Ihsan Masri

Ihsan Masri

تأجيل الجلسة التشريعية لإقرار سلسلة الرتب والرواتب إلى 27 الجاري يعني عملياً ربطها باستحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، أي تطييرها إلى أجل غير مسمى. وما يعزز فرضية التطيير تلويح النواب المسيحيين بمقاطعة جلسات التشريع إذا شغر منصب الرئيس في 25 أيار

فاتن الحاج - الاخبار

خرج النائب نواف الموسوي من الجلسة النيابية المسائية ليقول «نحن منذ الصباح لاحظنا المماطلة». بعد ساعتين، أعلن رئيس مجلس النواب تعليق الجلسة الى 27 أيار الجاري، أي بعد يومين من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ففي هذا التاريخ ستكون البلاد قد دخلت في الفراغ، ودخل مجلس النواب في سجال حول «دستورية» عقد الجلسات التشريعية قبل انتخاب رئيس جديد، أو ستكون كلمة السر الخارجية قد وصلت، وتم انتخاب رئيس جديد، وبدأت الاستشارات لتشكيل حكومة جديدة.

يجب عدم نسيان أن هناك من طالب منذ فترة طويلة بتعليق أي بحث في السلسلة والضرائب الى حين انتخاب الرئيس الجديد وتشكيل الحكومة الجديدة. وزير التربية الياس أبو صعب قال، بعد رفع الجلسة ليلاً، إن الأمور تعقّدت أكثر، ورداً على سؤال عمّا إذا كان هناك قرار لدى بعض الكتل بتطيير السلسلة، قال «هناك شيء غير مفهوم (في سلوك النواب)... حتى الآن لم نبدأ ببحث السلسلة، ولا أعرف كيف سنتفق». هيئة التنسيق النقابية التي نجحت في الحشد لتظاهرتها في ساحة رياض الصلح، في مشهد قريب من مشاهد تظاهرات الآذاريين، اكتفت باستنكار استمرار المماطلة، وأعلنت رفضها لكل مادة أقرها المجلس النيابي متعارضة مع المذكرة التي رفعتها الهيئة الى النواب، داعية جميع مكوناتها الى اجتماع مجالس المندوبين لروابط الأساتذة والمعلمين عند الخامسة من بعد ظهر اليوم في المحافظات وعقد جمعيات عامة في الإدارات العامة لمناقشة ورفع التوصيات بالخطوات التصعيدية، وصولاً الى مقاطعة الامتحانات الرسمية. وقالت مصادر قيادية في الهيئة إنها تعي تماماً معنى التأجيل، ولكنها لن تُستدرج الى أي صراع سياسي لا يتصل بصراعها من أجل إقرار السلسلة وتكليف الريوع والأرباح بعبء تمويلها، ولذلك ستنتظر حتى 25 أيار قبل أن تعاود تحرّكاتها التصعيدية. واعتبرت هذه المصادر أن المهم الآن الحفاظ على وحدة الهيئة والعمل على إسقاط الصيغة المقترحة للسلسلة والضرائب، إذ أعلنت الهيئة سابقاً أنها لن تقبل بأي سلسلة، بل هي تناضل منذ ثلاث سنوات من أجل سلسلة تقرّ بالحقوق الكاملة للمعلمين والموظفين والأجراء والمتعاقدين والمتقاعدين. لم يكن تطيير السلسلة مفاجئاً، أو كان بالحد الأدنى متوقعاً مع نهاية الجلسة الصباحية، حيث كان النواب قد علقوا بنوداً ضريبية خلافية، ولا سيما الضريبة على القيمة المضافة وتغريم محتلي الأملاك العامة البحرية والنهرية، وبدا الإقرار متعذراً موضوعياً لجهة عدم توفر وقت كاف لمقاربة ما تبقى من المواد القانونية الضريبية ومواد قانون السلسلة والإصلاحات، بحسب ما أشاعه نواب كثر لدى خروجهم من الجلسة الأولى. ومع بداية نقاش مواد السلسلة، برز نزاع متجدد بشأن جداول العسكريين والإداريين والمعلمين والكلام القديم ـــ الجديد على غياب العدالة بين القطاعات الوظيفية. وبات الأمر أقرب إلى اليقين في اللحظة التي طلب فيها النائب مروان حمادة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أخذ وقت مستقطع لمدة 10 دقائق للتشاور مع رؤساء الكتل النيابية، وذلك للتباحث «في مدى إمكان إقرار المشروع في الوقت المتبقي قبل الثانية عشرة ليلاً، حيث ندخل في يوم جديد ولا يحق لنا التشريع أو «ما في سلسلة»، من دون أن يستبعد حمادة خيار أن يعود المشروع إلى الحكومة ما دمنا مستمرين في تقديم مشهد مؤسف عن مجلس النواب وطريقة التشريع بتحويل المشروع من لجنة إلى أخرى لإقرار إيرادات لا نعرف حتى الآن ما هي قيمتها وسلسلة إلها أول ما إلها آخر». أجواء التطيير تتابعت مع تمديد مدة الربع ساعة التي أعطاها بري للتشاور إلى نصف ساعة من دون الوصول إلى اتفاق مرة أخرى على المادة الثانية من القانون المتعلقة بأساسات الرواتب والدرجات وقيم الدرجة. فعلقت هذه المادة، كما علقت المادة الخاصة بالدرجات الأربع والنصف المعطاة للموظفين الإداريين والمواد التي عدلتها اللجان المشتركة الخاصة بالدرجات الست للمعلمين. ولم يصدق النواب إلا على المواد التي لم تكن يوماً محط اعتراض لدى أي من النواب والكتل النيابية أو حتى هيئة التنسيق النقابية. وكان من بشائر عدم النية في الإقرار أن يطلق «المشرّعون» العنان لنقاش مواد بدا مستغرباً أن تأخذ كل هذا الوقت الذي أخذته مثل تمديد العطلة القضائية التي استغرقت نحو ثلاثة أرباع الساعة، لتقر بعد ذلك كما عدلتها اللجنة النيابية الفرعية الثانية، وسقط اقتراح بري بتعديلها إلى 45 يوماً. اللافت في النقاش أنّه لم يعكس الاتفاق بين الكتل النيابية، كما كانت تشيع مصادرها عشية الهيئة العامة للمجلس النيابي، إذ بقيت البنود المتنازع عليها، خلافية بدليل تعليقها وتقديم مقاربات متباعدة بشأن المواد الإصلاحية، ولا سيما بالنسبة إلى وقف التوظيف والتعاقد الوظيفي وتعديل دوام العمل للموظفين الإداريين، الذي استرسل النواب في نقاشه أيضاً. في الواقع، بدأت المفاجآت قبل الجلسة الصباحية عندما قررت جبهة النضال الوطني عقد مؤتمر صحافي لتعلن فيه بصورة غير مباشرة عدم موافقتها على سلسلة غير معروفة الإيرادات. قال النائب علاء الدين ترو إننا «نُصرّ على أن السلسلة ورغم ما أُدخل عليها من تعديلات مهمّة، تبقى قاصرة عن الوصول إلى محاولة الإصلاح الفعلي». كذلك، أعلن حزب الله موقفاً رافضاً لصيغة السلسلة المقترحة وضرائبها، ووزع النائب علي فياض كلمته في الجلسة على الصحافيين، التي قال فيها «إننا سنسعى من موقعنا الطبيعي إلى جانب المواطنين، معلمين وعسكريين وإداريين، إلى إعطائهم الحقوق الكاملة والعادلة وحماية المقاربة الضريبية العادلة». هذا الموقف ترجمه النائب علي عمار بإعلانه الانسحاب من الجلسة الصباحية لحظة مناقشة المادة المتعلقة بالغرامات على احتلال الأملاك العامّة، ليعود إلى الانضمام إليها في الجلسة المسائية. وقبل تطيير الجلسة ليلاً، كان النواب قد صدّقوا على المادة الأولى الخاصة برفع الحد الأدنى للأجور. وعلقت المادة الثانية المتعلقة بجداول الرواتب. وعدّل البند الثاني من المادة الثالثة المتعلقة بنقل أفراد الهيئة التعليمية في التعليم الرسمي إلى الإدارات العامة بإضافة عبارة باستثناء التفتيش التربوي... وشطبت المادة السابعة المتعلقة باشتراط الإجازة أو الماجستير للتعيين في التعليم الثانوي، فقال النائب أحمد فتفت إنّ هناك صعوبة في الحصول على هذا الشرط. وكذلك شطبت المادة 19 المتصلة باحتفاظ الموظف الذي يرفع من الفئة الثانية إلى الفئة الأولى بنصف عدد الدرجات. ووافق النواب على اقتراح وزير التربية بإعطاء المتعاقدين في التعليم الخاص في المادة 13 نسبة مئوية على حصص العمل الأسبوعية. أما في الإصلاحات، فبدا أن هناك مقاربتين مختلفتين، إذ تمسكت كتلة تيار المستقبل بالبنود الواردة في تقرير اللجنة، وحصل سجال بين بري والسنيورة، إذ تمسك الأخير بإجراء مسح لتحديد الحاجات للتوظيف، فيما قال بري إنّ المسح موجود. وزير التربية تمسك بالتعاقد ليس من باب موافقته عليه وهو لم يوقع عملياً منذ توليه الوزارة سوى على ثلاثة عقود، إنما من باب الحاجة إلى الاختصاصات. وفي موضوع تعديل دوام العمل، أقر أن يبدأ الدوام من الساعة الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، ومن الثانية حتى الخامسة مع عطلة يوم السبت. النائب سامي الجميل رأى أن التعطيل السبت يعرقل مصالح المواطنين الذين ينجزون معاملاتهم في هذا اليوم.

