لمناسبة العيد الوطني الفرنسي
يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني للمشاركة في حفل الاستقبال الذي تقيمه
الحملة الدولية لإطلاق سراح الاسير في السجون الفرنسية
جورج عبد الله
قبالة "قصر الصنوبر" في بيروت
يتخلل الحفل عروض موسيقية ومسرحية
السبت 14 تموز 2012 من الساعة الخامسة وحتى الساعة السابعة مساء
للمراجعة: 03350956 / 03378194
وعد وزير العمل سليم جريصاتي هيئة التنسيق النقابية بدعمها في الاجتماع المصغّر للجنة الوزارية المكلفة دراسة سلسلة الرتب والرواتب، اليوم. هو ليس موقفاً شعبوياً، كما قال جريصاتي للهيئة في لقائه معها أمس، بل مستند إلى أسباب قانونية
فاتن الحاج
أعطت «بروفا» انتفاضة موظفي الإدارة العامة زخماً للمعركة المفتوحة لهيئة التنسيق النقابية من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام. فالرهان على الوقت وتعب المعلمين والموظفين وشق صفوف الهيئة، لم ولن تكون وسائل ناجعة لإنهاء التحرك، أو هذا على الأقل ما أعلنه المعتصمون أمس في ساحة رياض الصلح، ملوّحين بخطوات موجعة قد تصل إلى إقفال الوزارات والإدارات العامة والبلديات. وطمأن المنتفضون المسؤولين إلى أنّ أوراقهم لم تنفد بعد ضد «سياسة النأي بالنفس عن حقوقنا». فهم سيطالبون، في الاجتماع مع اللجنة الوزارية المصغرة، عند العاشرة من صباح اليوم في مكتب وزير التربية حسان دياب، بإقرار السلسلة وفق الصيغة النهائية المتفق عليها مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيري التربية حسان دياب والمال محمد الصفدي بما يحفظ المواقع الوظيفية للأساتذة والمعلمين والإداريين والمتعاقدين والمتقاعدين، وبوضع تاريخ لتطبيقها ابتداءً من 1 شباط 2012 وعودة الضرائب إلى مشروع الموازنة والنقاش بشأنها.
اللافت في تحرّك أمس، دعم «الدولية للتربية» وهي هيئة تضم نقابات المعلمين واتحاداتهم في 180 دولة في العالم وقد تحدث باسمها لاري سبكت، فرأى أنّ الحكومة التي لا تسدّد الرواتب العادلة للمعلمين تفتقر إلى بعد نظر، باعتبار أنّ الرفاهية الاقتصادية تعتمد على المواطنين المثقفين. وقال: «مستقبل لبنان بين أيدي معلميه، وحان الوقت لكي تعترف الحكومة بأنّ المعلمين وأدواتهم النقابية هم شركاء وليسوا أخصاماً».
المعتصمون صوّتوا برفع الأيدي على: «لا موافقة على العودة إلى التصحيح في الامتحانات الرسمية قبل إقرار السلسلة في مجلس الوزراء، لا للجدولين بدلاً من الجدول الواحد بهدف إعطاء سلفة، نعم لحقوق المتعاقدين والمتقاعدين، لا فصل بين سلسلة الموظفين وسلسلة المعلمين، لا ضرائب في السلسلة، نعم لسياسة ضرائبية عادلة».
أما الاعتصام فجاء، بحسب رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، ليرد على تخلف الدولة عن القيام بمسؤولياتها تجاه 600 ألف موظف ينتظرون لقمة العيش، وليؤكد تمسك الأساتذة بإعطاء شهادات لا إفادات لتلامذتهم. وقال: «هرّبوا الأرقام في ليلة ليلاء وأخلّوا بالتعهدات وأضافوا الضرائب إلى السلسلة ليقولوا إنّ الأساتذة والإداريين يفرضون الضرائب على الأهالي والمواطنين».
بدوره، جدّد نقيب المعلمين نعمه محفوض المطالبة بجلسة استثنائية لمجلس الوزراء تحل قضية 100 ألف طالب ينتظرون نتائج امتحاناتهم الرسمية و100 ألف معلم و500 ألف ربّ عائلة، متمنياً أن تدرس أرقام السلسلة بصورة جدية مع اللجنة الوزارية. ولوّح بمحاسبة القوى السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة، باعتبار أن المعلمين والطلاب فئة لا يستهان بها من المجتمع اللبناني. وحيا رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر التعبير الصارخ للموظفين عن الوضع المتردي الذي وصلت إليه الإدارة العامة، داعياً إياهم إلى الاستعداد للمزيد من الخطوات التصعيدية لإقرار السلسلة، «على الرغم من أرقامها الهزيلة وملاحظاتنا العديدة عليها». وطلب من المسؤولين عدم فرض الضرائب على ذوي الدخل المحدود والبحث عنها في مكان آخر. وأكد أمين شؤون الدراسات في رابطة التعليم الأساسي الرسمي عدنان برجي أن التحرك يسعى إلى مدرسة رسمية قوية وإدارة عامة حرة وبقاء الشباب في لبنان، واصفاً خطة تهريب الموازنة من دون سلسلة وضرائب بالمكشوفة.
وطالب رئيس رابطة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي عصام عزام بإجراء بعض التعديلات الضرورية على مشروع السلسلة لتصبح منصفة بحق المتقاعدين، لا سيما منهم المعلمين والأساتذة المتقاعدين قبل 1/1/2010 الذين يغبنون فيه بصورة فظيعة وغير مشروعة.
