سعدى علوه - السفير
«سأروي حتى أرتوي.. اكتب لأني أظنك تقرأ.. أناديك لأني أظنك تسمع.. أراك في أحلامي وأقبلك.. تعال نغمض أعيننا، نحلق ونحتضن الحياة.. لم نصنع أيامنا بخاطرنا.. لو كانت الأرواح تهدى.. الآلاف مفقودين والآلاف عم يفتقدوهم». وقفت أميمة الخليل، في تسجيل من خمسين دقيقة، على خشبة المسرح، في مقابل مقاعد فارغة، تقرأ دعماً لحق أهالي المفقودين خلال الحرب الأهلية بالمعرفة. هي نفسها.. لم تبدّل تبديلا. حملت لافتة في شارع بدارو، رافعة الصوت لإقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري، إلى جانب الآلاف. قبله، سارت في تظاهرات إلغاء النظام الطائفي، ونادت بحق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها.. وغيرها من القضايا المحقة. أحدث وقفاتها كانت أمس على مسرح «الجمعية المسيحية للشابات»، تشدو تكريماً للمناضلة المخضرمة ليندا مطر. قبل أمس، نادراً ما غابت الفنانة أميمة الخليل عن نشاط مناصر لقضية محقة، أو تكريماً لشخصية تستحق. حفلاتها لدعم إذاعة «صوت الشعب» كثيرة، وغيرها من المؤسسات الخارجة عن الإصطفافات والإستزلام ورأس المال. تناصر هذه القضايا من «القلب، وعن اقتناع وتصميم، لا أحب الظلم». من يراقب نشاطها الملتزم بالقضايا، يرى أنه يشغل من وقتها مساحة أكبر من التي تخصصها للحفلات المدفوعة. «أحاول أن ألبّي جميع هذه الدعوات الهادفة إذا سمحت الظروف». يسعدها أن يراها الناس في هذا المكان «يسرني أن يكون صوتي وفني في خدمة أي قضية». لم تخرج صاحبة ألبوم «أنشودة المطر»، الذي نفدت طبعته الأولى من الأسواق، من المرأة فيها. المرأة التي تشبه النساء العاديات، برغم مسيرة فنية غنية ورائدة فاقت الخمسة وثلاثين عاماً، وبرغم الأضواء والمسارح ودور «الأوبرا» التي وقفت فيها إلى جانب الفنان مرسيل خليفة، أو وحدها، وخصوصاً مؤخراً. ما زالت أميمة، المقاومة، بالعزم نفسه والروح ذاتها والخط المستقيم المتصاعد عينه. والأهم أنها لم تختزل حضورها بالفنانة. لم تجلس في برجها العالي بعيداً من الناس. هي هنا بيننا. تصادفها في الشارع فتدعوك إلى وجبة اليوم: «لبن أمه». تلتقيها في تظاهرة مطلبية فتسألك عن مشاريعك المسائية، لتقبل دعوتك، أو تدعوك إلى جلسة على رصيف أحد مقاهي بيروت، أو لرحلة في الجبل والجرود، وربما نحو الجنوب. المهم، أنها هنا بين الناس، الناس الذين يتابعونها ويحبونها كما هي، حاضرة أبداً، لم تتغرب بعيداً في عالم الشهرة والأضواء. وهناك، في الفضاء الإفتراضي على صفحات «فايسبوك» و «تويتر»، تتابعها فتجدها قد سبقتك ربما، وقد ترسل طلباً لإضافتك إلى لائحة أصدقائها. تعلق، تتفاعل مع «بوستات» الآخرين، وتتنقل أصابعها بـ «اللايك» على ما يعجبها مما هو جميل وهادف ويستحق. وهنا، في العالم الحقيقي، وذاك الافتراضي، ستراها على طبيعتها. امرأة، لا تشبه كثيرات من النساء، النساء اللواتي يخصصن كثيراً من أوقاتهن للاهتمام بالسطحي من الأمور. تراها، على طبيعتها من دون تبرج وابتذال، ولكنها تحرص لدى اعتلائها المسرح على أناقة «السهل الممتنع» ببساطة ساحرة. تضحك من قلبها حين تناقشها بعلاقتها مع التقدم في السن وهاجس نساء كثيرات من التجاعيد، ومعها «بوتكس» التحايل على العمر: «يصبح وجه المرأة مع البوتكس كالشمع، من دون حياة، وتتحول إلى تمثال». يقتصر اهتمامها، بالنسبة إلى الشكل، على هاجس واحد «لا أحب زيادة الوزن». وغير ذلك تحب أن تكبر بـ «هيبة»: «لم تكن أمي تفعل أي شيء، بالكاد كنا نصبغ لها شعرها، وكانت تبدو جميلة». ما يعزيها «أن الجميع سيكبرون، لن يبقى أحد صغيراً». تطمح أميمة المواطنة الى أن «نعمل معاً وطناً حقيقياً». وتريد أميمة المرأة «أن ترى النساء يشغلن مواقع متقدّمة، ربما رئيسة جمهورية، ولكن بكفاءاتهن وليس بالوراثة». وتحب أميمة الفنانة أن تقف وحيدة، متكلة على ما راكمته عبر تجربتها مع خليفة وغيره، «على مسارح وقفت عليها مع مرسيل، كقرطاج وبيت الدين وبعلبك ودور أوبرا عالمية».
ثلاثة أعمال جديدة
تزخر جعبة أميمة الخليل الفنية بمشاريع جديدة تكرّس معها مسيرتها الفردية التي راكمتها مؤخراً، من دون أن تنسى أو تتخلى عن تجربتها مع الفنان مرسيل خليفة: «أنا حاضرة دائماً عندما يرى مرسيل أن صوتي يمكن أن يخدمه ويخدم ما يقوم به». لكنها في الوقت نفسه، ترى أن تفرّدها وانفرادها «يريح مرسيل من مسؤوليتي ومسؤولية صوتي، كما يخدمه ويخدمني في الوقت نفسه». يخدمه، كونها نتاج كل تلك التجربة من العمل معه وبإشرافه. لكنها اليوم تشتغل وحدها «انطلاقاً من مسؤوليتي تجاه نفسي، ومن خلال بحثي وعملي. هكذا صارت هي بالصورة ولم تعد «مختبئة وراء مرسيل». اليوم، تستعد لتقديم عمل ثلاثي بينها وبين هاني سبليني والمؤلف الموسيقي وعازف «الساكسفون» باسل رجوب، في 16 و17 أيار المقبل. يتضمن العمل أغاني قديمة بتوزيع جديد (مثل «بعد يلي بحبو») والبقية جديد. طبعاً، لعملها مع خليفة حصته. إذ تشتغل أميمة على مشروع «صوت» الذي سلمها إياه خليفة منذ العام 2011، وهو عبارة عن مجموعة أغانٍ من دون موسيقى. ستبدأ حالياً بتنفيذ «صوت» مع احتمال أن يشاركها موسيقي مبدع عبر «تصميم الصوت» وليس «توزيع الأغاني، عبر «المؤثرات الصوتية، وهو شغل لم يقدم عندنا، بل قدم في دول غربية». ويصب عملها الثالث في إطار دعمها المقاومة على أنواعها. فعبر تعاونها مع الشاعر الفلسطيني مروان نخول والموسيقي مراد خوري (فلسطيني أيضاً) يحضّر الثلاثة لـ «خطبة الأحد»، وهي مستوحاة من قداس الأحد وخطبة الجمعة. يشكل العمل (8 دقائق) «رسالة فنية أولاً وسياسية ثانياً»، وسينطلق قريباً. ويهدف في السياسة لمناهضة تجنيد المسيحيين في الجيش الإسرائيلي.
