السفير
اختتم، السبت الماضي، أعضاء مجلس أمناء «الجامعة الأميركية» في بيروت جولتهم الاستطلاعية بلقاء جمعهم برئيس الجامعة بيتر دورمان وأعضاء الحكومة الطالبية. وكان أعضاء الحكومة قد التقوا، في الثالث من الشهر الجاري، أربعة أعضاء من الوفد، وعرضوا حججهم ومطالبهم. وهذه الزيارة، وفق أحد منظمي التحرك الاعتراضي في الجامعة، بالإضافة إلى تأجيل البت في قرار الزيادة على الأقساط من شهر آذار إلى أيار المقبل، تعبر عن حجم الضغط الذي مارسه تحرك الطلاب على قرارات الإدارة. لم تكن جلسة السبت أكثر من جلسة وداع، ولم يصدر عنها أي موقف، أو نتيجة، حتى الآن. لكن الطلاب كانوا، في اليوم نفسه، قد أصدروا بياناً شرحوا فيه أسباب التوقيف الموقت لتحركهم أمام مبنى «الكولدج هول»، مقابل وعد من قبل عميد شؤون الطلاب، الذي اجتمعوا إليه في مكتبه يوم الجمعة الماضي، بتنفيذ اثنين من مطالبهم، وخصوصاً المتعلقة بمناقشة الطلاب بالخطة الاقتصادية المقترحة من الإدارة بشفافية أكثر، وأن تقدم الموازنة المقترحة في وقت أسرع مما تعمل عليه إدارة الجامعة. على أن رسالة رئيس الجامعة بيتر درومان، التي أرسلت إلى الطلاب بعد ظهر يوم الجمعة، بدت في توجهها، على ما يلفت بيان الطلاب، غير واضحة في موقفها من المطالب التي وُوفق عليها سابقاً، وفي اليوم نفسه. «وهذا ما فاجأنا، إذ اننا كنا نتوقع تجاوباً مختلفاً، يتسق مع نتيجة اجتماعنا الصباحي مع عميد شؤون الطلاب، ومبادرتنا بتعليق اعتصامنا أمام مبنى الإدارة الذي استمر ثلاثة أيام»، وفق أحد منظمي التحرك. وخلاصة ذلك، وفق البيان، «أن لا بديل من استكمال التحرك حتى يصل صوتنا وتكون الإدارة، بصدق، مستعدة لسماعه. وفي حال عدم وجود أحد آخر يريد أن يدافع عن مبادئ هذه المؤسسة، فإن طلابها سيفعلون، وهذا ما يجب أن يعرفه مجلس الأمناء». والتحرك، في اندفاعه منذ شهرين، وصل اليوم إلى مرحلة «يجبرنا فيها أن نفكر بهدوء أكثر في كل خطوة مقبلة، بحيث لا نستنفد طاقة المنظمين وطاقات الطلاب». على أن الخطوة المقبلة لم تتحدد بعد، وفق ما يقول مصدر من داخل التحرك لـ«السفير». «يوجد كثير من الأفكار لنضغط على الأرض أو بأساليب أخرى. وقد نستعين بمتخرجين سابقين من الجامعة ووسائل الإعلام، لكن حتى الآن لم نحسم قرارنا». ويفترض، من اليوم الاثنين، أن تتضح الخطوات المستقبلية للطلاب وتوجهاتهم. «لكن كل ما سبق يبقى تحت سقف استمرار التحرك، مع اختيار خطوات توجع الإدارة أكثر»، وفقه.
سهى شمص - الاخبار
في الاعتصام الذي نفذته «لجنة المؤتمر الوطني للدفاع عن حقوق المستأجرين» نهار السبت الماضي في ساحة ساسين ــ الأشرفيّة، تهافت المعتصمون على وسائل الإعلام لرواية قصصهم لتوثيقها.
عشرات المستأجرين معظمهم من سكّان الأشرفيّة، بدت عليهم معالم الصدمة وهم لم يصدّقوا أنهم فعلاً قد يهجرون بيوتهم بفعل قانون الإيجارات الجديد، جملاً متداخلة وشكاوى لا تنتهي يتسابق أصحابها لقولها على مكبّر الصوت، الذي تناقلته أيديهم خلال الاعتصام: «الأشرفية لن تصبح سوليدير جديدة»، «الحرب لم تهجّرنا من بيوتنا لكي تأتوا أنتم يا نوّابنا وتهجّرونا»، «لا تشرّدونا دون أي تعويض إخلاء»، «ردّوا القانون إلى مجلس النوّاب لدرسه من جديد»، هي أبرز الشعارات التي رفعها المعتصمون. تخلل الاعتصام قطع طريق ومسيرات في الشوارع المتفرّعة من ساحة ساسين. كانت الأمور عفوية، وهدف المستأجرين التعبير عن سخطهم من قانون الإيجارات الجديد بكل الوسائل. تصرخ امرأة في الستّين من عمرها عبر مكبّر الصوت، «أنا بقيت بالشقّة إيام الحرب الأهلية وحميتها، الحرب ما هجّرتنا إنتوا بدكن تهجّرونا.» ينتزع منها رجل خمسيني مكبّر الصوت ويقول «من الأشرفيّة تحيّة لأهل الحمرا، الضاحية، المصيطبة، طرابلس، الجنوب، بعلبك وجميع مناطق لبنان. كلنا يد واحدة ضد هذا القانون». تحمل امرأة لافتة مكتوب عليها بخط اليد، «بيروت بتنوعها المذهبي الحضاري كباقة ورد متنوّعة، فلا تعيدوها مئة عام إلى الوراء»، وتحاول جاهدةً رفعها بوجه الكاميرات ليراها الجميع.
تخلل الاعتصام قطع طريق ومسيرات في الشوارع المتفرّعة من ساحة ساسينيروي الممثّل يوسف فخري، المعروف بدور «كوكو» في برنامج «الدنيا هيك»، لـ»الأخبار» أنّه مستأجر قديم ويبلغ إيجاره في السنة 500 ألف ليرة. «أنا حالياً متوقّف عن العمل وليس لدي أي ضمان. لا يمكنني أن أتحمّل أي تكاليف إضافيّة جرّاء زيادة في الإيجار». ويتابع «الأفضل إقرار مشروع ضمان الشيخوخة عوضاً عن هذا القانون الذي سيشرّد المئات من المسنّين». يروي مهنّس طولونجيان (75 عاماً ويسكن في حي الرميل ــ الأشرفيّة) أنه «مضى 40 سنة على استئجار منزلنا أنا وزوجتي، ونحن ندفع 500 ألف ليرة كل سنة، لقد استرّد صاحب البناية ثمنها أضعافاً مضاعفة من جميع المستأجرين. قبل أن يبيعها إلى مستثمر سوري بمبلغ 200 ألف دولار منذ ما يقارب عشرين عاماً.» ويسأل «لماذا لا يقرّون سلسلة الرتب والرواتب قبل إقرار قانون كهذا؟ من يبلغ حجم مدخوله 3 آلاف دولار يمكنه أن يدفع ألف دولار كإيجار، أمّا نحن فماذا يمكننا أن نفعل؟». لور (67 عاماً، مستأجرة في حي كرم الزيتون ــ الأشرفيّة) تشتكي: «أنا أدفع 400 ألف ليرة بدل إيجار منذ 27 عاماً، ومدخولي فقط مليون ليرة في الشهر، بالكاد يكفي، لا يمكنني أن أدفع ولا ليرة أكثر». يقاطعها جوزيف رعيدي ويطلب توجيه كلمة إلى النائب روبير غانم (رئيس لجنة الادارة والعدل التي أقرّت قانون الإيجار الجديد): «يا سعادة النائب لا تقف بوجه الفقراء، كن كما كان أبوك إسكندر الذي كان يساعد الفقراء.» يسمعه سبع المتيني ويرفع صوته وسط المعتصمين ويصرخ، «أنا دافعت عن الزعماء ووقفت على المتاريس إيّام الحرب وهلّأ بدّن يكبّوني برّا». شارك في الاعتصام أيضاً عدد من المحامين الأعضاء في نقابة المحامين، بحسب المحامي مارك أبو نصّار الذي قال إنه «حصل تعتيم إعلامي حول القانون دون أن يتم شرحه بشكل مفصّل للناس، لأن قانوناً مؤلّفاً من 18 صفحة لا يمكن أن يفهمه المواطن العادي بسهولة ويعي إجحافه بحق المستأجرين». «لجنة المؤتمر الوطني للدفاع عن حقوق المستأجرين» دعت إلى اعتصام اليوم أمام مجلس النوّاب في رياض الصلح، وغداً في الحمرا الساعة الرابعة بعد الظهر، وأعلنت عن تحركين موازيين في صيدا وطرابلس. وانضم الاتحاد العمالي العام الى حملة المطالبة بردّ القانون من قبل رئيس الجمهورية، في حين دعت نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة في لبنان عائلات المالكين القدامى وجميع المظلومين والمقهورين والمتضرّرين من القانون الاستثنائي الحالي للإيجارات القديمة إلى الاعتصام يوم الثلاثاء في ساحة رياض الصلح في بيروت لمطالبة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان بالتوقيع على قانون الإيجارات الذي أقرّه مجلس النوّاب بغالبيّة أعضائه في جلسة 1 نيسان 2014 التاريخيّة، ولمواجهة ما اعتبرته «حملة التضليل والتشويه وتعمية الحقائق التي يشنّها أصحاب المصالح الشخصيّة على القانون». وأوضحت أن القانون مدّد عقود الإيجارات القديمة المعقودة قبل عام 1992 لمدة 12 عاماً، ما ينفي صفة التهجير والتشريد التي يلصقها المضللون به».
