Hiba Awar

Hiba Awar

أكد أمين عام الحزب الشيوعي خالد حدادة في كلمة القاها خلال افتتاح مخيم للشباب اليساري العربي على "ضرورة بناء نظام  بديل في الدول العربية"، مضيفاً أن " العالم العربي أمام مرحلة انتقالية الى عالم جديد"، معتبراً ان "النظام الرسمي العربي قد مات منذ زمن طويل وهو لم يمت فقط، بل يجب ان يحاسب"،وأشار حدادة الى أن "هذا النظام مسؤول عن ثلاثة كوارث عاشها العالم العربي خلال الفترة الماضية أولها على المستوى الوطني، فالنظام  الرسمي العربي مسؤول عن ضياع حق الشعب الفلسطيني وعدم تحرير فلسطين حتى الآن، مع ان هذه الانظمة أقيمت على اساس محاسبة الأنظمة السابقة لها لانها اضاعت فلسطين، ولكننا رأينا هذه الأنظمة ساهمت في اضعاف صورة فلسطين في العالم وامكانية استعادتها".ورأى حدادة أن "هذا النظام أفشل قيام الوحدة العربية كما واضاع الثروة العربية، فـ 10 % فقط من عائدات النفط مما سُلِبَمن هذه الثروات كان قادراً على حل مشكلة المجاعة والفقر والتخلف في السودان ومصر"، مضيفاً أن "هذا النظام في تدهور الجانب الاقتصادي – الاجتماعي اذ ان الالتحاق بالنظام الاقتصادي العالمي من شأنه ان يفك الالتزام بالقضية الوطنية"، معتبراً ان "التحاق الأنظمة العربية وآخرها على سبيل المثال التحاق سوريا بالنظام النيوليبرالي – الاقتصادي أثّر على مصداقيتها في القضية الوطنية وكذلك على الضمانات الاجتماعية"، مشيراً الى أن "التقديمات الاجتماعية في بلادنا اعدمت، حتى الجزء اليسير منها اختفى".وعن الوضع السوري، لفت حدادة الى انه "يتصارع في سوريا 3 حركات: الحركة الشعبية الصادقة، النظام، والتدخلات الخارجية"، مشيراً الى ان "ما يجري في سوريا اليوم ليس بسبب موقفها من القضية الوطنية، فهو ليس كمصر وغيرها انما الذي لا يفهمه النظام في سوريا انه كنظام فقد جزءاً أساسياً من قاعدته الاجتماعية بسبب نظامه الاقتصادي. فهو نظام مهّد الى الخصخصة وتخلى عن حقوق المواطنين الاجتماعية"، مضيفا "نحن في حالة ثورية كانت تتراكم، وتتضخم أيضاً، فالثورة المصرية جاءت بعد تراكم نضال عمال معامل حلوان واضرابات المحلة وغيرها"، شارحاً كيفية انفجار هذه التراكمات"أحياناً ينشأ حدث ما  فيكون صفارة الانطلاق والشرارة، ويشعل أحداً الفتيل ولكن لا يصنعه، فالبو عزيزي اشعل فتيل ثورة تونس، وخالد سعيد أشعل فتيل ثورة مصر، ودرعا في سوريا"، معتبراًً ان "الثورات العربية حالة ثورية طالما تستهدف تغيير النظام الرسمي العربي القديم، والحالة الثورية لاتنتهي ضرورة بالثورة والنجاح".وشدد حدادة على " ضرورة اتخاذ موقف مؤازر تجاه القضايا الوطنية، والوضع الاجتماعي – الاقتصادي، اضافة الى موقف من قضية الحرية والديمقراطية"،  مؤكداً ن "تحقيق أحداهما لا يلغي الآخر، وهذه القضايا الثلاثة مترابطة، وقد تتقدم أحداها عن الأخرى ولكن يجب ان لا تنفصل"، متطرقاً إلى "المشروع الاميركي الجديدأو ما يسمى "إعادة تكوين جديد لمشروع الشرق الأوسط"، الذي يعمل على تكوين الصراع على أسس جديدة عرقياً أحياناً كالاكراد، أو دينية (شيعية – سنية...)، والذي لا يستثني حتى أصدقاء اميركا الجدد في العالم العربي"، لافتاً الى أن "هذا المشروع كان يجري تنفيذه ولكن بكل بساطة فوجئ هذا المشروع واصحابه باندلاع الثورات في مصر وتونس، ولم يكن للاميركي فضلاً باندلاعهما، مع انه كان يعد في الولايات المتحدة الاميركية مشروعاً لتقسيم مصر وتونس، وكان يحضر مصيراً آخر لهما وبالرغم من نجاح مشروع الشرق الأوسط الجديد في تقسيم العراق والسودان، الا انه اخفق في مصر وسوريا...".واعتبر حدادة أن "لبنان الدولة الأكثر حرية ولكنها أقل ديمقراطية"، مضيفاً أنه " يوجد قمع مثلث؛ قمع النظام، قمع الطائفة وقمع المذهب وكل هذا القمع جوهره اقتصادي اجتماعي".

الأربعاء 14 أيلول 2011

العود على أنغام "بينك فلويد" والغيتار إلكتريك يدخل المقامات العربية!

نجح الشباب المشاركين في مخيم الفنانين الدولي السادس تحت عنوان " الفنانون الشباب والثقافة البديلة" في رسم البدائل الموسيقية الممكنة، وشهدت الحفلة الختامية التي أقيمت ليل الأحد الماضي عدة تجارب موسيقية أسهمت في تغيير النظرة إلى التناقض الموسيقي بين الشرق والغرب، فنجح الغيتار إلكتريك في تأدية مقاطع عربية منفردة، في وقت أدخل المشاركون (العود) على أنغام "بينك فلويد".

معرض صور ورسم، حفلة موسيقية جمعت الأنغام العربية بالأجنبية، ومونولوغ وعرض مسرحي ومسرح إيمائي؛ خلاصة 4 أيام من التحضيرات التي قام بها أكثر من 50 شاباً وشابة مشاركين في "مخيم الفنانين الدولي السادس" الذي أقامه إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في منطقة جورة القطين في جبيل تحت عنوان "الفنانون الشباب والثقافة البديلة"، فنجحت سهير الصوان وهي فنانة سورية شابة في تأدية عدة أغاني للسيدة فيروز بالإضافة إلى أغانٍ من التراث السوري والمصري، في وقت قام عازف العود ربيع القيّم بالمشاركة في مقطوعة لفرقة البينك فلويد كاسراً القوالب الموسيقية، ليجيبه عازف الغيتار إلكتريك علي الصباح مستعملاً آلته في مقاطع على المقامات العربية، في وقت أدّى الموسيقيون مقطوعات عدة شارك فيها حسان الشحف على العود، وسمير معرباني على الناي والأكورديون، ونور دوماني على الكمنجى، ووجدي ابو دياب على البيانو وإيهاب بوحماد على الغيتار.

وتلى الحفلة الموسيقية عرض مونولوغ لوسيم الحشيمي، ثم مسرحية إيمائية ليختتم بعرض مسرحي قصير، ثم أقيم في رواق المسرح معرض رسوم أبدعها المشاركون خلال المخيّم، حيث عرضت لوحات للفنانين محمد علوش ورنيم معتوق ولميس ابراهيم من سوريا، ومازن المعوش وجنان سليم ولمى الزاخم من لبنان، بالإضافة إلى معرض صور فنية التقطها خليل فاضل خلال مشاركته في المخيم.

وتخلل المخيم الذي بدأ نهار الأربعاء الماضي زيارة للفنان منير كسرواني والرسام حسن يتيم حيث أقيمت ورشتي عمل ولقاء حواري، ما مكّن المشاركين الاستفادة من خبرات الفنانَين، كما تم عرض فيلمين قصيرين أعدهما المخرج أشرف مطاوع، الأول بعنوان"10 Beiruti Minutes" وهو حاصل على جائزة Special Film Award بمهرجان موناكو، والثاني فيلم"درج" الذي أعده خلال مسابقة إعداد أفلام خلال 48 ساعة. كما نجح المخيّم في ردم الهوّة ما بين الهواية والإحتراف، فاستفاد المشاركون الهواة من خبرات الفنانين الأكاديميين، في وقتٍ اشار العديد من المشاركين أن المخيّم عمّق إطلاعهم على تجارب زملائهم الشباب في البلدان المجاورة.

يشار إلى أنه المخيم الثالث الذي يشهد مشاركة فنانين عرب، من سوريين وأردنيين ومصريين ساهموا في إنجاح الليلة الختامية التي أقيمت ليل الأحد في مسرح بيروت.

