■ دخل أريئيل شارون (84 عاماً) منذ ست سنوات في غيبوبة أثناء التحضير لحملته الانتخابية. إلا أنه لا يزال حاضراً بقوة، رغم التعتيم الإعلامي الذي فرضته الدولة العبرية على صوره وأخباره منذ دخوله الغيبوبة إثر جلطة دماغية حادة. حالة شارون لم تتحسن، ويقول الطبيب المشرف على علاجه منذ فترة طويلة، شلومو سيغيف، إنه «لم تحدث تطورات طبية، والوضع مستقر»، مضيفاً «إن شارون رجل قوي جداً بدنياً، ومن وجهة نظري عقلياً أيضاً». وكانت أسرة شارون قد وافقت على نقله إلى بيته على سبيل التجربة للمرة الأولى، في تشرين الثاني 2011، لعطلة نهاية الأسبوع. وبحسب الطبيب، لم يكن الهدف «إجراء المزيد من التجارب، لكن نقله إلى منزله عند مرحلة ما يقتضي بعض التنظيم لأن الأمر قد يطول».
أما مالياً، فقد أقرت اللجنة المالية التابعة للكنيست الإسرائيلي كيفية دفع تكاليف علاج شارون، البالغة 1.5 مليون شيكل (تقريباً 400 ألف دولار) سنوياً، فتدفع عائلته نصف هذه التكاليف، وتتكفل الحكومة بالنصف الآخر.يشار إلى أن لجنة تحقيق إسرائيلية أدانته بالمسؤولية غير المباشرة عن مجزرة صبرا وشاتيلا «باعتباره وزيراً للدفاع في ذلك الوقت» التي ذهب ضحيتها آلاف اللاجئين الفلسطينيين.
■ عيّن بشير الجميل فادي فرام قائداً لميليشيا القوات اللبنانية عام 1982، وذلك بعد «انتخاب» الجميل رئيساً وقبل يوم واحد من اغتياله. وعندما وقعت مجزرة صبرا وشاتيلا، كان فرام القائد الذي تصدر منه الأوامر لمقاتلي القوات اللبنانية. وتالياً، كان هو المسؤول الأول عن اتخاذ قرار بالدخول إلى حيث وقعت المجزرة. متزوج بإحدى حفيدات مؤسس الكتائب الشيخ بيار الجميل، تدرج فرام في سلّم القوات اللبنانية، إذ كان من الأوائل الملتحقين بفرقة الـ«ب جين»، ثم عيّن في الاستخبارات العسكرية، قبل أن يصبح نائب رئيس الأركان، فرئيسها. شهدت فترة قيادته حرب الجبل التي منيت فيها القوات بهزيمة مدوية تسببت بتهجير المسيحيين من الشوف. توترت علاقته بالرئيس أمين الجميل، ما أدى إلى تعيين فؤاد أبي ناضر مكانه. شارك بقواته الى جانب قوات إيلي حبيقة في مجزرة صبرا وشاتيلا، وهو يقيم حاليا في كندا. يشار الى أن وزارة العدل الكندية أجرت عام 2000 تحقيقاً حول المسؤولين عن التعذيب في معتقل الخيام، ولم توافق على هجرة العديد منهم إليها لهذا السبب.
■ ولد عام 1956، وهو من أبرز قادة ميليشيا القوات اللبنانية خلال الحرب الأهلية. انضم شاباً الى حزب الكتائب اللبنانية، قبل أن يلتحق بالقوات عند تشكيلها. تولى عام 1979 مسؤولية جهاز الأمن والمعلومات في القوات. اغتيل حبيقة في الحازمية عام 2002 بسيارة مفخخة عندما قرر الذهاب إلى محكمة العدل الدولية في هولندا «لفضح جرائم الحرب الإسرائيلية».في بداية عام 1985، قاد، مع سمير جعجع، انتفاضة أدت إلى توليه قيادة القوات اللبنانية، قبل أن يوقع في نهاية العام ذاته الاتفاق الثلاثي مع نبيه بري ووليد جنبلاط. وكان هذا الاتفاق فاتحة علاقته العلنية بسوريا، ودخوله رسمياً في المحور السوري في لبنان. في بداية عام 1986، انقلب عليه سمير جعجع، وخاضا معارك في الأشرفية وزحلة، أدت إلى تسلم الثاني قيادة القوات.في زمن السلم، دخل المجلس النيابي، وعُيّن وزيراً. وخرج من السلطة نهائياً عام 2000، عندما لم يفز في الانتخابات النيابية.
■ ولد سعد حداد عام 1936 في بلدة مرجعيون. تولى حداد الذي كان برتبة ضابط مسؤولية وحدة عسكرية ضمت 400 جندي في بلدة القليعة. في عام 1979 تحالف مع إسرائيل لإنشاء ميليشيا جيش لبنان الجنوبي. في 19 نيسان 1979 أعلن قيام «دولة لبنان الحر» في المناطق التي تحتلها إسرائيل في الجنوب. خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 نقل عناصره من الجنوب الى مطار بيروت، ومن هناك باتجاه صبرا وشاتيلا، حيث كان لهم الدور الأبرز في ارتكاب المجزرة. توفي حداد في 14 كانون الثاني 1984 بمرض السرطان. يذكر أن ابنته «أرزة» التي أصبحت مواطنة إسرائيلية تعمل في حقل الأبحاث العلمية العسكرية لتطوير صواريخ العدو... «اللي خلف فعلاً ما مات».
الجمعة ١٤ أيلول ٢٠١٢السفير: علي جعفر
نظم "اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني"، حفلا ختامياً فنياً على ضفاف نهر العاصي في منطقة الهرمل مساء أمس الأول، وذلك لمناسبة انتهاء النشاطات الفنيه التي قام الاتحاد بها، خلال إقامته مخيمه الفني السادس بعنوان "فنانون من أجل الحريه". وضم المخيم نحو خمسين من الفنانين الشباب من لبنان، وسوريا. قدموا عددا من الأعمال الفنية، من رسم، ونحت، وتصوير، وغناء، وموسيقى عربية وغربية. وقد حضر حفل الاختتام حشد كبير من أهالي المنطقة.
في الحفل، عرض عضو "اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين" محمد علوش عدداً من اللوحات الفنية المميزة والمتنوعة، التي رسمها في المخيم. وتعكس صور الحياة بجميع سلبياتها وإيجابياتها، بحسب رؤيته الخاصة. ثم قدّم بعض الفنانيين الشباب من مختلف المناطق اللبنانية، وأبرزهم لينا سلامة، ومايا فاعور، وبترا حاوي، وسعيد سلامة، وليال شمص، باقة من الأغاني الوطنية والطربية المتنوعة، لعدد من الفنانين المشهورين، ما أعطى جواً حماسياً برز خلاله إعجاب الحضور.
وعزف الفنان السوري عدنان معوش، فقرة موسيقية مبتكرة وجريئة شارك فيها بعض العازفين اللبنانيين، مزجت بين الآلات الموسيقية الشرقية والغربية، فكانت ناجحة بامتياز. وفي نهاية الحفل، أكد مسوؤل المخيم علي بصل، أن الأحداث التي تمر بها البلاد العربية، أثرت بشكل كبير في عدد المشاركين في العام الحالي، حيث إنه في السنوات السابقة، كان المشاركون يأتون من مختلف الدول العربية، من أجل تنمية القدرات الفنية بين الثقافات العربية والاستفاده من التنوع في ما بينها.
ولفت بصل إلى أن "الهدف الأساسي للفنانيين الشباب التواصل بين جميع المناطق، وإلغاء الحواجز الوهمية المفتعلة من البعض، والتأكيد على الهوية الثقافية التي تجمع اللبنانيين مع الشعوب العربية الكبيرة". وكشف عن إقامة معارض للرسم والنحت والصور للاتحاد في بيروت، يعود ريعها لتفعيل النشاطات الفنيه المختلفه على مستوى الدول العربية.
وصلت قضية المخطوفين لدى آل المقداد إلى خواتيمها. أفرج عن المخطوف التركي، طوعاً، وسُلّم إلى الأمن العام. قبلها كان الجيش قد حرر أربعة من المخطوفين السوريين في حي السلم. حصلت «مفاوضات» مع الخاطفين انتجت مبادرة حسن نية واتفاقاً على «حل شامل». يأتي هذا بعد دخول الجيش بقوة، بظهور لافت، إلى الضاحية المرحبة بالبذلة المرقطة
محمد نزال
تيكين توفان في عهدة الأمن العام. المواطن التركي حرّ بعد 26 يوماً من «ضيافة» آل المقداد. هكذا، حلّت القضية، ليل أمس، مع تسلم المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، التركي المذكور. سُلّم الأخير إلى سفير بلاده في لبنان أونان اوزيدليز، بحضور ابراهيم ووزير الداخلية مروان شربل، عند مدخل مقر الأمن العام في منطقة المتحف. آل المقداد أفرجوا عن توفان، بسلاسة بالغة، في «بادرة حسين نية تجاه الدولة اللبنانية والدولة التركية». طبعاً، سبق ذلك «مفاوضات» بين العائلة واللواء ابراهيم، وكذلك بين أمين سر رابطة آل المقداد، ماهر المقداد، ووزير الداخلية مروان شربل. الأخير أعلن أن «الأتراك جديون في مساعدتنا، وغداً سوف نأتي بالمخطوف التركي الآخر، وسوف نأتيكم بأخبار طيبة حول المخطوفين اللبنانيين في سوريا». هكذا، أعلن الوزير عن «فتح صفحة جديدة مع المخلصين من آل المقداد». وبعد منتصف الليل، رافق شربل وابراهيم المخطوف التركي إلى بلاده، بعدما تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من نظيره التركي رجب طيب أردوغان وآخر من وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو لشكره على تحرير مواطنهما. واكدت مصادر رسمية أن هذه العملية تأتي ضمن عملية تبادل غير معلنة ينبغي أن تٌستَكمَل من الجانب التركي بالعمل على إطلاق عدد من اللبنانيين المخطوفين في سوريا، والذين صار العدد الأكبر منهم، عملياً، في عهدة الاستخبارات التركية.
