مادوينا سمعان - السفير
لم تأتِ صلابةُ الموقف والمسيرة النضالية الطويلة على الوجه الباهي لتلك المناضلة الحقوقية النسائية. والأبيض الذي كانت ترتديه يزيد ملامحُها الهادئة نعومة وإشراقاً، وسط شعر أبيض كثيف مسرّح يشي بسنين عمرها. سوف تحمل اليوم درعاً تكريمية جديدةً، من «الجمعية المسيحية للشابات ـ بيروت»، تُضاف إلى وسام الأرز من رتبة فارس الذي عُلّق ذات يوم على صدرها من بين أوسمة ودروع أخرى. بعدما اخترقت صفوف النساء الرائدات في العالم، فاختارتها «مجلة ماري كلير» واحدة من بين مئة امرأة يحرّكن العالم. في بيتها، في مار الياس، كانت ليندا مطر قد جهّزت نفسها لاجتماع مسائي، هي التي تطفئ هذا العام شمعتها التسعين. بهدوء تستعيد دخولها العمل الحقوقي. فإذ بها المرأة التي انطلقت بنضالها من منزل ساواها كبنت مع أشقائها الصبيان. ومن منزل زوجي وقع فيه الزوج على عقد حرية القرار والعمل والتحرّك، قبل أن يوقّع على عقد الزواج. هو الذي بهر ابنة الستة عشر عاماً حين وقف بباب منزلها الأبوي في عين الرمانة، فتزوجته بعد سنة. على عكس ما يظنّه البعض لم يكن عملها في معمل الجوارب ولا بعده في معمل الحرير، نقطة التحوّل التي حملتها إلى النضال. لكنها احتفظت بالتجربة لتضيفها إلى الحادثة الأساسية التي أدخلتها «لجنة حقوق المرأة اللبنانية»، فتروي: «كان يوماً انتخابياً، وكنت أمرّ بالشارع حيث أسكن، فإذ بسيارة تركن أمام بيت الجيران قبل أن يصطحب سائقها ابن جيراننا المعوّق ذهنيّاً ويختفي به. ركضت إلى أمه وسألتها: يا أم جورج إلى أين أخذوا ابنك؟ فردّت: لا أدري سيعطونه ورقة ليسقطها في صندوق الانتخاب ثم يعيدونه». أثارت كلمات الجارة غضباً داخل الإبنة ومن ثم الزوجة المدللة: «قلت في نفسي: هو معوّق ذهنيّاً وينتخب، وأنا بكامل عقلي وممنوعة من الاقتراع». بعد أيام، تطرق بابها سيدتان تعرّفان بنفسيهما كعضوين من «لجنة حقوق المرأة اللبنانية»، تعرّفانها بأهداف الجمعية وتحثانها على توقيع عريضة الحق بالاقتراع والترشح إلى الانتخابات النيابية. تقول مطر: «ربما ورد إليهما بالتواتر عن غضبي من قصة اقتراع جاري الفتى. فأنا لا أظن أنهما وصلتا إليّ صدفة». المهم أن تلك كانت نقطة التحوّل التي حملت ليندا مطر إلى ميدان النضال بانتسابها إلى اللجنة. وكان ذلك بداية الخمسينيات. واستهلّت بداية نشاطها بتأسيس فرع للجنة في منطقة عين الرمانة، ثم توسّعت لتترأس فرع منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت. وراحت تعرّف النساء بحقوقهن. تذكر أنها كلما أرادت أن تتحدث في مؤتمر للجنة عن نشاطها كمسؤولة فرع، كانت ترتجف وتخاف. ومع ذلك انتخبت أمينة سرّ ثم رئيسة بعدما ألحّت الرئيسة السابقة ثريا عدرا على التنحي وتسليمها. تروي مطر: «شجعت صديقة على الترشح للرئاسة وكانت تحمل شهادة الدكتوراه، لكن عدرا رفضت رفضاً قاطعاً وأصرّت على تسليمي. كان ذلك في العام 1978. واستمر بي الأمر حتى العام 2010 حين هددت الأعضاء بالاستقالة إذا لم ينتخبن رئيسة جديدة غيري على الأقل احتراماً لمبدأ تداول السلطة وهكذا كان». وتشير مطر إلى أن اللجنة كانت تعمل من دون رخصة لأن المسؤولين استوقفتهم أهداف اللجنة التي تنادي بعمل المرأة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، و «بالطبع استوقفهم الشقّ السياسي في العمل». تضيف أن هناك من كان يرفض الاحتفال بيوم المرأة في الثامن من آذار، على أساس أنه «عيد مستورد»، إلى أن وقع لبنان «اتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة» مع فيتو على بندين، بند الحقوق المتساوية مع الرجل وبند إعطائها الجنسية اللبنانية لأولادها. لا