1
«لن نقبل بأي شيء غير قانوني»، قالها ميشال عون الثلاثاء الماضي بعد الاجتماع الدوري لتكتل «التغيير والإصلاح»، وأضاف «لسنا مجبرين أن نتحمّل أخطاء غيرنا وتجاوزاتهم». قبل 14 يوماً فقط، دفع ميشال عون نفسه بوزير العمل السابق، شربل نحاس، الى الاستقالة لأنه رفض التوقيع على مرسوم «بدل النقل» غير القانوني وتمّ تكريس «أخطاء» الحكومات المتعاقبة منذ عام 1995 و«تجاوزاتها» للقوانين والمعاهدات الدولية وحقوق العمّال والمستخدمين ومصالحهم ... يومها، أي في 21 شباط الماضي، برّر عون طلبه الرامي إلى «القبول بشيء غير قانوني» بالقول «إنه لو لم تكن قوننة مرسوم بدل النقل ستحصل عبر قانون في الجلسة التشريعية لما كان التكتل قد وافق أبداً على توقيع المرسوم»!
لإنعاش الذاكرة، كانت الجلسة التشريعية «المقصودة» من المقرر انعقادها في اليوم التالي من هذا التصريح، أي في يوم الأربعاء 22 شباط الماضي، إلا أن الجلسة المذكورة لم «تقونن» بدل النقل، وكذلك جلسة يوم 23 شباط، ثم جلسة 5 آذار ... وهكذا تمّ القبول بتوقيع مرسوم غير قانوني من دون أن يظهر أي حرص على «قوننته». ولإنعاش الذاكرة أيضاً، صرّح الوزير جبران باسيل تعليقاً على استقالة وزير العمل بالقول: «كنا نتمنى أن يبقى الوزير شربل نحاس معنا، فخروجه من الحكومة خسارة كبيرة، ولكن من دون قوننة بدل النقل، وإقرار مشروع إنفاق الـ 8900 مليار ليرة، وحسم موضوع التعيينات الإدارية وإعطاء دفع لاستمرار الحكومة بروحية منتجة وفاعلة، قد تكون الخسارة أكبر للبلد». حسناً، تبدو الحصيلة حتى الآن كالتالي: قبل عون بشيء غير قانوني، لم «يقونن» بدل النقل، ولم يقرّ «مشروع الـ 8900 مليار ليرة»، ولم يحسم موضوع التعيينات الإدارية، ولم تبدُ عودة الحكومة الى عقد جلساتها «منتجة وفاعلة»، بل بالعكس تماماً ... وبالاستناد الى «المفاضلة» التي طرحها باسيل، بمعزل عن صحّتها أو صدقيّتها، فقد مني «العونيون» بخسارة كبيرة بسبب خروج شربل نحّاس من الحكومة، وتحققت الخسارة الأكبر للبلد طالما أن الدوافع لقبول الاستقالة لم تتحقق ... ولم يعد ميشال عون قادراً على «معايرة» وليد جنبلاط على عدم ثباته على «موقف»، وتمّ تحويل «التيار الوطني الحر» الى نسخة طبق الأصل من «الحزب التقدّمي الاشتراكي»: شتّان ما بين «الخطاب» و«الممارسة»، وشتّان ما بين «القاعدة» و«القيادة».
2
تسلسل «الأحداث» منذ طرح شربل نحّاس مشروع «التغطية الصحيّة الشاملة لجميع اللبنانيين المقيمين» وإصراره على فرض «الضريبة على الربح العقاري بنسبة 25% ورفع الضريبة على ربح الفوائد الى 15%»، يوحي بأن قراراً اتّخذ للتخلّص من هذا «المخرّب»، تطلّب التنفيذ بعض الوقت لكي يسير به ميشال عون، لم يكن الأمر يحتاج الى أكثر من غداء يجمع «جنرال التغيير والإصلاح» مع «حارس الحريرية الأعظم»، بمبادرة من «رجل الأعمال» الذي حقق ثروة طائلة من «أفريقيا» ... لم يعد نبيه بري حليف حليف ميشال عون. صار عون حليفاً لبري. ملاحظة: حتى الآن لم يأت حزب الله على ذكر اسم شربل نحّاس. تمّ محوه كلياً ... حزب الله هو حليف عون وبري.
3
في حديث الى صحيفة «الأخبار»، قال وزير الصحّة علي حسن خليل (www.al-akhbar.com/node/29104) بصراحة تامّة «إن وزير العمل شربل نحّاس لم يتجاوز صلاحياته بطرحه مشروع التغطية الصحّية الشاملة (باعتبار أن الضمان الصحي يخضع لوصاية وزارة العمل، لا لوصاية وزارة الصحّة)، بل تعدّى على حصتنا في الدولة بالمعنى المذهبي والسياسي». هذه هي الحقيقة إذاً، فهل يجرؤ ميشال عون على مصارحة جمهوره بها؟ هل يجرؤ على الاعتراف بأن التضحية بشربل نحاس جاءت للحفاظ على حصّة نبيه بري كشرط لحصول عون على حصّة في الدولة؟ ملاحظة أخرى: لم يعد أحد يذكر «قوننة» بدل النقل، جرى تحويل الأنظار الى تجاوز فؤاد السنيورة لحصص الآخرين في الإنفاق الإضافي المحقق بين عامي 2006 و2009!
4
طيّ صفحة شربل نحاس في وزارة العمل، هو العنوان الذي وضعه «القاضي» سليم جريصاتي لعهد «التغيير والإصلاح» الجديد. لم يكتف وزير العمل، الذي اختاره عون بديلاً من شربل نحاس، باصطحاب صاحب محلات «آيشتي» الى حفل تسلّم الوزارة، بل سارع الى استقبال قيادة الاتحاد العمّالي كأول عمل يقوم به ... عبّر عضو المجلس الدستوري السابق عن سعادته باللقاء مع «الصديق» غسان غصن الذي «عاد الى وزارة العمل مرفوع الجبين بالمكتسبات التي حققها للعمال في لبنان» ... صديق؟ مرفوع الجبين؟ مكتسبات للعمّال؟ هل يريد جريصاتي أن يبرهن للعونيين، قبل سواهم، أن قائدهم كان «يغشّ» طوال الأشهر الخمسة الماضية، ولم يكن يدعم فعلياً وزيره السابق؟ ملاحظة أخرى أيضاً: ردّ سليم جريصاتي على أسئلة الزميل غسان سعود قبل يومين من إعلان توزيره (www.al-akhbar.com/node/35837)، على الشكل الآتي: ـــــ الأخبار: «آلو، مرحبا معالي الوزير». ـــــ سليم جريصاتي: «الله يخليك، دخيلك لأ. أولاً أنا لا أشبه هذه الوزارة. ثانياً لا علاقة لي إدارياً بهذه الحقيبة. ثالثاً، نحاس استشارني وأيدت موقفه. رابعاً يريدون وزيراً يخفف المشاكل في الحكومة لا يصعّبها أكثر». لكن إذا حصل «تدخلٌ كبير ورأيتُ أن المصلحة العليا تقتضي مشاركتي، فسأوافق عندها».
