دعا عضو «هيئة التنسيق النقابية» حنا غريب إلى أوسع مشاركة في تظاهرة يوم غد الثلاثاء، كتعبير عن رفض تقسيط سلسلة الرتب والرواتب من جهة والتمسك بمطلب الهيئة الواضح والقاضي بالحصول على الـ121 في المئة. وأكد غريب خلال ندوة نظمها «اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني» في صريفا في مكتبة البلدية بحضور عدد من التربويين «أن ما يحصل في ما يخص السلسلة قد صار له عنوان آخر هو عمل انقلابي على مفهوم الدولة ومحاولة ضرب العمل النقابي وتفتيت هيئة التنسيق». واعتبر أن ربط الإيرادات بالسلسلة ربط مفتعل كي لا يدفع أصحاب المصالح وحيتان المال ضرائبهم، مشدداً على رفض هيئة التنسيق أي ضرائب مباشرة أو غير مباشرة على الفقراء. وفي الإطار ذاته، أكد قطاع المعلمين في «الحزب الشيوعيّ» أنّ السلسلة هي تصحيح أجور مستحق منذ 18 سنة، ورفض في بيان أيّ زيادة على المحسومات التقاعديّة، وأي ضريبة على أصحاب الدخل المحدود والفقراء. ودعا الأساتذة والموظفين، إلى الالتفاف حول هيئتهم النقابيّة، وتلبية دعوتها إلى الإضراب العام والتظاهر يوم غد.
غسان ديبة - الاخبار
«لقد كانت حرباً طبقية في العشرين سنة الماضية وطبقتي هي التي انتصرت» وارن بافيت
استمر الهجوم على سلسلة الرتب والرواتب. إذ حُذِّر من الوقوع في «الحفرة اليونانية» ومن «7 أيار اقتصادي» بدلاً من استغلال فرصة تحويل مجلس النواب المشروع إلى لجنة نيابية - وزارية من أجل إطلاق ورشة نقاش لتبيان الوقائع والحجج بعيداً عن الضجيج الذي خلق حول السلسلة ووقعها.
في هذا الإطار لا بد من تأكيد الآتي: أولاً: إن الوضع المالي للدولة اللبنانية حالياً نشأ عن الخطأ الأساسي الذي حصل في عام 1993، أي عندما تزامنت مرحلة إعادة الإعمار، وما انطوت عليه من إنفاق توسعي، مع خفض الضرائب على الأرباح والأجور لتحويل لبنان إلى «جنة ضرائبية»، تطبيقاً لسياسة اقتصادية تخطاها الزمن في تلك الفترة عُرفت بسياسة «جانب العرض». تقول هذه السياسة إن خفض الضرائب على الأرباح والأجور يؤدي إلى زيادة العمل والاستثمار، ما يحفز النمو الاقتصادي. وقد فشلت هذه السياسة، قبل تطبيقها في لبنان، في الولايات المحتدة الأميركية خلال عهد ريغان في أوائل الثمانينيات، إذ أدت أيضاً إلى تنامي الدين العام وعجوزات الخزينة في أميركا لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد استدعى هذا الفشل أن يطلق جورج بوش الأب (الجمهوري) على هذه السياسة والنظرية الاقتصادية «اقتصاد السحر». أدت هذه السياسة في لبنان، مع ارتفاع الفوائد, الى ارتفاع الدين العام من 2,5 مليار دولار في 1992 إلى نحو 64 مليار دولار حالياً. ثانياً: كان من الممكن أن يكون هذا الارتفاع الكبير في الدين العام غير مؤذ للاقتصاد، لو أن الناتج المحلي (نتيجة للنمو وللتضخم) ارتفع بوتيرة مماثلة أو حتى أقل بكثير، بحيث نكون اليوم نشهد نسبة دين عام إلى الناتج المحلي أقل من 100% بدلاً من الـ 145% (ومرشحة للارتفاع) حالياً. لكن ارتفاع الفوائد (نتيجة الحاجة إلى جذب الاكتتابات في سندات الخزينة وجذب رؤوس الأموال من الخارج) والارتفاع الحقيقي لسعر الصرف (نتيجة التثبيت النقدي) أديا إلى تراجع الاستثمار وخسارة الاقتصاد اللبناني للتنافسية العالمية، ما أدى إلى خلق اقتصاد منخفض النمو لا يخلق الوظائف، وتراجعت فيه القطاعات الإنتاجية (مثل الصناعة والزراعة) وذي قدرة تصديرية ضعيفة ويعتمد على التدفقات المالية الخارجية، ومن ضمنها أموال المغتربين والعاملين في الخارج (الذين هم إحدى نتائج هذا النموذج الاقتصادي)، التي تذهب بأكثريتها إلى الاستهلاك ورفع أسعار الأصول العقارية بدلاً من تمويل اقتصاد منتج. تجربة الفورة الاقتصادية في 2007 ـ 2010 خير دليل على ذلك. ففي تلك الفترة ظن الكثيرون أننا بدأنا مرحلة عكس نمو الدين العام إلى الناتج المحلي، إلا أننا عدنا منذ عام 2012 إلى الارتفاع نتيجة انخفاض النمو وانتفاء الفوائض الأولية للخزينة الناتجة أصلاً، ولو بصورة جزئية، من عدم وجود موازنات لفترة طويلة، ما أدى إلى انخفاض قسري في الإنفاق الحكومي. إذاً، النمو الحقيقي لم يستطع حل مشكلة تنامي الدين. فماذا عن التضخم؟
ثالثاً: بدءاً من عام 1997، عندما تبين التناقض بين سياسة التثبيت النقدي من جهة وأوضاع المالية العامة المتدهورة من جهة أخرى، كان أمام لبنان خياران: الأول، كان اتباع سياسة تضخم مدار عبر إضافة مرونة، وإن غير كاملة إلى سعر الصرف وخفضه، وذلك لخفض قيمة الدين والفوائد الحقيقية وسعر الصرف الحقيقي والبدء باتباع سياسة اقتصادية جديدة تبني على ما تحقق نتيجة الإنفاق الاستثماري لإعادة الإعمار بين سنوات 1993 ـ 1997 لإقامة اقتصاد منتج وتصديري متوأماً مع الرأسمال البشري الكبير الذي يختزنه لبنان. طبعاً، كان هذا الخيار صعباً لأنه يتطلب إدارة اقتصادية معقدة بالإضافة إلى المقدرة على تحمل تبعاته التوزيعية، إذ في ظل اقتصاد مدولر، كان لهذه السياسة أن تترك تأثيرها في ثروات ودخل العملاء الاقتصاديين وعلى رأسهم المصارف، بسبب عدم التناظر بين الموجودات والمطلوبات بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي، وأيضاً بسبب التوزع غير المتناظر بين الدائنين والمدينين في العملة نفسها. وهذه الصعوبة، وربما بسبب عدم اقتناعها بالحاجة إلى التغيير، دفعت حكومة الرئيس الحص إلى الاستمرار في السياسة القديمة ما عدا إصلاحات ضريبية خجولة ومحاولة حل الأزمة المالية للدولة عبر التقشف. أمّا الخيار الثاني الذي اتبع، فهو الحفاظ على سياسة التثبيت النقدي، ما استدعى الاعتماد أكثر فأكثر على الاستدانة بالعملة الأجنبية من قبل الدولة، وأدى إلى ارتفاع مطرد لقيمة الدين العام بالعملات الأجنبية، وصولاً إلى نحو 40% اليوم. واستدعى أيضاً الاعتماد على التدفقات المالية الخارجية، ومن بينها الودائع الخليجية المباشرة لدى مصرف لبنان، وصولاً