أدت مساعي التهدئة المحلية والإقليمية إلى تبريد صاعق ملف شهود الزور وتأجيله إلى جلسة مقبلة لمجلس الوزراء، فيما عكس لقاء الرئيس السوري ورئيس مجلس النواب اللبناني إصراراً من دمشق على التعجيل في بتّ ملفات من بينها شهود الزور، ولو بالتصويتكما كان متوقعاً بحث مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها أمس في قصر بعبدا ملف شهود الزور من باب رفع العتب، حيث كرر كل فريق مواقفه المعروفة، ثم انتهى النقاش سريعاً بالاتفاق على إرجاء بتّ الموضوع إلى الأسبوع المقبل.لكنّ التصويت الذي تجنّبه المجلس في الموضوع الخلافي الأساسي، أي شهود الزور، تجرّع كأسه في بند موضوع عقود سوكلين، وقد جاء هذا التصويت بمثابة «بروفة» لاتجاه وزراء رئيس الجمهورية والحزب التقدمي الاشتراكي، حيث أدى تصويت 3 من عند الأول واثنين من عند الثاني إلى سقوط قرار التمديد.وقصة سوكلين في مجلس الوزراء باتت كأنها مسلسل من حلقات عدة، حيث سبق في جلسة سابقة أن مُدّدت عقود الشركة لمدة 4 سنوات وأُلّفت لجنة وزارية للتفاوض مع سوكلين بشأن إمكان خفض الأسعار. وقد حصل خلاف على هذه الإشكالية، أي هل التمديد حصل أم هو في انتظار نتيجة مفاوضات اللجنة؟وفي جلسة لاحقة، أبلغ رئيس الحكومة سعد الحريري المجلس أن اللجنة توصلت إلى خفض السعر بنسبة 4 في المئة، حينها رفض الوزير فادي عبود، وسانده وزراء المعارضة السابقة، الموافقة على عرض الخفض، وبالتالي تمديد العقود قبل الاطلاع على نصوص العقود نفسها ومعرفة قيمتها ومقارنة الأسعار في لبنان مع الدول الأخرى.وكان على جدول أعمال جلسة أمس تقرير لمجلس الإنماء والإعمار يتضمن تفاصيل عن الأسعار ويقارنها مع دول أوروبية، مرفقة بعبارة «مع التحفظ على صدقية هذه المعلومات وصحتها». وقد أثار هذا التقرير ردود فعل كبيرة جداً في الجلسة، ولا سيما أنه لم يرفق بنصوص عقود سوكلين التي بقيت مبهمة، فكرر وزراء المعارضة السابقة مطالبتهم بالاطلاع على العقود التفصيلية، وطالبوا مجلس الإنماء والإعمار بإعداد جداول واضحة جداً وكاملة عن الأسعار التي تتقاضاها سوكلين عن كل طن نفايات، فرفض الحريري تزويد المجلس بهذه الوثائق.ودار نقاش طويل وعقيم بين الفريقين في المجلس، انتهى إلى عرض قرار التمديد للشركة على التصويت مجدداً، فسقط لأنه لم يحظ إلا بـ14 صوتاً مقابل 14 صوّتوا ضده، وهم 3 من وزراء رئيس الجمهورية الحاضرين: عدنان السيد حسين، منى عفيش، زياد بارود (غاب الياس المر وصوّت عدنان القصار مع)، اثنان من وزراء الحزب التقدمي: غازي العريضي ووائل أبو فاعور (صوّت أكرم شهيب مع)، وزراء المعارضة: شربل نحاس، فادي عبود، جبران باسيل، ابراهام دده يان، حسين الحاج حسن، محمد فنيش، علي عبد الله، محمد جواد خليفة وعلي الشامي، فيما صوّت يوسف سعادة (المردة) مع، وأوضح لـ«الأخبار» أنه لو كان التصويت سياسياً لكان صوّت مع المعارضة سابقاً وكان مستعداً لأن يطلب نقل صوته.كذلك دار نقاش كبير في بند يرمي إلى توقيع عقد استشاري رضائي مع شركة خطيب وعلمي للإشراف على تنفيذ مشروع مدّ كوابل الألياف البصرية الذي أطلقته وزارة الاتصالات أخيراً، إذ رفض وزراء 14 آذار الموافقة على هذا العقد، مطالبين بالحصول على استدراج عروض من شركات عدة، بحجة إمكان التوصل إلى أسعار أفضل، الأمر الذي رأى فيه آخرون ازدواجية في التعاطي وفي المعايير، لأن البند الذي نوقش قبل هذا البند وأقرّ، يتضمن عقداً رضائياً مع الشركة نفسها لتنفيذ دراسات للقاعدة البحرية على شاطئ مخيم نهر البارد، وهو عقد تبلغ كلفته 5,6% من كلفة الأشغال، فيما كلفة العقد الاستشاري تبلغ 4,37% فقط.وبعد نقاش طويل، حصلت الموافقة على تسوية اقترحها الوزير حسين الحاج حسن، وتقضي بأن يعمد وزير الاتصالات إلى الحصول على عروض أسعار من شركات أخرى في مهلة أسبوع.وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد استهل الجلسة بالحديث عن «مشروع القانون العنصري الإسرائيلي المتعلق بالمواطنة، وعن ظواهر العنصرية والإرهاب في مجتمعات أخرى كثيرة». وأكد أهمية زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان «من حيث المحادثات التي جرت خلالها والنتائج التي تترتّب عليها مستقبلاً»، وذكر أن زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان «أتت لتنقل رسالة دبلوماسية من الرئيس الأميركي داعمة للبنان». وأشار إلى مشاركته في القمة الفرنكوفونية التي ستعقد يوم الجمعة المقبل في سويسرا والى اللقاءات التي سيجريها خلالها مع عدد من الرؤساء، ومنهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، «وذلك لشرح الموقف اللبناني».كذلك أبلغ الحريري المجتمعين عزمه على السفر إلى قبرص اليوم. وقال أيضاً إن زيارة نجاد للبنان «كانت مهمة بما دار فيها من مباحثات ووُقّع من اتفاقات»، معلناً أنه سيلبّي الدعوة إلى زيارة طهران «في مرحلة قريبة».وإلى جدول الأعمال، أدلى عدد من الوزراء بمداخلات عن غلاء الأسعار وضرورة العمل على التخفيف عن المواطنين. ووافق المجلس على تخصيص مبلغ مليونين ونصف مليون دولار لشراء أجهزة الرادار اللازمة لمراقبة سرعة السيارات والحدّ من حوادث السير.وذكر وزير الإعلام طارق متري أن المجلس سيعقد جلسة عادية يوم الاثنين في السرايا الحكومية، «على أن ينعقد مجدداً في بعبدا خلال الأسبوع، في موعد يحدد لاحقاً، لمواصلة النقاش في موضوع شهود الزور»، وتحدث عن وجود «نية لبت الموضوع، ولكن إذا احتاج الأمر إلى مناقشة إضافية، فهذا ما سيحصل».بري في دمشقلكن الأخبار الآتية من دمشق تشير إلى إصرار على حسم ملف شهود الزور وغيره من الملفات التي كانت محور بحث على مدى ساعتين أمس، بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قال بعد اللقاء إن البحث تركّز على 3 محاور: اللبناني، الفلسطيني والعراقي، مردفاً «وبالرغم من دقة المواقف لكل من هذه المحاور وحراجة أزماتها ضمن إطار المخططات التي تطال المنطقة بكاملها، إلا أن التواصل العربي والإقليمي والتمحور حول الجسر السوري السعودي، يبقى خشبة الخلاص والصمود والثبات، ولا سيما لجهة الوضع اللبناني». وشدد على أنّ «على اللبنانيين أيضاً أن ينصروا أنفسهم بوحدتهم وتكاتفهم وتعاونهم على حل أي أمر، مهما كان حساساً وجسوراً بمؤازرة أشقائهم، لأن المؤازرة وحدها لا تكفي».وفيما تكتّمت مصادر بري على مضمون الزيارة، فإن زواره نقلوا عنه ارتياحه الكبير لما سمعه من الرئيس السوري عن المدى الذي وصلت إليه العلاقة السورية ـــــ السعودية، مؤكداً أن هذا المدى «مخالف لكل ما ورد في وسائل الإعلام بشأن المشاورات السورية ـــــ السعودية» التي وصفها بأنها تبشر بالخير.وعلم أن بري سمع في العاصمة السورية أنه لا يمكن الانتظار أكثر، وأن حصيلة ما جرى حتى الآن من مساع لا تشير إلى تراجع أو تبدل جوهري في موقف الطرف الآخر. وقد نصحت دمشق بالتعجيل في بتّ ملفات من بينها ملف شهود الزور، ولو بالتصويت. كذلك نصحت بالتعجيل بالخطوات القانونية التي يفترض أن يقوم بها المجلس النيابي.وقد وسّع بري اتصالاته في دمشق لتشمل شخصيات عراقية على صلة بالمرجعية الدينية في النجف، وهو سيتجه مطلع الأسبوع المقبل إلى العاصمة الفرنسية، في زيارة رسمية يلتقي خلالها ساركوزي.وبعد بري، علم أن النائب وليد جنبلاط سيزور العاصمة السورية يوم الأحد المقبل.