الخميس ٨ آذار ٢٠١٢تزامن يوم المرأة العالمي هذا العام مع سجال حول «سرقة» عيد المرأة، الذي حوّله قانون لبناني عيداً للأبجدية. المعطيات المتوافرة حول الموضوع لا توحي بوجود «مؤامرة» تستهدف المرأة. المشكلة كلّها تكمن في أن أحداً من نواب لبنان الـ 128 لا يعرف، أو لم يتذكر، أن للمرأة عيداً تحتفل به في الثامن من آذار.
النهار: بعيد انتهاء اعتصام الهيئات النسائية في ساحة رياض الصلح للمطالبة بتكريس 8 آذار يوما للمرأة وليس للابجدية، حضر شباب وطلاب يساريون اصروا على الاستمرار في تحركهم ضد مجلس النواب، رغم ان الجلسة التي كانت مقررة امس تأجلت بسبب عدم اكتمال النصاب، وكان الشعار الابرز "لن نسمح بتشريع سرقتنا".
استنكارا للإهدار والفساد والسرقة، رفع الشباب المعتصمون شعارات ترفض تمرير اي مشروع في مجلس النواب يتناقض مع مصالح الشعب، ان من حيث قوننة بدل النقل من دون ادخاله في صلب الراتب وبالتالي عدم احتسابه في تعويضات نهاية الخدمة او من حيث تمرير انفاق الـ11 مليار دولار بين العامين 2006 و2009 من دون اي محاسبة، ما يعني قوننة هدر الاموال العامة، في مقابل تمرير مرسوم الـ8900 مليار ليرة الذي ينفق كذلك من دون اقرار موازنة 2012.
وعن اهداف التحرك، قال الامين العام لاتحاد الشباب الديموقراطي عمر الديب لـ"النهار": "الاعتصام كان يجب ان يرافق جلسة مجلس النواب التي تأجلت والتي كانت ستمرر الـ11 مليار دولار سرقات للحكومات السابقة. ونحن نعتبر ان على النواب ان يناقشوا مطالب الناس بدل تمرير هذه الصفقات، علما ان كل هذه الاموال ندفعها من رواتبنا ومن خلال الضرائب المفروضة علينا. فلتخصص جلسات مجلس النواب للبحث في خطط تنموية وايجاد فرص عمل للشباب عوض التآمر علينا".
من جهتها، اعتبرت الناشطة في المجتمع المدني رويدا مروة ان "ما لم يعد يحتمل هو سياسة "مرّقلي تمرّقلك"، فالاحزاب المشاركة في السلطة تتحالف مع بعضها البعض للتآمر وتمرير قانون يخدم مصالحها ومصالح مرجعياتها الطائفية او ليسكتوا عن اخطاء بعضهم البعض. السيناريو نفسه يتكرر منذ الطائف بغض النظر عن لون الحكومة، واكبر كذبة يتعرض لها المواطن هي حكومة اللون الواحد التي هي مجرد ديكور لا اكثر". واشارت الى ان "الاحزاب اليسارية غير ممثلة في الحكم ولكنها بطريقة او باخرى تحاول استرجاع لغة الشارع التي يتبناها العرب اليوم في ثوراتهم".
وقرأت مروى صعب بيانا باسم المشاركين ( طلاب الحزب الشيوعي، طلاب حركة الشعب، طلاب اتحاد الشباب الديموقراطي، طلاب التنظيم الشعبي الناصري ومنظمة كفاح الطلاب) جاء فيه: "تمعن السلطة اللبنانية في السرقة والهدر والفساد وفي تشريع الاستغلال الاقتصادي في القطاعين العام والخاص. وآخر ابداعاتها محاولة تمرير قوانين من اجل تشريع الانفاق من خارج الموازنة على حساب المواطنين الذين يرزحون تحت عبء الضرائب والرسوم لتمويل الخزينة. كما يقوم المجلس بكل وقاحة بتشريع ابقاء بدل النقل خارج الراتب فيخسر كل اجير جزءا مهما من تعويضه نتيجة هذا التلاعب. لكل هذه الاسباب جئنا نعتصم لنقول: كفى استغلالا وسرقة من ارباب العمل للعامل. كفى حرمانا للموظفين والاجراء من حقوقهم". ودعا البيان الى "تحويل الملفات المالية الملتبسة الى القضاء المالي المختص، لأن حجم الهدر اصبح اكبر من ان تتم لفلفته".
واكد المشاركون في الاعتصام رفضهم "سياسة الهروب الى الامام التي يتبعها مجلس النواب والتي ادت الى تأجيل الجلسة حتى يتم الاتفاق على مخرج للمقايضة ما بين الـ11 مليار دولار واقرار مشروع الـ8900 مليار ليرة"، وكذلك اكدوا الاعتصام مجدداً في 15 آذار، موعد الجلسة المقبلة.
النهار: جويل رياشي
قد يكون مشهد المناضلة التي لم تتعب من الدفاع عن حقوق المرأة ليندا مطر وهي تستظل تمثال رياض الصلح في وسط بيروت امس مسندة سنيها الـ87 الى عصا خشبية، هو الابلغ في الاعتصام الذي دعت اليه الهيئات النسائية، والذي اقيم رغم "تطيير" جلسة مجلس النواب، للمطالبة بتكريس 8 آذار يوما للمرأة اللبنانية.
