ـــــ بحسب مكارم ـــــ سيكون بحجم «الشراهة» التي تحكمت بأسعار الشقق والعقارات في السنوات السابقة، بحيث أضيفت نسب مرتفعة عن الأسعار العادلة، وبالتالي من المتوقع ـــــ إذا حصل الخفض ـــــ أن تعود الأسعار إلى المستويات العادلة بانخفاض بين 10 و 20 في المئة. ويلفت مكارم إلى أن المضاربة العقارية تراجعت؛ إذ ثمة إحجام عربي عن الشراء، ولم يستفد لبنان من المشكلات في الدول العربية، ولم يستقطب رؤوس الأموال الهاربة من هذه البلدان بسبب الوضع المحلي المأزوم. أما اللبنانيون المغتربون فيتريثون في الشراء؛ لأن الأحداث المتنقلة أصبحت تعم معظم البلدان، بحيث تجري المفاضلة لمصلحة إبقاء السيولة بدلاً من الاستثمار. الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، يبدو أقل تفاؤلاً؛ إذ يرى أن الأسعار تشهد تراجعاً في المناطق التي لم تشهد إنماءً خلال السنوات الماضية، فيما المناطق الاستراتيجية لم يصلها الانخفاض، بل تشهد تراجعاً في حركة الطلب، فيما العارضون متمسكون بأسعارهم المرتفعة، باستثناء بعض الحالات التي تُعَدّ شواذاً عن القاعدة. ويوضح يشوعي أنه بعد الأزمة المالية العالمية تراجعت الاستثمارات كثيراً إلا في القطاع العقاري، إن كان في لبنان أو في العالم، وذلك بسبب اتجاه المضاربين إلى السوق العقارية والمعادن الثمينة بدلاً من الاستثمار في الأدوات المالية والأسواق المالية، ويضيف: «على المدى المنظور، أي حتى الصيف المقبل، لن نشهد تغييرات. أما بعد هذه الفترة، فلا نستطيع التوقع بسبب المتغيرات المتسارعة التي نشهدها على جميع الصعد».
60 في المئة
هي نسبة استثمارات اللبنانيين المغتربين من الحجم الإجمالي للاستثمار اللبناني في القطاع العقاري؛ إذ إن نسبة اللبنانيين المقيمين الذين يستثمرون في هذا القطاع (أي شراء الوحدات المبنية) تُراوح ما بين 30 إلى 35 في المئة فقط من مجمل العمليات
الجمود ظرفي؟
بعكس معظم المحللين والعاملين في القطاع، رأى الأمين العام لجمعية تجار ومنشئي الأبنية أحمد ممتاز، أن لبنان يشهد «هدوءاً» في الطلب؛ لأن هذا الموسم ليس موسم شراء، لافتاً إلى وجود حالة جمود في أسعار العقارات، ولا سيما الكبيرة والشقق التي تفوق مساحتها 400 متر؛ لأن «سوقها» يأتي في الصيف والأعياد. ويرى ممتاز أن تحريك الوضع السياسي في لبنان يمكن أن يحرّك أسعار العقارات صعوداً، شارحاً أن الطلب على المواد الأولية للبناء كبير عالمياً بسبب إعادة الإعمار القائمة في اليابان، وبالتالي ثمة ارتفاع في أسعار هذه المواد سيُترجم ارتفاعاً في أسعار العقارات والشقق السكنية في لبنان.