مشهد ربيعي بامتياز في «الجامعة الأميركية في بيروت»، أمس. تلونت ساحة «ماين» في اليومين الماضيين بخيم نصبها الطلاب المحتجون على زيادة الأقساط. حركة خفيفة تكفي للتذكير بالإصرار الطلابي وأحقيّة المطالب. يعي المشاركون أنه في هذه المرحلة ليس مهمّاً عدد المشاركين، بقدر ما يحتاج التحرك إلى المواكبة الإعلامية واهتمام المواطنين كورقة ضغط على إدارة الجامعة. يرفض الطلاب أن تكون جامعتهم واقعاً مختلفاً عن التاريخ المجيد. يسترسل الخريج هاني طه، الحريص على مشاركته في التحرك «التاريخي»، على حد قوله، في وصف مشاعره تجاه الجامعة والحدث. يذكّر بتاريخ المؤسسة التي ولدت لأم «إرسالية»، لكنها سرعان ما أصبحت معلماً من معالم بيروت وصدّرت في القرن الماضي الأفكار الثوريّة والحركات النضالية. المهندس الشاب طه يعتبر أن عملية الإنقاذ ومسؤولية الحفاظ على الطابع «الواقعي» للجامعة والملائم للمجتمع اللبناني، تتعديان شارع بلس والحمرا. ويشير عضو الحكومة الطلابية رائد قنطار إلى أنّ «الحكومة الطلابية مصممة على إيجاد صيغة أو اتفاق بين الطالب الجديد والإدارة، تثبت القسط الذي يتوجب عليه دفعه. وبذلك يكون الطالب على علم بأقساطه في سنوات دراسته». ويؤكد قنطار أن الجامعة «ليست بحاجة ماسّة إلى الزيادة كما تدّعي الإدارة»، شارحاً أن «من يقلّص الزيادة من 9 في المئة إلى 6 في المئة فـ2 في المئة، يمكن أن يستغني عنها كليّا». ويسأل قنطار عمّا إذا كانت «فورة المشاريع والتطوير التي شهدتها الجامعة في الآونة الأخيرة تسببت بالحاجة إلى هذه الزيادة». ويقول: «على الرغم من أن التمويل يأتي من الهبات، إلا ان تكلفة التشغيل (operation cost) تقع على عاتق التلاميذ». يتابع مستهجناً: «تغطي أقساط التلاميذ 89 في المئة من ميزانية الجامعة، بينما لا تتعدى في جامعات أخرى 50 في المئة». وعلى الرغم من أن الحكومة الطلابية لا تشارك في تنظيم الاعتصام، إلا انها تؤمن صلة الوصل بين الطلاب والإدارة. فبالنسبة إلى الحكومة الطلابية، وفق قنطار، «يبقى المطلبان الأساسيان هما: إشراك الحكومة الطلابية في اتخاذ القرارات أو على الأقل اطلاعها عليها مسبقاً؛ وممارسة الشفافية المالية لضبط الهدر وحركة الأموال». ولا يخفي منظمو الاعتصام توجّههم إلى التصعيد في حال لم يلمسوا جديّة الإدارة في مقاربة مطالبهم. ويشدّد الطالب الناشط جاد الجاري على «مشاركة طلاب من كل الفئات الاجتماعية. إذ إن المشاركة تقوم على أساس مبدئي وليس على أساس الحاجة فحسب». يضيف: «الجسم التعليمي بأغلبيّته متضامن مع الطلاب، كما أنهم أنفسهم متضررون من فساد الإدارة». ويلحظ جاد أن التحرك هذه المرة يختلف عن تحرك عام 2010 من حيث «التنظيم والنظام». لذلك يستغرب وجود فوج المكافحة «متمترسا» أمام بوابة الجامعة، أول أمس. وترى الخريجة جنى هاونجي أن طلاب جامعتها «استطاعوا أن ينسجوا مشهداً يفتقر إليه لبنان». وتقول: «زيّنت جامعتي رأس بيروت بمشهد ديموقراطي حضاري لم نعتده». ولا يخلو الأمر من النقد، فهناك من يؤكد أنه مع مطلب التحرك وأحقيّته، إلا أنه يرفض أسلوبه: «القضيّة سخّرت للتسلية وتضييع الوقت»، يقول ويرفض التصريح عن اسمه. وعقد اجتماع، أمس، بين ممثلين عن الحكومة الطلابية وأربعة من أعضاء مجلس الأمناء. وأكد أحد الطلاب أن «الأجواء كانت إيجابية، ولمسنا جدية عند أعضاء المجلس في التعاطي مع مطالبنا». وخيّر الطلاب مجلس الأمناء بين تغطية كلفة مشاريعهم وبين المحافظة على طلابهم. ووعد الأمناء بالبحث عن بدائل لتمويل «تكلفة تشغيل المباني»، وبإطلاع الطلاب على ميزانية الجامعة في الاجتماع المقبل. ياسمين شوّاف - السفير
الشكوك بالإيرادات على أنها مجرد تقديرات غير موثوقة وغير مؤكدة وتحتاج إلى تمحيص تحاصر تقرير اللجنة النيابية الفرعية، فيما يضغط رئيس مجلس النواب نبيه بري باتجاه إقرار سلسلة الرتب والرواتب بأسرع وقت لنزع فتيل الأزمة، على الرغم من أن بعض المحيطين به يستبعدون توصله إلى تسوية
فاتن الحاج - الاخبار
يشيع رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه متحمس لإنجاز سلسلة الرتب والرواتب وإعطائها أولوية، لكنه يبحث عن مخارج. أمس، عبّر مرة جديدة عن تمنياته بأن تكون الجلسة التشريعية يومي الأربعاء والخميس المقبلين مخصصة لإقرار السلسلة التي يضغط باتجاه إنجازها سريعاً في اللجان النيابية المشتركة. فهل هناك نية فعلية بالإفراج عن المشروع، بما يضمن حقوق المعلمين والموظفين؟ أم سيكون هناك دفع باتجاه نزع الفتيل فقط بمجرد إقرار السلسلة في المجلس النيابي حتى لو كان ذلك على حساب الحقوق؟ المسألة ليست تقنية مرتبطة بالأرقام والواردات فحسب، بل هناك محاولة سياسية جدية لضرب الإيرادات المدرجة في تقرير اللجنة النيابية الفرعية الذي «بصمت» عليه كل الكتل النيابية. فهل ستحافظ هذه الكتل على هذا الإجماع أم لا ولماذا؟ وهل ستختلف نظرة وزارة المال مع الوزير علي حسن خليل تجاه مصالح الناس عما كانت عليه أيام الرئيس فؤاد السنيورة؟
أم ستكون الكلمة الفصل لمهاجمي المشروع من سياسيين وهيئات أصحاب رساميل سيحاولون مجدداً المس بمشروع قانون السلسلة من باب الإيرادات ومحاصرة تقرير اللجنة الفرعية تمهيداً لنسف المشروع؟ هل سيبقى رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان مدافعاً عن مشروعه بعدما نزع منه آخر سلاح وهو ترؤس اللجان النيابية المشتركة؟ هل سيكون النواب أنصار الدولة أم أنصار تجمع أصحاب الرساميل؟ كنعان قال في مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي أمس إنّه «لا يجوز أن يستغرق الدرس سنتين في الحكومة، وخمسة أشهر في مجلس النواب، وفي حضور كل الوزراء المعنيين وكل الكتل النيابية، وعندما يصل الى التصويت، سواء في اللجان المشتركة أو في الهيئة العامة، يفتح النقاش من جديد، حتى ولو أنّ النظام الداخلي يسمح بذلك، لكن هناك أصحاب حقوق ينتظرون منذ 22 سنة». أضاف: «إذا لم تكن الواردات لتغطية السلسلة غير مقنعة، فتعالوا معاً لنحدد مكان الخلل، وإذا لا فلنسر بهذه السلسلة، لأنّ الأمر لا يحتمل المماطلة والتسويف»، مؤكداً أنّه سيكون لنا «في الأسبوع المقبل موعد مع صدقية كل الكتل النيابية والمسؤولين بالنسبة إلى هذه القضية المعيشية الحيوية». هذا ليس رأي معظم القوى السياسية التي لا تزال تركز على أن هناك شكوكاً كبيرة في أرقام اللجنة التي لا تتجاوز كونها مجرد تقديرات وتحتاج إلى تمحيص حتى تشكل مصادر تمويل مؤكدة وموثوقة. تقول هذه القوى إنّ القرار السياسي هو مع إقرار السلسلة، والرئيس بري قال للنواب «بدّي ايّاها»، لكن في الوقت نفسه نقاش بشأن إمكان أن تزيد السلسلة العجز، وإذا كانت هناك مشكلة في التمويل فسينعكس ذلك على مشروع السلسلة بطبيعة الحال.
