مضى 11 شهراً على تسلّم قوى 14 آذار المعارضة. طوال هذه الفترة لم يقم المعارضون بأي خطوة لإسقاط الحكومة أو لتفعيل دورها في هذا الموقع. طوال هذه المدة، حوّلوا مشروعهم المعارض شمالاً وجنوباً، صوب لاسا وترشيش وأخيراً في الزهراني، من دون أن يعني ذلك أنهم سيكسبون المعركة بفعل تفخيخ داخلي في الحكومة
نادر فوزوعدت قوى 14 آذار نفسها وجمهورها بمعارضة بنّاءة يوم سقط الرئيس سعد الحريري. قبل 11 شهراً، حمل هذا الفريق الكثير من الملفات والشعارات المرافقة لها وتوجّه إلى فندق البريستول معلناً ولادة وثيقة سياسية جديدة مناسبة لموقعه الجديد خارج الحكم. على مرّ الأشهر الماضية، توالت الأحداث والأزمات في الداخل والخارج، تبدّلت أشكال هذه الوثيقة وعناوينها من دون المساس بمضمونها وأساليب طرحها وتطبيقها. وأصرّت هذه القوى على أنّ مشروعها المعارض قائم، وأنه سيتبلور مع الوقت ليثمر. نام فريق 14 آذار طوال هذه المدة، وإذ به يعلن قبل أيام انتصاره في معركة تمويل المحكمة الدولية. كيف ذلك؟ جواب المعارضين يأتي على النحو الآتي: ليس مهماً كيف ومن وأين، المهم هو النتيجة. على الرغم من أنه لم يعد خفياً على أحد أنّ إصرار الرئيس نجيب ميقاتي على تمويل المحكمة جاء من اقتناع شخصي وبفعل ضغوط مورست عليه، وهي ضغوط لا علاقة لقوى 14 آذار فيها.وتجدر الإشارة إلى أنه حين قرّرت هذه القوى الضغط على ميقاتي وحلفائه في لبنان وسوريا، استبق رئيس الحكومة هذه الخطوة وأخذ الأمور على عاتقه، فـ«نفّسها » ونفّذ الأمر على طريقته. وبالتالي ليس لقوى 14 آذار «أي جميل» على المحكمة وتمويلها.لا يملك فريق المعارضة خطاباً وممارسة جديين يمكّنانه من ملء مكانه في المعارضة. يقتصر هذا الخطاب على سلسة من العبارات لا غير: الحكومة ماتت وتنتظر من يدفنها، الحكومة في موت سريري، الحكومة ولدت ميتة، الحكومة سقطت يوم تأليفها، الحكومة ستصطدم بالفراغ. فهل يطمح المعارضون للعودة إلى السلطة عبر الموت والدفن والفراغ والسرير؟وإذا عدنا أشهراً إلى الوراء، يقول هذا التجمّع إنه اتّخذ خيار المعارضة الديموقراطية البرلمانية. قبل ذلك، كانت هذه القوى قد لجأت إلى الشارع، يوم 25 كانون الثاني، في «يوم الغضب» احتجاجاً على تكليف الرئيس ميقاتي تأليف الحكومة. لم ينجح توجّه الشارع، فسحب من جدول أعمال المعارضين وجرى التمسّك من جديد بالمعارضة السليمة الديموقراطية البرلمانية.لمع هذا الخيار من 5 إلى 7 تموز، في جلسات منح الثقة لحكومة ميقاتي. يومها، قال المعارضون: «أصوات نوابنا ستصدح في القاعة العامة معلنة سقوط الحكومة ». صدحت بعض الأصوات الفردية، لكن صوت الجماعة كان باهتاً، ونقاشهم لم يختلف عن سائر النقاشات الأخرى، السابقة واللاحقة، التي يمكن متابعتها يومياً في حلقات الحوار المتلفزة.نال ميقاتي ثقة مجلس النواب، وتابعت قوى المعارضة خيارها الديموقراطي السلمي. تحضر كتل المعارضة إلى مجلس النواب عند أي جلسة عامة أو جلسة مساءلة، تتوقف عند كل كلمة يقولها الوزراء ويحاولون محاججتهم. وحده النائب مروان حمادة ينجح في استفزاز خصومه عند مطلع كل جلسة، يدلو بدلوه حيال سوريا والوضع اللبناني ويخرج من القاعة مسرعاً إلى مقهى «ساحة النجمة». خارج القاعة العامة، اعتمد نواب 14 آذار على سياسة التصريح لوسائل الإعلام للهجوم على الحكومة ودعم «الثورة السورية». لكن هذه الورقة سقطت أيضاً، باعتبار أنّ فريق الرئيس نبيه بري تدارك الأمر واعتمد سياسة جديدة في ضبط التصريحات في مجلس النواب، فمنعت التصريحات «الفوضوية» وخصص منبر للإدلاء بالمواقف، وهو ما خفف وتيرة التصريحات وحصرها بعدد محدود من النواب. حتى هذا التفصيل الصغير أزعج قوى 14 آذار وضيّق عليها ملعبها.ثمة ما يمكن إضافته إلى أداء المعارضين في مجلس النواب، هو انصياعهم لـ«أوامر» الرئيس بري خلال الجلسات؛ إذ تراجعوا عن القضايا التي كانوا ينوون مناقشتها في المجلس جراء تهديد بري برفع الجلسات، فلم يقدموا على أمر يدلّ على كونهم خارج السلطة ويريدون إسقاط الحكومة.آخر حركات المعارضة البرلمانية تتمثّل بانسحاب نواب 14 آذار من جلسات لجنة المال والموازنة وإعلانهم تعليق مشاركتهم فيها احتجاجاً على أداء رئيسها وسير النقاشات فيها. هذا الإجراء يمكن أن يسجّل في حدّه الأقصى ضربة معنوية لفريق السلطة، باعتبار أنّ النصاب لا يزال موجوداً لعقد جلسات اللجنة التي لن تتأثر بغياب المعارضين.طوال 11 شهراً، يمكن القول إن الفشل طاول الجميع، في السلطة والمعارضة. قبل أشهر انحرف خطاب المعارضين من إسقاط الحكومة إلى «إسقاط شبكة حزب الله في ترشيش». وقبلها قضية لاسا. واليوم قضية محطة الزهراني لتوليد الكهرباء. إخفاق تلو آخر وتراجع بعد آخر. في الوقت نفسه، لا يعني ذلك أنّ الحكومة لن تفخّخ نفسها، وأنّ قوى 14 آذار ستنسب إلى نفسها هذا الانتصار. ويقول المعارضون إنهم ينتظرون إثارة الوزراء ملف التعيينات ليتحرّكوا ويثبتوا موقعهم وشعبيّتهم.يرى عدد من قياديي المعارضة أنه لا ضير في أن تسقط الحكومة لوحدها من دون أي جهد، باعتبار أنّ هذا يريح صفوف 14 آذار التي تعدّ نفسها لمرحلة ما بعد ميقاتي. هذه التحضيرات بدأت أمس إثر بعض اللقاءات التي جمعت مستشار وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان، مع عدد من قياديي «ثورة الأرز».
سندويشات من جديد؟
قبيل وصول جيفري فيلتمان إلى بيروت أمس، سأل عدد من شخصيات 14 آذار عن إمكان عقد اجتماع موسّع مع الضيف في عوكر. تلقّت هذه الشخصيات آراءً مختلفة تصبّ بمعظمها في أنّ لقاءً ما سيجمع القيادات الوسطية بفيلتمان، الأمر الذي دفع عدداً من زملائه إلى التساؤل عما إذا كانت عوكر ستقدّم مرة جديدة لضيوفها «سندويشات» بدل إقامة مأدبة طعام.
