ها هي الدولة بسياساتها الإقتصادية وحكوماتها المتعاقبة ، توافقيةً كانت أو غير شرعية ، تبشرنا بمزيدٍ من الغلاء . غلاء طاول ويطاول كل أشكال حياتنا ، من ألفها إلى يائها . ها هي البندورة تحقق رقماً قياسياً ، والبنزين يقارب الأربعون ألفاً ، إرتفع سعر الخبز ،وكم اشتقنا إلى الكهرباء ، أما عن المواد الغذائية فحدث ولا حرج ... ها هي حياتنا إلى مزيد من التراجع ، مهددين بفقر ينهش أجسادنا ، وبخط فقر وقعنا تحته منذ زمن ... ولكن ، لا قلق ، فالدول تسهر على راحتنا ، فهي تؤمن لنا التعليم المجاني ، والإستشفاء ، والوظائف المحترمة ، ولكبارنا نصيب ، فلهم ضمان شيخوخة وضمان إجتماعي يؤمن لهم رحت البال في خريف العمر ... اه عذراً ، دولتنا لا تشبه الدول بشيء ، فهي إن سهرت تسهر على خلق ضرائب جديدة وعلى أساليب ملتوية لسرقتنا في كل شكل ممكن ... لكن ، اليوم لن نخاطب دولتنا ، فهي مشغولةٍ بقرارٍ ظني وشهود زورٍ ومحاكم ومعارك دون فائدة... اليوم ، نخاطبكم أنتم ، اخوتي الفقراء ، يا من تجمعنا المعاناة ، يا من نشر سوياً على ضوء الشموع ، يا رفاقنا في البطالة ، يا من نحمل سوياً هموم الحياة ... معكم نتحدث ، بلغةٍ نفهمها أنتم ونحن إلى متى سنبقى شهود زور ؟ أليس الساكت عن ألحق شيطان أخرس ؟ إلى متى سنبقى نتفرج ؟ الصمت هتك فينا !! إلى متى سنبقى مفرقين مبعثرين ، تفرقنا الأوهام والحواجز الوهمية ؟ أليس ما يجمعنا أعمق بكثير من ما يزرعون في عقولنا أنه يفرقنا ؟ ما الفرق بين فقراء الجنوب والضاحية والهرمل ، فقراء القبة وطرابلس وعكار ، فقراء الكرنتينا وبرج حمود ؟ أليست معاناتنا واحدة ؟ ألسنا سوياً نعاني من البطالة ؟ ألا نشحد سوياً تأشيرةً على أبواب السفارات ؟ يا اخوتي الفقراء ، خسرنا كل شيء ، كنا وقود الحروب وضحينا بالغالي والنفيس لمصلحة زعماءٍ تركونا عندما حان وقت جمع الغنائم ... يا اخوتي الفقراء ، خسرنا كل شيء ، خسرنا كل شيء .. يا اخوتي الفقراء ، لكم رفاق ادركوا الواقع ، فرفضوه ، رفضوا أن يقبلوا بهكذا واقع ، مثلما رفضنا جميعاً الذل والعيش ضد الإحتلال فقاومنا ، هم رفضوا الواقع ، ذل الواقع ، وقرروا المقاومة ، مقاومة سلطةٍ تأخذ في اذلالنا في لقمة عيشنا ، رفاقٍ لكم حسموا خيراتهم وقررو الموجهة ، سلاحهم فقرهم ومعاناتهم ، حناجرهم وقبضاتهم ، يعتصمون ، يصرخون ويتظاهرون ... يا اخوتي الفقراء ، رفاقكم في انتظاركم ... سوياً ، ستخوضون معارك ضد جلاد يستبيحكن ويستبيحنا ... يا اخوتي الفقراء ، خسرنا كل شيء ... يا اخوتي الفقراء ، هيا بنا نتوحد ، فبوحدتنا لن نخسر شيئاً سوى فكرنا ، وامامنا علم بأكمله لنربحه ... يا اخوتي الفقراء ... كما وقمنا بسماع اراء بعض الناس المتضررون من هذه الحالة فمنهم من قال : انخرج و لا احد يسمعنا فقد اصبحنا مهمشين لا نذكر الا في موعد الانتخابات ومنهم من قال لا نرى نشاط الزعماء الا عند انتخابهم والاخر قال ان الحالة لا تتاق و يجب و ضع حل لاننا لا نقدر على العيش في مثل هذة الظروف التعيسة و باي طريقة وانا اتسائل اين اصحاب المشاريع الانتخابية التى تلقى على المنابر اهي حبر على ورق ام ماذا؟؟؟!! فهي بنا يد واحدة و فكر واحد و قضية واحدة لنقضي على هذا الاستغلال ...
اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني يستنكر الاعتداء على أعضائه ويتضامن معهم
توجه الرفيق محمد حطيط عضو المجلس الوطني في الاتحاد مع زوجته الرفيقة سارة دغمان الى سريلانكا لقضاء شهر العسل هناك. ونظراً للعلاقات الرفاقية القديمة والمميزة التي تجمع اتحادنا وخاصة الرفيق حطيط مع الشبيبة الاشتراكية في سريلانكا فقد اتصلوا بالرفيقين ودعوهما الى حضور احدى الفعاليات التي تقيمها الشبيبة هناك وذلك نهار الاربعاء الماضي.
اليوم الجمعة تفاجأ الرفيقان بالشرطة السريلانكية تأتي الى الفندق حيث ينزلون وتلقي القبض عليهما وتأخذهما الى التحقيق، حيث بقوا لعدة ساعات دون امكانية تواصل مع أحد، وتم تخيير الرفيقين بين الحجز الاحتياطي في الاعتقال لحين موعد السفر وبين الترحيل فوراً الى لبنان، بحجة مشاركتهما بنشاطات سياسية غير مشروعة في سريلانكا. وعند منتصف ليل الجمعة-السبت جرى ترحيل الرفيقين بالاكراه الى بيروت حيث وصلا صباح السبت.