هل ستحافظ الكتل النيابية على توقيعها على تقرير السلسلة أم ستنسفه؟
النائب غازي يوسف جدد في حديث إذاعي مطالبة الحكومة باسترداد السلسلة أو الإفصاح عن الموارد المتاحة التي يمكن أن تكون قادرة على تمويلها، لافتاً إلى أنّ اللجنة الفرعية أعطت أرقاماً بعيدة عن المنال. ويشير يوسف إلى أنّ تمويل السلسلة قدر بنحو 2950 مليار ليرة لبنانية سنوياً، أما الموارد المتاحة، برأي النواب، فلن تتعدى 1500 مليار، وبالتالي هناك نقص على الحكومة أن تقول كيف ستوفره. وإذ يرفض زيادة الضرائب في المرحلة الحالية التي يمر بها البلد، يوضح أنّ «موارد النفط في حال بدء التنقيب عنه لن تكون متاحة قبل سبع سنوات، وبالتالي علينا أن نصرف على السلسلة قبل انتظار موارد من النفط»، محذراً من أنّ الدولة على شفير الإفلاس. ثمة تناغم اشتراكي مع هذا الموقف، إذ قال وزير الزراعة أكرم شهيب لـ«الأخبار»، باسم كتلة النائب وليد جنبلاط، «إن هدف الكتلة الأساسي إنصاف الموظف على كل المستويات، والحرص على مالية الدولة وسلامة الاقتصاد؛ فإذا لم تتأمن الواردات، وإذا لم نضمن التحصيل بشكل سليم، فقد نقع في ورطة اقتصادية كتلك التي وقعنا فيها عام 1992.» السلسلة «كرة نار» رمتها حكومة ميقاتي قبل استقالتها بيومين»، يقول شهيب، مشكّكاً في واقعية الإيرادات المتوقعة ودقتها، ومتحدثاً عن «اندفاع كبير بالقدرة على تغطية نفقات السلسلة» التي قاربت 3 آلاف مليار ليرة، ومذكّراً بـ«الموقف السلبي الدائم» لوزارة المالية تجاه الموضوع. وشدد شهيب على «ضرورة أن نكون عقلانيين، نوازن بين القدرة المالية للدولة من جهة، وحقوق المواطنين من جهة أخرى، كي نحمي الموظف ومالية الدولة»، فالأمر يتطلب «عقلانية وهدوءاً، وليس شعبوية» (!) مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدرس «وأعتقد أن الرئيس بري مستعجل شوي». ويختصر بالقول إننا «سنتأكد من كل معطى، لن نسير بالسلسلة بسرعة ولن نعرقل، سنتابع بحث المشروع بموضوعية للوصول إلى نتائج واضحة». النائب علي فياض يبدو مقتنعاً بأن النقاش الحاصل في اللجان النيابية المشتركة اليوم هو لتحصين السلسلة وليس للتفريط بها. في المقابل، لا يزال موقف مصرف لبنان الذي انتظر النواب أن يكون حاضراً في جلسة اللجان النيابية المشتركة كما هو منذ عام ونصف عام، إذ أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث صحافي الحرص على ألا يؤدي إقرار السلسلة إلى رفع العجز المالي، والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع الفوائد وإلى إدخال البلاد في ركود اقتصادي «كما نسعى إلى تحاشي فرض ضرائب إضافية في ظلّ التباطؤ الاقتصادي الذي نشهده، ما من شأنه إضعاف قدرة لبنان التنافسية».
السفير
بدأت مواجهة قانون الايجارات في الشارع امس، فلجأ اللقاء المنعقد رفضاً لقانون الإيجارات الجديد، في اول تحرك له، لقطع الشارع الرئيسي، بين منطقتي الكولا والاونيسكو، احتجاجاً على القانون، بعد اجتماعه في مقر «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين». وأكدت لـ «السفير» انها ستستمر بالتحرك تصعيدياً، كل يوم، وبالوسائل الديموقراطية المتاحة. قرر اللقاء الدعوة الى مؤتمر وطني للمستأجرين، يجري خلاله مناقشة وإقرار خطة تحرك شاملة، انطلاقاُ من حقهم في استخدام كل الوسائل والأساليب المشروعة، مكرراً «رفض المستأجرين القانون الأسود جملة وتفصيلاُ، ويرون في إقراره من قبل المجلس النيابي وصمة عار بحق التشريع وحقوق الإنسان والوطن. إن القانون المقر ليس أقل من جريمة بشعة بحق أكثر من ثمانمئة ألف مواطن، لأنه سيؤدي إلى تشريد وتهجير الغالبية الساحقة منهم، يضافون راهناً الى مليون ونصف مليون نازح سوري ونصف مليون لاجئ فلسطيني. إن النتائج الكارثية لهذا القانون تفوق ما نجم عن الاعتداءات والحروب الإسرائيلية والحرب الأهلية على السواء وطالت اللبنانيين من تهجير وفرز طائفي وقهر اجتماعي ومعاناة إنسانية. واعتبر «أن إقفال أبواب المجلس النيابي ولجانه أمام لجان وتجمعات المستأجرين، وإدارة الظهر لهم وتجاهل حقوقهم والاستهانة بها، يشكل تأكيداً على أن الغالبية الساحقة من النواب ليست سوى وكيل أصيل لمصالح كبار الملاكين والشركات العقارية وأصحاب المصارف وتجار البناء، الذين خططوا لتفريغ المدن الكبرى، خاصة العاصمة، من الفقراء وذوي الدخل المحدود وما تبقى من طبقة وسطى». ويرى اللقاء ان «رئيس الجمهورية هو الحصن الأخير لحماية السلم الاهلي وقادر على حماية الحقوق المشروعة لأكثر من مئة وثمانين ألف عائلة وحقها في السكن»، مقرراً «طلب موعد لمقابلة رئيس الجمهورية وتسليمه مذكرة»، آملاً منه عدم تصديق القانون ورده الى المجلس النيابي لإعداد قانون متوازن يحفظ حقوق المستأجرين بما فية تعويض الإخلاء ويحمي حق عائلاتهم في السكن. ودعا المجتمعون المستأجرين وعائلاتهم الى التحرك دفاعاً عن حق عائلاتهم في السكن والنزول الى الشارع والمشاركة في الاعتصام الشعبي في ساحة رياض الصلح الساعة العاشرة قبل ظهر نهار الأربعاء المبقل 9 نيسان، استنكارللجريمة النكراء التي أقدم عليها المجلس النيابي،على ان يعقد اجتماع تحضيري الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر الاثنين في 7 نيسان 2014 في مقر «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان» من اجل إنجاح التحرك. «العمالي»: يشرد اللبنانيين يطالب «الاتحاد العمالي العام» رئيس الجمهورية ميشال سليمان بأن لا يصادق في نهاية عهده على قانون إيجارات يشرّد اللبنانيين المستأجرين ويؤدّي إلى مأساة اجتماعية، وأن يبادر مشكوراً وفوراً بردّ هذا القانون إلى المجلس النيابي لإعادة درسه وتشكيل لجنة وطنية تضع خطة إسكانية وطنية شاملة ليقرّ على ضوئها قانوناً جديداً منصفاً وعادلاً للإيجارات. ويدعو الاتحاد إلى لقاء وطني موسّع بمشاركة كلّ الأطراف المعنية والمتضرّرة لمواجهة هذا القانون التهجيري الذي سيؤدّي إلى كارثة اجتماعية وإنسانية.