سبليني من أسلحتي
تحفظ أميمة الخليل لزوجها المؤلف الموسيقي هاني سبليني «أثراً كبيراً في مسيرتها الفنية». كانت تحب موسيقاه قبل أن تتعرف إليه. وشكلت أعمالهما المشتركة «تقدماً في مسيرتي، وكانت تجربة مختلفة عن تجربتي مع مرسيل خليفة، تجربة أحبها الناس أيضاً، وشكلت انقلاباً سلساً».
نصري الصايغ - السفير
ثمّة من لا ننساه. نعثر عليه مراراً. قد لا يكون معنا. ربما لأنه فينا. تقترب من مدينته. يطل من بحرها. أفق الصيادين هناك، صفحة ترتسم عليه صورته. تفتح أبواب المدينة، تجده في شوارعها. تعبر إلى قلب المدينة، يسير إلى جانبك ويسبقك إلى أزقتها. تنحرف إلى بساتينها، تعرف من برتقالها، عرق الذين يكدحون في تلوين ليمونها. ثمّة من لا ننساه. كأنه لا يموت إلا جسداً. ربما لأننا ننتمي إلى جيل ضد النسيان، ولأننا نسأل عن ماضينا لبؤس حاضرنا، وانسداد الضوء. تجلس إلى شاطئ صيدا. بحرها مفتوح وسماؤها مفتوحة وأذرعها كذلك، وهو ما زال مقيماً فيها. كأنه على موعد مع غدها. تسأل عن الماضي، تأتيك صورته: وجه تتمثل في قسماته طيبة وعزيمة. تتعرّف إلى جسد بضخامة قضية، وبخطوات لها ثقل على الأرض، بروح خفيفة قادرة على التحليق: إلى فلسطين وصل مراراً، إلى العروبة وصل وأقام واستقام، إلى عبد الناصر انحاز وتميّز وعلى نهجه نضالاً وكفاحاً، إلى السلاح يمتشق: سلاح يسدَّد في الاتجاه الصح، منعاً لاحتلال في المقدس من الأرض، ضد استعمار لأمة تستحق، لحضارتها وتراثها، أن تكون حرة، واحدة، مستقلة. هل هذه صيدا بعد أربعين عاماً من دمه؟ تريد أن تعرف أكثر؟ مَن يكون معروف سعد قبل أربعين عاماً؟ مَن يكون بعد أربعين عاماً؟ غريب. إنه مختلف جداً عمّن عرفناهم ونسيناهم، وغريب أكثر عمن عرفناهم وعايشناهم حتى اليوم، وغريب أكثر عنا نحن الذين خسرنا وتقاعدنا عن الأمل. عرفته دائماً من بعيد، ما عرفت دينه ومذهبه. كانا معروفَين بشكل طبيعي. لا هو أعلن انتماءه السياسي لدينه ومذهبه، ولا أنا كنت في صدد البحث عن دين الناس لأصنّفها. غريب، كم كان غريباً عمن كانوا في السياسة، لا لوثة طائفية، لا في حبه ولا في عائلته ولا في مواقفه. لم تكن عروبته بحاجة إلى عصب ديني، فالدين، يمكن أخذه على كل العقائد. أما العروبة يومها، فقد كانت تحتاج إلى مواقفه. في سيرته جراح وسجن وجرأة وتحديات. لغيري أن يسردها أفضل مني. غير أني أميّز بين هذه السيرة وبين مَن تاجر بالعروبة، فعندما كبت، طلَّقها وتزوّج نقيضها الكياني، ونقيضها المذهبي، ونقيضها المتهاون مع الأم الحنون، بحضنها الأميركي. هو لم يكن كذلك. أما زالت مدينته تتشبّه به، أم.. في كل وادٍ يهيمون؟ لذا، ثمّة من لا ننساه. نعثر عليه في ماضيه لأنه كان مع نفسه، وأقام فينا. ها نحن بعد أربعين عاماً على استشهاده، في معركته إلى جانب الفقراء الصيادين، ضد مَن قرر أن يحتل البحر. أُسقط شهيداً، وفي الظن أن الرصاصة تقصّدت حذفه. كان المناخ آنذاك، مناخ تدرُّب على الحرب. والحرب كانت بحاجة إلى شرارة. وكانت الشرارة الأولى، وأعقبتها الثانية. بقتل معروف سعد، بدأت مقتلة لبنان. هو قتل في موقع النضال الجميل. في ما بعد، قاتلنا وقتلنا، في مواقع النضال الغلط. أسفرت شهادة معروف سعد عن بقاء القضية نقية. أسفرت الحرب اللبنانية عن قتل وتصفية القضية. ولولا المقاومة التي خرجت من رماد لبنان المحتل العام 1982، لكان لبنان خرقة مخزية. بعده، احتُلّ البحر واحتلت الشواطئ، ما أبشع الوطن عندما يصير عقاراً، براً وبحراً وسماءً! مَن يكون معروف سعد؟ لا تسأل عن سلالته. هذا غير مهم. لا تسأل عن زعامة عائلته. هذا شأن مفقود. لا تسأل عن ثروته. هذا أمر مُخزٍ. فشهادة الفقر أصل جيد. شهادة الثروة أصل رديء. ذقنا من ثماره المرة، سياسات الاستتباع والشراء والارتهان والفساد. ولا تسأل عمن يتكئ عليه، أو، بلغة السياسات الركيكة، من يدعمه. حَيْفٌ ذلك عليه وإزاءه. هو من تبرع بالدعم. سيرته مبتوتة في ما أقدم عليه، تأسيساً على ما يفكر فيه وما يعتقد به ويؤمن به وما يسعى لأجله. فلسطينيته، أخذته مرتين إلى مقاومة الاحتلال. وطنيته قادته ليدخل السرايا متحدياً الفرنسيين. عروبته سجّلت عنده وشم السياسة الذي لا يُمحى. كيف يُمحى وشم في الروح؟ هو يُملي مواقفه على ذاته. عناده، منحه قوة المقاومة. إيمانه، جعل فعله أقرب إلى محاكاة النصر وهو في قلب المأساة والمحنة والنكبة. ولا تسأل لماذا كان الفقراء عائلته. عمال البساتين المتروكون لإقطاعات وتجّار، لم يجدوا من يقف إلى جانبهم من البيكوات الذين ورثوا الأرض وما عليها ومَن يخدمها... صيادو البحر، من يرد عنهم أمواج العوز والفقر. فالبحر الكريم، غدار كذلك. والبحر الثري، مطمع لأصحاب المال والنفوذ. لا تكفيهم ثروة اليابسة. يشترون البحر كذلك، أو يردمونه من أجل موطئ مال أو نزوة ثروة أو شهوة سلطة. تسأل عنه غداً، فتجده. لم ينسحب بعد. نسيانه فوق طاقة الممحاة في الذاكرة. تسأل عنه، تجده في إرثه النضالي. إرث موقّع بالدم والشهادة. مَن حاول قتل مصطفى سعد؟ مَن قتل أفراداً من عائلته؟ غريب. عائلة منذورة سياسياً لتكون مختلفة. قريبة من القلب فمع رجاحة العقل والموقف، شعور بأن الإحساس بالظلم مرتفع جداً. الإحساس بالحياة الأفضل توق أجمل. الإحساس بواجب فلسطين، صلاة، حرام عدم أدائها في مواقيتها الدائمة وفي الحج إليها، كل يوم، على امتداد الأرض العربية لا الحلال. تسأل عنه غداً، تجده في المقاومة والممانعة. هو كان كذلك. هذه المقاومة من روحه وروح مَن كان مثله. لا ينفصمان. آمل ذلك برغم المصاعب. تسأل عنه غداً. لن تجده في السياسة اللبنانية الراهنة، حيث الطائفية دين وسياسة وعقار وتبعية. لن تجده حيث المال دين وسياسة وعقار وشراء ذمم. لن تجده مدعواً أو متسللاً إلى سفارات، يعرض خدماته، كمن يعرض أعراضه للبيع. ولن تجده في خندق يحمل فيه السلاح المذهبي أحقاد التاريخ، ليعيد إنتاج «الفتنة الكبرى» مرة تلو مرة. تسأل عنه، فيطلّ عليك بتقاسيم وجهه وطيبة قلبه وإحساسه الجميل. لا تسأله عن شيء، اسأل نفسك. وإن سألك عما آلت إليه حالنا، فاخجل واصمت. نحن في أسوأ حال. الأمة على وشك الزوال، والإيمان بالضوء يحتاج إلى فعل إيمان جديد، لم نهتدِ إليه بعد. معروف صيدا الصيداوي جداً، عندما كانت صيدا عاصمة أبعد من جغرافيتها وأرحب من مذاهبها وأعمق في انتمائها إلى ما بعد الكيانية وما فوق المذهبية. صيدا التي كانت من عواصم الأمة، هل ما زالت كذلك؟ تصعب الإجابة بعد التسيّب القومي والتسيُّد الديني والتشظي المذهبي، والشتات الفلسطيني، داخل الاحتلال وخارجه. في ما مضى، كان إرث معروف سعد خفيف الوطء، لوضوح الرؤيا وبسالة الموقف. كم هو ثقيل هذا الإرث النضالي، على تنظيمه وأصدقائه ومَّن كافحوا نسيانه؟ منذ أربعين عاماً، قتلوا معروف سعد. بعد أربعين عاماً، ثمّة من يريد قتل صيدا.