امجد سمحان - السفير

منذ نحو 66 عاماً والحاج أبو إسماعيل الخروب من مخيم الجلزون يجلس أمام المقهى. يستمع إلى المذياع. يحفظ الخطابات عن ظهر قلب. يتابع جيداً نشرات الأخبار بانتظار خبر يبشره بالعودة إلى بيت نبالا، التي هجَّره الاحتلال منها حين احتل فلسطين في العام 1948. يجلس الرجل الثمانيني وقد ارتسمت على محياه ابتسامة. تعتريه بين الفينة والأخرى حالة غضب مفاجأة ليؤكد «لو مش أنا إبني، لو مش إبني إبن إبني، لا يمكن إلا يجي يوم نرجع فيه على بلادنا». يرى أبو إسماعيل أن الأمل في العودة إلى فلسطين «لم ولن ينقطع»، ويجدد بين الفينة والفينة وصيته لأحفاده «إياكم أن تنسوا حق العودة أو تتنازلوا عنه»، ثم يوجه نداءه إلى العالم «تحلموش أنو إحنا رح نتنازل عنه، لو اخذتو رواحنا». يتذكر الحاج أبو إسماعيل لحظاته الأخيرة في بيت نبالا، وكيف كان حال أهلها يعيشون بهدوء قبل أن تُسلب منهم «من دون ذنب لنا سوى أننا ضحية ظلم الاحتلال الانكليزي». واحتلت إسرائيل قرية بيت نبالا في العام 1948 ومعها 774 قرية ومدينة فلسطينية، دمرت 531 منها عن بكرة أبيها، كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة، وتهجير 800 ألف آخرين. اليوم وبعد مرور 66 عاماً على نكبة فلسطين، وبرغم «الوضع الصعب للعرب» يرى أبو إسماعيل أنّ «الحلم سيتحقق، والعدالة ستأخذ مجراها .. وربك ما بينسى حدن». ويحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة اليوم بسلسلة فعاليات في مراكز مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية، وداخل الأراضي المحتلة حيث يفترض إطلاق صفارات الإنذار عند منتصف النهار، قبل أن تنطلق تظاهرات ضخمة يلبسون خلالها الزي الأسود. وبدأت احتفالات ذكرى النكبة رسمياً يوم أمس، حين انطلقت مسيرة للحافلات التي أقلت اللاجئين إبان النكبة في شوارع مدينة رام الله، لإعادة تمثيل مشهد تهجير اللاجئين قبل 66 عاماً. وسينطلق يوم غد مهرجان مركزي للخطابات وكلمات الفصائل «سيكون مليئاً بالكلام الفارغ» كما يقول أبو إسماعيل، الذي يستطرد قائلاً لكنه «سيبقي الأمل حياً فينا». وأصدر جهاز الإحصاء الفلسطيني بياناً في ذكرى النكبة يقول إن عدد الفلسطينيين بعد 66 عاماً من احتلال فلسطين، بلغ 4,5 ملايين نسمة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وفي القدس الشرقية، و1,4 مليون داخل الأراضي المحتلة، فيما بلغ عدد الفلسطينيين في العالم حوالي 11,8 مليون نسمة. وتشير الإحصاءات الرسمــية إلى أنّ نسبة اللاجئين في داخل الأراضي الفلسطينية تشكل 44,2 في المئة من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام 2013، كما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى «وكالة الأمم المتحــدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلســطين» في الأول من كانون الثــاني للعام 2013 حــوالي 5,35 ملايين لاجئ. يعيش 29 في المئة من اللاجئين الفلسطــينيين في 58 مخيماً، تتوزع بواقع 10 مخيمــات في الأردن و9 مخــيمات في ســوريا و12 مخيماً في لبنان و19 مخيماً في الضفة الغربية و8 مخيمات في قطاع غزة.

