بيروت ستحتفل بعودة جورج عبدالله، سواء وصل ظهراً أو عصراً أو في ساعات الفجر الأولى. موعد عودة البطل الذي تمر عليه الساعات ببطء شديد في سجن لانميزان الفرنسي يتحدد من لحظة إعلان وزير الداخلية الفرنسي قرار الترحيل. لكن المماطلة الواردة سيقابلها اعتصام مفتوح أمام السفارة الفرنسية في بيروت
بسام القنطار
التوقيت الذي ستحطّ فيه طائرة جورج عبدالله في بيروت ليس معلوماً بعد. إرباك كبير سبّبه هذا الأمر للجان التحضيرية التي بدأت العمل خلال اليومين الماضيين من أجل الإعداد لاستقبال يليق بالبطل العائد.
لكن القرار متّخذ، وعلى أعلى مستوى سياسي، لدى الاحزاب التي قال عنها جورج إنها إذا «اجتمعت تشكّل الرد التاريخي على كل مفاعيل الهجمة الإمبريالية الراهنة»، بأن تكون حاضرة بقوة في استقبال الأسير المحرر رسمياً وشعبياً في أي توقيت يصل فيه، حتى لو كان ذلك عند ساعات الفجر.
وعلمت «الأخبار» أن اللجنة التنظيمية لحفل الاستقبال في المطار قد بدأت بتوجيه الدعوات الى الرسميين من وزراء ونواب وشخصيات.
ويشارك حزب الله في الحفل بوفد نيابي وسياسي، في حين وجهت الدعوات الى مختلف القوى والاحزاب السياسية للمشاركة، بما فيها عدد من قوى 14 آذار. ومن الصالة إلى الباحات الخارجية، يتوقع أن تغصّ طريق المطار بالحشود من مختلف القوى اليسارية والقومية والإسلامية. كذلك أعدّت اللجنة التحضيرية آلاف الصور للأسير العائد سيجري توزيعها على المشاركين.
المؤشر الأول بشأن الموعد المتوقع لوصول جورج الى بيروت يبدأ من لحظة إعلان توقيع وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس، الذي يفترض أن يبادر الى التوقيع على قرار ترحيل عبدالله من فرنسا الى لبنان عند التاسعة صباحاً، وإبلاغه الى وزارة العدل الفرنسية، لكي تكون مفاعيل إطلاق السراح المشروط قد تحققت، وتبدأ عملية تنفيذ نقل الأسير من سجن لانميزان في مقاطعة بو الى باريس. ويسبق هذا الترحيل جلسة لمحكمة تطبيق الاحكام في باريس باستخدام تقنية «فيديو كونفرانس»، حيث يتوقع أن يسأل القاضي عمّا إذا كان جورج عبدالله يوافق على قرار ترحيله الى لبنان أو يفضّل الانتقال الى دولة ثالثة، أو أنه سيطعن في قرار الإفراج المشروط، طالباً إطلاق سراحه مع إبقائه داخل الاراضي الفرنسية.
شائعات كثيرة ترددت أمس عن أن السلطات الفرنسية ستتعمّد المماطلة في الإجراءات الإدارية والقضائية والأمنية، لتطيل عملية تسليم عبدالله، وذلك بهدف تخفيف زخم الاستقبال الشعبي الذي سيحظى به، علماً بأن آخر طائرة تقلع من باريس تصل عند الساعة 21.25 بتوقيت بيروت.
من جهة أخرى، كشف مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ«الأخبار» أن مفاعيل قرار الترحيل لن تكون سارية المفعول إلا بعد مرور مهلة 24 ساعة على صدوره، وذلك إفساحاً في المجال أمام النيابة العامة الفرنسية للطعن، ما يعني أن جورج عبدالله لن يكون باستطاعته مغادرة سجنه الفرنسي إلا صباح يوم غد الثلاثاء. وتابع المصدر: «يجب عدم إغفال العامل السياسي في موضوع المهلة القانونية. فإذا كانت وزارتا العدل والداخلية متفقتين على قرار الترحيل وهناك ضمانات بعدم التقدم بطعون على مستوى سياسي وأمني رفيع المستوى، فسوف يتم الترحيل مساء الاثنين. أما إذا تم اتّباع الأصول الإدارية فإن التأخير وارد.
أمر آخر برز أمس في عدد من وسائل الإعلام يتعلق بفرضية رفض وزير الداخلية الفرنسي التوقيع على قرار الترحيل، وبالتالي تعليق قرار الإفراج. وهو أمر استدعى ردّاً من الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج عبدالله، دعت فيه «السلطات الفرنسية الى التسريع في إجراءات الترحيل، وضمان أمن عبدالله وسلامته الى حين تسليمه إلى السلطات اللبنانية».
ورأت الحملة أن المعلومات الصحافية التي تشير الى احتمال عدم توقيع وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس على قرار الترحيل هي أمر مبالغ فيه، وشددت على «أن توقيعه هو إنفاذ لقرار قضائي ولا يحتمل التأجيل أو المماطلة».
ودعت الحملة الى أوسع مشاركة شعبية في حفل استقبال الأسير عبدالله، وأعلنت «أنها سوف تعلن موعد التجمع الشعبي أمام مطار بيروت الدولي بناءً على مجريات الترحيل وموعد إقلاع الطائرة التي ستقلّه من باريس الى بيروت، كما دعت الى ترقّب البيانات التي ستصدرها تباعاً، بدءاً من صباح اليوم، فور توافر المعطيات الرسمية حول موعد الوصول». وأشارت الى أنه «في حال عمدت السلطات الفرنسية الى عرقلة إطلاق سراح عبدالله، فسيتم الإعلان عن اعتصامين مفتوحين أمام مقر السفارة الفرنسية وقصر الصنوبر».
ويعزز التخوف من احتمال عرقلة الإفراج عن عبدالله موقف واشنطن الذي صدر أول من أمس، الرافض لإطلاق سراحه. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند «لا نعتقد أنه يتعيّن الإفراج عنه، ونواصل مشاوراتنا مع الحكومة الفرنسية بشأن ذلك».
28 عاماً من الإعتقال
من مواليد القبيّات ـــ عكار، 2/4/1951. تابع الدراسة في دار المعلمين في الأشرفية، وتخرّج في عام 1970.
ناضل في صفوف الحركة الوطنية، ثم التحق بالمقاومة الفلسطينية.
جُرح أثناء الاجتياح الإسرائيلي لقسم من الجنوب اللبناني في عام 1978.
اعتقلته السلطات الفرنسية في 24/10/1984 بعد أن لاحقته في مدينة ليون، ولم تكن تبرر اعتقاله بغير حيازة أوراق ثبوتية مزورة.
وعدت السلطات الفرنسية حكومة الجزائر بالإفراج عنه، وأوفدت لهذا الغرض مدير الاستخبارات الفرنسية إلى الجزائر ليبلغ الحكومة الجزائرية بذلك.
في 10/7/1986 حوكم بتهمة حيازة أسلحة ومتفجرات بطريقة غير مشروعة، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة أربع سنوات.
