Hiba Awar

Hiba Awar

قام فوج عين بعال نشاطا" تحت عنوان اليوم الكشفي وذلك نهار اليوم الاحد 14/11/2010 من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الثالثة عصرا. تم تقسيم الفرق الى قسمين الاشبال و الزهرات فرقة،و الكشافة والمرشدات و الكشاف متقدم فرقة. و تضمن النشاط

فرقة الكشافة و المرشدات و الكشاف متقدم التالي : اشغال يدوية، قانون الكشاف، العهد الكشفي، التحية الكشفية، التعرف على مؤسس الكشاف، العاب كشفية و ترفيهية، فترة الفطور، مهام العاريف و صفاته فرقة الاشبال و المرشدات التالي : اشغال يدوية، التعرف على مؤسس الكشاف، فترة الفطور، التحية الكشفية، العاب كشفية و ترفيهية، رسم على وجه الاطفال
ابراهيم الأمين

كان ينقص لبنان أرعن في رئاسة الحكومة. يقف ويرفع إصبعه ويهدّد وزيراً في الحكومة كأنّه موظف في شركاته المتعثّرة، أو جار من الذين يُمنعون من إيقاف سيّاراتهم قرب منازلهم، ومن استقبال الضيوف أو فتح النوافذ أو توظيف نواطير قبل الحصول على إذن خاص، وذلك لأسباب أمنيّة. كان ينقص لبنان أن يقف شخص، صودف أنّه ابن رئيس سابق للحكومة، لم تُعرَف له جدارةٌ في أيّ جامعة انتسب إليها، ولم يحفظ سورة الفاتحة بلغة عربية صحيحة، أن يرفع إصبعه ويهدّد شخصاً مثل شربل نحاس، لأنّ الأخير أصابه من حيث يحتسب أو لا يحتسب، وأصاب معه فرقة من الدجّالين الذين لا يتوقّفون عن أداء دور الببّغاء التي تعيد تكرار ما يقال لها أو أمامها. كان ينقص لبنان أن يصرخ شاب يعاني أزمة «نقص في التسلية واللهو» بوجه خبير كبير، وقامة من قامات لبنان، شاء من شاء وأبى من أبى، وأن يهدّده بأنّه سيجعله يدفع الثمن غالياً. ما الذي فعله سعد باشا، هل هو مزاح أم تهديد بأنّه سوف «يلطي» لشربل خارج قاعة الحكومة أو على خط السكة في صيدا حيث يتوعد الزعرانُ أوادمَ المدينة؟ أم سيرسل له حرسه أو مرافقيه ليضربوه؟ أم سيمنع عنه راتبه الشهري، أو يشكوه إلى المحكمة الدولية؟ أم سيقضي عليه نهائياً؟ ما معنى الذي قاله سعد الحريري الذي روت «يديعوت أحرونوت» قبل أيّام، نقلاً عن مصادر من الواضح أنّها أميركية، أنه «على شفير انهيار عصبي»؟ كان ينقص لبنان أن يخرج علينا من جرى تلقيمه كلمة الدولة والعبور إليها وبنائها، وكل هذا الدجل، ويهدّد وزيراً يأمل اللبنانيون أن يكون عندنا مثله بعدد الثلث المعطّل، وأن يرفع إصبعه في وجهه لأنّه حذّر داخل الحكومة من الضغوط الأميركية والإسرائيلية في ملف المحكمة الدولية؟ هل يجرؤ سعد الحريري على مواجهة السيّد حسن نصر الله، أو النائب وليد جنبلاط، وقد قالا ما هو أكثر وضوحاً وأشدّ إيلاماً؟ كان ينقص لبنان أرعن من صنف «رجال الصدفة»، وهو يرفع إصبعه بوجه واحد من أذكياء لبنان، من الذين يعرفون البلد «حلّة ونسباً»، وذنبه أنه لا يمكن الكذب عليه، أو إيهامه أو احتواؤه أو إغراؤه إو إغواؤه، وذنبه أنه قال صراحة داخل الحكومة وخارجها ما يجب أن يقال صبح مساء منذ أُدخلت البلاد سوق النخاسة باسم الحقيقة والعدالة. كان ينقص لبنان أرعن لا يريد للدولة أن تقوم، بل يريد ملعباً يمكّنه من إبراز مواهبه في الركض والكلام المبعثر، وأن يهدّد هذا الأرعن من يرفض سرقة أموال القطاع العام، ومن يقول إنه يمكن معالجة المشكلات إذا كانت هناك آليّات علمية لإدارة الدولة ومرافقها. لكنّ المشكلة ليست في الأرعن وحده، بل في الذين سمعوا كلامه وتهديداته وصمتوا، ولم يبادروا إلى رفع الصوت رفضاً لهذا الأسلوب المهين لكل من كان على طاولة مجلس الوزراء يومها. هل يكون مقام رئاسة الجمهورية محفوظاً عندما يشاهد رئيس البلاد «رئيس حكومته» يهدّد وزيراً؟ وهل يُحفظ مقام رئاسة الحكومة إذا كان شاغله شتّاماً يريد النيل من كرامات الناس وربما أكثر؟ هل يستحقّ باقي الوزراء الثناء وهم يقفون من دون حراك، لا يرفع أحد يده اعتراضاً ولا يصرخ آخر بوجه الأرعن، ولا يقف ثالث على رأس قدميه مشيراً إلى الأرعن بالصمت؟ كيف تعبّر قوى المعارضة عن تضامنها السياسي ولا يقف وزير من قواها، من حزب الله إلى تيار المردة أو كتلة الرئيس نبيه بري، ولا يردّ الكلام والتهديد عن رفيق لهم، يقف الآن في مقدّمة الصفوف في مواجهة أكبر عملية تزوير تتعرض لها مرافق الدولة المنتجة؟ كيف يمكن هؤلاء جميعاً، القبول بالذي حصل من دون القيام بخطوة للدفاع عن أنفسهم لكونهم وزراء يمكن هذا الأرعن أن يهاجمهم مرة أخرى بالضرب مباشرة ما دام التهديد قد أتيح له الآن؟ ما الذي كان ينتظره هؤلاء: أن يُخرج الحريري مسدّسه ويطلق النار على نحاس... أم ماذا؟ ماذا فعل رفاق نحاس من وزراء تكتل التغيير والإصلاح؟ هل هذا ما علّمهم إيّاه العماد ميشال عون الذي لا يقبل لأحد منهم الإهانة من ابنه أو شقيقه أو رفيقه في الحزب؟ من الذي بلع ألسنتهم وجعلهم يصمتون عن تهديد رفيقهم وهم يعرفون أنه كلام يشملهم واحداً واحداً؟ وأكثر من ذلك. يتّصل أرعن صغير، موظف عند الأرعن الكبير، بمكتب وزير الاتصالات لإلغاء اجتماع كان قد طلبه من يُفترض به أن يكون رئيس الحكومة، مستخدماً عبارات لا تليق ببني آدم. ثم يرسل الأرعن في طلب أعضاء الهيئة المنظمة للاتصالات، بخلاف الأصول التي تقتضي سؤال الوزير أو حضوره، ويطلب منهم تقديم تقارير تقول إن الوزير يخالف القوانين، وإنه يؤخر عمل الدولة، وإنه يفتح مشاريع ليست مطلوبة مثل الألياف البصرية أو الجيل الثالث من الهاتف الخلوي. وإلى جانب ذلك، يرفض الأمين العام لمجلس الوزراء إعطاء وزير الاتصالات نسخة عن مداخلته في جلسة الحكومة ونسخة عن «تهديد الأرعن» لأن القانون لا يسمح له بذلك. يعني أن «دولة الرئيس البوجي» يعطي الحق لرئيسه بأن يهدّد ويشتم، ويمنع عن المهدَّد والمشتوم أن يدافع عن نفسه... ماذا يفعل البوجي هنا، هل بات هو الآخر من شهود الزور؟ ثمة أشياء لم تعد تحتاج إلى مزيد من الكلام. ثمة أرعن وجب إرساله الى إصلاحيّة تؤهّله لكي يكون تلميذاً في صف ابتدائي، قبل أن يطمح ليكون رئيساً للحكومة.

عدد السبت ١٣ تشرين الثاني ٢٠١٠ |

alt

شارفت التحضيرات لإقامة مهرجان الشباب والطلاب العالمي السابع عشر على نهايتها حيث يتواجد ممثلون عن حوالي عشرين دولة في جوهانسبورغ في جنوب افريقيا من اجل المساعدة والاشراف على اللمسات الاخيرة للمهرجان الذي يفتتح في 13 كانون الاول القادم ويختتم في 21 منه.