إن اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني يستنكر بشدة هذا العمل غير المبرر والقمعي الذي مارسته السلطة هناك ضد رفاق لنا لم يقوموا بأي عمل مخل للقانون والنظام وكان ذنبهما الوحيد حضور تجمع شبابي-طلابي.
إن هذا النوع من أنواع القمع السياسي والترهيب ما هو إلا نموذج عن حالة عامة من أنظمة القهر والفساد والتسلط التي تحكم في الكثير من دول العالم، حيث ترهب شعوبها وتضعها تحت الترهيب ومصادرة الحقوق السياسية.
في هذا الاطار نعبر عن تضامننا مع الشبيبة الاشتراكية السريلانكية المنظمة الشقيقة والصديقة لنا في سريلانكا ومع شباب سريلانكا بوجه هذه الهمجية السلطوية، التي صارت تقمع زوار ذلك البلد الجميل مثلما تقمع مواطنيه.
سكرتاريا المكتب التنفيذي
اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
بيروت 20-11-2011
خالد صاغية في خطابه الأخير، أحيا السيّد حسن نصر اللّه الأمل بجدّية المساعي السعوديّة ـــــ السوريّة لتجنيب لبنان المفاعيل المرّة للقرار الاتهامي المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية. بعد أقلّ من أسبوع، جاء كلام رئيس الحكومة سعد الحريري عن اتّفاقه ونصر اللّه ورئيسَي الجمهوريّة والنوّاب بشأن عدم السماح بإحراق البلاد. يمكن الاستخلاص من كلام الرجلين أنّ تسويةً قريبة تلوح في الأفق. وهي تسوية لا بدّ أنّ جوهرها هو مقايضة الحكم بالمحكمة، وإن كانت مقايضة غير كاملة. فالحريري لا يملك سلطة إلغاء المحكمة أو منع صدور قرارها الاتهامي، وجلّ ما يستطيعه هو الإدلاء بموقف يحدّ من مفاعيل القرار لبنانيّاً. وفي المقابل، لا يبدو أنّ عرض نصر اللّه القديم بالعودة إلى تقسيم العمل «السوري» بين المقاومة والإعمار، يمكن أن يبقى سارياً. فرغم انتهاء فترة المراهقة السياديّة واعتراف الجميع بمظلّة التحكيم السعوديّة ـــــ السوريّة، لا مكان في التقسيم السابق للقوى المسيحيّة وعلى رأسها التيّار الوطني الحرّ. فما بالك إن كان ذاك التيّار يرفع شعار التغيير والإصلاح؟ أضف إلى ذلك أنّ لبنان ليس في عام 1993 يوم تسلّم الحريري الأب السلطة. فلا وقت للتجريب، ولا طاقة للمواطن أو للاقتصاد عموماً على تحمّل حقبة أخرى من النهب المنظّم. والنهب، وإن بدا لوهلة جزءاً من ميراث اللغة الخشبيّة، فهو في لبنان جزء من اللغة الحيّة، والحيّة جدّاً. إنّه موجود في الدين العام الذي تراكمت فوائده من دون استخدامه لأيّ نوع من أنواع التنمية. إنّه موجود في الحاجات الأساسيّة غير المتوفّرة، من ماء وكهرباء وتعليم رسمي ومستشفيات حكومية. إنّه موجود في سعر صفيحة البنزين والعشرة بالمئة على كلّ ما نستهلكه أو نتنفّسه، والتي لا نحصل على شيء مقابلها لأنّ سندات الخزينة بحاجة لمن يدفع فوائدها. إنّه موجود مع إقلاع كلّ طائرة من مطار بيروت. إنّه موجود داخل كلّ مستوعب نفايات. إنّه موجود في قلب المدينة المعزول عن سكّانها. لا بدّ لتسوية أن تأخذ طريقها في لبنان. تسوية تجعل اللبنانيّين يسلّمون بسعد الحريري رئيساً للحكومة، حتّى لو كان عاجزاً عن تلاوة البيان الوزاري لحكومته، وعن إدارة نقاش داخل مجلس الوزراء، وحتّى لو كانت ملعقة الذهب تحجب عنه رؤية حقيقة من يمثّلهم. تسوية تجعل اللبنانيين يصرفون النظر عن البحث عن اتفاق بديل للطائف رغم كلّ ثغره. تسوية تجدّد مرّة أخرى القبول بمنطق المحاصصة الطائفيّة. لكنّها تسوية لا يمكنها إعادة تشريع أبواب البلاد أمام حيتان المال لتنهش لحمها. البلاد لا تتحمّل ذاك القرار الاتّهامي. لكن ثمّة من يريد تحميلها في المقابل ستّين ملياراً من الديون مرّة أخرى. لذلك، ربّما، كلّما اقتربت التسوية، ازدادت الحملة على شربل نحّاس.
عدد الجمعة ١٩ تشرين الثاني ٢٠١٠
طلبت إسرائيل من الاتحاد الروسي رسمياً إعادة النظر في العرض الذي قدّمته موسكو للحكومة اللبنانية لتسليح الجيش اللبناني بمروحيات ودبابات روسية.
وطلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من نائب رئيس الوزراء الروسي فيكتور زوبكوف، الذي يزور إسرائيل، في اجتماعهما أمس الأول في القدس المحتلة، أن تعيد روسيا النظر في قرارها تزويد لبنان بالأسلحة.
وأشار نتنياهو إلى أن الصفقة التي يبدو أن روسيا معنية بإبرامها مع لبنان والتي عرضها رئيس الحكومة الروسي فلاديمير بوتين في لقائه مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري قبل أيام، سوف تصل الأسلحة المشمولة فيها إلى «حزب الله». وقال نتنياهو لزوبكوف إن كل سلاح يقدم للجيش اللبناني قد يصل إلى «حزب الله».