المدارس المازوت والمؤونة: همّ أيلول الثقيل

«نتمنى إلغاء شهر أيلول، تماماً كما يتمنى كل رئيس عربي، من كل قلبه، إلغاء يوم الجمعة»، يقولها سعيد بحدة وكأنه فعلاً أمام طرح مطلبي. فهذا الشهر يحمل كل عام نفقات إضافية إلى الأُسر اللبنانية، أبرزها: المدارس، المؤونة والمازوت. وهذا العام تأتي هذه النفقات مع ارتفاعات كبيرة في أسعار معظم السلع والمواد الأساسية للمواطنين

رشا أبو زكي

بدأ وجع الرأس لجميع سكان المنزل. سعيد منهمك مع زوجته في كتابة لائحة طويلة تتضمن كل المدفوعات المترتبة عليهما هذا الشهر. القسط الأول لمدارس أبنائهم الثلاثة: 1500 دولار. قرطاسية وملابس رياضية: 600 دولار. ثياب شتوية جديدة للأولاد: 300 دولار. مؤونة الشتاء (سكر، أرز، عدس، صعتر، مربيات، كشك، مخللات، زيت...): 600 دولار. مازوت (قبل أن ينقطع مع بدء المطر ككل عام): 500 دولار. انتهت اللائحة. المجموع العام: 3500 دولار. ينظر سعيد إلى زوجته ويبتسم. يقلب قلم الرصاص. الممحاة أصبحت تتحكم بالأرقام. المجموع العام الجديد بعد حذف بنود أساسية: 2470 دولاراً.يتنفس الزوجان بحدة. يقول سعيد لزوجته: ماذا سنلغي الآن؟ بابتسامة ساخرة ينصح زوجته بالآتي: «أنا أرى أن نمنع أولادنا من الدراسة. لماذا نريد زيادة همومهم؟ أنا وأنت تعلمنا بما فيه الكفاية لنحصل على الشهادات، وها نحن غير قادرين على توفير مبلغ لنبدأ العام الدراسي الجديد من دون ديون». يحمل هاتفه: «ألو، سأستدين منك 1000 دولار، سأسددها على دفعتين». يقفل الهاتف وينظر إلى زوجته: «إنه أخي، لقد وافق كالعادة».فمع بدء شهر أيلول من كل عام، ينطلق عدّاد المدفوعات لدى الأسر اللبنانية. في هذا الشهر لا مجال للفرار من التزامات سنوية مرهقة تلقي بثقلها الكامل على المواطنين. ففي زحلة مثلاً، يطلق المواطنون على شهر أيلول لقباً مختصراً: شهر الـ«م». فالميم هنا تختصر كافة النفقات الإضافية المقبلة: مدارس، مؤونة، مازوت. والـ«ميم» قابلة للاتساع لتشمل أحرفاً أخرى. أحرف تزيد من النفقات، الأعباء، الخوف الدائم من الشهر «المنحوس».

لعنة الـ "م " دارس

طبعاً، تتصدر لائحة «الـ«ميم» أقساط المدارس؛ إذ تفيد آخر الإحصاءات عن نسبة الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة في لبنان في مقارنة مع إجمالي عدد المسجلين في المدارس في السنة الدراسية 2009ـــــ2010، بأن هذه النسبة تخطت الـ69 في المئة، وبالتالي لا يوجد سوى 31 في المئة من الطلاب مسجلين في المدراس الرسمية. وفي معادلة كهذه، لا يمكن الاحتكام إلى هذه النسبة للقول إن الوضع الاقتصادي في لبنان جيد. فالاستنتاج الواقعي هو أنه حتى الفقراء يفضلون أن «يشحذوا»، على أن يسجلوا أولادهم في المدارس الرسمية. فسعيد الذي يتقاضى 1200 دولار شهرياً، ويضاف إليها 800 دولار، وهو راتب زوجته، لا يفكر أبداً في نقل أولاده الثلاثة إلى المدرسة الرسمية. «المدارس الرسمية مستواها التعليمي متدنٍّ، فيما المدارس الخاصة تدفعني إلى الاطمئنان إلى مستقبل أولادي».ومن هنا، فإن أكثر من نصف طلاب المدارس في لبنان سيصطدمون في بداية السنة الدراسية 2011ـــــ 2012 بزيادة أقساطهم. وهذا الموضوع ليس تكهناً؛ إذ يدفع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة إلى زيادة القسط المدرسي العام المقبل بمعدل 300 ألف ليرة عن كل طالب، على أن يرتفع هذا المعدل لدى المدارس التي تضم أكثر من 1500 طالب. وسبب الزيادة هذه بحسب أصحاب هذه المدارس هو زيادة الدرجات الأربع ونصف الدرجة التي أقرت لمعلمي مرحلة التعليم الأساسي، وبالتالي ستزيد إلى ميزانية إنفاق أسرة سعيد 900 ألف ليرة سيعرف عنها خلال قراءة هذا الموضوع!أما كلفة الكتب والقرطاسية ومستلزمات المدرسة من حقائب وثياب وغيرها، فقد ارتفعت هي الأخرى هذا العام. ويشير سعيد إلى أنه كان يدفع ما لا يقل عن 500 دولار عن أولاده الثلاثة ثمناً للقرطاسية وثياب الرياضة التي تلزمهم بها المدرسة. إلا أنه تبلغ هذا العام بزيادة القيمة المخصصة لهذه اللوازم بمبلغ 100 دولار. «هذا من دون الحديث عن الحقائب التي يراوح سعرها بين 20 و 40 دولاراً، بحسب الحجم الملائم لكل طفل». وحين يصل الأمر إلى الملابس المخصصة للأطفال، فعندها لا بد من أن يسيطر «الهم» على وجوه الأهل. «سعر البنطال الذي أشتريه لي لا يتعدى 20 دولاراً. مدهش أن سعر بنطال ابني الذي لا يصل طوله إلى متر واحد يصل إلى 20 دولاراً كذلك»!

لعنة الـ "م" ازوت

أهل الساحل لا يهمهم هذا البند كثيراً، إلا أن «ما لا يقل عن 400 ألف لبناني يحتاجون بشدة إلى مازوت التدفئة»؛ إذ يؤكد الباحث في قضايا السكان الدكتور علي فاعور أن عدد السكان القاطنين في مناطق جبلية، الذين يحتاجون بشدة إلى التدفئة، يراوح ما بين 300 إلى 400 ألف نسمة، لافتاً إلى أن هذا العدد هو حصيلة من يبقى في القرى الباردة بعد أن تحصل عملية نزوح سنوية من القرى نحو المدن أو المناطق القريبة من الساحل. وفي جولة لـ«الأخبار» على بعض أهالي قرى الشوف، تحتاج عائلة مؤلفة من 4 أشخاص إلى ما لا يقل عن 5 براميل من المازوت للتخزين في أيلول. وفي هذا الإطار، يشرح سعيد أنه يستهلك وعائلته 6 براميل من المازوت في الأشهر الأربعة الأولى من كل عام، إلا أنه لا يستطيع أن يخزن مازوت بأكثر من 500 دولار بسبب كثرة المدفوعات في هذا الشهر. علماً بأن كل برميل يتألف من 10 صفائح من المازوت. ويبلغ سعر البرميل الواحد نحو 200 دولار، ويرتفع دوماً مع بداية الشتاء، والسبب الدائم: «كثرة الطلب، الانقطاع من السوق... فالسوق السوداء»!إلا أن «ميم» المازوت لا ينحصر عبئها بالتدفئة في المناطق الجبلية، بل يطال معظم الأسر من خلال تأثيرها على بدلات الاشتراك لدى أصحاب المولّدات الخاصة؛ إذ ارتفع بدل الاشتراك بـ5 أمبير إلى 100 دولار في الكثير من الأحياء والقرى!

لعنة الـ "م" ؤونة

«مونة الشتاء» قد يعدّها البعض «موضة قديمة»، إلا أنه بالنسبة إلى سوسن «لا تقل أهمية عن المدارس». وتشرح: «أحياناً تمر أسابيع من دون قدرتنا على شراء «ترويقة» للأولاد، فيكون الزعتر هو المنقذ. وأحياناً يحول الشتاء دون قدرتنا على الخروج من منزلنا. وغالباً ما تكون «المونة» منقذاً ضرورياً لخفض كلفة الطعام؛ نظراً إلى أن أسعار المواد الغذائية في ارتفاع متواصل». وتحليل سوسن صائب؛ إذ يؤكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية عادل أبي شاكر أن أسعار المواد الغذائية مقبلة نحو الارتفاع خلال الأشهر المقبلة. إلا أن حجم الارتفاع لن يكون كبيراً، لكن سيعكس زيادة التضخم في الدول المصدرة للمواد الغذائية. أما النسبة فتراوح بين 5 و 7 في المئة. وشدد على أن أسعار المواد الغذائية كالبورصة، فهي تنخفض وترتفع بنحو متواتر، وهذه المعادلة مرتبطة بحجم الإنتاج والمواسم الزراعية والأكلاف الإجمالية والعرض والطلب، لافتاً إلى أن ارتفاع الأكلاف الداخلية من نقل وتخزين في المرفأ ومعاملات استيراد وغيرها تؤثر كذلك على ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

23 في المئة

هي نسبة تضخم الأسعار حتى نهاية الفصل الثاني من عام 2011، وفق ما إشار إليه رئيس جمعية المستهلك زهير برو لـ«الأخبار»، علماً بأن هذه النسبة تشمل 160 سلعة وخدمة أساسية للمواطنين. وقد تركز الارتفاع على المواد الغذائية بنحو أساسي.

مزيد من الـ«م»

لا تقتصر المدفوعات الإضافية خلال شهر أيلول على المؤونة والمدارس والمازوت؛ إذ تضاف إليها نفقات أخرى، من ضمنها الـ«م»وتير. فكلفة الاشتراك في المولدات الكهربائية ارتفعت منذ بداية الشهر الجاري بطريقة عشوائية ما بين 20 إلى 30 دولاراً عن كل 5 أمبير بحسب المناطق. علماً بأن الأسر تزيد حاجتها إلى الاشتراك في المولدات مع بدء الموسم الدراسي.إضافة إلى هذه الكلفة الزائدة، يدخر بعض العائلات أموالاً للطبابة. فموسم الزكام يبدأ عادة مع الانتقال من الصيف إلى الشتاء، وتتزايد نسبة الذين يدخلون إلى المستشفيات في شهر أيلول من كل عام.