ومن المتوقع مشاركة ما يزيد عن 15000 شاب(ة) وطالب(ة) في هذا الحدث الدولي الاكبر على صعيد الحركة الشبابية العالمية. ينعقد المهرجان تحت شعار "لنناضل ضد الامبريالية من اجل عالم من السلام والتضامن والتغيير الاجتماعي"، وهو شعار يعبر عن المضمون السياسي للمهرجان كمحطة تجمع الشباب المنضال ضد الامبريالية من كل أصقاع الارض.

يذكر ان المهرجان الاخير كان قد اقيم في كاراكاس في فنزويلا عام 2005 وحضره حوالي 16000 مشارك فيما كان المهرجان الاول في فيينا عام 1947. وبين المهرجان الاول والمهرجان القادم 16 مهرجاناً ناجحاً شارك في كل منها الالاف، ليصبح هذا المهرجان جزءاً من التراث والتاريخ والحاضر اليساري المناهض للامبريالية حول العالم.

يدعوكم إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني للمشاركة في الإعتصام أمام مقر هيئة الأونروا وتسليم مذكرة إحتجاج على وضع خريطة تحمل إسم إسرائيل مكان فلسطين المحتلة وذلك أمام مبنى الاونروا مقابل المدينة الرياضية عند الساعة الربعة بعد الظهر من نهار الإثنين 15/11/2010

من تظاهرة «الاتحاد» أمس (مصطفى جمال الدين)السغير: كرر «اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني» أمس التعبير عن سخطه على «الغلاء المعيشي الفاحش الذي يطال كل الأسر اللبنانية، ويهدد معيشتها»، في تظاهرة نفذها شباب الاتحاد عند جسر «الكولا»، رافعين لافتات تقول: «المحكمة الشعبية أصدرت قرارها: الطبقة السياسية اللبنانية كلها شهود زور»، و«قرارنا ليس ظنياً: أنتم من يجوعنا»، و«مواطن جوعان + مسؤول فجعان = الصيغة اللبنانية».وألقى علي خليفة كلمة «الاتحاد»، معتبراً أن «الطبقة السياسية الحاكمة التي بال عليها الزمن، وتعرّت من كل ما يستر، توزع نفسها بين معارضة وموالاة في حكومة واحدة، وتؤجج المناخات الطائفية والمذهبية، مدّعية العيش المشترك، وتوتر الأجواء معلنةً أن الفتنة خط أحمر، أما فتنة الرغيف والغلاء فأمر عادي».ورأى الاتحاد ان «الوقائع السياسية والاجتماعية التي تجلت في الأيام الأخيرة، تؤكد الحقيقة السوداء في السياسة اللبنانية، حيث زايد ارتفاع أسعار الخضار واللحوم، على ارتفاع مناخات التشنج الطائفي والمذهبي، من غير أن يتحول ذلك إلى عنصر قلق لأركان الطبقة السياسية بجميع مواقعها المتناحرة والمتقابلة».وأشارت كلمة الاتحاد إلى أن الطبقة السياسية «راحت تتبادل فلسفة بؤسنا وتبريره بالتطمين المضحك المبكي، إذ يقول وزير الاقتصاد محمد الصفدي انه اقتطع رغيفا واحدا من ربطة الخبز، وتذهب وزيرة المال ريا الحسن ببلسمة جراحنا: ضريبة البنزين ضرورية لإطفاء جزء من خدمة الدين العام، ويبشرنا وزير الطاقة والمياه جبران باسيل بأن لبنان مقبل على فترة شحّ في المياه وعتمة الكهرباء، أما وزير الصحة محمد جواد خليفة فهو عنيد ومتمسك بالبطاقة الصحية بدل الضمان الشامل».وتوجهت كلمة الاتحاد إلى المواطن بالسؤال: «هل ننتظر أن يحل علينا نور المحكمة حتى يحل نور الكهرباء في بيوتنا؟ هل ننتظر محاكمة شهود الزور حتى تتم براءة الناس من المآسي التي تصيبها، والآلام التي نعانيها؟».

الامين العام للخارجية وليم حبيب في مجلس حقوق الإنسان بجنيف أمس (الأخبار)كأنها مباراة كرة قدم. يد المندوب الإسرائيلي لم تتوقف عن التلويح مطالباً بنقطة نظام ست مرات، ومدعوماً بنقطة نظام سابعة أميركية، وإنذار من رئيس الجلسة، لم يقدم أو يؤخر في سير مناقشة سجل لبنان في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف. إسرائيل «الحريصة على علاقات سلمية وصديقة مع لبنان الديموقراطي» ثارت حنقاً لعدم حذف عبارة «الكيان الصهيوني» من التقرير النهائي

جنيف ــ بسام القنطار لم يكن من قبيل الصدفة أن يغيب السفير الإسرائيلي في جنيف، أهارون ليشنو يار، عن جلسة مناقشة سجل حقوق الإنسان في لبنان، تاركاً مهمة الاعتراض على أي نقد يوجّه للانتهاكات التي ارتكبتها بلاده على الأراضي اللبنانية للقنصل في البعثة الإسرائيلية في جنيف وليد أبو هيا. جلس أبو هيا في المقعد المخصص لإسرائيل، جارة إيطاليا، بحسب صيغة التسلسل الأبجدي المعتمد من الأمم المتحدة في تحديد المقاعد في القاعة. دوره كان الـ١٨ على لائحة تضمنت طلب ٦٦ دولة، استطاع ٤٩ منها تقديم توصيات واقتراحات للوفد اللبناني الذي جلس في المنصة الرئيسية برئاسة الأمين العام لوزارة الخارجية وليم حبيب، وعضوية رئيسة بعثة لبنان في الأمم المتحدة في جنيف نجلاء عساكر، ود. فاديا كيوان من اللجنة الوطنية للمرأة وعدد من القضاة والضباط والمندوبين عن وزارات الداخلية والعدل والدفاع والعمل والشؤون الاجتماعية. أما في المقعد المخصص للبنان ضمن القاعة، فجلست الدبلوماسية في البعثة اللبنانية في جنيف رنا المقدم. صافرة انطلاق السجال بدأت مع أبو هيا. الذي قال في مداخلته: «إن وفد بلادي يودّ أن يسجل في المحضر اعتراضنا الشديد على الصيغ غير المناسبة والمعادية في الفقرة الثانية من التقرير الوطني اللبناني. إن استخدام هذا النوع من اللغة في المداخلة الشفهية أمام المجلس كان سيخضع لنقطة نظام وكان سيسقط تلقائياً من المحضر الرسمي للمناقشات. ونحن نثمّن لرئيس الجلسة جهوده لحل هذه المسألة. لكننا نأسف لأن هذه الجهود أعيقت بسبب عدم التعاون الذي أبداه الوفد اللبناني».