إلى خطة الإنقاذ المالية في عام 2002 في باريس ـ 2. وهذا ترافق مع دخول الاقتصاد اللبناني في مرحلة ركود في عام 1998 وتراجع لمعدلات التضخم. أما على المدى الطويل، فأدى هذا الخيار إلى استمرار ارتفاع الدين العام، وصولاً إلى حد 180% من الناتج في عام 2006 (أكثر من اليونان!) وبهذا الخيار أيضاً ثُبِّت التحالف الثلاثي بين الدولة والمصارف والمصرف المركزي للحفاظ على استقرار سعر الصرف وإقامة ما سمّاه بعض اقتصاديي صندوق النقد الدولي النظام «الماكرو ـ مالي» المعتمد على تمويل المصارف للدولة، المستند إلى تدفق رؤوس الأموال من الخارج، والفروق بين الفوائد على الودائع والفوائد على سندات الخزينة، إضافة إلى استحداث مصرف لبنان لشهادات الإيداع التي تكتتب بها المصارف، وشراء المصرف المركزي مباشرة لسندات الخزينة اللبنانية، أي طبع العملة. وأدى ذلك أيضاً إلى ارتفاع الدين الخارجي المتمثل بالودائع بالدولار الأميركي لدى المصارف. وبذلك دخل لبنان مرحلة من «التسيير الذاتي» من دون أي سياسة اقتصادية هادفة، معتمداً على الظروف الداخلية والخارجية للإبقاء على «التوازن الهش» في تطبيق لنظرية الدكتور بانجلوس (لفولتير) عن أننا نعيش في «أفضل العوالم» دائماً! ولأننا لا نعيش في عالم كهذا، وبسبب أن الدول لا تستطيع أن تعتمد إلى ما لا نهاية على تدفق رؤوس الأموال من الخارج، بل يجب ألا تفعل ذلك بسبب الأذى الذي قد تلحقه بالاقتصاد وبالسياسات الاقتصادية، دخلنا اليوم في مرحلة جديدة استفاق فيها لبنان من حلم 2007 ـ 2010 واستفاقت فيها مطالب لمكونات أساسية من المجتمع هم العمال والموظفون الذين تناساهم النموذج الاقتصادي عبر تجميد أجورهم وتعريضهم لارتفاع أسعار السلع غير القابلة للتبادل (ولا سيما السكن) الناتجة من تدفق رؤوس الأموال والاحتكار. وبدلاً من أن يكون هذا باباً للنقاش في النموذج الاقتصادي اللبناني والحاجة إلى إصلاحات ليست فقط ضريبية لتصحيح «الخطأ الأساسي» وتبعات الخيارات التي اتبعت، ذهب الكثيرون إلى محاولة تصوير هذه المطالب وكأنها هي الأزمة بحد ذاتها. إن العمال والموظفين اللبنانيين الذين أسهموا في الاستقرار النقدي عبر القبول بزيادات قليلة على أجورهم منذ عام 1996، وخصوصاً الأجور الوسطية، ليسوا هم المسؤولين عن بقاء الاقتصاد اللبناني على حد السكين، وقد يكونون مستعدين للقبول بالتضحية أكثر إن كانت تضحياتهم تؤدي إلى بناء اقتصاد جديد ومنتج، أي إن الفوائض الاقتصادية تذهب إلى تراكم رؤوس الأموال الحقيقية ورفع الإنتاجية وخلق الوظائف بدلاً من الإبقاء على مصالح اقتصادية ضيقة لمجموعة صغيرة تتحكم بمفاصل الاقتصاد اللبناني وتصرّ على سياسات اقتصادية تخطاها الزمن وبرهنت على فشلها في تحقيق النمو والتنمية وتحقيق مستويات معيشية أعلى ورفاه واستقرار اجتماعيين. ما يجب أن يحصل اليوم هو إقرار سلسلة الرتب والرواتب، لا لأنها «حق» ولا «حسنة»، فالأجور ليست هي حسنة من أرباب العمل والدولة، ولا هي حق للعمال والموظفين، بل تخضع للآليات وللحاجات الاقتصادية وللصراع الطبقي. فاليوم نحن بحاجة إلى زيادة الطلب الداخلي في ظل تراجع الطلب الخارجي لإخراج الاقتصاد من الركود، وحسب مؤشر Bank MED وجمعية تجار بيروت، شهد لبنان تراجعاً في الحركة التجارية بلغ 9.8% في 2013، وهو ناتج جزئياً، كما قال التقرير، عن «ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين اللبنانيين»، بالإضافة إلى قوله «إن المواطنين اللبنانيين يمارسون التقشف». ولا مخاطر تضخمية لهذه الزيادة، إذ إننا في ظل تزايد لفجوة الإنتاج، والاقتصاد يعاني سعةً زائدة، حسب التقرير الاقتصادي لبنك عودة في عام 2013. ولا مخاطر لهذه الزيادة أيضاً على تراكم رأس المال، لأن زيادة الاقتطاع الضريبي، إن طبق على المصارف وأمكنة الريع من فوائد وأرباح عقارية، ستأخذ من مداخيل لا تذهب إلى تحقيق مثل هذا التراكم، بل تكدّس ثروات غير منتجة. ولا خطر على الليرة، حتى ولو زاد العجز قليلاً نتيجة السلسلة، أي عبر عدم تمويلها بالكامل من الضرائب، إذ لا حاجة لذلك كما يصر أصحاب النظرة «المحاسباتية» للاقتصاد، بل يُمكن تمويل هذا العجز عبر شراء المصرف المركزي لسندات الخزينة بالليرة اللبنانية. فالتحالف الثلاثي لا يزال قائماً، وتشهد على ذلك السياسة التوسعية النقدية للمصرف المركزي في عام 2013 الذي ضخّ 1.46 مليار دولار لقروض السكن وغيرها و 800 مليون دولار لعام 2014، على الرغم من العجوزات المتتالية في ميزان المدفوعات منذ عام 2011، فلو كان هناك خوف من هذه العجوزات على المدى القصير، لما طبقت هذه السياسة. فلم الخوف الآن؟ الخوف مصطنع، ويجب وقف التهويل. وفي هذا الإطار، إذا كان لا بد من تجنب أي مصدر للخوف، يُمكن القبول بتقسيط السلسلة على 3 سنوات، ولكن مع شرط أساسي، هو الحفاظ على قيمتها الحقيقية اليوم، وذلك عبر ربطها بالتضخم اللاحق والحفاظ على حقوق المتقاعدين والمتوفين في تلك الفترة كاملة. بدأنا في عام 1993 بالحاجة إلى منطق الرأسمال من أجل إعادة الإعمار وإقامة اقتصاد جديد يخرج من آثار الحرب، وانتهينا اليوم بأقتصاد ريعي وتبعي يفتقر إلى الاستقرار والنمو وخلق الوظائف ورفع الإنتاجية وتحسين مستوى المعيشة. هذا يوجب أن يكون المدخل الأساسي إلى «الإصلاح الاقتصادي»، أي استحداث سياسة اقتصادية جديدة بدلاً من الاستمرار في حرب طبقية شرسة ضد العمال والموظفين وضد الطبقة الوسطى، وبدلاً من بقاء اقتصادنا دائماً على حد السكين في ما بين اقتصاد دائم الركود يخضع لفورات اقتصادية مؤقتة غير منتجة وبين انهيار يطيح الاقتصاد والمجتمع برمتها. * رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية - الأميركية