الخميس ٥ تموز ٢٠١٢
لم يكن أمس الأحد «يوم وجع كبير» في صيدا، كما أنذر الشيخ أحمد الأسير. كان يوم «زهق» لآلاف السيارات التي اضطرت إلى حصر طريقها بالجانب البحري، وللتجار الذين تراجعت مبيعاتهم، والذين خرج منهم أمس من يبايع الأسير
آمال خليل
عريضة بـ 450 توقيعاً أعطت إمام مسجد بلال بن رباح في عبرا «مجد صيدا» وسلّمته مفتاح المدينة وأهلها «ليفصّل لباسها ومواقفها وتوجهاتها وهي تلبس». 35 من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية في أسواق المدينة شكلوا وفداً، تقدمته اللافتات وباقة الورود، توجهوا مساء إلى خيمة الاعتصام ليبلغوا الأسير تأييدهم لتحركه ويعبروا عن تضامنه معهم بوجه «الحملة المسعورة» التي تشن ضده. هؤلاء، «تداعوا من تلقاء أنفسهم ومبادئهم وكرامتهم المهانة» وساندوا الأسير الذي فوضوه أمرهم، وسلموه العريضة، بعدما «رفع رأسهم ونزع الخوف من صدورهم». خطوتهم تأتي بعد ساعات من زيارة ذات مضمون مختلف قام بها وفد آخر من التجار، أعرب أيضاً عن تأييده لتحركه، لكنه شكا الضرر الاقتصادي الذي يحل بهم من جرائه. فطالبوه بنقل الاعتصام إلى مكان آخر «أكثر قرباً من المنطقة التي يقيم فيها أهل السلاح»، مقترحين عليه المدخل الجنوبي للمدينة عند جسر سينيق.
تزاحمت الأفكار في رأس الشيخ أمس، بين من يحثه على الاستمرار، ومنهم مشايخ من بلدة الناعمة، ومن يطالبه بتغيير مكانه كوزير الداخلية مروان شربل الذي اتصل به، والشيخ عمر بكري الذي زاره في الخيمة، مقترحاً عليه نقله إلى بيروت. موقف الجماعة الإسلامية اندرج في الإطار ذاته. مسؤولها السياسي في الجنوب بسام حمود أكد لـ«الأخبار» أن المشكلة «ليست مع شعارات الأسير التي أنتجتها أخطاء ارتكبت في السابق، وخصوصاً أنه حريص على علاقة جيدة مع كل الطوائف. لكن المشكلة في قطع الطريق الذي نستكمل لأجل فتحه الاتصالات اللازمة». وإلى أسماع الأسير، وصلت المواقف المعارضة له. رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين رأى أن موقف فاعليات صيدا وعلمائها إيجابي لأنه يحمي المدينة. أما رئيس حزب التيار العربي، شاكر البرجاوي، فقال إنه عدل عن التوجه إلى صيدا لفتح الطريق، بعد نداء مفتي الجمهورية، الشيخ محمد رشيد قباني. أما إمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود فوجد أن تحرك الأسير لا يحظى برضى شعبي.
لكن مهاجمة الأسير لم تفلح في التأثير سلباً على الشيخ الذي لا تفارق الابتسامة وجهه. كل ما فعله أنه فصل بين المعتصمين والمعتصمات، مخصصاً شارعاً لكل منهم. النساء والأطفال الذين اتهمه حمود باستخدامهم كدروع بشرية، باتوا في خلفية الاعتصام. واستحدث صندوق تبرعات شفافاً خصص لـ«دعم المتضررين من الاعتصام السلمي». أما بالنسبة إلى رفع الاعتصام أو نقله، فالأرجح أن الشيخ لا ينتظر موقفاً أو فعلاً من أي جهة لأخذ قرار بهذا الشأن. في حديث مع «الأخبار»، أشار إلى أنه بعد وفد التجار الشاكي والاتصالات المتمنية من فاعليات رسمية وصيداوية، استجمع أفكاره ووضع نفسه أمام خيارين: إما البقاء وإما الانتقال. وإذ أكد أنه اتخذ القرار ضمنياً بنسبة 99 في المئة، فإنه ترك النسبة الأخيرة برسم موقف وفد التجار الثاني. وفيما بدا سيناريو معدّاً سلفاً، تبددت حال الترقب لمعرفة مصير الاعتصام في غضون ثوان قليلة، مذ بانت طلائع الوفد الثاني تتقدم نحو الخيمة. من شعارات أربعة لافتات مؤيدة، استمد الاعتصام عمره المديد. وبالنسبة إلى قطع أرزاق الصيداويين بسبب التوتر الذي تعيشه، وعزوف سكان المناطق المحيطة عن المرور داخل المدينة، قال التجار المؤيدون للأسير إن «الرزق من الله، والمهم كرامتنا». وفي السياق ذاته، أكد الأسير أن صيدا «تقعد بلا أكل وبتاكل حبة زيتون، لكنها لا تقعد على عدم وجود كرامة».