وتنص الفقرة الثانية من مقدمة التقرير اللبناني على ما يلي: «إن إنشاء الكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية وتهجير إسرائيل الفلسطينيين قسراً من بيوتهم وأراضيهم وإنكار حق عودتهم إلى ديارهم التي هجّروا منها بقوة السلاح، كل ذلك أدى إلى نشوب الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي الذي أدخل منطقة الشرق الأوسط في سلسلة من الأزمات والمشاكل المتلاحقة». وكانت البعثة الإسرائيلية في جنيف قد طلبت عند افتتاح أعمال الدورة التاسعة للمراجعة الدورية الشاملة في مطلع الشهر الجاري، شطب عبارة «الكيان الصهيوني»، على أساس أن هذه اللغة غير مستخدمة في أدبيات الأمم المتحدة. لكن إصرار البعثة اللبنانية على إبقاء العبارة دفع سكريتاريا المجلس إلى التوصل لصيغة حل وسط، صباح أمس، قضت بوضع عبارة في ذيل التقرير الوطني اللبناني تشير إلى «أن الأمم المتحدة ليست مسؤولة عما ورد فيه من عبارات». دبلوماسي لبناني في جنيف أكد لـ«الأخبار» أن إبقاء هذه العبارة في التقرير هو تكريس لحق طبيعي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة في أن يستخدموا في تقاريرهم الوطنية العبارات التي يرونها مناسبة، إذ لا يحق لأحد أن يتدخل في صوغ تقرير وطني لأن الأمر يمس بسيادة الدولة». المندوب الإسرائيلي لم يكتف بهذا الاعتراض وبدا واضحاً أنه سعى إلى فتح سجال، وطلب نقطة نظام فور ورود عبارة إسرائيل في أي من التقارير التي قدمت أثناء الجلسة. في الجزء الثاني من المداخلة الإسرائيلية قال أبو هيا إن «المجتمع اللبناني متعدد الثقافات وينبغي أن يكون ذلك ميزة ومصدراً لتقدم الحريات وحقوق الإنسان في هذا البلد. لكن وجود منظمة إرهابية وهي حزب الله...». ترفع رنا المقدم يدها وتطلب نقطة نظام. يتوقف أبو هيا عن الحديث، ليعطي رئيس الجلسة الكلام للبنان. «لو لم يكن هناك احتلال إسرائيلي لم يكن هناك مقاومة. ومقاومة الشعوب للاحتلال الأجنبي حق مشروع كرسته القوانين والأعراف والمواثيق الدولية». تختم المقدم مداخلتها على وقع تصفيق كثيف في القاعة. طلب رئيس الجلسة وقف التصفيق ودعا مندوب إسرائيل إلى استكمال مداخلته: «أكرر ما قلته، إن وجود منظمة إرهابية هي حزب الله، والصراع التوتر الدائر بين مختلف الأطراف، كل هذا قد نشأ عنه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في لبنان. القتل غير المشروع لأغراض سياسية والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب والمقابر الجماعية، تقييد حرية التعبير والصحافة، والتمييز الممنهج ضد المرأة واللاجئين والمهاجرين، وفساد الحكومة هي من السمات الوجيهة والجديرة بالذكر هنا»، يقول أبو هيا قبل أن يوصي باسم حكومة بلاده بالتنفيذ الفوري لقراري مجلس الأمن رقم ١٥٥٩ و١٧٠١، وتقديم التقرير اللبناني إلى لجنة مناهضة التعذيب الذي تقاعس لبنان عن تقديمه منذ عام ٢٠٠١. ليختم: «نتطلع إلى اليوم الذي نرى فيه علاقات سلمية وصديقة بين إسرائيل ولبنان الديموقراطي». رئيس الوفد اللبناني وليم حبيب رد على المندوب الإسرائيلي متوجهاً إلى منوبي الدول بالقول: «عملية صياغة التقرير شأن ذاتي وسيادي للدولة ليس لأي جهة أن تصدر أحكاماً عليه لجهة اللغة والأسلوب. وإن الأوضاع غير المستقرة في لبنان تعود في جذورها إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ولن يكون هناك حل إلا بمعالجة جذور الاحتلال الإسرائيلي». تضاء الإشارة الحمراء. المندوب الإسرائيلي يطلب نقطة نظام: «هذا الاجتماع مخصص لمناقشة حالة حقوق الإنسان في لبنان. أطلب أن تشطب الملاحظات المتعلقة ببلدي من المحضر». يكمل السفير حبيب مداخلته من دون أن يعير اهتماماً للملاحظة الإسرائيلية ويقول: «لقد مرت على بلادي حروب عديدة وجلّها اعتداءات إسرائيلية متكررة، منها اعتداء تموز ٢٠٠٦، الذي كان موضوع قرار مجلسكم الكريم ونتج منه تقرير عن لجنة التحقيق الخاصة. ولا يحق لدولة تنتهك القرارات الدولية أن تعطي دروساً في هذا المجال». تضاء الإشارة الحمراء مجدداً. أبو هيا يطلب نقطة نظام للمرة الثانية ويقول: «على ما يبدو فإن النظام الداخلي المعمول به في المجلس لا يلمّ به وفد لبنان، إن الملاحظات الخاصة ببلدي هي خارج نطاق الاجتماع». تدخل السفيرة نجلا عساكر على خط السجال: «نتقيد بآلية الاستعراض لكننا نطلب ألّا يستفزنا أحد وألّا يجري التعرض بطريقة لا تمت إلى الأمم المتحدة إلى أوضاع داخلية لبنانية».

عبارة «الكيان الصهيوني» أثارت عاصفة من الاعتراضات الإسرائيلية

جولة من التوصيات والردود وصولاً إلى مداخلة المندوب الدائم لسوريا في جنيف، السفير فيصل الحموي، الذي قال: «كما ورد في التقرير الوطني اللبناني، فقد أدى قيام إسرائيل وتهجير ملايين الفلسطينيين قسراً عن إراضيهم وإنكار حق عودتهم إلى ديارهم... إلى سلسلة من الأزمات التي كان من تداعياتها تعرض لبنان للاعتداءات المتكررة والمجازر المروعة التي ارتكبتها إسرائيل». تضاء الإشارة الحمراء للمرة الرابعة. المندوب الإسرائيلي مقاطعاً: «إننا بصدد دراسة حقوق الإنسان في لبنان لا في اسرائيل». يكمل حموي: «أدّت مجازر إسرائيل إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى فضلاً عن دمار هائل في البنية التحتية». الإشارة الحمراء لا تتوقف عن الإضاءة. نقطة نظام إسرائيلية خامسة: «إذا كان المندوب الدائم لسوريا حريصاً على ذكر الاحتلال فنحن مهتمون أيضاً بالاستماع إلى نتائج احتلال سوريا للبنان». يكمل حموي. المندوب الأميركي يطلب هو أيضاً نقطة نظام: «لقد أخذت المناقشات اتجاهات متناقضة نعترض عليها». مندوبة لبنان، رنا المقدم، ترفع يدها ونقطة نظام لبنانية ثالثة: «إن ما يجري تداوله مرتبط بانتهاكات حقوق الإنسان ومتعلق بضحايا الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان». ينتهي السجال الإسرائيلي بعدما شعر أبو هيا بعبثية طلب نقطة نظام، للرد على مندوبي الكويت ونيكاراغوا وفنزويلا وكوبا، الذين أثاروا مسألة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في لبنان. إنها عبارة «الكيان الصهيوني» التي أثارت عاصفة من الاعتراضات الإسرائيلية وجدت سنداً أميركياً متوقعاً وصمتاً أوروبياً. لكن أوروبا التي صمتت في الدفاع عن إسرائيل قررت أن تركّز على مجموعة من التوصيات المتلعقة بالعديد من الملفات الساخنة على الساحة اللبنانية. مندوب كندا طالب لبنان بإلغاء نظام الكفالة الذي يؤدي إلى التمييز والإساءة بحق العاملات الأجنبيات. اما اليونان فطالبت بإلغاء جرائم الشرف من قانون العقوبات اللبناني وإنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان. فيما طالبت المكسيك بتوجيه دعوة دائمة ومفتوحة إلى المقررين الخاصين والمصادقة على مشروع القانون الخاص بمكافحة العنف ضد المرأة والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين. وأوصت البرازيل بتحسين وضع اللاجئين الفلسطينيين. وحذت أرمينيا حذو البرازيل منوهه باحتضان لبنان آلاف المواطنين الأرمن الذين هربوا من الإبادة الجماعية واندمجوا في الأسرة اللبنانية. وركزت بلجيكا وهولندا وفنلندا وإيرلندا وكندا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية على موضوع الحقوق المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين مطالبين بتحسين ظروفهم وإلغاء القيود المتعلقة بعملهم وتنقلهم. أما بريطانيا فسألت عن موعد تطبيق خطة حقوق الإنسان التي أقرها المجلس النيابي، وعن المصادقة على مشروع قانون إلغاء عقوبة الإعدام. وطالبت أكثر من ٢٠ دولة الحكومة اللبنانية بسنّ قانون يمكّن المرأة اللبنانية من منح أطفالها وزوجها الأجنبي الجنسية. أما النرويج، فأوصت بنزع الطابع الجنائي عن المثلية وضمان عدم التمييز على أساس الجنس. أما ألمانيا فركّزت على أنها تلقّت معلومات من جهات غير حكومية عن انتهاكات ترتكبها الاستخبارات العسكرية لاتفاقية مناهضة التعذيب، وطالبت بالتحقيق في هذا الشأن.