"8 آذار يوم المرأة اللبنانية وسيبقى"، "سنناضل ضد سرقة اعيادنا"، "نطالب بحق المرأة اللبنانية في اعطاء جنسيتها لاولادها"... شعارات رفعتها مجموعة من النساء من هيئات نسائية ونقابية مختلفة رفضاً للقانون الذي يريد تكريس اليوم ذاته للابجدية، "وكأن النظام السياسي لم يكتف في حرمان المرأة اللبنانية من حقوق تناضل من اجلها بل يعمد الى سرقة نضالاتها التاريخية من خلال طمس يومها في 8 آذار"، بحسب احدى المشاركات في التحرك.
وقالت ليندا مطر في الاعتصام: "لقد اعتادت علينا ساحة رياض الصلح التي سمح لنا ولغيرنا من المجتمع المدني الاعتصام فيها ورفع الصوت للمطالبة بتنزيه القوانين المجحفة في حق الانسان عامة والمرأة اللبنانية خصوصاً، علماً ان هذه المطالب ينبغي ان تعلن امام مجلس النواب حتى تصل الى آذان من يعتبرون انفسهم يمثلون الشعب اللبناني، وهم يشرعون القوانين من دون قراءة الدستور الذي يساوي في بعض بنوده ما بين اللبنانيين جميعهم في الحقوق والواجبات".
وعن هدف الاعتصام قالت: "نحن هنا اليوم لأننا ازددنا تأكيداً أن المرأة اللبنانية غير موجودة في برنامج اعضاء السلطة التشريعية، حتى انهم ليسوا على علم بأن الثامن من آذار هو يوم للمرأة في العالم منذ اكثر من مئة سنة"، وسألت: "لماذا يريدون تهميش هذا التاريخ باصدار قانون وافق عليه ووقعه كل النواب والنائبات بكل أسف، أعني به يوم الابجدية التي نعتز بها. لماذا 8 آذار وليس أي يوم آخر من الايام الـ365 يوماً في السنة؟".
وعلى هامش الاعتصام، قالت الدكتورة ماري الدبس لـ"النهار": "عندما طالبنا باعادة النظر في تكريس 8 آذار للابجدية قيل لنا: أين المشكلة؟ نحتفل جميعنا بالعيدين... علماً اننا لسنا نطالب بيوم اجازة للراحة ولكنه يوم نضالي عالمي نحييه منذ العام 1947 واقرته هيئة الامم المتحدة في العام 1977".
ويذكر ان رئيس اللجنة التنظيمية لعيد الابجدية النائب نعمة الله أبي نصر كان اكد لـ"النهار" ان "لا خلفية على الاطلاق لاختيار 8 آذار يوماً للابجدية، ولكننا ارتأينا ان يسبق هذا العيد سنوياً عيد المعلم باعتبار قدموس هو المعلم الاول للحرف".
مذكرة
وبعد الاعتصام توجهت رئيسة لجنة حقوق المرأة غانية دوغان ورئيسة اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة وفيقة منصور وبهية بعلبكي ممثلة رابطات الاساتذة الى مجلس النواب لتسليم رئيسه نبيه بري مذكرة فيها تفصيل للاسباب الموجبة لتكريس 8 آذار عيداً وطنياً للمرأة اللبنانية ونقل عيد الابجدية الى يوم آخر، مؤكدة ان "لا ابجدية من دون امرأة".
رفضاً للهدر والسرقة والفساد، نفذت منظمات شبابية يسارية ونقابية في لبنان، اعتصاماً في ساحة رياض الصلح أمام مجلس النواب عند الساعة الواحدة ظهرا. وفي حين تم تأجيل جلسة مجلس النواب بسبب عدم اكتمال النصاب، رفع المعتصمون عدداً من الشعارات تعبّر عن رفض تمرير أي مشروع في مجلس النواب يتناقض مع مصالح الشعب اللبناني، إن كان من حيث قوننة بدل النقل من دون إدخاله في صلب الأجر وبالتالي عدم احتسابه في تعويضات نهاية الخدمة للعمال والموظفين، أو من ناحية تمرير إنفاق الـ 11 مليار دولار بين عامي 2006 و2009 خارج أي قاعدة محاسبية ما يشكك بوجود هدر للمال العام، في مقابل تمرير مرسوم الـ 8900 مليار ليرة الذي يُنفق كذلك من دون اقرار موازنة العام 2012.
وألقت مروة صعب كلمة بإسم المشاركين جاء فيهـا:”تمعن السلطة اللبنانية في السرقة والهدر والفساد وفي تشريع الاستغلال الاقتصادي في القطاعين العام والخاص. وآخر إبداعات هذه السلطة هي محاولة تمرير قوانين من أجل تشريع الإنفاق من خارج الموازنة (مبالغ 8900 مليار ليرة و11 مليار دولار لهذه الحكومة والحكومات السابقة) على حساب المواطنين الذين يرزحون تحت الضرائب والرسوم لتمويل الخزينة!
كما يقوم المجلس بكل وقاحة بتشريع إبقاء بدل النقل خارج الراتب فيخسر كل أجير لبناني في القطاعين العام والخاص جزءاً مهماً من تعويض نهاية الخدمة نتيجة هذا التلاعب.لكل هذه الأسباب جئنا نعتصم أمام هذه الجلسة لنقول: كفى استغلالا وسرقة من ارباب العمل للعامل. كفى حرمانا للموظفين و الأجراء من حقوقهم. لن نتخلى عن كامل حقنا في تعويض نهاية الخدمة. لن نتخلى عن 160 الف ليرة شهرياً يحرم منها 53% من الأجراء. لن نقبل تمرير تسوية سرقات الإنفاق من خارج الموازنة. لن نسمح للمجلس النيابي بتشريع سرقتنا. لن نسمح لنواب الأمة بإقرار قانون يحرم اللبنانيين من احتساب بدل النقل في تعويضاتهم".
وتابعت صعب "نحن شابات وشباب لبنان، موظفين ومعطلين عن العمل وطلاباً سندخل قريباً الى سوق العمل الجائرة. نرفض اقتراحات القوانين المقدمة وندعو مجلس النواب لوقفها فوراً وإدخال بدل النقل في صلب الراتب، وتحويل الملفات المالية الملتبسة إلى القضاء المالي المختص. لقد أصبح حجم الهدر والسرقة أكبر من أن تتم لفلفته، بعد أن أصبح جلياً أن هذه السلطة بكل مكوناتها هي الأم الراعية لعملية الاستغلال الاقتصادي التي يتعرض لها كل اللبنانيين.