مع دخول الأزمة السورية عامها الرابع، بات معظم السياسيين اللبنانيين يُجمعون على القول إن العدد الكبير للاجئين السوريين في لبنان يشكل «تهديداً وجودياً» له. لكن الحلول التي يطرحونها للحدّ من هذا التهديد تدور حول المشكلة ولا تعالجها: مساعدات مادية وإنشاء مخيمات. الوزير السابق شربل نحاس يقدّم مقاربة مختلفة لطريقة المعالجة، تنطلق من الاعتراف بالواقع ومحاولة حرف مساره عبر خلق حلقات إنتاج جديدة تربط سوريا بلبنان
مهى زراقط - الاخبار
لا أرقام رسمية صادرة عن الدولة اللبنانية تخبرنا عن عدد اللاجئين السوريين إليه منذ اندلاع الأزمة السورية قبل ثلاث سنوات. وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أعلن مطلع شهر آذار الفائت، أن الدولة ستعلن رسمياً رقم «المليون النازح الذين تعترف بهم الأمم المتحدة، (وأعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين هذا الرقم أمس) وأكثر من 250 ألفاً دخلوا بطريقة غير شرعية»، فيما كان رقم المليون، وأكثر، متداولاً على ألسنة الوزراء منذ شهر تشرين الأول الفائت. أي إن العدد يفترض أن يكون قد تجاوز بأشواط رقم المليون و250 ألفاً الذي يتبناه درباس، وإن توقع أن يصبح عدد النازحين السوريين موازياً لعدد سكان لبنان في نهاية عام 2015.
بدورها، خلت كلمة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، التي ألقاها في القمة العربية بتاريخ 25 آذار الفائت من الأرقام، بل اكتفت بالإشارة إلى أن اللاجئين على الأراضي اللبنانية باتوا يشكلون أكثر من 32 في المئة من مجمل عدد سكانه. ويستند كلّ من درباس وسليمان إلى أرقام المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين، وتقرير البنك الدولي الذي صدر في شهر أيلول 2013، ويكشف عن وجود 914 ألف لاجئ سوري في شهر أيلول الماضي، مع توقعات بارتفاع العدد إلى مليون و600 ألف لاجئ نهاية العام الجاري. يمكن الاكتفاء بهذه المعلومة لفهم الطريقة التي تتعامل فيها الدولة اللبنانية (أو لا تتعامل) مع قضية اللاجئين السوريين. منذ بداية الأزمة السورية، سيطر الإرباك على إدارة هذا الملف. كان مجرد الاعتراف بدخول لاجئين من سوريا مادة لسجال سياسي بين طرف موالٍ للنظام السوري وآخر معارض له. أما الحديث عن تقنين لهذا الدخول، فكان مادة لسجال أخلاقي بين اللبنانيين الذين شُغلوا في تصنيف بعضهم لبعض: إنسانيون وعنصريون. لم يخرج اللبنانيون بخطاب بعيد عن هذه المعادلات الثنائية في التعامل مع الموضوع. ويتردّد أنّه، حتى الحلّ الوحيد الذي يتفق عليه معظم السياسيين اليوم، وهو المطالبة بالمساعدات من الدول المانحة، لم يأت نتيجة شعور بوجود مشكلة تستدعي حلاً. بل جاء على خلفية تحرّك أردني بين الدول المانحة، ما استدعى سؤالاً فرنسياً للبنانيين: وأنتم، ألا يوجد لاجئون سوريون عندكم؟ وكان الجواب: «بلى، عندنا الكثير». بعدها، ولدت بعثة البنك الدولي لتقويم أثر اللجوء السوري في لبنان، وخرجت بتقريرها الذي دقّ ناقوس الخطر في أيلول الفائت، مع الإعلان أن خسائر لبنان الاقتصادية جراء الأزمة السورية تقدّر بنحو 7,5 مليارات دولار. ورأى التقرير أن لبنان لا يستطيع تحمّل كلفة لجوء هذا العدد الكبير من السوريين، مطالباً الدول بمساعدته. وللغاية، عقد اجتماعان لمجموعة الدعم الدولية، الأول في شهر أيلول الفائت على هامش دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والثاني في 5 آذار 2014 في العاصمة الفرنسية باريس برعاية الأمم المتحدة. وكان قد سبقهما المؤتمران الدوليان اللذان عقدا في الكويت لدعم النازحين. حصل لبنان من هذه الاجتماعات على وعود بالمساعدة، فيما غابت الخطط المقترحة من قبل اللبنانيين لطبيعة المساعدة التي يريدونها. بخلاف المال الذي يسدّ عجز الدولة عن تقديم الخدمات المضاعفة، ترتفع أصوات المطالبين بإقامة مخيمات للاجئين. منهم من يريدها في لبنان (اقترح النائب وليد جنبلاط مطار القليعات)، ومنهم من يقترح إقامتها داخل الأراضي السورية (اقتراح الوزير جبران باسيل الذي حظي بتأييد من الوزير رشيد درباس).
لكن هل يشكل هذا الاقتراح معالجة جدية للواقع القائم على الأرض؟
على مرّ الأزمات التي عصفت بلبنان، أثبتت التجارب أن المساعدات المالية لا تسهم إلا في تسكين الوجع، وخصوصاً أنها ستنقطع بعد حين. عندما تتبدّل أولويات الدول المانحة، أو حين يصبح المجتمع اللاجئ عبئاً على الدول الكبرى، «الإنسانية». إنسانية إلى حدّ أنها تنتقي اللاجئين الذين ستدخلهم إلى بلادهم بناءً على لائحة طويلة من الشروط تبدأ من العمر والمستوى التعليمي، ولا تنتهي عند الطائفة. أما المخيمات، فليست حلاً بديهياً. كأن نقيم مخيماً وينتهي الأمر، من دون الإجابة عن أسئلة أساسية: ماذا سيفعل اللاجئون في المخيمات؟ هل سيقيمون في مكان مسوّر ويمنعون من الخروج على أن توفّر لهم مختلف احتياجاتهم، أم سيكون متاحاً لهم العمل في لبنان؟
نحاس: حرف المسار
في هذا السياق، تندرج مقاربة الوزير السابق شربل نحاس لقضية اللاجئين السوريين. برأيه «لا يجوز التعامل مع هذه المسألة من باب إزاحتها وإحلال أخبار ثانية مكانها من صنف التغيير في نسب الطوائف، والتقويم الأخلاقي على قاعدة إنساني وعنصري. نحن خبرنا الحرب الأهلية، فمن يتذكر منّا اليوم ماذا حصل في المكان الفلاني عام 1977؟ أو ما كانت مواقف فلان أو فلان من حدث معيّن؟ ما نتذكره المفاعيل الدائمة: أين كنّا وأين أصبحنا». لذلك يقترح معالجة للمشكلة تتعامل مع الواقع القائم حالياً على الأرض، وهي تقوم على محاولة حرف هذا الواقع عن مساره، والتكيّف مع الحالات التي ستنجم عنه لاحقاً.