وقدم نتنياهو أمثلة من الماضي «حول كيفية وصول أسلحة روسية تم تزويد سوريا بها إلى «حزب الله»، وخصوصا صواريخ مضادة للدبابات». وقال إن «حزب الله» استخدم هذه الأسلحة ضد الجيش الإسرائيلي في عدوان تموز 2006.
وبحسب ما نشر في الصحافة الاسرائيلية، فإن الصفقة الروسية تشمل تزويد الجيش اللبناني بست مروحيات حربية من طراز إم إي 24 و31 دبابة من طراز تي 72 و36 مدفعاً من عيار 130 ملمتراً ونصف مليون قذيفة لهذه المدافع.
وكانت إسرائيل اعترضت أمام الأميركيين على تسليح الجيش اللبناني وتقديم مساعدات له بدعوى أن كل سلاح يصل لبنان سيصل في نهاية المطاف الى الحزب. وعرقلت لفترة مثل هذه المساعدات إلى أن تمكنت الإدارة الأميركية من تمرير الأمر في الكونغرس. وأقنعت إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما الكونغرس بأن لديها من الضمانات ما يكفي لعدم وصول هذه الأسلحة الى «حزب الله». ولكن ذلك لم يقنع إسرائيل او حلفاءها في واشنطن.
وتنبع الخشية الإسرائيلية من الأسلحة الروسية للبنان من كونها لا تخضع لأية اشتراطات بشأن استخدامها. وقالت مصادر إسرائيلية إن العرض الروسي تمّ بالتنسيق مع سوريا. وهناك من يعتقد أن الصفقة الروسية مع لبنان تخدم مؤيدي تسليح أميركا للجيش اللبناني، على أمل منع الصفقة الروسية من ناحية ومواصلة مراقبة استخدام الجيش اللبناني للأسلحة التي لديه. («السفير»)
- حدث في 19 تشرين الثاني-
1493 - كريستوف كولومبوس ينزل على جزيرة بورتوريكو في العالم الجديد.
1951- القوات البريطانية تحتل مدينة الاسماعيلية في مصر.
1951- استخدام مفاعل نووي لتوليد الطاقة للمرة الاولى في بريطانيا.
1970- الدول الست الاعضاء في المجموعة الاوروبية تحاول للمرة الاولى التفاهم على سياسة خارجية مشتركة.
1977- انور السادات يقوم بزيارة استغرقت 44 ساعة لاسرائيل ويلقي خطاباً في مقر الكنيست في القدس.
1990 - دول حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو توقع في باريس إعلانًا ينهي الحرب الباردة.
1992 - روسيا وكوريا الجنوبية توقعان معاهدة صداقة.
1995- 15 قتيلا في اعتداء على السفارة المصرية في اسلام اباد.
2002- غرق ناقلة النفط "بريستيج" المحملة ب77 الف طن من الفيول قبالة سواحل غاليسيا في اسبانيا يودي الى تلوث مئات الكيلومترات من السواحل.
2003- القوة الدولية للمساعدة على احلال الامن في افغانستان تقرر توسيع مهامها خارج كابول.
2004- مجلس الامن الدولي يعقد اجتماعا استثنائيا حول السودان في نيروبي، هو اول اجتماع يعقده خارج مقره في نيويورك منذ 14 عاما.
2005 - إفتتاح مؤتمر الوفاق العراقي في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة بحضور الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري ومندوبين عن كافة الأطياف السياسية ومختلف التيارات الدينية والعرقية وبعض الشخصيات بالعراق. القوات الأميركية ترتكب مجزرة في مدينة حديثة العراقية.
فداء عيتاني الصورة اليوم كالتالي، رئيس الجمهورية ميشال سليمان زار سوريا بعد سلسلة من المعلومات التي تتحدث عن الاستياء السوري من الخطوات الأخيرة التي قام بها، وبعد توافر معطيات بأن سوريا تفضّل أن يُستعاد حضورها بطريقة ما على المستويات كلها، بما فيها رئاسة الجمهورية. فقطع رئيس البلاد الطريق على أي محاولة للاصطياد في الماء العكر بينه وبين دمشق، وذهب طاوياً المسافة في زيارة معايدة لأهل دمشق. رئيس الحكومة سعد الحريري قرر من روسيا أن هناك أربعة أشخاص لن يسمحوا للحريق أن يلتهم لبنان، وهم إضافة إليه شخصياً، طبعاً، رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مستبعداً أن يؤدي صدور القرار الاتهامي إلى نشوب الحريق في البلاد. والضمانة هي الأشخاص الذين ذكرهم. إضافة إلى إعادة الرئيس الحريري خط الاتصال بدمشق، وبدئه تمهيد السبل للتراجع خطوة إلى الوراء تاركاً مساحة كافية لتسوية مزمعة، بعد كل تعنّته الماضي وصلفه، وتخيله بأنه مجرد أن يقول لا فإن الدنيا ستتوقف والأرض ستكفّ عن الدوران. في المقلب الآخر، فإن المعارضة بعد أن استفاقت على ضرورة الدفاع عن الوزير شربل نحاس بصفته الوحيد ضمن تركيبتها القادر تقنياً وسياسياً على مواجهة شراسة فريق فؤاد السنيورة واستغبائه الدائم للمواطنين والقيادات المعارضة على السواء، بعد ذلك، عادت المعارضة وغابت في خدر السجال حول الجزء الشمالي من قرية الغجر، وبقايا أيام العيد. في هذا الوقت، مع اقتراب استحقاق التسوية بين الأطراف المحلية، فإن بعض من لا عمل لهم في فريق