لن يكون هذا تحركاً وحيداً بل سنسعى بكافة الوسائل لفضح مجلس السرقة والاستغلال وندعو شباب لبنان لحمل هذه الدعوة وقلب الطاولة على زعماء يختلفون على كل شيء إلا على استغلالنا الذي يوحدهم“.
وأكد المشاركون رفضهم لسياسة الهروب إلى الأمام التي يتبعها مجلس النواب والتي أدت إلى تأجيل الجلسة حتى يتم الاتفاق على مخرج للمقايضة بين الـ 11 مليار دولار و إقرار مشروع الـ 8900 مليار ليرة. وشددوا على إنهم سيعودوا للإعتصام في 15 أذار موعد الجلسة القادم، وفق الشعارات ذاتها.
بيروت 5 آذار 2012
الاتحاد العمّالي صامت وأصحاب العمل يشعرون بقوّة فائضة
خلال اليومين الأولين من شهر آذار تبيّن لمجموعات من الأجراء في قطاعات مختلفة، أن إدارات المؤسسات التي يعملون لديها لم تحتسب زيادة غلاء معيشة على رواتبهم. خلاصة المراجعات تشير إلى تسويف غير مبرر سوى بأنه امتناع واضح عن دفع الزيادة خلافاً لمرسوم تصحيح الأجور الرقم 7426 رغم استناده إلى «اتفاق» مزعوم بين ممثلي هيئات أصحاب العمل وقيادة الاتحاد العمّالي
محمد وهبة
في نهاية شهر شباط كان يفترض أن يحصل عمال لبنان على زيادة غلاء معيشة بموجب مرسوم تصحيح الأجور الرقم 7426، لكن بعض المؤسسات والشركات تستعيد، كما عند أيّ زيادة أجور سابقة، موقفاً تقليدياً قديماً، فلا تدفع الزيادة، أو تماطل في دفعها، أو تعمد الى اجتزائها، أو تدّعي أنها دفعتها في وقت سابق بذرائع مختلفة. هذه السنة تستخدم الشركات حجّة اضافية، مفادها أنها لا تزال تقوم بحسابات داخلية لتقويم قدرتها على السداد، فيما هي فعلياً تحاول استفزاز العمال لتجرّهم الى لعبة انتظار طويلة الأمد، بعدما ثبت لها أنه ليس لدى العمّال من يمثّلهم أو يدافع عنهم، وأن معظم النقابات إمّا «خائنة» أو «متواطئة» أو «ضعيفة»... غالباً ما تنتهي مثل هذه الألاعيب بخسارة العمال للزيادة، أو بخسارة وظائفهم.
رغم ذلك فإن بعض المؤسسات تحاول استدراج العمال إلى مفاوضات حول نسب الزيادة التي يمكنها تقديمها... هكذا يطبّق مرسوم تصحيح الأجور السياسي الذي ألحق الغبن برواتب العمّال.
مرّت أكثر من 4 أشهر قبل أن يصدر مرسوم تصحيح الأجور في الجريدة الرسمية بتاريخ 25 كانون الثاني 2012. خلال كل هذه الفترة كان النقاش دائراً حول الزيادة العادلة على الأجور لتعويض نسب التضخّم. خلال تلك الفترة، اتّخذ النقاش أكثر من بعد، وذهب في أكثر من اتجاه، فمرّة كان النقاش قانونياً بشأن مدى دستورية قرارات مجلس الوزراء ومطابقتها للقوانين، ومرّة كان «بلطجياً» عبّر عنه تحالف ممثلي أصحاب العمل وقيادة الاتحاد العمّالي العام ضد وزير العمل السابق شربل نحّاس، الذي حاول استباق الأحداث وطرح اولوية صون الأجر وحمايته الى جانب تصحيحه، ولا سيما بعدما شعر بحجم «التواطؤ» الذي يمارسه من يدّعي تمثيل العمّال على طاولة المفاوضات... لكن القرار الصادر أخيراً في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 18 كانون الثاني 2012 كان قراراً سياسياً بُني على ما عُرف بـ«الاتفاق الرضائي»، بين العمال وأصحاب العمل برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبتوجيهات رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالاتفاق مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون ورضى تيار المستقبل وحزب الله.
هكذا صدر مرسوم تصحيح الأجور الرقم 7426 ليلحق الغبن بأجور العمال. فهو، في النتيجة، لم يلحظ زيادة عادلة تعوّض نسب التضخّم الفعلية في لبنان، وقد أبقى الوضع السابق للأجور ومكوّناتها، أي حافظ على ما يسمّى «بدل النقل» خارج الأجر خلافاً لقرارات وآراء مجلس شورى الدولة، رغم معرفة جميع المتواطئين أن نصف الأجراء في لبنان لا يتقاضون هذا البدل، وأن عدم احتساب بدل النقل عنصراً من عناصر الأجر يحرم جميع الأجراء نحو ملياري دولار من تعويضات نهاية خدمتهم.
جاء نص المرسوم واضحاً؛ فهو عيّن الحدّ الأدنى الرسمي للاجر الشهري بمبلغ 675 ألف ليرة، والحد الأدنى للأجر اليومي بمبلغ 30 الف ليرة. إضافةً إلى ذلك، عمد المرسوم إلى إقرار زيادة على الأجر بنسبة 100% على الشطر الأول لغاية 400 ألف ليرة، على أن لا تقلّ الزيادة عن 375 ألف ليرة، وبنسبة 9% على الشطر الثاني من الأجر الذي يزيد على 400 ألف ليرة ولا يتجاوز 1.5 مليون ليرة، وذلك بعد تنزيل الزيادة الحاصلة في عام 2008، والبالغة 200 ألف ليرة. أي بعد حسم 200 ألف ليرة من الأجر قبل احتساب الزيادة على الشطرين.