محمد بدير
وجّه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان، رسالة طمأنة إلى إسرائيل عبر كشفه عن تفاهمات توصل إليها مع القوى السياسية المصرية، ومن بينها حركة الإخوان المسلمين، تقضي باحترام اتفاق السلام بين القاهرة وتل أبيب. وكشف فيلتمان، في تصريحات خاصة أدلى بها إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الإدارة الأميركية تجري حواراً مع «قادة حركة الإخوان المسلمين»، معتبراً أن «هذا جزء من البزنس السياسي الخاص بنا مع القاهرة». وأضاف موضحاً «نحن نعمل إزاء كل الجهات السياسية التي لا تؤيد العنف في مصر، ومن خلال الحوار توصلنا معهم إلى تفاهم على أن يحترموا اتفاقية السلام مع إسرائيل. ولقد تولّد لدينا الانطباع بأنهم يدركون أهميتها، ونحن نوضح لهم الفائدة الكامنة في الاستقرار الذي تمنحه الاتفاقية لبلادهم».ورداً على سؤال بشأن النتائج التي حققتها التيارات السلفية في مصر، والتي فازت بنحو 20 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات، أقرّ فيلتمان بمفاجأة واشنطن من هذه النتائج، مشيراً إلى أن «هذا أحد المواضيع التي سوف أبحثها مع المسؤولين الإسرائيليين. يوجد بيننا وبينهم تنسيق وشراكة استراتيجية ممتازة، وفي ضوء التغييرات التي تشهدها المنطقة يجب أن نتبادل المعلومات والتقديرات وأن نفكر كيف نتحرك إلى الأمام. يحظر علينا أن نتمسك بالحنين إلى الماضي».ولدى تطرقه إلى حزب الله، فإن فليتمان ـــ بحسب يديعوت ـــ «بدا مختلفاً كلياً، وعلى نقيض المقاربة الدبلوماسية التي يظهرها حيال الإخوان المسلمين في مصر». وشرح السفير الأميركي السابق في بيروت موقف إدارته من الحزب قائلاً «إن حزب الله هو منظمة لا نتعامل معها. إنه منظمة إرهابية شاركت في الانتخابات، وعندما لا يعجبهم الواقع، فإنهم يفرضون رغباتهم بالقوة والعنف».وكان فيلتمان قد قام خلال الأيام الأخيرة بجولة إقليمية شملت كلاً من الأردن ورام الله والقدس المحتلة، حيث التقى بالملك عبد الله والرئيس محمود عباس ومسؤولين إسرائيليين، من ضمنهم المدير العام لوزارة الخارجية رافي باراك وقيادة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي. ولأسباب غير واضحة لم يلتق فيلتمان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، إلا أنه قال لـ«يديعوت» إنه أصلاً لم يطلب لقاءً كهذا.ووصفت الصحيفة فيلتمان بأنه مطّلع جداً على النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيرة إلى أنه عمل في الماضي في السفارة الأميركية في تل أبيب وشغل بعد ذلك منصب القنصل العام الأميركي في القدس الشرقية. وعن الجزء المتعلق بهذا النزاع من زيارته، أوضح فيلتمان أنه أتى إلى القدس ورام الله «لكي نفحص كيفية إطلاق المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، لأن ذلك هو الطريق الوحيد للوصول إلى حل الدولتين»، مكرراً الموقف الأميركي بالقول «نحن نوضح للفلسطينيين أنه لا يوجد طرق مختصرة غير المفاوضات المباشرة، وأن توجههم إلى الأمم المتحدة لن يجعلهم يحصلون على دولة».وبحسب رأي فيلتمان، فإن الرئيس باراك أوباما شخّص أن الموضوع الأهم بالنسبة إلى الإسرائيليين هو الأمن، فيما النقطة المهمة لدى الجانب الفلسطينيي هي المسألة الجغرافية، وقال في هذا السياق «ينبغي تفعيل الوساطة والتغلب على أزمة الثقة في الجانبين والقيام بعمل جدّي. الإدارة الأميركية لديها أيضاً إحباطات في هذا الموضوع. أنا أسمع شكاواكم من أن الفلسطينيين لا يعالجون الموضوع الأمني بجدية، وفي الجانب الثاني أسمع الفلسطينيين يشتكون من أنكم غير جديين في أفعالكم وتصريحاتكم في المسألة الجغرافية، ولذلك تحدث الرئيس أوباما عن الحدود التي يجب أن تستجيب لحاجات الفلسطينيين إلى الدولة، إلا أنهم يرون كيف أن الأرض تتقلص بسبب المستوطنات والبؤر الاستيطانية».وفي الموضوع الفلسطيني الداخلي، أعرب فيلتمان عن اعتقاده بأن المصالحة بين فتح وحماس لن تتحقق. وقال «على مدى أعوام سمعنا تصريحات وشاهدنا لقاءات، إلا أن الفجوات العميقة بقيت على حالها، وهي تمثّل عقبة أمام المصالحة الحقيقية». وأضاف «لقد أوضحت أمس لأبو مازن موقفنا في هذا الخصوص: نحن نتفهّم تطلّعكم إلى الوحدة، إلا أنكم لن تحصلوا على دولة إذا تشاركتم مع منظمة إرهابية. وفي نظرنا، حماس هي منظمة إرهابية».ووفقاً ليديعوت، فإن فيلتمان فضّل تسمية «الربيع العربي» بـ«التغييرات في العالم العربي»، مركّزاً حديثه في هذا الخصوص على ما يحصل في سوريا. وفي هذا الإطار، رأى أن الرئيس السوري بشار الأسد «أداة إرهابية للإرهاب الإيراني، وعليه أن يتنحّى فوراً».
مرّ قطوع جلسة مجلس الوزراء أمس، بمشاركة وزراء تكتل التغيير والإصلاح تحت عنوان «مشروع زيادة الأجور الذي قدمه وزير العمل»، ولكي «يستطيع الجميع أن يعيّدوا بسلام». إلا أن مشروعهم سقط بأصوات حلفاء، وحتى من أهل بيت التكتلنجت الحكومة من مطبّ المقاطعة، بعد غداء أقطاب تكتل التغيير والإصلاح الذي قرر المشاركة في جلسة بعبدا أمس لتقديم زيادة الأجور «عيدية» للبنانيين. وهي جلسة بدأت بمناكفة غير رسمية، حين توجه رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى وزراء التكتل قائلاً: «الحمد لله على السلامة»، قبل أن يردف بما يشبه الرسالة: «على كل حال الحكومة هي اللي بتشوف أولوياتها»، فردّ وزير الطاقة جبران باسيل رداً غير مباشر، بفتح ملف تمويل المحكمة قائلاً: «o.k مولتوا، لكن هناك طلبات ترد من المحكمة إلى الوزراء، فقولوا لنا ماذا نفعل؟». لكن عندما بدأت الجلسة رسمياً، شدد سليمان ورئيس الحكومة على ضرورة طيّ صفحة الماضي ومناقشة كل المواضيع داخل مجلس الوزراء.لكن ما حضر وزراء التكتل لأجله، وهو مناقشة مشروع وزير العمل شربل نحاس لزيادة الأجور، لم تكن نتيجته كما يتمنون؛ إذ أُقرّ ما سمّاه عدد من الوزراء «مشروع ميقاتي». ورأت مصادر قريبة من الرابية أن كل شيء كان معدّاً سلفاً لإسقاط مشروع نحاس في جلسة أمس؛ «فما كاد وزير العمل ينهي شرح مشروعه، حتى ظهر مشروع آخر جاهز، مطبوع ولا يحتاج إلا للتوقيع، وعرض «powerpoint» على الشاشة الكبيرة لتبريره»، وقيل في الجلسة إنه جاء نتيجة مباحثات جانبية جرت على مدى الأسبوعين الماضيين بين فريق رئيس الحكومة وممثلين عن الهيئات الاقتصادية وقيادة الاتحاد العمالي العام. ووصفت هذه المصادر المشروع البديل بأنه يتضمن زيادة على الأجور «أسوأ من السابقة التي رفضها مجلس شورى الدولة لتعارضها مع الدستور والقوانين والاتفاقيات المبرمة».وقد جرى التصويت على المشروعين، ففاز مشروع ميقاتي بأكثرية أصوات الحاضرين، ولم يعارضه سوى 7 وزراء من تكتل التغيير والإصلاح، هم إلى جانب نحاس وباسيل: نقولا صحناوي، فادي عبود، غابي ليون، فايز غصن وبانوس مانجيان. في حين أن وزيري حزب الله أبديا دعمها لمشروع نحاس، لكنهما صوتا للمشروع الآخر مع وزراء حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسي الجمهورية والحكومة والوزير فيصل كرامي، إضافة إلى وزير حزب الطاشناق فريج صابونجيان، فيما غادر الجلسة قبل التصويت الوزيران شكيب قرطباوي ووائل أبو فاعور.وبعد التصويت، طالب الوزير محمد فنيش بإقرار بنود أخرى من مشروع نحاس، كبند تشجيع توظيف الشباب الباحثين عن أول عمل، وشدد على ذلك الوزير علي حسن خليل «وخاصة في ظل ما حكي في بداية الجلسة عن فتح صفحة جديدة وضرورة تفعيل العمل الحكومي وعن الإيجابية في بحث مختلف الملفات»، وطلب خليل من ميقاتي طرح هذا البند على المجلس، فوافق ميقاتي وجرى تبني الاقتراح.وعن موقف وزيري حزب الله، قال فنيش إن تصويته والوزير حسين الحاج حسن لمصلحة اقتراح ميقاتي لتصحيح الأجور، ليس مرتبطاً بالسياسة أبداً، لكنه يهدف حصراً إلى القول إن الحزب لا يعارض تحسين الأجور. وأعلن أنه يؤيد منهجية مقاربة نحاس لقضية الأجور، وخاصة أنها توقف «الاحتيال على الرواتب»، لكن ما طرحه نحاس بحاجة إلى بحث، ولا سيما أنه يحمّل الخزينة مسؤولية تسديد الاشتراكات للضمان الاجتماعي، ومجمل مقاربته بحاجة إلى إصدار قوانين. لهذا السبب، جرى الفصل بين تصحيح الأجور وفق المقاربة القديمة وباقي بنود مشروع نحاس التي تحتاج إلى درس إضافي.ووصفت مصادر وزارية من قوى 8 آذار لـ«الأخبار» أجواء الجلسة بأنها كانت هادئة، متوقفة عند مغادرة قرطباوي للجلسة قبل التصويت، «ما يدل على أن لا أحد كان يريد احتساب الأصوات». ورأت أن تصويت أحد وزيري الطاشناق إلى جانب اقتراح ميقاتي يدل على أن التصويت لم يكن سياسياً، مضيفة أن وزير المردة فايز غصن كان حائراً، ولما تيقن أن صوته لن يقلب دفة التصويت، قرر تسجيل موقف إلى جانب وزراء التيار الوطني الحر. وخلصت إلى أن أجواء الجلسة لا تشير إلى تبعات سياسية لما جرى داخل مجلس الوزراء لناحية موقف التيار الوطني الحر من المشاركة الحكومية.