مادوينا سمعان - السفير
لم تأتِ صلابةُ الموقف والمسيرة النضالية الطويلة على الوجه الباهي لتلك المناضلة الحقوقية النسائية. والأبيض الذي كانت ترتديه يزيد ملامحُها الهادئة نعومة وإشراقاً، وسط شعر أبيض كثيف مسرّح يشي بسنين عمرها. سوف تحمل اليوم درعاً تكريمية جديدةً، من «الجمعية المسيحية للشابات ـ بيروت»، تُضاف إلى وسام الأرز من رتبة فارس الذي عُلّق ذات يوم على صدرها من بين أوسمة ودروع أخرى. بعدما اخترقت صفوف النساء الرائدات في العالم، فاختارتها «مجلة ماري كلير» واحدة من بين مئة امرأة يحرّكن العالم. في بيتها، في مار الياس، كانت ليندا مطر قد جهّزت نفسها لاجتماع مسائي، هي التي تطفئ هذا العام شمعتها التسعين. بهدوء تستعيد دخولها العمل الحقوقي. فإذ بها المرأة التي انطلقت بنضالها من منزل ساواها كبنت مع أشقائها الصبيان. ومن منزل زوجي وقع فيه الزوج على عقد حرية القرار والعمل والتحرّك، قبل أن يوقّع على عقد الزواج. هو الذي بهر ابنة الستة عشر عاماً حين وقف بباب منزلها الأبوي في عين الرمانة، فتزوجته بعد سنة. على عكس ما يظنّه البعض لم يكن عملها في معمل الجوارب ولا بعده في معمل الحرير، نقطة التحوّل التي حملتها إلى النضال. لكنها احتفظت بالتجربة لتضيفها إلى الحادثة الأساسية التي أدخلتها «لجنة حقوق المرأة اللبنانية»، فتروي: «كان يوماً انتخابياً، وكنت أمرّ بالشارع حيث أسكن، فإذ بسيارة تركن أمام بيت الجيران قبل أن يصطحب سائقها ابن جيراننا المعوّق ذهنيّاً ويختفي به. ركضت إلى أمه وسألتها: يا أم جورج إلى أين أخذوا ابنك؟ فردّت: لا أدري سيعطونه ورقة ليسقطها في صندوق الانتخاب ثم يعيدونه». أثارت كلمات الجارة غضباً داخل الإبنة ومن ثم الزوجة المدللة: «قلت في نفسي: هو معوّق ذهنيّاً وينتخب، وأنا بكامل عقلي وممنوعة من الاقتراع». بعد أيام، تطرق بابها سيدتان تعرّفان بنفسيهما كعضوين من «لجنة حقوق المرأة اللبنانية»، تعرّفانها بأهداف الجمعية وتحثانها على توقيع عريضة الحق بالاقتراع والترشح إلى الانتخابات النيابية. تقول مطر: «ربما ورد إليهما بالتواتر عن غضبي من قصة اقتراع جاري الفتى. فأنا لا أظن أنهما وصلتا إليّ صدفة». المهم أن تلك كانت نقطة التحوّل التي حملت ليندا مطر إلى ميدان النضال بانتسابها إلى اللجنة. وكان ذلك بداية الخمسينيات. واستهلّت بداية نشاطها بتأسيس فرع للجنة في منطقة عين الرمانة، ثم توسّعت لتترأس فرع منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت. وراحت تعرّف النساء بحقوقهن. تذكر أنها كلما أرادت أن تتحدث في مؤتمر للجنة عن نشاطها كمسؤولة فرع، كانت ترتجف وتخاف. ومع ذلك انتخبت أمينة سرّ ثم رئيسة بعدما ألحّت الرئيسة السابقة ثريا عدرا على التنحي وتسليمها. تروي مطر: «شجعت صديقة على الترشح للرئاسة وكانت تحمل شهادة الدكتوراه، لكن عدرا رفضت رفضاً قاطعاً وأصرّت على تسليمي. كان ذلك في العام 1978. واستمر بي الأمر حتى العام 2010 حين هددت الأعضاء بالاستقالة إذا لم ينتخبن رئيسة جديدة غيري على الأقل احتراماً لمبدأ تداول السلطة وهكذا كان». وتشير مطر إلى أن اللجنة كانت تعمل من دون رخصة لأن المسؤولين استوقفتهم أهداف اللجنة التي تنادي بعمل المرأة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، و «بالطبع استوقفهم الشقّ السياسي في العمل». تضيف أن هناك من كان يرفض الاحتفال بيوم المرأة في الثامن من آذار، على أساس أنه «عيد مستورد»، إلى أن وقع لبنان «اتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة» مع فيتو على بندين، بند الحقوق المتساوية مع الرجل وبند إعطائها الجنسية اللبنانية لأولادها. لا تندم مطر على خوضها الترشح للانتخابات النيابية العامين 1996 و2000، علماً أنها انسحبت في الأخيرة قبل يوم الاقتراع. وتذكر أنها ترشحت باسم «المجلس النسائي»، لكن هناك من كان ضدّ ترشحها من داخله. تروي: «بينما كنت أعلن برنامجي، كان هناك سيدة واقفة على باب القاعة تحاول إقناع سيدات أخريات بعدم دعمي بسبب خلفيّتي الشيوعية. لم أواجهها يوماً، ولاسيما أنني كنت أعلم أن ترشيحي هو لتسجيل الموقف، فأنا بالطبع لن أنجح أمام مَن يملك المال وأمام مَن يأتي من بيت سياسي». تعتبر ليندا مطر أن المرأة حققت نجاحات، لكن ما زال أمامها الكثير لتحققه. تبدأ من قانون العمل الذي طرأ تعديل عليه يمنع صرف العاملة الحامل، بعد أن يمنع صرفها بعد بلوغ حملها الشهر الخامس. وتؤكد أن تجريم العنف ضد المرأة خطوة متقدمة. وتروي أن الخط الساخن للشكاوى «أنشأته رئيسة منظمة كفى زويا جريديني في إحدى غرف مقرّ اللجنة التي كانت عضواً فيها، ثم أرادت أن تستقلّ. حين أخبرتني باركت لها على اعتبار أنني الأم وهي البنت التي تريد أن تنتقل إلى بيت جديد، ومن هنا استمرّ التعاون». كتبت مطر سيرة حياتها في كتاب عنونته «محطات من مسيرة حياتي»، وهي اليوم تحتفل بعيد المرأة مرة جديدة بهدوئها المعهود، ولكن أيضاً بحزمها وإصرارها على نيل النساء كامل حقوقهن. تمضي بمسيرتها، علماً أنّها تدرك أن حقوق المرأة مرتبطة بخلاص الوطن، برأيها «إذا بقي لنا وطن فلن تطول جلجلة المرأة».