أهازيج «الدلعونا» التي صدحت من خيمة الأسير، قابلتها «شدوا الهمة» من مواكب وحواجز المحبة التي نفذها التنظيم الشعبي الناصري حول مكان الاعتصام وعلى مدخلي المدينة الشمالي والجنوبي، كتحرك آخر «يجب أن يبدر من صيدا». شعار التحرك الأحمر والأخضر كان «تحية وفاء ومقاومة من صيدا معروف سعد عاصمة المقاومة الوطنية والإسلامية». وقد شهدت الطريق البحرية أمس زحمة سير خانقة، بسبب حصر مرور العابرين إلى الجنوب ومنه، بهذه الطريق. عند أحد الحواجز، وقف رئيس التنظيم أسامة سعد، مستوعباً ما يسمعه من بعض أبناء مدينته من هجوم على المقاومة، لكنه أصر على أن الاختلاف الطبيعي في المدينة لن يفلح في جعلها مدخلاً لحصار المقاومة أو للقطيعة مع محيطها.
وإذ طمأن كل من سعد وبسام حمود إلى أن اعتصام الأسير لن يؤدي إلى صراع داخل المدينة، بدت الدولة منقسمة بين متفرج ومفاوض ومن يبرر للأسير ما يقوم به. مصدر رفيع في قوى الأمن الداخلي أكد لـ«الأخبار» مدى «تجاوب الأسير مع ما يخدم الصالح العام»، مبرراً له إصراره على عدم رفع الاعتصام بـ«المصطلحات اللاذعة التي تطاوله».
أما الجيش، فقد حافظ على قراره الأولي بعدم المواجهة مع اعتصام الأسير. دورياته المؤللة جابت الشوارع، وركز نقاطاً ثابتة عند بعض مداخل المدينة، لمنع محاولات قطع طرق أخرى. ولكن ماذا بعد؟ اختصر مصدر عسكري الأمر: «فليجد السياسيون للأسير حلاً كما أوجدوه»
الاثنين ٢ تموز ٢٠١٢
صيدا ـ «السفير»
أقام التنظيم الشعبي الناصري مساء أمس حواجز محبة عند مدخل صيدا الشمالي، بجانب جسر الاولي، حيث انتشرت مجموعة من شباب التنظيم على الطريق مرحّبين بسيارات الجنوبيين المتجهين نحو بيروت. كما وزعت عليهم قصاصات ورقية تتضمن تأييدا للمقاومة وسلاحها وتأكيداً أن صيدا ستبقى عاصمة الجنوب وعاصمة المقاومة.
وقد شارك الامين العام للتنظيم أسامة سعد في النشاط، حيث وقف عند جسر الاولي وشارك برفع الاعلام اللبنانية مرحبا بالجنوبيين. ولقيت هذه الخطوة ارتياحا عارما من الجنوبيين الذين نزلوا من السيارات وعانقوا سعد.
وكان سعد قد كشف ان أفكارا عدة قيد الدرس لمعالجة اعتصام الشيخ احمد الاسير، مشيرا خلال مؤتمر صحافي، أمس الأول، الى «اننا قدمنا موقفنا والقواعد التي يمكن على أساسها أن تعالج هذه القضية. ونحن جاهزون لأي مبادرات تلبي هذه الأهداف التي نتكلم عنها. ونحن جاهزون أيضاً للمساهمة بأي حراك يمكن القيام به».
وقال: لم يقدم المحتجون أي بديل لردع التهديدات الصهيونية ضد لبنان، عدا ان مطلب نزع سلاح المقاومة هو مطلب أميركي ـ إسرائيلي، وموضوع سلاح المقاومة لن يعالج في حي من أحياء صيدا ولا في حي مكسر العبد، وباعتصام محدود.
ووصف طريقة التعبير للمحتجين بالاستفزازية لأن التعبير عن الموقف ينبغي أن يتسم بالروية والعقلانية حتى لا يتحول إلى مدخل للصدام الأهلي والفتنة.
من جهة ثانية، من المتوقع ان يدعو الرئيس السابق لبلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري إلى لقاءٍ تشاوري موسع يضم عددا من الشخصيات والمؤسسات والهيئات العاملة في صيدا واضعاً إياهم في أجواء التحرك والمعالجات المطروحة، مشددا على أن «إعلان بلدية صيدا» هو برسم اللبنانيين جميعاً لأن فيه نزعاً لفتيل الاستقطاب والتناحر المذهبي، وتأكيد دور صيدا الوطني والعروبي.
وأسف البزري لأن الحكومة لم تستفد من الفرصة التي قدمتها صيدا لكي تستعيد الدولة ومؤسساتها جزءاً من عافيتها، «فهي ما زالت غائبة عن السمع وتدير الأذن الصماء لأهالي صيدا وقواها السياسية».
رفضت الأجهزة الأمنية إدخال الوفود العربية المشاركة في الحوارية التي دعا إليها اتحاد الشباب الديمقراطي الأردني واستضافتها رابطة الكتاب، لتباحث الأوضاع في الوطن العربي واستحقاقات الانتفاضات العربية وأفق تطويرها. حيث تم احتجاز ثلاثة رفاق ممثلين عن اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني (علي متيرك، منى عويلي، عاصم ترحيني) لليلة كاملة دون توضيح الأسباب الموجبة لذلك، رغم إلحاح رفاقنا المستمر في الاستفسار و إجراءنا نحن في اتحاد الشباب الديمقراطي الأردني العديد من الاتصالات لفهم أسباب منعهم من الدخول.