في 1/3/1987 أعادت السلطات الفرنسية محاكمته بتهمة التواطؤ في أعمال «إرهابية»، وبالمشاركة في اغتيال ياكوف بارسيمنتوف، السكرتير الثاني للسفارة الاسرائيلية في فرنسا، في 3 نيسان 1982، والملحق العسكري الأميركي في باريس، تشارلز روبرت راي (18 كانون الثاني 1982)، ومحاولة قتل القنصل العام الأمريكي روبرت هوم في ستراسبورغ في 1984. وأصدرت بحقه حكماً بالسجن المؤبد. رفض المحاكمة ولم يعترض.
جنّد الأمن الفرنسي المحامي جورج جان بول مازورييه الذي كان يترافع عن جورج عبدالله، وكان يختلق المعلومات التي اعتمدتها السلطات الفرنسية، وقامت نقابة المحامين بطرده لاحقاً.
لم تتوصل السلطات الفرنسية إلى أي أدلة تدين عبدالله، باستثناء منشورات تدل على انتمائه إلى «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية» وجواز سفر مزوّر. لذا، لم توجَّه إليه حين قُدِّم أمام المحكمة للمرة الأولى، في تموز 1986، سوى تهمة واحدة هي «استعمال وثيقة سفر مزوَّرة».
ـــ في 6 آذار 1985، دوَّن مستشار الرئيس فرنسوا ميتران، جاك أتالي، في يومياته التي نُشرت عام 1988 في كتاب مذكراته عن «سنوات الإليزيه»: «لا تتوافر لدينا أي أدلة ضد جورج إبراهيم عبدالله. لذا، لا يمكن أن توجِّه إليه المحكمة أي اتهام آخر سوى امتلاك جواز مزوّر».
ـــ تروي المحامية إيزابيل كوتان باير (زوجة كارلوس) التي كانت عضو هيئة الدفاع عن عبدالله، التي ترأسها «سفاح المحاكم» جاك فيرجيس، تفاصيل «المؤامرة القضائية» التي لُفّقت ضد الثوري اللبناني، قائلة: «استُدعي مجدداً إلى المحكمة على نحو مفاجئ، في 28 شباط 1987، وفوجئنا بتهم مغايرة وأدلة جديدة لم تكن مدرجة في الملف خلال المحاكمة الأولى. وزعم الادّعاء أن أسلحة قد حُجزت في مخابئ وشقق سرية تابعة لعبدالله، واعُتبر ذلك دليل إثبات ضده.
ـــ استوفى شروط الإفراج المشروط منذ عام 1999، ما دفع السلطات القضائية الفرنسية إلى فتح ملفه لعدة مرات متتالية في السنوات الماضية، أبرزها في عام 2003، حين اتخذت «محكمة الإفراج المشروط»، في مقاطعة بو (Pau) الفرنسية، قراراً بإطلاق سراحه، وحددت تاريخ 15 كانون الأول 2003 موعداً لتنفيذ القرار. ولكن النيابة العامة الفرنسية تقدمت باستئناف ونجحت في تعطيل الإفراج.
في 17 نيسان 2008 قرر القضاة نقل ملف جورج عبدالله من محكمة الإفراج المشروط (لجنة إعادة النظر في الأحكام) إلى لجنة خاصة للنظر في درجة خطورته، تطبيقاً لـ«قانون داتي»، على أن يصدر القرار في 4 أيلول 2008. لكن هذا الموعد أُجّل الى 9 كانون الثاني 2009 حيث كررت المحكمة رفضها الإفراج المشروط عن جورج عبدالله.
ـــ في كانون الأول 2009 قرّرت محكمة الجنح في تارب Tarbes الفرنسية معاقبة عبد الله لرفضه إجراء فحص مخبري. وقضت العقوبة بتمديد مدة سجنه لثلاثة أشهر بسبب رفضه إجراء فحص الحمض النووي ADN للمرة الثانية، إذ كان قد سبق لعبدالله أن خضع للفحص في عام 2003.
ـــ تقدم عبدالله في كانون الثاني 2012 بطلب جديد للإفراج عنه. وخضع مرة أخرى لمقتضيات قانون داتي، وبقي ستة أسابيع (بين نيسان _ أيار 2012) قيد «الفحص» في «المركز الوطني للتقييم» Centre national d’évaluation في سجن فرين. وخرجت هذه اللجنة في 30 تموز 2012 بتقرير سلبي يعارض الإفراج عن الأسير جورج عبدالله، لأنه لا يزال مريضاً بمواقفه التقدمية والوطنية.
ـــ في 21 تشرين الثاني 2012 وافقت محكمة تطبيق الأحكام في باريس على ثامن طلب للإفراج عن عبدالله مع الطلب من وزارة الداخلية الفرنسية طرده من الأراضي الفرنسية في مهلة أقصاها 14 كانون الثاني 2013. وتم تعليق هذا الحكم بعد استئناف تقدمت به وزارة العدل الفرنسية.
ـــ في 10 كانون الثاني 2013 قررت المحكمة رفض طلب الاستئناف وأصرّت على قرارها بالإفراج عن عبدالله، شرط ترحيله من الأراضي الفرنسية، وحددت 14 كانون الثاني موعداً نهائياً للترحيل.
الاثنين ١٤ كانون الثاني ٢٠١٣
ضحى شمس
القبيّات | في الفان الصاعد إلى عكار من طرابلس، الذي كان أكثر ركابه، كالعادة، من الجنود، تلاحق عيناك تفاصيل الطريق التي تعرفها جيداً وأنت تفكر: كيف سيرى جورج إبراهيم عبدالله هذه الطريق التي لم يسلكها منذ 29 عاماً؟ ما الذي ستلتقطه عيناه من تغييرات في المشهد العام؟ فجأة، تعود عيناك «لتريا» ما صارت تنسى رؤيته بحكم العادة. اللافتات التي تحيي الرموز الحديثة لتفتّت الدولة اللبنانية، من شخصيات عسكرية وأمنية لا حق لها في الفسحة العامة، كان أكثرها «مشلّعاً» وعالقاً على الشجر المكسر على جانبي الطريق بسبب العاصفة الثلجية الأخيرة. ساحة عبد الحميد كرامي التي أصبحت «ساحة الله»، لا شك في أنها ستلفت نظره، كما العمران العشوائي الباطوني البشع الذي «نبت» مكان بساتين الليمون التي كانت عاصمة الشمال تشتهر بها، وعدد المساجد التي صارت تحتل أجزاءً كبيرة من المشهد العام. أما عكار؟ فربما سيجدها على حالها، لولا النازحون السوريون. «مركز رعاية الإخوة السوريين الصحي» سيلفت نظره، والإعلان على مدخل البيرة عن لقاء مع الشيخ أحمد الأسير. سيقرأ لافتات كثيرة، «شي بمعنى شي بلا معنى»، قبل أن يصل إلى مشارف القبيات التي تزين مدخلها لافتة ترحّب «بابنها البار جورج إبراهيم عبدالله».