مفكرة
÷ في مناسبة اليوم العالمي للمرأة، ينظم مشروع إحلال الأمن والاستقرار (SSP) المموّل من الاتحاد الأوروبي و «التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني» ندوة حول قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، اليوم الثالثة بعد الظهر في قاعة «الجامعة الأنطونية» في زحلة. يشارك فيها كل من المحامية منار زعيتر، رئيس فريق المشروع تييري لامبوريون، خبيرة الاتصالات في المشروع كريستال نعمة الله، الخبيرة في المشروع ومديرة «منظمة عدل بلا حدود» المحامية بريجيت شلبيان، رئيس قسم الابحاث والدروس وقائد كلية الضباط في قوى الامن الداخلي المقدم ايلي الاسمر. ÷ دعت حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي»، للمشاركة في الاعتصام الذي سيحضره ناشطون وناشطات من جميع الدول العربية، ظهر الأحد الواقع في 22 الجاري، أمام السراي الحكومي. وتوجهت الحملة بالمعايدة من كل النساء، رافعة شعار أولوية التمسك بحقوق المواطنة غير منقوصة وبحق المرأة بمنح جنسيتها لأسرتها، مع اصرار على متابعة النضال لتحقيق المساواة في قانون الجنسية تكريساً لحق النساء في المواطنة الكاملة. ÷ تبدأ «منظمة كفى» اليوم عرض فيلم «بالقانون»، يدور حول قصة مقتبسة من وقائع حقيقية، لنساء تعرّضن للعنف ولجأن إلى القانون رقم 293 الذي أقرّ في الأوّل من نيسان 2014. إخراج دافيد أوريان، كتابة طارق سويد، إنتاج كريستين يواكيم، وبطولة مجموعة من الممثلات والممثلين، منهم برناديت حديب وعمّار شلق. في مجمّع «Le Mall» الضبيه، الثانية والنصف بعد الظهر. ÷ تحت عنوان «أم مربية مناضلة مبدعة»، ينظم «اتحاد الشباب الديموقراطي» الاثنين المقبل، في مركزه في بيروت، حفلاً تكريمياً لمناسبة يوم المرأة العالمي. المكرمات هن: الأم المناضلة أم خالد فوعاني، الفنانة عايدة صبرة، الزميلتان سعدى علوه وفاتن حموي، والمناضلة سيلفانا اللقيس.
تكريم
تكرّم «الجمعية المسيحية للشابات» الرئيسة السابقة لـ «لجنة حقوق المرأة» ليندا مطر، برعاية وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، عند السادسة من مساء اليوم، في المركز الثقافي للجمعية في عين المريسة.
ي مؤلفه الجديد الصادر أخيراً عن «الدار العربية للعلومف ناشرون»، يحاول المحامي والكاتب اللبناني الإحاطة بأبرز القضايا المرتبطة بالعلمانيّة في ثلاثين سؤالاً وجواباً حول تعريف المصطلح والفرق بين أنواعها وتاريخها وعلاقتها بالأديان وبحقوق الإنسان وعوائقها في العالم العربي
ريتا فرج - الاخبار
شكلت العلمانيّة في العالم العربي مادة سجالية لدى النخب الفكرية ووضعت حولها مؤلفات كثيرة. بات المصطلح في العقود الأخيرة يُثير حساسية متزايدة مع صعود الأصوليات الإسلامية وجماعات العنف. هكذا أصبح العلمانيّون العرب، على ندرتهم، في موقع التهمة ومعاداة الدين وخبت أصواتهم إثر استفحال الجنون الديني. في «العلمانيّة بين التحليل والتحريم في لبنان والعالم العربي» (الدار العربية للعلوم ناشرون)، يحاول باسل عبدالله الإحاطة بأبرز القضايا المرتبطة بالعلمانيّة في ثلاثين سؤالاً وجواباً. ليست الدراسة مادة متخصصة، إنما تقدم للقارئ العادي طريقة سهلة لفهم ما تطرحه على المستويين السياسي والحياتي. يعمل صاحب «الزواج المدني في لبنان: الواقع والآفاق» على دراسة العلمانيّة، تعريفاً وتاريخاً وتأسيساً، ساعياً إلى مقاربة المصطلح من سياقات عدة: الطائفية، والإسلام، والإيمان الديني، وحرية التعبير، والإلحاد، وحقوق الإنسان، والمواطنية، والعقلانية، والعقائدية، والفكر الإنساني.
ما هي العلمانيّة وما هو تعريفها؟ يعود الكاتب إلى التعريفات التي صاغها عدد من فلاسفة الغرب والكتّاب العرب بينهم البريطاني جورج جاكوب هوليوك، وجون لوك، وفرديناند بويسون، وجون ميلتون ينغر، وعزيز العظمة، وعبد السلام سيد أحمد، ووحيد عبد المجيد، وصادق جلال العظم، ومحمد عابد الجابري، وعبد الوهاب المسيري، وغريغوار حداد. يعرض تاريخ المصطلح بالرجوع إلى أصله ومصدره وأسباب استعماله. ارتبطت جذور الكلمة _ كما يبين الكاتب_ بثلاثة أصول مُفترضة: الأول مُشتق من كلمة (Laïcité) أو (Laïcisme) في اللغة الفرنسية، وهاتين الكلمتين من أصل يوناني (Laos) وتعود جذورهما إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وتوسعت الكلمة في القرن السابع عشر بعد الثورة الفرنسية، وكان أول ظهور لمصطلح (Laïcité) في المعجم الفرنسي عام 1871 وترسخ بعد صدور قانون فصل الدين عن الدولة في فرنسا عام 1905. الثاني مُشتق من كلمة (Secularism) الإنكليزية والفرنسية وهما من أصل لاتيني (Saeculum) ومن معانيها: الدهر، والعالم، والزمان، والدنيا. واستعملت الكلمة بالعربية بفتح العين مُستمدة من كلمة «عالم». الثالث، مصدره كلمة (Scientism) أي عِلم ما يعني أن مصطلح العلمانيّة يجب أن يُلفظ بكسر العين.