رئيس الحكومة وقوى 14 آذار التفتوا إلى ما بقي في جعبتهم من شعارات لم تكسد ولم يحصل عكسها، فلم يجدوا شيئاً على الإطلاق، فراحوا يتحدثون عن الهموم المعيشية للمواطن اللبناني، وهم أنفسهم الذين كانوا إلى لحظة قريبة يدافعون عن رفع الضريبة على القيمة المضافة، وتمويل الهدر الرسمي من جيوب المواطنين. ولتكتمل الصورة لا بد من الإطلالة على نحو العشرة في المئة من المقيمين على الأراضي اللبنانية بصفة لاجئين، إي الفلسطينيين في المخيمات وفي مناطق الوجود، وهؤلاء لا يزالون إلى اللحظة في حسابات السياسيين المحليين، وخصوصاً تيار المستقبل، يعدّون وقوداً لأي صراع مع حزب الله. لكن المصلحة الفلسطينية اقتضت أن يُحيد الوجود الفلسطيني في لبنان عن هذا الصراع الداخلي، وهو ما دفع قوى، على رأسها حركة حماس في لبنان، إلى وضع تصور مكتوب حول الموقف الفلسطيني الذي يجب اتخاذه للحفاظ على سلامة الشعب الفلسطيني في لبنان من ناحية، وللوقوف على الحياد في الملفات اللبنانية الداخلية، وقد عُمم هذا التصور على القوى والفصائل الفلسطينية، ويفترض أن هناك ما يشبه الإجماع على التصور، وإن كان لا يزال النقاش يجري حوله. طبعاً، فإن حماس، من جهتها، لن تقف مكتوفة الأيدي تتفرج على حزب الله يتعرض للهجوم، لكنها أيضاً لن تسمح بأن يتحول الفلسطينيون في لبنان إلى مجرد مرتزقة في صراعات يقف خلفها الأميركيون وحلفاؤهم المحليون، وبعض الضباط السابقين في القوى العسكرية اللبنانية، الذين تحولوا إلى كوادر عسكرية وأمنية لدى تيار المستقبل، يراهنون على أن الشبان الفلسطينيين هم من سيحمل السلاح في المعركة المقبلة، إلا أن هذا الرهان ليس في مكانه على الإطلاق. لا مصلحة لأحد في استمرار التصعيد السياسي في البلاد، خصوصاً أن لا أحد يملك أي آفاق أو مشاريع جدية محلياً، وإذا كانت المعارضة بقواها مجتمعة تبدأ باتهام الآخرين بالعمالة للغرب وللعدو الإسرائيلي، فهي في النهاية تعود كما جرت عادتها إلى تجرع الكأس المرة والجلوس مع هؤلاء، بينما كل الخطابات التي ألقيت على منابر قوى 14 آذار تقود في النهاية إلى الانصياع لأي تمنٍّ ملكي سعودي، والتراجع أمام العاصمة السورية. يبقى أن ما تحاشاه سعد الحريري طوال الفترة الماضية من تكذيب ما قاله الأمين العام لحزب الله بخصوص القرار الاتهامي، عاد ووقع فيه خلال زيارته (الحريري) إلى روسيا، حيث قال إنه لا يعلم مضمون القرار الاتهامي بجريمة اغتيال رفيق الحريري، علماً أنه ترك خلال المرحلة الماضية أتباعه وجماعته يتولّون الرد على ما قاله الأمين العام لحزب الله، من أن الحريري نفسه أبلغه باتجاه القرار الاتهامي إلى لصق العملية بعناصر من حزب الله. في كل الأحوال، فإن الأمور تستكمل استدارة واسعة لتعود وتحط رحالها في دمشق، حيث يبدو أن المسوؤلين اللبنانين لا يستغنون عن القرار السوري بشأن بلادهم وأحوالهم.
عدد الجمعة ١٩ تشرين الثاني ٢٠١٠
السفير: عينان: الأولى تحدّق على نحو متذمّر، بشبّان يرفعون أرغفة خبز ولافتات تشتم الحكومة. والعين الثانية ترى، من السيارة، شبانا يردّدون شعارات حانقة على الدولة، ويوزعون حبّات «السكاكر» بمناسبة عيد الأضحى. عندما يفتح المارّة حبّات «حلوى» العيد، سيجدون نتفا من الخبز ملفوفة بورقة تسأل «.. بأي حال عدت يا عيد؟».
الوجوه نفسها التي كانت تتجمهر بمحاذاة مجلس النواب، احتجاجاً على الغلاء المستشري وارتفاع سعر ربطة الخبز، انتقلت أمس للاعتصام، للمرة الثانية، تحت جسر «الكولا».
غير أن اعتصام الأمس جاء بمناسبة حلول العيد وسط غلاء الأسعار: القضية التي يصرّ «اتحاد الشباب الديموقراطي» على الاستمرار في إثارتها، من زاوية مختلفة في كل مرّة، ولو بمشاركة أعداد ضئيلة من المعتصمين.
لم يأتِ اختيار «الاتحاد» لمكان الاعتصام عن عبث، بل نتيجة تجربة عاشها، في خلال تظاهراته السابقة، في وسط البلد الذي يعدّ منطقة «برجوازية»، يصعب فيها مخاطبة سائقي السيارات والمارة، أو توزيع قصاصات الورق عليهم، أو الدردشة معهم، وهم الفئة المستهدفة. يختلف الأمر في منطقة الكولا المأهولة بالسكان والتي تعجّ دوما بالمارة.
عندما وصل المعتصمون إلى المنطقة الواقعة تحت الجسر الذي تدّلت منه لافتة عملاقة تقول «من بندورة الله يا محسنين»، بدأت عدد آليات الجيش اللبناني يرتفع من آلية صغيرة ليصل إلى ثماني آليات ترجل منها «العسكر»، فأضيفوا إلى لائحة المستهدفين في هتافات الشبان المعتصمين: «عسكر عسكر ليه.. إحنا بنسرق ولاّ إيه؟». كان صوت الشاب الهاتف يعلو ويقوى أكثر مع ترداد المعتصمين للعبارة.