ما حصل ليل أمس، جاء بعدما حرر الجيش 4 سوريين في الضاحية، ليل أول من أمس، كانوا قد خطفوا على أيدي أشخاص من آل المقداد. كثرت الأقاويل حول طبيعة ما حصل، ليأتي بيان الجيش لاحقاً، فيوضح أن «مديرية المخابرات، بمؤازرة وحدة من الجيش، تمكنت بعيد منتصف ليل أمس (أول من أمس) من تحرير أربعة مخطوفين سوريين، بعد دهم مكان وجودهم في محلة حي السلم، إثر عملية رصد ومتابعة، بالإضافة إلى توقيف شخصين في المكان نفسه يشتبه بضلوعهما في عملية الخطف، وذلك من دون مقاومة تذكر». لم تقتصر عمليات الجيش على المنطقة المذكورة في الضاحية، إذ كانت جادة الشهيد هادي نصر الله تشهد حركة آليات عسكرية للجيش، ليل أول من أمس، على نحو غير مألوف. تبيّن لاحقاً أنه كانت هناك عملية دهم حصلت في منطقة حارة حريك. وبحسب بيان الجيش، فإن هذه العملية استهدفت «مطلوبين للعدالة، فأوقف عدد من الأشخاص الذين يشتبه بضلوعهم في عملية الخطف، وقد بوشر التحقيق مع الموقوفين».
هكذا، نامت الضاحية على وقع هدير ناقلات الجند العسكرية، وعلى ظهور قوي للجيش في الشوارع الرئيسية وحتى الفرعية. لكن ما ان إطل الصباح، حتى كان حي آل المقداد، في منطقة الرويس، يعج بأبناء العائلة الغاضبين مما حصل. لم يكن حسن ضاهر المقداد حاضراً هذه المرّة، وهو الذي ظهر في الإعلام، منذ اللحظات لعمليات الخطف، كأحد «قبضايات» العائلة. هو من حدد لـ«الجيش السوري الحر» قاعدة «الخطف بالخطف والإعدام بالإعدام». أصبح الآن موقوفاً لدى الجيش.
كخلية نحل كان حي آل المقداد أمس. لكن ثمة «نكسة» ألمت بالقوم. عملياً، انتهت مفاعيل الظهور الإعلامي لما سُمي بـ«الجناح العسكري» للعائلة. غابت مظاهر استعراض القوة، بمختلف أشكالها، لتحل مكانها مظاهر الغضب والقلق. ما يقال في الشارع، هناك، يوحي بأن العائلة تشعر بـ«الطعن في الظهر». ربما كانوا يعولون على حماية ما، من الأحزاب الفاعلة في الضاحية مثلاً، بيد أن هذا ما لم يحصل. لقد نفذ الجيش ما وعد به في بياناته خلال الأيام الأخيرة. ضربت عمليات دهمه، ليل أول من أمس، في منطقتي حي السلم، وحارة حريك. لم يكن أحد يتوقع أن يكون هناك مقر «ضيافة» المخطوفين السوريين.
أمين سر رابطة آل المقداد، ماهر المقداد، كان يتنقل في شوارع الحي أمس بشكل طبيعي. يهمس في أذن هذا وينادي على ذاك. بدت الأنظار كلها موجهة إليه. كأنه أملهم الوحيد. وقف إلى جانبه أحد كبار العائلة وسأله: «ماذا يحصل؟». سمع يجيبه همساً: «حزب الله غير قادر على فعل شيء. أما نبيه بري فقد باعنا. للأسف يا حاج، الجيش دخل بهذه القوة بأمر من بري وبتنسيق تام معه... لعبوها علينا».
على بعد أمتار من ماهر، كان ثمة «مقدادي» آخر، هو من «مشاهير» الحي أيضاً، يوجه شتائم الغضب في كل الاتجاهات. ركّز على حزب الله وحركة أمل، الذين «لا يتذكروننا إلا وقت الانتخابات، ولكن وقت الشدة يتخلون عنا». في المقطع الثاني من كلامه أشرك الدولة، بكل رموزها، في شتائمه: «أليست السيارات الوزارية هي التي أوصلت شادي المولوي إلى منزله في الشمال؟ هل كان يمارس الرياضة أم أنه كان يهرّب السلاح؟ كيف تعاملت الدولة مع أحمد الأسير؟ لم يكن ينقص إلا أن يقبّلوا قفاه لينسحب من الشارع. أما الآن فالدولة تتشاطر علينا وتريد أن تفرض هيبتها على ظهرنا». راح الشاب، ومن حوله شبّان كثر، يتحدثون عن نيتهم رفع صور لشخصيات سياسية من قوى 14 آذار، كفعل نكاية بحزب الله وحركة أمل. أحد الإعلاميين كان هناك. راقه الأمر، فراح يحرضهم على فعل المزيد، بل ويسمي لهم أسماء الشخصيات التي «لازم» أن ترفع صورها، طالباً منهم أن يكون أول من يعلم عند بدء التنفيذ.
إلى ذلك، كان ماهر المقداد يستشعر حجم الخطر الذي وصلته «اللعبة». قرر أن يلاعب الاستخبارات بلعبتهم. فبعدما كان أعلن أن المخطوف التركي، ومعه 50 مقدادياً، اختفوا من الرويس إلى مكان لا يعلمه، ها هو يعلن أن المخطوف التركي «أصيب في صدره أو في كتفه، لست متأكداً، لكن وضعه الصحي مأساوي».
في ساعات متأخرة من ليل أمس، وصلت «المفاوضات» بين وزير الداخلية مروان شربل من جهة، وماهر المقداد من جهة أخرى، إلى صيغة تقضي بأن «يفرج عن التركي الموجود لدى العائلة، مقابل السعي الجدي إلى حل شامل لقضية المخوطفين، بعد أن أعلم الجيش بالأمر، وكذلك الجهات المعنية خارج لبنان». هذا ما أكّده شربل لـ«الأخبار». وبالفعل، كان المخطوف التركي، تيكين توفان، جالساً إلى جانب المقداد في اجتماع للعائلة ليلاً، فكانوا يلاطفونه ويمازحونه، تحضيراً للإفراج عنه. بدا أن ثمة «ثقة» بين شربل والمقداد، دفعت الأخير إلى القول: «لم نكن نريد أن نؤذي أي لبناني منذ البداية، ونحن تحركنا عندما غابت الدولة، ولكن عندما ولدت اللجنة الوزارية، ورأينا الدولة تتحرك، أوقفنا تحركنا. هذا كل ما في الأمر. نريد أن يعود إبننا حسان إلينا».
شربل «عشائري الهوى»
يرفض وزير الداخلية مروان شربل التعاطي بـ«قسوة» مع آل المقداد. يتمنى على المعنيين «تفهم وضعهم، فلو خطف ابن اي منا لكنا ربما شعرنا بما شعروا، ولكن طبعاً هذا لا يبرر الخروج على القانون وضرب هيبة الدولة». وفي حديث له مع «الأخبار»، قال شربل إن العشائر «وصلت إلى ما وصلت إليه بسبب سياسة الدولة على مدى عقود، خاصة تجاه الأطراف المحرومة. فأبناء العشائر هم من أطيب الناس، وكان يجب الاهتمام بهم ليكونوا ذخراً وعوناً للدولة لا خارجين عليها». يذهب شربل بعيداً، فيتمنى لو يعيش مع هذه العشائر في الجرود، لأن هؤلاء «معشرهم طيب، وأغلبهم معترين وقلوبهم طيبة. ففي جلسة مع بعض ابناء البقاع أخيراً، حول موضوع تلف المخدرات، تمنوا عليّ لو أزورهم لكي يستضيفوني ويهتموا بي. رأيت كم هم طيبون، وأنهم لم يولدوا ليكونوا ضد القانون، ولكن، للأسف، الحالة الموجودة الآن هي نتيجة طبيعية لغياب الدولة منذ سنين بعيدة».
الاربعاء ١٢ أيلول ٢٠١٢
فراس الشوفي
أكّد الوزير السابق ميشال سماحة خلال التحقيق معه أمس أن اللواء جميل السيد كان معه في السيارة في اليوم الذي نقل فيه المتفجرات من دمشق إلى بيروت في 7 آب 2012، بحسب ما أكدت مصادر قضائية لـ«الأخبار». وشدد سماحة في المقابل على أن السيد لم يكن على علم بأمر وجود متفجرات في السيارة ولا بالقضية من أساسها لا من قريب ولا من بعيد. ووجه قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا سؤالاً لسماحة عن هذا الأمر، خلال جلسة التحقيق الثالثة التي عقدها أمس. وأرجأ أبو غيدا التحقيق إلى موعد لم يحدده.
وفيما لفتت مصادر قضائية إلى أن القاضي أبو غيدا سيستدعي السيد للاستماع إلى إفادته كشاهد في قضية سماحة، عقد المدير العام الأسبق للامن العام مؤتمراً صحافياً أمس، لم يوفّر فيه أحداً من «موروثات الرئيس سعد الحريري الأمنية والقضائية» من «شرّه». وكانت لرئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي حصة «محرزة» أيضاً.
ومن جديد، لم يؤكّد السيد أو ينف إن كان قد تنقل في سيارة الوزير السابق ميشال سماحة في اليوم الذي قيل إن سماحة نقل خلاله متفجرات من دمشق إلى بيروت، مرجئاً الإجابة عن هذا السؤال إلى حين طرحه عليه من قبل القضاء.