يشرح نحاس فكرته انطلاقاً من خلفية تفيد بأن الحرب الأهلية «تخلق عدداً من حالات الأمر الواقع التي تستمر بعد انتهائها. لا شيء يعود إلى ما كان عليه». وهذا يعني أنه لا يجوز التعامل مع الموضوع على قاعدة أن هناك حرباً اندلعت، ومع انتهائها، سيعود كلّ السوريين الذين غادروا بلدهم إليه. «هذا الوهم يتناقض مع التحليل العلمي لما ينجم عن الحرب الأهلية وأبرزه البطالة». والأخيرة، هي التي تسبّب مغادرة السوريين لوطنهم «لو كان السبب الأساسي أمنيّاً، لكانت حركة النزوح قد صبّت في المناطق الأكثر أمناً في الدولة نفسها، وهي موجودة». وبما أن لبنان كان دائماً بلداً جاذباً للسوريين، حطّت الغالبية من اللاجئين فيه، وخصوصاً مع عدم وجود قرار سياسي بتنظيم الدخول أو الحدّ منه على غرار الدول المجاورة الأخرى. وجاءت المساعدات، لتشجّع المتردّدين على اللحاق بمن سبقهم، مصطحبين عائلاتهم؛ لأن المساعدات توزّع على العدد. هكذا، يحصّل اللاجئ جزءاً من معيشته من المساعدات (سواء عبر استخدامها أو بيعها)، ويبحث عن تحصيل الجزء الباقي من خلال العمل الذي يرضى به مقابل أي أجر. يقول نحاس: «هنا يكمن التحدّي الأبرز الذي يواجهه لبنان، ذلك أن دخول ما يقارب 35% من القوة العاملة إلى بلد ما، يرضون بأجر دون الحدّ الأدنى، كفيل بخفض الرواتب فيه، وهي بدأت بالانخفاض فعلاً. أما التحدّي الثاني، فيكمن في ارتفاع نسبة الهجرة لدى اللبنانيين، ونكون عندها أمام حالة إحلال. وإذا التفتنا إلى أن المستقبل الذي تذهب إليه سوريا، سيجعلها من الدول الفقيرة، التي ستشكّل مخزوناً من اليد العاملة لبلدان المنطقة نغطس في الحفرة كلياً، وهذا الأثر يصبح دائماً ولا يعود مؤقتاً».
كيف نتعامل مع هذا الأمر؟
يقدّم نحاس الفكرة الآتية: «نحن في دولة وقع فيها حدث طارئ غير مرتقب، هو زيادة القوة العاملة فجأة. المطلوب أن نفكر بكيفية مقابلة هذه الطاقة الإنتاجية المعطلة بزيادة فجائية وكثيفة ودائمة للطلب وللاستثمار في رأس المال. يكون ذلك من خلال جعل عملية الاستثمارات متصلة بحلقات معينة لتطوير سلع، منتجاتها الأساسية قابلة للإنتاج في سوريا حتى في ظروف الحرب، فيما تكون الصناعات التحويلية عندنا نحن». مثلاً، «تعدّ سوريا ثاني أو ثالث منتج للقمح القاسي الذي تصنع منه المعكرونة. يمكن الاستعانة بسلسلة من الوسطاء (حتى لو كانوا من سماسرة الحرب) يقنعون مزارعين في قرية سورية ما بزراعة القمح (أو الزيتون، أو القطن)، مع وعد بشراء المحصول، وإرساله إلى لبنان الذي يفترض أن يصنّعه، سواء عبر إنشاء مصانع محلية أو قدوم شركات عالمية لافتتاح مصانع لها هنا». عندها، يذهب لبنان إلى مؤتمرات الدعم الدولية التي تعقد من أجله، وهو يحمل خطة عمل: «لن تستمرّ قضية اللاجئين السوريين بالشكل الحالي، لأنها تتخطى الاعتبارات الظرفية والإنسانية على أحقيتها. لذا نحن نطلب منكم الآتي: 1- إصدار قرار سياسي يعتبر المنتجات الآتية من لبنان أو سوريا دون تمييز في المنشأ أن تعامل كالمنتجات الوطنية عندكم. 2- افتتاح نموذج مصغّر عن البنك الدولي في لبنان للقيام باستثمار مباشر، أو تقديم كفالات، أو قروض لإنشاء هذه الصناعات التحويلية. 3- إنشاء صندوق دعم لتغطية الكلفة الإضافية الناتجة من حالات المخاطر». ويرى نحاس أن «التعامل مع قضية اللاجئين انطلاقاً من هذه الخلفية يمكنه أن يثبت صيغة للعلاقات الاقتصادية بين لبنان وسوريا في المرحلة اللاحقة، استباقاً لما سينجم عن حالات الأمر الواقع قيد التشكّل. وأهمّ ما فيه أنه سيخلق، إن طبّق، وضعية تتيح للسوري أن ينضم إلى واحدة من حلقات الإنتاج، وقد يعود إلى الحلقة الاساسية، وهي الزراعة في أرضه، إذا ضمنّا له تسلّم المحصول». أمر آخر لا يقلّ أهمية هو أن «هذا الكلام لا يستدعي اتخاذ أي موقف من صراع الأطراف في سوريا». طبعاً، الأمر ليس سهلاً. «إذا اقتنعنا به، يمكن أن نفرضه. لا يجب أن نعرضه ونحن لا نصدّق قدرتنا على تنفيذه. يجب أن يكون هناك من يقول: إما أن تأخذوا هذا الموقف وإما أننا غير مستعدين على الاستمرار في هذه الطريقة...». فهل من يقتنع به، أو يقدّم بدوره اقتراحاً آخر يتجاوز تسوّل مساعدات ستتوقف يوماً ما، أو المنادة بإقامة مخيمات لن تنجح في ضبط التزايد في عدد اللاجئين؟
أمس، استكمل مجلس النواب جلسته التشريعية. أقرّ حتى الآن 33 قانوناً لا تربط بينها أي رؤية، سوى عطش واضح إلى إمرار كمّ هائل من المنافع «الخاصّة»، كانت معلقة بانتظار عودة «التشريع». لم يتصرّف النواب بما يوحي أنهم مهتمون بقلق ناخبيهم وخوفهم على أمنهم وسلامتهم وعيشهم وكرامتهم... لم يظهر أي ميل لتعويض الناس عمّا يعانونه من آلام ومصاعب بسبب تخلّي القوى السياسية المسيطرة على البرلمان عن كل حسّ بالمسؤولية.
ولعل الكلمة التي وزّعتها «المبادرة المدنية لقيام الدولة»، في اعتصامها أمس للمطالبة باعتماد النسبية كنظام انتخابي، تختصر الكثير مما يمكن وصفه. توجّهت الكلمة إلى الجالسين في مقاعد النوّاب: «لا استقامة في جلوسكم في هذه المقاعد. لقد خطفتم هذه السلطة... الحلّ الوحيد للعودة إلى الشرعيّة، هو بإعادة هذه السلطة إلى أصحابها في أسرع وقت، بواسطة قانون الانتخاب. وهذا لا يكون بالتخطيط لاقتسامها في ما بينكم، وبالتالي بين الأوصياء عليكم، فالنسبيّة هي الخطوة الأولى في القانون المطلوب لقيام دولة اللبنانيّين لكلّ اللبنانيّين. ولبنان، كما يقول الدستور أيضاً، هو وطن سيّد حرّ مستقلّ، لجميع أبنائه لا لأصحاب المال أو أصحاب السلاح أو أصحاب الدول الأجنبيّة». وتوجّهت أيضاً إلى المواطنين: «المسؤوليّة مسؤوليّتكم... إنّكم، بموجب الدستور، مكلّفون القيام بأعمال الدولة، في صورة دائمة، ناخبين أو مراقبين أو محاسبين أو مقاومين؛ فالتكليف لا ينحصر بمن يقومون بأعمال الحكم والإدارة في صورة عابرة، ولقاء أجر معلوم. المسؤوليّة في هذه الأوقات الخطيرة إنّما هي مسؤوليّتنا»
عماد الزغبي - السفير
نجح الإضراب التحذيري العام والشامل الذي دعت إليه «هيئة التنسيق النقابية» لمطالبة مجلس النواب بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، التي تنص على إعطاء زيادة نسبتها 121 في المئة على الرواتب والأجور وعلى أجر الساعة، مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة لكل القطاعات من دون استثناء، ومن دون تجزئة أو تعديل أو تذرع بالتمويل. وعلى الرغم من التفاؤل الذي أبداه نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمه محفوض في إقرار السلسلة الأسبوع المقبل، بعد انتهاء درسها، أبدت مصادر نقابية خشيتها من عودة هيئة التنسيق إلى الشارع في ظل الأجواء غير المشجعة التي تناقلتها الأوساط السياسية، وأبلغتها إلى الهيئة، ومفادها أن لا إمكان لإقرار السلسلة كما تطالب به الهيئة. وتخوفت المصادر من الدخول في لعبة «الوقت الضائع»، إذ بات استحقاق الانتخابات الرئاسية ضاغطاً، وبالتالي فإن الأفضلية ستكون لهذا الاستحقاق، والوقت يمر سريعا، بين تشكيل لجنة وإعادة دراسة السلسلة. وتؤكد المصادر أنها لن تدخل في لعبة الوقت، وترفض المماطلة. من هنا كانت دعوة رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب للمعتصمين، بالتصويت العلني برفع الأيدي تأييدا لتوصية هيئة التنسيق «بتنفيذ كل أشكال التصعيد المشروعة من إضرابات واعتصامات وتظاهرات وصولاً إلى الإضراب العام المفتوح ومقاطعة أعمال الامتحانات الرسمية، إذا لم تقر السلسلة». وبرزت هذه المحاذير في الاجتماع الذي عقدته الهيئة بعد الظهر في مقر «رابطة المعلمين في التعليم الأساسي»، حيث قومت الإضراب والاعتصام. وبعد توجيه التحية للذين شاركوا في الإضراب