قرار زيادة للأجور
ينص القرار الفائز على زيادة الحد الأدنى للأجور من 500 ألف ليرة إلى 600 ألف، وزيادة الأجور التي تراوح ما بين 500 ألف ليرة ومليون ليرة بنسبة 30%، على ألا تتعدى قيمة الزيادة 200 ألف ليرة، ما يعني أن الزيادة ستكون مقطوعة، باعتبار أن كل أجر يتجاوز 500 ألف ليرة ستصيبه نسبة زيادة تقل عن 30%. كذلك ينص على زيادة الأجور التي تزيد على مليون ليرة بنسبة 20%، على ألا تتعدى قيمة الزيادة 275 ألف ليرة، وهذه النسبة ستتحول أيضاً إلى زيادة مقطوعة لكل أجر تتجاوز قيمته مليوناً و375 ألف ليرة، إضافة إلى زيادة المنحة التعليمية من مليون إلى مليون و500 ألف ليرة، مع إبقاء بدل النقل على حاله من دون زيادة، أي 8000 ليرة عن كل يوم عمل فعلي، وكذلك إبقاؤه خارج الأجر، بحيث يمكن أصحاب العمل التهرب من دفعه للأجراء، أو دفعه من دون التصريح عنه لدى صندوق الضمان، وبالتالي عدم احتسابه في تعويضات نهاية الخدمة أو معاشات التقاعد.ولفتت مصادر معنية إلى أن القرار الجديد يعطي الأجراء مكاسب أقل من قرار جلسة 12 تشرين الأول الماضي، الذي نص على زيادة الحد الأدنى إلى 700 ألف ليرة، وإعطاء الأجور دون المليون ليرة زيادة مقطوعة بقيمة 200 ألف ليرة، والأجور بين مليون ومليون و800 ألف ليرة زيادة مقطوعة بقيمة 300 ألف ليرة، فضلاً عن زيادة بدل النقل إلى 10 آلاف ليرة والمنحة التعليمية إلى مليون و500 ألف ليرة.أما المشروع الذي عرضه نحاس، فيرمي إلى ضم بدل النقل بعد زيادته إلى الأجر، ليصبح الحد الأدنى للأجور الحالي قبل تصحيحه بقيمة 736 ألف ليرة، ثم تصحيح الجزء الأول من الأجر حتى مليون ليرة من الأجر الفعلي بنسبة مؤشر ارتفاع الأسعار منذ عام 2008 البالغة 17%، ليرتفع الحد الأدنى إلى 861 ألف ليرة، ثم إضافة دعم مباشر من الدولة يوازي قيمة الاشتراكات التي يسددها الأجراء وأصحاب العمل لصندوق المرض والأمومة، أي بنسبة 9% حتى جزء من الأجر الفعلي يبلغ مليوناً و500 ألف ليرة، أي أن الحد الأدنى للأجور سيرتفع إلى 938 ألفاً و500 ليرة، وسيتحول هذا الدعم إلى زيادة فعلية على الأجر فور إقرار وتطبيق تعديلات قانون الضمان الاجتماعي باتجاه شمول جميع اللبنانيين المقيمين بتقديمات صندوق المرض والأمومة وإلغاء الاشتراكات. وهذا الاقتراح ينطوي على زيادة الحد الأدنى للأجور بقيمة 250 ألفاً و500 ليرة، وسترتفع قيمة هذه الزيادة تدريجاً لتبلغ 353 ألف ليرة للأجور فوق مليون و500 ألف ليرة.كذلك يطرح وزير العمل في مشروعه تطبيق قانون الضمان الذي ينص على إنشاء صندوق التعويضات العائلية والتعليمية، وبالتالي رفع الاشتراكات في هذا الصندوق إلى 9%، في مقابل أن يستفيد الأجير المضمون من مبلغ 40 ألف ليرة شهرياً عن كل ولد في المدرسة أو الجامعة بحد أقصى يبلغ 160 ألف ليرة، أي إن منحة التعليم كانت سترتفع من مليون ليرة حالياً عن ولدين، إلى مليون و920 ألف ليرة عن 4 أولاد، أي بمعدل 480 ألف ليرة عن كل ولد مهما كان نوع المدرسة أو الجامعة. وقال نحاس خلال عرضه إنه لا يجوز أن يستمر النظام المؤقت بدعم التعليم الخاص على حساب التعليم العام من خلال التمييز في قيمة المنحة لمصلحة المدرسة الخاصة أو الجامعة الخاصة.وبعد صدور القرار الجديد، تباينت المواقف منه بين ممثلي الهيئات الاقتصادية وممثلي العمال، فوصفه رئيس غرفة التجارة والزراعة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير بأنه «جيد ويرضي العمال وأصحاب العمل»، وقال إنه اتخذ بعد دراسة، مؤكداً أن الهيئات الاقتصادية موافقة على القرار بكامله من دون أي تعديل.إلا أن هيئة التنسيق النقابية أبلغت «الأخبار» أنها بصدد الاستعداد لتنفيذ الإضرابات والتظاهرات والاعتصامات لإسقاط هذا القرار مجدداً، وقال رئيس رابطة الأساتذة الثانويين حنا غريب إن الهيئة ترفض رفضاً مطلقاً ما أقرته الحكومة، «لقد رفضنا القرار السابق، فمن الطبيعي أن لا نقبل بالطرح الحالي». وستعقد الهيئة اجتماعاً غداً لتحديد موعد الإضراب والتظاهر رفضاً لما وصفه بالقرار المذل. كذلك سينعقد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي لاتخاذ موقف مماثل، وأعلن رئيس الاتحاد غسان غصن رفضه للصيغة التي أقرها مجلس الوزراء، نائياً بنفسه عما قيل عن موافقته على هذه الصيغة، وقال إن الاتحاد يطالب بزيادة 60% على الرواتب ما دون مليون ليرة، و40% على الرواتب بين مليون ومليوني ليرة، و20% على الرواتب التي تزيد على مليوني ليرة، إضافة إلى زيادة المنح المدرسية وبدلات النقل. ولفت إلى أن قرار الحكومة لم يلتزم مطالب الاتحاد «لا بل أقر صيغة لم تُطرَح مسبقاً ولم يجرِ التشاور معنا قبل إقرارها.
فيلتمان في بيروت
الحدث الثاني البارز لبنانياً، أمس، كان وصول مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، إلى بيروت، في زيارة بدأها بلقاءين مع كل من ميقاتي ورئيس حركة التجدد الديموقراطي نسيب لحود، ويستكملها اليوم مع كل من: رئيس الجمهورية قبل مغادرته إلى أرمينيا، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وشخصيات أخرى من 14 آذار.هدف الزيارة المعلن، بحسب ما ذكر الزائر وسفارة بلاده في بيروت، هو «مناقشة الوضع السياسي والأمني في لبنان، والتطورات في سوريا، وقضايا إقليمية أخرى». لكن في تفاصيل حديث فيلتمان، حضر كالعادة القرار 1559 ضمن كلامه على التزام لبنان القرارات الدولية، كما حضر ما يريده من لبنان في ما خص الموضوع السوري، عبر قوله إنه يعرف «أن في لبنان تقليداً بالعمل بالإجماع العربي والدولي، وأنا متأكد أن لا أحد في لبنان يريد أن يعطي انطباعاً بأنه يؤيد العنف في سوريا. لا أعرف ما هي المحادثات التي تجري بين لبنان وجامعة الدول العربية؛ فهذا ليس من شأن الولايات المتحدة، فهذه المحادثات تجري بين لبنان وشركائه في جامعة الدول العربية، إلا أنني أعتقد أن تمتين الإجماع واستمراريته لبعث هذه الرسالة إلى سوريا أمر مهم جداً». وفيما استفاض في الرد على أسئلة الصحافيين في شأن سوريا، رفض التعليق على موضوع شبكة التجسس الأميركية في لبنان، متذرعاً بأنه ليس لديه ما يقوله «بشأن تقارير تتعلق بالاستخبارات، ولا أستطيع التعليق عليها».مصادر في قوى 14 آذار رأت في ذكر فيلتمان للقرار 1559 «خطوة جدية في اتجاه تعزيز الدور الدولي والمطالبة الدولية بنزع السلاح غير الشرعي»، علماً بأن النائب أنطوان زهرا قال في حديث إذاعي أمس: «لا شيء سيبحث في الحوار إلا موضوع السلاح، ولننتظر الأيام المقبلة، وسنرى منطق من هو الأقوى».
الخطوة النهائية لاحقاً
جمع غداء الرابية أمس، أقطاب تكتل التغيير والإصلاح: رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الأمين العام لحزب الطاشناق هوفيك مخيتاريان، ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، إضافة إلى وزير الطاقة جبران باسيل. وأعلن بنتيجته عون قرار المشاركة في جلسة الحكومة، لكنه أبقى قرار الخطوة النهائية بانتظار «أن نتشاور مع الكتلة الأوسع التي تمثل حلفاءنا».
بلورت سوريا ردّها على الإنذار العربي الأخير، انطلاقاً من سياسة هجومية تقوم على ربط دمشق موافقتها على توقيع بروتوكول المراقبين، بطرح قائمة شروط تتخطّى بنود الخطة العربية لحل الأزمة، لتصل إلى إعادة العلاقة العربية ــ السورية إلى ما قبل سياسة العقوبات
لم ينتهِ بعد مسلسل الأخذ والرد بين الجامعة العربية وسوريا على خلفية الإنذارات العربية لدمشق التي تواصل سياسة إعادة الكرة العربية إلى ملعب الجامعة في كل مرة يتعلق الأمر بمهل عربية توجه لها أو بإنذارات على شكل فرص أخيرة. وبعد مفاوضات دارت في اليومين الماضيين من خلال رسائل واتصالات بين دمشق من جهة، والأمانة العامة للجامعة العربية والدوحة، صاحبة اليد الطولى في الإدارة العربية للملف السوري في هذه الأيام.