تعهدات وتحفّظات لبنانية

من المقرر أن يصادق على التقرير النهائي المتعلق بلبنان في جلسة تعقد غداً وتتبين فيها التوصيات التي قبلتها الحكومة اللبنانية وتلك التي رفضتها أو تجاهلتها. ويستدل من مداخلات الوفد اللبناني خلال المناقشة أن لبنان بصدد القبول بمجموعة من التوصيات أهمها: إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفق مبادئ باريس؛ الموافقة على الزيارة المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للرق إلى لبنان؛ استعداد لبنان للتعاون مع الزيارات التي ينوي باقي المقررين القيام بها من دون أن يكون هناك تعهد بتوجيه دعوة مفتوحة ودائمة. تعهد لبنان بمعالجة ملف الإخفاء القسري لكونه من الجرائم التي لا تسقط بمرور الزمن، كما فصّلت المحاكم اللبنانية؛ التعهد بتحسين وضع اللاجئين الفلسطينين من دون تحديدات واضحة لجهة تعديل قانون التملك والعمل، مع الطلب من الدول زيادة مساهمتها لوكالة الأنروا لتحسين الظروف المعيشية في المخيمات. أما النقاط التي تحفّظ الوفد اللبناني عليها، فتشمل إلغاء عقوبة الإعدام لكونها عرضة لتباين في الآراء على المستوى الأهلي؛ رفض الانضمام إلى اتفاقية اللاجئين لعام ١٩٥١ لكون لبنان «ليس بلد لجوء مؤقت أو دائم» مع تعهد تعزيز مذكرة التفاهم مع مفوضية اللاجئين العليا لتنظيم عملية رعايتهم في لبنان. وتحدث الوفد اللبناني بصراحة عن رفض لبنان إزالة التحفظات التي يضعها على اتفاقية إلغاء التمييز ضد المرأة، ما يعني عدم الموافقة على الاقتراح المتعلق بحق المرأة اللبنانية منح الجنسية لأولادها من زوجها الأجنبي. وأشار عضو الوفد اللبناني فادي كرم إلى أنه حالياً تمنح إقامة مجاملة مجانية لكل من زوج المرأة اللبنانية المتأهلة من أجنبي وأولادها، وأن المجتمع اللبناني منقسم حيال شروط منح الجنسية بسبب التركيبة اللبنانية المؤلفة من ١٩ طائفة، لهذا يصعب في المرحلة الراهنة رفع التحفّظ على اتفاقية سيدوا. وكشفت القاضية مارلين الجر من وزارة العدل، أن لبنان ينوي متابعة توصيات اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب التي زارت لبنان، ويلتزم إنشاء هيئة وطنية تتعلق بالآلية المذكورة في الاتفاقية والبروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب. أما العقيد سامي خوري من وزارة الدفاع، فكشف عن نظام مراقبة وتسجيل في غالبية أمكنة التوقيف التابعة لوزارة الدفاع لضمان عدم حصول تعذيب فيها. وشدد الرائد زياد قائد بيه رئيس دائرة حقوق الإنسان في قوى الأمن الداخلي، على مدونة السلوك وتدريب العناصر مشيراً إلى أنه يترتب جزاء قانوني مناسب على من يخالفها، وشرح الجهد اللبناني في ما يتعلق بالاتفاقية الدولية لمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص. فيما أشارت العميدة جمانة دانيال من الأمن العام إلى منح ٢٠٠٠ بطاقة تعريف للاجئين الفلسطينيين فاقدي الأوراق الثبوتية بالرغم من حيازة بعضهم جوازات سفر من دول أخرى، وأنه تُجرى دراسة باقي الطلبات لـ١٥٠٠ اسم إضافي، أي ما مجمله ٣٥٠٠ اسم تسمح بحرية التنقل في لبنان. أما علي فياض من وزارة العمل، فعرض ملف العمالة الأجنبية معلناً تأييد لبنان لوضع اتفاقية حول العمالة المنزلية في إطار الاتفاقيات الدولية. وجددت د. فاديا كيوان تعهد لبنان المصادقة على اتفاقية حقوق المعوقين والعمل على دمج الأطفال ذوي الحاجات الخاصة في التعليم النظامي. وتعهد السفير حبيب أن تقوم وزارة الخارجية بدور تنسيقي في صدور التقارير المتعلقة بالاتفاقيات الدولية، وبرر تأخير صدورها بالظروف السياسية والأمنية غير المستقرة.

عدد الخميس ١١ تشرين الثاني ٢٠١٠

الاجتماع السياسي في بكركي واحد من ثلاثة ردود أفعال قام بها البطريرك  (أرشيف ــ هيثم الموسوي)

سيكون للبطريرك الماروني نصر الله صفير مواقف تصعيدية جديدة في القريب العاجل، الأمر لا يتعلق بجدول أعمال سمير جعجع وسامي الجميل وغيرهما، ولا بالحرية والسيادة والاستقلال والشرق الأوسط الجديد. البطريرك يخوض آخر معاركه دفاعاً عن... كرسيّه

غسان سعود علمت «الأخبار» من مصدر كنسي مطّلع جداً في بيروت والفاتيكان، يقيم على بعد عشرات الأمتار فقط من مسكن البطريرك نصر الله صفير في بكركي، أن اجتماعاً عقد ظهر الأربعاء 20 تشرين الأول، على هامش سينودس أساقفة الشرق في مقر إقامة البطريرك صفير في روما (تحديداً في المدرسة المارونيّة) يعدّ أهم ما حصل على هامش السينودس الحاشد. فقد زار البطريرك أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال برتوني ورئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ساندري. وفي الاجتماع الذي استمر لأكثر من ساعة، طلب الكاردينالان من البطريرك، «بطريقة واضحة وناعمة وصريحة»، الاستقالة. معتبرين أن «الخطوة الكبيرة» ضرورية من أجل تأمين استمرارية البطريركية المارونية. وبحسب المعلومات التي توافرت، حاول الكاردينالان وضع دبلوماسيتهما بتصرف المهمة التي أوكلهما البابا بتنفيذها، وهي إقناع البطريرك بأن مصلحة الكنيسة المارونية تقتضي تقديم صفير استقالته ومواكبته بإيجابية انتخاب بطريرك جديد يناسب الخطة التي ينوي الفاتيكان تنفيذها من أجل تثبيت مسيحيي الشرق في أرضهم وتحسين إدارة شؤون الكنيسة المارونية. وتحدث الكاردينالان، وفق المصدر المطّلع، طويلاً عن تردّي الإدارة البطريركية وعجز البطريرك عن تقديم أي مبادرة للحدّ من الهجرة، ناهيك عن تقوقع البطريركية المارونية على نفسها في لبنان، في وقت تشهد فيه أوضاع المسيحيين في الشرق تردياً يتطلب دوراً أكبر من البطريركية الأكثر فعالية في الشرق. وقد حرص الكاردينالان على تجنب التطرق إلى المآخذ السياسية أو المآخذ الشخصية، مركزين حديثهم على المصلحة البطريركية التي تحظى عند الفاتيكان بالأولوية. مع تأكيد المصدر الكنسي الكبير أن المطلب الفاتيكاني لا علاقة له أبداً بالحسابات السياسية في لبنان، فالفاتيكان لا يراعي في قراراته المصيرية مصلحة هذا الزعيم أو ذاك. وإن كان للتطرف السياسي لصفير وانحيازه لفريق مسيحي ـــــ لبناني ضد آخر أثر على صنّاع القرار الفاتيكاني، مع تشديد المصدر على أن بديل صفير لن يكون أبداً و«لا في الأحلام حتى» قريباً من 8 آذار. في المقابل، يتابع المصدر، كان رد فعل البطريرك حاداً جداً سواء في رفضه الاقتراح الأساسي أو رفض التشكيك بقدرته على اتخاذ القرار المناسب في المكان المناسب. وخلال الغداء الذي أقامه البطريرك لاحقاً على شرف ضيفيه، ودعا إليه جميع المطارنة الموارنة المشاركين في السينودس، كان سيّد بكركي متوجّماً ولم يخصّ ضيفيه بأيّ التفاتة أو ابتسامة، ما أكد للمطارنة العارفين بالخفايا الفاتيكانية أن الاجتماع كان سلبياً جداً، مع العلم بأن بعض المطارنة كانوا في أجواء مضمون الاجتماع، وأحدهم أبلغ المقربين منه أن أهل الكنيسة المارونية المجتمعين في روما سيعودون إلى لبنان مع بطريرك جديد، نتيجة توقع بعض المطارنة (الذين لا يعرفون صفير جيداً، كما يبدو) عدم رد صفير الطلب البابوي.