والاعتصام، جددت الهيئة للجان النيابية المشتركة التي ستعقد اجتماعها غدا الجمعة، «بإقرار الحقوق المتمثلة بإعطاء 121% حدا أدنى لجميع القطاعات من دون استثناء، بما يحفظ خصوصية القطاعات تطبيقا للعدالة والمساواة أسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية». وأشارت إلى أن «تأمين الإيرادات هو من مسؤولية اللجان»، وشددت على «ضرورة دعوتها للمشاركة في جلسات اللجان النيابية المشتركة وفي صياغة الأرقام والنصوص القانونية المرتبطة بمشروع السلسلة». وأعلنت تمسكها بتوصيتها «بتنفيذ كل أشكال التصعيد المشروعة»، وأبقت اجتماعاتها «مفتوحة لمواكبة التطورات واتخاذ الموقف المناسب في ضوء نتائج اجتماع اللجان النيابية المشتركة، وستعقد لهذه الغاية اجتماعا عند الخامسة من بعد ظهر اليوم في مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي». الاعتصام على الرغم من نجاح الإضراب في المدارس الرسمية وعدد من المدارس الخاصة، وإيصال الرسالة الواضحة لمن يعنيه الأمر، غير أن الالتزام بالاعتصام لم يكن على قدر التوقعات، في ظل مخاوف من الأوضاع الأمنية، ومع ذلك، توافد المعتصمون من بيروت ومن مختلف المناطق اللبنانية، إلى ساحة رياض الصلح، حاملين لافتات تحمّل الهيئات الاقتصادية مسؤولية المماطلة في إقرار السلسلة وتأجيلها، وتؤكد أن «كلفة السلسلة تبقى أقل بكثير من الهدر والفساد والصفقات عند حيتان المال». ودعت الى «فتح باب التوظيف وتثبيت الأجراء والمتعاقدين والمياومين بالفاتورة وبالساعة حسب الكفاءة وسنوات الخدمة والفئات الوظيفية». وشددت على أن «السلسلة حق مشروع وضمان لكرامة الموظفين والمعلمين والعسكريين». كذلك، رفعت شعارات منددة بقانون الإيجارات الذي أقر أمس الأول. وانتقدت أخرى قانون حماية النساء من العنف الأسري «لخلوه من تجريم الاغتصاب وإعطاء حق الجنسية لأولاد الأم اللبنانية». وتزامنا مع انعقاد جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب، في ساحة رياض الصلح، احتشد الأساتذة وموظفو الإدارات العامة والميامون والمتعاقدون والمتقاعدون والعاملون بالفاتورة وأهالي العسكريين، ووسط الهتافات والأناشيد الحماسية، بدأ الاعتصام بالنشيد الوطني، ثم ألقى أمين سر «رابطة الأساتذة المتقاعدين» حسن الموسوي كلمة أشار فيها إلى أنه «لا بد من تصحيح المفهوم الخاطئ للمسؤولين عن المعاش التقاعدي». وقال: «هم ينظرون إليه على أنه هبة أو مكرمة منهم للمتقاعد، وعليه يعاملوننا باستعلاء واستخفاف، بينما هو مجموع المحسومات التقاعدية والترقي طيلة فترة خدمة الموظف». وأكد النقيب محفوض أن «السلسلة ستقر الأسبوع المقبل»، لافتا إلى أن «الانفجار الاجتماعي أخطر من الانفجار الأمني». وقال: «إن قرار الإضراب حق للجميع ولا يمكن لنقيب المعلمين رفضه». وحيا رئيس مجلس النواب نبيه بري «الذي دعا إلى جلسة لإنهاء مطلبنا كما فعل مع المياومين»، موضحا أن «الإضراب أمس تحت سقف القانون، ولم نخالف أي اتفاق مع البطريرك الماروني بشاره الراعي». وأوضح أن «هيئة التنسيق ستحضر لتحركات بعد ظهر غد الجمعة المقبل إذا لم يتم الانتهاء من المشروع». وقال: «نحذر مرة جديدة من الانفجار الاجتماعي بعد عامين ونصف العام من المماطلة». ودعا اللجان المشتركة إلى أن «تنهي موضوع الأرقام وتحيل المشروع إلى مجلس النواب يوم الجمعة لإقراره». ودعا رئيس «رابطة التعليم المهني والتقني» إيلي خليفة المعتصمين إلى «الاستمرار في تحركهم». وقال: «كما ناضلتم 33 يوما وأنتم تصرخون أحيلوها حتى أحالوها، سنناضل 330 يوما وسنصرخ أقروها حتى يقروها». وشدد على أن «إرادة الشعوب هي التي تفرض الحقوق والمكتسبات»، داعيا المواطنين إلى «محاسبة نوابهم في صناديق الاقتراع». وحذر رئيس «رابطة الإدارة العامة» محمود حيدر من عدم إعادة تجربة الحكومة السابقة بالتعامل مع الموضوع. وتوجه إلى المعتصمين قائلاً: «انتفضوا من أجل حفظ كرامتكم، السلسلة حق لنا ولن نتنازل عنها مهما بلغت التضحيات». ورأى أن «السلسلة وإقرارها امتحان لكل القوى السياسية»، لافتاً إلى أن «أكثر من ثلث الشعب اللبناني يستفيد منها». وشدد على أن «الموقف من السلسلة هو موقف من حماية السلم الأهلي واستقرار البلد ووحدته». وتوجه حيدر إلى الرئيس بري قائلاً: «إذا كان هناك من أمل في إقرار السلسلة، فالأمل عند قائد حركة أمل. ونتمنى عليه أن يحدد جلسة تشريعية الأسبوع المقبل ويوعز للجميع بإحالتها إلى الهيئة العامة». وقبل بدء رئيس «رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي» محمود أيوب كلمته، وصل وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب إلى ساحة الاعتصام. ولدى الطلب منه إلقاء كلمة رفض، مشيراً إلى أنه أتى ليستمع إلى مطالب الأساتذة وللتضامن معهم. وقال أيوب: «إنها نهاية الطريق فإما إقرار السلسلة وإما استمرار التصعيد، وصولا إلى الإضراب المفتوح وعدم إجراء الامتحانات الرسمية». وتوجه إلى النواب قائلا: «نقول للجميع إننا لن نغادر الساحات، ولن يتوقف تصعيدنا ما لم تقروا السلسلة، بمعزل عن الواردات التي هي جزء من موازنة الدولة وليست حكرا على السلسلة». واستهل غريب كلمته بتوجيه التحية إلى روح النقابي كامل شيا الذي «يغيب عن اعتصام للمرة الأولى». وقال: «ها نحن هنا وسنبقى هنا، نضرب ونعتصم ونتظاهر حتى نحقق ما تريدون: إقرار الحقوق، ثم الحقوق، وبمعزل عن الإيرادات، أي إقرار السلسلة التي تضمن الحقوق لا تلك التي تضربها.. إقرار السلسلة، في جلسة اللجان النيابية المشتركة يوم الجمعة، ليصار فورا الى إقرارها الأسبوع المقبل في الهيئة العامة». وتوجه الى النواب بالقول: «افتحوا باب التوظيف في الدولة اللبنانية وسدوا الشواغر. أنصفوا المتعاقدين وألغوا التعاقد الوظيفي وادعموا الإدارة العامة. ادعموا التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية وحق التفرغ والترقي الوظيفي للأساتذة والموظفين». وحذر من ضرب الموظفين في قانون السلسلة، «كما ضربتم المستأجرين في قانون الإيجارات، والمرأة في قانون العنف الأسري». وشدد غريب على أن إيرادات السلسلة، هي «في وقف الهدر والفساد والصفقات، هي عند حيتان المال، عند مغتصبي أملاك الدولة البحرية والنهرية، لا عند أصحاب الدخل المحدود والعمال والفقراء». ثم كانت كلمات باسم موظفي «الجامعة اللبنانية» والأجراء والعاملين فيها، ولجنة المتعاقدين والأجراء والمياومين بالفاتورة والساعة، كما ألقت المذيعة في «إذاعة لبنان» بارعة الخليل كلمة، وكانت كلمة باسم الطلاب ألقاها جيرار شرارة. التزام بالإضراب كانت المدارس الرسمية في المناطق اللبنانية قد التزمت بالإضراب، فيما تفاوتت النسبة في المدارس الخاصة التي أبقى بعضها أبوابه مفتوحة، ففي بعبدا أقفلت المدارس الخاصة والرسمية أبوابها، وعكف الموظفون عن إنجاز المعاملات في المؤسسات العامة والبلديات، كما عقدت جمعيات عامة للمعلمين في المدارس والثانويات وللموظفين الإداريين في «الجامعة اللبنانية» بالحدث، تحضيراً للخطوات اللاحقة المنوي تنفيذها في حال عدم تحقيق المطالب. وفي قضاء عاليه ومناطق المتن الأعلى أقفلت المدارس أبوابها، وعقدت جمعيات عامة في المدارس الرسمية توجه بعدها الأساتذة إلى العاصمة للمشاركة في الاعتصام المركزي، في وقـــت لم تلتزم معظم المدارس الخاصة بقرار الإقفال. وفي صور والنبطية وجزين، وعكار والضنية، والهرمل، والبترون توقفت الدراسة تماما، وتوجه المعلمون إلى بيروت للمشاركة في الاعتصام. أما في طرابلس، فأقفلت المدارس تضامنا مع الإضراب، إلا أن المدارس الخـــاصة لم تلتزم، للتعويض على التلامذة بدل أيام AffinityCMSت القتال.