فداء عيتاني

سيستذكر من اليوم فصاعداً الشيوعيون والقوميون السوريون وعدد من القوى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهي ذكريات تبهت مع تعاقب الأجيال، وكلما بهتت الذكرى تعاظم الدور المتخيل لانطلاقة المقاومة ومساهمة كل طرف فيها، وموقعه منها.

في الأيام الأيلولية من عام 1982 كانت بيروت، التي صمدت، تودع الفلسطينيين المغادرين للعاصمة، بعد أشهر ثلاثة من الحصار، والكل قد تخلى عنها، السوفيات حينها سألوا الوفد الفلسطيني الذي زار موسكو طالباً الدعم، مستشهداً بستالينغراد «نحن انتظرنا الجيش الأحمر في معركتنا، وأنتم في بيروت من تنتظرون؟». والموقف العربي كان أشد تخلياً، الجيش السوري هُزم أمام القوات الغازية، وصمد جنوده في بيروت بمفردهم، أهل العاصمة وسكانها تخلوا عنها، وحدها بيروت التي قاومت ببضعة آلاف من أبنائها ودّعت الفلسطينيين بالدموع والرصاص.

في 16 أيلول، مع دخول الجيش الإسرائيلي الى العاصمة أصدر محسن إبراهيم، الأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي، وجورج حاوي، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، بياناً سياسياً يدعو أهل لبنان الى قتال الغزاة بالأظافر والأسنان. في 20 أيلول نُفّذت العملية الأولى لهذه القوى.

الحزب السوري القومي لم يكن أقل شأناً، ومهما قيل عن أن خالد علوان نفذ عمليته بمفرده، فقد افتتح هذا الشاب العمل المقاوم في يوم 24 من شهر أيلول نفسه في عملية الويمبي، التي أقل ما يحكى عنها أنها بسيطة وجسورة حد البطولة.

وعلى خلاف المزاج الشيعي، الذي استقبل الإسرائيليين في الجنوب بالأرزّ طمعاً في التخلص من «الممارسات الفلسطينية»، رأت حركة أمل حينها أن معركة خلدة هي بدايتها الفعلية في عمل المقاومة، وأنها أساساً تحمل فكر المقاومة في منهجها السياسي، وبحسب أدبياتها وذاكرة رموزها، فهي نفذت عدة عمليات في نهاية عام 1982.

وبخلاف الشائع، فإن اليسار والقوى التي اعتمدت تسمية جبهة المقاومة لم تنشئ هيكلية تنظيمية أو غرفة عمليات مشتركة، بل راح كل طرف يعمل منفرداً، والحد الأقصى للتنسيق كان بضم مجموعات مشتركة مع قوى فلسطينية أشد خبرة في التخطيط، لكنّ ذلك أيضاً جرى تجاوزه، إذ كان كل حزب قد أنشأ جهازاً مقاوماً يعمل مستقلاً، ويفضل العمل بمفرده، بعيداً عن الاختراقات الأمنية والتسرب المعلوماتي.

لم يكن حضور حزب الله واضحاً للعيان في تلك المرحلة الممتدة حتى عام 1985، لا في الجنوب ولا في بيروت، كان الحزب من شدة غموضه يبدو أقرب إلى جهاز أمني هجين، مغلق، سري، يعمل خارج السياق، مع أن كل من مر فوق الجبال في تلك الحقبة كان يكتشف استحكامات عسكرية ونقاطاً مدشمة زرعها حزب الله (وخاصة ما بعد عام 1984) في أقصى النقاط التي تمكّن من الوصول اليها. وهي في تلك المرحلة كانت تنمّ عن اعتماد الحزب تكتيكات غير متوافقة مع حرب الأنصار أو حروب العصابات.

في العديد من العمليات الأولى اعتمد الحزب أسلوب الموجات البشرية، كانت تلك التكتيكات تؤدي الى سقوط العشرات من الشهداء لاقتحام مواقع صغيرة، لا تضم أكثر من عشرين فرداً من جيش العملاء، يفر معظمهم خلال الاشتباك .

في العامين الأولين كان العائق الفعلي أمام عمل المقاومة هو الرأي العام، وخاصةً في الجنوب، حيث كان السكان ـــــ شيعة ومسيحيين ـــــ بأغلبيتهم المطلقة، يفضلون الخيار الإسرائيلي، وكانت هذه الأغلبية مستعدة بطيبة خاطر للإبلاغ عن أي حركة للمقاومة، وكان يمكن سماع اسم «الجيش الشيعي» وغيره من الأسماء لمجموعات من العملاء في القرى الشيعية، الذين تطوعوا لـ«حماية» مناطقهم.

في المقابل، ذهب مئات من الشبان من مختلف مناطق لبنان، ومن مختلف طوائفه، حاملين أفكاراً أيديولوجية متنوعة لقتال العدو، معظمهم يعرفون عن الجنوب اسمه فقط، ويقاتلون من أجل «وطن» تخيّلوه أفضل مما عاشوه، ومما أصبح عليه اليوم، ومات المئات من المسيحيين والسنّة وأبناء عكار وإقليم الخروب، وأبناء الجبل الدروز، وغيرها من المناطق والطوائف دفاعاً عن أرض «وطنهم»، وهم يحلفون باسم سعادة، أو يحلمون بتحالف العمال والفلاحين الأبدي. وكان محمد سعد قد برز قائداً مقاوماً.

لم يكن لحزب الله في البدايات الكثير. كان الشيخ راغب حرب يناضل لتعديل المزاج الشيعي، وكان الحزب يبحث عن أطره وشكله وتنظيمه وأساليب عمله، قبل أن يتحول الحزب الى القوة الأولى، ومن ثم الوحيدة، في المقاومة. ولم تعط له هذه المكانة، بل أصر على المقاومة من دون شروط، ولو أدى ذلك الى حرب شيعية ـــــ شيعية بأمر من سوريا ولمدة ثلاثة أعوام.

اليوم يمكن كل طرف أن يقول ما يشاء، لكنّ توسيع دائرة التحالف لا يكون بالإغراق في تمجيد الذات، ولا بالنحو في المنحى المذهبي الانعزالي.

كلفته 1580 مليار ليرة تموّل من ضريبة الربح العقاري

ينتظر اللبنانيون منذ عقود التغطية الصحية الأساسية الشاملة التي وعدهم بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في قانون إنشائه، ولم تنفّذ إلى اليوم. إلا أنها أصبحت فرصة سانحة اليوم، بعدما طلب وزير العمل شربل نحاس من وزارة المال حجز اعتماد بقيمة 1580 مليار ليرة لهذا المشروع الذي ينعكس إيجاباً على الأوضاع الاجتماعية للأسر، وعلى كلفة الأجور والاقتصاد عموماً

محمد وهبة

يعدّ مشروع التغطية الصحيّة الأساسيّة الشاملة أم المعارك التي يستعد لها وزير العمل شربل نحاس. بإقراره سيحصل كل لبناني على الخدمات الصحية الأساسية من استشفاء وطبابة ودواء وفحوص... المشروع الحيوي، الذي سبق للكتل النيابية كلّها أن التزمت بتطبيقه أمام الاتحاد الأوروربي عام 2008، سيكون له انعكاسات إيجابية مباشرة على الأوضاع الاجتماعية ورفاهية الأسر اللبنانية، ولا سيما المتوسطة وما دون، وعلى الاقتصاد عموماً. تصل كلفته الإجمالية المقدّرة إلى 1580 مليار ليرة، أو 400 ألف ليرة عن كل لبناني مقيم. أما التمويل، فهو متوافر جزئياً مما تدفعه الدولة حالياً للصناديق الضامنة المختلفة بقيمة 730 مليار ليرة، فيما الباقي، أي 850 مليار ليرة، يفترض أن يُموّل من ضريبة الربح العقاري التي ستنتج عائدات بقيمة 1200 مليار ليرة بالحدّ الأدنى. إلا أنّ لكل مفصل في هذا المشروع معركة، انطلاقاً من التمويل الجديد، فالهيكلية، ثم مستوى الاستفادة، وحجم تدخّل الدولة، وضبط السوق... فهل سيضع اللبنانيون عصبياتهم جانباً لينخرطوا في المعارك المنتظرة ليصبح هذا المشروع واقعاً حقيقياً؟