اكتملت الاستعدادات اللوجستية لدى «هيئة التنسيق النقابية»، بعد تسلمها ردود الجمعيات العامة، من مختلف مكوناتها، على تنفيذ توصية الهيئة بالإضراب العام والشامل يوم الثلاثاء المقبل، في الثانويات والمدارس الرسمية والخاصة وفي معاهد التعليم المهني والتقني الرسمي وفي الوزارات والإدارات العامة وإدارة «الجامعة اللبنانية» وفي المطار والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة وسرايا المحافظات ومراكز الأقضية والبلديات. وأعلنت الهيئة رفضها المطلق لأي صيغة تصدر عن اللجنة النيابية المكلفة من الهيئة العامة ببحث مشروع سلسلة الرتب والرواتب، اذا لم تأخذ بزيادة الـ121 في المئة لجميع القطاعات، من دون خفض أو تقسيط او تجزئة كما اعطي للقضاة وأساتذة «الجامعة اللبنانية». وأكدت بعد اجتماعها في مقر «رابطة اساتذة التعليم الثانوي» ضرورة «حفظ وحدة التشريع بين المعلمين في القطاعين الرسمي والخاص، واحتساب المفعول الرجعي اعتبارا من الأول من تموز العام 2012 حسب الاتفاقات، وبما يحفظ الحقوق المكتسبة للقطاعات وفق خصوصية كل منها، مع شمول هذه الزيادة أجر الساعة للمتعاقدين وزيادة رواتب الأجراء والمياومين وفتح باب التوظيف وإنهاء بدعة التعاقد، وزيادة معاشات المتقاعدين، وإلغاء جميع البنود التخريبية المسماة «إصلاحية»، الهادفة لتصفية ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية». وطالبت بتمويل السلسلة من «الريوع المصرفية والعقارية ومن الأملاك البحرية ومن وقف الهدر والفساد في المرافق العامة كالمرفأ والمطار وتحسين الجباية للأموال العامة، محذرة من فرض الضرائب على الفقراء واصحاب الدخل المحدود». ودعت إلى المشاركة الكثيفة في التظاهرة المركزية التي تنطلق من أمام البنك المركزي ـ الحمراء، عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الإضراب عينه، مروراَ بـ«غرفة التجارة والصناعة» و«جمعية المصارف» ووصولاَ إلى مجلس النواب. وحدَدت بعض مراكز التجمع للانطلاق من المناطق والمحافظات إلى بيروت. وتعقد هيئة التنسيق مؤتمراَ صحفيا، عند الساعة الرابعة بعد ظهر الإثنين المقبل، أمام مبنى وزارة التربية، لتوضيح وشرح موقفها للرأي العام، و«الردّ على الافتراءات والمغالطات والأضاليل المكشوفة الأهداف». وكررت الهيئة أن تحركها كان وما زال تحركا نقابياً مستقلاً وبعيداً كل البعد عن الانقسامات السياسية. وكانت الهيئة عرضت في الاجتماع، أجواء الغضب والاستياء العارم لدى اللبنانيين والموظفين والأساتذة والمعلمين والمتقاعدين والمتعاقدين والأجراء والمياومين، ضد ما تضمنه تقرير اللجان النيابية المشتركة ومشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب من مقررات ومواد وبنود تخريبية قديمة جديدة، تحت غطاء ما يسمى «بالاصلاح» وهي في حقيقة الأمر لا تمت إلى الاصلاح بصلة. وقد جرى دسها قبيل انعقاد الجلسة العامة بأربع وعشرين ساعة لتمريرها بهدف تصفية وضرب ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية ومؤسساتها التربوية الرسمية ومن حقوق مكتسبة تحققت عبر نضالات الأساتذة والمعلمين والموظفين.
و لأنّ الرّياضة تفجيرٌ جميلٌ لطاقات الشّباب، و تعبيرٌ عن إبداعهم، أقام إتّحاد الشّباب الدّيمقراطيّ اللّبنانيّ - فرع إقليم الخرّوب دورةً لكرة السّلّة في بلدة رميلة - ساحل الشّوف، شارك فيها شبابٌ من مختلف المناطق اللّبنانيّة.و بروح رياضيّة عالية، ساهم الجميع في نجاح الدّورة و الّذي توّج بفوز فريق "برجا" بالمركز الأوّل، و فريق "البازوريّة" بالمركز الثّاني.و ما كان النّجاح باهراً لولا مشاركة شباب الرّميلة و كافّة البلدات المجاورة، و التّعاون مع نادي السّلام - رميلة الّذي له كلّ الشّكر.إنّ النّجاحات الأكبر قادمة في المستقبل، بالمشاركة و التّعاون، لنساهم في عودة دور الشّباب في إعادة الحياة و الفرح لبلداتنا و قرانا.
ما الذي ستقوم به هيئة التنسيق النقابية؟ أي مبادرات ممكنة تسمح بالانتصار في معركتها فعلاً لا ادعاءً؟ أسئلة كثيرة مطروحة بقوّة على قيادات الهيئة والمتحمسين لها والداعمين، ولا سيما بعدما دفع تحالف أصحاب المصالح المصرفية والعقارية والتجارية المعركة إلى أبعد بكثير من قضية تصحيح أجور
هاني مسعود
نضال هيئة التنسيق النقابية على مدار أكثر من عامين، من أجل تصحيح الأجور لموظفي القطاع العام والمعلمين في المدارس الخاصة والرسمية، أشاع حيوية استثنائية لم يشهدها المجتمع اللبناني سابقاً. نجح في تحفيز فئات اجتماعية جديدة للانخراط في قضايا الشأن العام. حتى إنه حرّك تحالف أصحاب المصارف والتجار ودفعه إلى الخروج علناً للمرة الأولى، وحشد ماكينات التحريض الإعلامية والسياسية، وحتى الأكاديمية لرفض أي تعديل يطاول السياسات المالية والضرائبية المعتمدة. وهذا ما وضع القوى الريعية في مواجهة واضحة مع وكلائها السياسيين حول سبل إدارة الأزمة، التي برزت تحت عنوان تصحيح الأجر، وجرى التحايل عليها في القطاع الخاص عبر صفقة إذعان تمت مع قيادة الاتحاد العمالي العام.
الهيئة بمكوناتها المختلفة، أو على الأقل الفئات التي اعتادت التحرك والإضراب لنيل مطالبها، ولا سيما اساتذة التعليم الثانوي الرسمي، فوجئت بالموقف المتعنت والنزق لهيئات أصحاب العمل وبتخبط الحكومة لناحية الإقرار بمطالبها، ما دفعها إلى تطوير شعاراتها ورفض تمويل السلسلة من خلال الرسوم والضرائب غير المباشرة، وتحديداً الضريبة على القيمة المضافة. في المقابل، كشفت مواقف هيئات أصحاب العمل زيف ادعاءاتها حول تبنيها مبادئ «الحوار البناء»، لا الصراع، بين «شركاء الإنتاج»، وكشفت هذه المواقف أن تلك «الادعاءات» لم تكن إلا لتبرير تسوية «إذعان» قبل بها الاتحاد العمالي العام في معركة تصحيح الأجر في القطاع الخاص عام 2012، وكرّست مكاسب الريوع والأرباح على حساب الأجور وسياسات إعادة التوزيع الأكثر عدالة. ليس هذا فحسب، بل إن ممثلي أصحاب الرساميل نقضوا مبدأ «التوافق» الذي ينادون به، ونادوا الحكومة لتطبيق صارم لقوانين الدولة التي تمنع الموظفين من أي عمل نقابي وتحظر عليهم الإضراب والاحتجاج.