وكان تعنت الأجهزة الأمنية سافراً في رفضها لكل محاولات إدخال الرفاق رغم تدخل السفارة اللبنانية ورابطة الكتاب. وتم ترحيل الوفد اللبناني صباح اليوم الساعة العاشرة إلى مطار بيروت، في إجراء لا يدل إلا على عقلية أمنية تطارد الفكر لتقتله وتجهض محاولات النهوض العربية لإجهاضها، واهمةَ أن هذه الإجراءات ستمنع الشباب العربي من التواصل ليصنع تغييره الحقيقي ويبني مستقبله القادم الذي حتماً سينتزعه ولن يستجدي تحقيقه.
في صباح الجمعة كذلك، تم منع الرفيقة المغربية جهاد فطشاطي ،رغم حصولها على تأشيرة سفر، من دخول الأراضي الأردنية لذات الأسباب، واحتجازها في المطار حتى صباح السبت، ومن ثم ترحيلها إلى المغرب. مع ضرورة الاشارة الى استخدام نفس الاسلوب مع الوفد المصري في مطار القاهرة.
إننا نعتبر هذه الخطوة مؤشرا على حقبة جديدة تعد لها السلطة السياسية تتمثل في المزيد من القمع الأمني ومطاردة القوى الفاعلة ومحاولة إجهاض التنسيق الشعبي العربي لفرض الواقع الجديد، ونعتبر ان هذه الخطوة رسالة إلى اتحاد الشباب الديمقراطي الأردني الذي حدد بوصلته الأساسية في الأول من أيار في تحريض الفئات الشعبية المتضررة من النمط الاقتصادي الليبرالي السائد، ورسالتنا المضادة في هذا السياق واضحة وصريحة: هذا الإجراء لن يزيدنا إلا إصراراً على المضي في هذا الطريق، ونحن قادرون بالكامل على ابتكار اللازم لإنجاز تواصل الشباب العربي.
أخبار الأردن: استنكر اتحاد الشباب الديمقراطي قيام الأجهزة الأمنية بمنع دخول الوفود العربية المشاركة في الندوة الحوارية التي يقيمها الاتحاد في رابطة الكتاب، حيث احتجزت أجهزة الأمن ثلاثة لبنانيين قبل أن تتم إعادتهم إلى بلادهم، كما منعت مشاركين آخرين من دخول البلاد.
واعتبر الاتحاد في بيان صادر عنه أن هذا الإجراء يدلل على بدء حقبة جديدة تعد لها السلطة السياسية وتتمثل في المزيد من القمع الأمني ومطاردة القوى الفاعلة ومحاولة إجهاض التنسيق الشعبي.
وفيما يلي نص البيان:
بيان صادر عن الهيئة التنفيذية لاتحاد الشباب الديمقراطي الأردني
رفضت الأجهزة الأمنية إدخال الوفود العربية المشاركة في الحوارية التي دعا إليها اتحاد الشباب الديمقراطي الأردني واستضافتها رابطة الكتاب، لتباحث الأوضاع في الوطن العربي واستحقاقات الانتفاضات العربية وأفق تطويرها. حيث تم احتجاز ثلاثة رفاق ممثلين عن اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني (علي متيرك، منى عويلي، عاصم ترحيني) لليلة كاملة دون توضيح الأسباب الموجبة لذلك، رغم إلحاح رفاقنا المستمر في الاستفسار و إجراءنا نحن في اتحاد الشباب الديمقراطي الأردني العديد من الاتصالات لفهم أسباب منعهم من الدخول.
وكان تعنت الأجهزة الأمنية سافراً في رفضها لكل محاولات إدخال الرفاق رغم تدخل السفارة اللبنانية ورابطة الكتاب. وتم ترحيل الوفد اللبناني صباح اليوم الساعة العاشرة إلى مطار بيروت، في إجراء لا يدل إلا على عقلية أمنية تطارد الفكر لتقتله وتجهض محاولات النهوض العربية لإجهاضها، واهمةَ أن هذه الإجراءات ستمنع الشباب العربي من التواصل ليصنع تغييره الحقيقي ويبني مستقبله القادم الذي حتماً سينتزعه ولن يستجدي تحقيقه.
في صباح الجمعة كذلك، تم منع الرفيقة المغربية جهاد فطشاطي ،رغم حصولها على تأشيرة سفر، من دخول الأراضي الأردنية لذات الأسباب، واحتجازها في المطار حتى صباح السبت، ومن ثم ترحيلها إلى المغرب. مع ضرورة الاشارة الى استخدام نفس الاسلوب مع الوفد المصري في مطار القاهرة.
إننا نعتبر هذه الخطوة مؤشرا على حقبة جديدة تعد لها السلطة السياسية تتمثل في المزيد من القمع الأمني ومطاردة القوى الفاعلة ومحاولة إجهاض التنسيق الشعبي العربي لفرض الواقع الجديد، ونعتبر ان هذه الخطوة رسالة إلى اتحاد الشباب الديمقراطي الأردني الذي حدد بوصلته الأساسية في الأول من أيار في تحريض الفئات الشعبية المتضررة من النمط الاقتصادي الليبرالي السائد، ورسالتنا المضادة في هذا السياق واضحة وصريحة: هذا الإجراء لن يزيدنا إلا إصراراً على المضي في هذا الطريق، ونحن قادرون بالكامل على ابتكار اللازم لإنجاز تواصل الشباب العربي.