متطوعو الدفاع المدني يعتصمون نفذ متطوعو جهاز الدفاع المدني عدداً من الاعتصامات في بيروت (الروشة والكولا) وبعلبك وجونيه والهرمل، تزامناً مع اعتصام «هيئة التنسيق النقابية» لمطالبة مجلس النواب بعدم سحب البند المتعلق بتثبيتهم والمدرج تحت الرقم 41. وقال المتطوع يوسف ملاح، في بيروت، إن «هناك اكثر من ألفي متطوع يمثلون كل لبنان بعيدا عن أي انقسامات مذهبية أو فئوية ويقدمون الدعم والمساعدة في الحروب أو الانفجارات واندلاع الحرائق وغيرها من الأحداث وعند اصابتهم لا يكاد راتبهم يكفي علاجهم وطالب بإنصافهم وإعطائهم حقوقهم». ووزع المعتصمون في بعلبك بيانا دعوا فيه «الى تنفيذ مشروع الدفاع المدني الذي بات في خطر»، وجاء فيه: «نحن اليوم في مهب الريح ومشروع الدفاع المدني سينصف الجميع، رجاء ابصروه النور اليوم قبل الغد». وأعلن النائب نواف الموسوي أن رئيس مجلس النواب نبيه بري «توصل إلى ابقاء اقتراح قانون تنظيم مديرية الدفاع المدني على جدول الاعمال، وأعطى وزير الداخلية مهلة اسبوع ليورد ملاحظاته». وقال في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب: «بلغنا أن متطوعي الدفاع المدني في حالة اعتصام لانه بلغ مسامعهم أن هناك سعياً لاسترداد اقتراح القانون»، مؤكداً أن اقتراح القانون «ما زال على جدول الأعمال وسندافع عن مصالح المتطوعين». سرقة النقيب لدى وصول وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب إلى ساحة الاعتصام، تجمع أعضاء «هيئة التنسيق النقابية» حوله، وطالبوه بإلقاء كلمة لكنه رفض، مكتفياً بالقول: «أتيت للاستماع إلى المطالب والتضامن». وفي هذه الأثناء تجمع عدد من الأساتذة والمواطنين، ويبدو أن أحدهم أندس بين الحضور، ومد يده إلى جيب نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض، وكانت الحصيلة سرقة 550 ألف ليرة من جيب بنطلونه. وأبدى محفوض أسفه وغضبه لما حصل معه، وقال: «آتي من عكار للمطالبة بحقوق المعلمين والمواطنين، وتكون المكافأة سرقتي».
نغّصت عبارة «بحسب حاجاتها» فرحة المياومين وجباة الاكراء بإقرار قانون تثبيتهم في ملاك «مؤسسة كهرباء لبنان»، إذ فور تبلغهم ظهر أمس، باقرار القانون في مجلس النواب، جاءت فرحتهم حذرة ومدروسة خوفا من وقوعهم في تفسيرات ملتبسة لبنود القانون، الذي كانوا ينتظرونه منذ 3 سنوات. ولا سيما هنا، تذكروا ما حدث معهم في العام 2012، عندما صوّت المجلس على قانون تثبيتهم وفق صيغته القديمة، في 2 تموز 2012، إنما بقي محضر الجلسة من دون تصديق. فتعليقا على عبارة «بحسب حاجتها» التي بقيت في البند الأول من القانون، تسأل مصادر متابعة لملف المياومين عبر «السفير»: «ما هو المقصود منها، ولماذا بقيت؟»، مضيفة: «هل ملء المراكز الشاغرة في ملاك المؤسسة بما فيها مديريتا التوزيع في بيروت وجبل لبنان وسائر المناطق، بقيت حاجة للمؤسسة بعدما أصبحت بيد شركات مقدمي الخدمات (sp)؟». تجمع للتباحث والبلورة على خلفية هذا الوضع الذي يثير الهواجس مجددا، عقدت «لجنة المتابعة للعمّال المياومين والجباة» اجتماعا طارئا بعد تبلغها اقرار القانون، بهدف التباحث في كيفية التعاطي مع المرحلة المقبلة، وإجراء دراسة معمقة لما ورد في القانون المعدل. وقد أعربت اللجنة عن مخاوفها من هذه العبارة، داعية في الوقت نفسه، إلى تجمع للمياومين في مقر المؤسسة لبلورة العديد من النقاط. في محاذاة ذلك، فإذا كانت ثمة مقاربة تعبّر عن حالة المياومين والجباة أمس، بعد نضالهم التاريخي الذي تواصل لأكثر من 20 شهراً، هو الصوت المبحوح لرئيس لجنة المتابعة لبنان مخول، والتعب الشديد الذي ارتسم على وجوه أعضاء اللجنة جميعا، فضلا عن وجوه المياومين الذي اعتصموا في مراكز عملهم في المناطق لليوم الثالث على التوالي، أو من جاء للمشاركة في الاعتصام المركزي في بيروت. قدوة الحركة العمّالية مهما يكن من أمر، فإن الانتصار المعنوي الذي حققه المياومون والجباة أمس، سيرتفع إلى مستوى القدوة للحركة العمّالية في لبنان، ويؤكد عضو لجنة المتابعة أحمد شعيب لـ«السفير» أنه «بعد التأكد من أن بنود القانون ستنصف المياومين والجباة كافة، ستدعو اللجنة إلى اجتماع مركزي في بيروت ليعبر مياومو لبنان عن فرحتهم بالنصر الذي تحقق». في اليوم الثالث من الاعتصام إذاً، أقرّ مجلس النواب معدلاً، اقتراح القانون المقدم من النواب: إبراهيم كنعان، علي عمار وعلي بزي، والرامي إلى ملء المراكز الشاغرة في المؤسسة عن طريق مباراة محصورة. وطالت التعديلات على القانون الجديد بعد مقارنته مع القانون السباق، والتي كانت «السفير» قد أشارت إليها قبل يومين، ثلاثة مواضع، بحيث تُجرى مباريات محصورة لملء المراكز الشاغرة في ملاك المؤسسة لوظائف إدارية وفنية «بما فيها مديريتا التوزيع في بيروت وجبل لبنان وسائر المناطق بحسب حاجاتها»، بعدما كانت تقتصر على «ملء المراكز الشاغرة في ملاكها لوظائف إدارية وفنية بحسب حاجاتها». كذلك شملت التعديلات البند المتعلق بالتعويضات، فأصبح يسدد للعمّال «تعويض بدل شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة الفعلية»، بدلا من شهر واحد. كما يحق للذين «يتراوح عمرهم بين الستة والخمسين والأربعة والستين الذين لا يحق لهم الاشتراك في المباراة، والذين لم يتم استخدامهم لدى الشركات، الإفادة من التعويض المحدد في هذه المادة»، أي شهرين عن كل سنة. وألغي من القانون الجزء الثالث الوارد في البند السابع والمتعلق بالمستثنين من حق التعويض، بحيث كان يشمل «الذين تم استخدامهم لدى الشركات العاملة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان». وكان المياومون قد نفذوا اعتصاما رمزيا منذ الصباح الباكر، داخل «مؤسسة كهرباء لبنان» في كورنيش النهر وفي مختلف دوائر المؤسسة في المناطق، في انتظار نتائج الجلسة النيابية لجهة درس أوضاعهم. وتوجه وفد من لجنة المياومين إلى ساحة النجمة للتواصل مع النواب. وفور تبلغ المياومين بإقرار القانون تبادلوا التهاني، ورفعوا صور رئيس مجلس النواب نبيه بري في أكثر من منطقة، شاكرين له ولكل من ساهم في مساعدتهم على إحقاق حقهم. كامل صالح - السفير