تعنّت ممثلي المصالح الريعية وتواطؤ القوى السياسية المسيطرة على الدولة، عاملان أساسيان أسهما في جعل القضية تتجاوز مسألة تصحيح الأجر إلى فتح النقاش الجدي حول دور الدولة الاجتماعي وسياساتها في هذا المجال، إن على صعيد توفير فرص عمل لائقة، وصولاً إلى التغطية الصحية للمواطنين والسياسة الإسكانية وضمان الشيخوخة والمعاش التقاعدي للأجراء ومدى المشاركة الفعلية للمواطنين في تحديد السياسات التي تمسهم في حياتهم اليومية. أسهم تردد قيادات الهيئة في عدم التقاط الفرصة المتاحة أمامها لتوسيع المعركة وتمثيل أطراف أخرى متضررة من سطوة التحالف الطبقي – الطائفي، وبالتالي أسهم هذا التردد في حرف الأنظار عن جوهر القضية، وهو في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسات النابعة منها، ما حصر السجال بأمور محاسبتية بحتة، وأتاح محاولة تحميل الهيئة مسؤولية البحث عن سبل تمويل السلسلة، ووضعها في موقع المتهم أمام المواطنين برفع الرسوم والضرائب غير المباشرة، فضلاً عن التهويل غير المبرر بأن تصحيح الأجور يؤدي إلى انهيار العملة. أمام هذا الواقع، أصبحت هيئة التنسيق، ممثلة بقياداتها، مطالبة بالانتقال ببنيتها التنظيمية واستراتيجيات عملها بما يمكّنها من الابتعاد عن صورتها كتحالف الضرورة المؤقتة ما بين أصحاب المصالح المتقاطعة. باتت مطالبة بأن تقدم نفسها ككيان تنظيمي نقابي موحد الأهداف والشعارات. هنا لا بد من القطع مع منهجية عمل أقطاب الهيئة الذين ما فتئوا يذكروننا بأنهم يشكلون تحالفاً غير منسجم، ويعتمدون منطق المحاصصات والمداورات في عرض مطالب مكوناتها المختلفة عند كل تحرك أو مناسبة. فالهيئة لا تزال هيكلاً غير منسجم، يجمع فئات من الأجراء لديها مطالب مختلفة بالأجر والوظيفة، وتطمح إلى تحقيقها بتضامن بعضها مع بعض. إلا أن آلية عمل كهذه ستمكّن السلطة من اللعب على تناقضات مكونات الهيئة لإمرار حلول جزئية على حساب جوهر القضية، وهو إعادة الاعتبار إلى مفهوم العدالة الاجتماعية والحق بالتنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية والمشاركة في صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية. كي لا تتمكن التركيبة السياسية الحاكمة من استهداف وتفتيت جهود هيئة التنسيق النقابية، على الأخيرة أن تستفيد من التجارب والدروس التاريخية للطبقة العاملة في لبنان. فقد نجح النظام السياسي اللبناني منذ الاستقلال في تجزئة القوى العاملة إلى فئات وشرائح منفصلة ذات مصالح متعارضة وأحياناً متناقضة، وأسهمت التركيبة الاجتماعية الطائفية – المناطقية للشعب اللبناني في تحقيق ذلك من دون أدنى شك. وأتت التشريعات والقوانين لتحقق المهمة، فالقوانين الناظمة لعلاقات العمل في القطاع الخاص مختلفة عن تلك المتعلقة بموظفي القطاع العام، مع أنظمة خاصة للفئات المختلفة داخل القطاع العام نفسه (إدارة عامّة، عسكر، قوى أمن، هيئة تعليمية، أساتذة الجامعة اللبنانية، قضاء، مؤسسات عامة ومصالح مستقلة... إلخ)، كذلك ميزت هذه القوانين بين الأجراء لجهة حقهم في تشكيل منظماتهم النقابية (حُرم موظفو القطاع العام هذا الحق، ووُضعت قيود استنسابية للعاملين في القطاع الخاص). وانسحب التمييز نفسه على التشريعات في التقديمات الاجتماعية بين مختلف فئات الأجراء وعموم المواطنين. ويمكن المرء ملاحظة هذا الأمر من خلال وجود صناديق ضمان وتأمين صحي متعددة واختلاف أنظمة التقاعد (معاش تقاعدي أو تعويض نهاية خدمة). يضاف إلى كل ذلك أن السلطة السياسية تعاطت دائماً بنحو جزئي واستنسابي مع المطالب العمالية، مكرسة منطق «الفئوية المهنية» من خلال منح امتيازات لشرائح عمالية على حساب أخرى. أفاد هذا فئات من الموظفين العاملين في مهن تحتاج إلى مستوى عالٍ من التعليم والقدرة على التنظيم، لكنه أثبت فعالية في الحد من قدرة الطبقة العاملة مجتمعة على التأثير في السياسات العامة لمصلحة نظام أكثر توازناً وعدالةً. لقد تعاملت قيادات الهيئة كما كافة القيادات النقابية العمالية اللبنانية مع هذا الواقع كأمر طبيعي ومقبول. ويشكل استمرار عملها على هذا الأساس دون أي محاولة جدية لكسره خدمة نفيسة للتحالف الحاكم وضربة قاسية لإمكانية إدخال قوى اجتماعية مغيبة ومكسورة إلى ساحة العمل السياسي. ففيما يستنفر التحالف الحاكم قواه، ويعلن أهدافه بوضوح، ليس أقلها العمل على إفشال الهيئة وكسرها وتشتيت قياداتها الفاعلة، تصر هي على تقديم نفسها جسماً هشاً وغير موحد قابل للتفكك في أي وقت. طبيعة المعركة التي تخوضها هيئة التنسيق النقابية ونوعية المواجهة التي فرضها التحالف الحاكم في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الوطنية والإقليمية يضع الهيئة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الإبقاء على محدودية المطالب (تصحيح الأجر)، وبالتالي الدخول في تسوية تؤدي إلى استيعاب الهيئة وإعادتها إلى الحظيرة على غرار الاتحاد العمالي، مع ما يحتمه ذلك من تغيير في قيادتها أو تفتيت الهيئة من خلال بعض القوى السلطوية المنضوية فيها، وإما الذهاب إلى تغيير شروط المعركة والعمل الجدي على بناء قوة اجتماعية واسعة التمثيل وقادرة على إحداث توازن اجتماعي يحقق ما هو أبعد من المطالب المرفوعة. لتحقيق ذلك، على الهيئة بدايةً العمل على تغيير الصورة الذهنية التي كرستها عن نفسها، والتي ساعدت خصومها من خلالها على تصويرها كمجموعة من الموظفين والمعلمين من ذوي الرؤوس الحامية والمهتمين فقط بمصالحهم الشخصية غير العابئين بالوطن واقتصاده! وعليها أيضاً العمل على إعادة تشكيل نفسها كمركز نقابي وطني على أساس مبادئ وقيم الحركة النقابية الديموقراطية والمستقلة، على أن يشمل ذلك توسيع إطار عضويتها عبر مساعدة العاملين في مؤسسات الدولة، بغض النظر عن شكل عقودهم (مستخدم، أجير، متعاقد، متعامل، مياوم، عامل بالفاتورة، أو بالساعة...) أو آليته (عبر مباريات مجلس الخدمة المدنية أو التعيين أو التمرير بالواسطة...)