تندم مطر على خوضها الترشح للانتخابات النيابية العامين 1996 و2000، علماً أنها انسحبت في الأخيرة قبل يوم الاقتراع. وتذكر أنها ترشحت باسم «المجلس النسائي»، لكن هناك من كان ضدّ ترشحها من داخله. تروي: «بينما كنت أعلن برنامجي، كان هناك سيدة واقفة على باب القاعة تحاول إقناع سيدات أخريات بعدم دعمي بسبب خلفيّتي الشيوعية. لم أواجهها يوماً، ولاسيما أنني كنت أعلم أن ترشيحي هو لتسجيل الموقف، فأنا بالطبع لن أنجح أمام مَن يملك المال وأمام مَن يأتي من بيت سياسي». تعتبر ليندا مطر أن المرأة حققت نجاحات، لكن ما زال أمامها الكثير لتحققه. تبدأ من قانون العمل الذي طرأ تعديل عليه يمنع صرف العاملة الحامل، بعد أن يمنع صرفها بعد بلوغ حملها الشهر الخامس. وتؤكد أن تجريم العنف ضد المرأة خطوة متقدمة. وتروي أن الخط الساخن للشكاوى «أنشأته رئيسة منظمة كفى زويا جريديني في إحدى غرف مقرّ اللجنة التي كانت عضواً فيها، ثم أرادت أن تستقلّ. حين أخبرتني باركت لها على اعتبار أنني الأم وهي البنت التي تريد أن تنتقل إلى بيت جديد، ومن هنا استمرّ التعاون». كتبت مطر سيرة حياتها في كتاب عنونته «محطات من مسيرة حياتي»، وهي اليوم تحتفل بعيد المرأة مرة جديدة بهدوئها المعهود، ولكن أيضاً بحزمها وإصرارها على نيل النساء كامل حقوقهن. تمضي بمسيرتها، علماً أنّها تدرك أن حقوق المرأة مرتبطة بخلاص الوطن، برأيها «إذا بقي لنا وطن فلن تطول جلجلة المرأة».
مفكرة
÷ في مناسبة اليوم العالمي للمرأة، ينظم مشروع إحلال الأمن والاستقرار (SSP) المموّل من الاتحاد الأوروبي و «التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني» ندوة حول قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، اليوم الثالثة بعد الظهر في قاعة «الجامعة الأنطونية» في زحلة. يشارك فيها كل من المحامية منار زعيتر، رئيس فريق المشروع تييري لامبوريون، خبيرة الاتصالات في المشروع كريستال نعمة الله، الخبيرة في المشروع ومديرة «منظمة عدل بلا حدود» المحامية بريجيت شلبيان، رئيس قسم الابحاث والدروس وقائد كلية الضباط في قوى الامن الداخلي المقدم ايلي الاسمر. ÷ دعت حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي»، للمشاركة في الاعتصام الذي سيحضره ناشطون وناشطات من جميع الدول العربية، ظهر الأحد الواقع في 22 الجاري، أمام السراي الحكومي. وتوجهت الحملة بالمعايدة من كل النساء، رافعة شعار أولوية التمسك بحقوق المواطنة غير منقوصة وبحق المرأة بمنح جنسيتها لأسرتها، مع اصرار على متابعة النضال لتحقيق المساواة في قانون الجنسية تكريساً لحق النساء في المواطنة الكاملة. ÷ تبدأ «منظمة كفى» اليوم عرض فيلم «بالقانون»، يدور حول قصة مقتبسة من وقائع حقيقية، لنساء تعرّضن للعنف ولجأن إلى القانون رقم 293 الذي أقرّ في الأوّل من نيسان 2014. إخراج دافيد أوريان، كتابة طارق سويد، إنتاج كريستين يواكيم، وبطولة مجموعة من الممثلات والممثلين، منهم برناديت حديب وعمّار شلق. في مجمّع «Le Mall» الضبيه، الثانية والنصف بعد الظهر. ÷ تحت عنوان «أم مربية مناضلة مبدعة»، ينظم «اتحاد الشباب الديموقراطي» الاثنين المقبل، في مركزه في بيروت، حفلاً تكريمياً لمناسبة يوم المرأة العالمي. المكرمات هن: الأم المناضلة أم خالد فوعاني، الفنانة عايدة صبرة، الزميلتان سعدى علوه وفاتن حموي، والمناضلة سيلفانا اللقيس.
تكريم
تكرّم «الجمعية المسيحية للشابات» الرئيسة السابقة لـ «لجنة حقوق المرأة» ليندا مطر، برعاية وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، عند السادسة من مساء اليوم، في المركز الثقافي للجمعية في عين المريسة.