بدا مشهد الأمس أكثر حيوية من تظاهرات «الاتحاد» السابقة، انسجاماً مع طبيعة المكان المكتظ بالسيارات والمارة، ما دفع المعتصمين إلى رفع السقف أكثر عبر محاولات متكررة، بين الدقيقة والأخرى، تركزت على قطع الطريق. غير أن المواجهة بدت حتمية: إصرار الجيش على لجم المحاولات، وارتفاع أصوات أبواق السيارات كتعبير عن غضب سائقيها.
تعكس لافتة «البندورة» المتدلية من أعلى الجسر إلى أسفله، انطباعاً كوميدياً بسبب العبارة التي أرفقت بها: «بحبك يا غالي». انطباع سرعان ما يتلاشى مع وجود شبان بثياب ممزقة، يرفعون لافتات تمثّل مطالبهم: «أيها العيد.. تنذكر وما تنعاد»، و«انهض وناضل»، و«إلى من لا يهمه الأمر. إلى غير المبالي. إلى من ليس معنا اليوم: قم وتحرّك».
يتلاشى المشهد الكوميدي أكثر، بعد الإنصات إلى الشعارات التي يرددها الشبان، بأصوات مدوية توجهت إلى سائقي السيارات: «انتبهوا انتبهوا يا حكّام.. بكرة الشعب بيتحرّك». كأنهم يقولون لهم، للشعب، انه سيتحرّك يوماً. يردد الشبان العبارة نفسها. تضعف قوة الصوت، بخجل، عند الوصول إلى الشطر الثاني من العبارة: «بكرة الشعب بيتحرّك»، ربما لأن شريحة من «الشعب» اتخذت على عاتقها الإجابة بطريقتها الخاصة: أبواق سيارات أقوى من صوت الشعار المنادي للتحرّك.
تركن سيارة رباعية الدفع، وفي داخلها أربع فتيات شقراوات. تستغرب الشابة الجالسة خلف المقود مشهد الشبان الذين وفدوا إلى الاعتصام بثياب ممزقة، تحاكي صورة أرادوا إرسالها: «هذه ثيابنا، نحن الفقراء. إنها ثياب عيدنا». يطلب أحد الشبان من زملائه أن يفسحوا الطريق بغية مرور السيارة، إلا أن الفتيات يرفضن المغادرة، ويشاركن بالاعتصام بما تيسّر لهنّ: مسجلة صوتية تصدح بصوت مارسيل خليفة.
يشق شاب، يحمل بإحدى يديه مكبّر الصوت، طريقه بين السيارات، وخلفه يسير المعتصمون. يقول الشاب، موجهاً الحديث إلى سائقي السيارات: «هل أنتم سعداء بالمشهد؟ هل تشفقون علينا، أم على أنفسكم؟ لماذا لا تشاركوننا؟ هل تنتظرون موعد الانتخابات؟ أنت، ماذا تنتظر؟ الانتحاب على الغلاء؟ هل تنتظر اليوم الذي لن تؤمن فيه أقساط أولادك المدرسية، أو لقمة عيشهم؟ هيا، ترجلّوا من سياراتكم... ماذا تنتظرون؟». لا جواب. أبواق سيارات فقط...
يستكمل المعتصمون اعتصامهم تحت أشعة الشمس الخريفية، ووسط شعاراتهم الخاصة، فيما ينتشر أربعة شبان حول الجسر، بثيابهم الممزقة، موزّعين، إلى جانب حبّات «السكاكر»، قصاصات من الورق عن «عيدهم»، بعنوان «.. يأي حال عدت يا عيد؟»، وهو السؤال نفسه الذي سيجده من حالفه الحظ بقبول حبّة «البونبون»، قبل أن يرميها من السيارة، باليد نفسها التي رمت الأوراق.
تقول قصاصة الورق: «ما هذا العيد الذي تتكلمون عنه؟ عيد الثياب البالية لأطفال يعملون في العيد؟ عيد الأنوار المعتمة لبيوت لم تعد تلحظ انقطاع الكهرباء؟ عيد الجوع الكافر، لناس لم تذق طعم العيد منذ سنين؟ أي عيد هذا الذي تتمنون أن ينعاد علينا؟ أيها العيد: تنذكر وما تنعاد».
عينان: الأولى تحبّ العيد كما هو، والثانية تتمنى أن لا يعود إليهم فقيراً.
جعفر العطار
الأخبار: نفذ اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني اعتصاماً مطلبيّاً حاشداً في منطقة الكولا، رفضاً لارتفاع الأسعار، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة تعززت إثر قطع المشاركين الطريق مرتين أمام السيارات المارّة. وتزامن الاعتصام الذي حمل عنوان «عيد بأية حال عدت يا عيد» مع عيد الأضحى «ليمثّل صرخة للسلطة السياسية بأن هذا العيد ترافقه أوضاع معيشية صعبة تمنع اللبنانيين من الاحتفاء به» كما قال منظّمو الاعتصام. المعتصمون الذين لبسوا في معظمهم ثياباً بالية وممزقة كاتبين عليها «ثياب العيد» حملوا لافتات جاء فيها: «أي عيد؟ عيد الثياب البالية لأطفال يعملون في العيد؟»، «أيّها العيد تنذكر ما تنعاد؛ لأن في البلد فقراء أحلم بأن لا ينعاد عليهم عيد كهذا». «عيد ارتفاع الأسعار»... وخلال الاعتصام الذي اتخذ طابعاً عفوياً، ردد المشاركون شعارات تعبّر عن الواقع الاقتصادي الصعب، ووزعوا قصاصات على المارة جاء فيها: «ما هذا العيد الذي تتكلمون عليه؟ عيد الثياب البالية لأطفال يعملون في العيد؟ عيد الأنوار المعتمة لبيوت لم تعد تلحظ انقطاع الكهرباء؟ عيد الجوع الكافر لأناس لم يذوقوا طعم العيد منذ سنين؟ أي عيد هذا الذي تتمنون أن يعود علينا؟ عيد النواب المقفلة أبوابهم وآذانهم؟ الممتلئة كروشهم وجيوبهم؟ المبيعة ضمائرهم وأصواتهم؟ عيد ارتفاع الأسعار؟ عيد نكسة الأجور؟ عيد الطلاب العاجزين عن العلم فكيف العمل؟ عيد تضجّ فيه أصوات البطون الفارغة وبكاء أطفال محرومين وغصّة أب لم يفلح في أن يرشد أبناءه إلى معنى العيد؟». وتابع: «أيها العيد، اذهب بعيداً ولا تأتني محملاً بالهموم، ولا تأتني خائر القوى، ولا تأتني أبداً، فأنا في يومك هذا منتفض عليك وعلى كل من أراد للعيد أن يكون سعيداً؛ ففي البلد فقراء أحلم بأن لا يعود عليهم عيد كهذا». (الأخبار)
عدد الجمعة ١٩ تشرين الثاني ٢٠١٠
صور: حسين سعد
لم تفقد سميحة كاعين، والدة الصياد المفقود محمد عادل فران، الأمل بعودته بعد خمس سنوات على اختفائه إثر خروجه إلى لقمة عيشه في البحر. وترفع كاعين التي أنهكها المرض منذ اختفاء فران قبالة الناقورة، بعدما تعرض مركبه لإطلاق النار من قبل الزوراق الحربية الاسرائيلية، الدعاء ليل نهار لجمع شملها بمحمد ابن الثامنة والعشرين اليوم.