عمر نشابةأطلقوا النار عليهم لأنهم لم يخافوا الموت. أطلقوا النار على شبّان خرجوا لحظة من ظلام المخيم إلى نور فلسطين بصدور عارية. أطلقوا النار فسقط عشرة شهداء وعشرات الجرحى. أطلقوا النار على من تجرّأ على النظر بعيداً خلف الأسلاك الشائكة، على من أحسّ أن الحلم قد يتحقق يوماً عندما رأى نسيم الربيع يتلاعب بأشجار الجليل وحقوله.أطلقوا النار عليهم لكنهم لم يتراجعوا. رموا الحجر تلو الحجر ولم يتراجعوا، وبأعلى صوت صرخوا 60 عاماً من الآلام في آذان لا تسمع. خطيئتهم أنهم رأوا ديارهم فركضوا باتجاهها عن سابق تصوّر وتصميم.أطلقوا النار عليهم لكن لا، لن يستحق عشرة شهداء سقطوا برصاص «جيش الدفاع الإسرائيلي» لجنة تحقيق دولية. لن يستحقوا حتى بعثة لتقصّي الحقائق، لأن الجميع يعرفون جيداً حقيقة الحقيقة. فمجلس حقوق الإنسان في جنيف يتحمّس لحقوق الناس فقط إذا لم تمانع الدول الكبرى. أما مجلس الأمن، فيكلّف المحكمة الجنائية الدولية النظر في ما يشاء الأقوياء.لن يستحقّ شهداء مسيرة العودة تعاطف الجماهير الحاشدة في ميادين التحرير والحرية والكرامة وثورات «الفايسبوك» و«التويتر» و«اليو تيوب». لن يهبّ الشباب لنصرة القدس وتحرير فلسطين ولا لأقلّ من ذلك بكثير... لن يهبّوا للتذكير بأن مئات آلاف اللاجئين يقبعون في مخيمات البؤس والعذاب والحرمان، لا بيت لهم يعودون إليه بعد انتهاء التظاهرة، ولا حيّ يعلنون فيه العصيان، ولا حزب حاكماً يرفعون علم بلادهم على مقارّه معلنين التمرّد.لاجئون هم. فقط لاجئون. لا حقّ لهم في أرض الشتات ولا حقّ لهم في العودة إلى ديارهم. لا حقّ لهم في التشبّث بالأرض أو في تسلّق جدران الحدود لرؤية مدنهم وقراهم. وعندما يتجرّأون على التعبير عن أحلامهم، عندما يتمسّكون بالشريط الحدودي الشائك وينظرون بعيداً نحو عمق فلسطين، قد لا يقتلهم «الطخّ» الإسرائيلي، لكن ما يقتلهم توظيف نضالهم في الصراعات السخيفة.
قاسم س. قاسم
تخيّل أنك وصلت الى حدود وطنك المحتل. وقفت على هضبة مشرفة عليه، شاهدت الأرض التي طرد أهلك منها. نظرت الى السماء التي تمر فوق رأسك فوجدتها هي نفسها التي تمر فوق رأس عدوّك.
تخيل أنه لا يفصل بينك وبين «سيدة الأرض» كما سمّاها محمود درويش، إلا شريط شائك. تخيّل أن طائراً يمر فوق رأسك، يستفزّك بعبوره المنطلق الحر من لبنان الى الأرض الممنوعة عليك. تخيّل أنه بعد رؤيتك كل هذا من خلال دموعك، يأتي أحدهم ليقول لك: انتهى برنامج زيارتنا والآن يجب أن نعود الى المخيم، الى منزل الزينكو الذي لا يحق لك أن تملكه أو تورّثه، الى زواريب المخيم الراسخ في المؤقت وجدرانه التي تحاصرك. وأنت هناك، أمام أرضك، لا يمنعك شيء من الاقتراب منها إلا الخوف من الرصاصة. تخيّل أنك، ومن أجل رؤية فلسطين لمرة أولى، سرت في «الوعر» من عيترون الى مارون الراس. لم تكترث لوجود قنابل عنقودية، كانت صرخات الأهالي وبضع لافتات تحذرك منها. تسير باتجاه التلة الشاهقة، تنظر خلفك فتشاهد المئات لا بل الآلاف يسلكون الطريق نفسها. المسنّون أكثر حماسة منك، يسخرون من لهاثك ببهجة الذاهب للقاء سعيد «ولو؟ لسّاتك شب. إحنا ختايرة وسابقينك !». تبتسم لهم. تقول بينك وبين نفسك إذا كانت مجرد رؤية فلسطين، مجرد السماح بمشاهدتها من هذا البعد، دفعت بكل هؤلاء الى هنا، فكيف سيكون الأمر يوم تحرير فلسطين؟ تصل الى مارون الراس، فجأة، ينكشف المشهد تحت قدميك. تجد فلسطين أمامك، تلقائياً تدمع عيناك. تجد الآلاف يتجهون لـ«تحت»، أي الى الحدود، إذ لم يكن هناك أي عائق أمامهم، أو من يمنعهم من ذلك. تتجه نزولاً أكثر، القلب يشدّك للاتجاه جنوباً أكثر. تجد فلسطين تقترب منك أكثر وأكثر. يقفون، فتقف وكأنهم وصلوا فجأة الى الشريط الشائك. كأنهم لم يروه قبل أن يصلوا إليه. وقفوا فجأة. بكوا، وبعيون تكاد لا ترى من الدموع، وبصمت ودون اتفاق بينهم، اقتربوا من الشريط أكثر، أرادوا أن يروا المزيد، أن يلمسوا الهواء في المكان المقابل، تسلقوه وسط صيحات محذّرة: سيطلقون عليكم النار. ولم يتأخر أزيز الرصاص الإسرائيلي. سقط الشهيد الأول، الثاني، الثالث، الرابع. تراجعوا استعملوا الحجر، سلاحهم الطبيعي، ضدّ عدوهم الطبيعي. «تحت» بالمناسبة كان مزروعاً بالألغام، بعض الشبان انتبهوا لذلك فوقفوا بشكل دائري حول الألغام ليمنعوا ازدياد عدد الشهداء بألغام كامنة لهم تحت الأرض. أزيز الرصاص يزيد عدد الراكضين باتجاه الحدود، لا بعيدا عنهاً. لمَ كل ذلك؟ ربما لأنه «على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة» والموت لأجله.
خالد صاغيةبات للثورات العربيّة حليف جديد. رئيس الولايات المتّحدة الأميركية، باراك أوباما، أعلن شخصياً، أمس، تأييده للثورات. حدث ذلك بعدما بذلت إدارته قصارى جهدها لإطالة أمد صلاحيّة الرئيس المصري حسني مبارك، وبعد رفض عنيد لوصفه بالديكتاتور. وحين كان «البلطجيّة» يقودون واقعة الجمل في ميدان التحرير، كان المتحدّث الرسمي للبيت الأبيض يتلعثم بكلّ أنواع العبارات غير المفهومة. وعلينا ألا ننسى «العزيز جيف» العائد إلى بيروت، حين نظّر للثورة التونسيّة على أنها حدث شديد الخصوصيّة. جيفري فيلتمان الذي غلبه الشوق إلى أبطال «ويكيليكس»، يعود إلى المنطقة ليحصي خسائره، ويعمل على تعويضها، بعدما أودت الثورات الشعبيّة بأصدقائه وحلفائه.لا يستعاد هذا الماضي القريب للشماتة، بل للقول إنّ وقوف أوباما إلى جانب الثورات ليس إلا من باب الالتفاف عليها، عبر تشجيع ثورات مضادة في مصر وتونس وغيرهما من أجل تحويل التغيير في العالم العربي إلى نوع من التغيير الذي هندسه جيفري فيلتمان في لبنان بعد 2005: تغيير من أجل أن يبقى كلّ شيء على حاله. وما يزيد من رجاحة هذا القول هو ادّعاء أوباما تغيير سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، حتّى لا يزيد الشرخ الحاصل بينها وبين شعوب الشرق الأوسط. لكنّ أوباما يعلم أنّ هذا الشرخ وُجد أساساً بسبب القضيّة الفلسطينيّة، وإصرار الولايات المتّحدة على توفير كلّ وسائل الدعم لإسرائيل حتّى تتمكّن من الاستمرار في ارتكاب جرائمها ضدّ الشعب الفلسطيني. وفي هذه القضية بالذات، لم يقدّم الرئيس الأميركي أيّ شيء جديد، وبدا الجزء من خطابه الذي تطرّق إلى هذه القضية، الجزء الأكثر بهتاناً. فضلاً عن اعتباره خطاب العداء لإسرائيل، مثله مثل الطائفية، مجرّد أداة من أدوات الاستبداد.