أثر اجتماعي

يؤكد وزير العمل شربل نحاس أن مشروع التغطية الصحية الأساسية الشاملة صار على طريق التنفيذ، بعدما طلب من وزارة المال رسمياً حجز مبلغ 1580 مليار ليرة في الموازنة العامة، ورصد إيرادات الضرائب لتمويل كلفة مشروع التغطية الصحية الأساسية الشاملة. ويؤكد أن «تمويل المشروع سيكون عبر ضريبة الربح العقاري، التي تؤمن واردات تصل إلى 1.5 ضعف، أو ضعفي المبلغ المطلوب تغطيته، الذي يصل إلى 800 مليار ليرة»، علماً بأن «هذه الآلية التمويلية لاقت قبولاً من وزارة المال، لكن ننتظر ترجمة الأمر فعلياً في مشروع موازنة 2012». كلام الوزير نحّاس ينطوي على تفاؤل كبير، إلا أن ذلك لا يعني أبداً أن المشروع سيسلك طريقه الى التنفيذ من دون ضغوط هائلة، فموازين القوى داخل مجلس الوزراء ومجلس النواب لا تدفع الى الاطمئنان، ما يرتّب مسؤولية كبيرة على القوى السياسية والنقابية لكي تتحرّك سريعاً من أجل احتضانه وفرض تحقيقه، بل والإصرار على أن تمويله يجب أن يأتي من ضريبة على الريع تسهم في اعادة توزيع الثروة، وتحرر العمل من الأعباء الملقاة عليه. مبررات المشروع ستكون على طاولة مجلس الوزراء خلال نقاش مشروع موازنة 2012، وهي مبررات اجتماعية ومبادئ إنسانية، بحسب نحّاس، «فلم يعد مقبولاً في لبنان حيث الناتج المحلي يزداد وينمو سنوياً، أن يموت الناس على الطرقات، أو أن يكونوا عرضة للطرد من أمام أبواب المستشفيات»، ويضيف إنه «ليس طبيعياً أن يضطر اللبنانيون إلى التسوّل والتسكع على الأبواب والمواقع وبيع مواقفها من أجل الحصول على حقها بالتغطية الصحية». لإرساء التطبيق مبررات إضافية يذكرها برنامج «MILES»، الذي تعدّه وزارة العمل بالشراكة مع البنك الدولي؛ إن إقرار هذا المشروع يمنع تحويل الخدمات الصحيّة إلى مصدر للزبائنية السياسية، وهو يخفّف مما يدفعه اللبنانيون من جيوبهم الخاصة على الفاتورة الصحية التي كانت تؤثّر سلباً في الأسر المتوسطة الدخل وما دون، وصولاً إلى الذين هم تحت خط الفقر. فالمسح الذي أُجري في إطار هذا البرنامج يؤكّد أن 53% من المقيمين في لبنان ليس لديهم أي تغطية صحية، لا من القطاع العام ولا من القطاع الخاص، أما إنفاق اللبنانيّون من جيوبهم الخاصة على الصحة فيصل إلى 20% من الفاتورة الاستشفائية.

إلغاء اشتراكات الضمان

هناك وقع إيجابي إضافي للمشروع على سوق العمل. فهو يؤدي إلى إلغاء الاشتراكات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث يسدّد أصحاب العمل كلفة اشتراكات الضمان عن أجرائهم التي تصل إلى 322 مليار ليرة من أصل 414 ملياراً متوجّبة لصندوق ضمان المرض والأمومة. فالمعروف أن العامل يدفع 2% من أجره ويدفع أصحاب العمل 7%. وتظهر نتائج المسح في إطار «MILES»، الذي تضمن مجموعة من الأسئلة لكل من أرباب العمل والعمال من أجل إظهار العلاقة الإنتاجية بينهما وتحديد مستوياتها وعوائقها، وجود عوائق متصلة مباشرة أو مواربة بأكلاف الأجور والصحة في لبنان؛ نصف القوى العاملة في لبنان تقع ضمن خطين: عاطلة من العمل، أو تعمل في السوق الموازية (السوق غير النظامية، حيث لا يصرّح عنها للضمان الاجتماعي)، لكن الأكيد أن معدّل البطالة العام (مع أرجحية بطالة الإناث على الرجال) يصل إلى 11%، فيما يعمل في السوق النظاميّة كأجراء نحو 34% من القوى العاملة، ويعمل في السوق الموازية ما نسبته 35% (بينهم 16% عمالة غير ماهرة تعمل لحسابها الخاص)، وهناك 20% يعملون لحسابهم الخاص في أعمال عالية المهارة. وكل هؤلاء لا تشملهم الضمانات الصحية الدائمة على أشكالها كما لا يشملهم أي تصحيح يطرأ على الأجور. في هذا الإطار يستنتج المسح معطيات جديدة؛ تمثّل اشتراكات الضمان الاجتماعي السبب الأول في عدم استخدام المزيد من اليد العاملة، أما إلغاء هذه الاشتراكات، فيزيد العمل في القطاع النظامي، ولا سيما أن 25% من القوى العاملة ترى أن الأمان الاجتماعي هو سبب عملها في القطاع النظامي، فيما يرى 52% أن الاستدامة الوظيفية هي السبب في العمل في السوق النظامية. لا ينحصر الأمر في الأثر المباشر، إذ لا يمكن إغفال المعادلة القائمة على أن تحسين التغطية الصحية للعامل يؤدي إلى تحسين إنتاجيته. لهذه الأسباب قد تسهّل التغطية الصحية الشاملة تصحيح الأجور. فالتغطية المقصودة مموّلة من الخزينة العامة، أي إنها تحرّر الأجور من كلفة كبيرة يسدّدها أصحاب العمل كاشتراكات عن عمالهم للضمان. لو أزيحت هذه الكلفة عن أكتاف أصحاب العمل، فستتراجع مبرراتهم للاعتراض على زيادة الأجور!

اصلاح بنيوي

هكذا يمثّل إقرار التغطية الصحية الشاملة فرصة في رأي الخبير الاقتصادي كمال حمدان، لربط موضوع الأجور بمجموعة من العناصر الأخرى. «هذا أمر منطقي في ضوء ما كان يحصل على هذا الصعيد خلال السنوات الماضية، وفي ظل التشوّهات الاقتصادية الحاصلة» يقول حمدان، فالمطلوب «تعميق دراسة موضوع تصحيح الأجور ليكون متصلاً أكثر بإصلاحات بنيوية على صعيد الاقتصاد، من بينها تحرير الأجر من أكلاف الصحة». ففي السابق، كانت مسألة زيادة الأجور تنتهي بتسوية لتحقيق إرضاء شعبوي يجري على حساب الإصلاح البنيوي في مختلف القطاعات وأكلافها على العمل، مثل الصحة والنقل العام والتعليم الرسمي... لذلك يدور حالياً النقاش بشأن مجموعة خيارات يجب اعتمادها في إطار تصحيح الأجور من أجل تعزيز رفاه الأسر المتوسطة وما دون، ومن أبرزها التغطية الصحية الشاملة. فمن منافع إقرار هذه التغطية أنها «تجبر الدولة على فتح ملفات إصلاحية في مختلف القطاعات». أما إذا تركنا الأمور تتراكم كما هي عليه الحال خلال السنوات الأخيرة، «فإن الجرح يتعمّق». في جانب آخر، فإن هذه التغطية المموّلة من الضريبة هي مطلب أساسي للاتحاد العمالي العام، في إطار معركته الهادفة إلى تصحيح الأجور. فبحسب رئيس الاتحاد غسان غصن، رفع اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن عاتق أصحاب العمل وتحميلها للنظام العام في لبنان في إطار دولة الرعاية الاجتماعية، يفتح باباً أو ثغرة لسحب ذريعة أصحاب العمل التي يستندون إليها لرفض تصحيح الأجور.

أجر اجتماعي

من الواضح أن الرابط قوي بين الضمان الاجتماعي وسوق العمل، ولو أن هناك عناصر أخرى تبدو بالأهمية نفسها وبتأثير مماثل في هذه السوق مثل درجة التعلّم والاستثمارات والتركّز القطاعي... إلا أن جاذبية إصلاح التغطية الصحية في لبنان تمثّل أهمية يمكن وصفها بأنها استثنائية في هذا المجال نظراً إلى منافعها الواسعة على سوق العمل، وهي تتحوّل بحسب الخبير الاقتصادي غسان ديبة، إلى «أجر اجتماعي» تدفعه الدولة لكل لبناني. أما الوضع الجديد، فسيخفف من أعباء الفاتورة الصحية على العمال والموظفين والمتقاعدين (بعد بلوغ سن التقاعد يفقد المضمون ضمانه، وهذا أسوء ما في النموذج الحالي). «على أي حال، لا يمكن اعتبار شمولية التغطية الصحية، فيما لو أقرت، أنها تصحيح للأجور» يقول ديبة، لكنها عنصر أساسي لتخفيف الأعباء عن الأجر، وبات بإمكان العامل تخصيص ما كان ينفقه في هذا المجال لأمور أخرى. يذكر برنامج «MILES» أن إرساء التغطية الصحيّة الشاملة لن يزيد كلفة الفاتورة الصحية، كما يُتوقع. فالنظام الصحي الحالي يشجّع العرض ويزيد الطلب على الخدمات الصحية، وبالتالي فإن تغيير بنية النظام لن يبقي العرض والطلب في السلّة السابقة، لذلك يتوقع أن تنخفض الأكلاف إذا جرى الانتقال من نظرة خاصة إلى تمويل عام. كل الفاتورة الصحية التي تدفع الدولة جزءاً اساسياً منها ليست فاعلة لكون التغطية الصحية تختلف بين صندوق وآخر، وهي تغطية مشتتة التمويل؛ هناك جزء أساسي منها ملقى على عاتق أصحاب العمل بصورة رئيسية، وعلى عاتق العمال جزئياً، يضاف إليه جزء ثانٍ مموّل من العمال والدولة، وجزء ثالث مموّل من الدولة مباشرة، وجزء رابع مموّل من أجور العمال مباشرة، وهذا أيضا يترك آثاراً سلبية نتيجة انعدام المساواة بين المواطنين. ويشير تحليل التقديرات التي أجراها «MILES» إلى أن الكلفة الإجمالية المتوقعة لتمويل النظام الجديد تصل إلى 1580 مليار ليرة، علماً بأن الدولة تدفع حالياً 730 مليار ليرة على الخدمات الصحية كالآتي: 315 مليار ليرة بواسطة وزارة الصحة العامة، 135 مليار ليرة حصتها في تمويل تقديمات صندوق الضمان الاجتماعي (25% من النفقات الصحية)، 74 مليار ليرة لتعاونية موظفي الدولة من تغطية 85% من الفاتورة، 11 مليار ليرة لصناديق التعاضد، 40 مليار ليرة لتغطية العجز في الضمان الاختياري، 155 مليار ليرة لتمويل صناديق الأسلاك الأمنية والعسكرية.