، على تشكيل أطرهم التنظيمية الممثلة أو دمجهم في أطرها بعيداً عن الذرائع التي تكرس التمييز بين فئات الأجراء، وتشكل تعزيزاً لمنطق تحالف السلطة. وأن يشمل أيضاً مساعدة العاملين في الاقتصاد غير المنظم والمعطلين عن العمل (بما في ذلك الناجحون في مباريات مجلس الخدمة المدنية من غير المعينين) على تكوين منظماتهم على أسس ديموقراطية وتمثيلية، ودعوة الحكومة وممثلي أصحاب العمل إلى الاعتراف بهم كطرف أصيل وممثل للأجراء والدخول معهم في حوار اجتماعي يطاول السياسات الاقتصادية والاجتماعية كلّها، بما فيها التشريعات الناظمة لسوق العمل. إن إعلان الروابط المكونة لهيئة التنسيق النقابية عن تحولها إلى نقابات بحسب معايير العمل الدولية هو أساس هذا الخيار بما يمكنها من أداء دور قيادي في هذا الإطار الجديد في ضوء تجربتها. في ضوء وضوح تركيبة هيئة التنسيق النقابية، يمكن توقّع الخيار الذي قد تذهب إليه، وهنا تبرز مسؤولية الغائب حتى هذه اللحظة، أي القوى المدنية التقدمية ونخبها وتنظيماتها في لبنان، عبر اتخاذها خطوات فعلية لا لفظية تُسهم في تمتين مواقف قيادة الهيئة للذهاب نحو خيار بناء حركة نقابية ديموقراطية مستقلة وممثلة. إن فشل الهيئة في الذهاب نحو إطار تنظيمي جديد واستراتيجية مختلفة في مواجهة التحديات الحالية سيكون ذا كلفة عالية، ستدفع القوى المدنية التقدمية ثمنها حيث سترتب على خياراتها انسحاب وإحباط كتل اجتماعية إلى خارج حيز النضال العام وخسارة فرصة بناء قوة اجتماعية على أساس مصالح مادية مشتركة وحقيقية قادرة على إحداث تغيير في بنية النظام اللبناني. إن بناء مثل هذا الإطار أضحى شرطاً أساسياً لمواجهة تفرد التحالف الطبقي – الطائفي الحاكم في صياغة الحاضر والمستقبل، وللضغط من أجل إصلاح ديموقراطي في السياسات الاقتصادية – الاجتماعية يفتح أفقاً رحباً من أجل بناء مجتمع العدالة والمساواة. إن التضامن الفعلي مع تحركات الهيئة يتطلب إعادة تقويم فعلي من قبل القوى المدنية التقدمية لطبيعة الصراع الاجتماعي وسبل التغيير الممكنة والتركيز على تقديم كافة أشكال الدعم والإمكانات، بما يسمح للقوى العاملة ببناء قدراتها التنظيمية وبرامج عملها وتعزيز تضامنها مع الفئات الاجتماعية المتضررة والمرشحة لمزيد من الانهيار، في ظل تواصل نهج السلطة بغض النظر عن وجهي العملة الواحدة، في هذا المجال: 8 و14 آذار .
خليل صويلح
أمضى انطونيو غرامشي (1891ـــ 1937) 11 عاماً في السجن، كتب خلالها 32 دفتراً، رافقته من معتقل إلى آخر. لم يأبه المفكر الشيوعي الإيطالي اللامع لشروط المعتقل السيئة، رغم وضعه الصحي الهش. الحملات الاحتجاجية العالمية التي أُطلقت من أجل حريته، لم تحرك ساكناً لدى السلطة الفاشية الإيطالية. في زنزانته، سنَّ لنفسه خطة عمل لمشروعه الفكري، رغم غياب الوثائق التي كان يحتاجها، معتمداً على ذاكرته وحدها، في ترميم أفكاره. هكذا، أنجز 3 آلاف صفحة مكتوبة بخط اليد، تجوّل خلالها، بين موضوعات مختلفة، تتعلّق بدور المثقف، والإصلاح، وعصر النهضة، ومكيافيلي، ودانتي، والعلمانية، والمجتمع المدني، والفلكلور والأدب. في السجن، كتب رسائل إلى أمه وأصدقائه وعائلته، نُشرت للمرة الأولى عام 1947. ها هي تصدر بنسختها العربية أخيراً بعنوان «رسائل السجن: رسائل أنطونيو غرامشي إلى أمه» (دار طوى، لندن ـ تعريب سعيد بوكرامي) وهي الجزء الأول من سلسلة ستصدر تباعاً.
خلال تدوين كراساته، كان غرامشي يستكمل نضاله الثوري، في فترة ما قبل اعتقاله، معتبراً الكراسات «بؤرة حياتي الداخلية». وحين صدرت بعد رحيله، في ستة مجلدات، وجد فيها المثقفون إلهاماً قوياً، وجّه أفكارهم إلى مفاهيم جديدة، في ما يخص معنى المثقف العضوي المنخرط في الشأن العام، إذ بنى أفكاره على خلطة من أفكار ماركس ومكيافيلي وهيغل، ولو بنبرة سجالية مفارقة. في رسائله إلى أمه، سعى إلى أن يبدو متماسكاً ومرحاً كي لا تقلق عليه: «لدي سرير لا بأس به، يتوفّر أيضاً لدي مرآة حيث أنظر إلى نفسي، وآلة لتسخين الأكل وإعداد القهوة». لا يغفل هذا المفكر والسيسيولوجي المتفرّد، في رسائله هذه عن طمأنة والدته عن زوجته وأولاده الذين كانوا يعيشون في مكانٍ آخر. وكم كان يبدو مسروراً، حين تصله رسالة من أحدهم، أو صورة شخصية، كما يشرح لأمه تصوراته عن نفسه في محاربة الفاشية، بشكل موارب، إذ يشبّه موسوليني بالطفل الكبير الذي يهدّد بالتبوّل في فراشه. في رسالة لاحقة. في هذه الأثناء، أُصيبت زوجته جوليا بمرض عصبي، ثم سافرت إلى موسكو، ولم تتمكّن من العودة، فيما كانت شقيقته «تاتانيا» تواظب على زيارته في السجن، رغم مرضها.
ويعود إليها الفضل في حفظ دفاتره المكتوبة في السجن. اللافت هنا أن غرامشي المريض، حاول رفع معنويات الآخرين في الخارج، ونبّه أمه ألا تصدق العبث الذي تنشره الجرائد عنه، نافياً التهمة التي ستوجه إليه في المحاكمة المقبلة في روما (1928)، إذ يؤكد أن التهمة ضده تستند إلى تقارير غامضة للشرطة، من دون أدلة، وهو لن يهزم أو ييأس، رغم محاولات الإذلال (لم يكن ينام أكثر من ساعتين في اليوم، وكان عندما يستسلم لغفوة صغيرة، يتولّى الحارس الذي تلقى الأوامر بإزعاجه، فتح وإغلاق باب الزنزانة محدثاً ضوضاء مُتعمدة). في الزنزانة رقم 7047 في سجن «تورينو»، أمضى غرامشي سنواته الأخيرة. تبلوّر مشروعه الفكري بين جدران زنزانته، دفتراً وراء الآخر، وبدلاً من الاستكانة إلى النظرية الماركسية الجامدة، وقف على مسافة من الستالينية، وفي الوقت نفسه اختط منهجه الخاص في علم الاجتماع المفارق لمدرسة فرانكفورت النقدية. من القلق والارتباك في فترة اعتقاله الأولى، إلى الصبر والانهماك في العمل الفكري، حاول تجاوز محنته. لكن في رسالته الأخيرة، بدا كأنه نفد صبره، إذ يشير عرضاً إلى أنه كان مهدّداً دوماً، وأن صحته ليست على ما يرام. لم يكمل محكوميته، فقد مات تحت التعذيب.