انتقل الصراع السياسي في مصر سريعاً إلى الحركة النقابية. في العاشر من أيار الحالي اجتمع ممثلون عن التنظيمات النقابية في القاهرة وأعلنوا تأييدهم للمشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات رئاسة الجمهورية. وفي اليوم ذاته، اجتمع ممثلون عن التنظيمات ذاتها في الإسكندرية مع ممثلي الحكومة ورجال الأعمال ووقعوا وثيقة تعهدوا فيها بوقف الإضرابات والاحتجاجات العمالية حتى الانتهاء من "خريطة الطريق". وأعاد الحدثان إلى الأذهان سيطرة الدولة على العمل النقابي، وتبعية التنظيم النقابي للدولة، والتي استمرت منذ العام 1957 وحتى العام 2008، الذي شهد تأسيس أول نقابة مستقلة عن اتحاد العمال الرسمي. ولم يكن ما حدث في العاشر من أيار مفاجئاً، فعقب عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز العام 2013، أصدرت الاتحادات النقابية بيانات تأييد لـ"خريطة الطريق"، فيما دعا بعض تلك الاتحادات إلى وقف الإضرابات. وكان ملفتاً للانتباه أن تلك الدعوات تلتها موجات إضرابات عمالية قوية، أدت في نهاية الأمر إلى الإطاحة بحكومة حازم الببلاوي، علماً بأنّ معظم هذه التحركات المطلبية لم يكن بدعوة الاتحادات العمالية أو قيادتها، فبعضها كانت تقوده اللجان النقابية القاعدية وبعضها الآخر كان من دون قيادة نقابية أصلاً. ويعني ذلك أنه لا توجد جهة قادرة على السيطرة على الحركة العمالية أصلا. ولكن المفارقة الأكبر أن الاتحادات التي وقعت على وثيقة وقف الإضرابات لم تتمكن طوال الفترة الماضية من تحقيق مكاسب حقيقية للعمال عبر تفاوضها مع الحكومة ورجال الأعمال. فلم تستطع رفع الحد الأدنى للأجور أو تحسين علاقات العمال أو وقف ملاحقة العمال المضربين. لم تنجح تلك الاتحادات في القيام بمهمتها النقابية الأصلية في دعم العمال، فاتجهت لدعم الدولة ومرشحها الرئاسي. يذكر أن أبرز الاتحادات النقابية القائمة في مصر حالياً هي ثلاثة أولها "اتحاد نقابات عمال مصر"، الذي تأسس بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في العام 1957 وظل مرتبطا بالدولة ومؤيدا لسياساتها. وثانيها "الاتحاد المصري للنقابات المستقلة" الذي تأسس في ميدان التحرير في 30 كانون الثاني العام 2011 أي أثناء الثورة على نظام حسني مبارك. وهناك أيضاً "اتحاد عمال مصر الديموقراطي"، والذي تأسس بعد انشقاق عدد من النقابات عن الاتحاد المصري للنقابات المستقلة عام 2012. وبرغم الصراع الدائم بين الاتحادات الثلاثة والتنافس على تمثيل العمال، إلا أنها اتفقت على تأييد السيسي ووقف الإضرابات دعما لـ"خريطة الطريق". لكن هذا الموقف أثار أزمة في الحركة النقابية، خاصة المستقلة، حيث أصدرت لجان نقابية تابعة لـ"الاتحاد المصري للنقابات المستقلة" و"اتحاد عمال مصر الديموقراطي" بيانات رافضة لتأييد السيسي ووثيقة منع الإضرابات، التي أطلقت عليها تلك اللجان اسم "وثيقة العار". وقال رئيس النقابة العامة للبناء والأخشاب التابعة لـ"اتحاد نقابات عمال مصر" عبد المنعم الجمل لـ"السفير" إن "مبادرة وقف الإضرابات لم تكن الأولى التي نطلقها. فقد أطلقنا مبادرة سابقة في ظل المجلس العسكري. وأطلقنا مبادرة ثانية في عهد مرسي. وهذه هي المبادرة الثالثة. وكنت أتمنى أن تتضمن الوثيقة حلولاً واضحة لقضايا العمال، لا أن توقف الإضرابات فقط. كذلك كان يجب أن تكون الحكومة شريكة في الوثيقة وليست راعية فقط، لأن الحكومة نفسها صاحب عمل". وعن قدرة الاتحاد الرسمي على وقف الإضرابات، أوضح الجمل "نحن مسؤولون فقط عن العمال الأعضاء في اتحاد نقابات عمال مصر. والإضرابات التي قد تحدث في منشآت لا تتبع اتحادنا نقابياً ليست من مسؤوليتنا". وحول تأييد السيسي، قال الجمل إن "شعبية السيسي وسط العمال جارفة بالفعل، ونحن عبرنا عن تلك الشعبية بتأييدنا له. العمال يريدون الأمن واستئناف العمل والحياة، ويرون السيسي قادرا على ذلك". وتابع "هناك معارضون لموقفنا المؤيد للسيسي طبعاً ولكنهم أقلية... ويكفي أن تأييد السيسي جمع خصوم العمل النقابي للمرة الأولى، وهو ما يمكن أن يتحول إلى وحدة نقابية". لكنّ ما يراه البعض اتفاقاً بين فرقاء الحركة النقابية على تأييد السيسي، يراه آخرون سباقاً على التقرب من السلطة. وفي هذا الإطار، تساءلت عضو المكتب التنفيذي في "الاتحاد المصري للنقابات المستقلة" هدى كمال في حديث إلى "السفير": "كيف يقابل ممثلو العمال إطلاق الخرطوش وقنابل الغاز على الإضرابات واعتقال العمال المضربين بوثيقة تتعهد بوقف الإضرابات؟". وأضافت "هذا القرار لا يعبر عن القواعد العمالية، التي تعاني من تجاهل مطالبها، وتتعرض للملاحقة والإضطهاد في الإضرابات السلمية". ورأت كمال أنه "من المستغرب أن يحدث ذلك في الإسكندرية التي شهدت أكثر نسبة اعتقالات للعمال"، مبدية دهشتها لأن "مهمة النقابات أصلا ليست منع الإضرابات ولكن تنظيمها وقيادتها". وحول تأييد السيسي، قالت كمال: "نحن نرفض توظيف الحركة النقابية لصالح أي مرشح. لا السيسي ولا (مؤسس "التيار الشعبي" المرشح الرئاسي) حمدين (صباحي)". وتوضح: "اعتراضنا ليس على السيسي بالذات، حيث أننا كنا سنعترض إذا كان التأييد لحمدين أيضاً". ويمثل توظيف الحركة النقابية لصالح السلطة السياسية حساسية خاصة لدى النقابيين. ومنذ استخدام عبد الناصر للنقابات في الإطاحة بالرئيس محمد نجيب في آذار العام 1954، تم تأميم العمل النقابي وتوظيفه لصالح السلطة طوال نصف قرن. وكان ظهور النقابات المستقلة مؤشراً مهماً على تحرر الحركة النقابية من قبضة الدولة، وهو ما تبدده المواقف الأخيرة. وفي هذا الإطار، قالت عضو "اتحاد عمال مصر الديموقراطي" سمر سامي لـ"السفير" إن "من دعموا السيسي لا يمثلون العمال". وأضافت "فليدعموا من يشاؤون ولكن ليس باسم العمال"، مشددة على أنه "يجب الفصل بين العمل النقابي والعمل السياسي". وتابعت "لنا مطالب وحقوق سنرفعها في وجه أي رئيس يأتي. ونحن لا نقدم تعهدات لأحد لأنه ليس من حق أي أحد أن يتنازل عن حق من حقوق العمال، والحق في الإضراب من أهم حقوق العمال التي تتنازل عنها تلك الوثيقة". وتشير سامي إلى أن "الوثيقة لم يوقع عليها سوى ممثلي الاتحادات - لا الحكومة وقعتها ولا رجال الأعمال - ومعنى ذلك أنها لا تلزم سوى النقابات". وتساءلت "كيف يقدمون تنازلات كتلك من دون أي مقابل، وحتى من دون مراجعة هيئات التنظيم النقابي"، معتبرة أن "من وقعوا تلك الوثيقة لا يملكون تنظيم إضراب أو منعه. ولا يملكون توجيه العمال للتصويت لأي أحد في الانتخابات". بعيدا عن مناقشة مطالب العمال وقضاياهم جرى التوقيع على وثيقة الإسكندرية وإعلان تأييد السيسي, وهذا ليس بالأمر الجديد، فإعلانات التأييد كانت تصدر عن الاتحاد الرسمي على امتداد السنوات الثلاثين لحكم مبارك، فيما مبادرات وقف الإضرابات – لا بل إدانتها – تكررت عشرات المرات... وبالرغم من أن كل تلك البيانات والمبادرات لم يحمِ نظام المخلوع، إلا أن ثمة من يراهن عليها اليوم!