1200 مليار ليرة

هي قيمة النفقات الصحية الإجمالية التي رصدت في مشروع موازنة 2011 لمختلف الصناديق الضامنة (ضمان، وزارة الصحة، الصناديق العسكرية والتعاضدية، عجز الضمان الاختياري)... أي أقل من كلفة التغطية الصحية الشاملة بـ380 مليار ليرة

ضمان الشيخوخة... آن الأوان

1640 داعماً لصفحة «ضمان الشيخوخة في لبنان ــ آن الأوان» على الفايسبوك خلال أسابيع معدودة، فهذا المطلب بحسب جوزف رسام الذي أنشأ الصفحة، أصبح أكثر من ضرورة في بلد لا يهتم بمسنيه. ويشرح رسام لـ«الأخبار» أنه بعدما تقدم عدد من أفراد عائلته في العمر، شعر بأنهم ذاهبون نحو ظلمة أكيدة. فجاءت فكرة الموقع بهدف إضاءة شمعة تسهم في إنارة غد مجهول. ويوضح أنه «عندما ترى حولك أشخاصاً يكبرون وفي عيونهم شوق العيش والموت بكرامة، فيما يتملك تفكيرك مستقبل أولادك، لا يمكن إلا أن تطلق الصوت عالياً» مطالباً بإقرار ضمان الشيخوخة في لبنان الآن.

نظم الحزب الشيوعي البرتغالي احتفالات جريدته "افانتي" ما بين 2 و 4 ايلول 2011، بحضور جماهيري حاشد قدر، حسب الحزب، باكثر من 400.000 شخص شاركوا في النشاطات المتعددة خلال الأيام الثلاثة تحت شعار أساسي للحفلة هو "النضال من اجل ديمقراطية متقدمة، ومن اجل حزب شيوعي جماهيري قوي".

وقد شارك الحزب الشيوعي اللبناني في تلك الاحتفالات من ضمن 50 وفدا يمثلون احزاب شيوعية وتقدمية ويسارية وحركات تحرر من العالم اجمع. كما شارك الحزب الى جانب حزب الطليعة والأشتراكية الجزائري والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والحزب الشيوعي البرتغالي في ندوة حول الوضع العربي والهجمة الأمبريالية.

بالنسبة للحزب الشيوعي البرتغالي للحفلة اهمية خاصة جراء الوضع الاقتصادي والاجتماعي المعقد، فهي تندرج في عملية التعبئة لمقاومة الهجمة الشرسة التي ينفذها الاتحاد الأوروبي والأمبريالية والبنك الدولي ضد المكتسبات الشعبية وخاصة مكتسبات ثورة 25 ابريل.

وفي اجتماع ثنائي بين الرفيق غسان صليبا ممثلا الحزب الشيوعي اللبناني ومسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي البرتغالي، اكد هذا الأخير أن الحزب يقوم بالتحضير من اجل اوسع تحرك شعبي للدفاع عن دستور ثورة 25 ابريل، وتكلم عن التحضير لإنتفاضة شعبية ضد الوضع الإقتصادي والإجتماعي المتردي حيث تشكل نسبة العاطليين عن العمل 20  بالمئة من القوى المنتجة، اضافة الى أن 20 بالمئة من الشعب البرتغالي يعيش ما تحت خط الفقر.

وحدد كل من الحزب الشيوعي و الكونفدرالية العامة لعمال البرتغال يوم 1 اوكتوبر يوما للتحركات الشعبية والمظاهرات. ومن اهداف الحزب الحالية ايضا استعادة السيادة الوطنية امام الشروط التي تفرضها سياسة الوحدة الاوروبية و ضرورة اعادة دراسة الديون التي تتحملها البرتغال، بما في ذلك عدم دفع قسم منها واعادة جدولة القسم الأخر.

عن الوضع العالمي، كان الرأي متفقا حول توقع زيادة الهجمة الامبريالية وتوقع ان تزداد الازمة الاقتصادية حدة وان تتوسع لتشمل مناطق جديدة، وخاصة المناطق التي تصدر المواد الاولية لتصل الى أميركا اللاتينية والصين، وحسب مسؤول العلاقات الخارجية فان الوضع اليوم شبيه باعوام ثلاثنيات القرن الماضي عشية انفجار الحرب العالمية الثانية.

هذا وشدد الحزبين على دورهما الاساسي في تأسيس وتدعيم جبهة عالمية، ذات جذور طبقية، ضد الأمبريالية لمواكبة الأنفجارات الإجتماعية التي تحصل في مناطق عديدة من العالم، كما أكدا على وجود ضرورة عاجلة للوصول الى موقف وبرنامج موحد لهذه الجبهة وضرورة وحدة الحركة الشيوعية، وحدة النضال لإعطاء الأمل والثقة في المستقبل.

أثارت الأنباء التي تحدثت عن مشاركة جنود أردنيين في قمع متظاهرين في البحرين، ضمن قوّات «درع الجزيرة»، غضب الحركات الشبابية الأردنية المعارضة، فنزلت إلى الشارع للاحتجاج على هذا التدخّل

محمد السمهوري

عمان | «شُلّت يداك يا حمد»، هتاف كرّره نشطاء أردنيون على مقربة من مبنى السفارة البحرينية في عمّان، بعدما ضربت قوات الأمن طوقاً منعت بواسطته عشرات النشطاء من الاقتراب من مبنى السفارة للاحتجاج على مشاركة جنود من الدرك الأردني ضمن قوات درع الجزيرة في قمع الاحتجاجات الشعبية البحرينية. وكان شباب من مختلف الحركات المطالبة بالإصلاح السياسي في الأردن قد دعوا أول من أمس إلى رفض التدخل الأردني ضد المعارضة البحرينية، رافضين في الوقت نفسه القمع الذي تعرّض له شعب البحرين من قبل قوات درع الجزيرة، وما أسفر عنه من ضحايا وجرحى واعتقال بحق نشطاء وسياسيين بحرينيين. تعدّدت الهتافات ضد كل من شارك في قمع شعب البحرين، وتركزت الهتافات ضد التدخل السعودي، وتساءل المشاركون في الاحتجاج عن أسباب تدخل قوات من الدرك والأمن الأردنيين في البحرين. ويقول الناشط الأردني محمد صعوب «كان الهدف من الاعتصام واضحاً، والسبب الرئيسي منه هو وقوفنا إلى جانب الشعب البحريني في ثورته من أجل الحرية، إضافة إلى رفضنا للتلاعب الإعلامي لإظهار الثورة كأنها طائفية، كذلك فإننا ضد إقحام أي أجهزة أمنية أردنية أو عربية في قمع الشعب البحريني الشقيق». ويرى الناشط إبراهيم الجمزاوي أن «انتفاضة البحرين أثبتت للجميع، رغم حملات التشويه ضدها، أنها ثورة شعبية، ولا تحمل صبغة طائفية»، على حدّ تعبير مصادر بحرينية مقرّبة من القوى المنظمة للاعتصام، مشيرةً إلى أن «حجم القمع والوحشية اللذين يتعرض لهما شعب البحرين، خصوصاً من قبل القوات السعودية والأردنية، كبير جداً، وشعب البحرين يصفون أفراد هذه القوات بالمرتزقة».ورداً على تصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية النيابية في البرلمان الأردني، النائب محمد الحلايقة، التي نفى فيها وجود دعم أردني للقوات البحرينية، يؤكد الجمزاوي وجود أدلة تثبت عكس ذلك، إذ «لم تخفِ قوات الدرك إرسالها 4 آلاف عنصر، وهناك تأكيدات بحرينية لحصول ذلك». وفي السياق، يلفت الجمزاوي إلى أن هذا الاعتصام ما هو إلا تعبير عن الاعتذار للشعب البحريني، مشدداً على أن موقف النظام السياسي الرسمي لا يمثّل الشعب الأردني.ويشير الناشط السياسي الأكاديمي إبراهيم علوش إلى رفضه مشاركة قوات أردنية في مهمات خاصة، منها ما هو مع حلف شمالي الأطلسي وغيرها. ويقول إن «مشاركة الأردن ليست فقط في البحرين أو أفغانستان، ومن المضحك ــــ المبكي أن ترى من يطنطنون لثورات مدعومة من حلف الأطلسي ويتجاهلون ثورة البحرين. نحن ضد الطائفية ومع عروبة البحرين، وعلى هذه القاعدة أقف في هذا الاعتصام». بدوره، رأى الناشط اليساري محمد صبحي أن هذا الاعتصام يأتي للتعبير عن تضامننا مع شعب البحرين في مطالبه العادلة بالحرية والعدالة والكرامة. ويعزو صبحي ضعف الحضور والمشاركة إلى قيام قوات الدرك بقطع كل الطرق المؤدية إلى السفارة البحرينية ومنع الناس من الوصول للمشاركة في الاعتصام. وبيّن الناشط اليساري مهدي السعافين أن هدف الاعتصام هو إيصال عدة رسائل، منها أن «الدعاية التي تستخدم ضد ثورة البحرين عبر وسائل الإعلام عن أنها ثورة ذات طابع طائفي غير صحيحة، وكل الثورات الشعبية العربية ذات مطالب واضحة، وهي الحرية والعدالة الاجتماعية». وعن هذا الموضوع يقول «نحن نرفض إلصاق تهم بالثورات العربية، وما يجري في البحرين واضح ولا يحتاج إلى تفسير. القضية هي قمع ثورة شعبية من قبل قوات درع الجزيرة وبمشاركة قوات من الدرك الأردني، ونحن نرفض ما يتعرّض له شعب البحرين الشقيق». ولم ينسَ المعتصمون تحميل مسؤولية ما آلت إليه الأحداث من قمع وتنكيل في البحرين إلى السعودية التي خصّوها بهتافات منها «اسمعي يا سعودية يا مخزن الرجعية».