وفي القبيّات التي وصلناها وهي مغمورة بالثلوج، والتي تتوزع بيتها السياسي منازل كثيرة، تبدأ من الكتائب الذين «يزيّن» مركزهم الإقليمي في عكار مدخل البلدة، مروراً بالقوات والتيار الوطني الحر، وصولاً إلى القيادات التقليدية لآل الضاهر وحبيش وبعض اليسار الذين يرمز بيت عبدالله إليهم كما فهمت، كنا على موعد مع درس في التضامن القروي. «كل القوى اتصلت لتقول: الحمدلله على السلامة. نحنا قدامكم: شو بدكم يانا نعمل؟» يقول جوزف عبدالله، الذي جلسنا في بيته الى جانب الصوبيا. يخبرنا أنه سيكون هناك اجتماع مساءً لجميع الفعاليات والمخاتير لتنظيم استقبال القبيات لابنها العائد من سجون الأم الحنون.
ولكن، كيف يكون هذا التضامن؟ في النهاية جورج يرمز إلى مدرسة إيديولوجية! يقول جوزف: «في الحقيقة القبيات التمّت نفس اللمة لما اعتقلوا جورج كمان من 29 سنة، ولا تنسي القرى فيها عصبية عائلية. يعني ابن الضيعة عم يفرقعولوا ببيروت معقول نحنا ما نفرقعلو؟»، ثم يضحك.
لا يتوقف الناس عن التوافد الى منزل جوزف. لكنّ ظلاً من الشك ما زال يرخي سدوله على قلوب العائلة والمحبين، بسبب تصريحات «الشـ(..) نولاند»، يقصدون الناطقة باسم الخارجية الاميركية.
لم تتأخر الساعة الخامسة. بدأت الوفود بالحضور وسرعان ما امتلأ الصالون الكبير بالرجال. سيدة واحدة كانت بينهم هي ماري أخت النائب السابق مخايل الضاهر. حوالى ثلاثين رجلاً: مخاتير، ناشطون سياسيون، ممثلو أحزاب ورجال دين. يمازح أمين إسكندر (ممثل النائب هادي حبيش) الخوري نسيم قسطون الذي دخل للتو: «أبونا... اليمينيون لجهة اليمين واليساريون لجهة اليسار»، يضحك الجميع وكأني بهم يحيون اجتماعهم على اختلاف مشاربهم السياسية. يقف جوزف ويقول: «مسّيكن بالخير. بشكركن على تلبية هالدعوة، وبدي أشكر كل القبيّات اللي اعتبرت قضية جورج قضيتها. نفس الاجتماع اجتمعناه من 29 سنة، وكان الأب نبيل الزريبي هوي المبادر، وقال إنو هيدا الأمر ما منقبلو. اليوم، نحنا أهل جورج منشكركن. أكتر من خمسميّة تلفون إجاني اليوم من ناس المنطقة، وكلن عم يقولوا شو بتؤمرونا تنعمل. لذلك رح نعرض عليكم تصورنا وتقولولنا إنتو شو ممكن تساعدونا أو تقترحوا علينا». يعرض جوزف مشكلة عدم معرفة توقيت وصول جورج، ويخلص الى احتمالين: وصوله مساء الاثنين، أو الثلاثاء، «وأنا أرجّح الثلاثاء. إن وصل ليلاً، فسننام في بيروت ثم الى القبيات». ويقول إن الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج «بمكوناتها المتعددة التي لها علاقة بانتماء جورج، اقترحوا استقبالاً رسمياً وشعبياً. الرسمي سيكون في قاعة الشرف في المطار، أما الشعبي ففي القبيات». وفي أقل من ساعة، اتفق الجميع على كل النقاط بعد أن أوضح جوزف للحاضرين الذين بدأوا بطرح أفكار معقدة: «بدي وضّح. يعني نحنا ما بدنا نعمل مهرجان. بدكن تقولوا إنو متل كأنو رايحين نهنّي ونضهر عالناشف»، يضحك الجميع وتطرح نقطة محتوى «اليافطات»، فيتفقون على أن تكون «يافطات» أهالي القبيات «عامة» و«أهلية». لا يعجب الكلام ممثل القوات إيلي زريبي الذي قال: «هيدا شهيد العدالة الدولية المزورة... أنا برأيي لازم نعمل له ملقى بالساحة». يقول آخرون «لكنه ليس أي قادم. هو معتقل سياسي». ثم يتفقون على أن يسمحوا لكل الاحزاب بتعليق ما تريد، شرط أن تكون لافتات «أهالي القبيات» أهلية. سرعان ما تتألف لجنة مصغرة لتنفيذ المقترحات اللوجستية وكتابة «اليافطات» وما الى ذلك. ينهمك الجميع بالنقاش، تكاد التهانئ تبدأ. ويصبح الجو جوّ احتفال. كان يكفي أن يحس جوزف بهذا الجو لكي يعود اليه قلقه من خيبة الأمل: «هلق في احتمال يا جماعة بين خمسة وعشرة بالمية إنو يفرط الإفراج»، يقول جوزف. يسكت الجميع كمن أسقط بيده. يتذكرون كلام نولاند، وتخرج مسبّة من العيار الثقيل من فم إحدى النساء. لكنّ شيئاً ما يدفعهم الى متابعة «التحضيرات». تقرر اللجنة ألا يدفع أهل جورج كلفة الاستقبال: «هيدا واجب علينا» يقولون. تَحبك النكتة مع الخوري نسيم فيمازح جوزف ربما نكاية ببعض الحاضرين، فيقول له «هيدي متل ما بيقول زياد أموال الناس ولازم ترجع ع جياب الناس»، يضحك الجميع بمن فيهم المغموز من قناته. أما في الطابق السفلي من المنزل، فقد جلست آمال، الأخت الكبرى لجورج، تنظم ردّيات للترحيب بأخيها. نسألها أن تقول لنا إحداها. فتقول إنها لا تستطيع، لأنها في كل مرة تغص ولا تستطيع إكمالها. لكنها تقول في النهاية: «أويها ونحنا خيّاتك مال الهوا وما ملنا/ نحنا اللي كل الطوايف شاكرة منّا/ يا خيّي فتاح دراعاتك وتعا اغمرنا/ طاب القلب برجوعك لعنّا»، ثم تغص... وتضحك وتبكي...
