هيئة التنسيق النقابية «معطّلة»، وجميع تحرّكاتها الممكنة من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب «معلّقة» الى أجل غير مسمى. بمعنى ما، باتت قيادة الهيئة تتماهى كلياً مع ما تمليه عليها «أحزاب السلطة»، التي شكّلت ائتلافاً في ما بينها وأقصت كل النقابيين غير المرتبطين إلا بمصالح من يمثلونهم. يبدو أن قيادة الهيئة مصممة على إعادة إنتاج نظير «الاتحاد العمالي العام»
حسين مهدي - الاخبار
عقدت هيئة التنسيق النقابية اجتماعاً لها في 19 الشهر الجاري، قررت على أثره عقد مؤتمر صحافي يوم الخميس في 26 من الشهر الجاري (أمس)، تمهيداً للعودة الى التحرك، بدءاً من تنفيذ الإضراب العام والاعتصام يوم الخميس 5 آذار المقبل. أمس، أصدرت الهيئة بياناً مفاجئاً تعلن فيه تأجيل المؤتمر الصحافي «الى أجل غير مسمى». يقول أعضاء داخل قيادة الهيئة إن «تأجيل المؤتمر الصحافي يعني تأجيل كل تحرّك... وإن قيادة الهيئة لا تمتلك حالياً أي خطّة سوى السعي للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام، بحضور وزير التربية الياس بو صعب».
أسباب «التأجيل» ليست تقنية أبداً، بل سببها الرئيسي خضوع قيادة الهيئة كلياً لسيطرة المكاتب الحزبية وإقصاء النقابيين المستقلين عن الأحزاب. وبحسب المصادر، فإن الخلاف الحالي يدور حول النهج الذي يفترض بقيادة الهيئة الجديدة أن تتبعه في علاقاتها مع السلطة السياسية. فلم تتفق مكونات هيئة التنسيق منذ شهر ونصف من الاجتماعات على خطة عمل، وكل ما تقرر، نتيجة إصرار من قيادة رابطة التعليم الثانوي، هو التشاور مع المسؤولين السياسيين.
تشير المصادر الى أن وزير التربية الياس بو صعب تطوّع، في اجتماعه الأخير مع قيادة الرابطة، لأخذ موعدين من كل من بري وسلام. ولكن أياً منهما لم يستعجل إعطاء موعد للقاء الهيئة. وعلى الرغم من أن بو صعب لم ينجح بما تطوع للقيام به، إلا أن قيادة الرابطة لا تزال مصرة على الالتزام بعدم القيام بأي تحرّكات. وتعطي المصادر دليلاً على عدم جدّية أي تهديد بالعودة الى التحرّك، اذ ان بيان هيئة التنسيق الصادر في 19 من الشهر الجاري تحدّث عن انعقاد مجالس المندوبين والجمعيات العمومية في الروابط للتصويت على الإضراب العام والاعتصام يوم الخميس 5 آذار المقبل، «إذا لم تفض الاتصالات إلى نتائج إيجابية»، الا ان اي دعوة لم تصدر عن اي رابطة لعقد مجالس المندوبين والجمعيات العمومية، وهو ما عدّته المصادر تراجعاً كبيراً في مستوى الممارسة الديموقراطية التي طبعت تجربة هيئة التنسيق في الفترة الماضية. مصادر في الهيئة شرحت لـ»الأخبار» أنه كان لنتائج انتخابات الهيئة الادارية لرابطة التعليم الثانوي التأثير الأكبر على ما يجري داخل هيئة التنسيق النقابية، فهذه الرابطة التي كانت تلعب دور «رأس الحربة» باتت تلعب اليوم دور المعطّل لأي تحرّك، من خلال فرض التأجيل المتعمد، وهناك تخوّف من أن يتحول التأجيل الى تعطيل كامل للهيئة. الرئيس الجديد لرابطة أساتذة التعليم الثانوي، عبده خاطر، رد سبب تأجيل المؤتمر الصحافي، والتالي تأجيل التحرك المقرر في 5 آذار، الى أسباب «لا نعتبرها أساسية»، اذ ان عقد المؤتمر الصحافي أو عدمه يرتكز «على تأمين موعد للقاء كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب». السبب الثاني للتأجيل، بحسب خاطر، ان انتخابات الفروع والمقررين يفترض أن تنتهي نهار الأحد، «ليكتمل عقد الرابطة وتخرج بخطة عمل واضحة لعملها». يعتبر خاطر أن هناك ضرورة للقاء السياسيين بهدف شرح «وجع الأساتذة»، ويفسّر ذلك بعبارة: «أنا اذا بدي اطلب شي من حدا، لازم قول آخ قبل ما اطلب». ولكن الأساتذة والمعلمين والموظفين يقولون «آخ» منذ أكثر من ثلاث سنوات. يعتقد خاطر ان «الواجب» ان يبلغ السياسيين الذين لم يستمعوا سابقاً ان الـ«آخ» بعدها قائمة. وتشير مصادر في الهيئة التنسيق الى أن خاطر سبق ان تواجه مع احد النقابيين المطالبين بالعودة الى الشارع، حينها ردّ عليه بأن الهيئة «تتحرك في الشارع منذ 3 سنين وما طلع شي»، علماً بأن خاطر قال لـ«الأخبار» إن رابطة الثانوي «غير معنية بتحرك 5 آذار».