ويتجدد الأمل عينه عند عادل فران، الأب، الذي يحوم على مدار ساعات العمل في مرفأ الصيادين في صور حول مركب نجله محمد، الذي كانت قد أعادته سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعد أيام قليلة من حادثة إطلاق النار في 8 تشرين الثاني 2005، من دون محمد.
وعلى الرغم من أن إسرائيل تنكر وجوده لديها، إلا أن لدى ذويه وزملائه الصيادين ما يعزز نظرية أسر محمد، فمركب الصيد الذي كان يبحر فيه قبالة رأس الناقورة وجد عند شاطئ نهاريا في شمال فلسطين المحتلة قبل أن تسلمه إسرائيل إلى قوات «اليونيفيل» وعليه آثار دماء.
وقد أحيت «الجمعية اللبنانية للأسرى والمحررين» وزملاء الصياد فران وعائلته الذكرى الخامسة «لاختطافه» عند رصيف الميناء، حيث رفعوا صوره إلى جانب صور الأسيرين يحيى سكاف وعبد الله عليان اللذين لم تعترف إسرائيل بوجودهما لديها.
واعتبر نقيب الصيادين خليل طه أن «محمد لا يزال فينا، ونعتقد أن إسرائيل تحتجزه، لا سيما أن تجاربنا معها كثيرة في هذا المجال». وناشد «الحكومة الاهتمام بهذه القضية الانسانية لدى المجتمع الدولي».
واعتبر جمال سكاف، شقيق الأسير يحيى سكاف، أن «ملف الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا يزال مفتوحاً في ظل استمرار اسرائيل بالتكتم ونكران وجود محمد فران ويحيى سكاف وعبدالله عليان وغيرهم من اللبنانيين الذين اختطفتهم في العام 1982»، مؤكداً «أن الخيار الوحيد لتحرير الأسرى والأرض هو خيار المقاومة التي حررت آلاف الاسرى والارض».
ودعا الدكتور غسان فران باسم عائلة المفقود محمد فران «الدولة والمجتمع الدولي الى إيلاء هذه القضية الاهتمام المطلوب لكشف مصير محمد وغيره من الأسرى والمفقودين».
وأكد رئيس الجمعية الشيخ عطا الله حمود أن «جريمة إخفاء الصياد محمد فران من جانب العدو الاسرائيلي الذي أطلق النار على مركبه في وضح النهار هي جريمة موصوفة»، محملاً «العدو الإسرائيلي مسؤولية الكشف عن مصير فران ويحيى سكاف وعبد الله عليان وسواهم، وفق ما تؤكده اتفاقية جنيف المتعلقة بالاسرى والمعتقلين».
لو أراد المرء أن يأخذ صورة مقطعية للمشهد الإسرائيلي خلال الأيام العشرة الأخيرة، وركّز العدسة على الجانب المتعلق بمقاربة تل أبيب للحرب المقبلة، فإن الجزء الأبرز ممّا سيراه لن يكون إلا حفلة تجبين
محمد بدير وزير الدفاع، إيهود باراك، يصرّح في مؤتمر الجاليات اليهودية الأميركية في نيو أورلينز (8/11) بأن حزب الله وحماس باتا يمثّلان خطراً يهدّد مستقبل إسرائيل. رئيس الأركان، غابي أشكينازي، يقول في كلمة له أمام «المؤتمر الدولي حول القتال المشترك في المناطق المبنية» (8/11) إن إسرائيل ستكون مضطرة إلى القيام بعمليات إخلاء لسكانها خلال أي نزاع مستقبلي مع حزب الله في لبنان أو مع حماس في قطاع غزة. رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، عاموس يدلين، يؤكد خلال عرض أمني قدمه أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (3/11) أن المواجهة المقبلة بين إسرائيل والجهات المعادية لها ستكون متعددة الجبهات، مضيفاً: «لا يمكن الاستدلال على المستقبل مما حصل في حملة الرصاص المصهور على غزة، أو خلال حرب لبنان الثانية، فما سيحصل سيكون أكبر بكثير، أوسع بكثير، مع عدد أكبر بكثير من الإصابات». ويختصر يدلين وجهة نظره للمقايسة التي يحاول أن يوضحها بالتشديد على أن عدوان تموز 2006 وكذلك العدوان على غزة نهاية عام 2008، كانا «عمليات عسكرية واسعة» ولا ينبغي التعامل معهما بوصفهما حرباً بالمعنى العسكري للكلمة. القيادي في حزب كاديما، شاؤول موفاز، الذي شغل سابقاً منصبَي رئيس الأركان ووزير الدفاع، يحذر من على منبر المعهد السويدي للعلاقات الدولية في ستوكهولم (4/11) من الهدوء الاصطناعي في الشرق الأوسط، منبّهاً من أن المنطقة تدنو من جولة مقبلة ستكون أكثر إيلاما من سابقاتها. قيادة الجبهة الداخلية توزع (7/ 11) على المجالس البلدية في إسرائيل كراريس تتضمّن آخر تحديث لسيناريوهات الحرب وخسائرها المتوقعة في المناطق المختلفة. تفترض هذه السيناريوهات أن الحرب ستشتعل على جبهات عدة بنحو متزامن، وتجزم بأن منطقة الوسط (حاضرة تل أبيب) ستكون عرضة للصليات الصاروخية بنسبة لا تقل عن المنطقة الشمالية خلال المواجهة التي ستمتد «بوتيرة تقليدية» فترة شهر، ويسقط خلالها مئات القتلى وتتعرّض فيها المنشآت