كلامٌ كثيرٌ قاله الرجل وإصبعه ترتفع في يمناه تهديداً ووعيداً «بجرأة الحق»، على حد قوله. ودائماً، حرص السيد على إظهار نقاط التشابه والتقارب بين ما قام به العميد وسام الحسن ومدعي عام التمييز السابق سعيد ميرزا والمدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي في مسار التحقيق والتسريب في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبين قضية سماحة.
في الجزء الأول من المؤتمر الصحافي، شرح السيد كيف سرّب فرع المعلومات أخباراً عن وجود السيد إلى جانب سماحة في السيارة، ثم التسريب الثاني عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال ومحاضر التحقيق الأولي مع سماحة عبر صحيفة الجمهورية، كاشفاً أن ريفي هو من أصرّ على نشر المحاضر. هجوم السيد على ريفي وميرزا والحسن بلغ أشّده حين اتهم الأخير بالضلوع في اغتيال الحريري في غيابه عن الموكب يوم 14 شباط 2005، مبدياً استعداده للشهادة حول هذه النقطة.
وتوقّف عند مسألة عدم ردّه مسبقاً على التسريبات، «حفاظاً على هيبة القضاء واحتراما له»، لكنّ «فريق ريفي ــ الحسن ــ ميرزا ــ صقر يرتكب جرائم والفريق الحكومي يتفرج». وكرّر السيد ما قاله سابقاً عن «البيضة الممودرة» التي يحمّلها الحسن وريفي، «فإذا كانوا يريدون إقناع القاضي، فليقدموا الملفّ إليه ويبيضوا البيضة عنده، لكن المطلوب إقناع الجمهور عبر التسريب».
صوّب اللواء على فكرة «استدراج سماحة عبر المخبر ميلاد الكفوري»، شارحاً كيف أن التسجيلات الصوتية لا يمكن اعتمادها دليلاً كافياً وحدها، من دون أدلة دامغة أخرى. وحتى أن تدوين التسجيلات بحسب السيد، لا يمكن البناء عليه، بل على القاضي ان يستمع إليها ليعرف نبرة المتحدّثين ويستنتج منها، مطالباً بمثول كفوري أمام القضاء وإجراء مقابلة بينه وبين سماحة لينكشف الأبيض من الأسود، و«لنعرف من يستدرج من».
وأضاء السيد على مسألة أنه لا يجوز أن يكون فرع المعلومات «عدو سماحة» نظراً لسوابق الفرع في موضوع شهود الزور ومواقف سماحة من ريفي والحسن، هو من يحقق معه. فسلامة التحقيق تفرض أن يحقق مدعي عام التمييز شخصياً معه، «وليبقى عشر سنوات عند المخابرات، ولكن ليس عند ريفي والحسن».
وأشار إلى أنه طلب من نجله المحامي مالك السيد بعد توكيله محامياً له ولسماحة أن يفصل في الوكالة بينهما، للفصل في الاتهام. وبحسب السيد، قال مالك لقاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا إن التسريبات عبر وسائل الإعلام «هي لزجّ اسم والدي في القضية»، وأصر على سؤال سماحة في الجلسة عما إذا كان قد أطلَع السيد على تفاصيل القضية موضوع التحقيق في أي مرحلة من مراحلها، وبينها مرحلة نقل المتفجرات إلى لبنان. وتابع السيد: قال سماحة إنني لم أطلع على أي تفصيل من القضية أو من نقل المتفجرات، وقد طلب عندها الوزير السابق حضور الشاهد ميلاد كفوري لمواجهته وتبيان ضلوع شعبة المعلومات في استدراجه».
وطلب السيد من وزير العدل شكيب قرطباوي أن ينسى أنه سيعود محامياً بعد خروجه من الحكومة، «مارس دورك كوزير للعدل واستدع ريفي والحسن وكل من يظهره التحقيق في ملف التسريبات، فليس ذنب الجمهورية أنها نشرت المحاضر، أي جريدة كانت قد فعلت مثلها».
وكشف السيد أن الرئيس ميشال سليمان قال له إنه لا يستطيع تنحية ميرزا وريفي والحسن، منتقداً إياه على استقباله وتهنئته الأخيرين فـ«الرئيس الذي لا يستطيع أن يحاسب لا يستطيع أن يكافئ ويهنئ». وأشار اللواء إلى «أننا قد نقبل سياسياً فاسداً، لكن لا يمكن أن نقبل ضابطاً فاسداً أو قاضياً فاسداً كريفي والحسن، لأن السياسي لا يقسم على حماية الوطن مثلما يفعل رئيس الجمهورية والضباط والقضاة»، مطالباً سليمان كونه «أقسم على حماية الدستور والقانون بالتداول مع مدعي عام التمييز جلب الكفوري من الخارج، الذي وقع له ميرزا ورقة شاهد سري قبل أسبوع من رحيله، بدل القاضي سمير حمود الذي تابع التحقيق مع سماحة».
وأشار اللواء إلى أن التحقيق من دون وجود الكفوري مدمر في الشكل والمضمون، «وطالما هم غير قادرين على جلبه، فليضعوا سماحة في الاقامة الجبرية، ولا أقول أن يطلقوا سراحه».
حتى وزير الداخلية والبلديات مروان شربل لم يسلم. على ما يقوله السيد، أن ميقاتي أخبر شربل حين تولى رئاسة الحكومة أنه لا يريد ان يبقي ريفي والحسن وميرزا في مناصبهم، وطالب شربل بعدم النفي وإلّا «بزعل منك مروان».
ورداً على أسئلة الصحافيين، أكد السيد أنه سيكون مرشحاً مستقلاً على لائحة حركة أمل وحزب الله في البقاع الشمالي إذا جرت الانتخابات في موعدها.
وفور انتهاء المؤتمر الصحافي، نفى كل من ميقاتي وشربل ما ورد في كلام السيد عن الحديث بينهما.
الاربعاء ١٢ أيلول ٢٠١٢
لا تُبدي مكوّنات هذه الحكومة أي نيّة في إحداث تعديلات، ولو طفيفة، على السياسات العامّة، التي تعدّ الموازنة الأداة الرئيسة لتحقيقها. فمشروع موازنة عام 2013، الذي أنجزته وزارة المال أخيراً، لا يختلف بشيء عن المشاريع السابقة، بل ينطبق عليه المثل الشائع «عنزة ولو طارت»، ولا سيما لجهة الإصرار على زيادة وفرض ضرائب موجعة للفئات الاجتماعية الضعيفة، ومراعاته للمصالح الراسخة في النموذج الريعي القائم محمد زبيب
ينطبق على مشروع قانون موازنة عام 2013 المثل الشائع «عنزة ولو طارت»، فهذا المشروع يعيد إنتاج كل ما جرى رفضه في مشاريع قوانين الموازنات السابقة، ولا يعير أي أهمية للمتغيرات والمخاطر والحاجات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة. فبحسب نص المشروع المحال الى مجلس الوزراء، تطرح وزارة المال إجراءات ضريبية سبق طرحها أو التداول بها في السنوات الماضية، وتستهدف زيادة إيرادات الموازنة بقيمة تصل الى 3678 مليار ليرة، أي نحو 2.4 مليار دولار، وتقترح في سبيل ذلك سلّة واسعة من التعديلات الضريبية، أهمها: ■ رفع معدل الضريبة على القيمة المضافة من 10 إلى 12%، أي بنسبة 20% دفعة واحدة، وهذا الإجراء يعني أن المستهلكين سيسدّدون نحو 860 مليار ليرة إضافية لتمويل إنفاق لا يستفيدون منه فعلياً، لترتفع إيرادات هذه الضريبة من نحو 3527 مليار ليرة الى نحو 4387 مليار ليرة، علماً بأن الدراسات أظهرت أن زيادة هذه الضريبة بالمعدّل المقترح ستؤدّي الى زيادة نسبة الأسر التي تعيش تحت خط الفقر الأعلى، أي 4 دولارات للفرد يومياً، بنسبة كبيرة. ■ رفع معدل الضريبة على فوائد الحسابات الدائنة لدى المصارف من 5 إلى 8%، وذلك للحصول على 395 مليار ليرة إضافية وزيادة إيرادات هذه الضريبة من نحو 997 مليار الى 1092 مليار ليرة، علماً بأن هذا المعدّل للضريبة لا يزال متدنّياً حتى بالمقارنة مع معدّلات الضرائب المفروضة على أرباح الشركات، وهو لا يراعي التمييز الضروري بين أصحاب الودائع الكبيرة وصغار المودعين، إذ تكفي الإشارة الى أن 0.8% من الحسابات المصرفية تتركّز فيها نصف الودائع، في حين أن 70% من الحسابات لا يوجد فيها سوى أقل من 2.6% من الودائع، وبالتالي فإن اعتماد معدّل واحد للضريبة هو إجراء غير عادل إطلاقاً. ■ رفع معدل ضريبة الدخل على أرباح شركات الأموال من 15% إلى 17%، وهذا الإجراء تقاومه المصارف، على الرغم من أنه جاء ليراعي مصالحها، إذ إن المصارف لا تسدد الضريبة على ربح الفوائد على توظيفاتها بحجّة أنها تسدد الضريبة على أرباحها، وهذا ينطبق على الكثير من المودعين الذين يسددون الضرائب على دخلهم، وبالتالي فإن المعدّل المقترح لا يزال متدنياً بالمقارنة مع الإعفاءات الممنوحة للمصارف. ■ إضافة شطر إلى معدلات الضريبة على الأشخاص بحيث يخضع كل ما يزيد على 200 مليون ليرة لضريبة بنسبة 25%، وإلغاء المعدل المخفض 5% للضريبة على توزيعات أرباح الشركات المساهمة، وإخضاع ربح تفرغ الأشخاص الطبيعيين عن أسهمهم في الشركات المساهمة للضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة (المادة 73 من قانون ضريبة الدخل)، وإخضاع معاهد التعليم غير التابعة للمؤسسات ذات المنفعة العامة أو للطوائف للضريبة على الدخل (من غير المفهوم هذا الإصرار على إعفاء المؤسسات الطائفية التي تساهم في إعادة إنتاج الأزمات اللبنانية من الضريبة). ■ فرض ضريبة بمعدل 4% على إيرادات التفرغ للعقارات المملوكة قبل 1/1/2009 وبمعدل 15% على أرباح التفرغ للعقارات المملوكة بعد هذا التاريخ. وهذا الإجراء الذي يرفضه تجّار العقارات الأقوياء يراعي مصالحهم أيضاً، إذ إنه يسعى الى الالتفاف على أهداف فرض ضريبة معتبرة على الربح العقاري المحقق، ولا سيما لجهة تصحيح أوضاع الاقتصاد وحماية المجتمع، وينطوي اقتراح وزارة المال في شأن هذه الضريبة على محاباة واضحة لتجّار العقارات، بحجّة المحافظة على النشاط العقاري، علماً بأن أسعار العقارات ارتفعت نحو 5 مرّات في العقد الأخير، وهي كانت معفاة كلياً من أي تكليف ضريبي محدد. ■ فرض رسم طابع مالي إضافي على زيادة عامل الاستثمار، وإجراء تسوية على مخالفات البناء الحاصلة من 1/1/1994 إلى 31/12/2010. وهذان الإجراءان يتسمان بمخاطر عالية جدّاً لكونهما يشرّعان مخالفات البناء ويكرسان منطق الربح السريع على حساب بيئة عيش اللبنانيين ومستوى رفاههم. ■ تعديل رسم الطابع المالي المستوفى عن كل رخصة بناء أو إعادة بناء أو إضافة بناء، واستيفاء الرسوم العقارية على البيوعات العقارية على أساس حد أدنى يمثل القيمة التأجيرية ضرب 20 ضعفاً، وإلغاء مبدأ الإخراج عن نطاق ضريبة الأملاك المبنية، وفرض ضريبة نسبية بمعدل 2% من القيمة التأجيرية لأبنية المؤسسات المشار إليها في المادة 7 من قانون ضريبة الدخل، وتخفيض الحد الأدنى للقيمة التأجيرية التي تحتسب على أساسها ضريبة الأملاك المبنية إلى 4% بدلاً من 5%، وفرض ضريبة الأملاك المبنية على العقارات الشاغرة لأكثر من 6 أشهر للأبنية المنشأة وأكثر من سنة للأبنية الجديدة على 50% من إيراداتها المقدّرة. ■ رفع قيمة الرسوم المفروضة على السيارات والمركبات (رسوم الميكانيك) بمعدّلات تتجاوز 20%، وفرض رسم على لوحات السيارات ذات الثلاثة والأربعة أرقام. وزيادة رسم الاستهلاك على المشروبات الروحية، وفرض رسم على استهلاك المازوت بمعدل 4% لدى استيراده. ■ فرض رسم الطابع المالي على رخص استثمار المياه الجوفية والمتفجرة والجارية على سطح الأرض، وتعبئة المياه وبيعها من الغير. ■ منح إعفاءات ضريبية لمدة خمس سنوات من تاريخ صدور القانون للفنادق في المناطق التي ترغب الدولة في تنميتها، وإعفاء أرباح المؤسسات السياحية المنشأة خلال فترة 3 سنوات والتي تمارس أنشطة تحدد بقرار من وزير المال من ضريبة الدخل لمدة خمس سنوات. ■ معالجة أوضاع المكلفين المتضررين من العدوان الإسرائيلي والتفجيرات التي حصلت منذ عام 2005. انطلاقاً من هذه الإجراءات وغيرها، يقدّر مشروع موازنة عام 2013 الإيرادات الضريبية بنحو 14208 مليارات ليرة، بالمقارنة مع نحو 10854 مليار ليرة في مشروع موازنة عام 2012 (غير المقرّ حتى الآن)، ويقدّر الإيرادات غير الضريبية بنحو 4122 مليار ليرة بزيادة نسبتها 18.34% عن مشروع موازنة عام 2012، ليصبح إجمالي إيرادات الموازنة العادية المقدّرة في العام المقبل بنحو 18330 مليار ليرة، بالمقارنة مع نحو 14337 مليار ليرة في مشروع موازنة عام 2012، أي بزيادة 3993 مليار ليرة. وتقوم تقديرات وزارة المال على إيرادات الموازنة في العام المقبل على أساس ناتج محلي سيبلغ 67695 مليار ليرة، ومعدّل نمو حقيقي يبلغ 2.5%، ونسبة تضخم تبلغ 3%. وطبعاً، كالعادة، لا توضح وزارة المال أياً من طبيعة هذه التقديرات الماكرو اقتصادية ولا الأسس التي بنيت عليها. ويقدّر مشروع الموازنة قيمة الإنفاق المدرج فيه للعام المقبل 2013 بنحو 23008 مليارات و822 مليون ليرة، ضمنها اعتمادات لخدمة الدين بقيمة 6000 مليار ليرة، ما يعني أن العجز يقدّر بنحو 4679 مليار ليرة، في حين أن الفائض الأولي (من دون احتساب كلفة خدمة الدين العام) سيبلغ نحو 1322 مليار ليرة. والمعروف أن الفائض الأولي هو مؤشر سلبي كونه يعبّر نظرياً عن الفارق بين ما تجبيه الدولة من المجتمع والاقتصاد وما تنفقه عليهما. ويلحظ المشروع في باب النفقات كلفة تعديل سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام والبالغة 1450 مليار ليرة (ملحوظة في باب احتياطي الموازنة)، كما يلحظ كلفة زيادة التعرفة الاستشفائية المقدّرة بـ 258.7 مليار ليرة، ويلحظ أيضاً دعماً لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 2869 مليار ليرة. إلا أن المشروع لا يلحظ للإنفاق الاستثماري سوى 2723 مليار ليرة تمثّل نحو 11.83% من إجمالي الإنفاق. بعيداً عن عرض الأرقام والإجراءات ودلالاتها، فإن الاعتقاد السائد أن هذا المشروع أيضاً لن يرى النور كمشاريع الموازنات السابقة. صحيح أن وزارة المال أحالته الى رئاسة مجلس الوزراء في نهاية آب الماضي، وحاولت من جانبها احترام المهل الدستورية والقانونية التي ترعى عملية إعداد مشروع الموازنة وإقراره. كما أن رئاسة مجلس الوزراء عمدت في الأسبوع الماضي الى توزيع المشروع على الوزراء، إلا أنها لم تحدد حتى الآن مواعيد الجلسات المخصصة لمناقشته، علماً بأن المادة 83 من الدستور تفرض على الحكومة أن تقدّم الى مجلس النواب موازنة شاملة لجميع النفقات والإيرادات في بدء عقد تشرين الأول، الذي يبدأ في منتصف الشهر المذكور، ما يعني أن أمام الحكومة 5 أسابيع تقريباً لاحترام المهل من جانبها، وهذا أمر مستبعد جدّياً لأسباب كثيرة، أهمها: أولاً - إن مشروع الموازنة المطروح يأتي في سنة انتخابية، وهو يتضمن زيادات هائلة في الإنفاق الجاري، ويطرح تمويلها عبر زيادة وفرض ضرائب ورسوم موجعة لفئات اجتماعية واسعة، ولا سيما زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12% وزيادة رسوم الطابع والسير والميكانيك وفرض ضرائب إضافية على المازوت والكحول وغيرها... كما يطرح زيادة وفرض ضرائب ورسوم تعارضها قوى الضغط العقارية والمصرفية، التي تملك نفوذاً هائلاً في مجلسي الوزراء والنواب، ولا سيما زيادة الضريبة على ربح الفوائد وعلى أرباح شركات الأموال وفي القطاع العقاري... وعلى الرغم من أن هذه الاقتراحات الضريبية لا تستهدف فعلياً الأرباح العقارية والمالية إلا بشكل طفيف، إلا أن «اللوبي» القوي يعارضها بشدّة، وهو ما انفك يعلن بأنه لن يقبل بتمريرها حتى لو ارتشي (ورشوة قاعدة واسعة من الناخبين) بإعفاءات ضريبية واسعة تضمّنها المشروع المطروح ومحاولات فاقعة لتشريع احتلال الأملاك العامّة البحرية من خلال الحديث عن فرض غرامات على احتلالها ورسوم على استثمارها وإجراء تسوية «مدمّرة» على مخالفات البناء الحاصلة من 1/1/1994 إلى 31/12/2010. ثانياً - إن التجربة دلّت حتى الآن على عدم جدّية مجلس الوزراء (ومجلس النواب) في تطبيق أحكام الدستور والقوانين التي ترعى إعداد الموازنة ومناقشتها وإقرارها ونشرها في الجريدة الرسمية. فوزارة المال أنجزت مشروعها الأول لموازنة عام 2012 في الموعد نفسه الذي أنجزت فيه مشروع موازنة عام 2013، إلا أن مجلس الوزراء لم يقر هذا المشروع إلا في تموز الماضي، أي بمماطلة استمرت 10 أشهر عن الموعد الدستوري، ولا يزال مجلس النواب يماطل في البدء بدرس هذا المشروع، على الرغم من أن عام 2012 يكاد ينقضي، ما يعني أن مشروع القانون بات لزوم ما لا يلزم، ولا سيما أن الدولة تُدار منذ عام 2005 حتى اليوم من دون قانون للموازنة، وقد استعيض عن هذه الأداة المهمّة بأدوات مخالفة لأبسط القواعد والمعايير، حتى الشكلية منها، عبر الإنفاق وجباية الواردات على أساس مشاريع موازنات غير مقرّة أو على أساس مراسيم صادرة في مجلس الوزراء أو على أساس سلفات خزينة، وصولاً الى قوانين واعتمادات