مرة أخرى تثبت السلطات الأردنية نفسها رائدة الممارسات الأمنية في منطقتنا. لا تستطيع أن تحتمل مشاركة 3 أشخاص لبنانيين في ندوة بالأردن، فتعتقلهم فور وصولهم، وتبقيهم تحت التوقيف والاستجواب ليلة كاملة ثم ترحلهم إلى لبنان في أول رحلة عائدة صباحاً.
هو نظام لا يحتمل ندوة!
الرفاق رئيس الاتحاد علي متيرك وأعضاء المكتب التنفيذي منى عوالة وعاصم ترحيني كانوا في طريقهم للمشاركة في ندوة يقيمها ناشطون سياسيون ومناضلون أردنيون بعنوان "نماذج وآفاق التغيير في العالم العربي"، ليقدموا عرضاً عن النضال من أجل التغيير في لبنان بظل النظام الطائفي الحاكم، فارتأت أجهزة الأقبية أن هذا الفعل يتخطى المسموح في بلد تكاد تحصى على أصابع اليد الواحدة الأشياء المسموحة فيه!
لن يثنينا هذا الفعل الجبان عن استكمال دورنا ونشاطنا وبالتأكيد لن يثني الشباب الأردني عن النضال والتفكير والنقاش والسعي لتطوير وتغيير الواقع الذي يعيشون فيه. ونؤكد أن هذه المشاركة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، ولن تستطيع أجهزة السلطان أن تحميه من رياح الزمان.
إنه فعل مدان ومرفوض ونصر على كسره مراراً وتكراراً ونعبر عن تضامننا العميق مع شباب الأردن وشعبه التواق للتغيير ونؤكد أن الغد الأفضل آتٍ لا محالة.
يدين اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني كل محاولات منع الفجر من البزوغ في كل بلد عربي ويعتبر أن ممارسات السلطة في الأردن ليست إلا تعبيراً عن مضمونها الأجوف القمعي المتسلط الذي يرضي أسياده الأقربين والأبعدين ويمنع عن شعبه كل حلم جميل.
اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
المخيمات المركزية:
مخيم إعداد قادة الكشاف: 25-29 تموز – صليما (الجبل)
المخيم المركزي الصيفي (حواري – تثقيفي – تطوعي): 3- 12 آب – زوطر الشرقية (الجنوب)
مخيم الكشاف المركزي 27 آب - 1 أيلول - مشغرة (البقاع)
مخيم الفنانين الشباب: 4-9 أيلول – الهرمل (البقاع)
على أن تحدد تفاصيل كل مخيم وتعمم في حينه.
نشاطات صيفية مركزية أخرى:
مهرجان شهداء الاتحاد: 18 آب - بيروت
حفل التخرج المركزي الثاني: أيلول - بيروت
يوم ثقافي فني مفتوح – بيروت (يحدد الوقت لاحقاً)
عماد مرمل
لعل أكثر المتشائمين لم يتوقعوا ان تتعرض الخطة الامنية لخروقات واسعة، في اليوم الاول للمباشرة في تطبيقها، حتى كادت تفقد «عذريتها» سريعا. وإذا كان معروفا ان الامن هو هيبة بالدرجة الأولى، فإنه يمكن القول ان هذه الهيبة خسرت جولة إضافية، أمس، في مواجهة.. «الدولاب».
لم تمر ساعات قليلة على قص شريط شهر «التسوق الأمني»، بدءا من الضاحية الجنوبية، حتى عادت «الدواليب» المشتعلة الى الشارع، وخصوصا طريق المطار، في تحد صارخ لكل الإجراءات المتخذة ولـ«وقار» القوى الأمنية والعسكرية، فيما قرر محتجون من لون آخر أن يعتصموا عند مدخل صيدا الشمالي ويقفلوه بأجسادهم اعتراضاً على «هيمنة السلاح». إنها لعبة الشارع.. على حافة الهاوية.
وحتى مجلس الوزراء، أُسقط في يده، وهو الذي كان يعد نفسه للاحتفال بإنجاز أمني يعوض عن قصوره وتقصيره في مجالات كثيرة، فإذا بدخان «الدواليب» يصيب المجلس بـ«ضيق تنفس»، استوجب استدعاء قادة الاجهزة الامنية على عجل، سعيا الى فك رموز «اللغز الامني»، والحفاظ على حد أدنى من ماء وجه السلطة، قبل ان يتبخر كليا تحت وطأة حرارة الإطارات المشتعلة.
والمفارقة الغريبة هنا، انه وبرغم الانتشار الامني أمس، المعطوف على غطاء رسمي وحزبي، فإن عشرات من الشبان العابثين و«مكتومي القيد» سياسيا (من حيث المبدأ)، استطاعوا انتزاع المبادرة، وتنفيذ عمليات «إنزال» في اكثر من مكان، نهارا وليلا، ما يدفع الى التساؤل عن السر الكامن خلف «هامش الحركة» الذي ما يزال يتمتع به هؤلاء، فيما الاجهزة المختصة تعلن، في الوقت ذاته، عن وقف العمل بنظرية «الأمن بالتراضي»، و«حركة أمل» و«حزب الله» يؤكدان رفض «الارتهان لعدد من الزعران ومرتكبي الاعمال المشينة»، كما جاء على لسان ممثليهما في مجلس الوزراء، فهل يعقل ان هذه القلة أقوى من الجيش وقوى الامن و«حزب الله» و«حركة أمل» مجتمعين، وأين تكمن الحلقة المفقودة؟
لقد بات واضحا، ان البلد افلت من «الجاذبية» الامنية، منذ أشهر، ليسبح في فضاء الفوضى غير الخلاقة، وغير المنظمة، بحيث اصبحت كرامة المواطن مستباحة بشكل غير مسبوق، الى حد انها استحالت «حقل تجارب» لفنون الفلتان على أنواعه: قطع طرق، حرق اطارات، خطف أشخاص بالجملة، سرقة مصارف وسيارات وما شابه، اشتباكات عائلية وعشائرية..