يحلم أوباما إذاً بعالم عربي يثور شبابه من أجل تغيير حلفاء أميركا بحلفاء آخرين لأميركا أكثر تناسباً مع روح العصر (الموضوع لا يشمل السعوديّة طبعاً)، على أن يجرف هذا التغيير في طريقه أيّ مشاعر عدائيّة تجاه إسرائيل. فهذه الأخيرة تأتي، وفقاً للرواية الأميركيّة، في «باكدج» واحد مع الديموقراطيّة وحقوق الإنسان والسوق الحرّة.ترى، هل الصدفة وحدها هي التي جعلت الثورات العربية تنجح في الأماكن التي وقفت الولايات المتّحدة ضدّها؟
خالد صاغيةثمّة من يريد استغلال حقّ العودة من أجل أهداف سياسيّة أخرى. هذا صحيح. لكنّ الصحيح أيضاً أنّ ثمّة من يريد التضحية بحق العودة من أجل أهداف سياسيّة أخرى. لذلك، من المفيد التمييز بين الأصوات التي ارتفعت اعتراضاً على فتح الحدود أمام التائقين إلى رؤية فلسطين في ذكرى النكبة. فبعض هذه الأصوات صادق في دعوته إلى تنزيه فلسطين عن الصراع بين الأنظمة وشعوبها حرصاً على القضيّة الفلسطينيّة، وبعضها الآخر مستعدّ في الواقع لدعم أنظمة مستبدّة، حين تستبدّ من أجل التضحية بفلسطين، وربّما بالفلسطينيّين أيضاً.أنصار التضحية متنوّعون: منهم الصادقون في حبّهم للفلسطينيّين والعرب. لكنّهم، بعد كلّ المآسي التي مرّت بها المنطقة، يدعون إلى السلام بأيّ ثمن حتّى لو كان استسلاماً، وذلك لإنقاذ ما بقي. ويزيد من إصرار هؤلاء اختلافهم الجذري مع أيديولوجيّات الحركات المقاومة لإسرائيل في الوقت الراهن. ومن هؤلاء المضحّين أيضاً، كارهو الفلسطينيّين ومتبنّو شتّى النظريّات العنصريّة ضدّهم. ومنهم أيضاً، من قاده هذا الكره إلى العمالة لإسرائيل.أنصار الاستغلال متنوّعون، هم أيضاً: منهم من لا يهمّه من القضيّة الفلسطينيّة إلا نصرتها لفظيّاً أو من دون أكلاف، إن كانت هذه النصرة تخدم مصالحه. ومنهم أيضاً الصادقون في عملهم من أجل حق العودة، لكنّهم أصحاب رؤية في ضمان هذا الحق، ومستعدّون في سبيل انتصار هذه الرؤية لاستغلال أشياء كثيرة.لا يمكن الحريص على القضيّة الفلسطينيّة أن يساوي بين أبناء هاتين المروحتين الواسعتين. وإذا كانت هذه اللحظة السياسيّة تقتضي التشديد على أنّه ليس لدى أنصار قضية فلسطين وتحرير الأراضي العربيّة ما يخسرونه من الثورات العربيّة، وأنّ مزيداً من الديموقراطيّة في العالم العربي لا يعني إلا مزيداً من العداء لإسرائيل، فإنّ اللحظة نفسها تتطلّب الحذر ممّن يريدون تقديم فلسطين قرباناً على مذبح رياح التغيير في المنطقة.ردود الفعل على الدم الفلسطيني الذي سال في مارون الراس مثيرة للقلق حقاً. فتجاهل إدانة إسرائيل، أو إدانتها ببرودة شديدة، أو تصوير من قضوا بالرصاص الإسرائيلي ومن كانوا مستعدّين لتقطيع الأسلاك الشائكة بأسنانهم على أنّهم صبية مغفّلون أو أدوات لمشاريع مشبوهة، هي كلّها إشارات إلى أنّ إسرائيل ليست وحدها من يريد التخلّص من حقّ العودة.رغم كلّ ذلك، رغم الاستغلال والتضحية، سنرجع يوماً. خبّرني العندليب غداة التقينا.