يحيلنا الكاتب على أوائل الذين أسسوا مفهوم العلمانيّة في العالم. ترجع جذوره إلى القرن الثالث عشر في أوروبا على يد المفكر الإيطالي مارسليو دي بادوفا، وتبعه الفيلسوف وعالم اللاهوت الإنكليزي وليام الأوكامي وتوسع المفهوم ضمن الأفكار والآراء التي صاغها فلاسفة الثورة الفرنسية. يعتبر المعلم والأديب بطرس البستاني أول من «نادى باستقلال علاقة الدولة بمواطنيها عن أي علاقة للمواطن بدينه»، وتبعه إبراهيم اليازجي وشبلي الشميّل وغيرهم. يستحضر صاحب «صدى المجهول» تاريخ العلمانية في أوروبا وعلاقتها بالديانة المسيحية. تشكل الفصل بين السلطة السياسية والكنيسة بعد صراع طويل ومواجهات واصدار التشريعات والقوانين. يُعد «مرسوم نانت» (L’Edit de Nantes) الصادر عام 1598 أول اعتراف رسمي بالتسامح الديني تمّ بموجبه تكريس الحرية الدينية والمساواة أمام القانون رغم اختلاف الدين. في العالم العربي والإسلامي، أثارت العلمانيّة حفيظة المتطرفين دينياً إذ نظروا إليها كمفهوم إلحادي، إما عن جهل بمضمون المصطلح، وإما نتيجة الرفض القطعي له على قاعدة الرقابة الدينية للسياسة المدنية. التوجس من العلمانية دفع العديد من الكتّاب العرب إلى التحايل عليها أو رفضها أو السعي إلى استبدالها. يسجل على المفكر المغربي محمد عابد الجابري سجاله ونقاشه لمفهوم العلمانية وعدم تحمسه لها ضمن مشروعه النهضوي العربي. اعتبر أن «مسألة العلمانية في العالم العربي مسألة مزيفة، بمعنى أنها تعبر عن حاجات بمضامين غير متطابقة مع تلك الحاجات: إن الحاجة إلى الديمقراطية التي تحترم حقوق الأقليات والحاجة إلى ممارسة العقلانية للسياسة هي حاجات موضوعية فعلاً، إنها مطالب معقولة وضرورية في عالمنا العربي ولكنها تفقد معقوليتها وضروريتها بل ومشروعيتها عندما يُعبر عنها بشعار ملتبس كشعار العلمانية. وفي رأيي أنه من الواجب استبعاد شعار العلمانية من قاموس الفكر العربي وتعويضه بشعاري الديمقراطية والعقلانية». (حوار المشرق والمغرب: نحو إعادة بناء الفكر القومي العربي، حسن حنفي، ومحمد عابد الجابري، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1990، ص 39).
يخلص الكاتب إلى أن العلمانية تؤمن بحرية النظرة الإنسانية للوجود والله وحرية أن يكون الإنسان مؤمناً أو لا أدْرياً أو ملحداً. تسمح الدولة العلمانية بكل تعبير حر أو رأي أو وجهة نظر، ولكن هذا السماح يبقى ضمن حدود عدم السخرية أو الاستهزاء بأي مبدأ من المبادئ أكانت دينية أو غير دينية. يعرج على صلاحيات رجال الدين في الدولة العلمانية وعلاقتها بحقوق الإنسان والفكر الإنساني والمواطنية، متناولاً معوقات تأسيسها في لبنان والعالم العربي. يختتم الدراسة بقراءة لتجربة «حراك إسقاط النظام الطائفي في لبنان» عام 2011 الذي تزامن مع اندلاع الحركات الاحتجاجية العربية. ليست العلمانية خياراً إيديولوجياً، إنما هي مسار تراكمي يفرضه التطور التاريخي. يتحدث ناصيف نصار في كتابه «الإشارات والمسالك» عن مسارين: «المجتمعات المتطورة نحو العلمانية»، و«المجتمعات المتطورة في العلمانية». وقد رأى أن «تاريخ العلمانية عند العرب في العصر الحديث مرّ بمراحل صعود ومراحل هبوط، ولم تكن العلمانية في يوم من الأيام قضية مركزية فاعلة في الثقافة والاجتماع والسياسة. لقد جرى تطور نحو العلمانية في الحقبة التي سبقت حقبة الثورات التي ظهرت في أواسط القرن الماضي، وبعد ذلك وقعت العلمانية في مواجهة أنظمة استبدادية لم تعارضها ولكنها لم تحملها كقضية مركزية». سعى باسل عبدالله إلى تلطيف شروط العلمانية واخراجها من حقل الاتهامات، تفادياً للتصادم مع رموز الاستبداد الديني والسياسي.
تستمر «الهيئة المدنية لحرية الاختيار» بتحركاتها المطالبة بتوقيع عقود الزواج المدنية المعقودة على الأراضي اللبنانية، مصوبةً اتهاماتها بشكل مباشر باتجاه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق. بدوره، يستمر المشنوق في رفض التوقيع على هذه العقود، وهو أكد ذلك بقوله عبر «الأخبار» إنه «لن يوقّع»
إيفا الشوفي - الاخبار
عشرات الشبان والشابات تجمعوا أمس أمام وزارة الداخلية والبلديات، بدعوة من «الهيئة المدنية لحرية الاختيار»، هاتفين شعاراً موحداً «حيّد يا مشنوق». نضال وخلود، نجما تسجيل عقد الزواج المدني الأول في لبنان، وقفا الى جانب الأزواج المدنيين الذين يعانون اليوم جراء عرقلة تسجيل عقود زواجهم. الطفلة ناتاشا غطاس حضرت أيضاً، وهي الابنة الأولى لرواد غطاس ورشا عزو اللذين تزوجا مدنياً في لبنان، إلا أن عقدهما لم يمرّ مع العقود السبعة التي خرقت جدار النظام الطائفي وتم تسجيلها.
بقيت عقود زواج عدّة عالقة في أدراج وزارة الداخلية. وجّه المتظاهرون اتهامات كثيرة للمشنوق، معتبرين أنه «جاهل بالقانون»، وحاملين شعارات تقول إنه «داعش في الأحوال الشخصية». إحدى المشاركات رفعت لافتة عليها «دخل المحاكم الدينية الذي بلغ 17,865,035 دولاراً». وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كان يشاهدهم ويسمعهم، حتى إنّ هناك «شخصيات» في المسيرة أثارت انتباهه. رد المشنوق على مطالب المتظاهرين أتى حازماً وواضحاً، إذ أكّد لـ»الأخبار» أنّ موقفه «لن يتغيّر، فالزواج المدني لا يتم وفق قرار إداري. الحل هو فقط بتشريع قانون مدني للأحوال الشخصية، أمّا غير ذلك فلن يحصل. فليتوجهوا إلى مجلس النواب ويطالبوا بقانون مدني للأحوال الشخصية، عندها سأكون من أوائل الموقعين عليه». شدّد المشنوق مجدداً على أن مطالب الهيئة غير قانونية، معتبراً أن «ما يطالب به المتظاهرون يسبب المزيد من المشاكل والتعقيدات القانونية المتعلقة بالإرث، الوظيفة، الترشيح…».