ولعله لم يعد مستغربا، في ظل هذا المناخ، ان يتطور أي شجار محتمل بين رجل وزوجته الى إحراق الإطارات، لتنفيس الاحتقان العائلي في الشارع، الذي غدا مشاعا لكل من يملك «دولابا» مستعملا.
والأخطر من ذلك كله، هو ان الدولة نفسها كانت اول الخارجين على القانون، ففقدت القدرة على تطبيقه او فرضه، بعدما اصبحت هي «متهمة» و«مطلوبة للعدالة»، شأنها شأن أي مرتكب آخر، فوقع الفراغ الذي ملأه تارة «أصحاب حقوق»، أخطأوا في طريقة الدفاع عنها، من دون التنكر لمشروعية مطالبهم، وملأه طورا «أصحاب سوابق» استغلوا حالة انعدام الوزن، للقبض على الشارع وأخذه «رهينة» للتفاوض.
نعم.. ضربت الدولة مصداقيتها بنفسها عندما اعتمدت سياسة «6 و6 مكرر» في الإفراج عن المحكومين بتهمة العمالة لإسرائيل، حتى استحالت العمالة مجرد جنحة او جنوح، بل ان وزيرا مخضرما لم يتردد في المشاركة باستقبال أحد هؤلاء، الامر الذي فتح الباب امام المطالبة بإطلاق سراح سجناء ارتكبوا جرائم اقل وطأة وخطورة.
وضربت الدولة مصداقيتها عندما أفرجت، تحت الضغط، عن موقوف خرج من السجن بسيارة وزير، واستقبله رئيس حكومة، فأصبحت هذه السابقة «أداة قياس» للتعامل مع حالات مماثلة، بحيث لم يجد أنصار وسام علاء الدين، على سبيل المثال، أي حرج في النزول الى الشارع بكل ثقلهم وشغبهم، للمطالبة بإطلاق سراحه، في مسعى لتكرار سيناريو الافراج عن شادي المولوي.
وضربت الدولة مصداقيتها عندما شاركت أطرافها، على ضفتي الموالاة والمعارضة، في تغذية الخطاب التحريضي بكل أنواع «الفيتامينات» الفئوية، ما انعكس تشنجا وغليانا في
الشارع المفروز الى محميات طائفية ومذهبية، وليس خافيا ان بعض القوى السياسية هي التي ساهمت أصلا في إنتاج أمراء الزواريب و«قبضايات» الأحياء لاستخدامهم ضد الخصوم، فإذا بها تفقد السيطرة عليهم، بعدما كبرت تجربتهم وخبرتهم.
وضربت الدولة مصداقيتها حين حولت مؤسساتها الدستورية الى ساحات لـ«حروب استنزاف» شلت فعاليتها، وعطلت إنتاجيتها، حتى بات اتخاذ هذا القرار او ذاك، يحتاج الى مفاوضات عسيرة وتفاهمات صعبة، كأن مجلس الوزراء يضم ممثلين عن أوطان، وليس شركاء في وطن واحد.
وضربت الدولة مصداقيتها عندما أخفقت في إيجاد حلول لأزمات معيشية خانقة، تأتي في طليعتها أزمة التقنين الكهربائي القاسي الذي أنهك المواطنين في مختلف المناطق، ودفع الكثيرين منهم، تحت ضغط الاحتقان والغضب، الى «لحس المبرد» عبر قطع الطرق على أنفسهم، وأقربائهم وجيرانهم، قبل الآخرين، من دون ان يعني توصيف الواقع تبريرا له، بأي حال من الاحوال.
وضربت الدولة مصداقيتها عندما بالغت في التهاون مع العابثين بالامن، إما بحجة النقص في الغطاء السياسي، وإما بذريعة عدم الانزلاق الى فخ المواجهة الدموية، فصار دخول الجيش وقوى الامن الى جبل محسن وباب التبانة يتطلب إذنا من قوى الامر الواقع، وأصبح منع إحراق الإطارات وقطع الطرق يتطلب وفاقا وطنيا.
وإذا كان وزير الداخلية مروان شربل قد انتهز فرصة المباشرة في تطبيق الخطة الامنية لتفجير غضبه على السياسيين، فإن المعلومات تشير الى ان انفعال الوزير يتجاوز حدود التعبير عن مشاعر شخصية، ليعكس حالة من التململ والاستياء تسود الأجهزة الامنية، اعتراضا على سلوك بعض رجال السياسة «الذين لا يجيدون سوى المزايدة والتنظير، من دون ان يتمتعوا بمؤهلات تتيح لهم إعطاء الدروس في الاستراتيجيات الامنية».