وتشير المادة الرابعة من المرسوم المذكور، إلى أنه «تؤخذ بالاعتبار وتحسم من الزيادة، الزيادات التي منحتها المؤسسات منذ أول كانون الثاني 2010 والموصوفة صراحة، أو بعقد أو نظام، أو سجلات، أو بقرار من السلطة الصالحة في المؤسسات العامة، بأنها طرأت بسبب غلاء المعيشة، والتي شملت جميع أجراء المؤسسة أو شملت فئة معيّنة من الأجراء في المؤسسة، إذا كانت هذه الزيادات توازي الزيادة المقررة أو تقلّ عنها، أما إذا كانت تفوق الزيادات المقرّرة فلا يجوز خفضها».
رغم أن المرسوم جاء ضد مصلحة العمّال ولمصلحة اصحاب العمل، ورغم أنه استند إلى «اتفاق رضائي» وضعه ممثلو أصحاب العمل ووقعه رئيس الاتحاد العمالي العام وامينه العام، إلا أن بعض المؤسسات لا تريد ان تدفع الزيادة على الأجور. فبحسب رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله، تلقى الاتحاد مراجعات من عشرات العمّال في شركات الباطون، ومعامل البلاط، ومعامل الخياطة، والمطاعم، والمطابع ومؤسسات الاعلام... تفيد بأن إدارات مؤسساتهم لم تحتسب الزيادة في أجورهم في رواتب شهر شباط.
ويقول عبد الله إن هذه المؤسسات التي ترفض دفع زيادة غلاء المعيشة لأجرائها، تتذرّع بأنها لا تزال تحتسب الزيادة، فيما بعضها بدأ يفاوض العمّال على خفض نسبة الزيادة. ويشير رئيس نقابة معامل الخياطة يوسف حرب، إنه تلقى مراجعات من بعض العمّال تفيد بانهم لم يحصلوا على اي زيادة على اجورهم، لكنه يؤكد أن أياً من هذه المعامل «لم يعلن امتناعه عن دفع الزيادة، إلا أن بعضهم لا يزال يريد حسم الزيادة الممنوحة في عام 2010، وإن لم تكن زيادات مطابقة للمادة الرابعة من مرسوم تصحيح الأجور». ويؤكد حرب أنه في حال تمنّع إدارات المعامل عن دفع الزيادة، «فسنلجأ إلى وزارة العمل».
في هذا الإطار، كانت المؤسسات الصحيّة أول من أعلن الامتناع عن دفع الزيادة على الأجور. فقد أعلن رئيس نقابة اصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون في أكثر من مناسبة، عدم قدرة المستشفيات على دفع الزيادة، مطالباً بزيادة التعرفات الاستشفائية. وقد استدعى هذا الموقف، ردّاً من نقابة عمال المستخدمين في القطاع الصحّي يحذّر من موقف هارون. وبحسب الأمين العام لاتحاد نقابات القطاع الصحي جوزف يوسف، فإن «دعوة هارون المستشفيات إلى عدم دفع الزيادة، لم تلق استجابة واسعة في القطاع، فهناك مستشفيات تدفع الزيادة وبعضها لم يدفع بعد». ويؤكد يوسف أن تحقيق مطالب المستشفيات بزيادة التعرفات «لا يكون على ظهور العمّال، فإذا كانوا يريدون ربط تطبيق الزيادة على الأجور بزيادة التعرفات، فنحن سنكمل بالتصعيد ونذهب باتجاه تقديم شكوى لدى وزارة العمل».
في الواقع، هناك حجّة ثانية للمستشفيات بأن هناك متأخرات على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بقيمة 500 مليار ليرة، وبقيمة مماثلة على جهات ضامنة أخرى، لذا تتذرّع بهذا الوضع لتحصيل مستحقاتها، غير أن يوسف يؤكد أن هذه المعاناة لا تقتصر على المستشفيات، فالمبالغ المستحقة للمضمونين تتأخر أشهراً عديدة أيضاً تماماً كما يحصل مع المستشفيات.
14 في المئة
هو معدّل الزيادة الوسطية على الأجر وفق مرسوم تصحيح الأجور رقم 7426. علماً بأن هذا المعدّل يُحتسب على أساس المعدل الوسطي للأجور في لبنان البالغ 1.430.000 ليرة
حقوق موظفي المصارف
قبل أسابيع تبيّن لرئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج حاج، أن جمعية مصارف لبنان أنهت العمل بعقد العمل الجماعي مع الاتحاد؛ لأن بنوده تلحظ زيادات على الأجور لا تريد دفعها. فالعقد يزيد تقديمات المنح المدرسية والمنح الزوجية ومنح الولادة ومنح الجامعات وفق نسبة الزيادة التي تقرها الدولة على الشطر الأول، أي بنسبة 100% ويزيد الرواتب بنسبة أكبر مما هو ملحوظ في مرسوم تصحيح الأجور... لذلك، ذهب الاتحاد إلى وساطة وزارة العمل في خطوة أولى.
الاثنين ٥ آذار ٢٠١٢
رشا أبو زكي
سئم بعض الشبان والشابات عدم الاستجابة لمطالبهم. يريدون العمل، والمساواة، والعدالة. سئموا النزول إلى الشارع من دون أن يناصرهم أتباع الطوائف والمذاهب. سئموا الظلم اللاحق بهم، وعدم سماع صوتهم. قرروا القيام بـ«ثورة إلكترونية عقلانية»، وتوجهوا إلى المواقع الإلكترونية الحكومية لنشر رسالتهم إلى «الحكام والشعب في آن واحد». «توجد مؤامرة خبيثة على حقوق العمال والمرأة والإنسان، يوجد ظلم اجتماعي، واستخدام تضليلي من الإعلام، يوجد لاعقلانية لدى المواطنين، لقد قررنا الانضمام إلى أنونيموس لتحرير نفوس اللبنانيين وعقولهم في حد أقصى، أو خلق أمل بالحد الأدنى. نحن غاضبون من تصرفات الحكومة اللبنانية والهيئات الاقتصادية التي تتناقض مع قيمنا ومبادئنا.
الحكومة يجب أن تخدم الشعب لا النخب الاقتصادية، انضموا إلينا لمكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية...». رسالة ينشرها القراصنة الغاضبون على صفحتهم على الفايسبوك. يسمون أنفسهم «أنونيموس (مجهولي) لبنان» Anonymous - Lebanon.