يعتبر المشاركون أن المشنوق لا علاقة له بالقانون، صارخين «يا مشنوق بدك درس بالقانون». تلفت المحامية نايلة جعجع، التي شاركت في مسيرة أمس، الى أنه «لا يمكن لوزير الداخلية التذرّع بأي حجج قانونية لأننا سبق أن أثبتنا قانونية العقود، والبيان الذي أعلنه المشنوق سابقاً مليء بالمغالطات القانونية، ما يعني أنه لم يطّلع على الملف جيداً». أمّا الكاتب العدل جوزيف بشارة، الذي كان أول من وقع عقد زواج مدني على الأراضي اللبنانية، فيرى أن «شاطبي الإشارة هم أشخاص قرروا أن علاقتهم الإدارية مع الدولة ليست طائفية، إنما بناءً على قانون مدني، وهذا القانون موجود مثل قانون الإرث لغير المحمديين الذي لا يعني المسيحيين فقط، وإنما يشمل أيضاً غير المنتمين إلى طائفة». بدوره، يقول عضو الهيئة عربي العنداري، إنه «منذ عام 2007 شطب الإشارة عن القيد وشارك في انتخابات عام 2009 بشكل طبيعي. أما في موضوع التوظيف، فهم من يخالفون القانون الذي ينص على التوزيع الطائفي في وظائف الفئة الأولى فقط». وكشف المشنوق لـ»الأخبار» أن هناك 13 عقداً فقط في الوزارة، فيما تتحدث الهيئة عن أكثر من 40 عقداً. على مدى سنة، تواصلت «الهيئة المدنية لحرية الاختيار» مع المشنوق بعدما تمنّع عن توقيع العقود. تقول جعجع إنّ «حجة المشنوق كانت وجوب التأكد من قانونية الخطوة قبل المضيّ بها، لذلك أرسلنا له جميع الوثائق والاجتهادات القانونية التي تثبت قانونية الزيجات المدنية. لكن عندما أعلن أن قبرص مش بعيدة، علمنا أن الأمر يتجاوز الإطار القانوني». يرى العنداري أن المعضلة الأساسية بالنسبة إلى النظام اليوم «ليست تسجيل عقود الزواج المدني، إنما لب المشكلة هو مسألة شطب الإشارة لأنها تثبت إمكان وجود مواطنين لا ينتمون إلى أي مجموعة قبلية، سواء كانت طائفة أو حزباً». يضيف «عندما رأت القوى السياسية أن الزواج المدني سيكرس حق الناس بالوجود كأفراد أحرار خارج طوائفهم، ما سيحتّم على هذه القوى لاحقاً إقرار قانون مدني، تيقّنوا أن الأمر خطير وله مفاعيل أكبر، إذ سيشكّل خرقاً أساسياً لطبيعة النظام». قد يكون المشنوق اليوم المعرقل المباشر لعملية تسجيل العقود، إلا أن القوى السياسية الأخرى غارقة في صمتها على الرغم من بعض البيانات التي أطلقتها لتأييد الزواج المدني من دون أي تحرك سياسي جدي للتقدّم في هذا الإطار. يصرّ المشاركون على أن هناك 19 وزيراً كانوا سيعارضون المشنوق في حال إحالة الموضوع الى مجلس الوزراء. يستغرب المشنوق أن المتظاهرين توجهوا إلى وزارة الداخلية عوض التوجّه الى مجلس النواب، مقترحاً عليهم «الاتفاق مع 10 نواب لطرح مشروع قانون مدني للأحوال الشخصية على مجلس النواب». يؤيد وزير الداخلية السابق زياد بارود طرح المشنوق، فيُعلن أن «القضية لن تتقدم إلا إذا أحيلت الى مجلس النواب أو مجلس الوزراء، عندها فلتتحمل القوى السياسية مسؤوليتها ويتبيّن من هو فعلاً مؤيد لهذه الخطوة ومن يقف ضدها». يقول بارود، الذي التقى المشنوق أول من أمس، إن «القضية ليست قانونية، إنما سياسية بامتياز. وما طرح المشنوق إحالة الأمر الى مجلس الوزراء سوى طلب من القوى السياسية بتغطية هذه العملية كي لا يتحمّل تبعاتها وحده». يؤكد بارود «أن العقود سليمة ومثبتة، وما يحصل جراء الامتناع عن التوقيع هو خرق لأحد أهم المبادئ الدستورية، أي مبدأ المساواة في المعاملة القانونية». إلا أن الهيئة ترى أن لعبة المشنوق المزدوجة مكشوفة، فهو من جهة يُرضي رجال الدين بعدم توقيع العقود، ومن جهة أخرى يدعم قانوناً مدنياً اختيارياً للأحوال الشخصية وهو أمر لن يمر بسهولة في مجلس النواب، ما سيؤدي إلى الاستمرار في عملية التأجيل.
بشير صفير - الاخبار
افتقد الجمهور اللبناني إطلالات الفنان زياد الرحباني الموسيقية الحيّة لأكثر من سنتَين كاملتَين، بين خريفَي 2010 و2012.حالته الصحّية السيئة لعبت دوراً أساسياً في ذلك خلال النصف الثاني من تلك الفترة الزمنية، بعد السفر الذي كان وراء غياب الرحباني في النصف الأول منها. لكن، ما حدث مطلع تلك المرحلة خفّف من وطأة انحسار فسحة الأمل بالنسبة إلى من يرون في موسيقى زياد ترياقاً نادراً في مجتمعٍ مسموم.
نقصد طبعاً صدور ألبوم فيروز/ زياد «إيه في أمل» الذي شكّل جرعةً استثنائية بقوتها، أحيَت النفوس وأفرحت القلوب. لكن منذ 20 كانون الأول (ديسمبر) لغاية اليوم، عوّض الرحباني هذا الغياب وأكثر. لا نبالغ إن قلنا إن عدد إطلالاته الموسيقية تخطّى الخمسين وربما أكثر بكثير. وفي نهاية السنة الماضية، جاء قرار السفر. لكن، كان لا بد من إنجاز بعض الترتيبات التي فرضت أكثر من تأجيلٍ على الموعد النهائي للمغادرة. هكذا باتت يوميات زياد تتوزّع بين «حزم الأمتعة» ووضع خطط العمل للمشاريع المقبلة التي ينوي إنجازها بين لبنان وألمانيا. وفي الليل، وبدلاً من الترفيه أو السهر في إطار ضيّق، فضّل إحياء مزيدٍ من الأمسيات التي كان لنادي الجاز الأعرق في بيروت، الـ«بلو نوت» الحصة الأكبر منها.الأسبوع الماضي، أحيا مع فرقته أمسيتَين في حانة صغيرة في جبيل اسمها Clover تقع ضمن مجمّع Publicity الذي كان زياد قد قدّم في باحته الخارجية حفلة وحيدة خلال الصيف الماضي. في هاتين الليلتَين، كان الطقس رديئاً، والرياح العاتية كادت أن تقتلع القسم المسيّج بشوادر من النايلون في تلك الحانة. رغم ذلك، احتشد العشرات، مُضَحّين ببعض الدفء ومتحمّلين الركون غير المريح إلى طاولات حُشِرَ بعضها ببعض، للاستماع إلى برنامجٍ موسيقي غنائي أنساهم الداخل والخارج. هنا نودّ الإشارة إلى أن برامج حفلات زياد (أو غيره من الموسيقيين الجدّيين) تقارب العشرين مقطوعة وأغنية في الليلة. وهكذا كانت الحال في أمسيتَيه الأخيرتين، مع فارقٍ له دلالته المهنية والفنية والضميرية: قدّم زياد والفرقة برنامجاً غنياً في الليلة الأولى (تولّت الغناء فيه لارا راين)، وفي الثانية قدّموا برنامجاً مختلفاً بنسبة 90 في المئة (حلّت تينا يمّوت محل لارا)! لنقل إن الحدث أتى بمثابة أمسية واحدة ببرنامجٍ ضخم مدته أربع ساعات، لذا تمّ تنفيذه على ليلتَين. هذا سلوك نادر جداً في الأداء الحي ويتطلّب جدّية وتفانياً في العمل… لكن سلبيته الوحيدة هي الخسارة التي يتعرّض لها من اكتفى بحضور إحدى الليلتَين! بالمناسبة، وضع زياد عنواناً للإطلالتين الأخيرتين هو: «… ممنوع التصوير». غداً، يحلّ ضيفاً على الـZinc (السوديكو)، الحانة البيروتية العريقة نسبياً، لإحياء أمسية وحيدة تحمل العنوان الآنف الذكر ذاته. وللمناسبة كتب شرحاً مختصراً لـ«… ممنوع التصوير»، ستلقيه الفنانة ليال ضو في مستهل البرنامج. ليال ستتولى أيضاً قراءة بعض النصوص والاسكتشات، التي تشكل فواصل قصيرة في البرنامج الذي يتألّف من أعمال زياد الخاصة وكلاسيكيات الفانك والجاز والبوب والسول والبوسا نوفا. يشارك في الأمسية، إلى جانب زياد (كيبوردز)، آيبريل سنترون (درامز)، خالد عمران (باص)، عادل منقارة (غيتار)، دارين شحادة (كيبوردز)، مارتين لوياتو (ترومبت)، والياس المعلّم (باريتون وتينور ساكس)… أما الغناء فتتولاه لارا راين وسيما إتيِّم.