الاثنين ١٤ كانون الثاني ٢٠١٣
وزير الداخلية الفرنسي يرفض التوقيع على قرار اطلاق جورج ابراهيم عبدالله ويأجله الى ٢٨ من الشهر الحالي
إنها معركة الحرية والكرامة... وسنكون على مستوى التحدي
يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني إلى التتوجه باتجاه السفارة لنقول لهم من يقف وراء جورج عبدالله
بدء التوجه إلى السفارة من الساعة 1 والتجمع الكبير الساعة 4 بعد الظهر
عثمان تزغارت
باريس | إثر القرار القضائي الذي صدر أول من امس بالإفراج عن عميد السجناء السياسيين العرب في فرنسا، جورج إبراهيم عبد الله، أكد الأخير أنه بدأ يجهز نفسه للعودة إلى بيروت. وقال المحامي جاك فيرجيس، الذي تولى الدفاع عن عبد الله، إن «الملتحي الثوري الشهير ما يزال صلباً في مواقفه، كما عهدته دوماً. وقد فال لي، فور إبلاغه بقرار الإفراج، انه سعيد لأن القرار لم يكن مشروطا بأي إملاءات سياسية». وقال فيرجيس إن «قرار الإفراج عن عبد الله تأخر 8 سنوات كاملة، بسبب إصرار القضاء الفرنسي، تحت الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، على ان يعتذر جورج ويعبر عن ندمه على نشاطاته الثورية والفدائية». وتابع: «رفضنا هذا الابتزاز السياسي، على مدى سنوات، رغم ان الضريبة كانت غالية، وذلك لأننا لا نقبل بأن نركع أو أن ننزل بنطلوناتنا تحت ضغوط الاعداء. فأنا، مثلا، قتلت جنوداً ألمان يوم كنت مقاتلا في صفوف المقاومة الفرنسية ضد النازية. فهل يجب ان اطلب الصفح من عائلاتهم؟ ان عبد الله ثوري وفدائي، وليس إرهابياً كما تريد وصفه الدعاية المعادية. وموقفه لم يتغير، فهو يقول اليوم كما كان يقول في السابق انه يريد العودة إلى بلده لبنان ليعود إلى مهنته الأصلية كمدرس. ولكن إذا عاود الجيش الإسرائيلي اعتداءاته على لبنان، فأنه سيضم مجددا إلى صفوف المقاومة، وهذا موقف مبدئي بالنسبة له، وليس قابلا المساومة».
من جهته، سعى عبد الله عبد الله، الناشط اليساري في جمعية «الإنقاذ الأحمر» في فرنسا، وأحد مؤسسي اللجنة الدولية لمساندة جورج عبد الله، لرصد انطباعات ومشاعر «الملتحي الثوري الاشهر»، بعد قرار الإفراح عنه، ونقل اليه، في مكالمة هاتفية ظهر امس، أسئلة «الأخبار» بخصوص موقفه من قرار الإفراج. وقال جورج عبد الله: «اعتبر هذا القرار إيجابيا، رغم أنه جاء متأخرا كثيرا. وانا سعيد بحالة الابتهاج التي رافقت القرار، ولا افكر حاليا سوى بالعودة سريعا إلى لبنان بمجرد ان يصدر قرار أبعادي من فرنسا». وعند سؤاله كيف يقضي وقته في السجن، منذ إبلاغه بقرار الإفراج عنه، قال جورج عبد الله: «أقضي وقتي في تنظيف الزنزانة وترتيبها، وأعد اغراضي وأقوم بحزمها وتجميعها، وترتيب اجراءات إخراجها من السجن وشحنها إلى لبنان، وبالأخص الكتب التي تجمعت لدي المئات منها على مدى سنوات سجني الطويلة. وأقوم حاليا بفرزها، لأنقل منها إلى لبنان ما لا يمكن ان استغني عنه، بينما سأهدي الباقي إلى رفاقي وأصدقائي هنا في فرنسا».
السبت ١٢ كانون الثاني ٢٠١٣
مطلع الأسبوع المقبل، سيصل الأسير جورج ابراهيم عبد الله إلى بيروت. حتى اليوم، لم تقرر الدولة اللبنانية شكل الاستقبال الذي سيُقام له في المطار. وبعيداً عن الانقسام السياسي التقليدي، سيعود جورج إلى بلدته القبيات العكارية، «مقاوماً آخر» على عكس ما تمنى الكثيرون
بسام القنطار
يطل الاسير اللبناني جورج عبد الله صباح الاثنين من على شاشة داخل سجن لانميزان في مقاطعة بو جنوب غرب فرنسا، في جلسة يواجه فيها للمرة الاخيرة قضاة محكمة تطبيق الاحكام في باريس باستخدام تقنية «فيديو كونفرانس». ومن المقرر ان يبلغ القاضي القرار النهائي بترحيل عبد الله الى لبنان الصادر عن وزارة الداخلية الفرنسية، قبل ان يسمح لعبد الله بالاستفسار عن آلية الترحيل وتوقيته. ونقلت مصادر دبلوماسية لـ«الاخبار» ان عبد الله سينقل الى القنصلية اللبنانية حيث سيكون بانتظاره القنصل اللبناني غدي خوري الذي سيتولى اصدار «جواز مرور مؤقت» لعبد الله تلصق عليه صورته وذلك بعد اخطار الامن العام اللبناني.
وبحسب جدول رحلات الطيران الى بيروت يوم الاثنين، تقلع اول طائرة لطيران الشرق الاوسط عند الساعة 10.40، كما تقلع الطائرة الثانية عند الساعة 13.40. في حين تقلع طائرة «أيرفرانس» عند الساعة 21.00 بتوقيت باريس. وليس معلوماً بعد الوقت الذي سيقضيه جورج في باريس قبل ان يتمكن من صعود الطائرة.
وقال وزير الخارجية عدنان منصور، في اتصال مع «الأخبار»، انه لا يعرف بعد موعد الطائرة التي ستقل عبد الله، وما اذا كانت لبنانية ام فرنسية. ولم يستبعد جوزيف عبد الله احتمال مغادرة شقيقه جورج المطار الباريسي يوم الثلاثاء صباحاً.
ومن المقرر اليوم ان تجري الحملة الدولية لاطلاق سراح جورج عبد الله اتصالاً بعدد من المعنيين والطلب رسمياً أن تتولى اجراءات استقبال عبد الله في صالة الشرف في مطار بيروت، على ان توجه دعوات الى شخصيات رسمية وحزبية لحضور حفل الاستقبال الذي سيسبقه لقاء سريع مع وسائل الاعلام ولقاء عبد الله بعائلته في صالة جانبية. بعدها سيغادر موكب الاسير المحرر الى بلدته القبيات حيث سيتم تنظيم استقبالات شعبية على طريق المطار تشارك فيها قوى واحزاب لبنانية وفلسطينية.
ولم يتضح بعد شكل مشاركة الرئيس نجيب ميقاتي في استقبال عبد الله وما اذا كان سيوفد ممثلاً عنه ام سيحضر شخصياً الى المطار. علماً بأن ميقاتي كان قد طرح قضية عبد الله في زيارتيه الباريسيتين. ومن هادي حبيش الى سيمون ابي رميا، لا يقف التفاعل مع قضية عبد الله عند حدود ١٤ و ٨ آذار. ورغم اتهام الرئيس الاسبق امين الجميل لعائلة عبد الله بالوقوف وراء محاولة اغتيال بشير الجميل، فان ذلك لم يمنعه من المطالبة باطلاق سراحه في تصريح صدر قبل فترة.
ومنذ لحظة اعلان قرار الافراج عن عبد الله بدأت النقاشات تتفاعل حول موقفه السياسي من القضايا اللبنانية والعربية. وتكفي العودة الى رسالة لعبد الله تليت بصوته في مؤتمر نظم في بيروت عام ٢٠١٠ حيث توجه الى الحضور بالقول: «كل منكم يحمل لوناً من ألوان المقاومة، ان اجتمعت وتناغمت كل اطيافها، وهي حكماً بصدد ذلك، تشكل الرد التاريخي على كل مفاعيل الهجمة الأمبريالية الراهنة. صف مرصوص خلف البندقية المقاومة، ومواجهة حازمة لكل متطاول على شرعيتها».