في وقت تحشد فيه هيئة التنسيق النقابية، اليوم، غضبها الشعبي، تصاغ تسوية بين الكتل النيابية لإقرار قانونَي سلسلة الرتب والرواتب وضرائبها، في جلسة مجلس النواب، كما عدّلتهما اللجنة النيابية ـــ الحكومية مع تعديلات طفيفة لا تلبي مطالب معظم مكونات هيئة التنسيق. وحده حزب الله خرج من المعادلة وقرر إعلان مقاربة مختلفة

فاتن الحاج - الاخبار

معظم الكتل النيابية توافقت على دخول القاعة العامة للمجلس النيابي، اليوم، بنية إقرار مشروعَي قانونَي سلسلة الرتب والرواتب والمواد القانونية الضريبية. حصل التوافق في اجتماع عقد، أمس، في السرايا الحكومية، بحضور رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء وأعضاء اللجنة النيابية ـــ الحكومية، وقد حسم أموراً كثيرة، بحسب مصادر نيابية مطلعة، لتتسارع بعده وتيرة الاتصالات بين الأفرقاء بهدف مناقشة بعض النقاط الخلافية وتوضيحها.

وإذا ما ركبت الطبخة ـــ التسوية بين الكتل عشية الجلسة، فإنّ الاتجاه سيكون نحو إقرار قانون السلسلة بمادة وحيدة، وتفادي مقاربة المواد القانونية مادة مادة. لكن يبدو أن حزب الله قرر أن يكون خارج التسوية، إذ تريث وزراؤه في تسجيل أي موقف من التوافق داخل اجتماع السرايا، في وقت يستعد فيه النائب علي فياض لعقد مؤتمر صحافي في المجلس النيابي، بالتزامن مع الجلسة التشريعية يعلن فيه عدم قبول الكتلة بما توصلت إليه اللجنة النيابية ـــ الحكومية وتأكيد الإصرار على مقاربة مختلفة تضمن الحقوق الكاملة للقطاعات الوظيفية ورفض تحميل الفقراء عبء الإجراءات الضريبية. على خط موازٍ، دعت التعبئة التربوية في حزب الله إلى التزام الإضراب العام والشامل وإلى مشاركة واسعة في التظاهرة التي تنفذها هيئة التنسيق النقابية من أمام جمعية المصارف باتجاه ساحة رياض الصلح. ولكن يبدو أن هذا ليس موقف كتلة التنمية والتحرير، إذ قالت مصادر منها إن الأخيرة لن تمانع إقرار قانون السلسلة بمادة وحيدة، إذا ما جرى الأخذ ببعض التعديلات، من دون أن تغفل المصادر حرص الكتلة على أن تكون النفقات متطابقة مع الواردات، وهي قد سجلت ملاحظة أساسية تتعلق برفض الضريبة على القيمة المضافة. أما في ما يتعلق بالبنود الإصلاحية، فإنّ الكتلة توافق على ضرورة أن تتلازم مع مشروع السلسلة. وتستبعد المصادر أن تحصل تعديلات كبيرة، إذ قد يطرح إعطاء المعلمين أربع درجات ونصف إضافية، وإعطاء المعلمين المتقاعدين نسبة غلاء معيشة، ومن غير المنطقي مساواتهم بمن هم في الخدمة الفعلية وإعطاؤهم درجات. القاعدة التي ستحكم، بحسب المصادر، هي أن «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم». وبالنسبة إلى تكتل الإصلاح والتغيير، فقد أمل أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان، في أعقاب اجتماع الثلاثاء، أن ينتهي مسلسل السلسلة بتحقيق الحد الأدنى من التوازن والإصلاح، لافتاً إلى أنّ الفرصة الإضافية التي أعطيت لإعادة درس السلسلة كانت من أجل الوصول إلى أكبر قدر من التوافق وليس عكس ذلك. وأكد أهمية تصحيح الخفض غير المدروس بحق العسكر والحفاظ على الدرجات الست للأساتذة، وعدم فرض ضرائب على الفقير. الكتلة النيابية لتيار المستقبل علقت هي الأخرى على حصيلة عمل اللجنة النيابية، داعية إلى أن يؤكد النقاش حقوق العاملين في القطاع العام من إداريين وعسكريين وأساتذة بشكل عادل ومتوازن، مع المحافظة على التوازن المطلوب بين مداخيل السلسلة وتكاليفها الفعلية وعلى الاستقرار المالي والنقدي. وشددت على أن يترافق إقرار السلسلة مع تنفيذ سلة متكاملة من الإجراءات الإصلاحية التي تؤدي إلى تعزيز الإنتاج والإنتاجية في القطاع العام والاقتصاد الوطني وتسهم في استعادة دور الدولة وهيبتها. وقد كشفت مصادر مطلعة على أجواء التسوية أن لقاءات اليومين الأخيرين أفضت إلى إجراء بعض التعديلات على تقرير اللجنة النيابية ـــ الحكومية، إن لجهة المواد القانونية أو لجهة البنود الإدارية الإصلاحية. وقد جرى التوافق على إلغاء المادة 24 المتعلقة بإلغاء اقتطاع الغرامات، كذلك شُطبت المادة المتصلة بتحديد سقف التعويضات بتحديد مجموع التعويضات والمكافآت التي يتقاضاها الموظف في الأسلاك المدنية والعسكرية والقضائية والتعليمية، بما في ذلك الجامعة اللبنانية بـ 40% من مجموع رواتبه الشهرية في السنة المالية نفسها. وكان إصرار من أعضاء اللجنة على تعديل دوام العمل الرسمي في الإدارات ليصبح 35 ساعة بدلاً من 32, والإبقاء على البند المتعلق بأن لا تتجاوز الأعمال الإضافية سقف 35 ساعة. وبدت أكثرية الكتل مقتنعة بأن المعلمين أخذوا حقوقهم عندما نالوا 10 درجات ونصف، وهنا قال نواب «الدرجات تعني بشكل أو بآخر زيادة على الراتب». ورأت المصادر أنّه بات للكتل النيابية