تأتي صرخة السائقين العموميين التي ستترجم بدءاً من الاثنين المقبل، بتظاهرات سيّارة في بيروت والمناطق، لتفضح أكثر فأكثر، حالة التشرذم التي تعيشها القطاعات النقابية، بسبب «تضخم ظاهرة الرؤوس الحامية»، التي باتت تشكل عقبة أمام توحيد الجهود لإطلاق تحرك مطلبي مركزي وشامل وفاعل. لكن ما يبدو لافتا للانتباه، هو أن تتقاطع مواعيد التحركات المطلبية في أسبوع واحد، لا سيما أن «الاتحاد العمّالي العام» الذي غاب طويلا عن الشارع، بدأ يحشد لإضراب واعتصام يوم الأربعاء المقبل في ساحة رياض الصلح، وهو ما دفع أحد النقابيين لطرح أكثر من تساؤل عبر «السفير»: «لماذا استيقظ الاتحاد من سباته فجأة، خصوصاً أنه حدد موعد الاعتصام في يوم انعقاد الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية؟ وإذا افترضنا أن التحرك مطلبي وتحذيري وسلمي كما يقال، فكيف سيتعاطى المعتصمون مع النواب الذين سيأتون إلى المجلس؛ هل سيسمحون لهم بالعبور، أم سيقطعون عليهم الطرق، ما يجعل الوصول إلى المجلس متعذراً؟». الخيط الأسود تلحظ هذه المصادر أيضاً، أن «العنوان العريض الذي يرفعه الاتحاد في الاعتصام، هو رفض رفع الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، لكن هذه المسألة مرتبطة بإقرار تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وموضوع السلسة ما زال يخضع لمزيد من الدرس، ولا شيء يبدو في الأفق حتى الآن، فلماذا هذا التركيز على قضية لم يظهر فيها الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟». في هذا الإطار، عقد أمس، اجتماع في مقر الاتحاد برئاسة غسان غصن ومشاركة «اتحادي المصالح المستقلة والمؤسسات العامة» برئاسة شربل صالح، و«اتحاد المصالح المستقلة للمؤسسات الخاصة والعامة» بشارة الأسمر. وعرض غصن مع الاتحادين الملف المطلبي وبرنامج التحرك، مكرراً «رفض الاتحاد زيادة الضريبة على القيمة المضافة، ورفع الرسوم على الخدمات الأساسية (كهرباء، هاتف، مياه...) بحجة تمويل السلسلة التي تعتبر مطلباً حقاً لموظفي القطاع العام، كذلك لموظفي المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والبلديات، الذي يجب فصله عن موضوع تمويل السلسلة». وأكّد رئيسا الاتحادين وممثلو نقابات الكهرباء والمياه و«الريجي» والنقل المشترك والبلديات والمرفأ و«أوجيرو» و«الاهراءات» و«الضمان الاجتماعي»، تأييدهم للإضراب والإقفال الشامل طوال يوم الأربعاء 30 نيسان، والمشاركة في اعتصام ساحة رياض الصلح الساعة 11 صباحا، أي قبل ساعة من انعقاد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية. تصعيد وقطع طرق وفيما لم يكشف رئيس «اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري» عبد الأمير نجدة لـ«السفير» عن الخطوة التالية لتحرك السائقين العموميين بعد تظاهرة الاثنين المقبل، إلا أن نجدة ورئيس «الاتحاد اللبناني لنقابات سائقي السيارات العمومية ومصالح النقل» بسام طليس يؤكدان أن «السائقين العموميين ذاهبون إلى التصعيد في المناطق كافة، مع قطع العديد من الطرق». ويضيف نجدة «نؤيد إضراب الاتحاد العمالي، وسنرى إذا كنا سنشارك فيه أم لا». ويستدرك قائلا: «لكن الاتحاد لن يشاركنا في تحركنا الاثنين المقبل». وفيما تبرز أهمية «توحيد جميع القوى العاملة من سائقين ومعلمين وموظفين في القطاعين العام والخاص، ليكون الإضراب مؤثرا وفاعلا وشاملا»، يلفت نجدة الانتباه إلى أن «قطاع النقل طلب منذ شهر، مواعيد للقاء رئيس الوزراء والوزراء المعنيين كافة، إلا أنه لم يتلق جواباً حتى الآن». مسار التظاهرة السيارة في ملاحظة لمسار التظاهرة السيارة المركزية يوم الاثنين المقبل، حيث تتجمع السيارات العمومية (سيارات سياحية - فانات - أوتوبيسات - كميونات ـ صهاريج) في ساحة رياض الصلح، أي على مقربة من مجلس النواب، يمكن قراءة المشهد الذي سيتبلور يوم الأربعاء المقبل بشكل أكثر وضوحا. فالتجمع سيكون في مستديرة الكولا الساعة العاشرة والنصف صباحا، والانطلاق الساعة الحادية عشرة باتجاه ساحة رياض الصلح عبر خط المزرعة مار الياس - الحمراء - الصنائع - رياض الصلح. كما تنطلق تظاهرة من الدورة إلى ساحة رياض الصلح في الوقت نفسه. على الرغم من كل ذلك، فإن صرخة السائقين والقطاعات النقابية عموما تبقى محقّة، فمطالب السائقين المزمنة تفضح أكثر فأكثر، مدى تهرّب الحكومات والجهات المعنية من تنفيذ القوانين، وعدم الالتزام بها، والمماطلة بإقرارها، إذ ما زال قطاع السائقين العموميين ينتظر منذ ثلاث سنوات، أن تقوم الدولة بواجباتها إن من حيث مكافحة اللوحات العمومية المزورة، أو السيارات الخصوصية التي تعمل على الخطوط، أو دفع ردّيات البنزين والمازوت، أو تعديل اشتراكات الضمان الذي ما زال في مجلس الوزراء، ولم يرسل إلى مجلس النواب. ويؤكد نجدة أن «الدعوة مفتوحة لرئيس النقابة العامة للسائقين العموميين مروان فياض للمشاركة في تحرك الاتحاد، إذ إن مطالبنا هي نفسها». ويفيد بأن «قطاع النقل البري الدافع الأكبر للضرائب والرسوم، حيث يدفع كل سائق يومياً، 20 ألف ليرة ضريبة البنزين، وغيرها من المطالب التي باتت معروفة لدى القاصي والداني». يضم قطاع النقل حوالي 21 نقابة و3 اتحادات، ويبلغ عدد اللوحات العمومية حوالي 50 ألف لوحة. وكانت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري قد عقدت مؤتمرا صحافيا في مقر «الاتحاد العمالي العام»، شكت فيه من «عدم التزام تنفيذ القوانين والأنظمة والقرارات من قبل السلطة التنفيذية». وذكّرت في بيان أنه «وبرغم مطالبتنا الدائمة والدائبة لكل الحكومات المتعاقبة، لم نلمس إلا التسويف والمماطلة وعدم الجدية». كامل صالح - السفير