ووفق ما يتردد في أوساط الاجهزة، فإن تطبيق خطة أمنية مستدامة، لكل أيام السنة، يحتاج الى 50 ألف عنصر، غير متوافرين في الوقت الحاضر، «والأسوأ من ذلك - كما يروي القيّمون على الاجهزة - هو ان آلافا من العناصر الموجودة في الخدمة تتوزع، كمرافقة ومواكبة، على النواب والوزراء والقضاة والسفارات، بما يؤدي الى هدر جزء مهم من الطاقة الامنية في مهمات غير مفيدة، بات معظمها يصب في خانة تأمين الـ«بريستيج» الفردي للشخصيات العامة». ويكشف مصدر أمني واسع الاطلاع في هذا الاطار عن ان هناك 500 عنصر موضوعين بتصرف 4مسؤولين فقط!
.. يبقى انه إذا كان مرفوضا إلحاق الضرر بمصالح المواطنين وأعصابهم، عبر أعمال الشغب في الشارع، فإن ذلك لا يلغي طبعا الحق المشروع في الاعتصام والتظاهر بطريقة حضارية للتعبير عن موقف، او للضغط من أجل قضية مطلبية. ولعل المطلب الملح الذي يجمع كل اللبنانيين الآن، برغم خلافاتهم الكثيرة، هو استعادة الأمن المفقود، وهذا يتطلب بالدرجة الاولى ان تحزم الدولة أمرها و«ترمم» هالتها المتـصدعة، قبل فوات الأوان.. فهل تفعل؟
سعد الله مزرعاني
في مثل هذه الأيام قبل 53 سنة، استشهد القائد الشيوعي الكبير فرج الله الحلو تحت الضغط الإجرامي لآلة القهر والتعذيب الاستخبارية، وبعد ساعات من اعتقاله في غرفته الصغيرة في دمشق. قبل ذلك بحوالى عام كان فرج الله قد كتب في جريدة «النور» في دمشق أيضاً: «أهلاً وسهلاً بعبد الناصر». ورغم ذلك فقد اغتيل، لكن جرى إنكار اعتقاله، ثم تذويب جسده بالأسيد لإخفاء كل أثر للجريمة.
قصة هذه الجريمة النكراء ظلت تُحيل على الدوام إلى التباسات لا يزال بعضها ماثلاً حتى الآن: لماذا جرى اغتيال الشهيد بهذه السرعة القياسية؟ هل توفي فجأة و«بشكل طبيعي» كما يذكر الصحافي والكاتب المعروف محمد حسنين هيكل؟ هل جرى إبلاغ جمال عبد الناصر رئيس «الجمهورية العربية المتحدة» بالاعتقال؟ قبل ذلك: لماذا ذهب فرج الله الحلو إلى دمشق، لماذا هو دون سواه، وفي تلك الظروف الصعبة، حيث غادر دمشق كل أعضاء القيادة تفادياً للاعتقال وملحقاته، وفي المقدمة منهم خالد بكداش الأمين العام للحزب الشيوعي السوري؟
وفي امتداد هذه الأسئلة، أسئلة «خاصة» أيضاً: ماذا كان دور خالد بكداش، الأمين العام والقائد البارز آنذاك، في إرسال فرج الله إلى دمشق! هل هو من طلب؟ هل هو من ألحّ بعد ما ذُكر عن تأفّف فرج الله من مهمة ليس من المناسب أن ينفذها شخص معروف وملاحق (تُراجع بهذا الصدد كتابات لكل من الرفاق يوسف خطار الحلو وكريم مروة وجورج حداد ...)؟
في الجواب عن أسئلة «الموت الطبيعي» أو الاغتيال، يقدم سامي جمعة، مسوؤل مفرزة المباحث السورية التي اعتقلت فرج الله الحلو آنذاك، أجوبة قاطعة بشأن الاعتقال وتأكيد الموت تحت التعذيب. أما معرفة القائد الكبير جمال عبد الناصر بالأمر، فقد تلعب مسألة قصر المدة ما بين الاعتقال والاغتيال لمصلحة تبرئته من المسوؤلية المباشرة... وبشأن دور خالد بكداش فلا بد من عودة سريعة إلى موقفه السلبي من الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا، ومقاطعته جلسة التصويت على قرار الوحدة، وكان نائباً في البرلمان السوري، ومن ثم سفره وعودته حاملاً «البنود الـ13» التي تطالب بإعادة النظر في الوحدة وتضع الكثير من الشروط والمطالب. أدى ذلك إلى صراع تصاعد بين أجهزة دولة الوحدة والحزب الشيوعي السوري، واللبناني استطراداً. وقصة ذلك، رغم انفصال الحزبين الشيوعيين في سوريا ولبنان رسمياً منذ عام 1943، أن خالد بكداش ظل متسلطاً على قيادة الحزب الشيوعي اللبناني، وظل عملياً يقود عمل الحزب في البلدين ويستخدم ذلك في تعزيز نفوذه في سوريا ولبنان على حدّ سواء.
لقد طبعت نزعة التفرد والتسلط كلّ سلوك خالد بكداش وعلاقاته. وهو سخّر في سبيل ذلك مواهبه القيادية وعلاقاته الأممية، كما استغل طيبة أجيال متعاقبة من المناضلين وبراءتهم، والتي كانت تذهب إلى التضحية يوجّهها إيمان عميق بالقضية وثقة عمياء بالقيادة.