في هذا الوقت، وسّع سفير السعودية علي عوض عسيري مروحة لقاءاته إلى الرابية، حيث التقى النائب العماد ميشال عون. وأفادت مصادر بأنه لم يطرح أي مبادرة، بل استمع إلى آراء عون في كل القضايا المطروحة. وشدد على أهمية التواصل مع عون وموقعه في الحياة السياسية اللبنانية. وفسّرت مصادر مطّلعة هذا الأمر بأنه من باب إظهار الحرص السعودي على التهدئة، من خلال التواصل مع جميع الأطراف، وخاصة بعدما بات عون وتياره ممسكين بواحد من أبرز الملفات أهمية في المرحلة الحالية، أي ملف الموازنة وقطع الحساب والمالية العامة.وفي المواقف من اللقاءات والتحركات الأخيرة، أعلنت كتلة الوفاء للمقاومة أنها «تابعت باهتمام الحراك الإيجابي محلياً وإقليمياً من أجل تعطيل فتيل التوتر الذي يتهدد لبنان فعلاً جرّاء استهداف المقاومة عبر اتهامات ظالمة ومفبركة»، وشددت على «ضرورة تحمل المسؤولية الوطنية في التصدي لهذا الاستهداف المرفوض والابتزاز الخطير». ورأت «أن المدخل الطبيعي لتلمّس الحقيقة وقطع دابر التحريض والتوتير بين اللبنانيين هو إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي لمحاكمتهم ومعرفة من صنعهم واستخدمهم وموّلهم وحماهم».وعن لقاء الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، قال النائب عمار حوري إنه «قارب الأمور المطروحة، وهو ليس الأول ولن يكون الأخير». ورأى أن لقاء رئيس الحكومة والسيد حسن نصر الله «يجب أن يعدّ له ويُعمل على إنضاج الظروف الخاصة به». لكنّ زميله في الكتلة، النائب جمال الجراح، رأى أن لقاء الحريري والخليل «هو لاستكشاف المواقف».وفي إشادة بزيارة بري لدمشق، قال النائب زياد القادري إن سبب هذه الزيارة «هو سعيه الدائم إلى تقريب وجهات النظر، وخصوصاً بعد القمة السورية ـــــ السعودية في الرياض».ورغم كل المساعي المحلية والإقليمية لتبريد التوتر الأخير، بقي الدخول الأميركي على الخط اللبناني لافتاً، وآخره أمس ما ذكره بيان للخارجية الأميركية من أن الوزيرة هيلاري كلينتون اتصلت بالرئيس ميشال سليمان وأكدت «عدم التسامح» مع ما وصفته بالمحاولات الهادفة إلى إضعاف المحكمة الدولية. ورأت أن تصاعد التوتر في لبنان «أمر مقلق»، مجدّدة الحديث عن «الدعم الثابت لإدارة أوباما لتطوير المؤسسات اللبنانية القوية والفاعلة».تقرير الـ1559وأمس، أصدر حزب الله بياناً علّق فيه على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن القرار 1559، و«الذي كتبه الموظف في الكيان الصهيوني تيري رود لارسن»، معتبراً أنه «تدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وتدخّل سياسي في شؤون المحكمة الدولية». بل اتهم بان ولارسن بالدخول «كطرف في الصراعات السياسية الداخلية، وهو ما لا يقع ضمن اختصاصهما على أي حال».ومع استمرار انتقاد قوى 14 آذار لزيارة نجاد للبنان، وانتقاد قوى 8 آذار لزيارة فيلتمان، زار أمس الرئيس أمين الجميّل السفير الإيراني غضنفر ركن آبادي، في مقر السفارة، ولفت في الخبر الموزّع القول إن «الرأي كان متفقاً على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية. كذلك جرى التداول في زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد للبنان وانعكاساتها الإيجابية على الساحة اللبنانية».عدد الخميس ٢١ تشرين الأول ٢٠١٠