ويضيف عبد الله «صمدت البندقية المقاومة في لبنان، وحررت الارض واعادت السيادة، فماذا كان موقفهم؟ كان وما زال موقفهم تحريضاً وتآمراً على المقاومة ورجال المقاومة، باسم الارض وباسم السيادة، هذا دأبهم وهذه هي طبيعتهم. الرد الطبيعي عليهم يكون بمزيد من تفعيل حركة الجماهير، عبر وضع مطالبها في سلم اولويات المهام النضالية. الرد عليهم يكون بمزيد من التمسك بالبندقية المقاومة والقرار المقاوم. الرد الطبيعي يكون بمزيد من التأكيد على وحدة المصير اللبناني الفلسطيني. فالاستفراد بالشعب الفلسطيني والجماهير الفلسطينية لن يجلب سوى الكوارث للجميع».
هذا بعض من جورج عبد الله العائد الى القبيات والذي لن يكون الا «مقاوماً آخر» على عكس ما تمنى الكثيرون.
السبت ١٢ كانون الثاني ٢٠١٣
قاسم قاسم
كان العالم بالنسبة اليهم ينتهي عند حدود مخيم نهر البارد. تدربوا على السلاح، واخذوا دوراتهم التثقيفية فيه. خارج حدود المخيم كان «الآخر». والآخر هنا كان العدو الذي يهددهم. عام 1973 كان عدوهم الماروني والاسرائيلي. هذا كان الاعتقاد السائد في العقل الجمعي الفلسطيني حينها. الفكرة تغيرت عند بعضهم، وخصوصاً عندما أتى مارونيّ من قرية القبيات على متن دراجته النارية الى مخيم البارد. اسمه كان محيراً. جورج عبد الله. هل هو مسلم أم مسيحي؟ اسمه الاول يعني انه مسيحي، اي عدو. أما اسم العائلة عبد الله، فأوحى لهم بأنه مسلم، اي حليف. هكذا، ولكي لا يعيشوا طويلاً حالة «الضياع»، سألوه السؤال الشهير حينها: «مسلم أم مسيحي؟». يجيب «مسيحي ماروني». ينزل الجواب كالصاعقة عليهم. «مسيحي ومعنا، كيف؟» يسألونه. «عنا يا بتكون متطرف يميني، او متطرف يساري، انا قررت كون متطرف يساري» يجيب. ينتهي النقاش هنا بين عبد الله ورفيقه في الجبهة الشعبية مروان عبد العال. كان الاثنان يخضعان لدورات تثقيفية في مخيم البارد. ومنذ تلك اللحظة بدأت علاقة جورج ابراهيم عبد الله بالجبهة الشعبية، وبمن أصبحوا اليوم قادة في الجبهة. يروي من عايش عبد الله اعواماً، كيف امضوا ايامهم معاً في مخيم نهر البارد، وكيف شاركوا في القتال ضد «اليمين المسيحي والاسرائيليين». يتذكرون شخصيته وطباعه وعناده وعدم قدرتهم على اقناعه بأشياء هو غير مقتنع بها، وتفانيه بأدائه والدفاع عما هو مقتنع به.
يروي مسؤول وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية مروان عبد العال كيف تعرف إلى عبد الله: «أتذكر كيف كان يأتي على دراجته النارية الى المخيم، وكيف كان يركنها امام مكاتب الجبهة الشعبية في المخيم». ويقول إن عبد الله تعرف على الجبهة بعد «حلقات نقاشية كانت تجري في المخيم مع مسؤولنا الشهيد ابو مصطفى الراشد، وكان جورج معجباً جداً بشخصية الراشد». يضيف «كما كان جورج متأثرا بالحكيم جورج حبش والشهيد وديع حداد، وكان تأثير حداد عليه قوياً جداً».
جال عبد الله في ازقة نهر البارد مستخدماً دراجته النارية. وزع مجلة الاداب على المهتمين. «حياة المخيمات» أثرت فيه كثيراً فهو كان يبيت فيه اياماً متتالية. يروي ابو جابر، الذي عايش عبد الله منذ عام 1973 حتى 1984، انه في إحدى الليالي، وعندما كان يبيت عبد الله عنده، «طاف البيت علينا». بيوت المخيم في تلك الفترة كانت غالبية أسقفها من الواح الزينكو. كان المكتب الثاني حينها، كما يجري اليوم ايضاً، يمنع ادخال مواد البناء الى المخيمات. يقول ابو جابر إن «صوت المطر على لوح الزينكو وطوفان البيت علينا لم يمكّنانا من النوم». في اليوم التالي، قال ابن القبيات لمضيفه «لازم تقتلوا كل الناس. انتو مش مظلومين من اليهود بس، انتو كمان مظلومين من الطبيعة». يتذكر ابو جابر كيف كان عبد الله ينقل البنزين والخبز الى قريته المحاصرة، كما يتذكر النقاشات التي كانت تدور بينهما. بالنسبة إلى ابي جابر، لم يكن عبد الله يفرق بين مسلم ومسيحي. بالنسبة اليه، كان الصراع طبقياً بين 4% مسيطرين على مقدرات البلد، و96% من ابناء المجتمع يحاولون استعادة حقوقهم. لهذا، كان عبد الله يعرف عن نفسه بأنه من «الكادحين من ابناء القبيات ولسنا بكاوات»، كما ينقل عنه عبد العال.
بعد إنهاء الدورات التثقيفية، انضم عبد الله الى الجبهة الشعبية رسمياً. خلال فترة وجوده في صفوفها، خدم جورج في كافة الاراضي اللبنانية. انتقل من الشمال الى «الجبل» في «مهمة جهادية». في تلك الفترة كانت تدور ما أطلق عليها «معركة الجبل». وكان عليه ان «يخدم» شهراً على أن يعود لاحقاً الى الشمال، لكن عبد الله خرج ولم يعد. عدم عودته مجدداً الى الشمال كان الاعلان الرسمي عن وفاة جورج عبد الله الأستاذ، وولادة جورج عبد الله المقاتل. هكذا، انضم عبد الله الى الجسم العسكري للجبهة الشعبية. كانت الاراضي اللبنانية كلها ساحة قتاله. كان يرابض في الجنوب، والبقاع، والجبل، وبيروت، لكن بعد اتفاق الهدنة الذي عقدته منظمة التحرير الفلسطينية مع العدو الاسرائيلي قبيل الاجتياح، انفصل عبد الله عن الجبهة، رافضاً التهدئة مع العدو، واتخذ مساراً خاصاً به. تأثر عبد الله بوديع حداد، وخصوصاً بمقولته الشهيرة «وراء العدو في كل مكان». لذلك يتفهم رفاق عبد الله تركه الجبهة وانقطاعه عنهم الى حين سماع خبر اعتقاله. عرفوا حينها أن البذرة النضالية التي زرعت فيه نمت، ونبتت في فرنسا.