فرج الله، القائد هو الآخر، المتواضع والمحبوب والمبادر والمتفاعل حتى الجذور مع بيئته وناسه، أزعج تسلّط خالد بكداش. أزعجه أكثر حين أعلن مواقف متمايزة عن مواقف «الرفاق السوفيات» بشأن قرار تقسيم فلسطين، الذي أيّدوه في مجلس الأمن. كذلك كان فرج الله بتقاريره وسلوكه يقدم مواقف ونماذج، برز فيها الفرق هائلاً ما بين الأسلوبين والكثير من مواقفهما. فلم يتردد فرج مثلاً في 1937 وفي اجتماع قيادي في دمشق، وبحضور بكداش نفسه، في تضمين تقريره فقرة تقول: «لا يحق لغير الهيئات الحزبية المنتخبة بالطرق القانونية أن تتخذ القرارات. ولا يقبل الحزب الشيوعي وجود هيئة أو زعيم فرد فوق قانون الحزب العام، كما يحصل في الكثير من الأحزاب الأخرى».
طارد خالد بكداش فرج الله منذ أن تمكن من ذلك: حرّض عليه، اتهمه، أبعده إلى الخارج، لفّق له ملفاً استمر إعداده وتعظيمه بـ«الاعترافات»، طيلة ثلاث سنوات. وأخيراً جرى وضع فرج الله أمام خيارين: إما «الإقرار « بـ«أخطاء» لا تخطر إلا على بال متآمر ومتجنّ، أو الطرد من الحزب. وهذا الأمر استخدمه بكداش مع كثيرين قبل وبعد: مع الشهيد جورج حاوي، وحتى مع عضو قيادة الحزب آنذاك حسن قريطم الذي أورد تقرير المؤتمر الثاني «اعترافات» له هي على الأرجح أيضاً ملفقة، وأدت وظيفتها في تطويع الرجل، بينما رفض مثلها آخرون. الغريب أنّ تقرير المؤتمر الثاني مارس إزاء ذلك تمييزاً غير مبرر.
الاغتيال على يد المباحث السورية لم يكن الاغتيال الأول إذاً، بل كان الثاني في الواقع. وكان طبعاً «ظلم ذوي القربى أشد مرارة». ففرج الله عانى القهر والإذلال والإقصاء والإبعاد والتهميش والإساءة من كل نوع، على أيدي بعض من كانوا له رفاقاً وقادة.
«رسالة سالم» التي فُرضت على فرج الله كتبها فعلياً خالد بكداش ومعاونوه، وتضمنت تحقيراً فظيعاً لكاتبها ومدحاً أفظع لبكداش. هي صفحة سوداء نُسجت على المنوال الستاليني. وقد أشارت إلى ذلك الخلل الفادح في تجربة قادة ساهموا من خلال أخطائهم في تدمير أعظم تجربة في تاريخ البشرية. والبكداشية، الابنة النجيبة للستالينية، استمرت للأسف. وهي ماثلة الآن في تجربة «ورثة» بكداش في تقسيم الحزب الشيوعي السوري وتحجيمه.
لقد ألهمت تجربة فرج الله الحلو وأفكاره وتضحياته وعذاباته تغييرات عميقة في صفوف الحزب الشيوعي اللبناني. ومثّل المؤتمر الثاني (الثالث تاريخياً) في تموز 1968 ما يشبه الانتفاضة على النهج البكداشي. وأسس ذلك لوثبة وتطور كبيرين في نضال الحزب الشيوعي اللبناني، فغدا في السبعينيات أحد أكبر الأحزاب اللبنانية وأكثرها حيوية ومبادرة.
لقد استلهم المؤتمر الثاني المذكور أفكار فرج الله الحلو في ممارسة الديموقراطية في الحزب، واستند إلى مواقفه ومبادراته في اشتقاق البرنامج من صلب الواقع اللبناني وحاجات التغيير فيه. كذلك أقام تفاعلاً خلاقاً ما بين قضايا التحرر الاجتماعي والتحرر الوطني وما بين القضايا القومية والقضايا الوطنية والقضايا الأممية.
لكن الأمور لا تجري على هذا النحو الآن، ويعاني الحزب الشيوعي اللبناني اليوم من تسرب النزعة البكداشية إلى مستويات أساسية في مواقعه القيادية. إن عملية منهجية تجري منذ حوالى عقد من الزمن لتصفية الإجراءات والتوجهات الديموقراطية والتحررية التي انطلقت منذ المؤتمر الثاني في 1968 وتكرست في نجاحات وفرت للحزب رصيده الذهبي الذي كوّنه سابقاً. إن مبدأ تداول السلطة في الحزب، والذي حان تطبيقه بعد تكرار الوعد بذلك خلال ثلاث مؤتمرات، هو ما يُستهدف الآن، بذريعة أنّ «الديموقراطية هي التي خربت الحزب»!
هذه وسواها من المسائل الخطيرة (عزلة الحزب وتدمير تحالفاته، خطأ الأولويات والعمل بالشعارات والعصبيات بدل البرامج والملفات...) هي ما يجب أن يواجهه المؤتمر الحادي عشر الذي يجري الإعداد له على الطريقة البكداشية: تلفيق الاتهامات والفصل والترهيب... فيما يجري تعطيل الهيئات وتكريس العمل الفردي بأكثر الصيغ فجاجة وابتذالاً.
هل لأجل ذلك لم يجرِ حتى مجرد تذكّر موعد استشهاد فرج الله الحلو؟
عفواً وعذراً أيها الكبير في حزبنا وفي بلادنا!
* كاتب سياسي لبناني
الاربعاء ٢٧ حزيران ٢٠١٢