يُسقطون المواقع الإلكترونية الرسمية واحداً تلو الآخر. يستبدلون الصفحة بصورة كاريكاتورية لشخص جائع ونحيل يُطعم آخر سميناً وثرياً. رسالة يوضحون بها هدفهم من اختراق هذه المواقع، «الثورة الإلكترونية ما زالت مستمرة، وحملتنا إلى المواقع اللبنانية ما زالت مستمرة. نحن لا نرفع لافتات ولا نشعل إطارات ولا نرمي بالحجارة. لافتاتنا مواقع لبنانية إلكترونية، هدفنا توصيل رسالة إلى الشعب اللبناني والحكام، حلمنا الوحيد هو أن نستيقظ يوماً على وطن، وطن الحرية والمساواة والثقافة. متى سنحصل على حقوقنا؟ متى ستتوافر فرص العمل؟ متى سنتوقف عن الدراسة على ضوء الشمعة؟ متى سنتوقف عن رفع شعارات بالروح بالدم نفديك يا بطيخ، ولبيك يا بطيخ؟».
غزو القراصنة الاجتماعيين طاول مواقع المديرية العامة للأمن العام، وزارة الاقتصاد، المديرية العامة للمغتربين، بلدية بيروت في الدفعة الأولى. وجاءت الدفعة الثانية إلى إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي)، هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال. بعد إعلان سقوط الموقعَين أول من أمس، يضيف القراصنة رسالة على صفحتهم الفايسبوكية: «لا مزيد من الطغيان، لا مزيد من القمع، لا عبودية. نحن نستعد لتدمير هذا النظام الفاسد». يعلن «قراصنة لبنان» أنهم لم يعمدوا إلى تخريب المواقع التي استهدفوها، بل استغلوا نقاط الضعف في هذه المواقع لاختراقها. يوضحون أنه بعد حين سيعلنون سبب استهداف كل موقع من هذه المواقع. يكملون معركتهم، فيكون الهدف يوم أمس «لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية» (آيباك).
يشير أحد القراصنة (غير المرتبط بأنونيموس لبنان) لـ«الأخبار» إلى أن ما تقوم به مجموعة «أنونيموس لبنان» هو طريقة تعبير إلكترونية عن غضب عدد كبير من الشباب من الحال التي وصلوا إليها من فقر وهجرة وبطالة وانعدام في المساواة الاجتماعية. يشرح أن المواقع الرسمية في لبنان ضعيفة جداً، ويمكن إيجاد الكثير من الثُّغَر لاختراقها. يلفت إلى أن هذه الثُّغَر توفّر الأساس الإلكتروني الطبيعي للقيام بعمليات الاختراق. علماً بأن «أنونيموس لبنان» هي حركة نشأت بعد انتشار مجموعة من القراصنة العالميين تحمل اسم «أنونيموس»، التي تعمل منذ عام 2003 على خرق مواقع عالمية بهدف منع الرقابة على الإنترنت، وقد اتحدت المجموعة مع ويكيليكس لنشر الكثير من المعلومات السرية عبر خرق المواقع الحكومية والرسمية في مختلف دول العالم، واخترقت المجموعة أيضاً مواقع عربية معلنة دعمها للربيع العربي، وقد شهدت مواقع رسمية في كل من مصر وتونس وسوريا اختراقات عديدة من هذه المجموعة دعماً للمطالب الشعبية العربية.
http://www.youtube.com/watch?v=3YyWvZP1QcQ&context=C39e40b9ADOEgsToPDskIOSwQbl8ZF6V7wlnq56umK
كفى استغلالا و سرقة من ارباب العمل للعامل
كفى حرمانا للموظفين و الأجراء من حقوقهم
لن نتخلى عن حقنا في تعويض نهاية الخدمة يشمل كل أجرنا
لن نتخلى عن 160 الف ليرة شهرياً يحرم منها 53% من الأجراء
لن نقبل تمرير تسوية سرقات تحت ستار 8900 مليار و 11 مليار دولار
لن نسمح للمجلس النيابي بتشريع سرقتنا
سنقف كلنا صوتا واحدا خلال جلسة المجلس النيابي في 5 آذار لرفض هذا القانون
لن نسمح لنواب الأمة بإقرار قانون يحرم اللبنانيين من احتساب بدل النقل في تعويضاتهم
نحن شابات وشباب، موظفون ومعطلون عن العمل وطلاب سندخل قريباً الى سوق العمل الجائر
نرفض اقتراحات القوانين المقدمة
لنعتصم ضد المجلس النيابي خلال انعقاد جلسته القادمة
في 5 آذار , ساحة النجمة – الساعة الواحدة ظهراً
نادر فوز
لم تتبدل لهجة الوزير شربل نحاس بحضور خلفه سليم جريصاتي. السلف حافظ على رأيه «البديهي» في مقاربة شؤون الدولة وإشارته إلى «وقاحة الوقحاء»، والثاني تمسّك بشعار التغيير والإصلاح والتشديد على التهدئة. لم يقبل نحاس بما سبق لجريصاتي أن عبّر عنه بضرورة معالجة الأمور بهدوء، فكرّر له ست مرات العبارة الآتية: «عسى أن تستطيع إبقاء خطابك ليناً أمام وقاحة الوقحاء. لكنك قانوني، ولن تنسى أن سيف القانون حاد وقاطع». أراد نحاس استفزاز جريصاتي ـــــ على الأقل إيجابياً ـــــ وقرن العبارة الأخيرة بكل ملفات الفساد والتجاوزات المتراكمة في وزارة العمل.
ويسجّل للوزير جريصاتي أن أول كلمة قالها لموظفي الوزارة: «أين فريديريك؟». لم يجب أحد. كرّر سؤاله: «فريديريك وين؟ موسيو فريدي وين؟». من هو فريدي؟ لا أحد من الحاضرين يعلم.
