شلّ اليوم الأول من الإضراب العام والشامل المدارس الرسمية والإدارات العامة في بيروت والمحافظات، رغم الخروق التي شابته، إن في صفوف الشهادات الرسمية التي تنهي عامها الدراسي في 15 أيار أو في بعض الوزارات
فاتن الحاج
تستعد هيئة التنسيق النقابية لـ«يوم غضب سلمي وحضاري». يتظاهر أصحاب سلسلة الرتب والرواتب عند الحادية عشرة من قبل ظهر 14 أيار من أمام جمعية المصارف في وسط بيروت إلى أمام المجلس النيابي. تتوِّج التظاهرة أيام الإضراب الستة التي بدأت أمس في المدارس والثانويات والمعاهد المهنية الرسمية وفي الإدارات العامة والوزارات ولدى موظفي الجامعة اللبنانية والبلديات بالتزام فاق 80%.
وعشية الإضراب، أعدّت لجنة ممثلة لمكونات هيئة التنسيق مذكرة ضمنتها التعديلات المطلوبة على المواد القانونية والضريبية للسلسلة كبادرة حسن نية، وقد أودعها رؤساء الروابط وممثلوها الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، الذي سيسلمها بدوره إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل انعقاد الهيئة العامة بجلستيها الصباحية والمسائية، في 14 أيار. كذلك ستتولى مكاتب فروع الهيئات في المحافظات تسليم المذكرة إلى النواب، كل في منطقته، وبوفود موسعة من هيئة التنسيق خلال أيام الجمعة والسبت والأحد. أما الأسبوع المقبل فينطلق باعتصامات في الوزارات والسرايا الحكومية في المحافظات.
نداء إلى اللبنانيين
أمس، عقدت هيئة التنسيق مؤتمراً صحافياً في وزارة التربية وجهت فيه نداء إلى الشعب اللبناني، تلاه مسؤول الدراسات في رابطة أساتذة التعليم الأساسي الرسمي عدنان برجي. ومما جاء فيه: ثلاث سنوات وصوتنا يدوّي مذكرات توضيح وإضراباً واعتصاماً وتظاهراً، في عز الصيف وتحت المطر، مطالبين بحقوق لنا في ذمة الدولة اللبنانية تراكمت على مدار ثمانية عشر عاماً، حتى أصبحت 130% من قيمة رواتبنا المجمدة منذ 18 عاماً.
لقد شهد العالم بحقنا وأقرت حكوماتنا والنواب بهذا الحق، لكن المولود المشوّه الذي أنتجته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تحوّل معاقاً على أيدي اللجان النيابية المشتركة، ليصبح مسخاً على أيدي اللجنة النيابية الفرعية الأخيرة. نقول مشروعاً مسخاً لأنهم على سبيل المثال لا الحصر أعطوا المعلمين والأساتذة 10%، إضافة إلى غلاء المعيشة. وبالمقابل لم يكتفوا بنهب فلس الأرملة، بل ذهب بهم الجشع إلى حدود حرمان الابن المعاق من معاش والده المتقاعد، إذا أنجب هذا المعاق ولداً سليماً وبلغ 18 عاماً. إنّ هذا يقدم للناس فكرة عما يدور في خلد بعض نوابنا من أبناء الطبقة التي تسلطت على مال الوطن، فقبضت حتى الآن ما يزيد على 76 ألف مليار ليرة فوائد دينها العام الذي يزداد قصداً لا قهراً ليبلغ 65 مليار دولار، فيما قيمة رواتبنا تدنت من 55% في السبعينيات زمن وجود الطبقة الوسطى، إلى أقل من 23% من الموازنة المغيبة قصداً منذ عشر سنوات. إنّ أكثر ما يؤلمنا أن يمضوا سنين وشهوراً في البحث عن إيرادات يزعمون أنّها لرواتبنا، متناسين أنّه رغم السرقات الموصوفة في المرفأ والمطار والهدر المعلن في المشاريع الحكومية والفساد المستشري في قطاعات محمية، فإنّ واردات الخزينة تزيد على حاجة لبنان رواتب واستثماراً لولا 6500 مليار ليرة تضاف سنوياً إلى محفظة المصارف اللبنانية تحت مسمى فوائد دين عام، و3000 مليار ليرة تذهب إلى جيوب أبطال الفساد والهدر تحت مسمى دعم الكهرباء، والدليل أنهم صرفوا على هذا القطاع أكثر من 20 مليار دولار ولا يوجد في بيوت اللبنانيين كهرباء. لن نرهقكم بالأرقام، فقد حفظها لكثرة تردادها جميع اللبنانيين، حتى إن أحد المواطنين المتألمين قال من