لجنة دولية للدفاع عن جورج ابراهيم عبدالله اعلن الامين العام لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب محمد صفا ان المؤتمر الخامس ضد الامبريالية الذي عقد في مدينة غازا في اسطنبول من 14 وحتى 21 نيسان 2014 تبني دعوة صفا بتشكيل لجنة دولية للدفاع عن جورج ابراهيم عبدالله وكافة المعتقلين السياسيين في العالم. وكان صفا قد شارك في المؤتمر الى جانب وفود من الهند، ايرلندا، المانيا، بلغاريا، سوريا، مصر، البرازيل، الارجنتين، هندراوس، بنغلادش، تشيلي، جنيف، بريطانيا، ايطاليا، اليونان. ناقش المؤتمر اهداف الحرب الارهابية على سوريا كجزء من مشروع امبريالي لتفتيت المجتمعات العربية وضرورة تعزيز القوى الثورية في العالم لمواجهة الامبريالية ومشاريعها في العالم. وقد كانت لقضية جورج ابراهيم عبدالله اهتماما خاصا، حيث طالب صفا في كلمته امام المؤتمر بتشكيل لجنة دولية للدفاع عن جورج ابراهيم عبدالله من الوفود المشاركة وتنظيم حملة عالمية في اوروبا للضغط على الحكومة الفرنسية للافراج عن جورج عبدالله، منتقدا التقصير العالمي بحق قضية جورج عبدالله التي يجب ان تكون القضية الانسانية الاولى على جدول اعمال الحركات اليسارية والانسانية في اوروبا، كما رفعت صور جورج عبدالله في الاحتفال الفني الكبير ونظم المشاركون اعتصاما رمزيا قي ساحة التقسيم امام تمثال اتاتورك رفعت فيه صور جورج عبدالله تحدث فيه عدد من الوفود المشاركة مطالبين بالافراج عن جورج عبدالله. كما نفذ اعتصام آخر في مدينة غازا في ضواحي اسطنبول، رفعت فيه صور جورج عبدالله. 22/4/2014 مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب
نيسان ستكون محطة جديدة لاختبار قدرة هيئة التنسيق النقابية على توسيع مروحة حركتها النقابية وتأسيس تيار مستقل عن حسابات القوى السياسية، إلا أن الأجواء حتى اليوم توحي بأن بعض القوى السياسية لا يريد أن يكون بعيداً عن حركة الشارع، ويستعد لتعبئة قواعده وحثّها على المشاركة وإثبات الوجود في قلب تحرّكات الهيئة
فاتن الحاج - الاخبار
المخاطر التي تهدد مشروع سلسلة الرواتب حرّكت حالة الركود في أوساط المعلمين والموظفين. شعر هؤلاء بأنّهم خدعوا من كل الكتل النيابية «التي توافقت علينا». يصبون غضبهم في الاتجاهين. فمن جهة يسخطون على من جاهر بتطيير السلسلة بتحويلها إلى اللجنة ــ المقبرة، على حد تعبيرهم، ومن جهة ثانية يسألون القوى التي قالت لهم إنّها معهم على ماذا وافقت وهل رضيت بما طرحته اللجان النيابية المشتركة من خيارات التقسيط والتجزئة وإلغاء المفعول الرجعي وما يرافق المشروع من نيات لإعادة تمرير مشاريع القوانين المطروحة في مؤتمر باريس ــ 3، لا سيما بالنسبة إلى وقف التوظيف وتنظيم التعاقد الوظيفي والانقلاب على الدولة.
لكن كيف سيترجم أصحاب السلسلة الاستياء العارم الذي أصابهم أخيراً؟ وكيف سيتعاطون مع ما سمّوه الهجمة على الحقوق والمكتسبات؟ وما هي استعدادات القوى النقابية والقواعد على الأرض لتحرك 29 نيسان؟ وما هي الخطة الجديدة لمواجهة كسر رأس هيئة التنسيق النقابية؟ «تطحش» بعض القوى الحزبية داخل الهيئة النقابية، لا سيما حركة أمل وتيار المستقبل، باتجاه تعبئة جماهيرها، مبدية حماسة للانخراط في الإضراب والتظاهر إلى حد القول إنّ «الحشد الذي سيشهده التحرك سيكون قريباً من 10 أيار 2006 حين تظاهرت هيئة التنسيق لإسقاط مشاريع التعاقد الوظيفي». يشير عضو رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه جباوي (حركة أمل) إلى أنّنا «نلتزم كممثلين للأحزاب بقرارات نقاباتنا، وستكون المشاركة كثيفة في يوم التحرك، خصوصاً أنّ قوانا السياسية كانت داعمة للمطالب الشعبية». لكن هناك من يقول إن الكتل التي رفضت التأجيل كانت ستسير في المشروع المشوّه؟ يجيب: «لا ليس صحيحاً، لأننا أخذنا وعداً بأنّه ستتم مناقشة المشروع بنداً بنداً وستتم مراعاة مذكرة هيئة التنسيق النقابية التي سلمناهم إياها صبيحة جلسة الهيئة العامة. وبالنسبة إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، فإنّ مفوض التربية في الحزب ومدير ثانوية عين دارة الرسمية سمير نجم يتحدث عن مساحة واسعة ديموقراطية يتركها لنا الحزب للعمل النقابي، «وبالنسبة إلينا كهيئة تنسيق، وبغض النظر عن الإخراج السياسي، نؤكد أن لنا حقوقاً وسنأخذها كاملة، والتمويل ليس من مسؤوليتنا». منسقية النقابات والروابط في تيار المستقبل أخذت قراراً بالمشاركة الكثيفة في التحرك. هذا ما قاله الأمين العام لنقابة المعلمين في المدارس الخاصة وليد جرادي. الأخير أكد أننا «نلمس استنفاراً في أوساط المعلمين في المدارس الخاصة، خصوصاً أن المادة 18 من قانون السلسلة لا تزال ملتبسة لجهة المحافظة على وحدة التشريع بين التعليم الرسمي والخاص، وهذا سينعكس مشاركة في 29 نيسان». وقال الأستاذ في التعليم الثانوي الرسمي يوسف زلغوط (حزب الله) إنّ «القوى الحزبية داخل هيئة التنسيق هي خلف قيادة الهيئة وليس أمامها، وهي تسير بالموقف الذي تقرره. حكينا بالعناوين العامة ولم نبلور حتى الآن خطة استراتيجية تدرس الخيارات المطلوبة في التحرك». في المقابل، يخشى مستقلون ألا تعدو هذه «الطحشة» مجرد رد اعتبار سياسي، مستشعرين خطر إمكان ضرب خطوة التحرك وتشويهها. وتحدث هؤلاء عن ملامح لشق الهيئة تمثلت في محاولة التعاطي مع كل قطاع على حدة وصدمه مع القطاع الآخر، مثل حرمان التعليم الأساسي من الدرجات الست، وعدم إدخال درجات الإداري في صلب الراتب، وفصل التشريع بين التعليم الرسمي والتعليم الخاص، وعدم إعطاء 6 درجات للمتقاعدين. بالمناسبة، ثمة تنسيق بدأ يظهر في أوساط جمعيات المتقاعدين في القطاع العام، إذ تعقد هيئتهم المشتركة مؤتمراً صحافياً عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في مركز المجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة، بالقرب من بيت الطبيب. وسيتم توضيح حقيقة المعاش التقاعدي وأوضاع المتقاعدين. عملياً، لا يبدو حالياً أن هناك خطة جاهزة لدى هيئة التنسيق تتجاوز جس نبض القوى والقواعد في التحرك المقبل. الهيئة ستعقد اجتماعاً عند الرابعة من بعد ظهر اليوم لمناقشة الآليات، فيما استغلت مكونات الهيئة أيام العطلة حيث تولى رؤساء الفروع ومندوبو الروابط في الجمعيات العمومية ومجالس المندوبين شرح «مخاطر» المشروع المطروح و«فضح» مواقف القوى السياسية. لم تتوجه الهيئة بصورة مباشرة إلى القوى المجتمعية لإشراكها في معركة تهم كل الناس، وإن طرح البعض إمكان تحويل المفعول الرجعي لتأمين التغطية الصحية للفقراء غير المضمونين.