الاستراتيجية والقواعد العسكرية للدمار. مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، يكشف (5/11) أن إسرائيل أجرت العام المنصرم تدريبات مختلفة على سيناريوهات حرب يتعرض فيها عشرات آلاف المواطنين للإصابات جراء سقوط ألف صاروخ يومياً يطلقها حزب الله وحده. الشهادات المذكورة هي جزء من حفلة تجبين متقدمة في إسرائيل، وهي لا تمثّل استثناءً في أدبيات الحرب الإسرائيلية، لكنّ أهميتها تكمن في السياق العام الذي أصبحت تل أبيب تقارب من خلاله الحرب المقبلة دون الشعور بحرج تداعياته المحتملة على صورتها أمام شعبها وأعدائها (وهذا شأن جدير بمناقشة منفردة). وثمة أمر أهم يتمثل في مفارقة مفادها أن الإقرار الإسرائيلي العلني بأهوال الحرب المقبلة وأثمانها هو نسخة مغايرة إلى حد التناقض عن الخطاب الحربي الإسرائيلي قبل نحو عامين من الآن. آنذاك، انطبع الخطاب المذكور بعبارات كانت أشبه بـ«الكليشيه» الذي تردّد على لسان كل مسؤول، وبالأخص وزير الدفاع باراك ورئيس الأركان أشكينازي. يمكن تلخيص مضمون هذا الكليشيه بالتالي: «إن الانتصار في الحرب المقبلة سيكون واضحاً وحاسماً ولا لبس فيه وفي فترة زمنية قصيرة وعلى أرض العدو في ظل تحييد جبهتنا الداخلية». أمام هذا التحول الجذري في الخطاب الإسرائيلي تفرض جملة من التساؤلات نفسها، بعضها يتعلق بأسباب وخلفيات هذا التحول، وبعضها الآخر بدوافع التعبير العلني عنه. في مناقشة الأسباب، يمكن افتراض عدد من الاحتمالات دون الاضطرار إلى الترجيح بينها، علماً أن لا شيء يمنع أن يكون السبب الفعلي للتحول كامناً في المجموع المتداخل لمفاعيلها. أول هذه الاحتمالات هو الزلزال الذي أصاب البنية الاستخبارية لإسرائيل في لبنان. ومن يفهم العقل العسكري الإسرائيلي يعلم أن إعداد الأرضية الاستخبارية ضد العدو يمثّل حجر الزاوية في أية خطة عملانية لديه. وبما أن شبكات التجسس البشري هي من أهم عناصر هذا الإعداد، فإنه يمكن القول إنّ التسونامي الذي تعرضت له الأخيرة في لبنان خلال العامين الماضيين أفقد الجيش الإسرائيلي قرون الاستشعار التي كان يراهن عليها في بناء بنك الأهداف المتصل بالمقاومة، الذي لا يمكنه أن يحسم الحرب من دونه. ويمكن العثور في كلام أشكينازي على ما يدعم هذه الفرضية، إذ لفت في خطابه المشار إليه أعلاه إلى أن الجيش الإسرائيلي «يعمل الآن على إنشاء بنوك أهداف للنزاعات المستقبلية مع حزب الله وحماس، كي لا تدخل القوات الإسرائيلية في حرب تكون فيها بحاجة إلى البحث عن عدو يختبئ بين المدنيين»، مؤكّداً في السياق على أهمية «توجيه ضربات استباقية قوية إلى العدو استناداً إلى معلومات استخبارية دقيقة في بداية القتال». الاحتمال الثاني هو القدرات النوعية التي كشفت المقاومة عن امتلاكها لها خلال العامين الماضيين، وهي قدرات ذات طابع استراتيجي بكل ما للكلمة من معنى. ولأنها كذلك، فهي تفرض بالضرورة تحولاً من الوزن الاستراتيجي على التفكير الإسرائيلي في مقاربة الحرب، لعله التحول الذي يدور حوله الحديث. وقد أشار عاموس هارئيل في مقالته المقتبسة أعلاه في «هآرتس» إلى ما يؤكد الفرضية المتقدمة، إذ إنّه يرى أن «التغيّرات في التوازن العسكري القائم بين إسرائيل وأعدائها ليست ناجمة فحسب عن تحولات في مجال الوعي وتبني منطق المقاومة عوضاً عن منطق الحسم في مواجهة الجيش الإسرائيلي». ويوضح: «لقد أصبحت المقاومة مرتبطة بالتطورات التكنولوجية، إذ أصبح السلاح الدقيق في متناول يدها ومثله القدرة على التحكم في رمايات واسعة النطاق، بحيث صار التهديد أكثر دقةً ودماراً، وأبعد مدى ليطاول كل أنحاء إسرائيل». الاحتمال الثالث يعزو جذور التحول إلى التطورات السياسية التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الأخيرة، والتي وصلت إلى ذروتها في الإعلان الضمني للتحالف الدفاعي المشترك الذي جسدته قمة دمشق الثلاثية بين الرئيسين بشار الأسد وأحمدي نجاد والأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في شباط المنصرم. فما عنته هذه القمة من الناحية الاستراتيجية (وهي الناحية التي من المؤكد أن إسرائيل التقطت مغزاها) هو أن عهد الاستفراد بالمقاومة في لبنان قد ولّى، وأن أية حرب على الشطر الغربي (اللبناني) من الجبهة الشمالية ستكون مفتوحة على واقع التدهور نحو مواجهة إقليمية طاحنة لا أحد يمكنه أن يضبط إيقاعها، فضلاً عن نتائجها.