استثنائية تغطّي على هذه المخالفات وترسّخها في منظومة إدارة المال العام... وهناك اقتناع لدى الكثيرين من المتابعين بأن القوى السياسية المسيطرة على الدولة (في الحكومة وخارجها) استساغت هذه الأدوات التي تسمح لها بالتصرّف بالمال العام خارج أي إطار دستوري أو قانوني، ما يسمح لها بالإنفاق من دون أي رادع والقيام بتسويات سياسية تعفي المرتكبين والمخالفين من أي مساءلة الآن أو لاحقاً. ثالثاً - لا تزال القوى السياسية نفسها تسعى الى لفلفة قضية عدم وجود «الحسابات المالية النهائية للدولة»، إذ إن إقرار مشروع قانون موازنة عام 2012 وكذلك مشروع قانون موازنة عام 2013 مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بإنجاز وإقرار مشاريع قطع الحساب من عام 2005 حتى عام 2011. والواضح من سياق التعامل مع هذه القضية أن إيجاد المخارج (حتى الملتوية) قد لا يحصل قبل انتخابات عام 2013، إذ إن الانقسام السياسي والصراع على التحكّم بالدولة يستدعي إشهار هذا السلاح فقط من دون استخدامه إلا في إطار تسوية تتعلق بالصراع نفسه وليس بحفظ الدولة وتحصينها. طبعاً، هناك أسباب أخرى مهمّة، إلا أن الأسباب الثلاثة المذكورة تختصر المشهد العام المتجسّد منذ سنوات طويلة، وهو مشهد يحتوي أيضاً على مظاهر تتصل بنوعية مشروع الموازنة نفسه واستهدافاته، فمشروع موازنة عام 2013 يسعى بوضوح الى تكريس السياسات المشكو منها، التي ساهمت في تفكيك الدولة وبناء الإقطاعيات. ويستمر المشروع في مقاربة الموازنة مقاربة محاسبية مجرّدة فارغة من أي جهد لتسوية بعض القضايا المطروحة... ولا يسعى المشروع المطروح الى وضع موازنة شاملة، إذ بقي الجزء المهم من إنفاق مجلس الإنماء والإعمار (على سبيل المثال) خارجها، وبالتالي لم تدرج القروض فيها، وتكفي الإشارة الى أن تقرير وزير المال محمد الصفدي عن مشروع الموازنة المطروح يتحدث عن نحو 400 مليار ليرة سيسحبها مجلس الإنماء والإعمار في العام المقبل من القروض الخارجية لتمويل مشاريع مختلفة لا يرد ذكرها في مشروع القانون... كذلك لا يرد ذكر نحو 1800 مليار ليرة مودعة من وزارة الاتصالات في حساب الخزينة العامّة لدى مصرف لبنان كديون مترتبة على الخزينة لصالح البلديات من جراء التحايل الذي استمر منذ عام 1994 وأدى الى اعتبار حصص البلديات من الضرائب المفروضة على فواتير الهاتف الخلوي كإيرادات ضريبية في الموازنة... كذلك لا يلتزم المشروع المطروح بوضع سقف محدد لعجز الموازنة وحصر الإجازة بالاقتراض بتمويل هذا العجز، بل يكرر اللعبة نفسها التي ساهمت طيلة العقدين الماضيين في إرساء فوضى مالية منظّمة رفعت مستوى المديونية العامّة الى نحو 70 مليار دولار... فضلاً عن أن المشروع لم يحترم مبدأ سنوية الموازنة ولا يزال يتضمن مواد قانونية وقوانين برامج تفرض التزامات تتجاوز السنة الواحدة التي تخص قانون الموازنة.
كلفة التوظيف
يعدد وزير المال محمد الصفدي في تقريره عن مشروع موازنة عام 2013 امثلة كثيرة عن اسباب ارتفاع كلفة الرواتب والاجور الى 5650 مليار ليرة بعد تعديل سلسلة الرتب والرواتب وزيادة غلاء المعيشة. ولا سيما لجهة: ■ تعيين 500 مأمور متمرّن في المديرية العامة للأمن العام سنداً لموافقة مجلس الوزراء، إضافة إلى تعيين 23 ضابطاً اختصاصياً، وتعيين 250 مفتشاً ثانياً اختصاصياً. ■ ترقية 58 رتيباً إلى رتبة ضابط في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وتعيين 1000 رقيب وتطويع 1000 دركي متمرن، إضافة إلى تعيين 103 ضباط عملاني و75 ضابط حقوق و25 ضابطاً اختصاصياً. ■ إصدار تشكيلات دبلوماسية في وزارة الخارجية والمغتربين لـ52 شخصاً وإلحاقهم في مراكز عملهم في الخارج. ■ تعيين أطباء نفسيين جدد ونقل متعاقدين من ملاك وزارة المهجرين ووزارة الزراعة إلى ملاك وزارة العدل والتعاقد مع 23 شخصاً لصالح المعلوماتية فيها. ■ تعاقد وزارة الدفاع الوطني مع 81 فنياً وإدارياً. ■ تضمين رواتب الأساتذة في وزارة التربية والتعليم العالي، الزيادة المنصوص عنها بموجب القانون رقم 223/2012 والقاضي بإعطاء أفراد الهيئة التعليمية في ملاك التعليم الرسمي 4 درجات استثنائية، إضافة إلى أقدمية سنة خدمة في تدرّجهم وتعيين المدرّسين في التعليم الأساسي وفق الفقرة (5) من القانون رقم 661 تاريخ 24/7/1997 اعتباراً من 1/1/2010 والمقدّرة بحوالى 100 مليار ليرة. إضافة إلى الرواتب الناتجة من تعيين 335 أستاذ تعليم ثانوي. ■ تعيين خريجي المعهد الفني التربوي وعددهم 626 بوظيفة أستاذ فني في الملاك استناداً إلى القانون رقم 213 وتضمين فروقات الدرجات موضوع القانون رقم 223/2012 وكلفة التدرّج. ■ استخدام 128 أجيراً بالفاتورة في وزارة الثقافة.
اقتصاد العدد ١٨٠٥ الثلاثاء ١١ أيلول ٢٠١٢الياس خوري
ما ان طرح لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، فكرة تشكيل حكومة انتقالية في سورية، حتى علا الضجيج التلفزيوني في الفضاء المصنوع من الكلام والصور، وانكشف الواقع المرير الذي تعيشه النخب السياسية والثقافية السورية في الخارج. فصارت الحكومات تتشكل وتنفرط، وصار الكل وزراء في حكومات وهمية تولد ميتة!
بدا المشهد مضحكا- مبكيا. المضحك فيه هو سذاجة بعض افراد النخبة المعارضة في الخارج، بحيث اعتقد الكثيرون ان مجرد الظهور على شاشة التلفزيون يحول الناس الى زعماء! والمبكي هو مقارنة هذه الخفة بوحشية آلة القمع الأسدية التي تحول العمران السوري الى ركام، ومقارنتها ايضا بالمقاومة الاسطورية التي يصنعها الشعب السوري في مواجهة الموت، صمودا في طلب الحق.
هذه المفارقة يمكن ان تجد جذورها في عقود الاستبداد الأربعة للحكم الأسدي، حيث تم اخراج المجتمع من السياسة، والتحطيم المنهجي للاحزاب والنقابات والجمعيات، بحيث تأسس 'الأبد الأسدي' في فراغ سياسي لا مثيل له سوى الفراغ الكوري الشمالي، واستطاع البعث ان يحوّل مثالية وصوفية وسذاجة ميشال عفلق الى آلة استبدادية متمملكة (نسبة الى المماليك)، تقهر المجتمع، محولة النظام السياسي الى دولة والدولة الى مافيا.
هذه الحقيقة تفسّر الأمر جزئيا لكنها لا تُعفي النخب السورية المعارضة من مسؤولياتها الأخلاقية. فالذي يدّعي انه يقود تترتّب عليه مسؤوليات اخلاقية وسياسية كبرى، عليه ان يتصدى لها بمزيج من الشجاعة والحكمة. فبعد ستة عشر شهرا على اندلاع الثورة السورية، وبعد مواكب الشهداء التي لا تنتهي، لم يعد هناك عذر لأحد.
آن الاوان كي تتبلور قيادة تفهم معنى العمل الجماعي، ومستعدة للتضحية، وقادرة على بلورة أفق سياسي يخرج السياسة من هذا النفق المخجل، الذي يؤلم القلوب، ويحيّر العقول.
من الواضح ان ما يسمى المعارضة الخارجية بدأت تصبح خارج الموضوع، وبدأ نفوذها في التلاشي. ومن شبه المؤكد اننا لن نستطيع العثور على معلومات عن مجريات الأمور في حلب، من المجلس الوطني او هيئة التنسيق او المنبر الديموقراطي او هيئة الأمناء او قيادة الجيش الحر في تركيا الى آخر ما لا آخر له من الأسماء والمسميات. اذا اردنا ان نعرف ماذا يجري في حلب وما هو مسار المواجهة فيها علينا ان نلجأ الى وسائل الاتصال الاجتماعية والى صفحات التنسيقيات على 'الفيس بوك'. واغلب الظن ان قيادات الخارج تستقي معلوماتها من المصادر نفسها التي يستقي منها المراقبون معلوماتهم.
ما معنى القيادة في حال كهذه؟
الاداء الذي قام به مناف طلاس هو مؤشر هذا الشكل من القيادات. فلقد اتخذ انشقاق العميد ابن العماد وشقيق المليونير شكل سبق صحافي قامت به قناة 'العربية'، من الخطاب الى العمرة الى شكر المليك السعودي. اي اننا امام من ينتظر الخارج او يراهن عليه. بالطبع لم تتصرف بقية قيادات المعارضة بهذه الفجاجة، لكن خلافاتها السخيفة وعصبوياتها جعلتا منها اداة عجز تنتظر الجامعة العربية او دولة قطر كي تجمعها على قواسم مشتركة ولا تجتمع.