 

مع اقتراب استحقاق أيلول بالنسبة إلى الدولة الفلسطينية، تتكثف المحاولات الأميركية خصوصاً لمنع توجه السلطة إلى الأمم المتحدة. هذا ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس؛ إذ ذكرت أن الولايات المتحدة أطلقت آخر حملاتها لإقناع الفلسطينيين بالامتناع عن السعي إلى الاعتراف بدولتهم في الأمم المتحدة. إلا أنها نقلت عن مسؤولين ودبلوماسيين أن هذه الخطوة قد تكون متأخرة.وأوضحت «نيويورك تايمز» أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تقدمت باقتراح لتحريك مفاوضات السلام مع الإسرائيليين، على أمل إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتخلي عن خطته في الحصول على اعتراف بالدولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.وقالت الصحيفة إن الإدارة الأميركية قالت بوضوح لمحمود عباس إنها ستستخدم الفيتو في مجلس الأمن الدولي لعرقلة قبول فلسطين دولة عضواً في الأمم المتحدة. لكن واشنطن لا تملك الدعم الكافي لمنع تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على رفع وضع الفلسطينيين من «كيان» مراقب إلى دولة مراقبة لا تتمتع بحق التصويت، كما أضافت. وتابعت الصحيفة تقول إن هذا التغيير سيمهد الطريق للفلسطينيين للانضمام إلى عشرات الهيئات التابعة للأمم المتحدة والاتفاقيات، ما يعزز قدرتهم على ملاحقة الدولة العبرية في المحكمة الجنائية الدولية.وأوضحت «نيويورك تايمز» أن كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لا يريدون تجنب فيتو فقط، بل يريدون تجنب تصويت في الجمعية العامة يجعل الولايات المتحدة وعدداً قليلاً من الدول الأخرى في الجانب المعارض. وأكد المسؤولون، الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم، أنهم يخشون في الحالتين حالة غضب في الأراضي الفلسطينية والعالم العربي، بينما تشهد المنطقة أصلاً اضطرابات.ورغم أن بعض المسؤولين أعربوا عن تفاؤلهم تجاه إمكانية التوصل إلى تسوية قبل التصويت، إلا أن الإدارة بدأت في العمل على الحدّ من تداعياته من خلال التركيز على ضمان استمرار التعاون بين الفلسطينيين والإسرائيليين على المستوى الأمني في الضفة الغربية والحدود الإسرائيلية.بدورهم، دعا وزراء الخارجية الأوروبيون، أثناء اجتماع في سوبوت (بولندا) أول من أمس، إلى محاولة الحد من الأضرار التي يمكن أن تنجم عن طلب الاعتراف بدولة فلسطينية أثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ورأى وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، في ختام المناقشات، أن هدف الاتحاد الأوروبي هو «تفادي ما يمكن أن يكون فشلاً للجميع في الجمعية العامة».وبحسب جوبيه، إن تبني غالبية واسعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يعترف فوراً بدولة فلسطينية سيكون فشلاً لإسرائيل التي «ستجد نفسها حكماً معزولة». وسيكون «فشلاً للفلسطينيين»، في إشارة إلى «التهديدات بقطع التمويل» التي يواجهونها. وسيكون أخيراً «فشلاً لأميركا التي ستجد نفسها معزولة، وفشلاً للأوروبيين الذين سيتعرضون لخطر الانقسام»، بحسب الوزير الفرنسي.إلى ذلك، أعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيلقي خلال أيام خطاباً للشعب الفلسطيني عن أهمية الذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.واجتمع عباس أول من أمس مع أعضاء اللجنة المركزية لحركة «فتح»، وبحث معهم تفاصيل التوجه إلى الأمم المتحدة المتوقع أواسط أيلول. وقال أبو ردينة إن «الاجتماع ناقش كذلك ما اتُّفق عليه مع لجنة المتابعة العربية خلال اجتماعها الأخير الذي عقد في الدوحة، إضافة إلى ما نوقش مع مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرينآشتون».(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)

العراق المحتل، صاحب رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، لا يزال أشبه بمزرعة مليئة بالذهب مشرّعة الأبواب ليسرق الجميع منها. هنا جردة ببعض الأرقام الرسمية عن حجم السرقة والفساد في النفط، اللذين يشترك فيهما الجميع تقريباً: الأطراف العراقية الموجودة داخل «العملية السياسية» وعواصم الاحتلال سرقت ولا تزال تسرق ثروات الشعب يداً بيد منذ غزو عام 2003