* حفلة زياد الرحباني غداً في الـZinc (السوديكو) ـ للاستعلام: 03/954089
زينب سرور - السفير
حصل ما كان متوقّعاً.. ردت «محكمة الاستئناف الفرنسية» الطعن المقدّم من المناضل اللبناني في السجون الفرنسية جورج عبد الله. بالأمس، اتخذ القضاء الفرنسي «وسلطاته» قراراً جديداً بحق مصير عبد الله. وبالأمس، قرر الفرنسيون، «ومَن معهم»، أن تبدأ السنة الحادية والثلاثون لأسر الرجل في السجون الفرنسية. بالأمس أيضاً، وُضع عبد الله أمام استحقاقٍ جديد، فإن أراد أن يرى نور الحرية وأن يتقدّم بطعنٍ جديد عليه أن يمرّ في اختبار نفسي إلزامي أمام «اللجنة المتعددة الاختصاصات»، وهو ما يحتاج إلى إجراءاتٍ تحتاج لأكثر من عامين. وقد سبق لهذه اللجنة أن خلُصت إلى أن عبد الله لا يستحق الإفراج المشروط طالما أنه متمسك بقناعاته السياسية وعلى رأسها الحق في مقاومة الاحتلال. أمس، انتظر «أصدقاء عبد الله» الحكم القضائي ـ السياسي في اعتصامٍ خجول. منعتهم القوى الأمنية من الوصول إلى السفارة الفرنسية، فتمركزوا أمام «الجامعة اليسوعية». ولأن القضية غير مرتبطة بدعوات السياسيين الجماهيرية، ولأن ارتباطها مقتصر على رجلٍ مغيَّبٍ منذ ثلاثين عاماً، جاء الحضور خAffinityCMSً. وقف الأصدقاء والمحبون والداعمون بكلّ تهيبٍ أمام القوى الأمنية، وعلى وقع تسجيلاتٍ صوتيّةٍ لعبد الله والأغاني الثورية، هتفوا منددين بالسلطات الفرنسية واللبنانية على حدٍّ سواء. أسقطوا غضبهم في الشعارات التي طالبوا فيها بالإفراج الفوريّ عن عبد الله، وحملوا لافتاتٍ نددّت بدورها بالاستهتار الرسمي اللبناني تجاه القضية، متسائلةً «أين كرامة الدولة اللبنانية عندما تستهين بها فرنسا؟». وكما جرت العادة، كانت للشخصيات السياسية وقفةٌ تضامنيةٌ إعلاميّةٌ في الاعتصام، حيث شارك فيه ممثلٌ عن «حزب الله»، «وفد الأحزاب الوطنية»، الوزير السابق عبد الرحيم مراد، رئيس لجنة التثقيف السياسي في «التيار الوطني الحر» بسام الهاشم. لن يتمّ اللجوء، في الأشهر المقبلة، إلى أيّ أعمال شغب. بهذا التوجه يمكن اختصار الجوّ العامّ المسيطر على المعتصمين. بنبرةٍ حادّة، يضع بسام القنطار، عضو «الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج عبد الله»، مصير عبد الله في عهدة المقاومة الفلسطينية، فـ «عبد الله هو مناضل فلسطين، هو أمانةٌ في أعناقكم، نطالبكم بإدخاله في أي صفقةٍ جديدةٍ مع العدو». ولفرنسا حصة الأسد من الكلمة الغاضبة، و «هبة الأسلحة الفرنسية التي ستقدّمها فرنسا إلى لبنان مردودة، فسلاحنا أسيرٌ موجودٌ في السجون الفرنسية». أما الطائرة التي ستقلّ السفير الفرنسي الجديد الذي سيحلّ محلّ السفير الحالي باتريس باولي فـ «عليها أن تحمل على متنها المناضل عبد الله». وعلى الرغم من سلمية التحرك المرتقب، إلا أن المطالبة بخطوات عملية بعيدة عن الشعارات الرنانة والخطوات غير العملية أخذت مساحةً من المشهد. وهناك، أمام القوى الأمنية، وقف عددٌ من المعتصمين للمطالبة بخطف أحد الديبلوماسيين أو الرعايا الفرنسيين «فهذا هو الحلّ الوحيد كي يعود إلينا عبد الله، فنحن لا دولة لدينا كي تطالب بحقوقنا».
هيئة التنسيق النقابية «معطّلة»، وجميع تحرّكاتها الممكنة من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب «معلّقة» الى أجل غير مسمى. بمعنى ما، باتت قيادة الهيئة تتماهى كلياً مع ما تمليه عليها «أحزاب السلطة»، التي شكّلت ائتلافاً في ما بينها وأقصت كل النقابيين غير المرتبطين إلا بمصالح من يمثلونهم. يبدو أن قيادة الهيئة مصممة على إعادة إنتاج نظير «الاتحاد العمالي العام»
حسين مهدي - الاخبار
عقدت هيئة التنسيق النقابية اجتماعاً لها في 19 الشهر الجاري، قررت على أثره عقد مؤتمر صحافي يوم الخميس في 26 من الشهر الجاري (أمس)، تمهيداً للعودة الى التحرك، بدءاً من تنفيذ الإضراب العام والاعتصام يوم الخميس 5 آذار المقبل. أمس، أصدرت الهيئة بياناً مفاجئاً تعلن فيه تأجيل المؤتمر الصحافي «الى أجل غير مسمى». يقول أعضاء داخل قيادة الهيئة إن «تأجيل المؤتمر الصحافي يعني تأجيل كل تحرّك... وإن قيادة الهيئة لا تمتلك حالياً أي خطّة سوى السعي للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام، بحضور وزير التربية الياس بو صعب».
أسباب «التأجيل» ليست تقنية أبداً، بل سببها الرئيسي خضوع قيادة الهيئة كلياً لسيطرة المكاتب الحزبية وإقصاء النقابيين المستقلين عن الأحزاب. وبحسب المصادر، فإن الخلاف الحالي يدور حول النهج الذي يفترض بقيادة الهيئة الجديدة أن تتبعه في علاقاتها مع السلطة السياسية. فلم تتفق مكونات هيئة التنسيق منذ شهر ونصف من الاجتماعات على خطة عمل، وكل ما تقرر، نتيجة إصرار من قيادة رابطة التعليم الثانوي، هو التشاور مع المسؤولين السياسيين.