القدرات النوعية للمقاومة تفرض تحوّلاً استراتيجياً في مقاربة إسرائيل للحربولّى عهد استفراد إسرائيل بالمقاومة وأيّ تصعيد قد يجر إلى حرب واسعة
وفي الانتقال إلى مناقشة ما يدفع إسرائيل إلى التصريح بخوفها وهلعها على الملأ لا بد من الإشارة أولاً إلى أن هذا السلوك يخالف كل التراث الردعي الذي بذلت إسرائيل جهداً عمره عشرات السنين لتكريسه في وعي أعدائها. هذا القطع الواضح مع تقليد الغطرسة والاستخفاف بالآخر (العربي) والإيحاء الدائم بأن الانتصار الحاسم عليه مسألة قرار بإطلاق رسن الآلة العسكرية فحسب، لا يمكن تفسيره بغير الاعتراف الضمني في دوائر القرار الإسرائيلية بأن البند المتعلق بتحييد الجبهة الداخلية في العقيدة الأمنية لتل أبيب قد سقط، وتالياً صار لزاماً على القادة إعداد الرأي العام لتداعيات هذا السقوط حتى لو كان الثمن إفقاد المواطنين شعورهم بالأمن الشخصي. ضمن هذا الإطار، يمكن فهم ليس فقط سلسلة التصريحات الإسرائيلية المشار إليها أعلاه، بل أيضاً السياق الهادف إلى إعداد الجمهور الإسرائيلي للانكشاف على ويلات الحرب والتطبّع المسبّق معها، وهو سياق بدأ بعد عدوان تموز 2006 ولمّا ينتهِ إلى الآن. وبين الخلفيات والدوافع، يبقى أن ثمة نتيجة عَرَضية لما تقوم به تل أبيب هي الانعكاسات المعنوية السلبية على الجمهور الإسرائيلي (وكذلك الجيش على الأرجح). فإلى جانب تطبيع هذا الجمهور على فكرة تحوّل مساحته المعيشية الخاصة والعامة إلى جبهة قتال خلال الحرب، لا يبدو أن الدوائر المعنية في إسرائيل وجدت صيغة للالتفاف على القيام بهذه المهمة من دون تطعيم هذا الجمهور بجرعات جانبية مرافِقة من التثبيط والإحباط والخوف. وإلى أن تتمكّن من العثور على هذه الصيغة، يمكن الأمين العام لحزب الله، الإفادة من وقت مستقطع في الحرب النفسية التي يمارسها ضد إسرائيل، ذلك أن الأخيرة أصبحت كما يبدو تقوم بالمهمة نيابةً عنه.
عمليات عسكرية محدودة أم عملية واسعة؟رأى معهد دراسات الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، أن إسرائيل، بعد مرور أربع سنوات على انتهاء «حرب لبنان الثانية»، فشلت في بلورة استراتيجية واضحة لمعالجة التهديد الذي يمثّله حزب الله. ورأى المعهد، في دراسة أصدرها أخيراً بقلم الباحث ندير تسور، أن هذا الفشل يطفو بقوة على السطح في ظل عدم تمكّن إسرائيل من فعل أيّ شيء لمنع حزب الله من مواصلة التزوّد بالأسلحة المتطورة، التي سيستعملها في المواجهة المقبلة ضدّ إسرائيل. وأشارت الدراسة إلى أن استمرار حرب لبنان الثانية لمدة 34 يوماً، وتعرض العمق الإسرائيلي خلالها للقصف اليومي من جانب حزب الله، أدّيا إلى إفقاد الجيش الإسرائيلي الثقة بالنفس، وإلى التأثير سلباً في وعيه من الناحية النظرية ومن الناحية العملياتية. ووفقاً للاستنتاجات التي توصّل إليها الباحث، فإن إسرائيل، بسبب الخلافات السياسية الداخلية والتفاوت في المواقف بين القوى السياسية الفاعلة، لم تتمكّن حتى اليوم من وضع استراتيجية واضحة لكيفية مواجهة حزب الله. وفي رأي تسور، يبرز الفشل الإسرائيلي جلياً وواضحاً في قضية تسلّح حزب الله بعد الحرب، إذ إنه على الرغم من أن الحزب يواصل مراكمة ترسانته العسكرية بطريقة مقلقة، فإنّ إسرائيل لا تفعل شيئاً لوقف عملية التسلح، وهذه الأسلحة المتطورة التي يواصل حزب الله التزوّد بها سيستعملها في المواجهة المقبلة ضدّ إسرائيل. وإذ شدد على أن فشل إسرائيل في وضع استراتيجية لمواجهة حزب الله يؤثر سلباً في مستقبلها، لفت الباحث إلى أن صنّاع القرار الإسرائيليين لم يتوصلوا حتى اليوم إلى حسم المعضلة المتصلة بكيفية العمل على إجهاض التهديد الذي يراكمه حزب الله: القيام بعمليات عسكرية محدودة ضدّ الحزب وتحقيق نتائج قيّمة، أم القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق لضرب البنية التحتية اللبنانية وتحقيق الردع. ولا يخفي تسور انحيازه إلى الخيار الثاني، مشيراً إلى أن اعتماده سيضع حداً للحزب عن معاظمة قوته العسكرية واستغلالها في مناسبات عديدة في نزاعات صراع البقاء العنيفة التي يديرها في الداخل اللبناني.
عدد الاثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٠