من جهة ثانية، خرج ردّ سوري جديد على الطلب العربي بتوقيع بروتوكول المراقبين العرب وخطة العمل العربية الخاصة بإنهاء الأزمة السورية، من غير الواضح ما إذا كان سيصل بلعبة الشد بين دمشق والجامعة إلى خواتيمها السعيدة. فقد وافقت سوريا على بروتوكول المراقبين الذين قرر وزراء الخارجية العرب إرسالهم إلى سوريا، وفق شروطها التي سبق للعرب أن رفضوها. ردّ جاء في مؤتمر صحافي للمتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، إضافة إلى تضمينه في رسالة وجهها وزير الخارجية وليد المعلم إلى الأمانة العامة للجامعة العربية.وقال مقدسي إن دمشق ردّت بـ«إيجابية» على الجامعة العربية بشأن موضوع توقيع بروتوكول نشر مراقبين في البلاد «وفق الإطار الذي يستند إلى الفهم السوري لهذا التعاون». وأشار إلى أن «الرد السوري كان إيجابياً، والطريق بات سالكاً للتوقيع، حفاظاً على العلاقات العربية، وحرصاً على السيادة السورية»، موضحاً أن المعلم أرسل مساء الأحد رسالة إلى الجامعة العربية في هذا الشأن. ولفت مقدسي إلى أن «سوريا طلبت أن تكون المراسلات (التي جرت بين سوريا والجامعة) جزءاً لا يتجزأ من البروتوكول»، مؤكداً أن «ما قدمته سوريا هو تعديلات طفيفة لا تمس جوهر البروتوكول». وعن طبيعة الاستفسارات السورية، أوضح المسؤول السوري أن دمشق طلبت «استيضاح بشأن العنف ممن وضد من؟ طلبنا أموراً لا علاقة لها بطبيعة المهمة، وطلبنا إخطار الجانب السوري بأسماء البعثة وجنسياتهم، وهي أمور لوجستية إجرائية بحتية لا علاقة لها بطابع المهمة». وكشف أن من التعديلات المطلوبة «تغيير عنوان البروتوكول ليصبح مشروع بروتوكول بين سوريا والجامعة العربية لمتابعة الوضع السوري».وشدد على أهمية «التنسيق مع الجانب السوري»، على قاعدة أن «نجاح المهمة يتوقف على التنسيق مع الجانب السوري». وتابع قائلاً إن «التنسيق سيكون في حال الموافقة، عالي المستوى بهدف إنجاح هذه المهمة، وسيكون للبعثة الحرية في التحرك بالتنسيق مع الجانب السوري». وخلص مقدسي إلى أن سلطات بلاده تعتقد أن «الطريق باتت سالكة لتوقيع الاتفاق إذا كانت النيات هي المساعدة للخروج من الأزمة». وأضاف أنه «إذا تمّ التوافق على المقترحات السورية، فإنّ الطريق أمام توقيع مشروع البروتوكول سيكون سالكاً لتوقيعه قريباً، إن توافرت النيات الحسنة»، وأشار إلى أن «سوريا قدمت أكثر مما لديها، وأن توقيع مشروع البروتوكول ليس نهاية الأزمة، بل خطوة على الطريق». وبشأن وجود مراقبين غير عرب في وفد الجامعة العربية الذي يمكن أن يزور سوريا، أجاب مقدسي بأنّ «الجامعة العربية تعتمد على الخبرات العربية. وإن كان هناك أشخاص غير عرب، يجب أن يكون بموافقة مجلس الجامعة العربية. هذا طلب نراه منطقياً للغاية، وأيضاً طلبنا من الأمانة العامة والأمين العام إمكان توقيع البروتوكول في دمشق». وختم كلامه بالإعراب عن أنه «متفائل بحذر ولننتظر رد فعل الجامعة أولاً».وعن فحوى الرسالة التي بعث بها المعلم إلى العربي، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنها تضمّنت، إضافة إلى الاستفسارات والإيضاحات التي باتت معروفة، «المواقف والملاحظات التي تقدمت بها الجزائر وما صرّح به رئيس اللجنة الوزارية والأمين العام للجامعة، تأكيداً لرفض التدخل الأجنبي في الشأن السوري والتي تعدّ جميعها جزءاً لا يتجزأ حسب فهمنا لمشروع البروتوكول». وعن الشروط السورية للموافقة على البروتوكول، جاء في الرسالة أن الحكومة السورية «ترى جميع القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة بغياب سوريا ومن ضمنها تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية والعقوبات التي أصدرتها اللجنة الوزارية والمجالس الوزارية العربية بحق سوريا لاغية عند توقيع مشروع البروتوكول بين الجانبين». كذلك تضمّنت الرسالة نفسها دعوة الأمانة العامة للجامعة إلى القيام «بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة برسالة خطية تتضمن الاتفاق «والنتائج الإيجابية التي جرى التوصل إليها بعد توقيع مشروع البروتوكول، والطلب منه توزيع الرسالة على رئيس وأعضاء مجلس الأمن وعلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كوثيقة رسمية».وكان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي قد دعا الحكومة السورية إلى توقيع وثيقة بروتوكول بعثة المراقبين العرب إلى دمشق، مطمئناً إلى أن الموقف العربي بشأن سوريا مرتكز على أساسين، هما ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة على المستوى العربي، وأن تعمل الجامعة العربية من أجل مصلحة سورية والسوريين. ولفت مدلسي إلى أن بلاده «تأمل أن تأخذ دمشق في الاعتبار المجهود العربي لاتخاذ موقف من شأنه أن يربط ما بين سوريا والجامعة العربية ارتباطاً متيناً للخروج من هذه المحنة».وفي وقت لاحق من يوم أمس، أوضح الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أنه يجري مشاورات مع وزراء الخارجية العرب حول شروط دمشق لتوقيع بروتوكول المراقبين إلى سوريا. وأكد العربي أن المعلم أرسل بالفعل رسالته إلى الأمانة العامة للجامعة العربية قال فيها «إن سوريا مستعدة لتوقيع بروتوكول بعثة المراقبين العرب. لكنه وضع شروطاً وطلبات تُدرس حالياً بالتشاور مع المجلس الوزاري». وكشف أنه أجرى «اتصالات مع وزراء الخارجية العرب وأُطلعوا على فحوى الرسالة السورية ولم يتقرّر عقد اجتماع لوزراء الخارجية حتى الآن»، محذراً من أن العقوبات العربية ضد سوريا «سارية»، مشدداً على أنه «لم تُعطَ أي مهل أخرى قبل تنفيذها». ورداً على سؤال عما إذا كانت الشروط السورية تفرغ المبادرة العربية لتسوية الأزمة السورية من مضمونها، أجاب العربي أن «هذه الشروط فيها أمور جديدة لم نسمع عنها من قبل».(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)
قدّم السيد حسن نصر الله في العام الفائت إلى القضاء اللبناني قرائن تدلّ على احتمال ضلوع الاستخبارات الإسرائيلية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفي تشرين الأول، أودع خبير في المحاكم الدولية قرائن إضافية إلى المحكمة الدولية، لكنّ المدعي العام دانيال بلمار كرّر إهمال تلك القرائن في مخالفة واضحة لمعايير العدالة
عمر نشابة«إن ما تقدم به المحامي مروان دلال (مذكرة تقدم بها دلال إلى المحكمة معرّفاً عن نفسه بأنه «محام إسرائيلي» في تشرين الأول الفائت، تشير إلى احتمال ضلوع إسرائيليين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) لا يلزمنا بشيء»، قال مسؤول في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس لـ«الأخبار» من لاهاي عبر الهاتف. «إن المدعي العام دانيال بلمار اتّبع منهجية تحقيق تتناسب مع المعايير الدولية، وأدت التحقيقات إلى جمع معلومات كافية أتاحت اتهام الأشخاص الأربعة (مصطفى بدر الدين وسليم عياش وحسين عنيسي وأسد صبرا) بجريمة اغتيال الحريري»، تابع المسؤول الدولي. ولدى سؤاله عمّا إذا كانت التحقيقات الجنائية التي أجرتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة منذ 2005 ومكتب المدعي العام منذ 2009 قد نظرت في مجرّد احتمال ضلوع إسرائيليين في الجريمة أجاب «كلا»، وبعد صمت للحظات قليلة أضاف: «لم تكن هناك حاجة إلى ذلك، فنتائج التحقيقات دلّت على الأشخاص الأربعة ولم تشر إلى احتمال ضلوع إسرائيليين في الجريمة».لكن لماذا لم تؤخذ فرضية ضلوع إسرائيليين على محمل الجدّ منذ بداية التحقيقات الدولية أو منذ انطلاق عمل مكتب المدعي العام في المحكمة؟ وألا يفترض مهنياً تجنّب الحسم إلى حين انتهاء التحقيقات؟ استعاض المسؤول القضائي عن الإجابة عن هذين السؤالين بتكرار تأكيده احترام بلمار المعايير الدولية. لكنّ تأكيد عدم قيام المحكمة بأي مسعى لجمع معلومات من فلسطين المحتلة عن مجرّد احتمال ضلوع إسرائيليين في جريمة 14 شباط 2005، جاء في جواب خطّي صدر أمس عن الناطق الرسمي باسم المحكمة مارتن يوسف. سألته «الأخبار»، علماً بأن أي تبادل معلومات بين المحكمة وإسرائيليين يستوجب توقيع اتفاقية دولية بين الطرفين: هل طلبت المحكمة الخاصة بلبنان من إسرائيل توقيع اتفاقية تعاون مع المحكمة؟ متى؟ وما كانت النتيجة؟ فأجاب: «كلا. لم تطلب المحكمة من إسرائيل توقيع اتفاقية تعاون معها. المحكمة لديها اتفاق تعاون مع لبنان وهولندا فقط». يوسف أكد أن أي معلومات عن عمل المحققين، وعمّا إذا كانوا قد زاروا «إسرائيل» واجتمعوا بالمسؤولين فيها سعياً إلى جمع معلومات عن جريمة اغتيال الحريري، هي من اختصاص مكتب المدعي العام، مشيراً إلى أنه أحال الأسئلة التي وجّهتها «الأخبار» في هذا الشأن عليه. لم تصدر عن مكتب دانيال بلمار إجابات عن هذه الأسئلة حتى ساعة متأخرة من مساء أمس.غير أن ما تلكّأ بلمار في الإجابة عنه كان محلل الشؤون الأمن والاستخبارات في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، يوسي ميلمان، قد أوضحه في 23 تشرين الثاني 2010، إذ جاء في تقريره «ليس لدى الأمم المتحدة أجهزة جمع معلومات أو استخبارات مستقلة وخاصة بها. لذلك، وكما يحصل أيضاً في التحقيق في البرنامج النووي الإيراني، اضطروا إلى الاستعانة بمنظمات استخبارية مستعدة لنقل المعلومات إليهم. (...) لدى هذه الأجهزة الاستخبارية قدرات تغطية استخبارية، وتحديداً تكنولوجية، من قبيل التنصّت واعتراض البث في لبنان. إن عدد هذه الأجهزة ليس كبيراً، ويمكن الافتراض أن في قائمة هذه الأجهزة وكالة الأمن القومي التابعة للولايات المتحدة (NSA)، والاستخبارات البريطانية، والاستخبارات الفرنسية، وأيضاً من دون شك الاستخبارات الإسرائيلية، وتحديداً وحدة الجمع المركزية في أمان 8200». وبالتالي، بما أن المحكمة أكدت رسمياً عدم وجود اتفاقية تعاون بين المحكمة و«إسرائيل»، كشف ميلمان عن مخالفات عديدة ارتكبها دانيال بلمار وأركان مكتبه لنظام المحكمة من جهة، ومخالفات ارتكبها مسؤولون إسرائيليون للقوانين الإسرائيلية من جهة ثانية. وفي هذا الإطار لا بدّ من الإشارة إلى ملاحظتين:أولاً، إن «وحدة الجمع المركزية في أمان 8200» (من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية) لا تتعاون مع أي جهة خارجية عبر تسليمها معلومات عن تغطية استخبارية تكنولوجية من قبيل التنصّت واعتراض البث في لبنان إلا من خلال توجيهات واضحة صادرة عن السلطات السياسية الإسرائيلية العليا.ثانياً، يستبعد، في الحدّ الأدنى، فصل دوافع هذا التعاون «المخالف» عن خلاصة تحقيقات بلمار، ومفادها ضلوع مسؤولين في حزب الله في جريمة اغتيال الحريري. أما في الحدّ الأقصى، فيرجّح أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية، بالتنسيق والتعاون مع الاستخبارات الغربية، قد فبركت معلومات تقنية من خلال تقنيات متطوّرة ليستند إليها بلمار في صياغة قراره الاتهامي.وفي ما يدلّ على أن التبادل بين الاستخبارات الإسرائيلية والمحققين الدوليين كان قد بدأ عام 2005، يُذكر أن الكاتب الإسرائيلي المطّلع شيمون شيفر كان قد نشر في صحيفة يديعوت أحرونوت في 1 أيلول 2005 تقريراً جاء فيه أن وزير الدفاع آنذاك شاؤول موفاز «اطّلع من رئيس القسم السياسي ـــ الأمني، اللواء عاموس جلعاد، على صورة حديثة مفصّلة للمعلومات التي وصلت إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عن هذه القضية (جريمة اغتيال الحريري)». وبحسب التقرير، فإن «وفداً من ضباط الجيش الإسرائيلي ومسؤولين كباراً في جهاز الأمن التقوا أخيراً في أوروبا القاضي الألماني ديتليف ميليس الذي يدير التحقيق عن مجلس الأمن، ونقل إليه المعلومات التي جمعت هنا».