رد فعل صفير

لاحقاً، في رد فعل على المفاتحة الفاتيكانيّة في الموضوع الذي يهمس به في الفاتيكان منذ أكثر من سنتين وازداد تيقّن البطريرك من جديّته منذ وصول السفير الفاتيكاني الجديد المونسنيور غابريال كاتشيا إلى لبنان، اتخذ صفير ثلاث خطوات، تصنّف فاتيكانياً في خانة الاستفزازية:

أولاها، تعيين المونسنيور طوني جبران رئيساً للمعهد الماروني (أنشئ في روما عام 1584 وقد خرّج الإكليريكيين والمطارنة والبطاركة على مدى قرنين من الزمن)، رغم تحفظ الفاتيكان عليه. يذكر هنا، أن صفير أقدم على تعيين جبران دون أن يقبل استقالة سلفه المونسنيور حنا علوان ودون استشارة مجلس المطارنة كما تقتضي الأصول. ثانيتها، حديثه مع قناة الجزيرة الذي بدأه صفير مراعياً عنوان السينودس الذي يشارك فيه، «الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة» وختمه موجهاً الرسائل باتجاه واحد (صوب حزب الله) رغم اعتباره أن هجرة المسيحيين من البلاد العربية سببها تنامي الأصولية (دون تحديد أصل هذه الأصولية واسمها المعلن، مقابل حديث صريح عن هاجس حزب الله لديه)، في ظل استغراب بعض المتابعين في الفاتيكان تفضيل صفير عدم تقديم أي مداخلة خلال اجتماعات السينودس التي شهدت نقاشات، فيها الكثير من المواقف المتناقضة، وانشغاله بمخاطبة الإعلام حيث لا ترجمة عملية لمواقفه. ثالثتها، رعايته الاجتماع السياسي لفريق من المسيحيين ضد فريق آخر، ضارباً عرض الحائط بكل توصيات الفاتيكان لبكركي وكل تعهداته للفاتيكان بأن يكون سياسياً لجميع المسيحيين، بل وجميع اللبنانيين، لا لمجموعة مسيحية معظم أعضائها يعجزون عن كسب تأييد غالبية الناخبين في أقضيتهم بل وفي قراهم.

الفاتيكان مستمر

المعلومات التي يتناقلها بعض المطارنة العائدين من الفاتيكان تؤكد أن الكرسي الرسولي لا يقدم على خطوة كالتي ترجمها برتوني وساندري دون احتساب مفاعيلها والاحتمالات على صعيد ردود فعل البطريرك الماروني عليها. ويرى أحد المطارنة أن الملف اليوم عند قداسة البابا الذي سيقدم في وقت قريب على إجراء عملية قيصرية يفترض أن تشبه العملية التي سبق للبابا يوحنا بولس الثاني أن أجراها عام 1985 مع البطريرك أنطونيوس خريس والتي انتهت بانتخاب المطران نصر الله صفير بطريركاً. وسط تأكيدات أن البابا يثق جداً بالسفير البابوي في لبنان وبات لديه في مكتبه تقارير عن الأداء البطريركي وقّعها مطارنة لم يستقيلوا بعد وما زالوا يقومون بمهماتهم. وبحسب المعلومات الواردة من الفاتيكان، فإن تعامل الكرسي الرسولي مع انتخابات الرهبانية المارونية اللبنانية (الكسليك) ومتابعته أدقّ التفاصيل، وصولاً إلى حد نقل صناديق الاقتراع إلى الفاتيكان لكي تُفرز الأصوات بمعيّته، أظهر الجدية الفاتيكانية في التعامل مع هذا الموضوع. وكل المؤشرات تفيد بأن الدور الذي قام به السفير البابوي في لبنان قبل انتخابات الرهبانية اللبنانية وخلالها وبعدها سيكون هو نفسه وأكثر في انتخابات الرهبانية الأنطونية والرهبانية المريمية، فضلاً عن أن الإصرار الفاتيكاني على إجراء انتخابات لاختيار أساقفة جدد في الأبرشيات يثبت أن الضغط سيزداد على صفير، وخصوصاً أن الفاتيكان يشكّ بقدرة البطريرك على إجراء انتخابات نزيهة في ظل تأثير بعض الأساقفة النافذين عليه مثل المطارنة: رولان أبو جودة، يوسف بشارة وبولس مطر.

صقور الفاتيكان

كان الأساقفة الشرقيّون المقرّبون من الفاتيكان أشبه بالصقور خلال مداخلاتهم في السينودس الأخير على صعيد المطالبة بإعادة النظر في هيكلية البطريركيات التنظيمية وتحويل الإدارة إلى خلايا عمل تتقن التطور التقني والإداري وتتناغم معه. وانتقد هؤلاء استمرار الفراغ حتى في المواقع الإدارية الشكلية، شاكين من التفريط الحاصل في العمليات العقارية والمتمثل بتأجير وبيع المحاسيب الأرزاق البطريركية دون الخضوع للإجراءات الإدارية المعتمدة في حالات كهذه. ويشير أحد المشاركين بفعالية في السينودس الأخير إلى أن آباء مقربين جداً من الفاتيكان كان لهم الدور الأكبر في صوغ التوصية السابعة (من ضمن 44 توصية قدمها السينودس الأخير) التي تقول: «حتّى تتأمّن الشفافيّة، يجب اعتماد نظام مراقبة وتدقيق في شؤون الكنيسة الماليّة، والتمييز بوضوح بين ما هو ملك لها وما يعود للأشخاص العاملين فيها. كذلك يجب المحافظة على أملاك الكنيسة وخيراتها ومؤسّساتها».

عدد الخميس ١١ تشرين الثاني ٢٠١٠

تأثير الديوكسين يتخطّى الإشعاعات النووية وتسبب أمراضاً سرطانية (مروان طحطح) عين الرمانة مجدداً. لا إطلاق نار هذه المرة. لا إشكالات على خلفية طائفية. لا شيء من هذا القبيل. هذه المرة أخذت الكارثة شكلاً مختلفاً. هكذا، تولت النيران دور القذائف، ليل أول من أمس، والتهمت مبنى، و«كحّلت» المباني القريبة. سكان المبنى (أو ما بقي منه) ما زالوا تحت وطأة ذهول الساعات الأولى، ينتظرون انتهاء تلاشي الدخان لمسح غبار الكارثة، واكتشاف حقيقة «التعويضات المفترضة». والأهم من ذلك: خطر «الديوكسين»