على شاشة التلفزيون علناً: «تلاحقوننا من أجل زراعة ممنوعة لجأنا إليها، بعدما جاع أطفالنا فيما أنتم تعطون نساء المسؤولين 1000 مليار ليرة سنوياً تحت مسمى جمعيات لا تبغي الربح». إننا نقول كفى تدجيلاً، فقد طفح الكيل. فنحن أردنا فقط زيادة في رواتبنا تعوّض ما خسرناه جراء التضخم على مدار 18 عاماً والبالغ حتى اليوم أكثر من 130%، كي نحفظ كرامة الأستاذ والمعلم والموظف ورجل الأمن والمتعاقد والمتقاعد والمياوم والأجير، وكي نضع مدخلاً للإصلاح الإداري والتربوي الذي ننشده، ولدينا الدراسات اللازمة حياله فيما لو أرادوا الإصلاح فعلاً لا ستاراً لضرب آخر ما تبقى من مفهوم المؤسسات في البلد وإجبار المواطنين على العمل بالسخرة. لقد أردنا حفظ مؤسسات الدولة، إذ من دونها يتفكك المجتمع وتنهار الدولة، فكان ردهم في مشروعهم المسخ أنهم تطاولوا على كراماتنا واستهزأوا بصرخاتنا الحضارية، قبل أن يمضي أسبوع واحد على تظاهرة 50 ألف معلم وأستاذ وموظف ومتعاقد ومتقاعد ومياوم وأجير في شوارع بيروت التي كانت يوماً أمّ الشرائع وأصبحت اليوم بفضلهم مرتع الذئاب. إنهم بكل أسف يستعجلون سقوط الهيكل على الجميع.
أيها اللبنانيون
يا من يدق الفقر المدقع أبوابكم من أقصى قرى عكار المنسية، والبقاع المهمل، والجبل المحروم من الإنماء، والجنوب المعاني احتلالاً وتدميراً ثم تجاهلاً، إلى شوارع بيروت المهجرة إلى أبعد من ضواحيها البعيدة، إليكم جميعاً نقول: لن يكون في هيئة التنسيق النقابية من يساوم على حقوقكم، أو يتعب من النضال حفاظاً على كرامته وكراماتكم. وكي لا يكون تعميم الفقر مدخلاً إلى هز الاستقرار الأمني في لبنان، فقد أعلنّا مرغمين الإضراب الشامل في القطاع العام من ثانويات ومدارس ومعاهد تعليم مهني وتقني وإدارات ومؤسسات عامة وبلديات، من صباح هذا اليوم 8 أيار 2014 إلى مساء 14 أيار 2014، كما اتخذنا توصية مؤلمة لم نكن نريدها على الإطلاق، توصية بعدم إجراء الامتحانات الرسمية من ألفها إلى يائها في حال استمرار تشاطرهم في عدم الالتزام بالاتفاقات المعقودة معنا من قبل المسؤولين الرسميين، أو عمدوا إلى تمرير المشروع المسخ الذي حولته اللجنة النيابية الفرعية الأخيرة إلى المجلس النيابي. إننا وعلى الرغم من رفضنا الكامل لهذا المشروع المسخ فقد أوردنا التعديلات المطلوبة على المشروع كبادرة حسن نية منا في المذكرة التي سوف نرفعها إلى الرئيس نبيه بري والتي سوف نعلنها لاحقاً. وفيها نتمسك بحقنا بزيادة 121% على سلاسل رواتبنا المقرة في القانونين 661/ 1996 و717/ 1997. ولأننا أساتذة في الديموقراطية ومعلمون لها وعاملون في الوظيفة العامة من أجل تحقيقها، فإننا ندعوكم، وكما لبيتم النداء في الأسبوع الماضي، إلى يوم غضب سلمي وحضاري يوم الأربعاء المقبل 14 أيار الجاري، موعد انعقاد الجلسة النيابية العامة، للتظاهر عند الحادية عشرة من أمام جمعية المصارف في وسط بيروت إلى أمام المجلس النيابي، يسبق ذلك اعتصامات في الوزارات والسرايا الحكومية في المحافظات يومي الاثنين والثلاثاء 12 و13 أيار الجاري. كما ندعوكم إلى تسليم المذكرة إلى النواب، كل في منطقته، وبوفود موسعة من هيئة التنسيق النقابية في هذه المناطق خلال الأيام الثلاثة المقبلة: الجمعة والسبت والأحد في 9 و10 و11 أيار. أيها المعلمون، أيها الأساتذة، أيها الموظفون، أيها المتعاقدون، أيها المتقاعدون، أيها الأجراء والمياومون: إنّ يومكم المعهود هو يوم 14 أيار، فكونوا الزلزال الذي يهز أركانهم وكونوا مرة أخرى العنوان الناصع للوحدة الوطنية الشعبية اللبنانية رداً على من يدّعون الاختلاف فيقسمون البلد، وعلى من يدّعون الاتفاق فيقتسمون الجبنة.