علاء اللامي

لم تعد الأطماع الأميركية والبريطانية في النفط العراقي، التي كانت جزءاً من الأسباب الفعلية لغزو العراق واحتلاله، سريةً أو محض شائعات يروّجها المؤمنون بعقلية «المؤامرة»، بعدما نُشِرَ الكثيرُ من الوثائق التي تؤكّدها وتبيّن تفاصيلها. آخر المعلومات التي نشرتها صحيفة «ذي أندبندنت» البريطانية مثلاً، كشفت أنّ وزيرة الدولة لشؤون الشرق الأوسط في حكومة طوني بلير، إليزابيث سيمونز، اجتمعت بمسؤولين في كبرى شركات النفط البريطانية، «بريتيش بتروليوم»، قبل خمسة أشهر من غزو عام 2003، وقالت لهم إنّ حكومتها تعتقد أنّ الشركات البريطانية ينبغي أن تأخذ حصّة من نفط العراق واحتياطياته من الغاز مكافأة على مشاركة لندن في الغزو.كذلك فإن الوثائق تشير إلى أن سيمونز اتفقت مع الشركات النفطية البريطانية على «الضغط» على إدارة جورج بوش لكي تحصل «بريتيش بتروليوم» على حصتها من النفط العراقي، بسبب مخاوفها من أنْ توزِّع واشنطن نفط العراق على شركات أميركية حصراً. وأيضاً هناك الوفير من الوثائق المشابهة فيما يخصّ مخطّطات المحافظين الجدد الأميركيين والشركات العملاقة ومطامعهم بالنفط العراقي.على الأرض، تقول الأرقام إن إيرادات العراق المحتل من مبيعات النفط خلال سنوات الاحتلال الثماني، تفوق إيراداته طوال ثمانين عاماً. خلاصة أدلى بها وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي، ولم تعد مجرد «كلام في الهواء» يمكن تصنيفه ضمن «الهجاء والتحريض السياسي من أنصار نظام الحكم الشمولي» الذي أطاحته حرب الاحتلال، بل هي موثقة بالأرقام والإحصائيات الرسمية. فقد أعلن وزير النفط الحالي في حكومة المحاصصة الطائفية، عبد الكريم لعيبي، في مؤتمر صحافي في 20 آذار الماضي، أنّ الإيرادات النفطية المتحقّقة منذ بدء الاحتلال في نيسان 2003 لغاية آذار 2011، بلغت 289 مليار دولار، علماً بأن الأرصدة النفطية المجمَّدة من عهد النظام السابق لم تُحتسب ضمن هذه الحصيلة. وبالعودة إلى الإحصائيات الرسمية لمنظمة «أوبك»، فإنّ إجمالي الإيرادات النفطية منذ سنة 1970 لغاية سنة الاحتلال، بلغت 262 مليار دولار. وبتقدير تقريبي أجراه متخصصون لإيرادات السنوات الواقعة بين سنة 1938، تاريخ اكتشاف النفط بكميات تجارية حين كان البريطانيون يدفعون للعراق بضعة «شلنات» (جزء من الباوند البريطاني) لقاء برميل النفط الخام، حتى سنة 2003، نجد أنّ مجموع الإيرادات النفطية هو 270 مليار دولار، أي أقل من إجمالي إيرادات سنوات الاحتلال الثماني بتسعة عشر مليار دولار.بعد احتلال العراق سنة 2003، أصبحت عمليات النهب والسرقة والتدمير علنية وبلا قيود. من المعلوم مثلاً أنّ القوات الغازية دمّرت جميع مرافق الدولة العراقية وأحرقت أو دمرت كلياً أو جزئياً جميع الوزارات، باستثناء مقر وزارة النفط، إذ كُلِّفَت قوة متخصصة من قوة المشاة الأميركية «المارينز» بحمايتها ومنع اقتراب أي عراقي منها حتى استحقت وزارة النفط أنْ يُطلِق عليها الإعلام المحلي لقب «قدس الأقداس». كذلك استغلت سلطات الاحتلال في عهد الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، آنذاك، قضية عدم وجود عدّادات على منافذ تصدير النفط في موانئ الجنوب خصوصاً، لاحتساب الكميات المصدرة من النفط الخام، من دون أن يكلف أحد من المسؤولين العراقيين نفسه ويسأل إنْ كان انتزاع العدادات من المنافذ قد حصل بعد الاحتلال أو أنها كانت تعمل أصلاً بدونها.وفي السياق، يرى بعض الخبراء أن سرقة النفط العراقي لم تكن تجري عن طريق منافذ التصدير العديمة العدادات بشكل رئيسي. ورغم اعترافهم بأن هذه العدادات كان لها دور في السرقة، إلا أنهم يركزون على أنّ السرقات الكبرى والأخطر إنما كانت تحصل عن طريق ثلاث وسائل هي: ــــ التلاعب في حسابات التصدير المدارة آنذاك من طرف الموظفين الأميركيين أنفسهم مباشرة وتحت إشراف سلطات الاحتلال المدنية والعسكرية. ــــ ثانياً من خلال الأسعار المرتفعة جداً والمضاعَفة عدة مرات التي كانت تحتسبها الشركات الأميركية لتصليح وتأهيل المنشآت النفطية العراقية التي لم يجر تأهيل أو إصلاح أيٍّ منها. ــــ وثالثاً من خلال وضع أسعار خيالية ومضاعفة للمشتقات النفطية التي كان يستوردها المحتلون من الكويت ويحسمونها من واردات النفط العراقي.إنّ بحر الأموال العراقية النفطية الذي سُرق زمن الاحتلال، لا ضفاف له كما سيتضح في ما بعد، ويمكن الشذرات التي تسرّبت من ملفات التحقيق أن تعطي فكرة عن ضخامة المسروقات النفطية؛ ففي حادثة واحدة اعترفت بها السلطات الأميركية، يظهر تقرير رسمي لمسؤول أميركي منخرط في التحقيقات الخاصة أن «نحو 7 مليارات دولار من أموال النفط العراقي المخصصة لإعادة إعمار البلاد قد نُهبت». واللافت أن واشنطن تعلِّل عدم فعالية جهودها في البحث عن هذه الأموال المسروقة بـ«التردُّد العراقي الواضح في التعاون مع لجنة التحقيق». ولا يمكن تفسير هذا «التردُّد» إلا بوجود أطراف عراقية متورطة مع الجانب الأميركي في تقاسم قيمة هذه السرقة التي يعتبرها المفتش الأميركي العام لبرنامج إعمار العراق، ستيوارت بوين، «واحدة من أكبر الجرائم المالية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية». أما صغار اللصوص من مقاولين أميركيين وسياسيين رفيعي المستوى، فقد ذكرت تقارير أميركية أنهم متهمون بـ«الاستيلاء على عشرات الملايين عن طريق العمولات والكسب غير المشروع خلال أيام الفوضى الأولى عقب الغزو الأميركي للعراق، إلا أنهم ادّعوا أنّ المسؤولين في العراق آنذاك كان لهم النصيب الأكبر في الاستيلاء على هذه المبالغ».إنّ جبل الفساد الخاص بالحكومات العراقية التي أُلّفت بعد الغزو لم تبرز منه سوى قمته حتى الآن، ومن المتوقع أن يُكشف عن حقائق لا تقل هولاً عن تلك التي اكتشفت والمتعلقة بإيرادات النفط المجمدة أو التي سلمتها سلطات الاحتلال إلى تلك الحكومات. لا يُعرف في الوقت الحاضر بدقة كيف تصرّفت الحكومات العراقية المتعاقبة بإيرادات النفط الخام، وما مدى قدرتها وحريتها في التصرف بتلك الأموال التي تودع في بنك أميركي هو «بنك نيويورك الاتحادي». فمنذ هزيمة نظام صدام حسين في حرب الخليج الثانية، وفرض الحصار الدولي على العراق إثرها، والذي لا يزال مطبقاً حتى اليوم، أجبرت الاتفاقيات الإجرائية التفصيلية لقرارات الأمم المتحدة العراقَ على أن يودع إيراداته النفطية في حساب خاص يدعى «صندوق التنمية العراقي» في البنك الأميركي المذكور. هذا يعني أنّ العراق لا سيادة حقيقية ومباشرة له على هذه الأموال، لكونه تحت طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ويعني أيضاً أنّ تلك الأموال ستفقد الحصانة القانونية وتصبح عرضة للمصادرة والنهب من جانب الأطراف الدولية، وبينها إيران والكويت المطالِبتان بتعويضات ضخمة عن حروب نظام صدام ضدهما، بمجرَّد إصدار قرار أميركي بهذا الصدد تنفيذاً لإخراج العراق من طائلة البند السابع. أما حين تخرج الأموال من «بنك نيويورك الاتحادي»، وتدخل في حسابات الحكومة العراقية، فإنّ المراقبين يتوقعون أن تكون أفواه وحوش الفساد المتغوّل في مؤسسات حكم المحاصصة بانتظارها.خارج إطار التصدير الحكومي الرسمي للنفط الخام، سواء كان بعدادات أو بدونها، كشف الإعلام ومنظمات المجتمع المدني النقابَ عن مسارب أخرى غير رسمية، لعل أكثرها فعالية وشهرة ذلك الذي تعتمده جهات كردية لتهريب النفط الخام من الإقليم الشمالي نحو إيران. إنّ شركة «سومو» العراقية هي الجهة الرسمية المخوَّلة تصدير النفط ومشتقاته. ولكنّ جهات حزبية وميليشيوية كردية تهرّب نفطاً خاماً مستخرجاً من آبار في الإقليم تصل قيمته إلى 264 مليون دولار شهرياً. أما الواقعة التي أثارت ردود فعل قوية في الشارع العراقي، فتمثّلت في الكشف عن قيام تلك الجهات الكردية بتهريب مشتقات نفطية مستوردة من طرف الحكومة الاتحادية وموزعة بأسعار مخفضة كحصة استهلاكية لإقليم كردستان العراق إلى إيران والاستيلاء على عائداتها المالية. وقد تصاعد التوتر بين بغداد والسلطات المحلية الكردية في العام الماضي بعدما بلغت عمليات التهريب حداً جعل قوافل الحاويات والسيارات الحوضية التي تعمل في التهريب، تمتد لمسافة عدة كيلومترات في الطريق الدولي الرابط بين إيران وشمال العراق. حينها، ولامتصاص الغضب الشعبي كما يبدو، وجّهت حكومة نوري المالكي مذكرات احتجاج ومطالبات بتفسير ما يحدث إلى حكومة أربيل، ولا تزال تنتظر إجابات على تلك الاستفسارات.أما في جنوب العراق، فقد اتخذت عمليات تهريب النفط طابعاً لا يقل خطورة وتحدياً عما سبق ذكره. تهريب أسهمت فيه الأحزاب والميليشيات والجماعات المسلحة المهيمنة على تلك المنطقة. هنا، جرّت السيطرة على بعض الموانئ الصغيرة كما حدث مع ميناء «أبو فلوس» في البصرة، حيث بدأ تهريب كميات من النفط الخام. واستمرت الحال على ما هي عليه حتى شنّت حكومة المالكي عملية «صولة الفرسان» في 25 آذار 2008 التي حدّت كثيراً من تلك الظاهرة، ولكنها لم تقضِ عليها.يجري كل هذا التدمير الخارجي والذاتي وسط ظروف أمنية وإنتاجية بالغة الصعوبة؛ فالبنية التحتية لاستخراج النفط العراقي وتكريره وتصديره صارت بالية وأقرب إلى «الخردة» والحطام. على سبيل المثال، فإنّ أكبر مصافي البلاد، وهي مصفاة «الدورة» في ضواحي بغداد، أُنشئت في العهد الملكي سنة 1953، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 110 آلاف برميل يومياً. ورغم أنها تحولت إلى حطام ودمّرت الطائرات الأميركية أجزاءً واسعة منها خلال الحرب، إلا أن النظام السابق أجرى عليها عملية ترميم واسعة، ثم أدخلت عليها الحكومات العراقية في عهد الاحتلال تطويرات داخلية تمثلت في إضافة وحدات مستقلة للتكرير داخلها وخارجها صعدت بالإنتاج إلى 215 ألف برميل يومياً، وهي كمية متواضعة وبائسة إذا ما قُورنت بمصافي الدول المجاورة كالكويت وإيران، رغم أنها كلّفت من الأموال ــــ كما يقول متخصصون ــــ ما يكفي لبناء أكثر من مصفاة بحجم مصفاة الدورة وإنتاجيتها.

«بلاك ووتر» متخفّية

كشفت مذكرات سرية أميركية حصل عليها موقع «ويكيليكس» ونشرها يوم الثلاثاء الماضي، أنّ مئات الموظفين السابقين لشركة «بلاك ووتر» المحظورة في العراق إثر ارتكابها جريمة قتل 14 مدنياً غرب بغداد عام 2007، واصلوا العمل لمصلحة شركات أخرى لحماية الدبلوماسيين الأميركيين في بغداد. ووفقاً لبرقية من السفارة الأميركية يعود تاريخها إلى الرابع من كانون الثاني 2010، فإنّ «هناك العديد من الموظفين السابقين في شركة بلاك ووتر لا يزالون يعملون في شركات أمنية أخرى في العراق، ولا سيما شركة (تريبل كانوبي) و(داينكورب)، تقدم الحماية لنا». وفي برقية أخرى يعود تاريخها إلى 11 كانون الثاني 2010، تعبّر السفارة عن قلقها من الجهود العراقية لإقصاء موظفي «بلاك ووتر» عن البلاد، مشيرة إلى أن ذلك قد يقلل من قدرة شركة «تريبل كانوبي» على توفير الحماية الأمنية للسفارة. وجاء في البرقية أن «السفارة الأميركية تدرك أن شركة تريبل كانوبي توظف حالياً مئات من موظفي شركة بلاك ووتر السابقين».(أ ف ب)

بعد تدميره، كثرت التكهنات والشائعات بشأن مصير مخيم نهر البارد. قيل إن الدولة ستقتطع جزءاً منه ليصبح قاعدة عسكرية بحرية، كما قيل إنه سينقل الى جرود عكار، ليتبيّن أن النية الحقيقية والموثقة «ويكيليكسياً»، كانت بنقل أبنائه إلى مدينة «روابي» المستحدثة في ….الضفة الغربية