أحمد محسن حدث الحريق كما في الأفلام السينمائية. تحولت عين الرمانة إلى شاشة واقع عملاقة، أول من أمس. لم تتشابك الأحداث، بل تسارعت بوتيرة متناسقة، وتركزت في مبنى واحد، يلاصق سيلاً من المباني المشابهة. المشهد الأول، في الطبقة الأولى. دهمت النار فتاةً جامعية كانت تدرس فصول السنة الأولى. باغتت النيران الشرفة والنوافذ. تركت الفتاة الدفاتر، والسرير، والأشياء المبعثرة، وهرعت حافيةً إلى صدر المنزل. نزلت العائلة إلى الأرض. ولو كانت الأشياء قادرة على الحركة لهربت هي الأخرى، فالنار ناطحت السماء. واسودت الأخيرة. كان صراخ الفتاة قوياً، يسهل تمييزه في ضجيج الذاهلين الآخرين. تآكلت فصول الدراسة. من تلك اللحظة وصاعداً، صارت العائلة بلا منزل. وفي الطبقة الرابعة، اشتمّ ساكن الطبقة، إيلي طنوس، رائحة الحريق من محله القريب. سمع صوتاً يشبه تكسر الجدران ووقوعها. لم يكن الصوت إلا حصيلة الانفجارات داخل المستودع التابع لشركة «إنتر كام»، في المبنى المقابل لمدرسة الحكمة في عين الرمانة. هرع الرجل إلى المبنى كالمجنون. اشتقّ طريقاً له، بين الهاربين الآخرين، ليحضر أولاده المحاصرين. أخرجهم بشق النفس. وبدت النار «برتقالية من الطبقة السادسة». يقول الشاب الذي«رأى جهنم». لم تكن النار على مسافة موازية لناظره. كانت في ارتفاع رهيب. كأنها تسابق العين في اصطياد السحاب. تسارع كل شيء فجأة. المواد في المستودع متفجرة وليست مشتعلة وحسب. الشاب يعلم ذلك، وفهم الموضوع سريعاً. وبالطبع، هرع هو الآخر، مع عائلته، إلى خارج المبنى. راقب النار تلتهم الطبقات واحدة تلو الأخرى. يشرد أثناء تذكره الساعات الأخيرة أول من أمس. يضيع دخان سيجارته في دخان الصباح الباقي، وتضيع عيناه الدامعتين في بقايا غرفته. سمحوا له، ولعائلته، أول من أمس، بالصعود إلى المبنى لإحضار ما يمكن إحضاره، لأن العيش مع الدخان السام مستحيل. دخل غرفته لدقائق معدودة، ليحضر سروالاً، وتذكاراً قديماً، قبل أن يعود لمشاهدة منزله يحترق. وحدهم، رجال الدفاع المدني، دخلوا لإسعاف الذين أصيبوا بحالات إغماء فورية، نتيجة كثافة الدخان المنبعث، الذي سهلت رؤيته من معظم المناطق في بيروت الإدارية. لكن وفقاً لأحد الجيران «تأخر الدفاع المدني، ووصل الدفاع المدني من طريق الجديدة قبل الدفاع المدني من عين الرمانة». لا ينسى أن يثني على جهودهم، لكنهم«تأخروا قليلاً». تأخر الجميع في الواقع. وفي المساء، تقاطرت«الدولة» لمعاينة الخسائر. وبعد إنهاء الكشف الأولي، أكد وزير البيئة، محمد رحال، أنه سيعيد «النظر» بالترخيص المعطى للمستودع المسبب، إن وُجد. وكانت المناسبة فرصة «ثمينة» للوزير لإعلان نيته إعادة النظر بطبيعة الرخص المعطاة لعدد من المستودعات المنتشرة بين المباني السكنية. أما عن النفايات والرواسب، فأشار رحال إلى أن الوزارة ستنقلها إلى خارج لبنان، لمعالجتها، وطبعاً «على نفقة صاحب المستودع». أما معالجة المصابين، فستكون «على نفقة وزارة الصحة ويعود إلى صاحب المستودع التعويض عن المتضررين». ولم يكتف الوزير بهذا الكم الهائل من التصريحات، إذ إنه بعد دعوته إلى «تكسير يدين» مانح الرخصة، ذكر أن «الأضرار حصلت». وتالياً، بات من واجبه الآن وضع اليد «على كل هذه المستودعات في كل المدن اللبنانية وتنظيمها». في أي حال، تنظيم الإسعافات، عاش ارتباكاً هو الآخر. بعض المسعفين بقي يعمل حتى ساعات متأخرة عصر أمس، كما نقل بعضهم إلى المستشفيات، نتيجة تدني مستوى الأوكسيجين. احمرّت عيونهم واسودّت وجوهم من شدة التعب. اشتعلوا هم أيضاً. لكن وفقاً لما يعلنه المسعفون والإطفائيون، وحتى المسؤولون في الدفاع المدني، فإن أسباب الحريق مجهولة تماماً، ورجّح بعضهم أن تكون قد بدأت في محل قريب من المستودع، وانتقلت إليه، وحدث ما حدث. في المحصّلة، الجميع مهتمون بإحصاء الخسائر.

أين كانت الدولة؟

وحده، صاحب المستودع، وليم ك. لم يأخذ ويعطي كثيراً. زار المكان لنصف ساعة، صباح أمس، وحاول تهدئة الأهالي الغاضبين، واعداً أن التأمين «سيتكفل بتعويض كل شيء». لكن، هل يعوّض التأمين صور أطفالهم؟ وهل يعوّض موت ذاكرتهم في الحريق؟ من يعيد إليهم لحظات الفرح المخبأة تحت تلك السقوف المحترقة؟ الأهالي غاضبون، وغير راضين نهائياً، لأنهم اشتكوا من المستودع أكثر من مرّة، وعلى مدى أكثر من أربع سنوات. بعضهم غير قادر على الاستئجار في مكان آخر. والأهم من ذلك، على الصعيد المادي، أن حسابات التأمين، قد لا تأخذ في الاعتبار الارتفاع الجنوني الحاصل في أسعار العقارات. ومع اشتداد الظهيرة، أمس، تقلص عدد الفضوليين. خلت الساحة لأصحاب الكارثة. للمفجوعين في بيوتهم، وجيران الحريق، الذين نالوا نصيبهم من الجحيم. الشارع على حاله. الأسود هو السيد. يتأبط الجدران القريبة من المبنى ويمتص الوجوه الشاحبة. بدأ الجيش يصبح أكثر تساهلاً مع المارة. نامت الحواجز الحديدية التي ثبتها مساء أول من أمس على الأرض؛ فقد تقلص عدد الفضوليين. الأطفال والدخان في سباق مع الوقت. يتزاحمان في ابتلاع أحدهم للآخر. المتفرجون يحصون الخسائر. امرأة تكاد تختنق، وتشرح لكل العابرين مأساة منزلها. عاشت هناك «منذ أيام الحرب». لم تخرجها الحرب منه، واليوم، تخرج تحت وطأة النيران. تتحسر على صور الآباء والأبناء التي ذابت إلى الأبد. ينعكس «النيجاتيف» في وجهها، إذ تسرد بعض الصور العالقة في رأسها. لا يهمها سوى الصور التي كانت تسعف ذاكرتها. ماتت الذاكرة الآن. وعلى مسافة أمتار قليلة، إلى جانب مركز لحزب «القوات اللبنانية» في المنطقة، يحاول أحد الرجال القاطنين في مبنى مجاور شرح الفاجعة للصحافيين. منزله، القديم هو الآخر، لم يحترق تماماً، لكن النار لامست أطرافه. دخلته عملياً، فالأثاث لم يعد صالحاً. الحيطان اسودت. ولحظات الخوف، واقتراب الاختناق إلى الرئتين، كان أشد قسوة، من كل المشاهد المادية الباقية. ثمة مشاهد معنوية أيضاً. يفرك الرجل رئتيه ويشد عليهما بعنف في محاولة منه لوصف الكارثة. «القصة ليست قصة أثاث وحيطان، الحمد لله لم يتأذّ أحد، لكن أين كان إخوات...؟»، يسكت قليلاً. ثم يعاود نوبة الغضب ويسأل السؤال التقليدي: «أين الدولة؟». الرجل متفائل بزيارة وزير البيئة، لكنها ليست كافية. سمع حديثاً مفاده أن التعويضات قد لا تشمله، فهو في مبنى مجاور، وقصص التأمين معقدة، كذلك إن الكشف والمعاينة قد لا يشملانه، إذا جريا على الطريقة اللبنانية.

«الشفاط السحري»