السبت ١٢ كانون الثاني ٢٠١٣
ضحى شمس
ربما كانت لجنة إطلاق سراح جورج إبراهيم عبدالله هي بالتحديد «أم العروس» في زفة الإفراج عن جورج إبراهيم عبدالله. سوزان لو مانسو، التي تعرفنا إليها منذ سنتين تقريباً في بيروت، كانت بالنسبة إلينا الوجه الأليف من لجنة إطلاق سراح جورج إبراهيم عبدالله الفرنسية التي تأسست عام 2004، وتضم أفراداً يعملون من أجل إطلاق سراح معتقلي الرأي والمناضلين الشيوعيين. وكما تبنت أمهات الأسرى في فلسطين المعتقلين الأجانب في سجون إسرائيل لاستحالة زيارة أهلهم لهم، كانت سوزان تبدو كأنها تنتمي إلى أولئك النسوة، رغم أنها من جيل المعتقل اللبناني الأشهر. عندما تتحدث عنه تنفعل، ولا حدود للإجراءات الأمنية حين يكون الأمر متعلقاً به. لذا، كان من الطبيعي أن نتصل أولاً بسوزان، بعد الاتصال بعائلة عبدالله، لنترك لها التعبير عن شعورها في هذه اللحظة التاريخية من نضالها. كانت متأثرة جداً، واستمهلتنا إلى المساء لتجيب.
«بم نشعر؟ تقول سوزان، صحيح جورج سيخرج أخيراً، (وتستدرك بحذر المناضلين القدامى الذين عانوا من خيبات كثيرة) شرط توقيع وزارة الداخلية الفرنسية قرار ترحيله إلى بلاده بالطبع. في الواقع، لا نستطيع (في اللجنة) إلا الإعراب عن تأثرنا وارتياحنا لتمكن رفيقنا أخيراً من العودة إلى بلاده وعائلته بعد منعه عنهما منذ 28 عاماً.
28 عاماً، هذا وقت طويل. لا بل إنه وقت طويل جداً، لكن جورج عبدالله، في نهاية هذه السنوات الطويلة، لن يخرج منكسراً بسبب استشراس الحكومات الفرنسية المتعاقبة على حبسه كل تلك السنوات، لا بل تأخير إطلاق سراحه بأي شكل كان (نذكركم بأنه اعتقل 28 عاماً بسبب مكيدة سياسية ــ قضائية)؛ ذلك أن الإفراج عنه كان ممكناً منذ عام 1999. إن قوة رفيقنا هذه بالمقاومة، هي التي سمحت لحركات الدعم أن تنمو وتكبر وتتكاثر، وخاصة في الشهور الأخيرة. هنا في فرنسا، وأيضاً في لبنان، حيث كانت حملة إطلاق سراحه شديدة الحيوية، وكذلك في بلجيكا وتونس وألمانيا.
إننا فخورون بمواكبتنا لهذا المناضل الكبير من أجل القضية الفلسطينية حتى النهاية، وهي أيضا قضيتنا، هذا الرفيق المحترم والحازم، الذي لم يتنكر لالتزامه على امتداد سنوات الاعتقال الطويلة، ولم يتراخَ يوماً في التضامن مع نضالات الشعوب».
لكن، كيف تهتم مواطنة فرنسية لأمر معتقل لبناني بتهمة الإرهاب على أراضي بلادها؟ ما الذي يعنيه ذلك؟ تجيب لومانسو: «أنا مناضلة وأهتم بالأصل بمعتقلي الرأي عامة». لم هؤلاء بالتحديد؟ «لأن قضيتهم هي مقاومة الاستعمار، وبالتالي مناهضة الإمبريالية. خذي فلسطين مثلاً. إنه مما لا يمكن احتماله أن نكون في القرن الحادي والعشرين، وأن يكون هناك شعب لا يزال يرزح تحت الاحتلال منذ 64 عاماً. معتقلو الرأي ليسوا إرهابيين، بل مقاومون للنظام الإمبريالي في العالم. لقد التقيت جورج إبراهيم عبدالله بين هؤلاء، وأُقاسمه التزامه القضية الفلسطينية. فهذه القضية تمسّني بنحو خاص، لأني ذهبت بنفسي إلى فلسطين ولمست على الأرض من هو في الحقيقة الذي يجعل الإرهاب يخيّم على الحياة اليومية (هناك) بكل الوسائل، وتبين أنه لم يكن ذاك الذي يراد لنا في بلادنا أن نعتقد أنه هو. لذا، أحيّي الشجاعة غير المحدودة للفلسطينيين، وأدعم نضالهم بكل أشكاله.
لكن التهمة هي الإرهاب، وهذا خط أحمر عند الرأي العام. تقول: «في ما يختص بالإرهاب، فإننا حين نطّلع عن قرب على تفاصيل المحاكمة التي قادت إلى الحكم على جورج، سنكتشف التلاعب الذي ذهب ضحيته الرأي العام الفرنسي، في وقت أدمت فيه التفجيرات باريس. لقد كان تحت يد «العدالة» الفرنسية مذنب جاهز، فيما كانت الاستخبارات ــ التي اعترف بعض أفرادها في ما بعد بالأمر ــ تعرف أنه لم يكن هو، طبعاً وزير «اللاعدالة» يومها كان يعرف أيضاً».
لكن، كيف ينظر إليكم مواطنوكم في ظل هذا التلاعب بالرأي العام؟ تجيب السيدة الخمسينية: «الأشخاص الذين نلتقي بهم أثناء توزيع بياناتنا التي تتحدث عن جورج مثلاً، لديهم ردود فعل مختلفة: البعض يدير لنا ظهره؛ لأن عقلية الأخلاق «المسيحية اليهودية» التي تتحكم ببلادنا تمنع إراقة الدم. لكن، للمفارقة، هؤلاء بالتحديد هم الذين يساندون عقوبة الإعدام مثلاً، ومن الواضح أن جرائم من يحكموننا لا تثير خوفهم أبداً. البعض الآخر، من غير الموافقين، يتوقفون بكل الأحوال لنقاش الفاعلية السياسية لهذا الشكل من أشكال الصراع، ويعرفون كيف يحللون السياق السياسي لمرحلة الثمانينيات. كذلك فإنه يجب أن يكون المرء مطلعاً على تاريخ لبنان في تلك الفترة، لكن التدخل الإمبريالي المباشر أو غير المباشر، هو نفسه في كل مكان. آخرون أيضاً، الشباب خاصة، لا يعرفون هذه المرحلة من التاريخ الثوري، ولا حركات المقاومة التي كانت وقتها تنظم في أوروبا وفي العالم. يسألون أولاً: «ما الذي فعله لكي يبقى منذ ذلك الوقت رهن الاعتقال؟». فكرة اللاعدالة هي التي تصدمهم وتتبادر إلى ذهنهم أولاً. «لكن أليس طبيعياً أن يدافع المرء عن بلاده؟»، يسألون متعجبين، بعد أن نكون قد شرحنا لهم الإشكالية. نقول لهم أولاً إن المستهدفين في تلك الأعمال (التفجيرات والاغتيالات) لم يكونوا «أبرياء مدنيين»، كما كان يروّج، بل «محترفو موت»! هناك سؤال كان يطرح أيضاً: لم، ما دام كان يدافع عن بلاده، لا تطالب الحكومة اللبنانية به؟ هذا أيضاً كان سؤالنا الذي شاركناهم طرحه (على الحكومة اللبنانية التي تحركت أخيراً مع تحرك رئيس الجمهورية).