توجه واحد من نفقات السلسلة، ما يعزز فرضية إقرار القانون بمادة واحدة، فيما يتركز الخلاف في الواردات، ما قد يدفع النواب إلى مناقشة المواد الضريبية كل مادة على حدة. في مجال آخر، علمت «الأخبار» أنّ وفداً من قيادة الجيش زار أمس، بالتنسيق مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وزير المال علي حسن خليل لتقديم ملاحظات المؤسسة العسكرية على الصيغة النهائية لسلسلة رتب ورواتب العسكريين. ولفتت مصادر أمنية إلى أن خليل وعد بدراسة الملاحظات التي قدمها الوفد، وكذلك فعل نواب ووزراء التقاهم الوفد. وقالت المصادر إن السلسلة الحالية تقول للعسكري «ارحل إلى القطاع المدني أو فقط ارحل»، لما فيها من ظلم وإجحاف. في المقابل، بدا لافتاً أن يرجئ المدير العام للتعليم المهني والتقني أحمد دياب مواعيد الامتحانات الرسمية المهنية العملية والشفهية التي كانت مقررة اليوم بسبب الإضراب. وفي هذه الأثناء، أنهت هيئة التنسيق النقابية الاستعدادات لما سمته «يوم الغضب الشعبي» حيث تنتظر مشاركة «الفيضان البشري»، مشيرة في اجتماعها اليومي إلى أن التطاول على الحقوق سيدفعها إلى تصعيد التحرك، وصولاً إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية من ألفها إلى يائها. برأي الهيئة، «اليوم سيكون مفصلياً بين من يعمل لدولة الرعاية الاجتماعية ومن يعمل لمزرعة التعاقد الوظيفي التي يتحكم بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وموظفوه من المسؤولين الرسميين، بما يسهل عليهم نهب مقدرات اللبنانيين ودفع الغالبية منهم إلى تحت خط الفقر». ودعت جمهورها إلى الرد على ما سمته «التسريبات الرسمية التي جهدت في التخفيف من زخم المشاركة» بمزيد من التجاوب مع الدعوة إلى التظاهرة المركزية. وحمّلت الهيئة النواب مسؤولية عدم إجراء الامتحانات الرسمية في موعدها المحدد، ما لم يقرّوا غداً (اليوم) مطالب المعلمين والأساتذة وباقي القطاعات الوظيفية كما وردت إليهم في مذكرة هيئة التنسيق من دون تجاوز أي بند. وفي الاعتصام أمام وزارتي الإعلام والسياحة، أمس، وصف رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب قانون السلسلة بالانقلاب الفعلي على وظيفة الدولة اللبنانية، كدولة للرعاية الاجتماعية عبر إلغاء نظام الوظيفة العامة في لبنان ونقله إلى نظام التعاقد الوظيفي». وطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري «بالتمسك بحقوق هيئة التنسيق النقابية، والدعوة إلى جلسات متتالية والضغط حتى إقرار الحقوق كاملة». وقال إنّه يوم الامتحان للسلطة السياسية، متوجهاً بنداء إلى الشعب اللبناني «انزلوا إيد بإيد مع هيئة التنسيق لرفض كل الضرائب التي تفرض على الشعب وذوي الدخل المحدود، ولتحصيل الضرائب من الريوع المصرفية والأملاك البحرية ومصادر الهدر والفساد». وطالب «بأوسع حشد من كل القرى والبلدات في البقاع والجنوب والشمال والشوف وعاليه وكسروان...». من جهته، دعا رئيس مجلس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض المعلمين في المدارس الخاصة إلى التزام الإضراب وإلى أوسع مشاركة في التظاهرة. ورأى أن «مشروع اللجنة النيابية الأسوأ منذ 3 سنوات والذي ضرب حقوق المعلمين بإلغاء الدرجات الست، قصد معاقبة المعلمين بالتحديد وهيئاتهم النقابية على مواقفهم الصلبة في هيئة التنسيق». وعشية الإضراب، عاد الحديث عن التفاوت في التزام معلمي المدارس الخاصة بالمشاركة في وقف الدروس والانخراط في التحرك، في وقت بدا فيه لافتاً أن يصل إلى معلمي المدارس التابعة لجمعية المقاصد الخيرية مذكرة من إدارة الجمعية تعلن فيها توقف الدروس لساعة واحدة، وتحديداً في الحصة التي تلي الفرصة الصباحية الأولى. وجاء في المذكرة أنّ الهدف هو التضامن مع المعلمين والاعتراض على صدور سلسلة غير متوازنة». أما رابطة موظفي الإدارة العامة فلوّحت بإضراب مفتوح ابتداءً من صباح غد الخميس إذا صدق ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي، لجهة إلغاء الأربع درجات والنصف للموظفين الإداريين. ورفضت الرابطة التعرض لرواتب وتعويضات الموظفين والمس بالدرجات التي تؤمن شيئاً من العدالة مع القطاعات الأخرى، مؤكدة إقرار الصيغة التي سبق ووزعتها على النواب. وفي سياق متصل، وسّعت الإجراءات الإدارية التي اتخذتها اللجنة النيابية ـــ الحكومية رقعة المعترضين على مشروع السلسلة من خارج مكونات هيئة التنسيق، فدعت نقابة عمال كهرباء لبنان ونقابتا عمال ومستخدمي السكك الحديد والنقل المشترك إلى الإضراب وعدم الحضور في كل مراكز ودوائر مؤسسة الكهرباء والسكك الحديد، اليوم «تعبيراً عن رفضها واستيائها لما تضمنه مشروع القانون الخاص بالسلسلة والذي طال الحقوق المكتسبة للعمال والمستخدمين».