فرانسين يغسل يديه
«لقد أكدنا لكم مسبقاً أن قاضي الإجراءات التمهيدية تلقّى مستنداً من السيد مروان دلال في 31 تشرين الأول 2011»، قال المتحدث الرسمي باسم المحكمة أمس. وكان المحامي مروان دلال الذي عمل سابقاً في مكتب المدعي العام للمحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة قد تقدم بمذكرة أورد فيها معلومات موثّقة عن احتمال ضلوع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ورئيسه مئير داغان في جريمة اغتيال الحريري. وصنّف دلال، الضليع في الإجراءات القضائية الدولية، المذكرة بـ«رأي صديق للمحكمة (AMICUS CURIAE)» وأرفق المذكرة بطلب إيداع تضمن تفنيداً للأسباب الموجبة. لكنّ مارتن يوسف قال أمس إنه «بحسب القاعدة 131 من قواعد الإجراءات والإثبات، فإن المستند الذي أودعه دلال لا يعدّ رأي صديق للمحكمة».لكن بدا أن الأمر مرتبط بتردّد السلطات القضائية الدولية في التعامل مع أي شأن يخصّ إسرائيليين، إذ إن تجربة القاضي الدولي دايفيد غولدستون وفريق عمله دلّت على مستوى الضغط الذي يمكن أن يتعرّض له أي مسؤول غربي يسعى إلى مقاضاة إسرائيليين أو يلمّح إلى ذلك. وبالتالي أكد يوسف، في إشارة إلى أن القاضي فرانسين غسل يديه من ملف دلال، أنه أحاله على المدعي العام دانيال بلمار في 2 تشرين الثاني 2011، «لأن من صلاحياته التعامل مع القضايا المرتبطة بالتحقيق».مذاك لم تصدر أي إشارة عن اهتمام بلمار بالمعلومات التي تناولها دلال. وكان دلال قد أشار في المذكرة التي أرسلها إلى لاهاي إلى «أن التحقيق في اعتداء 14 شباط 2005 في بيروت لم يأخذ باحتمال ضلوع إسرائيل في التخطيط للاعتداء الذي أدى إلى اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري وتنفيذه. حصل هذا الإغفال بينما تنتهج إسرائيل سياسة تدخّل في الشؤون اللبنانية، وخصوصاً خلال تولّي أرييل شارون رئاسة الحكومة الإسرائيلية إبان حصول اغتيال الحريري». وتابع بالقول إن «مصادر إسرائيلية أشارت إلى دلائل على ضلوع إسرائيل في اغتيال الحريري. هذه الدلائل، إضافة إلى تاريخ بعض المسؤولين الإسرائيليين المعنيين بها، والمصالح الاستراتيجية لإسرائيل كما يحدّدها بعض المسؤولين الإسرائيليين، تستدعي تحقيق الجهات المختصة في المحكمة الخاصة بلبنان مع مواطنين إسرائيليين ومع مسؤولين رسميين إسرائيليين حاليين وسابقين، بهدف تقدم المحكمة في تنفيذ مهماتها الأساسية».
حملة شبابية للمطالبة بالنقل والصحة وفرص العمل«شو حقّك؟»، سؤال أثار العديد من التساؤلات المترابطة. فعبارة «كم يبلغ ثمنك؟» في لبنان، تعني الكثير. الأبرز هي الرشى، «الواسطات»، وإنفاق المرشحين على الناخبين اللبنانيين. «شو حقك؟» هو شعار حملة تضيئ على الحقوق الاجتماعية المهدورة في لبنان: نقل، صحة، فرص عمل، احتكارات وغلاء وضرائب. «سلة اجتماعية» ستكون عنوان تحركات باكورتها في 12 الجاري، للمطالبة بـ«الضمان الصحي لجميع اللبنانيين»
رشا أبو زكيكانت 5 قصص واقعية، محور اللقاء الذي نظمته مجموعة من الشابات والشباب الناشطين عبر «الفايسبوك» ضمن حملة «لبنان عاصمة عالمية للفساد». وقف 5 منهم على مسرح بابل في الحمراء. سردوا قصصهم الواقعية أمام نحو 200 شاب وشابة لبّوا الدعوة الى اللقاء. اسم مجموعتهم «مواطنات ومواطنون». حزبهم: «لا حزب. نحن غير مدعومين من أي جهة أو طرف». مطلبهم: سلة حقوق اجتماعية: «الصحة، العمل، النقل، نظام ضريبي عادل، وقف الاحتكارات». عنوان حملتهم: «شو حقك؟ حقّي عليّي».
*القصة الأولى: سيارة مسرعة أمام إحدى الجامعات صدمت فتاة. سارع هاشم إليها، ونقلها إلى أحد مستشفيات بيروت. الفتاة غير مضمونة ولا يغطيها أي صندوق تأميني. امتنعت إدارة المستشفى عن استقبال الفتاة، رغم إصابتها الخطرة. «اتصلنا بالزعيم الفلاني والعلاني، وصلنا إلى «واسطة» مع إدارة المستشفى التي عادت واستقبلت الفتاة»، يشرح هاشم ويضيف: «الضمان يجب أن يغطي جميع اللبنانيين، إلا أن 50 في المئة فقط من المواطنين مشمولون بتغطية صحية دائمة. الضمان الصحي حق لنا». يطرح هاشم البديل: «نظام التغطية الصحية الشاملة يجب أن يغطي جميع اللبنانيين المقيمين، بمعزل عن وضعيتهم في العمل، إن كانوا أُجراء، عاملين لحسابهم، مزارعين، سائقين أو عاطلين من العمل».*القصة الثانية: محمد يعرف تاجراً لبنانياً. التاجر وجد مسحوقاً للغسيل مشهوراً جداً في لبنان وبأسعار مخفوضة جداً في أحد الأسواق الأوروبية. قرر التاجر استيراد هذا المسحوق؛ لأنه لا يخضع للحصرية التجارية وبيعه في لبنان بسعر يقل عن السعر المعتمد حالياً بنحو النصف. وصلت الشحنة إلى المرفأ، ووُزِّعت على تجّار المفرق. علم الوكيل بالأمر، فإذا بأجهزة الدولة تتحرّك وتدهم التجّار بحثاً عن مسحوق «مزوّر»، ثم يتصل الوكيل بهؤلاء التجّار ويحذّرهم: هذه المرّة انقضت من دون إقفال محالكم، في المرّة الثانية سترون ما سيحل بكم... يعلّق محمد: تعاني أكثر من ثلثي الأسواق اللبنانية من احتكار القلة. معظم نسب الارتفاع في الأسعار ناتج من هذه الاحتكارات. البديل بحسب محمد: «تطبيق قانون مكافحة الاحتكار وحماية المستهلك، إلغاء قانون حماية الوكالات الحصرية فوراً ووضع قانون للمنافسة».*القصة الثالثة: إيفان تخرجت من الجامعة بإجازة في إدارة أعمال. منذ أن تخرجت لم تعمل يوماً في مجال اختصاصها. سنوات مضت وهي تبحث عن عمل في اختصاصها من دون أمل. اضطرت إلى القيام بعمل آخر، وحتى اليوم لم يُصرَّح عنها إلى الضمان. توضح إيفان قائلة: «لست الوحيدة؛ إذ إن متوسط مدة البحث عن عمل في لبنان يصل إلى 24 شهراً. المتعلمون هم الشريحة الأكثر عرضة للبطالة التي ترتفع عند الإناث. فيما نسبة البطالة عند المعوقين وصلت إلى 80%، رغم شهاداتهم العلمية». البديل بحسب إيفان «إقرار حق تأسيس النقابات في القطاعين العام والخاص، وعدم إخضاعها لنظام التراخيص المسبقة، إقرار حوافز تؤمن العمل الأول للشباب».*القصة الرابعة: بين توفير دفعة أولى لشراء منزل بواسطة المؤسسة العامة للإسكان وامتلاك سيارة، اتجهت كيندا نحو الخيار الأول. ولأنه لا وجود لنقل عام في لبنان، وقعت كيندا في مصيبة التنقل من المنزل إلى العمل. تقول: «المستفيدون من غياب خطة للنقل العام كثر، وأهمهم مستوردو السيارات، الكارتيل النفطي، أصحاب شركات النقل الخاص، والمنتفعون من هدر الأموال العامة في الوزارات المعنية بالنقل. أما المتضرر من غياب هذه الخطة، فهو كل لبناني «مش غني»، والبديل بحسب كيندا «إقرار خطة وطنية فعّالة وحديثة للنقل العام،*القصة الخامسة: وسيم كان مواطناً فرنسياً. قرر العودة إلى «وطن النجوم». هناك كان يدفع الكثير من الضرائب، إلا أنه كان يتمتع بحقوق، وتوفّر له الدولة خدمات في مقابل الضرائب التي يدفعها. جاء إلى لبنان، فإذا به يدفع حجماً ضخماً من الضرائب بلا أي مقابل اجتماعي. يشرح: «تساوي الضرائب والرسوم على الاستهلاك في لبنان نحو 80% من الإيرادات الضريبية. في المقابل، فإن 70% من الاستثمارات هي في قطاعي البناء والعقارات، فيما الأرباح المتأتية من المتاجرة بالعقارات معفاة من أي ضريبة؛ فالمواطن اللبناني يموّل بضرائبه ارتفاع أرباح تجار العقارات، ويموّل من جيبه إجراءات ترفع أسعار السكن عليه». البديل بحسب وسيم «إعادة هيكلة الضريبة للتوصل إلى نظام ضريبي عادل يخفف الأعباء عن الاستهلاك والإنتاج، اعتماد سلة بدائل ضريبية على الربح العقاري والأملاك البحرية والسجائر والكحول والضرائب البيئية وإعلانات الطرق...».انطلاقاً من شعار «حقّي عليي»، انضم عشرات الشباب من الجمهور إلى المجموعة التي انطلقت بفكرة الحملة. ألفوا 5 مجموعات للعمل على تحركات في مواضيع «السلة الاجتماعية»، وأعلنوا أول تحرك في 12 /12/ 2011. لا يعوّل الشباب على مشاركة عدد كبير من المواطنين، «لذلك سيكون تحركنا نوعياً، وسنوصل الرسالة التي نريدها، ونفتتح باكورة تحركاتنا بمطلب الضمان الصحي لجميع اللبنانيين».وكان في اللقاء مداخلة لرئيس مركز البحوث والاستشارات كمال حمدان عن الضمانات الاجتماعية للمواطن اللبناني، عن حق جميع اللبنانيين من دون استثناء في الضمان الصحي، وعن حق الوصول إلى نقل عام وإعادة هيكلة النظام الضرائبي المعتمد ليصبح عادلاً. وقدم الباحث الاقتصادي جاد شعبان ورقة مقتضبة ربط خلالها موضوع الاحتكارات التي تسيطر على مفاصل الاقتصاد اللبناني بارتفاع الأسعار غير المنطقي في جميع الأسواق اللبنانية. وتأثير هذا الارتباط على القدرة الشرائية لدى المواطنين وتراجع فرص العمل لفئة الشباب. «شو حقك؟» سؤال توجه به الشبان إلى المحامي نزار صاغية. جوابه: «حقي هو أن أصبح مواطناً، وأن يصبح كل اللبنانيين هم وسط المدينة، وهم مركز القرار، وحقوقهم هي الأولوية، لا سلاح ولا محكمة دولية. حقي أن يوجد في لبنان أطر نقابية ليست خاضعة للسياسيين الذين يتحكمون بالسلطة. حقي أن تكون حقوق المواطنين هي أساس التحركات في الشارع، لا حقوق طرف سياسي على حساب طرف آخر».