عموماً، كان الشباب هم الأكثر انفتاحاً على النقاش وتبادل الآراء. يسألون العديد من الأسئلة عن هذه الفترة، فمن السهولة بمكان للبورجوازية الحاكمة التي تمسك بزمام الإعلام وتتلاعب بالأفكار، أن تزور الذاكرة لإفراغ التاريخ من مضمونه الثوري. انظري مثلاً إلى مجازر 17 تشرين الأول 1961 (ضد الجزائريين الذي رموا في نهر السين في باريس خلال تظاهرهم من أجل استقلال بلادهم) التي احتفلنا للتو بخمسينيتها، هل من كتاب تاريخ يأتي على ذكرها؟ أبداً».
اليوم، تقوم اللجنة بما يجب لتسهيل عودة جورج. هل انتهى النضال؟ أبداً. ففي المعتقلات الفرنسية لا يزال يقبع العديد من معتقلي الرأي، عكس ما يظن كثيرون. لذا، فالنضال سيستمر.
السبت ١٢ كانون الثاني ٢٠١٣
بيار أبي صعب
المفاجآت دائماً ممكنة مع الإدارة الفرنسيّة المشغولة، بشغف نادر، في السهر على مصالح شعوب المنطقة، من دمشق إلى باماكو. ألم يطمئننا الرئيس فرنسوا هولاند أمس في خطابه إلى أعضاء السلك الدبلوماسي بمناسبة العام الجديد، إلى أن الديموقراطيّة التي يساعد، هو وحكومته، على بنائها بقوّة في «سوريا ما بعد الأسد» ـــ كما فعل سلفه ساركوزي في ليبيا على الأرجح ـــ ستقوم على «التعدديّة التي تصنع وحدة الشعب السوري»؟ المفاجآت دائماً ممكنة مع الإدارة الفرنسيّة، لكن، إذا وقّع وزير الداخليّة الفرنسية مانويل فالس، كما هو متوقّع، قرار إبعاد جورج إبراهيم عبد الله قبل صباح الاثنين، موعد انعقاد جلسة المحكمة المكلّفة تنفيذ قرار إطلاق سراحه المشروط، فسيكون المناضل اللبناني الناجي من «ألكاتراز» العدالة الفرنسيّة، في طريقه إلى بيروت. والسؤال المطروح هو كيف سيصل جورج عبد الله إلى لبنان، في اليوم نفسه غالباً؟ أو بالأحرى كيف سيستقبله بلده بعد ثلاثة عقود من الغياب القسري؟
قد تبدو المسألة لبعضهم عرَضيّة أو ثانويّة، أو من دون أهميّة. وربّ مجيب: «ما هذا السؤال؟ ليستقبله أهله وأصدقاؤه ورفاقه والمتضامنون معه أمام كاميرات «الميادين». ليطلقوا بعض الشعارات والمفرقعات، ويرفعوا بعض الأعلام، ليصفّقوا ويهتفوا وينفعلوا قليلاً، وقد تدمع بعض الأعين الحسّاسة، قبل أن تفرنقع الجموع، ويعود كلّ إلى بيته. هيصة صغيرة يعني، ثم تنتهي الحفلة». وقد يضيف مناضل تائب، انقلب إلى الليبراليّة النفطيّة، بأسى أو بسخرية: «كل ذلك من مخلّفات زمن منقرض». وربّما كرّست Mtv خبراً صغيراً في آخر نشرتها عن «عودة الإرهابي» (ما حيلتنا؟ جورج عبد الله ليس لارا فابيان)... كلا أيّها السادة. إن عودة المقاتل الأممي ضدّ الصهيونيّة إلى بلده، كما عوليس في الأسطورة القديمة، ينبغي أن تكون حدثاً وطنيّاً بكل معنى الكلمة. هناك لحظات تاريخيّة، علينا أن نحسن قراءتها، وأن نستمد من رمزيّتها زخماً لمواصلة الطريق في وحول الراهن ورماله المتحرّكة. ليس الرجل «مغترباً» عاديّاً يعود إلى وطنه بعد غياب. ليس «مجرماً» خطيراً يخجل من مصافحته أصحاب الياقات البيضاء، رغم سنوات السجن الطويلة، ونصفها تعسّفي على الأقلّ، باعتراف مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في فرنسا نفسها. جورج ابراهيم عبد الله سليل بطلَي المقاومة الفرنسيّة ميساك مانوكيان وجان مولان. إنّه صاحب قضيّة (حتى إيف بونّيه رئيس الاستخبارات الفرنسيّة أوّل الثمانينيات فهم ذلك)، وعنوان مرحلة وجيل، وابن تجربة وفكر يمتلكان شرعيّة تاريخيّة في ديار العرب. وعلى الدولة اللبنانيّة أن تنحني أمام تضحياته، وتستقبله كما يليق بالأبطال، وترفعه إلى منزلة القدوة...
ليس هذا الثائر بضاعة رائجة، ولا يمكن لأيّ سياسي أن يستثمر مصافحته لمصالح انتخابيّة، أو مزايدات مذهبيّة. لهذا السبب أيضاً تليق به الحفاوة، ويستحق أن يكتشفه ـــ ويتأثّر به ـــ أبناء الجيل الجديد، الذين هربوا من السياسة لكي لا يروا بعد الآن صورة المهرّج الملتحي، أو الدونجوان السعيد الذي يتاجر بالموت ويسمسر للخراب. لن يكون هناك أمير طائفة في استقبال جورج عبد الله، ولا شيخ طريقة أو زعيم عشيرة، ولا ممثّل جناح عسكري أو مدني لأيّة عائلة، من مكوّنات البنية السياسيّة المترهّلة، الإقطاعيّة والقروسطيّة، التي تتحكّم في كرامتنا وحرّيتنا ورخائنا وحقّنا في العيش الكريم، لكن الدولة، هي، رغم كونها مقترنة بذلك الواقع البائس، يجب أن تكون هنا. الاستقبال الرسمي الحافل، لن يكون فقط اعترافاً ببطولة ابن القبيّات، وإدانة متأخّرة للظلم الذي لحق به، بل أيضاً تكريساً للقيم الوطنيّة والأخلاقيّة والتنويريّة التي يمثّلها، الآن وهنا، وسط الظلام العربي الدامس الذي يحدث لنزيل قصر الإليزيه أن ينظر إليه بعين الرائي، فيبصر «نهضة مقبلة». نطالب الدولة اللبنانيّة بأن تكون هنا، عند سلّم الطائرة مساء الاثنين، تأكيداً على قداسة القضيّة التي دفع جورج غالياً في سبيلها، مثل الكثير من المناضلين والفدائيين والمقاومين. ولأنّه فعل عن قناعة لا عن مصلحة، عن التزام فكري وسياسي لا عن نزعة غيبيّة أو تهوّر وعصبيّة عمياء. إننا أحوج ما نكون اليوم إلى أمثاله، في زمن الردّات والفتن، واختلاط القيم وضياع المعايير... لحظة احتدام المواجهة المصيريّة مع العدوّ نفسه الذي قاتله قبل ثلاثين سنة.