ياسمين شوّاف «التقى، أمس، وللمرة الثالثة، حشد من الحزبيين والناشطين اليساريين في قصر «الأونيسكو»، بدعوة من «المؤتمر الوطني للإنقاذ والتأسيس»، استكمالا لمبادرة أطلقت قبل نحو سنة بهدف لم شمل اليسار ومحاولة احداث ثغرة في الجدار الفولاذي للنظام الطائفي. يرفض القيمون على المؤتمر تحويل أنظارهم عن الأساسيات. قبل الحديث عن عجز مجلس النواب في انتخاب رئيس للجمهورية خلال المهلة المحددة، هناك مجلس نيابي غير شرعي، وقبل الحديث عن مطلب اجتماعي، ثمة خلل في النظام. في البداية، كانت كلمة افتتاحية للزميلة رونا الحلبي، ثم عرض فيلم قصير جسد أبرز المحطات في تاريخ لبنان الحديث والاستنتاج: «إنقاذ لبنان.. واجب وطني ملح». ألقى المثقف سماح إدريس كلمة سياسية باسم أصحاب المبادرة ذكّر فيها بأن بين أهم أسباب قيام هذا المؤتمر هو محاولة توحيد قوى التغيير، من أجل إحداث ثغرات حقيقية في جدار النظام. وعرض خضر سليم لأهم إنجازات لجنة المتابعة التي تولت التحضير للمؤتمر، ثم تلا أربعة شبان عناوين المشروع الذي يطرحه المؤتمر كخارطة طريق نحو التغيير الجذري: مجلس النواب، القضاء، الإدارة، التعليم، العمل، الحريات وأخيراً النظام الاقتصادي. كما طرحوا خطة العمل التي تبدأ بتشكيل «هيئة تأسيسية» تقود المرحلة الانتقالية فيجري «الإعداد لبناء المؤسسات الدستورية وفقاً لما تمليه الإرادة الشعبية». وتمثل هذه الهيئة بحسب المشروع المطروح، جميع الشرائح الاجتماعية فتؤول إلى «شرعية حقيقية تمثيلية». وتضم خطة العمل مراحل عدة، أولها «أيام الخيارات الوطنية» التي تحقق «إنجاز الخيارات الأساسية في المجالات الحياتية والاجتماعية والحقوقية والاقتصادية والمؤسساتية»، إضافة إلى ضم الكفاءات العلمية والفكرية و«التواصل مع الفعاليات والمؤسسات التمثيلية والشباب». أما مرحلة «الاختراق والمواجهة» فترتكز على «العمل النقابي من خلال تأسيس النقابات في الإدارات العامة والقطاع الخاص بغية تأسيس حركة نقابية مستقلة»، من دون إهمال دور الإعلام وجمعيات المجتمع المدني. وخصص شق من المؤتمر للاستماع إلى اقتراحات الموجودين (70 مدعواً)، فكان أول المتكلمين الأمين العام لـ«الحزب الشيوعي اللبناني» خالد حدادة الذي دعا إلى احتضان هيئة التنسيق النقابية والمشاركة في تحركاتها. كما اعترض حدادة، كممثل لحزب يساري، على طروحات المؤتمر الاقتصادية، داعياً إلى استبدالها بأولوية قيام دولة الرعاية الاجتماعية. بدوره، اعتبر الوزير السابق عصام نعمان أن «المواجهة» باتت قريبة، ما يحتم ضرورة «خلق مناخ شعبي ملائم». بينما اكتفى النائب البعثي عاصم قانصوه بتوجيه التحية إلى القيمين على المبادرة وتهنئتهم على جهودهم واهتمامهم. وكانت كلمة الختام لرئيس «حركة الشعب» نجاح واكيم الذي اعتبر أن «كل هدف يصار للعمل من أجله هو قابل للتحقيق». وكان لافتاً للانتباه أن «المؤتمر الوطني للإنقاذ والتأسيس»، قد أغرق نفسه في الوثائق النظرية والعموميات، بينما كان يجب أن ينطلق مما طرحه واكيم، أي الجانب العملي لخطة العمل، فظلت أسئلة كثيرة بلا أجوبة، وبينها سؤال ماذا يضمن أن لا يتكرر المؤتمر بعد سنة.. والنتيجة العملية صفر: لا وحدة لقوى اليسار والتغيير ولا ثغرة في جدار الأزمة. سماح إدريس استبق هذه الملاحظة بالقول في كلمته إن «الحل لن يخرج من بين أيدي المبادرين.. كما يخرج الأرنب من قبعة الساحر». وبرغم بعض الاستثناءات، فإن فئة الشباب التي ركز المتحدثون على محورية دورها، غابت عن مشهد الاونيسكو، لمصلحة طغيان الوجوه العتيقة التي شاركت وتشارك في المواسم النضالية منذ مطلع السبعينيات حتى يومنا هذا. جريدة السفير

ياسمين شوّاف «التضامن سلاح يجب استعماله».. هذا ما قاله الأسير جورج عبدالله في رسالته الأخيرة. وبالأمس لم يخذل المناصرون «رفيقهم جورج». فتجمّعوا بالعشرات أمام السفارة الفرنسية للتذكير بقضيته، متسلّحين بأصواتهم التي علت «فوق أسوار» السفارة الفرنسيّة. ويبقى أكثر ما يميّز تحرّكات «الحملة الدولية للإفراج عن عبدالله» أن معظم المشاركين فيها لم يكونوا قد ولدوا يوم أسر عبدالله، إلا أن هؤلاء الشباب يعون أهمية قضيته، مرددين: «اهتف اهتف يا شباب.. من الفرنساوي ما من هاب!». الصيحات المعتادة كانت تتردد من كلّ صوب، رافضة «الركوع أمام الإمبريالية المتمثلة بأمريكا وفرنسا والصهيونية». في حين تصدّرت الشعارات المنتقدة للسلطة اللبنانية لاسيما الرئيس ميشال سليمان والحكومة «اللذين يواصلان يومياً خذل اللبنانيين والتخلي عن قضاياهم»، وصف المتظاهرون الحكومة بـ«حكومة التبعية» والحاكم بـ«الجبان». ويأتي الاعتصام بعد تقديم جورج عبدالله طلباً جديداً لإطلاق سراحه بشروط، قبل بضعة أيام. وتخلّلت الاعتصام كلمات لكل من رئيس «مركز الخيام لتأهيل ضحية التعذيب» محمد صفا وشقيق جورج روبير عبدالله، الذي أكّد أن لبنان يعيش اليوم في زمان الرئاسة التي وصفها «بالأكذوبة» إذ يأتي الخيار من الخارج وليس صناعة وطنية. وأسف لعدم «الجدوى من التوجّه إلى الحكومة اللبنانية»، متسائلاً عن مصير لجنة المتابعة التي شكلتها الحكومة السابقة لمتابعة قضيتهم. وأضاف أن «هذا الإهمال يبرهن مدى قلة جدية الدولة اللبنانية وحكوماتها المتعاقبة، لاسيما أن الرئيس تمام سلام أكد عند تسلّمه منصبه أنه سيتابع قضية جورج»، معتبراً أن «قضية سلسلة الرتب والرواتب أكبر شاهد على كلامه». وتوّج اعتصام الأمس بمداخلة لعضو «شبكة صامدون» ونقابة المحامين الأميركية تشارلوت كايتس التي دعت إلى أوسع تضامن مع قضية جورج عبدالله وسائر الأسرى السياسيين وهؤلاء القابعين في السجون الصهيونية. جريدة السفير