ومن يأبه لهذا السؤال أمام الملفات الشائكة، كتأمين «إبقاء الهم الاجتماعي حياً»، كما قال نحاس؟ تحدث الوزير المستقيل عن الفساد الذي على جريصاتي مواجهته في وزارة العمل، عن الضغوط لاستيراد العمالة الأجنبية واستغلالها والاستغناء عن اللبنانيين. عن المجاهرة بالتهرّب من دفع الضرائب ومن التصريح عن الأجراء وأجورهم. عن فضائح منع العمال من الإضراب وخرق القوانين والشرع الدولية، عن «كون مجالس العمل التحكيمية معطلة منذ أشهر، وثمة موظفون متمردون ومرتكبون يحميهم سياسيون بحجج طائفية». دعا الوزير المستقيل خلفه إلى مواجهة هذه المصاعب وعدم السكوت عنها أو مهادنتها، وكأنه يسأله: «كيف بإمكانك التعامل مع هذه الأمور بهدوء»؟
قبل خروجه من الوزارة، تحدث نحاس عن تركته لخلفه و«بعض الأمانات العزيزة»: تنظيم عمل الأجراء من اللاجئين الفلسطينيين، آلية نافذة لدعم أول عمل للشباب، بروتوكول تعاون مع جمهورية الفيليبين، معاهدة مع منظمة العمل الدولية تحمي حرية العمل النقابي، وتعديل لقانون العمل يصون الأجر وحقوق الأجراء، وملف متكامل عن التغطية الصحية الشاملة للبنانيين المقيمين، وشكويان متطابقتان من قيادة الاتحاد العمالي العام ومن جمعيات أصحاب الأعمال لدى منظمة العمل الدولية ضد الدولة اللبنانية تستوجبان المتابعة.
في نفس نحاس أمنية أخرى، مرسوم بدل النقل «الباطل وغير الدستوري والمخالف للقانون». حتى اللحظة الأخيرة من وجوده في الوزارة، أصرّ نحاس على موقفه. «أعفيتَ أنت من مهانة توقيعه». بدا كأنّ في نفسه حرقة، وما لم يقله الوزير المستقيل لسلفه علناً: «لا تتردّد في رفض مخالفة الانتظام العام».
«ستسمع كلاماً عنصرياً مقززاً». قد لا يتوقّف كثيرون عند هذه العبارة التي قالها نحاس، إلا أنها دفعت أيضاً سليم جريصاتي إلى «البلع بريقه». كان شربل نحاس منهكاً أمس، وقد أفضى بكل ما في قلبه حول سوداوية الوضع في وزارة العمل.
أما جريصاتي، فحاول الدخول إلى الوزارة موحياً أنه عالم بالأمور وسيرها. كرّر «أعرف» تسع مرّات: أنّ ثمة «مسائل كثيرة تحتاج إلى عدالة اجتماعية أكثر، وأن الأمن الاجتماعي في لبنان ليس مؤمّناً كما يجب، إن علي الاستمرار مع الوزير نحاس إذا تكرم بذلك للوقوف أكثر فأكثر على تلك الهواجس، إن العمال ينقصهم الحقوق، وإن في بلدي مزاحمة لليد العاملة، حتى قطاع أصحاب العمل يعاني».
قال إنه سيسعى إلى «التغيير والإصلاح ضمن التركيبة الحاضرة»، وكرّر موقفه: «قلت إن الصلابة شيء والحدية شيء آخر. نعم للاستقرار، نعم للتهدئة، لكن لا سكينة قبل أن يتحقق طموح هذه الوزارة».
الثلاثاء ٢٨ شباط ٢٠١٢
قيادة الاتحاد العمالي تعمل على تثبيت انتصار أصحاب العمل
«إن هذه الشكوى قد تشكّل السابقة الأولى في تاريخ منظمة العمل الدولية، إذ يتقدّم أصحاب العمل بشكوى يؤيدها الاتحاد العمالي العام ضد الحكومة». بهذه العبارة قدّمت هيئات أصحاب العمل شكواها الى المنظمة ضد وزير العمل المستقيل شربل نحّاس، وهي العبارة الوحيدة التي لم ترد في شكوى الاتحاد نفسها، التي جاءت نسخة طبق الأصل! على العمّال أن يعتادوا من الآن وصاعداً على اتحاد عمالي خاضع وخائن
محمد وهبة
«إن الاتفاق الرضائي طرحته هيئات أصحاب العمل ووقّع عليه الاتحاد العمالي»، هكذا عبّر رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير سابقاً عن مستوى سيطرة أصحاب العمل على الاتحاد العمالي. التعبير نفسه ردّده أصحاب العمل (بلا مواربة) في الشكوى المرفوعة منهم ومن الاتحاد العمالي بوجه وزير العمل المستقيل شربل نحاس، إذ جاء في نص شكوى هيئات أصحاب العمل ما حرفيته: «يمكن القول إن هذه الشكوى قد تشكّل السابقة الأولى في تاريخ منظمة العمل الدولية، حيث يتقدّم أصحاب العمل بشكوى يؤيّدها الاتحاد العمالي العام».
وهذا الاستنتاج صحيح لدى مقارنة نص الشكويين، فهما «طبق الأصل»، ومن صنع شخص واحد (أحد المستشارين المعروفين لدى وزير عمل سابق، ويرأس حالياً منصباً في الضمان الاجتماعي)، ويتماثلان الى حدود الغثيان، ويحملان على مصالح العمّال وحقوقهم بالدرجة نفسها من العدائية الطبقية.
هكذا يصرّ رئيس الاتحاد العمالي العام، غسان غصن، والأمين العام سعد الدين حميدي صقر على أخذ العمّال إلى ما قبل صدور قانون العمل في عام 1946، ففي تلك المرحلة السوداء، أي ما قبل صدور قانون العمل، كان الإقطاعي هنري فرعون يترأس نقابة السوّاقين «المعترين»، وكانت السلطة تفلّت عسكرها لقمع تحرّكات العاملات والعمّال وتقتل أول شهيدة عمّالية هي وردة بطرس. لم يكن هناك أي اعتبار لمصالح اجتماعية لا تصبّ في زيادة ثروات «السيّد المُطاع». صحيح أن قانون العمل جاء ليلبّي مصالح أصحاب العمل المسيطرين، إلا أن نضالات العمّال وتضحياتهم في ذاك الزمان فرضت على السلطة التشريعية أن تقبل بوجود طرفين: عمّال وأصحاب عمل، كما فرضت أن يتم تبنّي بعض التشريعات التي تحاول أن تقيم بعض التوازن، ولو البسيط، بينهما ... اليوم يطيح غصن وحميدي صقر ومن معهما كل هذا الإرث النضالي الكبير.