السفير - جهاد بزيكأنما حين أصيب، غرق عربي العنداري في خجله، قبل أن يغرق في دمه. هذا ضوء لا يحبه الرفيق اليساري ابن اتحاد الشباب الديموقراطي ولا يريده لنفسه، هو الذي يفضل في العادة البقاء خلف قضاياه الكثيرة، لا أمامها.وهو حين يصل إلى الشريط الشائك، فلأنّ من عادته أن يكون جنب رفاقه الذين شاؤوا أم ابوا، سيبقون عاجزين عن تحريره من شعوره العميق بالمسؤولية عن سلامتهم الجسدية، وعن نقاء قلوبهم.كما أنه لن يجيد الفرجة من بعيد. هو، عند الشريط، سيكون مشغولاً بهموم عديدة: ملآن بحماسة الاقتراب حد الالتصاق بقضيته الأولى، وخائفاً على الناس من حوله، ومفكراً في الطريقة الأفضل لتسجيل انتصار ولو معنوي على البندقية العدوّة، ومتفائلاً، على عادته الدائمة، حتى يكاد لا يخسر ابتسامته بينما الرصاصة تخترق كاحله.نجا الرفيق عربي من الموت. هو الآن ممدد في المستشفى في استراحة قسرية لناشط سياسي أقرب إلى الحالة النادرة. مريضٌ بالتفاؤل الدائم، ولا أمل بشفائه من هذا المرض، هو الذي نذر نفسه لأن يعدي الناس بمصابه الجميل. عربي المحظوظ بكل الشغف الذي فيه، يمضي به من فكرة إلى فكرة، ومن تحرك إلى تحرك، ويجعله يلف لبنان مشياً، من أجل أحلامه الكبيرة لبلد عادل لا تلتهم فيه الطوائف والطائفية حاضر أبنائه ومستقبلهم. وطنٌ يختاره ناسه ولا يفرض عليهم. لبنان بلا كل أسباب تكرار حروبه الأهلية. هذه الأسباب التي كأنما وضعها عربي في لائحة بلا نهاية، ومشى إلى معاركه كلها، محاطاً برفاقه، ممسوساً بفهم متقدم لمعنى الديموقراطية في العمل السياسي، مقدماً الغاية النبيلة للتحرك على مصلحة «اتحاد الشباب» نفسه، محاوراً الجميع، بدءاً من نفسه، سائلاً طوال الوقت، ومصغياً ومتعطشاً إلى النقد.سيكون ورفاقه، دوماً حيث يجب أن يكونوا، وحيدين، وقلّة في تحركاتهم العنيدة من أجل مطالبهم المحقة، يشبهون صوتاً داخلياً مصراً في ذهن بلد لا يريد الاستماع إليه. يخطئون إذ يسقطون أحياناً في الاستسهال وفي الخفة، غير أنهم يحاولون، واثقين على الاقل بأنهم لا يضمرون عكس ما يهتفون.ويفرحون حين يجدون أنفسهم ذابوا بين كثرة تظاهرت ضد النظام الطائفي. كثرة ليست بالضرورة حمراء مثلهم، ولا مؤدلجة مثلهم، لكنها تلتقي معهم في ما يشاؤون لبلدهم أن يصل. افتخروا، ولم يتفاخروا.وهو، ورفاقه، لن يحتاجوا قط إلى دليل يمضي بهم صوب مارون الراس. تلك طريق يعرفونها، وتلك حدود يحفظون معناها. وهناك، إذا سقط عربي العنداري جريحاً، فلن يدعي بطولة. هذه بديهة عنده. ليست للحظة بديهة عامة.إصابته ليست بطولة، كما أن نجاته من الموت هي بحت صدفة حسنة. لعربي قيمة أخرى لا يفعل جرحه إلا التذكير بها: عربي سياسي لبناني شاب، يخوض تجربة مختلفة، المثالية فيها ليست عيباً، والصدق ليس بلاهة، والديموقراطية ليست مجرد خرافة أخرى. تجربة يحتاج فيها عربي إلى الحوار لا إلى التزلف، وإلى الافراد لا الى الطائفة، وإلى الاختلاف لا إلى التنبؤ بما يدور في ذهن الزعيم. وإلى الاحلام... لا إلى التمرن على كيفية توضيب الافكار في الصناديق.تجربة يكون فيها الرفيق عربي حقيقياً، إذ يسقط في حيائه، حين يسقط في دمه.