لم أذهب يوماً إلى فرنسا. ولم أجد لديّ رغبة في ذلك.. جهلي بالفرنسية شكل حاجزاً بيني وبين ثقافتها.. وكل ما قرأته مترجماً منها إلى لغات أعرفها، لم أجد لديّ ميلاً إليه. هي عالمٌ مجهول لا ينقشع غموضه بعدد من الأفلام السينمائية، أو العبارات المتناثرة. حولي كثيرٌ من المديح لفرنسا ولـ«ديموقراطيتها».. لكن، ولربع قرن، انحصرت صورتها في الذهن برسم لشاب بالأحمر، رهين زنزانة فيها. كلما لُفظ اسمها، لا تتبادر سوى صورة جورج إبراهيم عبدالله. ابن القبيات، الذي يقضي سنة تلو أخرى معتقلاً سياسياً، بعدما احتجزته فرقة موساد سنة 1984. وبرّر الفرنسيون اعتقاله بحيازة أوراق ثبوتية غير صحيحة. كان يفترض به أن يعود إلى لبنان منذ 15 عاماً، بموجب «انتهاء مدة سجنه» و«طلب الإفراج المشروط».. لكنه تحوّل من القضاء إلى السياسة.. وبقي معتقلاً. كنت أظن أن قضية جورج «لطخة عار على جبين الديموقراطية الفرنسية».. إلا أن الأمر ليس كذلك. تلك «الديموقراطية» لا تعدو كونها قناعاً يغطي بشاعة الوجه. فاحترام حقوق الإنسان، وتجريم الاحتجاز التعسفي والاعتقال السياسي، شعارات لا نصيب لفرنسا منها.. إنما تسري قسراً على بلادنا، التي ما زالت شوارعها تحمل أسماء المحتلين. جورج الإنسان، قضى «محكوميته»، بجريمة لم يثبت أنه ارتكبها.. كثيرون سقطوا، غيّروا مواقعهم في سنيّ اعتقالهم، بدّلوا القضية وموقع البندقية وتاجروا بها، لكنه بقي صامداً.. ربما ساعده السجن الطويل في رؤية الأمور من بعيد، وبتأن.. ولم يسقط. ربما لكونه محكوماً بالصمود. الحـرية لجورج إبراهيم عبد الله. عماد الدين رائف - السفير

شلّ اليوم الأول من الإضراب العام والشامل المدارس الرسمية والإدارات العامة في بيروت والمحافظات، رغم الخروق التي شابته، إن في صفوف الشهادات الرسمية التي تنهي عامها الدراسي في 15 أيار أو في بعض الوزارات

 

فاتن الحاج

 

تستعد هيئة التنسيق النقابية لـ«يوم غضب سلمي وحضاري». يتظاهر أصحاب سلسلة الرتب والرواتب عند الحادية عشرة من قبل ظهر 14 أيار من أمام جمعية المصارف في وسط بيروت إلى أمام المجلس النيابي. تتوِّج التظاهرة أيام الإضراب الستة التي بدأت أمس في المدارس والثانويات والمعاهد المهنية الرسمية وفي الإدارات العامة والوزارات ولدى موظفي الجامعة اللبنانية والبلديات بالتزام فاق 80%.

وعشية الإضراب، أعدّت لجنة ممثلة لمكونات هيئة التنسيق مذكرة ضمنتها التعديلات المطلوبة على المواد القانونية والضريبية للسلسلة كبادرة حسن نية، وقد أودعها رؤساء الروابط وممثلوها الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، الذي سيسلمها بدوره إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل انعقاد الهيئة العامة بجلستيها الصباحية والمسائية، في 14 أيار. كذلك ستتولى مكاتب فروع الهيئات في المحافظات تسليم المذكرة إلى النواب، كل في منطقته، وبوفود موسعة من هيئة التنسيق خلال أيام الجمعة والسبت والأحد. أما الأسبوع المقبل فينطلق باعتصامات في الوزارات والسرايا الحكومية في المحافظات.

نداء إلى اللبنانيين

أمس، عقدت هيئة التنسيق مؤتمراً صحافياً في وزارة التربية وجهت فيه نداء إلى الشعب اللبناني، تلاه مسؤول الدراسات في رابطة أساتذة التعليم الأساسي الرسمي عدنان برجي. ومما جاء فيه: ثلاث سنوات وصوتنا يدوّي مذكرات توضيح وإضراباً واعتصاماً وتظاهراً، في عز الصيف وتحت المطر، مطالبين بحقوق لنا في ذمة الدولة اللبنانية تراكمت على مدار ثمانية عشر عاماً، حتى أصبحت 130% من قيمة رواتبنا المجمدة منذ 18 عاماً.