لكن ما يثير الخوف على مستقبل الثورة السورية ليس واقع المعارضة الخارجية بل التفكك وبعض الفلتان الذي تشير اليه ممارسات قطاعات من الجيش السوري الحر ومعها مجموعات من المسلحين التي تعلن انتماء لفظيا الى هذا الجيش.
وعلى الرغم من البطولات والمقاومة الكبيرة التي تبديها وحدات هذا الجيش وقدرتها بالسلاح المتواضع الذي تملكه على تحرير مناطق شاسعة من سورية، فان الممارسات الخاطئة التي تشهدها سورية تنذر بالخطر ويجب ايجاد آلية لوضع حد فوري لها قبل ان تتفاقم، وتقدم ثغرات تسمح للنظام الأمني السوري باستغلالها.
من الواضح ان الثورة السورية هي اليوم امام منعطف جديد من اجل بلورة قيادتها، ومن شبه المؤكد ان هذه القيادة تتشكل اليوم من شباب الثورة في تنسيقياتهم التي تواجه آلة القتل العمياء، ومن قيادات الميدان في الجيش السوري الحر، التي لم تصل بعد الى القدرة على بناء آليتها القيادية.
والتحدي اليوم هو التنسيق الكامل وبناء قيادة موحدة بين هذين التكوينين، كي تجد الثورة قيادتها، وترسم اهدافها وتكتيكاتها السياسية والنضالية والعسكرية.
هل هذا ممكن؟
لا ادري، ربما كنا امام مسار ثوري طويل ومعقد، فاعادة السياسة الى المجتمع بعد تحريره من الديكتاتورية، عملية تاريخية قد تأخذ وقتا، وسيكون ثمنها كبيرا. لأن استعادة النصاب السياسي هي جزء من عملية اعادة بناء ثقافية اجتماعية وفكرية، وهي حصاد مدوّنة اخلاقية جديدة، هي جوهر اي بناء جديد.
وهنا تستوقفني ظاهرتان مضيئتان اريد التوقف عندهما، لأنهما تقدمان نموذجا اخلاقيا وسياسيا جديدا.
الظاهرة الأولى اسمها رياض الترك، فهذا القائد الديموقراطي الكبير الذي واجه السجن والقمع بالصمود والايمان بأن الشعب السوري قادر في النهاية على تحطيم مملكة الصمت، هو اليوم في سورية، يناضل مع المناضلين، يختفي عن عيون رجال الأمن، كي يكون مع شباب الثورة في عملهم اليومي الصعب والمضني. اللافت ان الترك قدم نموذجا مختلفا للقائد السياسي، لا تغريه آلة الاعلام، ولا يحكي الا من اجل ان يوصل رسالة ملموسة وموقفا واضحا.
الظاهرة الثانية تقدمها مجموعة من المثقفين يعملون مع شباب التنسيقيات من قلب سورية، وسط ظروف بالغة الصعوبة، لكنهم لم يسقطوا في فخ الاعلام، ولم يحيدوا عن قناعاتهم بأن قيادات الثورة تصنعها الثورة، ولا تُسقط عليها من اي مكان.
هؤلاء ومعهم مئات بل الوف المناضلين الصامتين، يصنعون قيادة جديدة وشبه سرية للثورة، وعلينا ان ننصت اليهم.
لا اريد ان اوحي بأنني اصادرحق اي مواطن او واجبه، سواء في الخارج او الداخل، في النضال من اجل ان تنتصر الحرية في سورية، لكنني اردت ان ارى الأمور في وصفها ظواهر نسبية، كي لا نسقط في وهم قيادات افتراضية تصنعها الصورة.
تحية الى ياسين الحاج صالح
جاء منح جائزة برنس كلاوس الهولندية للكاتب والمناضل السوري ياسين الحاج صالح، بمثابة جائزة للجائزة نفسها. فالجائزة التي استطاعت ان ترى من خلال الألم السوري كيف تضيء الكلمات عتمة الخوف، تستحق التحية. ياسين الذي لم يهدأ قلمه، منذ اشتعال الثورة السورية، قدّم نموذجا للمثقف الحر والمستقل، الذي يلعب دوره في بلورة الثورة ونقد الأخطاء وتصويبها، من داخل العملية الثورية التي تبني افق الحرية والعدالة..
انه يشكل اليوم مع مجموعة من مثقفي سورية ضميرا، بالمعنى الذي كتبه ادوارد سعيد. هذا الضمير الذي يكتب في شروط صعبة داخل سورية، يستحق اكثر من تحية، لأنه نجح في ان يبني صوتا، حين نقرأه ونعرف انه لا يزال في موقعه، نعلم ان سورية لا تزال بخير.
في موازاة تحرّك أصحاب المطاعم والمقاهي للمطالبة باستثناءات على قانون «الحدّ من التدخين» بما لا يضرّ بمصالحهم، تحرّك باحثون أمس للتأكيد على أن عدم تطبيق القانون يتسبب أيضاً في خسائر للدولة
راجانا حمية
قبل سريان قانون حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة (رقم 174) في الثالث من الجاري، قامت وزارة الصحة، بالتعاون مع جامعة هارفرد، بتجربة «قياسية» للسموم الناتجة من التدخين في الأماكن السياحية ــ المطاعم مثالاً. يومها، وفي أحد تلك المطاعم «تلّتت» الآلة، بعدما فاق مقياس السموم قدرتها. والمضحك في الأمر أن تلك الآلة استطاعت، قبل أن تتعطّل، قياس نسبة السموم الناتجة من دخان السيارات في نفق سليم سلام. وما هو مضحك أكثر، أن المطعم الذي عجزت الآلة عن قياس نسبة سمومه، هو اليوم أحد المطالبين «باستثناءات على القانون 174»، تقول رانيا بارود، نائبة رئيس جمعية حياة حرّة بلا تدخين.
رغم ذلك، لم يتوان صاحب هذا المطعم عن المطالبة باستثناءات تحمي مدخنيه، كما لم يتوان الكثيرون عن هذه المطالبة، ومنهم نقابة أصحاب المطاعم والملاهي والمقاهي التي أجرت دراسة مؤخراً تقدّر فيها خسارة القطاع بـ50 مليون دولار أميركي سنوياً. لكن، هل نسبة الربح هي أصلاً 50 مليون دولار أميركي؟
ثمة مبالغة في هذا التقدير، يقول الدكتور جاد شعبان، الأستاذ المساعد في الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت، والذي حاضر أمس في الجلسة التي نظمتها مجموعة البحث للحد من التدخين في الجامعة حول «الأثر الإيجابي لقانون حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة على الاقتصاد عموماً والسياحة بصورة خاصة».
فلنبدأ بالـ50 مليون دولار أميركي، المبلغ السنوي الذي «ستخسره» الأماكن السياحية المنتفضة اليوم على الحرب على المدخنين. فمقابل هذه الخسارة المفترضة، «ثمة 55 مليوناً أخرى ستخسرها الدولة سنوياً من جراء عدم تطبيق سياسات قوية للحد من التدخين، بما فيها ارتفاع الفاتورة الصحية»، يتابع شعبان.
وإلى الخمسين مليون دولار التي قدّرها أصحاب المطاعم، يضيفون خسارة جديدة قدروها بـ25% من عائداتهم التي ترتكز على السيّاح، على اعتبار أن «أحد مصادر جذبهم هي النارجيلة». وهنا، تكمن «الاختزالية» للقدرة الاستقطابية للقطاع السياحي، بحسب شعبان، إذ «لا يوجد إحصاءات علمية تظهر أن النارجيلة هي وحدها التي تستقطب هؤلاء إلى لبنان». لكن، هل فكّر هؤلاء عند احتساب خساراتهم بتقدير الأرباح التي يمكن أن تتأتى عن هذا القانون؟ فبحسب شعبان، ثمة أرباح «لا تقدر بثمن»، ولعل أهمها «الربحان» المتأتيان عن «ارتفاع الإيرادات نتيجة ارتفاع عدد الزبائن الجدد غير المدخنين الذين يطالبون بمكان خال من التدخين، وهم الذين يقدرون بـ62%»، و«انخفاض الفاتورة الصحية للموظفين والتي يتكبدها صاحب العمل»، يقول شعبان. وبحسب أكثر من دراسة عالمية «فهناك ما لا يقل عن 200 ألف عامل في القطاع السياحي سنوياً يموتون من جراء التدخين السلبي». وتعقيباً على هاتين الإيجابيتين، سيكون المواطن «مرتاحاً» في دخله، نتيجة «ارتفاع القدرة الشرائية لديه المتأتية من انخفاض نسبة التدخين لديه والصرف المتعلق بالصحة»، والمؤسسات «مرتاحة في عملها نتيجة لانخفاض عدد الإجازات المرضية». وهو ما بيّنه النائب روبير فاضل عندما تحدث عن تجربة «العام» في مجمع ABC، الذي يضم 40 مطعماً، حيث «بتنا نرى زبائن جدداً من غير المدخنين، أو المدخنين المؤيدين لقرار حظر التدخين». وإن كان ثمة من استاء من القانون فهو «زبون واحد في مطعم واحد». لا أكثر ولا أقل.
ولتأكيد المؤكد، طرحت ريما نقاش، المتخصصة في تعزيز الصحة والصحة المجتمعية، نماذج لتجارب ناجحة في عدد من الدول، منها تركيا التي أدى تطبيق القانون فيها إلى انخفاض عدد المدخنين من 31% إلى 15% مع زيادة 5% على العائدات، وفرنسا وإيطاليا وفنلندا... وعلى هذا الإساس، و«إيماناً» بنجاح التجربة هنا في لبنان، خرج المؤتمرون بدعويين: الأولى للدولة من أجل التشدد في تطبيق القانون، والثانية لأصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي «كي لا يحوّلوا مساحاتهم إلى مقابر مفتوحة ومراكز انتحار جماعي»، تختم بارود.