وعلى صعيد التعويضات، يبدو أن «الطاسة» ضائعة بين المعنيين في موضوع التعويضات؛ إذ لفت رئيس بلدية فرن الشباك، ريمون سعادة، في حديث مع «الأخبار»، أن بلدية فرن الشباك تناشد «الهيئة العليا للإغاثة التدخل فوراً والتعويض على المتضررين». ويستفيض سعادة، محاولاً «لبننة» الموضوع، فيعقب متذمراً: «أصيب اللبنانيون بكوارث أقل حجماً وتأثيراً، وتحركت الهيئة العليا للإغاثة، فلماذا لا تتحرك الآن؟». أما الإجابة، فجاءت قبل السؤال بساعات. وزير البيئة، أعلن صباحاً، خلال زيارته التفقدية، أن صاحب المبنى ملزم بالتعويض قبل غيره على الجميع. ووفقاً لما يقوله الأهالي، هؤلاء مصرون على رفع دعوة قضائية على صاحب المبنى. بالنسبة إليهم، القصة تتجاوز الماديات. «كان ممكناً أن يموت أطفالنا»، يقول إيلي طنوس، أحد السكان، الذي يملك محلاً تجارياً في مبنى محاذٍ للمبنى المحترق. يشير إلى دخان ما زال يتصاعد من أسفل المحل، ويطلب الدخول إلى المحل. لا معالم للحريق في الداخل، بيد أن الداخل يشعر بلهيب بديهي. النار تتصاعد من بعض الفتحات في الأسفل، لتعلن أن الأمور لم تحل بعد. يؤكد طنوس أن أهالي المبنى أشاروا في أكثر من مناسبة، إلى أن هذه المواد الموضوعة في ذلك المستودع المشؤوم تسرب الكثير من الروائح الكريهة والمؤذية. وقّعوا عريضةً منذ 4 سنوات، وأخذوها إلى البلدية. وهنا، يلفت سعادة، إلى أن سجل الشكاوى في البلدية، منذ عام 2004، خال من أية اعتراضات بنيوية وجدية. الأهالي لا يوافقونه في التفاصيل، لكنهم يزيحون المسؤولية عنه؛ لأنه في ذلك الوقت «أعد كتاباً وأرسله إلى الجهات الحكومية المعنية، التي أرسلت بدورها لجنة لكشف الأضرار». ويتابع طنوس غاضباً: «اللجنة كاذبة». يفرد الرجل يديه متظللاً السماء، ومنتظراً «تقريش» الوعود بالتعويض. يشرح أن المبنى عينه تعرض للكشف فعلاً من اللجنة قبل سنوات، وجاء في تقرير اللجنة أن المواد «غير خطرة»، وأن ضبط الروائح يكون بوضع «شفاط» على السطح. وفعلاً، ركب «الشفاط» السحري على السطح حينها، وحدث ما لم يكن في الحسبان. في المقابل، يركز سعادة على وجود المستودع من أساسه. برأيه، المستودع يجب ألا يكون موجوداً بالأصل. والحديث عن رخصة هنا أو هناك، تمنحها البلدية، أمر يثير السخرية بالنسبة إليه «فمنذ انتهاء الحرب الأهلية، لم يعد أحد يسأل البلدية عن رخصة». تؤجر المحال والمؤسسات والمستودعات من دون العودة إلى البلدية. حتى في الآليات الطبيعية لسير أمور كهذا، فدور البلدية استشاري في أفضل الأحوال، والكلام لسعادة، الذي يلفت إلى أن الرخص تتفاوت بين درجة أولى وثانية وثالثة، مكذباً صاحب المستودع الذي أكد أن مستودعه حائز رخصة رسمية، ومطالباً «ببهدلته وطرده»، وخصوصاً أنه ليس من أهل المنطقة ولا من سكانها. الحقائق مخيفة: «90% من المحال والمستودعات بلا رخص من البلدية أو من الجهات الرسمية، ليس في فرن الشباك وحسب، بل في كل المناطق اللبنانية»، يختم سعادة. الحقيقة مخيفة لكنها ليست خفية. معظم سكان الحي كانوا يعلمون بالأمر، ولم يكن باستطاعتهم أكثر من العريضة التي وقعوها. حاولوا الوصول إلى نتيجة، لكن الدولة لا تتحرك إلا بعد المصائب. هكذا يردد معظمهم أضف إلى ذلك، أن تحركات الدولة، ليست مقنعة، لكنها «أفضل من لا شيء».

«تشرنوبيل» لبناني

يمكن القول إن تحرك المعنيين لاقى أصداءً شبه إيجابية من الأهالي. صحيح أن ذلك لم يبدّد غضبهم مما وصفوه بالإهمال المتعاقب، لكنهم يأملون «مشاركتهم في الكارثة». والكارثة الكبرى، التي يخشى تفاقمها، تتلخص في الجانب البيئي، وهو الأمر الذي يفسر حضور وزير البيئة قبل أي زميل له في الحكومة إلى مكان الحادثة.

اللافت أن هذه الكارثة هي الثانية من نوعها في لبنان، بعد احتراق باخرة الكبريت في الشمال، قبل ثلاثة أشهر. المتابعون البيئيون بدأوا يلمسون خطراً رهيباً نتيجة الاستخفاف المتعاقب من المؤسسات الصناعية بالشؤون البيئية. في هذا الإطار، لفت الخبير البيئي وائل حميدان، في حديث مع «الأخبار» إلى أن المواد التي التهمتها الحرائق في عين الرمانة تحتوي على جميع المقومات لتصنيفها مواد سامة، من مواد بلاستيكية وطبية وكيميائية متنوعة. وفي معرض وصفه للأضرار الناتجة من الحريق، لفت حميدان إلى أن هذه الحرائق تنتج أضراراً مطابقة لتلك الناتجة من إحراق النفايات، وهنا خطورة الموضوع؛ إذ إن هذه المواد سامة جداً، ويجب ألا تكون على مسافة قريبة من الكائنات الحية. لكن عين الرمانة منطقة شعبية تكتظ بالسكان. هكذا، يتخوف حميدان من مادة «الديوكسين» التي تنبعث عادةً من الحرائق المشابهة، والتي تصنف ضمن «أخطر المواد السامة في الوجود على الإطلاق». يشير حميدان إلى أن الديوكسين هي أخطر مادة يمكن أن ينتجها البشر، أي يتخطّى تأثيرها الإشعاعات النووية على المدى البعيد، فقد يسبب بقاؤها بعدد من الأمراض السرطانية في الرحم والكلى، وفي أعضاء أخرى؛ لأن تأثير هذه المادة السلبي هرموني بالدرجة الأولى. وآثارها قد تظهر في المدى البعيد، لا في المدى المنظور. وفي سياق منفصل، في محاولة منه للإضاءة على خطورة الموضوع، يذكر الخبير البيئي أن اتفاقية استوكهولم نصّت على ضرورة إلغاء هذه المادة من الوجود، مشيراً إلى أن لبنان وقّع الاتفاقية. وبالنسبة إلى الحلول الآنية الواجب فعلها، على الصعيد البيئي، شدد حميدان على الناس الابتعاد عن الحريق أكبر مسافة ممكنة، وعن الدخان المنبعث من احتراق هذه المواد. الحديث عن حلول بيئية جذرية في منطقة مكتظة بالسكان غير ممكن حالياً؛ لأنه يتطلب دراسة ميدانية جدية، تأخذ في الاعتبار خطورة المواد المنبعثة من جهة، والوضع الديموغرافي القائم، الذي يضع السكان في مهبّ هذه المواد. بالدرجة الأولى، يجب إبعاد الأطفال عن مكان الحدث، واستخدام الكمامات، تمهيداً لوصول خبراء مختصون، يشرفون على عملية مسح آثار الدخان، حتى من داخل غرف المنازل المتضررة؛ لأن المادة السامة تعلق في الدخان. في هذا السياق، يجب على وزارتي البيئة والصحة، وفقاً لحميدان، الاستمرار بأداء «الدور التوجيهي المناسب وإطلاق التحذيرات من الاقتراب من المادة قبل إزالتها نهائياً». على الناس تحمل مشقة الابتعاد حالياً. كثافة المادة في الهواء تضاهي كثافة الهواء المتجه غرباً باتجاه العاصمة. وحتى ذلك الوقت، فليتدبر السكان أمورهم. لجنة البناية (المحترقة) اجتمعت حتى وقت متأخر من مساء أمس، لتختم المشاهد. اجتمعوا في انتظار التحرك الرسمي الواقعي، بعيداً عن التصريحات والإطلالات الإعلامية، لأنهم لن يفترشوا السماء بعد احتراق سقوف منازلهم. وحتى ذلك الوقت، لهم الله.