قانون الايجارات الذي اقرته الهيئة النيابية العامة، في مادة وحيدة، لم ينصف المستأجر، ولم يقدم الانصاف الى المالكين القدامى. بالنسبة للفئة الأولى سيؤدي القانون المذكور الى تهجيرها وتشريد ذوي الدخلين المحدود والمتوسط، كما انه لم ينصف المالكين القدامى، الذين جرى استغلال حقوقهم والغبن اللاحق بهم، بفعل التضخم الناتج عن المضاربات العقارية والمالية. اي انه اصاب القدامى من المستأجرين، واصحاب العقارات القديمة في مناطق شعبية عديدة، وقد آلت ملكيتها الى مجموعة من الورثة. يتضمن القانون عددا من المواد تؤدي الى حالات تهجير قسري او تشريد، من اماكن العمل، اما الى الهجرة القسرية الى الخارج، او العودة الى قراهم، التي لم تنعم بالإنماء المتوازن الموعود، بسبب العجز عن دفع الزيادات التي ستطرأ على الايجارات خلال ست سنوات متتالية، ومن ثم تحرر عقود ايجاراتهم. جاء في المادة 20 من القانون ما يأتي: «يحدد بدل المثل على اساس نسبة (5%) خمسة بالمئة من القيمة البيعية للمأجور في حالاته القائمة في ما لو كان خاليا. وتسري هذه الزيادة بعد ستة اشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية». زيادات خيالية! الفارق بين البدل الحالي وبدل المثل هو الزيادة التي تلحظ الحق على بدلات الايجارات الحالية. هذه الزيادة موزعة على 6 سنوات وفق نسبة 15 في المئة كل عام من الاربع سنوات الاولى وتراكميا، و20 في المئة على كل واحد من العامين الخامس والسادس. وبعملية حسابية تكون اعباء النتيجة في الفارق بين بدلين: الحالي وبدل المثل، فيما لو كان البدل الحالي 200 دولار، مثلا، وبدل المثل 3000 دولار، كما يأتي: 3000 ناقص 200 يساوي 2800 دولار، قيمة الـ 15 في المئة منها البالغة 420 دولارا، تضاف الى 200 دولار للبدل الحالي في السنة الاولى ، فيصبح بدل الايجار الحالي 620 دولاراً. وفي السنة الثانية تضاف 15 في المئة على الـ 620 دولارا ليصبح البدل 620 زائدا 420 ليصبح 1040 دولاراً، وهكذا دوليك حتى بداية السنة الربعة. اما في السنة الخامسة فيصبح البدل 2440 دولارا مضافة اليه نسبة 20 في المئة، وفي الخامسة تضاف اليه نسبة الـ 20 في المئة ليصبح بدل المثل 3000 دولار. وتتغير هذه الارقام صعودا اذا ارتفع ثمن مبيع العقارات، وقد يلجأ بعض تجار الابنية الى رفع الاسعار من اجل تحقيق الارباح على حساب الفئات المعدمة. إذ ان ثمن الشقق لم يرتفع مرة، ثم يعود الى التراجع. بعد السنوات الستة الواردة اعلاه، يمكن تمديد ثلاث سنوات للمستأجر، اذا رغب وطلب ذلك، على قاعدة بدل المثل، ويصبح العقد حرا. صندوق المساعدات ورد في المادة الثالثة انشاء صندوق خاص للإيجارات السكنية المشمولة بأحكام القانون، على ان تكون وارداته من «مساهمات سنوية من الدولة تلحظ في موازنة وزارة المالية لتغطية التزامات الصندوق، ومن الهبات والوصايا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها. وتنزل قيمة هذه الهبات والوصايا من المبالغ المتخذة اساساً لتحديد ضريبة الدخل المتوجبة، كما ينزل من المبالغ المتخذة اساساً لتحديد رسوم الانتقال وتعفى من الرسوم المفروضة على الهبات». ويدار من قبل وزارة المالية. يستفيد من الصندوق المستأجرون ذوو الدخل المحدود والمتوسط، أي اذا كان الدخل اقل من ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور. اما اذا كان الدخل اقل بـ 30 في المئة، فيساعد الصندوق بحدود هذه النسبة. بينما اذا كان الدخل اقل من مرتين للحد الادنى للاجور، الصندوق يدفع ايضا نسبة الزيادة، على ان يحتسب دخل العائلة بمجموعة مداخيل العائلة. تنتهي مدة الاستفادة من الصندوق بانتهاء السنوات التسع التي يحددها القانون. واذا اراد المستأجر إخلاء المأجور وهو من الفئات المذكورة آنفاً، يستطيع طلب المبالغ المحددة من الصندوق الى حين انتهاء المهلة، وله الحق بأن يطلب تحويل المبلغ الى اقساط عن سكن آخر، او بدل ايجار آخر. اما بالنسبة الى المالك، خلال التسع سنوات، فله ان يطلب الاسترداد لسببين: ــ عائلي مقابل تعويض يوازي ست مرات بدل المثل. ــ اما اذا كان طلب الاسترداد بهدف الهدم فيدفع تعويضا اربع سنوات بدل المثل، وهذا التعويض تحدد نسبة الاستفادة منه استنادا الى تاريخ طلب الاخلاء وتحتسب نسبة واحد على تسعة من كل سنة. في ما خص المستأجر إذا كان من ذوي المداخيل المحدودة بأقل من ثلاث مرات الحد الادنى، ورغب بالاخلاء، فلا يدفع له المالك، بل يستفيد من مساعدة الصندوق فقط عن المدة المتبقية من التسع سنوات. المستفيدون والمتضررون من القانون يستفيد من قانون الايجارات كبار المالكين باستعادة املاكهم، والشركات العقارية التي تستهدف عقارات بيروت وضواحيها، المصارف التي تملك كتلة نقدية ضخمة تفتش عن استثمارات لها. اما المتضررون من القانون، ويمكن تسميتهم ضحايا، فهم كل اصحاب المداخيل المتدنية والمتوسطة، من خلال تفريغ بيروت. والأبنية القديمة والصغيرة التي ستوضع عليها اليد، لإقامة الابراج. والعيش المشترك، او الوحدة عن طريق الفرز الطائفي والمذهبي والمناطقي والطبقي. وتسهيل هدم الابنية التراثية وتدمير ذاكرة بيروت. وبالتالي فإن القانون سيفرض تغييرات جذرية قسراً على حياة جميع عائلات المستأجرين في السكن والعمل والعلاقات والعادات، واجبارهم على اعادة تأسيس اوضاعهم من جديد في ظروف غير ملائمة من حيث السن. في المحصلة ان القانون هو مشروع تهجيري، ويشكل فضيحة في ابتداع حل ازمة سكن عبر خلق ازمة اشد، انسانية واجتماعية، بل ديموغرافية. وكانت «لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين» رفعت كتابا الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وصفت القانون بأنه «مشروع كارثة وطنية وانسانية»، لأنه يطال حوالي 180 الف عائلة، أي ما يقارب 800 الف موطن. عدنان حمدان - السفير