2.5 نقاط
هو تصنيف لبنان في مستوى الفساد، بحسب منظمة الشفافية الدولية التي تقوّم الفساد في 182بلداً، فتراوح النتيجة بين صفر (فاسد للغاية) و١٠ (غير فاسد). لبنان يقترب من مستوى «فاسد للغاية»، محتلاً المرتبة الـ١٣٤ عالميّاً، و١٦ إقليميّاً لعام ٢٠١١.
اعتصام أمام مصرف لبنان
تداعت مجموعات إلى الاعتصام أمام مصرف لبنان عند 12.30 السبت المقبل، تزامناً مع التحركات العالمية المناهضة للرأسمالية. وقالت أنها مجموعة مستقلّة، قرّرت عدم الصمت، وأن لا تعطي «مصرف لبنان والمصارف الخاصة والاحتكارات الكبرى الراحة التي يأملونها». أما مطالبهم، فهي: «إلغاء الدين العام الذي سُدّد مضاعفاً بالفوائد الجائرة على سندات الخزينة. فرض ضرائب تصاعدية على الثروات والأرباح والفوائد. إلغاء ضريبة الـtva. استخدام الضرائب لتمويل التغطية الصحية الشاملة والتعليم الرسمي والنقل العام. دعم القطاعات المنتجة. وضع سلم متحرك للأجور».
باراك يؤكد بقاء خيار الحرب والرياض تحذّر طهران من التدخل في الخليج
لا يزال خيار الحرب قائماً ضد إيران في دوائر القرار الإسرائيلية، لكن واشنطن «غاضبة»؛ لأن تل أبيب لا تنوي إخطارها مسبقاً بأي عملية عسكرية قد توجهها لمفاعلات الجمهورية الإسلامية النووية
بينما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، موقف تل أبيب الاعتيادي بأن الخيار العسكري ضد إيران لا يزال على الطاولة، برز تطور ميداني أمس تمثّل بإسقاط القوات الإيرانية طائرة استطلاع أميركية من دون طيار في شرق البلاد. وقال مصدر رسمي إن «القوات الإيرانية أسقطت طائرة تجسس أميركية من دون طيار من نوع آر.كيه ـــــ 170 في شرق إيران». وأكد المصدر لوكالة «فارس» الإيرانية أن رد إيران على انتهاك الطائرة الأميركية، لن يكون فقط داخل حدودها، مؤكداً أنه «جرى الاستيلاء على الطائرة بأقل ضرر».
وفي تطورات قضية اقتحام السفارة البريطانية في طهران والعلاقات بين إيران والمملكة المتحدة، قال دبلوماسي فرنسي إن بلاده ستتخذ «إجراءً وقائياً» بإجلاء بعض الفرنسيين من إيران، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يشمل قسماً من الموظفين الدبلوماسيين، وكذلك عائلات كل الموظفين الرسميين الفرنسيين العاملين في طهران «في الأيام المقبلة»، مؤكداً أنه لا يشمل في المقابل أفراد الجالية الفرنسية الذين يبلغ عددهم نحو 700 شخص.وفي موقف لافت، انتقد المرجع الديني آية الله العظمى، ناصر مكارم الشيرازي، هجوم عناصر ميليشيا «الباسيج» على السفارة البريطانية، مشيراً إلى أن الهجوم لم يكن بموافقة المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، وقد يكلف البلاد «ثمناً غالياً».وفي السياق، أعلن قائد الشرطة الإيرانية الجنرال إسماعيل أحمدي مقدّم، أن القوى الأمنية اعتقلت 12 شخصاً من الذين اقتحموا السفارة البريطانية ومجمعاً آخر تابعاً لها في الجزء الشمالي من العاصمة الإيرانية الثلاثاء الماضي.من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية الإيراني المكلف الشؤون القنصلية حسن قشقاوي في تصريحات لقناة «جام اي جام» الإيرانية الخاصة، أن مستقبل العلاقات مع لندن «غامض»، موضحاً أن بلاده أنشأت «لجنة» مكلفة تقديم دعم من الخارج للإيرانيين المقيمين في بريطانيا والبالغ عددهم ما بين 200 ألف و300 ألف إيراني قد يتضررون بفعل إغلاق السفارة الإيرانية.في هذه الأثناء، عاد الدبلوماسيون الإيرانيون الذين طُردوا من بريطانيا الأسبوع الماضي، واستقبلهم أنصارهم في مطار الإمام الخميني بالورود وهتافات «تسقط بريطانيا».من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف تركي بن محمد بن سعود، في بداية مؤتمر «الخليج والعالم» الذي عقد في الرياض أن «إيران تتصرف على نحو يشير إلى عدم اهتمامها بمبادئ الاحترام المتبادل مع دول مجلس التعاون الخليجي». وأضاف أن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول الخليجية ما زالت مستمرة، مشيراً إلى أنها ماضية في برنامجها النووي وتجاهل مطالبات العالم ومخاوفه المشروعة من سعيها إلى تطوير هذا السلاح الفتاك»، مؤكداً أن «ذلك يخلق تهديداً جدياً للأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي».في غضون ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إن تل أبيب مصرة على منع حصول إيران على سلاح نووي، ملوّحاً بأن جميع الخيارات موضوعة على الطاولة. وقال باراك للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أول من أمس إنه «لا خلاف في العالم على أنه ينبغي استنفاد الطرق الدبلوماسية والعقوبات، ونحن مصرّون على منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وجميع الخيارات موضوعة على الطاولة» في إشارة إلى الخيار العسكري.وأردف باراك بأن «إسرائيل مسؤولة عن أمنها ومستقبلها ووجودها، ولا يمكنها تحرير نفسها من اتخاذ القرارات كدولة سيادية».لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن غضباً شديداً يسود الإدارة الأميركية بعد أن أبلغتها إسرائيل بأنها ترفض التعهد بإخطار الولايات المتحدة إن قررت شن هجوم عسكري على إيران.إلا أن الصحيفة نقلت عن مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى في الحكومة الإسرائيلية قولهم إنه «إذا وصلنا إلى الخيار العسكري ضد إيران، فمن الأفضل أن ينفذه الأميركيون». وأشاروا إلى أن إسرائيل لا تملك قدرة لشن هجوم على إيران على غرار الهجوم الأميركي على العراق الذي دام 40 يوماً متواصلاً من الجو، وجرى خلاله تدمير البنى التحتية العراقية.بدورها، حثت زعيمة حزب «كاديما» الإسرائيلي المعارض، تسيبي ليفني، وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، خلال منتدى إسرائيلي أميركي في واشنطن، على زيادة العقوبات على إيران «من دون إرجاء»، حسبما جاء في بيان أصدره «كاديما».في المقابل، حذّر رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني أرسلان فتحي بور، من أنه «إذا بدأت الولايات المتحدة ودول أوروبية في فرض عقوبات على قطاع النفط والغاز في بلادنا، فسيرتفع السعر العالمي لبرميل النفط إلى 250 دولاراً في الأسواق».(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)
شهدت روسيا أمس انتخابات أعضاء البرلمان الجديد، في ظل مفاجأة تراجع حزب روسيا الموحدة الحاكم عن رصيده السابق قبل عام من انتخابات الرئاسة
أدلى 110 ملايين ناخب روسي أمس بأصواتهم لاختيار نوابهم من بين سبعة أحزاب تتنافس على مقاعد الدوما (البرلمان) البالغ عددها 450 مقعداً. وأشارت النتائج الأولية إلى أن حزب «روسيا الموحدة» حاز 48,5 في المئة من الأصوات، وفق استطلاع قامت به القناة الأولى العامة في التلفزيون الروسي، بعد انتهاء عمليات الاقتراع. وبحسب نتائج الاستطلاع، فقد خسر حزب بوتين الغالبية المطلقة التي كان يتمتع بها، فيما بقي الحزب الشيوعي المعارض ثانياً في الدوما بحصوله على 19,8 في المئة من الأصوات.
