مشهد ربيعي بامتياز في «الجامعة الأميركية في بيروت»، أمس. تلونت ساحة «ماين» في اليومين الماضيين بخيم نصبها الطلاب المحتجون على زيادة الأقساط. حركة خفيفة تكفي للتذكير بالإصرار الطلابي وأحقيّة المطالب. يعي المشاركون أنه في هذه المرحلة ليس مهمّاً عدد المشاركين، بقدر ما يحتاج التحرك إلى المواكبة الإعلامية واهتمام المواطنين كورقة ضغط على إدارة الجامعة. يرفض الطلاب أن تكون جامعتهم واقعاً مختلفاً عن التاريخ المجيد. يسترسل الخريج هاني طه، الحريص على مشاركته في التحرك «التاريخي»، على حد قوله، في وصف مشاعره تجاه الجامعة والحدث. يذكّر بتاريخ المؤسسة التي ولدت لأم «إرسالية»، لكنها سرعان ما أصبحت معلماً من معالم بيروت وصدّرت في القرن الماضي الأفكار الثوريّة والحركات النضالية. المهندس الشاب طه يعتبر أن عملية الإنقاذ ومسؤولية الحفاظ على الطابع «الواقعي» للجامعة والملائم للمجتمع اللبناني، تتعديان شارع بلس والحمرا. ويشير عضو الحكومة الطلابية رائد قنطار إلى أنّ «الحكومة الطلابية مصممة على إيجاد صيغة أو اتفاق بين الطالب الجديد والإدارة، تثبت القسط الذي يتوجب عليه دفعه. وبذلك يكون الطالب على علم بأقساطه في سنوات دراسته». ويؤكد قنطار أن الجامعة «ليست بحاجة ماسّة إلى الزيادة كما تدّعي الإدارة»، شارحاً أن «من يقلّص الزيادة من 9 في المئة إلى 6 في المئة فـ2 في المئة، يمكن أن يستغني عنها كليّا». ويسأل قنطار عمّا إذا كانت «فورة المشاريع والتطوير التي شهدتها الجامعة في الآونة الأخيرة تسببت بالحاجة إلى هذه الزيادة». ويقول: «على الرغم من أن التمويل يأتي من الهبات، إلا ان تكلفة التشغيل (operation cost) تقع على عاتق التلاميذ». يتابع مستهجناً: «تغطي أقساط التلاميذ 89 في المئة من ميزانية الجامعة، بينما لا تتعدى في جامعات أخرى 50 في المئة». وعلى الرغم من أن الحكومة الطلابية لا تشارك في تنظيم الاعتصام، إلا انها تؤمن صلة الوصل بين الطلاب والإدارة. فبالنسبة إلى الحكومة الطلابية، وفق قنطار، «يبقى المطلبان الأساسيان هما: إشراك الحكومة الطلابية في اتخاذ القرارات أو على الأقل اطلاعها عليها مسبقاً؛ وممارسة الشفافية المالية لضبط الهدر وحركة الأموال». ولا يخفي منظمو الاعتصام توجّههم إلى التصعيد في حال لم يلمسوا جديّة الإدارة في مقاربة مطالبهم. ويشدّد الطالب الناشط جاد الجاري على «مشاركة طلاب من كل الفئات الاجتماعية. إذ إن المشاركة تقوم على أساس مبدئي وليس على أساس الحاجة فحسب». يضيف: «الجسم التعليمي بأغلبيّته متضامن مع الطلاب، كما أنهم أنفسهم متضررون من فساد الإدارة». ويلحظ جاد أن التحرك هذه المرة يختلف عن تحرك عام 2010 من حيث «التنظيم والنظام». لذلك يستغرب وجود فوج المكافحة «متمترسا» أمام بوابة الجامعة، أول أمس. وترى الخريجة جنى هاونجي أن طلاب جامعتها «استطاعوا أن ينسجوا مشهداً يفتقر إليه لبنان». وتقول: «زيّنت جامعتي رأس بيروت بمشهد ديموقراطي حضاري لم نعتده». ولا يخلو الأمر من النقد، فهناك من يؤكد أنه مع مطلب التحرك وأحقيّته، إلا أنه يرفض أسلوبه: «القضيّة سخّرت للتسلية وتضييع الوقت»، يقول ويرفض التصريح عن اسمه. وعقد اجتماع، أمس، بين ممثلين عن الحكومة الطلابية وأربعة من أعضاء مجلس الأمناء. وأكد أحد الطلاب أن «الأجواء كانت إيجابية، ولمسنا جدية عند أعضاء المجلس في التعاطي مع مطالبنا». وخيّر الطلاب مجلس الأمناء بين تغطية كلفة مشاريعهم وبين المحافظة على طلابهم. ووعد الأمناء بالبحث عن بدائل لتمويل «تكلفة تشغيل المباني»، وبإطلاع الطلاب على ميزانية الجامعة في الاجتماع المقبل. ياسمين شوّاف - السفير