ياسمين شوّاف «التقى، أمس، وللمرة الثالثة، حشد من الحزبيين والناشطين اليساريين في قصر «الأونيسكو»، بدعوة من «المؤتمر الوطني للإنقاذ والتأسيس»، استكمالا لمبادرة أطلقت قبل نحو سنة بهدف لم شمل اليسار ومحاولة احداث ثغرة في الجدار الفولاذي للنظام الطائفي. يرفض القيمون على المؤتمر تحويل أنظارهم عن الأساسيات. قبل الحديث عن عجز مجلس النواب في انتخاب رئيس للجمهورية خلال المهلة المحددة، هناك مجلس نيابي غير شرعي، وقبل الحديث عن مطلب اجتماعي، ثمة خلل في النظام. في البداية، كانت كلمة افتتاحية للزميلة رونا الحلبي، ثم عرض فيلم قصير جسد أبرز المحطات في تاريخ لبنان الحديث والاستنتاج: «إنقاذ لبنان.. واجب وطني ملح». ألقى المثقف سماح إدريس كلمة سياسية باسم أصحاب المبادرة ذكّر فيها بأن بين أهم أسباب قيام هذا المؤتمر هو محاولة توحيد قوى التغيير، من أجل إحداث ثغرات حقيقية في جدار النظام. وعرض خضر سليم لأهم إنجازات لجنة المتابعة التي تولت التحضير للمؤتمر، ثم تلا أربعة شبان عناوين المشروع الذي يطرحه المؤتمر كخارطة طريق نحو التغيير الجذري: مجلس النواب، القضاء، الإدارة، التعليم، العمل، الحريات وأخيراً النظام الاقتصادي. كما طرحوا خطة العمل التي تبدأ بتشكيل «هيئة تأسيسية» تقود المرحلة الانتقالية فيجري «الإعداد لبناء المؤسسات الدستورية وفقاً لما تمليه الإرادة الشعبية». وتمثل هذه الهيئة بحسب المشروع المطروح، جميع الشرائح الاجتماعية فتؤول إلى «شرعية حقيقية تمثيلية». وتضم خطة العمل مراحل عدة، أولها «أيام الخيارات الوطنية» التي تحقق «إنجاز الخيارات الأساسية في المجالات الحياتية والاجتماعية والحقوقية والاقتصادية والمؤسساتية»، إضافة إلى ضم الكفاءات العلمية والفكرية و«التواصل مع الفعاليات والمؤسسات التمثيلية والشباب». أما مرحلة «الاختراق والمواجهة» فترتكز على «العمل النقابي من خلال تأسيس النقابات في الإدارات العامة والقطاع الخاص بغية تأسيس حركة نقابية مستقلة»، من دون إهمال دور الإعلام وجمعيات المجتمع المدني. وخصص شق من المؤتمر للاستماع إلى اقتراحات الموجودين (70 مدعواً)، فكان أول المتكلمين الأمين العام لـ«الحزب الشيوعي اللبناني» خالد حدادة الذي دعا إلى احتضان هيئة التنسيق النقابية والمشاركة في تحركاتها. كما اعترض حدادة، كممثل لحزب يساري، على طروحات المؤتمر الاقتصادية، داعياً إلى استبدالها بأولوية قيام دولة الرعاية الاجتماعية. بدوره، اعتبر الوزير السابق عصام نعمان أن «المواجهة» باتت قريبة، ما يحتم ضرورة «خلق مناخ شعبي ملائم». بينما اكتفى النائب البعثي عاصم قانصوه بتوجيه التحية إلى القيمين على المبادرة وتهنئتهم على جهودهم واهتمامهم. وكانت كلمة الختام لرئيس «حركة الشعب» نجاح واكيم الذي اعتبر أن «كل هدف يصار للعمل من أجله هو قابل للتحقيق». وكان لافتاً للانتباه أن «المؤتمر الوطني للإنقاذ والتأسيس»، قد أغرق نفسه في الوثائق النظرية والعموميات، بينما كان يجب أن ينطلق مما طرحه واكيم، أي الجانب العملي لخطة العمل، فظلت أسئلة كثيرة بلا أجوبة، وبينها سؤال ماذا يضمن أن لا يتكرر المؤتمر بعد سنة.. والنتيجة العملية صفر: لا وحدة لقوى اليسار والتغيير ولا ثغرة في جدار الأزمة. سماح إدريس استبق هذه الملاحظة بالقول في كلمته إن «الحل لن يخرج من بين أيدي المبادرين.. كما يخرج الأرنب من قبعة الساحر». وبرغم بعض الاستثناءات، فإن فئة الشباب التي ركز المتحدثون على محورية دورها، غابت عن مشهد الاونيسكو، لمصلحة طغيان الوجوه العتيقة التي شاركت وتشارك في المواسم النضالية منذ مطلع السبعينيات حتى يومنا هذا. جريدة السفير