وحصل حزب روسيا العادلة (يسار وسط) على 12,8 في المئة من الأصوات والحزب الليبرالي الديموقراطي (قومي) على 11,42 في المئة بحسب النتائج. ولم يتجاوز حزب يابلوكو الليبرالي عتبة السبعة في المئة الضرورية لتمثيله في الدوما. وكان حزب روسيا الموحدة يتمتع بغالبية الثلثين في مجلس النواب الروسي المنتهية ولايته.وكان الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف قد أكد، في رسالة
إلى الأمة لمناسبة الانتخابات، أنه على ثقة بـ«أن الشعب الروسي يستطيع أن يجعل من روسيا بلداً حديثاً فعلياً، ينعم بتطور واسع، ومن الممتع العيش فيه. لذلك أحسنوا الاختيار في الرابع من كانون الأول»، مشيراً إلى أن البلاد لا تحتاج إلى برلمان «تمزّقه التناقضات». وتحدثت منظمة «غولوس» عن عمليات تزوير انتخابية نسبت معظمها إلى حزب روسيا الموحدة. وقالت المنظمة إنها تتعرض «لحملة مضايقات من قبل السلطة» بعد احتجاز مديرتها في مطار موسكو 12 ساعة، ومصادرة حاسوبها. وندّدت المنظمة بـ«الاعتداءات الممنهجة» من قبل السلطات الروسية التي أتت عشية الانتخابات البرلمانية.وقال محامي المنظمة إن رئيسة الهيئة ليليا شيبانوفا احتجزت لمدة 12 ساعة في مطار بموسكو السبت، في إطار ما سمّاها محاولات لمنعها من مراقبة الانتخابات البرلمانية الجديدة. واحتجز ضباط الجمارك شيبانوفا في مطار شيريميتييفو بعد العودة من جولة في الخارج عشية الانتخابات.وأبلغ محامي المجموعة، راميد اخميتغالييف، وكالة «رويترز» أن ضباط الجمارك نسخوا محتويات جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها. وأضاف أن القانون لا يمنح سلطات الجمارك حق فحص أو نسخ محتويات كمبيوتر شيبانوفا، وأنها انتهكت حقوقها بمنعها من مطالعته خلال الاحتجاز.بدوره، أكد مدير المركز الأوروبي للتحليل الجيوسياسي ماتيوش بيسكوفسكي، الذي وصل الى روسيا كمراقب يمثّل بولندا، أن المراقبين الدوليين ليس لديهم أي ملاحظات بشأن عملية الاقتراع في روسيا. وأوضح أن مجموعة من المراقبين الدوليين يمثلون عدداً من المنظمات غير الحكومية والبرلمان الأوروبي وبرلمانات بعض الدول الأوروبية قد زاروا 48 مركز اقتراع في عدة أقاليم. وأضاف أن جميع المراقبين اتفقوا على أن عملية التصويت تجري بطريقة شفافة.من جهة أخرى، توقفت خمسة مواقع إلكترونية مستقلة، على الأقل، صباح الانتخابات، كما ذكر صحافيون من وكالة «فرانس برس»، بينما تحدثت إذاعة صدى موسكو عن عمليات اختراق. والمواقع التي توقفت تعود إلى إذاعة صدى موسكو، وصحيفتي كومرسانت اليومية ونيو تايمز الأسبوعية، والمنظمة غير الحكومية غولوس التي تحصي المخالفات الانتخابية و«خارطة التزوير».(أ ف ب، رويترز)
تقود صراحة سليمان فرنجية الفظة، الى وصف حليفه على طاولة «الاصلاح والتغيير» شربل نحاس بـ«الغليظ والمتعِب». يعايره بـ«ماركسيته». العقيدة التي ينبذها الزعيم الزغرتاوي. حلفاء الوزير اليساري الآخرون يكتمون غيظهم من «الدخيل» الذي «يعرف كل شيء ويحشر أنفه في كل شيء». وزير المالية محمد الصفدي «يثرثر» ايضاً على نحاس. يرى «انه يدير اكثر من وزارة» ويدقّق في الشاردة والواردة... حتى أن وليد جنبلاط الذي كان يستأنس سابقاً بشربل نحاس صار يكره سماع اسمه، حاله حال باقي الوزراء «المناضلين» في «جبهة النضال».وكما في مجلس الوزراء، ايضاً في البيئة العونية، التي تبدو في معظمها غير مستعدة لتقبل الحساسية اليسارية الحادة عند شربل نحاس. يستثنى من ذلك ميشال عون، خاصة مع تجربة حكومة نجيب ميقاتي ودخوله للمرة الأولى الى الحلقة الضيقة في الرابية جنباً الى جنب جبران باسيل أو بالأصح، بدرجة أقل منه، لاعتبارات لا يمكن أن تنطبق على النحاس اليساري. الأمثلة كثيرة، ولطالما همس وزراء ونواب ورجال أعمال وعاملون في المهن الحرة في أذن «الجنرال» بأن شربل نحاس «ينقز القطاع الخاص»، وأنه «لا يُحسن تدوير الزوايا»، و«لا يخدم جماعتنا» ولا.. ولا..صارت عودة شربل نحاس الى الحكومة بالنسبة الى جنرال الرابية، معركة سياسية وإصلاحية، بعدما اشتمّ استعداد باقي وزراء التكتل للمساومة والتسوية وفي الوقت نفسه، انزعاج فريق 14 آذار وخاصة سعد الحريري وفؤاد السنيورة من طروحاته ودوره في مجلس الوزراء، وزاد الطين بلة، أن «الجنرال» اشتم نفساً ليس ايجابياً عند رئيس الحكومة الحالي ازاء الوزير المشاكس برغم الصداقة التي تجمع بين الاثنين.لهذه الأسباب وغيرها عاد شربل نحاس الى الحكومة ويكاد يتحول «ثابتاً» الى جانب «وزير الوزراء» جبران باسيل.على طاولة الرابية، يرى فادي عبود في اليساري الحالي والسابق «الشيطان الأكبر». في السياسة، لا «يشارع» الاثنان في توجهات الرابية الاستراتيجية. في الملفات الاقتصادية هما يشكّلان مصدر شغب في غرف النقاش المغلقة. عصا عون السحرية جمعت الراديكالي ورجل الاعمال على طاولة واحدة. كان رهان «جنرال الرابية» منذ البداية على تقليل حجم الخصوم للتغيير والاصلاح. فأتى بالصناعي، صاحب العقل الربحي، المتأثر بالفكر النيوليبرالي «الحسّاس» على تدخل الدولة بمنطقها الكابح للاستثمارات الخاصة. كما فرض نحاس، بالمقابل، رقماً صعباً على الحلفاء قبل الخصوم. هو الرجل الذي قيل عنه انه يشتغل «ضد النظام» بالمفهوم الاقتصادي. نقيضان ميزتهما الاساسية المشتركة أنهما يقبلان بقواعد اللعبة الديموقراطية ونتائجها. صراع الديوك على طاولة الرابية له قصته. في العام 2005، وضع العماد ميشال عون، الآتي من المنفى، بين ايدي مناصريه برنامجاً انتخابياً تأثرت بنوده بشكل كبير ببرامج النيوليبرالية ولغة اقتصاد السوق. انتهى «التيار الوطني الحر» في انتخابات 2009 ببرنامج انتخابي يتجاوز بطروحاته الراديكالية، البرامج اليسارية. لدى الاستفسار عن هذا التحوّل جاء الجواب: «ابحثوا عن بصمات شربل نحاس». في الخلفية العقائدية لقائد الجيش السابق ما ساعده على «تشرّب» الفكر الإصلاحي بوجهه اليساري. هو ابن حارة حريك. ابن الطبقة الوسطى. ابن المدرسة الشهابية بمعناها الدولتي الاجتماعي. ابن المؤسسة العسكرية التي شهدت على انهيار مؤسسات الدولة وعلى جشع الميليشيات في أكلها من الكتف. هو علماني بالدرجة الاولى، لكن زعامته تتكئ بشكل اساسي على خطاب مسيحي عموده الفقري عصبية الطائفة. هذه التوليفة «العونية» قضت بتشييد اسس زعامة مسيحية بخطاب اجتماعي عموده الفقري فكرة «دولة الرعاية» وحماية المواطن وحاجاته وتكريس انماط من العدالة الاجتماعية... كان عون على رأس النادي الذي لم يستفد من فلس واحد في عهد الوصاية السورية. بعودته من المنفى الباريسي اتضحت الصورة في ذهنه أكثر. كان على الجنرال العائد أن يتمسّك بخطاب طابعه انقلابي تغييري يستهدف تلك الطبقة الوسطى من المسيحيين التي دفعت ثمناً باهظاً من كلفة الحرب والخروج منها وحرمت من منافع الدولة وثرواتها وسياسة توزيع المكاسب فيها طوال سنوات ما بعد الطائف والرعاية السورية المباشرة له.كثيرون يرون أن ميشال عون وجد ضالته في شربل نحاس. النقمة العونية عليه في بدايات توزيره العام 2009 لم تدم طويلاً. اكتشف «البرتقاليون» لاحقاً أنه «قيمة مضافة» في «تكتل التغيير والإصلاح»، وان اتهمه البعض في معرض المديح بأنه «يفضح جهل الآخرين».