ميقاتي يتفهم
أبلغ رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وفد نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان أن «الحكومة ملتزمة تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن المقفلة تطبيقا كاملاً». وقال خلال استقباله لهم أمس إن «الحكومة التي تقدر معاناة العاملين في القطاع السياحي عموما واصحاب المطاعم خصوصا، لا يمكنها ان تتجاهل الارتياح الذي احدثه بدء تطبيق القانون لدى المواطنين والهيئات الاهلية. وهي اذ تتفهم الاسباب التي دفعت المعترضين الى التحرك، تعتبر ان الاقتراحات التي قدمتها نقابة اصحاب المطاعم لإدخال تعديلات على القانون، يمكن ان تكون موضع بحث بين الحكومة ومجلس النواب والنقابات المعنية، على أن تؤخذ في الاعتبار ضرورة المحافظة على الايجابيات الكثيرة التي يؤمنها القانون وذلك بعد ان يعطى المجال لتطبيقه لتبيان مفاعيله الايجابية والسلبية، وتقييم الخطوة التالية». ورأى انه «قد يكون من المفيد تشكيل لجنة مشتركة من الوزارات المعنية ومجلس النواب وممثلين عن النقابات المعترضة مهمتها درس المسألة من كل جوانبها بعيدا عن الخطوات السلبية والاضرابات والإقفال، وذلك للوصول الى قواسم مشتركة تجمع بين ايجابيات القانون من جهة ومصلحة المطاعم والمؤسسات المعنية وديمومتها مع العاملين فيها».
من جهته، أكد رئيس النقابة بول عريس أن النقابة تحت سقف القانون، «وما يهمنا هو ان نتمكن من تعديل هذا القانون في اسرع وقت ممكن لتأمين استمرارية عمل بعض المؤسسات من مقاه ومراكز سهر ليلي». مضيفاً أن «دولة الرئيس تفهم الوضع خاصة حين قدمنا له أمثلة عن تعديل القوانين في بلدان اخرى».
كذلك زار الوفد وزير الصحة العامة علي حسن خليل، الذي أكد احترام القانون، مشيراً إلى أن «أي تعديلات عليه تحتاج إلى تعديلات تنظيمية ترتبط بأكثر من وزارة معنية في هذا المجال».
الاربعاء ٥ أيلول ٢٠١٢
يحيى دبوق
حذّر خبراء إسرائيليون من أن حزب الله قادر، في أي حرب مقبلة، على تحقيق إنجازات شبيهة بتلك التي حقّقها في حرب 2006. ونبّهوا من أي مواجهة أو حرب مع الحزب، لأن «أي مواجهة ستغيّر وضع إسرائيل نحو الأسوأ». القناة الاولى في التلفزيون العبري استضافت النائب السابق لرئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي الجنرال دان هرئيل، الذي أكّد أن نصر الله أراد، عبر تهديداته الاخيرة، إمرار رسالة ذات اتجاهين الى إسرائيل: التهدئة والردع، «فمن جهة قال إنه لا يملك سلاحاً كيماوياً، لكنه، من جهة ثانية، أكد أن إسرائيل تعلم جيداً قوة حزب الله الجبّارة»، مشيراً الى أن «تهديدات نصر الله موجهة أيضاً الى الاميركيين، إذ أكد أن الايرانيين سيهاجمونهم إذا أقدمت إسرائيل على مهاجمة إيران». ورأى أن ما ورد في رسائل نصر الله الاخيرة تأكيد إضافي على أنه «يلعب لعبة الردع المتقابل، بينه وبين إسرائيل».
ورأى هرئيل أن نصر الله صادق في تأكيده أنه لا يملك سلاحاً كيماوياً، «لكن لا يمكن التصديق بأنه لا يطمح الى امتلاك سلاح كهذا»، مؤكداً أن «من السيّئ جداً، من ناحية إسرائيل، أن يمتلك حزب الله سلاحاً كيماوياً، سواء جاء ذلك بمبادرة من السوريين أنفسهم أو رغماً عنهم».
وعن الحرب المقبلة وقدرات حزب الله العسكرية، أشار هرئيل الى أن «بإمكان نصر الله أن يحقق إنجازات شبيهة بالإنجازات التي تحققت في الأيام الاولى لحرب لبنان الثانية (عام 2006)، إذ بات يملك قدرة عسكرية أكبر بكثير من ذي قبل»، لكنه نبّه الى أن «الجانب الإسرائيلي لم يقف مكتوف الأيدي، لا من جهة الجهد الدفاعي، ولا من جهة الجمع الاستخباري، ولا من جهة الهجوم المنوي تفعيله ضد لبنان، لأن ردّ إسرائيل سيكون مدمراً».
من جهته، رأى مدير مركز الحوار الاستراتيجي في مدينة نتانيا، والباحث في القدرات الصاروخية والدفاعية، رؤوفين بدهتسور، أن ما ورد من مواقف وتهديدات على لسان الأمين العام لحزب الله، لا يشذّ كثيراً عن الكلام المعهود الذي يصدر عنه. ورأى بدهتسور، في حديث إلى القناة العاشرة، أن إسرائيل تعلم، «وإن كان ليس بدقة كاملة»، بأن لدى حزب الله أكثر من خمسين ألف صاروخ، و«تعلم بأن حزب الله قادر على استهداف أي نقطة في إسرائيل، وهذا ما كرره نصر الله في كلامه الاخير». لكن ما يجب التوقف عنده، بحسب بدهتسور، «هو الجديد الوارد على لسانه (نصر الله)، والذي يجب علينا جميعاً أن نصدقه كما ورد تماماً، أي أنهم لا يملكون رؤوساً كيماوية تركب على الصواريخ، وهذا صحيح ومنطقي، وأقول إن نصر الله يصدق حين يؤكد أنه لا حاجة لحزب الله إلى استخدام سلاح كيماوي».
وأكد بدهتسور الشروحات الواردة في كلام نصر الله، مشيراً الى أن «الأمثلة التي أعطاها، والأهداف التي تحدث عنها، يمكن عرضها وشرحها على الخريطة الاسرائيلية. وعلى سبيل المثال، ما الذي سيحصل في خليج حيفا إذا أصابه صاروخ، فالأمر مشابه لاستخدام سلاح كيماوي، ولهذا السبب تحديداً لا حاجة لحزب الله إلى استخدام أسلحة كيماوية أو التزود بها وجلبها الى داخل لبنان».
وحذر من أي مواجهة أو حرب مع حزب الله، لأن «أي مواجهة ستغيّر وضع إسرائيل نحو الأسوأ، إذ لا تتعلق الحرب المقبلة ببضعة آلاف من الصواريخ. هذه المرة، وعلى نقيض من حرب عام 2006، ستتساقط الصواريخ بكميات كبيرة جداً، وبشكل غير مسبوق». وأوضح أن «الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير جاهزة للحرب، إذ ليس لدى إسرائيل دفاع حقيقي. علينا أن نتواضع ونخفف كثيراً من الحماسة الزائدة بشأن الوهم المتمثل في منظومة القبة الحديدية. عندما تندلع الحرب، فإن كل هذه المنظومات، على قلتها العددية والتي تبلغ أربعاً فقط، ستنصب للدفاع عن القواعد العسكرية، أما التجمعات السكانية فستكون من دون حماية»، مؤكداً أنه خلال يومين فقط من بدء الحرب، ومن تساقط الصواريخ، لن يبقى لدى الجيش الإسرائيلي أي مخزون صاروخي لهذه المنظومة، لأن كل مخزونها من الصواريخ الاعتراضية، سينفد سريعاً.
وفي السياق، أكد ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي أن سلاح البحرية لن يكون قادراً على الدفاع عن المنشآت الغازية والنفطية الإسرائيلية في عرض المتوسط، ما لم يتم تأمين مستلزمات لوجستية ووسائل قتالية ضرورية، تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات. وقال الضابط لصحيفة «إسرائيل اليوم» إن البحرية الاسرائيلية بحاجة الى سفينتين حربيتين حديثتين، تحلان مكان سفينتين ستخرجان قريباً من الخدمة، إضافة إلى أربع سفن دورية كبيرة، وعدد آخر من السفن الصغيرة لتأمين الحماية المباشرة للمنشآت الغازية، مشيراً إلى أن الكلفة الاجمالية لهذه الوسائل تقدر بحوالى 720 مليون دولار.
وحذر الضابط من التقليص في الميزانية الأمنية لإسرائيل، مشيراً الى أن سلاح البحرية مجبر على مواجهة تهديدات آخذة بالازدياد، وفي كل الساحات، وقال: «باتت لدى السوريين قدرة صاروخية متطورة، كما أن لدى حزب الله العشرات من صواريخ بر بحر، من النوع الذي استهدف السفينة الحربية الاسرائيلية حانيت، في حرب لبنان الثانية».
نتنياهو: أدرجوا حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية
طالب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بإدراج حزب الله على لائحة «المنظمات الإرهابية» التابعة للاتحاد الأوروبي. وفي اللقاء الذي جمعه أمس بوزير الخارجية الايطالي جوليو تيرزي، أكد نتنياهو أن «أوروبا تستطيع المساهمة في الامن والسلام، من خلال الإعلان أن حزب الله، العميل لإيران، هو منظمة إرهابية»، مشيراً الى أن «حزب الله هو أكبر منظمة إرهابية في العالم، وأوروبا تستطيع أن تقدم كثيراً من خلال هذا الإعلان».
الخميس ٦ أيلول ٢٠١٢
حقق منتخب لبنان للسيدات فوزا ثانيا ضمن أولمبياد الشطرنج ال40 الذي تستضيفه مدينة اسطنبول التركية، وجاء على حساب المنتخب الايرلندي بنتيجة 3-1.