لقد شهد العالم بحقنا وأقرت حكوماتنا والنواب بهذا الحق، لكن المولود المشوّه الذي أنتجته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تحوّل معاقاً على أيدي اللجان النيابية المشتركة، ليصبح مسخاً على أيدي اللجنة النيابية الفرعية الأخيرة. نقول مشروعاً مسخاً لأنهم على سبيل المثال لا الحصر أعطوا المعلمين والأساتذة 10%، إضافة إلى غلاء المعيشة. وبالمقابل لم يكتفوا بنهب فلس الأرملة، بل ذهب بهم الجشع إلى حدود حرمان الابن المعاق من معاش والده المتقاعد، إذا أنجب هذا المعاق ولداً سليماً وبلغ 18 عاماً. إنّ هذا يقدم للناس فكرة عما يدور في خلد بعض نوابنا من أبناء الطبقة التي تسلطت على مال الوطن، فقبضت حتى الآن ما يزيد على 76 ألف مليار ليرة فوائد دينها العام الذي يزداد قصداً لا قهراً ليبلغ 65 مليار دولار، فيما قيمة رواتبنا تدنت من 55% في السبعينيات زمن وجود الطبقة الوسطى، إلى أقل من 23% من الموازنة المغيبة قصداً منذ عشر سنوات. إنّ أكثر ما يؤلمنا أن يمضوا سنين وشهوراً في البحث عن إيرادات يزعمون أنّها لرواتبنا، متناسين أنّه رغم السرقات الموصوفة في المرفأ والمطار والهدر المعلن في المشاريع الحكومية والفساد المستشري في قطاعات محمية، فإنّ واردات الخزينة تزيد على حاجة لبنان رواتب واستثماراً لولا 6500 مليار ليرة تضاف سنوياً إلى محفظة المصارف اللبنانية تحت مسمى فوائد دين عام، و3000 مليار ليرة تذهب إلى جيوب أبطال الفساد والهدر تحت مسمى دعم الكهرباء، والدليل أنهم صرفوا على هذا القطاع أكثر من 20 مليار دولار ولا يوجد في بيوت اللبنانيين كهرباء. لن نرهقكم بالأرقام، فقد حفظها لكثرة تردادها جميع اللبنانيين، حتى إن أحد المواطنين المتألمين قال من على شاشة التلفزيون علناً: «تلاحقوننا من أجل زراعة ممنوعة لجأنا إليها، بعدما جاع أطفالنا فيما أنتم تعطون نساء المسؤولين 1000 مليار ليرة سنوياً تحت مسمى جمعيات لا تبغي الربح». إننا نقول كفى تدجيلاً، فقد طفح الكيل. فنحن أردنا فقط زيادة في رواتبنا تعوّض ما خسرناه جراء التضخم على مدار 18 عاماً والبالغ حتى اليوم أكثر من 130%، كي نحفظ كرامة الأستاذ والمعلم والموظف ورجل الأمن والمتعاقد والمتقاعد والمياوم والأجير، وكي نضع مدخلاً للإصلاح الإداري والتربوي الذي ننشده، ولدينا الدراسات اللازمة حياله فيما لو أرادوا الإصلاح فعلاً لا ستاراً لضرب آخر ما تبقى من مفهوم المؤسسات في البلد وإجبار المواطنين على العمل بالسخرة. لقد أردنا حفظ مؤسسات الدولة، إذ من دونها يتفكك المجتمع وتنهار الدولة، فكان ردهم في مشروعهم المسخ أنهم تطاولوا على كراماتنا واستهزأوا بصرخاتنا الحضارية، قبل أن يمضي أسبوع واحد على تظاهرة 50 ألف معلم وأستاذ وموظف ومتعاقد ومتقاعد ومياوم وأجير في شوارع بيروت التي كانت يوماً أمّ الشرائع وأصبحت اليوم بفضلهم مرتع الذئاب. إنهم بكل أسف يستعجلون سقوط الهيكل على الجميع.

أيها اللبنانيون

يا من يدق الفقر المدقع أبوابكم من أقصى قرى عكار المنسية، والبقاع المهمل، والجبل المحروم من الإنماء، والجنوب المعاني احتلالاً وتدميراً ثم تجاهلاً، إلى شوارع بيروت المهجرة إلى أبعد من ضواحيها البعيدة، إليكم جميعاً نقول: لن يكون في هيئة التنسيق النقابية من يساوم على حقوقكم، أو يتعب من النضال حفاظاً على كرامته وكراماتكم. وكي لا يكون تعميم الفقر مدخلاً إلى هز الاستقرار الأمني في لبنان، فقد أعلنّا مرغمين الإضراب الشامل في القطاع العام من ثانويات ومدارس ومعاهد تعليم مهني وتقني وإدارات ومؤسسات عامة وبلديات، من صباح هذا اليوم 8 أيار 2014 إلى مساء 14 أيار 2014، كما اتخذنا توصية مؤلمة لم نكن نريدها على الإطلاق، توصية بعدم إجراء الامتحانات الرسمية من ألفها إلى يائها في حال استمرار تشاطرهم في عدم الالتزام بالاتفاقات المعقودة معنا من قبل المسؤولين الرسميين، أو عمدوا إلى تمرير المشروع المسخ الذي حولته اللجنة النيابية الفرعية الأخيرة إلى المجلس النيابي. إننا وعلى الرغم من رفضنا الكامل لهذا المشروع المسخ فقد أوردنا التعديلات المطلوبة على المشروع كبادرة حسن نية منا في المذكرة التي سوف نرفعها إلى الرئيس نبيه بري والتي سوف نعلنها لاحقاً. وفيها نتمسك بحقنا بزيادة 121% على سلاسل رواتبنا المقرة في القانونين 661/ 1996 و717/ 1997. ولأننا أساتذة في الديموقراطية ومعلمون لها وعاملون في الوظيفة العامة من أجل تحقيقها، فإننا ندعوكم، وكما لبيتم النداء في الأسبوع الماضي، إلى يوم غضب سلمي وحضاري يوم الأربعاء المقبل 14 أيار الجاري، موعد انعقاد الجلسة النيابية العامة، للتظاهر عند الحادية عشرة من أمام جمعية المصارف في وسط بيروت إلى أمام المجلس النيابي، يسبق ذلك اعتصامات في الوزارات والسرايا الحكومية في المحافظات يومي الاثنين والثلاثاء 12 و13 أيار الجاري. كما ندعوكم إلى تسليم المذكرة إلى النواب، كل في منطقته، وبوفود موسعة من هيئة التنسيق النقابية في هذه المناطق خلال الأيام الثلاثة المقبلة: الجمعة والسبت والأحد في 9 و10 و11 أيار. أيها المعلمون، أيها الأساتذة، أيها الموظفون، أيها المتعاقدون، أيها المتقاعدون، أيها الأجراء والمياومون: إنّ يومكم المعهود هو يوم 14 أيار، فكونوا الزلزال الذي يهز أركانهم وكونوا مرة أخرى العنوان الناصع للوحدة الوطنية الشعبية اللبنانية رداً على من يدّعون الاختلاف فيقسمون البلد، وعلى من يدّعون الاتفاق فيقتسمون الجبنة.

لقاء التغيير الجذري ودور الشباب

 

قدّم المناضل الأسير جورج ابراهيم عبد الله طلباً جديداً لإطلاق سراحه بشروط، كما أعلن محاميه جان لوي شالونسيه، الذي أشار إلى أنه أرفق بالطلب عنصراً جديداً هو رسالة من "السلطات اللبنانية تؤكد أنها ستتكفل به (عبدالله) فور خروجه من السجن لتعيده الى لبنان". وقال شالونسيه لـ"فرانس برس"، أمس إنه "لم يتم حتى الآن تحديد أي موعد للجلسة أمام قاضي التنفيذ". وفور علمها بالأمر، دعت "الحملة الدولية للإفراج عن الأسير اللبناني جورج إبراهيم عبدالله" إلى "أوسع مشاركة في الاعتصام التضامني الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر غدٍ، أمام السفارة الفرنسية في بيروت"، مشيرةً إلى أن "الاعتصام التضامني هو مناسبة لإدانة الإجراءات التعسفية التي تقوم بها الإدارة الفرنسية بحق المتضامنين مع عبدالله في باريس والعديد من المدن الفرنسية". وأكدت "الحملة" أنه "لم يعد تحرير عبدالله مسألة قضائية، ولا تحتاج لمناسبة قضائية للتظاهر، بل هي مسألة سياسية بالدرجة الأولى".. و"التضامن سلاح يجب استعماله"، يقول الأسير عبدالله في رسالته الأخيرة.

السفير

الأكثر قراءة