الاستنجاد بفادي عبود الوجه الحزبي القومي السابق وغير الاستفزازي، البديل «الوسطي» عن غسان الأشقر «النافر» متنياً، الصناعي الخبير بلغة رجال الأعمال والاستثمارات والسياسة التنافسية كان حاجة مادية لميشال عون و«بروفيل» الضرورة بوجه نحاس الشيوعي الماركسي. «شربل» المناضل من جيل المثقفين الذين استسلموا للخيبة كخيار أجدى من خيار بعض رفاقه الذين «أجّروا عقولهم» والتحقوا بـ«دواوين» السلطة من دارة رفيق الحريري وصولاً الى الخليج او اختاروا الهجرة لتحصيل لقمة العيش. فلفش ميشال عون ملياً في سيرة نحاس ومحاولاته الاصلاحية منذ الثمانينيات: عمل على برنامج اعادة اعمار بيروت بين 1992 و1996 وساهم في تطوير القطاع المصرفي وقطاع الاتصالات. وضع برنامج «التصحيح المالي» في حكومة الرئيس سليم الحص بعد إزاحة رفيق الحريري عن الواجهة، وصولاً الى العام 2002 حيث وضع «المخطط الشامل لترتيب الاراضي في لبنان» الذي أقرته حكومة فؤاد السنيورة، لكنه بقي في الجارور. وقاد لاحقاً الفريق الذي وضع خطة الاستثمارات العامة واستراتيجية التنمية الاجتماعية في لبنان ومشروع إصلاح ضمان الشيخوخة... سيرة ذاتية تُختصر بكونها نقيض القماشة السياسية الحاكمة. هي كومة العصي في دواليب مراكمي الثروات على حساب الشعب. التعاون الثنائي بين عون ونحاس حصل في العام 2007 حين طلب الاول من دكتور الهندسة والتخطيط وضع ملاحظات على برنامج الحكومة على مؤتمر «باريس 3» وإعداد ورقة بديلة عن البرنامج. يومها نصح ميشال عون بتوزيع هذه الورقة على المشاركين في المؤتمر. ومع وصول الرئيس سعد الحريري الى السرايا كان قرار «جنرال الرابية» قد اتخذ بتوزير شربل نحاس. بين «سياحة» فادي عبود و«اتصالات» شربل نحاس، اراد عون التوأمة بين منطقين. ما يحمله الاستاذ الماركسي من طروحات تغييرية جذرية وما يمكن للصناعي ان يقدمه لمجتمع الاعمال. برأي رئيس تكتل التغيير والاصلاح يستطيع الاثنان ان يتجاورا ويتحاورا. منطق «البيزنس» يستطيع ان «يلطّف» من «ثورجة» اليساري. لم تكن التجربة في حكومتي الحريري ونجيب ميقاتي مشجعة. باعتقاد مقربين من الرابية. لم يلعب عبود دوره كصناعي بل تحوّل الى رأس حربة في مواجهة شربل نحاس وطروحاته. العلاقة الشخصية بين الرجلين مقبولة. كلام فادي عبود في السياسة كالمياه الفاترة.. الاثنان يبصمان في السياسة على خيارات الرابية. غالبا ما يحضر الصناعي واليساري في حلقات النقاش الموسّعة كما أنهما مشاركان أساسيان على طاولة الاجتماعات الاسبوعية. لكن عندما يراد للنقاش ان يأخذ نطاقه الاضيق. يحضر ثلاثة هم ميشال عون، جبران باسيل وشربل نحاس.نموذجان فاقعان فضحا تضارب الكيمياء الاقتصادية بين الوزيرين الحليفين. في حكومة سعد الحريري طرحت وزيرة المال ريا الحسن في مشروع موازنة 2010 تخفيض الضريبة على إعادة تقييم الاصول العقارية وغير العقارية لدى الشركات الى 3%. واجه الوزير نحاس يومها المشروع بكل قوته. في مفهومه كان هذا يعني ان شركة كـ «سوليدير» تستطيع من خلال هذا المشروع ان تربح مليارات الدولارات لكونها تملّكت عقارات الناس منذ التسعينيات بأسعار زهيدة جداً، فيما ارتفعت اسعار العقارات بعدها مئات المرات. وزير السياحة انفرد من بين كل حلفائه في مجلس الوزراء بالتصويت مع المشروع الذي سقط بسبب عدم حصوله على اكثرية الثلثين. بعدها زار عبود الرئيس الحريري محاولاً إقناعه بإعادة طرح المشروع على التصويت معدلاً، وفي الخلفية ان المصانع والمؤسسات التي لا تتاجر بالعقارات تستفيد من اعادة تقييم أصولها لانها تزيد من حجم ميزانيتها. ميشال عون تبنّى وجهة نظر نحاس وليس عبود في هذه المسألة. في حكومة الرئيس ميقاتي دعم العماد عون مقاربة نحاس لتصحيح الأجور التي تتضمن تطبيق مشروع التغطية الصحية الشاملة بحيث تطال هذه الزيادة كل اللبنانيين وليس فقط الاجراء النظاميين. في مجلس الوزراء وقف فادي عبود ضد مقاربة شربل نحاس لتصحيح الأجور فغلب «طبع» رب العمل على «تطبّعه» كجندي في جيش «التغيير والاصلاح»، مكرراً لازمة عدم جواز تدخل الدولة الا لرفع الحد الادنى للاجور. الامر الذي دفع الوزير علي حسن خليل الى التوجه الى وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» قائلاً «أقنعوا فادي عبود بالمشروع قبل أن تقنعونا». حليفا «التيار الوطني» غير الملتزمين في الحزب «البرتقالي» شكّلا قيمة مضافة الى رصيد «التكتل»، لكن ليس كثنائي. الكباش الصامت بين الرجلين يسهّل على خصوم الرابية اللعب على وتر التناقضات، وأدى الى تشتيت قدرة فريق عون في مجلس الوزراء من دون تحقيق مكاسب حاسمة. «التجربة النحاسية» تذكّر ببعض المحاولات الاصلاحية الفردية السابقة، وان كان من المبكر رصد اوجه التشابه.عندما شكّل الراحل الرئيس سليمان فرنجية حكومة الشباب برئاسة صائب سلام تم توزير الياس سابا واميل بيطار وبيار حلو. الاول خاض معركة بوجه التجار ضد رفع الاسعار وخسرها. الثاني اقتحم مافيا تجارة الادوية فكان مصيره الاستقالة. الثالث خاض مواجهة لدعم الانتاج الصناعي لم تؤد الى اي نتيجة. في حكومة سليم الحص جاء جورج قرم وزيراً للمالية من خارج النادي ولم يتمكن من الدخول الى مغارة وزارة المالية، حاله كحال كل من تعاقبوا على هذه الوزارة لاحقاً وآخرهم محمد الصفدي.مر قطوع التمويل. صارت الأولوية على الطاولة الميقاتية للملفات الاجتماعية... بانتظار استحقاق آذار وملف شهود الزور وجلاء المشهد السوري. الأولوية الاجتماعية تعني أن شربل نحاس لن يهادن، وفي المقابل، سيجد فادي عبود نفسه في أغلب الأحيان مدافعا عن رأي الهيئات الاقتصادية وأرباب العمل، مثله مثل معظم الطبقة السياسية المندرجة في «السيستيم».
تداعت مجموعات شبابية وعمالية ونقابية متنوعة الى الاعتصام أمام مصرف لبنان نهار السبت 10-12 الساعة 12.30 ظهراً بالتزامن مع التحركات العالمية المناهضة للرأسمالية.
نتوجه بتحركنا هذا ضد البنية الاقتصادية والسياسات المالية المتبعة منذ عقود والتي من الواضح اتها وصلت الى حائط مسدود، فالاقتصاد مش ماشي بالنسبة لمعظم اللبنانيين والمقيمين.
الاقتصاد مش ماشي لأن:
حوالي 40% من اللبنانيين هم تحت خط الفقر
الحد الادنى للأجور لا يكفي لاستأجار شقة صغيرة في بيروت.
67% من الاجراء غير مسجلين ولا تشملهم الخدمات الصحية.
البطالة مرتفعة خصوصاً بين الشباب والخريجين
العمال والمستخدمين والموظفين يعيشون وضع اقتصادي مزري.
المصارف الخاصة والاحتكارات الكبرى تسيًر السياسية المالية حسب مصالحها وحدها.
لكل هذه الاسباب ولغيرها، سنعتصم أمام مصرف لبنان لنعبر عن مطالبنا ومطالب المواطنين المستغلين وسنقول بصوت عال، الى جانب مئات الاعتصامات الاخرى التي ستحصل في العالم أننا نريد:
إلغاء الدين العام الذي تم تسديده مضاعفاً من خلال الفوائد الجائرة على سندات الخزينة.
فرض ضرائب تصاعدية على الثروات والارباح والفوائد والاجور المرتفعة.
إلغاء الضريبة على القيمة المضافة.
استخدام الضرائب لتمويل التغطية الصحية الشاملة والتعليم الرسمي والنقل العام.
دعم القطاعات المنتجة في الصناعة والزراعة.
وضع سلم متحرك للأجور يتناسب مع حاجات المعيشة في لبنان.
تحديد اسعار المحروقات بما يتناسب مع حاجات المعيشة.
نحن مجموعة من شبان وشابات وعمال وعاملات وموظفون/ات ومعطلين/ات عن العمل، مستقلون/ات ومنظمون/ات، قررنا ان لا نصمت عن حقوقنا وان لا نعطي مصرف لبنان والمصارف الخاصة وسياستهم النقدية، والاحتكارات الكبرى ورؤوس الاموال الراحة التي يأملونها كي يستمروا في عملية استغلالهم الدائمة لنا ولبقية الناس.
لذلك سنكون على الموعد نهار السبت 10 كانون الاول الساعة 12.30 أمام مصرف لبنان.