«تطحش» بعض القوى الحزبية باتجاه تعبئة جماهيرها تقول الهيئة إنّها تعمل على أربعة مداميك: ترجمة الحقوق في أرقام السلسلة، إلغاء كل البنود «الإدارية» المرتبطة بمؤتمر باريس ــ3، التمسك بالحقوق المكتسبة للقطاعات الوظيفية وعدم فصل التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص. ورغم تأكيد قادة الهيئة على التماسك في ما بين مكوناتها واستقلالية التحرك النقابي، فإنّ ذلك لم يمنع من ظهور تمايز في مواقف البعض، فتمسكت رابطة أساتذة التعليم الثانوي بالموقع الوظيفي لأساتذتها، وتحدثت رابطة التعليم الأساسي عن «طمس دور الرابطة تماشياً مع رغبة بعض مكونات الطبقة السياسية وأغلبية الهيئات الاقتصادية في السعي إلى ضرب التعليم الاساسي الرسمي كونه منطلق التعليم الرسمي في جميع مراحله الثانوية والجامعية». ورأت أنّ موظفين ملحقين باللجان النيابية يستهدفون التعليم الأساسي الرسمي، إذ لا تجد الهيئة مبرراً لعدم إقرار المادة 12 في اللجان النيابية المشتركة ورفعها إلى الهيئة العامة لمناقشتها ولا لطلب تعديل القانون 223 ليصبح تعيين حامل الاجازة التعليمية في الدرجة 9 بدلاً من الدرجة 15. وحذرت الرابطة جميع المعنيين من الأخذ بنصائح هؤلاء الموظفين من قبل النواب ما سيدفع بالمعلمين إلى اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة. الرابطة تراهن على وعي قواعدها بحقوقهم عبر الانخراط بقوة في التحرك من تلقاء أنفسهم حتى لو لم تتمكن من تأمين الحافلات لهم. أما رابطة موظفي الإدارة العامة فقد أجرت اتصالات بممثلي الكتل السياسية في اللجنة النيابية الوزارية لمحاولة فهم طبيعة التسوية التي ستحصل. وتحدث نائب رئيس الرابطة وليد الشعار عن شعور بالغبن لدى قواعد الإداريين سيترجم حضوراً حقيقياً في الشارع ومحاولة تجاوز الترهل وضعف الثقة بهيئة التنسيق الذي أصابهم في الفترة الأخيرة.
الاتحاد العمالي يتظاهر
في خطوة أثارت الكثير من التكهنات، أوصت هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام بتنفيذ إضراب عام تحذيري والتظاهر يوم الأربعاء في 30 نيسان الجاري، أي في اليوم نفسه لانعقاد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية. ودعت هيئة المكتب أمس المجلس التنفيذي إلى الانعقاد قبل يومين فقط من هذا الموعد، أي ظهر يوم الاثنين في 28 نيسان الجاري، لبتّ هذه التوصية، احتجاجاً على السياسات الضريبية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصاً الضريبة على القيمة المضافة. الجدير بالانتباه أن الاتحاد العمّالي تجاهل التظاهرة التي تنوي هيئة التنسيق النقابية تنظيمها في 29 نيسان الجاري.
ليال حداد - شباب السفير
صباح الخير يا بيروت.. صباح كل من يستيقظ متفائلاً بأن دوّامة الموت اليومي لن تصيبه. صباح الزحمة التي تجعل المسافات بين الحمرا ووسط بيروت أسطورية. صباح الكورنيش والسيارات التي تصرّ على تشغيل أغاني جورج وسوف ولو الساعة السابعة صباحاً. صباح الأطفال المنتشرين في شوارعك يحاولون إقناع كل سائق بشراء وردة حمراء «للقمر اللي حدك». صباح الخير يا بيروت. صباح فنجان القهوة على شرفة منزل في مار الياس أو مار مخايل أو كورنيش المزرعة، وصباح الناس التي تبتسم في وجوهنا رغم أن لا شيء يدعو للفرح. صباح كل ترويقة فول وفتة من محلات القاووق في التاسعة صباحا داخل مكاتب العمل. صباح أبو كريم صاحب الفرن الذي بلغ الستين ولا يزال يبحث عن «بنت حلال معلّمة وبنت عيلة وبتحكي لغات». صباح كل فتاة تخرج من منزلها وفي حقيبة مدرستها أحمر شفاه وقلم كحل لتتبرّج قبل دخول أستاذ الرياضيات الشاب إلى الصف. صباح الموظف في الدوائر العقارية صاحب القميص المزركش الذي يردد بصدق واقتناع «اذا الموظف بيرتشي يعني الدولة بترتتشي، والدولة اللبنانية نضيفة بترتشيش». صباح الخير يا بيروت. صباح كل أم هاجر أولادها كلّهم، وتتعلّم بصعوبة استعمال الـ«سكايب» لترى وجوههم ووجوه أطفال ولدوا هناك. صباح مقاتل قديم يشارك في فعاليات «تنذكر تما تنعاد» ويبكي وهو يروي ما صنعته يداه. صباح شاب يقف أمام المرآة لساعتين قبل النزول إلى يومه الأول في الشغل. صباح الأب الخائف في زفاف ابنته. صباح أطفال ما زالوا يلهون بالمراجيح في العيد. صباح أستاذ مدرسي يردّد في أذن تلاميذه قصصاً عن لبنان الجميل. صباح نازحة سوريّة تبحث عن عمل لتعيل زوجها وأولادها. صباح حنا غريب ونعمة محفوض اللذين أعادا إلى بيروت هواء نقياً نتنشقه. صباح كل سيدة خرجت من بيتها ولم تعد لأن «ضرب الحبيب مش زبيب». صباح شباب يخططون لسهرة رأس السنة قبل شهر. صباح أم تقف على شرفة المنزل ترافق بعينيها ابنها الذاهب إلى جامعته وفي قلبها تردد كل الأدعية التي تبعد حسد الجيران والرفاق. صباح النساء المجتمعات في بيت واحد لتحضير معمول العيد. صباح كل كأس شربناه ونحن نغنّي «امانة عليك يا ليل طوّل». صباح كل دمعة ذرفناها ونحن نشاهد رفاقنا هناك، يهتفون بسقوط الأنظمة، وسقوط العسكر. صباح الخير يا بيروت.. صباح رجل يبكي في سرّه لأنه عاجز عن تأمين مدخول يكفي لآخر الشهر.. صباح الرجل نفسه الذي يشتري الخضار والفاكهة بالدين واعدا صاحب الدكان «آخر الشهر منسكر الحساب». صباح كتب قرأناها ولم نفهم منها شيئاً. صباح نقاش سياسي قد لا ينتهي بتبادل الشتائم. صباح ناشطين مدنيين مقتنعين بأن تغيير العالم ممكن. صباح طفل يرنّ جرس باب الجيران ويهرب.. صباح صبية أثيوبية تتبرج وترتدي أجمل ما عندها يوم الأحد. صباح كاسات المغلي التي تصل فجأة إلى البيت لأن «كنة جارتنا، التي لا نعرفها، ولّدت». صباح أب يتحدّث بفخر عن أولاده للموظف على براد الأجبان والألبان في السوبرماركت. صباح الخير على شوارع جميلة وفخمة نشتمها لأننا لا نملك القدرة على السكن فيها. صباح رجل يصرخ في وجه الـ«فاليه باركينغ» لأنه يحتلّ الشارع. صباح حبيبين يعرفان أن علاقتهما مستحيلة، لكنهما يتحابان. صباح الفخر الذي نتحدث فيه عن مدينتنا أمام أصدقاء من مصر والجزائر وتركيا. صباحنا نحن جميعا الذين نلعن مدينتنا ألف مرّة في اليوم، ولا نزال هنا.. المقال مستوحى من كتاب «ست الحاجة مصر» للكاتب المصري بلال فضل