وحققت الرفيقة مايا جلول (الصورة)، يمنى مخلوف وسارة الشامية 3 انتصارات فيما خسرت فرح قصقص. وستلعب سيدات لبنان مع الفريق اللكسمبورغي في الجولة السابعة.
وستلعب سيدات لبنان مع الفريق اللكسمبورغي في الجولة السابعة.
من جهة ثانية، حافظت سيدات روسيا على الصدارة بعد تعادلهن مع الصين القوية 2-2 ولحقت بهن سيدات بولندا بفوزهن على صربيا.
وعربيا فازت مصر على الدومينيكان 3-1 وسوريا على لوكسمبورغ 3,5- 0,5.
وتعادلت تونس مع مالطا والاردن مع النمسا بينما خسرت كل من قطر واليمن امام انكلترا ونيوزيلندا، وخسرت ايضا الامارات امام ماليزيا.
ولدى الرجال، حقق منتخب لبنان تعادلا مخيبا مع نظيره القبرصي بعد فوز عمرو الجاويش وتعادل كل من فيصل خيرالله وانطوان قسيس وخسارة فادي عيد، وهو سيلعب مع بويرتوريكو ضمن مباريات الجولة السابعة.
عربيا تعادلت مصر مع فيتنام وخسرت قطر امام كوبا والاردن امام اليونان والجزائر امام الدانمارك والامارات امام بيلاروسيا.
وتساوت روسيا مع ارمينيا واذربيجيان بنفس رصيد النقاط في الصدارة (11 نقطة) بعد الجولة السادسة.
وبقيت روسيا متصدرة بفارق المواجهات، وحققت اسبانيا فوزا هاما في هذه الجولة على المنتخب التشيكي.
«صار في قانون يمنع الخطف... القانون 174 يمنع خطف أرواح 10 لبنانيين كل يوم. 10 لبنانيين يموتون يومياً بسبب التدخين وما حدا بيسأل». هكذا اختارت صفحة دعم «قانون الحدّ من التدخين» على موقع الـ«فايسبوك» الردّ على التعليقات التي تناقلها المنزعجون والمتضرّرون من نفاذ القانون الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة المقفلة بدءاً من اليوم
بسام القنطار
كالعادة يستسهل اللبناني تعداد المشاكل التي يعانيها منذ عقود للردّ على أي محاولة جديدة لتطبيق القوانين المتعلقة بالسلامة والصحة العامة. كتّاب وصحافيون ومثقفون ورسامو كاريكاتير انضموا إلى أصحاب المطاعم والملاهي، وجوقة واسعة من المدخنين الذين اكتشفوا فجأة أن في لبنان قانوناً للحدّ من التدخين، وبدأوا بشنّ حملة على تطبيقه. «عدة الشغل» جاهزة طبعاً، من مدخنة الزوق إلى الاضطرابات الأمنية وعمليات الخطف وحرق الدواليب وإغلاق الطرقات. الجميع يسأل: هل الأولوية للحدّ من التدخين الآن؟
سؤال الأولويات هذا هو نفسه الذي طرح عندما تشدّد الوزير السابق زياد بارود في تطبيق قانون السير، وتحديداً في إلزامية وضع حزام الأمان في السيارات. وفيما تتجه الأنظار إلى أداء وزير الداخلية والبلديات مروان شربل في تطبيق قانون الحدّ من التدخين، اختار وزير السياحة فادي عبود أن يتنصل مبكراً من التشدد في تطبيق القانون عبر التذرّع بعديد الشرطة السياحية. بدوره يتجاهل وزير الصحة علي حسن خليل توقيع مرسوم تنظيم أغلفة التبغ التي تلزم إدارة حصر التبغ والتنباك بوضع تحذير صحي بنسبة ٤٠٪ على علب الدخان. أما وزير الاقتصاد والتجارة نقولا النحاس، فلا يزال يتنصل من تحرير غرامات بحق المؤسسات التي تخالف الحظر المفروض على إعلانات التدخين، رغم أن هيئة الاستشارات في وزارة العدل قالت رأيها صراحة بعدم جواز وضع أي إعلان للتبغ، مباشر أو غير مباشر داخل المؤسسات التجارية.
وفي مقابل الأداء الرسمي المتعثر، احتفلت أمس الجمعيات المدنية التي تعمل من أجل تطبيق قانون الحد من التدخين ببدء سريان التطبيق الشامل لحظر التدخين في المطاعم والملاهي والمقاهي، وذلك بعد مرور عام على الحظر في المؤسسات العامة والخاصة وأماكن العمل ووسائل النقل، من دون أن يحرّر ضبط واحد بحق المخالفين، باستثناء التشدّد الملحوظ الذي يشهده مطار رفيق الحريري الدولي.
احتفالات الجمعيات الأهلية، يقابله «عزاء جماعي» من قبل أصحاب المؤسسات السياحية التي ترى أن منع التدخين داخلها سيسبّب خسائر مالية كبيرة. ولقد هدّد عدد منها بالاعتصام والتظاهر ضد تطبيق القانون (راجع المقال في مكان آخر من الصفحة). وتطالب نقابة أصحاب المقاهي والمطاعم بتعديل المادة الخامسة من قانون الحدّ من التدخين، بحيث يسري الحظر على صالات الشاي والحلويات ومحالّ بيع السندويش وعلى المطاعم المخصصة لإعداد المأكولات، على أن تستثنى المقاهي والملاهي والنوادي الليلية والمراقص والحانات. وتطالب أيضاً بأن يسمح بتقديم النراجيل في المطاعم بشرط تجهيزها بآلات تهوية وتصفية، وعدم دخول الزوار دون سن الثامنة عشرة إليها. ومن المعلوم أن أصحاب المطاعم والفنادق قد ضغطوا بقوة لوضع هذه الفقرة أثناء مناقشات المجلس النيابي للقانون، التي امتدت إلى ما يزيد على ست سنوات. ونجحوا في الحصول على فترة سماح لمدة سنة قبل تطبيق الحظر، وسمح لهم بتقديم النراجيل في الباحات الخارجية غير المقفلة، لكنهم يتذرّعون اليوم بكساد الموسم السياحي هذا العام. ولقد كلفت النقابة شركة «إرنست أند يونغ»، وهي شركة عالمية تعد شركات التبغ من أهم زبائنها، إعداد دراسة تبيّن الأثر الاقتصادي لتطبيق قانون الحد من التدخين في لبنان. الدراسة التي نشرت على نطاق واسع تجري مقارنة بين قوانين الحد من التدخين في كل من ألمانيا واليونان والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وقطر وسوريا والولايات المتحدة الأميركية ولبنان. وتدعي أن تطبيق حظر التدخين والنرجيلة في المؤسسات السياحية سيُسهم في خسارة ٢٦٠٠ وظيفة وبخسائر مالية تصل إلى ٤٦ مليون دولار أميركي! وفيما تتجاهل الدراسة الإشارة إلى أن القانون اللبناني يسمح بالتدخين في الباحات الخارجية للمطاعم (ومعظمها متوافرة)، تسلط الضوء في المقابل على بعض التشريعات التي سمحت بالترخيص لما يطلق عليه «صالات تدخين الشيشة» في عدد من الدول، علماً بأنه يمنع في هذه الصالات تقديم الأطعمة والأشربة.
وتقول الدراسة إن تطبيق القانون سيسبب خسارة ٢٥٪ من أرباح المؤسسات السياحية وفقدان ١٤٪ من اليد العاملة، مع فارق يطاول المقاهي تحديداً، يصل إلى ٤٣٪ خسائر وفقدان ٢٩٪ من اليد العاملة. كذلك قدمت الدراسة استطلاع رأي يقول فيه ٧١٪ من المستطلعين إن الحكومة اللبنانية لن تستطيع تطبيق القانون، فيما يقول ٨٢٪ منهم إن القانون يعطي فرصاً إضافية للمزيد من الفساد والرشوة.
في المقابل، تقدم الجامعة الأميركية في بيروت أرقاماً مغايرة لتلك التي تقدمها هذه الدراسة، وتستند إلى دراسات ميدانية أعدتها الجامعة.
ريما نقاش، مسؤولة وحدة الأبحاث للحدّ من التدخين في الجامعة، أكدت لـ«الأخبار» أن الدراسات التي تقوم بها شركات مموّلة ومرتبطة بشركات التبغ العالمية لا يمكن التعويل عليها ولن تخدعنا. وأضافت: «إن الأبحاث التي أُجريت في العديد من الدول التي طبقت قوانين الحدّ من التدخين أظهرت أن نسبة التوظيف في المطاعم إلى ارتفاع والعائدات أيضاً، وخصوصاً أن عدد غير المدخنين أعلى بكثير من المدخنين. لذلك، إن فرص المطاعم بالاستفادة من إنفاق غير المدخنين ستصبح أعلى.
وبحسب دراسة علمية أجرتها وحدة مكافحة أمراض السرطان في منظمة الصحة العالمية، فإنه لا يمكن قياس الأثر الاقتصادي للحدّ من التدخين في المؤسسات السياحية إلا بالاستناد إلى الأرقام الرسمية، ومنها الضرائب وعدد الرخص الجديدة ونسبة التوظيف، وجميع هذه الأرقام يجب أن تدرس قبل تطبيق القانون وبعد مرور عام على تطبيقه لكي تكون المقارنة منصفة.
احتفالات دعم
نظمت بلدية عبيه ــ عين درافيل وجمعية اليد الخضراء والتحالف اللبناني للحدّ من التدخين أمس مجموعة نشاطات رياضية ثقافية بيئية وصحية لدعم تطبيق القانون. وشارك في النشاط مدير منظمة الصحة العالمية في لبنان حسان البشرى وممثل تحالف الاتفاقية الدولية للحدّ من التدخين هاني الجهنامي، ورئيس تجمع «قل لا للعنف ضد المرأة» طارق أبو زينب، ورئيس بلدية عبيه غسان حمزة.
الاثنين ٣ أيلول ٢٠١٢