قاسم س. قاسم

«أخيراً، أفصح دوبر* عن «معلومات حساسة» حصل عليها السفير الروماني في بيروت، (وهي) تتعلق بخطط لنقل مخيم نهر البارد إلى الضفة الغربية. قال دوبر إنّ خطة نقل المخيم خارج لبنان حصلت على مساندة سعودية، وشدد على الظروف السيئة التي يعيش فيها ما يزيد على 35 ألف لاجئ في المخيم. وسأل إذا كان لدى الولايات المتحدة معلومات تتشاركها مع الآخرين». هذا هو النص الحرفي لإحدى وثائق ويكيليكس الصادرة عن السفارة الأميركية في بوخارست في 15/5/2008. فالمعلومات التي طلبها مايكل دوبر، مسؤول شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة خارجية رومانيا من أحد الدبلوماسيين في السفارة الأميركية في بوخارست كانت بهدف التنسيق مع وزارة الخارجية الأميركية، كون نظيرتها الرومانية «تريد رأياً أميركياً حيال تلك القضايا (المتعلقة بسياستها في الشرق الأوسط) وكي لا تخرج عن سياق التنسيق معنا أو تطيح المفاوضات الجارية»، يقصد بذلك عملية السلام. وفي الوثيقة نفسها، طلب الدبلوماسي الأميركي من وزارته توجيهات بخصوص ثلاث قضايا طرحها عليه دوبر، وهي: «اتفاق التعاون العسكري مع السلطة الفلسطينية، رأي حول مصالح السلطة الفلسطينية في الشراكة المتوسطية (MPC) أو أي اتفاقات إقليمية أخرى، وأخيراً موضوع مخيم نهر البارد للتشارك في المعلومات حوله مع حكومة رومانيا. نهاية التعليق».

هكذا إذاً! لم يكن الأمر مجرد شائعة، بل كانت هناك مبادرة من جهة ما، لنقل فلسطينيي البارد الى الضفة الغربية، وكانت هناك موافقة سعودية على هذه الخطة التي كان يجري التداول بشأنها على الأقل بين أربع جهات: الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة وقتها، والسلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية والسعودية! بذلك، يصبح الشعار الذي أراده رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة مطمئناً لأهالي البارد حول أن «الخروج مؤقت والإعمار مؤكد والعودة حتمية»، بشهادة هذه الوثيقة، ضرباً من الاحتيال على الأهالي. فتطمينات السنيورة وعباس زكي، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية خلال الحرب على المخيم، ساعدت على خروج الآلاف من أبنائه تاركين الساحة خالية من المدنيين، ما سمح للجيش اللبناني بعملية تدمير ممنهج للمخيم بهدف معلن، هو القبض على عناصر فتح الإسلام.أبناء البارد تركوا مخيمهم. شاهدوا عملية تدميره على شاشات التلفزة ثلاثة أشهر ونصف. وبعد مرور هذه الأشهر وما أعادت إحياءه في الذاكرة الجماعية للفلسطينيين من عمليات تدمير سابقة كانت قد حصلت لمخيمات لجوئهم، أعلن الجيش اللبناني انتهاء عملياته العسكرية على الأرض، معلناً المخيم منطقة عسكرية. انتظر أبناء البارد اللاجئين الى مخيمات أخرى لحظة السماح لهم بالعودة الى البارد للاطمئنان على ما بقي من أملاكهم، فوجدوا أن مخيمهم أصبح «ع الأرض». هنا ارتفعت «الصرخة» لضرورة إعادة إعمار ما تهدم لأن المخيمات الأخرى لم تعد تستطيع استيعاب حاجات اللاجئين من البارد وتأمينها. في انتظار عقد المؤتمرات الدولية من أجل إعادة إعمار المخيم، حضرت سيناريوات عدة لحل أزمة البارد. عقدت اجتماعات ومؤتمرات محلية قبل الدولية، لوضع تصور جديد للطريقة التي سيبنى بها المخيم. شكلت لجان من مهندسين محليين ودوليين، إضافة إلى مهندسين من الجيش اللبناني. الدولة اللبنانية أرادت أن لا يعاد بناء المخيم كما كان سابقاً. الطرقات يجب أن تكون أوسع لتسهيل مرور الآليات العسكرية فيها بحال حصول أي مواجهات مستقبلية. آخرون طرحوا على مسامع بعض المسؤولين الفلسطينيين الذين رفضوا التصريح بأسمائهم، العمل على نقل المخيم الى مكان آخر كلياً. النقل هنا لا يعني بالضرورة داخل الأراضي اللبنانية، إذ كانت الصيغة المطروحة العمل على نقل المخيم الى الضفة الغربية، كما تشير وثيقة ويكيليكس رقم 08BUCHAREST374.في الفترة الممتدة بين انتظار عقد مؤتمر فيينا (حزيران 2008) وبدء عملية إعادة الإعمار، جرى الترويج لعملية نقل المخيم. فبحسب أحد المسؤولين الفلسطينيين الواسع الاطلاع على ملف نهر البارد، أنه خلال لقائه بأحد وزراء حكومة السنيورة (رفض تسميته) جرى البحث معه في«إعادة لاجئي مخيم نهر البارد الى الضفة الغربية (!!)، ونقوم نحن كحكومة بالضغط على المجتمع الدولي، كما فعلنا عندما قامت إسرائيل بترحيل بعض الفلسطينيين الى منطقة مرج الزهور، وبذلك نكون قد ساهمنا في تطبيق حق العودة للشعب الفلسطيني»! طبعاً تجاهل الوزير أن سكان البارد هم من لاجئي عام 1948، وأنهم إذا «عادوا» الى أراضي السلطة الفلسطينية، فإن ذلك سيسقط عنهم حق العودة الحقيقي الى أرضهم المحتلة أي أراضي 1948. لكن لنسلم جدلاً أنه سيتم نقل 35 ألف لاجئ من مخيم نهر البارد الى الضفة الغربية، فأين سيعيش هؤلاء؟ وخصوصاً أن الضفة الغربية «اللي فيها مكفّيها» لجهة الكثافة السكانية. تطرح سؤالك على مسؤول بارز في تحالف القوى الفلسطينية، كان شريكاً في مفاوضات وضع لاجئي البارد خلال الحرب عليه وفي ما بعد. يؤكد الرجل، الذي رفض ذكر اسمه، أنه كان قد تلقى مثل هذه الاقتراحات. وعند سؤاله أين كان سيعيش 35 ألف لاجئ في الضفة الغربية؟ يجيبك ضاحكاً «ما تخفش عم بعمّرولهم مدينة». مدينة؟ إي مدينة؟ كان الرجل يقصد مشروع مدينة «روابي» التي يجري بناؤها على مثلث بين رام الله، نابلس والقدس المحتلة. على الموقع الإلكتروني لتلك المدينة يتبين ـــ للصدف ربما ـــ أنها تتّسع لـ 40 ألف شخص. يضيف المسؤول البارز قائلاً «كان الحديث يدور حول إعادة لاجئي البارد الى تلك المدينة، حينها يمكن القول إنه تم تطبيق حق العودة الى فلسطين، ما يسهل الأمر ويخفف الضغط عن إسرئيل».نتوجه الى بشار المصري، رئيس مجلس إدارة شركة «بيتي» التي تقوم ببناء المدينة بأسئلة عبر البريد الإلكتروني، لكنه ينفي ما يتم تداوله عن أن المدينة تبنى لتوطين اللاجئين «اللبنانيين». ويتابع «مدينة روابي كمثيلاتها من باقي المدن الفلسطينية، ليست لتوطين اللاجئين. فهي ستشيّد لسد النقص الحاد في الطلب على الشقق السكنية في فلسطين حالياً، (أراضي السلطة)، حيث قدرت دراسات البنك الدولي هذا النقص بأكثر من 200 ألف وحدة سكنية، والذي من المتوقع أن يصل إلى 400 ألف وحدة خلال السنوات العشر المقبلة».هل يعني فشل «الخطة» أن النية لم تكن موجودة؟ هل يعني ذلك أن الحكومة اللبنانية لم تكن تبحث في قبول هذه المبادرة التي لا نعرف من بادر إليها من الجهات الأربع التي كانت تعمل عليها؟ هل يكفي نفي المصري للقول إنها لم تكن احتمالاً وارداً؟ الجواب بلا قد يكون أقرب الى الحقيقة، بدليل، مرة أخرى، الويكيليكس. لكن السؤال الذي قد لا نرغب في تصور الإجابة عنه هو الآتي: لو عرض الفيديو الذي يصور مدينة «روابي» الفخمة على أهل البارد، فهل كانوا سيرفضون هذا «الحل».* مايكل دوبر مسؤول شؤونالشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة خارجيّة رومانيا

تعاني مدينة روابي من معوّقات عدّة تؤخر عملها، ومنها الطريق الرئيسية التي ستربطها بالمدن الفلسطينية، إذ تم ربط هذه الطريق بالمفاوضات السياسية ولم تُعطَ الموافقة على إقامتها بعد. بالإضافة الى ذلك، هناك مشكلة استيراد مواد البناء الأساسية من إسرائيل والتي يستخدمها الفلسطينيون في كل أعمال البناء، ومثال على ذلك أن 95% من الاسمنت والرمل اللذين يستخدمهما المقاولون الفلسطينيون في البناء يجري توريدها من الجانب الإسرائيلي، الذي بدوره يتحكم بكمياتها، سواء كان المورّد هو أو أي جهة أجنبية أخرى

الأكثر قراءة