السبت ١٢ كانون الثاني ٢٠١٣
يجسد الناشط اللبناني جورج ابراهيم عبد الله (61 عاما) نموذجا للكفاح المسلح في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي. وقد وافقت غرفة تطبيق الاحكام في باريس التي تنظر بالقضية في الاستئناف، امس، على الطلب الثامن للافراج عن الزعيم السابق لتنظيم «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية» وربطته بقرار طرده من الاراضي الفرنسية.
ويعد هذا المدرس اللبناني المسيحي الذي يتقن عدة لغات والمولود لضابط صف، مؤسس «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية»، الحركة الماركسية الموالية لسوريا العام 1980. وهذه الحركة تبنت خمس هجمات في 1981 و1982 سقط في اربع منها قتلى. وقال هذا المدرس الذي تزعم منظمة شبه عائلية نشطت في نهاية السبعينيات في الشرق الاوسط واعتبارا من 1981 في اوروبا، للقضاة «انا مناضل ولست مجرما».
ومنذ سن الـ15، نشط عبد الله في «الحزب القومي السوري الاجتماعي». وخلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1978 جرح وانضم مع راعيه وديع حداد الى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» التي كانت بزعامة الراحل جوج حبش. وبعد سنتين اسس مع عشرة اشخاص آخرين بينهم اربعة من اخوته وخمسة من اقرباء آخرين الفصائل المسلحة الثورية. وكان على اتصال مباشر مع منظمات العمل المباشر والالوية الحمراء والفنزويلي كارلوس. وقال خلال محاكمته في ليون عام 1986 ان «الرحلة التي قطعتها حكمتها الانتهاكات لحقوق الانسان في فلسطين».
وفي الرابع والعشرين من تشرين الاول 1984، اوقف جورج ابراهيم عبد الله في ليون. وقد قدم جواز سفر جزائريا بينما كانت بحوزته جوازات سفر من مالطا والمغرب ومن اليمن الجنوبي. لكن الاستخبارات كشفته وعثرت على ترسانة كاملة في مساكنه. واصبح «الافراج الفوري» عن عبد القادر سعدي وهو اسمه الحركي، احد مطالب لجنة التضامن مع السجناء السياسيين العرب وفي الشرق الاوسط التي نفذت هجمات في 1985 و1986 ادت الى مقتل 13 شخصا وجرح 250 آخرين في فرنسا. وقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة في 1987 بتهمة الضلوع في اغتيال ديبلوماسيين هما الاسرائيلي ياكوف بارسيمنتوف والاميركي تشارلز روبرت راي في 1982 في باريس. وكانت الفصائل المسلحة الثورية تعتبر بارسيمنتوف رئيس «الموساد» في فرنسا.
وتبنت الفصائل نفسها هجوما فاشلا في 1981 في باريس استهدف الديبلوماسي الاميركي كريستيان شابمان وتفجير سيارة مفخخة في آب 1982 في باريس مستهدفة المستشار التجاري للسفارة الاميركية روديريك غرانت. وانتهت مدة سجن جورج ابراهيم عبد الله في العام 1999 وحصل على حكم بالافراج المشروط العام 2003، لكن المحكمة استأنفت القرار وألغي في كانون الثاني 2004. (ا ف ب)
نجلة حمود
عمت أجواء الفرح بلدة القبيات عصر أمس بعد شيوع خبر الافراج عن جورج ابراهيم عبد الله.
وتلقت العائلة الخبر عند الساعة الرابعة عصرا بعد التواصل مع «اللجنة الدولية لمتابعة قضية الأسير عبد الله» التي أكدت خبر تثبيت قرار الافراج على أن يحدد موعد الترحيل لاحقا. وعلى الفور تقاطر الأصدقاء وأبناء البلدة الى منزل شقيقه الأكبر الدكتور جوزيف عبد الله الذي انهمك في الرد على اتصالات الأصدقاء لتقبل التهاني بالافراج عن الأسير جورج.
وأخيرا استسلم جوزيف لفرحه فهو لطالما كان حذرا في تفاؤله حيال قضية جورج، «الوقت الآن للفرح وسنقوم لاحقا بإصدار بيان» يقول جوزيف، وهو يستقبل وفودا لبنانية وفلسطينية، وفاعليات من مختلف القوى السياسية في القبيات وعكار.
ولفت عبد الله النظر الى «أن القضاء الفرنسي أثبت أنه تحرر من سيطرة إملاءات الأميركي، وتمكن أخيرا من الخروج من فضيحة قضائية كانت تعيشها فرنسا بسبب قضية الأسير جورج».
وتمنى «أن تتعاطى الحكومة اللبنانية مع الأسير جورج بما يليق به»، مؤكدا أن «تدخلها كان له الأثر الإيجابي في قرار الافراج بسبب الدور السياسي والديبلوماسي الذي قامت به في الفترة الفاصلة بين قرار تنفيذ الحكم وبين استئناف النيابة العامة، إضافة الى جهود وأنشطة المتضامنين في مختلف أنحاء الدول والحملة الدولية، ولجنة «الحرية لجورج إبراهيم عبد الله»، وشكر خاص للمحامي جاك فرجيس المتطوع منذ عقود في الدفاع عن جورج».
الفرحة لا تسع شقيقته جاندارك، فهي عندما سمعت الخبر انهمرت بالبكاء من دون توقف، «لا شيء يمحو عذاب 28 عاما من السجن»، تقول جندارك «أخي سيخرج وكل المعالم التي كانت في ذهنه عن بلدته ووطنه قد تغيرت، والغصة الأكبر، أنه سيخرج ولن يتمكن من رؤية والدته التي توفيت وفي قلبها حرقة اسمها جورج».
وتضيف: لم نكن متفائلين بقرار الافراج، لأن قرار المحكمة بالإفراج المشروط ليس جديداً، فلقد سبق للمحكمة أن أصدرت في عام 2003 قرارا مماثلا، وانصاعت لاحقا لاعتراض النيابة العامة، وقررت التراجع عن الإفراج عن شقيقي، وهو ما أدى حينها الى إحباط الوالدة وتوفيت على اثرها في العام 2004 ، ثلاثون عاما لم أرى فيها جورج، وأنا كل يوم أسترجع ذكرياتي مع الأخ الحنون الذي لم يكن يفارقني أبدا». وتلفت جندارك النظر الى «أننا نحمل الكثير من الأسى في قلوبنا تجاه الحكومة الفرنسية التي وضعت فيتو على كل أقرباء جورج، فأنا منعت من إعطائي فيزا في العام 2006 للذهاب الى فرنسا ورؤية شقيقي عندما أصيب بعارض صحي في السجن، بالرغم من أنني متزوجة وأحمل كنية زوجي».
أما بالنسبة لموعد الترحيل الى لبنان، فتأمل العائلة «أن يتم في 14 كانون الثاني كما كان مقررا في حيثية قرار الافراج الذي صدر عن المحكمة».