تشير المصادر الى أن وزير التربية الياس بو صعب تطوّع، في اجتماعه الأخير مع قيادة الرابطة، لأخذ موعدين من كل من بري وسلام. ولكن أياً منهما لم يستعجل إعطاء موعد للقاء الهيئة. وعلى الرغم من أن بو صعب لم ينجح بما تطوع للقيام به، إلا أن قيادة الرابطة لا تزال مصرة على الالتزام بعدم القيام بأي تحرّكات. وتعطي المصادر دليلاً على عدم جدّية أي تهديد بالعودة الى التحرّك، اذ ان بيان هيئة التنسيق الصادر في 19 من الشهر الجاري تحدّث عن انعقاد مجالس المندوبين والجمعيات العمومية في الروابط للتصويت على الإضراب العام والاعتصام يوم الخميس 5 آذار المقبل، «إذا لم تفض الاتصالات إلى نتائج إيجابية»، الا ان اي دعوة لم تصدر عن اي رابطة لعقد مجالس المندوبين والجمعيات العمومية، وهو ما عدّته المصادر تراجعاً كبيراً في مستوى الممارسة الديموقراطية التي طبعت تجربة هيئة التنسيق في الفترة الماضية. مصادر في الهيئة شرحت لـ»الأخبار» أنه كان لنتائج انتخابات الهيئة الادارية لرابطة التعليم الثانوي التأثير الأكبر على ما يجري داخل هيئة التنسيق النقابية، فهذه الرابطة التي كانت تلعب دور «رأس الحربة» باتت تلعب اليوم دور المعطّل لأي تحرّك، من خلال فرض التأجيل المتعمد، وهناك تخوّف من أن يتحول التأجيل الى تعطيل كامل للهيئة. الرئيس الجديد لرابطة أساتذة التعليم الثانوي، عبده خاطر، رد سبب تأجيل المؤتمر الصحافي، والتالي تأجيل التحرك المقرر في 5 آذار، الى أسباب «لا نعتبرها أساسية»، اذ ان عقد المؤتمر الصحافي أو عدمه يرتكز «على تأمين موعد للقاء كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب». السبب الثاني للتأجيل، بحسب خاطر، ان انتخابات الفروع والمقررين يفترض أن تنتهي نهار الأحد، «ليكتمل عقد الرابطة وتخرج بخطة عمل واضحة لعملها». يعتبر خاطر أن هناك ضرورة للقاء السياسيين بهدف شرح «وجع الأساتذة»، ويفسّر ذلك بعبارة: «أنا اذا بدي اطلب شي من حدا، لازم قول آخ قبل ما اطلب». ولكن الأساتذة والمعلمين والموظفين يقولون «آخ» منذ أكثر من ثلاث سنوات. يعتقد خاطر ان «الواجب» ان يبلغ السياسيين الذين لم يستمعوا سابقاً ان الـ«آخ» بعدها قائمة. وتشير مصادر في الهيئة التنسيق الى أن خاطر سبق ان تواجه مع احد النقابيين المطالبين بالعودة الى الشارع، حينها ردّ عليه بأن الهيئة «تتحرك في الشارع منذ 3 سنين وما طلع شي»، علماً بأن خاطر قال لـ«الأخبار» إن رابطة الثانوي «غير معنية بتحرك 5 آذار».
الاخبار
حقنة غرزت في بطن بابلو نيرودا مساء 23 أيلول (سبتمبر) عام 1973، أدّت إلى وفاته، في مستشفى في العاصمة سانتياغو، حيث كان يتلقى علاجه من السرطان. هذه رواية متأخرة حول موت الشاعر التشيلي، صرّح بها سائقه الشخصي السابق مانويل آرايا لصحيفة مكسيكية عام 2011. رواية أعادت فتح قضية وفاة الشاعر بعد 4 عقود، تقريباً، على رحيله.
في العام نفسه، ضغط الحزب الشيوعي التشيلي على القاضي ماريو كاروزا لإجراء فحوص لجثة نيرودا، ليصدر القاضي قراره عام 2013. منذ ذلك الوقت، تتنقل رفات بابلو نيرودا بين مختبرات الطب الشرعي في سانتياغو ونورث كارولاينا ومورسيه الإسبانية. هل قتل نظام بينوشيه الشاعر الشيوعي، قبل يوم من هربه إلى المكسيك، وقبل سنة من إصداره 8 دواوين للاحتفال بعيد ميلاده السبعين؟ لا أحد يعلم، أقله حتى الآن. للمصادفة، توفي نيرودا بعد 12 يوماً من إطاحة بينوشيه بالحكومة الاشتراكية، وقتل الرئيس سلفادور الليندي، بمساعدة الاستخبارات الأميركية. كان الشاعر المشارف على بلوغ السبعين حينها، لا يزال في عزّ نشاطه السياسي، وكان يعتزم الذهاب، في اليوم التالي من وفاته، إلى المكسيك لتعبئة المعارضة التشيلية ضد نظام بينوشيه الديكتاتوري. ووسط عدم توصل الفحوص إلى أي أدلّة تؤكد فرضية قتله، أعادت الحكومة التشيلية إثارة القضية مجدداً في 21 كانون الثاني (يناير) الماضي، وأمرت بالبدء بفحوص جديدة في مختبر في سويسرا. خطوة كان من شأنها أن تعطي أملاً لمحبي نيرودا ربما، لولا قرار القاضي كاروزا الصادم والمستنكر من قبل أقارب نيرودا. رغم عدم إعلان انتهاء التحقيقات والفحوص الرسمية حتى الآن، أمر كاروزا، قبل أيام، بإعادة رفات نيرودا في نيسان (أبريل) المقبل إلى قبره إلى جانب زوجته الثالثة ماتيلدي أورتيا، أمام منزله الساحلي في جزيرة نيغرا. يبدو أن هناك من لا يزال يحيي طيف بينوشيه الذي لاحق نيرودا، وطيف السياسة الذي ظلل شعره المليء بالسريالية، والمناخات الغرائبية والعاطفية والإيروتيكية. ليس علينا سوى انتظار نتائج الفحوص الجديدة في سويسرا، على أمل أن تحرر نيرودا من رواية نظام بينوشيه الرسمية لأسباب موته.
للمرة التاسعة يرفض القضاء الفرنسي إطلاق سراح المناضل جورج عبدالله، إذ رد اليوم الخميس الطعن المقدم من عبدالله مبقيا على اعتقاله في السجون الفرنسية، ما أثار حملة احتجاج في لبنان، فيما اتصل جورج بأصدقائه في لبنان ليكونوا يدا واحدة ويهتموا ببعضهم أكثر. و اعتصمت عائلة عبدالله وأصدقاؤه أمام الجامعة اليسوعية اليوم الخميس، وذلك بعد أن منعتهم القوى الأمنية من الوصول إلى السفارة الفرنسية. وأكد المشاركون أنهم مستمرون بالهتاف لحرية الأسير المناضل ولن يحبطهم القرار الفرنسي ولا تخاذل الدولة اللبنانية. إلى ذلك، اعتبرت الحملة الدولية لإطلاق عبد الله أن "جورج رهينة لبنانية في السجون الفرنسية"، مشيرة إلى أنه بات "أمانة في أعناق المقاومتين الفلسطينية واللبنانية، داعياً إلى اعتماد الآلية المناسبة لإطلاق سراحه، لأن القضاء الفرنسي قد خضع للأسف للتدخّلات الصهيونية والأميركية". وأسفت اللجنة لأن الآلية القانونية لوضع عبد الله أصبحت بحكم "الميتة"، خصوصاً وأن عليه الانتظار سنتين ونصف السنة للمثول أمام لجنة قضائية جديدة لتقديم طلب إخلاء السبيل. ("موقع السفير")