الشكوى القضائية لم تنضج بعد

رضوان مرتضى أعلن سكّان المبنى الذي شبّ فيه حريقُ أول من أمس، في منطقة عين الرمانة، أنهم سيتقدّمون بشكوى جزائية أمام المحاكم المختصّة. السكّان الذين بات بعضهم في العراء أمس، بعد الحريق، ذكروا لـ«الأخبار» أنهم يُعدّون لشكوى جماعية بحق مالك المستودع وليم ك. فضلاً عن شكوى منفردة سيتقدّم بها العقيد المتقاعد إبراهيم الحاج ليطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق بمستودع الملابس خاصته، مشيراً إلى أن خسارته تفوق نصف مليون دولار. السكّان المتضررون شدّدوا على أنهم رغم التعويض المادي عن الضرر اللاحق بهم الذي سيحصلون عليه بعدما يتكفّل به مالك المستودع وشركة التأمين، فإنهم لن يتراجعوا عن شكواهم التي يُحتمل أن تطال البلدية أيضاً. وذكر رئيس لجنة المبنى المتضرر، روجيه سمعان، أنهم كلّفوا محامياً للتقدّم بشكوى جزائية ضد مالك المستودع. وأشار رئيس اللجنة المذكور إلى أن المحامي ينتظر تقرير الخبراء الذين سيجرون كشفاً كاملاً على المبنى لتحديد حجم الأضرار، لافتاً إلى أن نصّ الدعوى لم يُصغ بعد، لكنه سيقرر وفقاً لتقرير الخبراء وتعهّدات وليم ك. بالتكفّل بدفع تعويض شامل عن الأضرار التي لحقت بهم. من جهته، ذكر المحامي ميشال فغالي لـ«الأخبار» أنه ليس من مصلحته التسرّع في الشكوى قبل تكوين الاقتناعات كاملة باعتبار أن حقوق المتضررين لن تسقط بمرور الزمن. ولفت المحامي إلى أنه ينتظر تقارير يُفترض أن تصدر عن جهات مختلفة، كلجنة الخبراء التي ستكشف على المبنى، إضافة إلى تقرير بيئي وآخر سيُصدره الدفاع المدني. لذلك، رأى المحامي ميشال فغالي أن التروّي في الحالة الراهنة أفضل الخيارات، بانتظار تكوين «الاقتناع القانوني». من جهة ثانية، تحدّث أهالي المنطقة عن أكثر من «عريضة» سبق أن تقدّموا بها خلال السنتين الماضيتين، طالبوا فيها بلدية فرن الشبّاك بالتحرّك لإقفال المستودع، لأنه يحوي مواد ذات رائحة كريهة، ويُحتمل أن تكون سريعة الاشتعال، لكنهم لم يحصلوا على الانتباه الكامل، ما خلا قرار البلدية إرسال لجنة للكشف على المستودع خلصت إلى أن المواد غير مؤذية صحياً، ومن المستحيل أن تشتعل. وذكر هؤلاء أن أقصى ما قامت به البلدية هو أنها اكتفت بتركيب جهاز لشفط الهواء والرائحة ونقلهما إلى أعلى سطح المبنى الذي يحوي المستودع. لذلك، يرى عدد من الأهالي المتضررين أنّ تلكّؤ البلدية وسوء تقديرها يوجبان الشكوى القضائية عليها هي الأخرى، فضلاً عن أن «إهمالها لشكوى المواطنين المتضررين المتكررة يجعلها مسؤولة عمّا حصل من كارثة كادت تطيح أرواح العديدين لو أنها وقعت صباحاً». في المقابل، على الصعيد القضائي أيضاً، تستغرب المصادر البلدية الافتراء الذي يساق بحقّها. ويؤكدّ مسؤول رفيع فيها لـ«الأخبار» أن هناك سجل شكوى في بلدية فرن الشبّاك، لكنه يلفت إلى أنه لا شكوى مسجّلة فيه من هذا القبيل منذ أكثر من ثماني سنوات. ورأى أن هذا السجل هو المرجع القانوني للأمور المشابهة. ويلفت رئيس البلدية، ريمون سمعان، الموجود في منصبه منذ أكثر من عشر سنوات، إلى أن المستودع لا يمكن أن يكون مرخّصاً من الناحية القانونية، لأنه ممنوعٌ أن تعطى هذه الورش رخص عمل ضمن نطاق المناطق السكنية. كذلك كشف سمعان أن البلدية في صدد بدء كشف عام على المستودعات للسؤال عن ترخيصها، إضافة إلى الوقوف على طبيعة المواد التي تُطبخ في داخلها، تمهيداً لملاحقة المخالفين قضائياً.

عدد الخميس ١١ تشرين الثاني ٢٠١٠

الأخبار: فقد بادر اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني الى تنفيذ اعتصام حاشد في منطقة الكولا، تحت عنوان «كفى سرقة وفساداً» في إطار رفض «الغلاء المعيشي الفاحش والارتفاع الجنوني والمستمر للأسعار، ما يطال الأسر اللبنانية كافة ويهدد معيشتها». وقد حمل المعتصمون لافتات جاء فيها «جريمتنا أننا فقراء»، «قرارنا ليس ظنياً. أنتم من يجوّعوننا»، «المحكمة الشعبية أصدرت قرارها: الطبقة السياسية اللبنانية كلها شهود زور»، «لن نشهد زوراً على تجويع شعبنا»، «مواطن جوعان + مسؤول فجعان = الصيغة اللبنانية». وقال علي خليفة باسم المعتصمين إن معدل الذين يعيشون تحت خط الفقر وبأقل من دولار واحد يومياً هو 30 في المئة من معدل السكان، و35 في المئة مضطرون الى الهجرة للخارج، و75 في المئة من الأجراء لا تشملهم أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية. وأكّد أن الوقائع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية التي تجلّت في الأيام الأخيرة تؤكد الحقيقة السوداء في السياسة اللبنانية، حيث زايد ارتفاع أسعار الخضر واللحوم على ارتفاع مناخات التشنج الطائفي والمذهبي، ومن غير أن يتحول ذلك الى عنصر قلق لأركان الطبقة السياسية بجميع مواقعها المتناحرة والمتقابلة، «فذهبوا يتبادلون فلسفة بؤسنا وتبريره بالتطمين المضحك المبكي: حتى يقول وزير الاقتصاد محمد الصفدي إنه رغيف واحد اقتطع من ربطة الخبز، وتذهب وزيرة المال ريا الحسن ببلسمة جراحنا بأن ضريبة البنزين ضرورية لإطفاء جزء من خدمة الدين العام، ويبشرنا وزير الطاقة والمياه جبران باسيل بأن لبنان مقبل على فترة شحّ في المياه وعتمة الكهرباء، أما وزير الصحة محمد جواد خليفة فهو عنيد ومتمسك بالبطاقة الصحية بدل الضمان الشامل». ولفت الى أن «الأشد بؤساً في كل ذلك هو استمرار المواطن العادي بالقبول، وعدم القيام بأي فعل سواء بدافع اليأس أو الإحباط أو الإحساس بعدم جدوى التحرك، أو لأنه مأخوذ بأوهام عن خلاص موعود، فيما لا وجود لنقابات ولا لأحزاب خارج بيانات الإدانة والاستنكار والاستهجان». ودعا اللبنانيين الى «محاكمة كل شهود الزور في السرقة والفساد، فحقّنا في العيش ليس منّة من أحد».

مجزرة النظام المغربي بحق الصحراويين تستحق تحرك فوري على الصعيد العربي والدولي

لم يكن ينقص أبناء الصحراء الغربية، المحتلة من قبل النظام المغربي القامع، سوى مجزرة ترتكب بحق أطفاله ونسائه ومناضليه، لم يكن ينقص الشعب الصحراوي المقاوم للاحتلال سوى مجزرة جديدة ترتكب بحقه من قبل الجيش المغربي. فقد استفاق مئات الصحراويين في "مخيم الحرية" الذي نصبه المناضلون الصحراويون العزل بالقرب من مدينة العيون المحتلة من قبل المغرب، على مجزرة أدت الى استشهاد 11 صحراوياً وسقوط 700 جريح وتسجيل 159 مفقود. وكل ذلك على مرأى من عيون مدعي "العروبة"، وكل ذلك على عيون مدعي "العدالة"، وكل ذلك من دون أن يصدر ولو بيان استنكاري من جامعة الدول العربية ولا من الأمم المتحدة. إن اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني يعلن دعمه المطلق للشعب الصحراوي المناضل الذي يعاني من احتلال ارضه من قبل السلطات المغربية منذ أكثر من 35 عاماً، ولا يزال مشتتاً في صحراء تندوف في الجزائر، يتحمل قساوة الطبيعة في خيم من القماش، وفي ظروف معيشية وصحية صعبة جداً، على أمل العودة الى أرضه. ويرفض الاتحاد ما يمارسه الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية، من سرقة لثرواتها الطبيعية من دون أن يتحرك العالم ساكناً، في حين يقبع آلاف الصحراويين في المناطق المحتلة من قبل النظام المغربي تحت وطأة العنف المستمر والظلم والاضطهاد، ويدين الاتحاد المجزرة المروعة التي ارتكبت بحق المناضلين الصحراويين في "مخيم الحرية"، وندعو هذا الشعب الى الثبات على خط المقاومة، للوصول الى الحرية المنشودة. فالصحراء الغربية، لا تزال خارج اهتمامات العرب، حكومات وشعوب، مئات الصحراويين يموتون سنوياً تحت نير الاحتلال المغربي، ولا بيان عربي يدين القمع والاستبداد والاحتلال المغربي. أما آن لهذا الشعب أن يحتضن من قبل العرب؟ أما آن لهذا الشعب أن يسمع صوتاً داعماً؟ أم أن مغريات الملكية المغربية تسد أفواه الحكام العرب بدولاراتها الخضراء، وتدغدغ عقولهم بحلم التعامل المفضوح مع اسرائيل؟ "الحرية أو الشهادة"، عبارة الصحراويين التي تثبتهم في الخط المقاوم، على أمل التحرر من نير الاحتلال المغربي بفعل المقاومة، وعلى أمل أن يلتفت العالم الى قضية تستحق أن تنحني لها الرؤوس مهما كبرت.

اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني  

الأكثر قراءة