ففي 20 شباط، رفع الاتحاد العمالي العام وجمعية الصناعيين اللبنانيين شكويين إلى منظمة العمل الدولية، تتهمان الوزير المستقيل شربل نحاس بـ«مخالفة معايير العمل الدولية والقوانين اللبنانية»، لأنه حاول أن يصون الأجر ويكرّس حمايته القانونية ويفرض تصحيحه بما يتلاءم مع ضرورات تأمين العيش الكريم (بحسب قانون العمل) لنسبة مهمّة من اللبنانيين العاملين بأجر في القطاعات النظامية وغير النظامية، وتحتج الشكويان على جملة من الأمور، أبرزها أن وزير العمل المستقيل حاول تحديد الحد الأدنى للأجور بمبلغ يتجاوز 800 ألف ليرة، في حين أن الاتفاق الرضائي حدده بمبلغ 675 ألف ليرة، كما أن نحّاس حاول أن يعيد ما سمّي بدل النقل الى الأجر، وإنهاء مرحلة طويلة من تجاوز القوانين عبر وضع هذا «البدل» خارج الأجر وحرمان نحو نصف الأجراء منه، بحجّة أنه استثنائي ومؤقت وغير ملزم ولا يمثل عنصراً من عناصر الأجر وإنما كلفة تترتب على صاحب العمل.
تأخذ الشكوى المشتركة على وزير العمل المستقيل أنه حاول تحديد الحدّ الأدنى للأجور على أساس تقديرات خط الفقر، أي تقديرات كلفة تأمين الحاجات الأساسية لأسرة وسطية، وهذا المأخذ مفهوم من هيئات أصحاب العمل، إلا أنه يتحوّل الى خطيئة عندما تتبناه قيادة الاتحاد العمّالي العام، وتنضم الى المطالبة بأن يتم تحديد الحد الأدنى للأجور وفقاً لمصالح أصحاب العمل، لا العمّال، بذريعة أن تحديده يجب أن يرتكز أيضاً على «العوامل الاقتصادية ومستويات الإنتاجية والرغبة في بلوغ مستوى مرتفع من العمالة والحفاظ عليه»، أي بمعنى أكثر تبسيطاً، تكرر الشكوى ما ردده ممثلو أصحاب العمل عن ضرورة أن يبقى مستوى الحد الأدنى للأجور منخفضاً بما يتناسب مع مستويات الأجور في سوريا والسودان ومصر وبما يتناسب مع أجور العمّال الأجانب القادمين من دول فقيرة ... نعم هذا هو موقف قيادة الاتحاد العمّالي من مسألة الحدّ الأدنى للأجور، وهو ما يتناقض مع نص المادة 44 من قانون العمل التي فرضت أن يكون هذا الحد كافياً ليسد حاجات الأجير الضرورية وحاجات أسرته، ولم تتحدّث هذه المادّة، التي يفرّط بها الاتحاد العمّالي، عن ضرورة أن يكون منخفضاً ليتناسب مع ما تسمّيه الشكوى «العوامل الاقتصادية ومعدّلات البطالة».
أمّا في مجال دفاع الاتحاد العمّالي عن موقف أصحاب العمل الرافض لاعتبار بدل النقل عنصراً من عناصر الأجر، فقد وقعت الشكوى المشتركة في تناقض ظاهر، في معرض اعتراضها على «تفسيرات مشوّهة للقانون اللبناني والمفاوضة الجماعية»، بسبب طرح نحّاس مفهوم الأجر الاجتماعي، فقد أوردت الشكوى نص المادة الأولى من اتفاقية العمل الدولية الرقم 95 بشأن حماية الأجور، وجاء فيها: «يعني تعبير الأجور أي مكافأة أو كسب يمكن أن تقدر قيمته نقداً مهما كانت تسميته أو طريقة حسابه وتحدد قيمته بالتراضي أو بالقوانين أو اللوائح الوطنية، ويدفعه صاحب عمل لشخص يستخدمه مقابل عمل أدّاه أو يؤديه أو خدمات قدّمها أو يقدّمها بمقتضى عقد استخدام مكتوب أو غير مكتوب». فهذا النص ينسجم مع نصوص القوانين اللبنانية (المادة 68 من قانون الضمان والمادة 57 من قانون العمل)، وهو ما ارتكز عليه نحّاس لرفض التوقيع على مرسوم بدل النقل، باعتبار هذا البدل عنصراً من الأجر واجب السداد الى جميع الأجراء مهما كانت وضعيتهم في العمل!
لا تقتصر خطايا الشكوى المشتركة على مسألة الحد الأدنى للأجور ومسألة بدل النقل، بل فيها ما يكفي من المحاولات لتكريس انتصار مصالح أصحاب العمل على مصالح العمّال من خلال إطاحة القانون 36/67 الذي تمسّك به نحّاس واعتبره يعلو على مفهوم المفاوضة الجماعية، لكونه يعطي العمّال حقاً قانونياً بتصحيح أجورهم دورياً وبنسبة غلاء المعيشة، وليس كما يفعل غصن وحميدي صقر بشكواها، إذ قررا، وهما لا يمثّلان إلا الجهات التي توظّفهما، أن تصحيح الأجور منّة يتكرّم بها أصحاب العمل عندما يحبّون أن يتكرّموا كفاعلي الخير.
100 مليار ليرة
هي قيمة دين الحكومة لصندوق الضمان، وفق ما ورد في شكوى الاتحاد العمالي وأصحاب العمل ضدّ الوزير شربل نحاس. فهما يتهمانه بالتقصير، فيما الواقع أن كليهما، ممثلان في مجلس إدارة الضمان، وهذا التقصير جرى في عهدهما ومضى عليه سنوات.
فوق الصلاحيات
يتساءل عدد من القياديين النقابيين عما إذا كان رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، والأمين العام سعد الدين حميدي صقر قد استحصلا على موافقة المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام بالنسبة إلى رفع شكوى ضدّ وزير العمل شربل نحاس أمام منظمة العمل الدولية بتهمة انتهاك الحريات النقابية. فالنقاش الذي جرى في هيئة مكتب الاتحاد لم يوافق عليه ممثل حزب الله ولا ممثل التيار الوطني الحرّ، علماً بأن مثل هذه القرارات تؤخذ في الهيئات الموسّعة مثل المجلس التنفيذي أو المؤتمر العام، في ظل عدم وجود هيئة مندوبين في الاتحاد.
الاثنين ٢٧ شباط ٢٠١٢