بشير صفيرتندرج إطلالات الفنان خالد الهبر في خانتَيْن. الأولى، تشمل الحفلات التي تبقيه على تماس مع الجمهور الذي يعرف الريبرتوار عن ظهر قلب، ويتشوّق لسماعه في أداء حيّ. والثانية تشمل اللقاءات التي يدعو إليها الهبر لتقديم جديده، وربما أيضاً، لجسّ نبض جمهوره في التفاعل مع الرسائل أو المواقف ـــــ إنْ وُجدَت في النص ـــــ كما مع الألحان. آخر حفلة لخالد أتت في الخانة الأولى. أما الحفلة المرتقبة اليوم، فتتضمّن أعمالاً لم نسمعها من قبل.هذا المساء، يعود خالد الهبر وفرقته إلى «قصر الأونيسكو» (بيروت)، بعد حوالى خمسة أشهر على حفلته الأخيرة. تتزامن حفلة خالد الهبر مع ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي اللبناني. حتى لو لم يُعلَن أنّها تقام للمناسبة، فهي تصلح لها أساساً. وفي هذا السياق، قد يكون الموعد المرتقب، البديل الوحيد عن احتفالات السنة الماضية (العيد الـ85).الأعمال الجديدة تحتلّ مساحة لا بأس بها من البرنامجهذه المرّة، في جعبة الهبر جديدٌ يحتلّ مساحة لا بأس بها من البرنامج. إضافةً إلى أغنية «أبانا» التي لا يحبّها كثيراً الأمن العام، إذ منع الإعلان الترويجي للحفلة على التلفزيون بعدما ضمّ جملةً من تلك الأغنية، هناك «رنا»، و«أرنون»، و«ألّفت القصص»، وغيرها من الأعمال المعروفة. وسنسمع «أنا عندي Désir» (رغبة)، و«كول» وغيرها (كلمات خالد الهبر). ومن كلمات يحيى عضاضة وألحان خالد الجديدة، هناك «عملنا الوقت» و«يا مسكين» (غناها ريان الهبر على المسرح قبل والده).من جهة ثانية، يطاول التجديد إعادة التوزيع التي عمل عليها ريّان الهبر (باستثناء «أبانا» التي وزّعها عبود السعدي). وهنا يجب التنويه بريّان الموزّع، لمجرّد اتجاهه الموسيقي السليم. أمّا النتائج التي وصلتنا من هذا الخيار، فتبدو جيدة (أو واعدة) حيناً، و«بدائية» أحياناً نسبةً إلى ما يطمح إليه ريّان. فهو، في التوزيع الموسيقي، يشبه تلميذ شهادة البكالوريا الذي ينال عشر علامات على عشر في الرياضيات، لكنه يعرف (أو يجب أن يعي) أن ما ينقصه في المادة ذاتها، أكبر بكثير مما حصّله في المدرسة.بالعودة إلى الحفلة، علمنا أنّ جديد خالد يأخذ منحى اجتماعياً، أكثر منه سياسياً. ويبدو ذلك طبيعياً: منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان («عائد إلى حيفا») وبعده العدوان على غزّة («نحن في غزّة بخير»)، لم يحدث في لبنان والمنطقة ما يستوجب التوقف فنياً عنده. وتبقى أغنيته «الحرب القادمة» صالحة قبل الحروب... وبعدها مباشرةً أيضاً.8:30 من مساء اليوم ـــــ «قصر الأونيسكو» (بيروت) ـــــ للاستعلام: 03/181585عدد الاربعاء ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٠
خالد صاغيةماذا يفعل السياسيّ حين يخسر مشروعه؟في الأحوال الطبيعيّة، يتنحّى. يترك السلطة للمشروع المقابل، وينتقل إلى صفوف المعارضة.ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي راهن على قلب الطاولة في لبنان، فوجد نفسه عاجزاً عن الحكم إلا من خلال حكومة يملك فيها خصومه ثلثاً معطّلاً؟ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي راهن على مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي سيقلب الطاولة في سوريا، فلم يتورّع عن اتّهامها علناً بكلّ الاغتيالات منذ 2005، فضلاً عن تحميلها منفردة مسؤوليّة كلّ موبقات هذا البلد من قمع وطائفيّة وفساد ودين عام... ثمّ عاد واعتذر بحجّة أنّه أخطأ؟ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي ترقّب نتائج حرب تمّوز، فخذلته. وظلّ مصرّاً على الخصومة مع الحزب الذي خرج من الحرب مثخناً بالجراح، لكن منتصراً.ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي راهن على ابتعاد سوريا عن إيران وحزب اللّه، فخذلته.ماذا يفعل السياسي اللبناني الذي تعامل مع الحكم كعقار يُتوارَث، لكنّه لم يفلح في ترؤّس اجتماع، ولا في إدارة نقاش، ولا في معالجة ملفّ؟ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ حين يشعر بأنّه بات كالطابة تتقاذفها كلّ دولة من ميل. ما إن يتّجه يميناً، حتّى يجد من يردّه إلى الوسط. وما إن يتّجه يساراً، حتّى يعيدوه إلى اليمين. وما إن يقف مكانه، حتّى يأتي من وراء البحار مَن يهزّه؟الجواب الطبيعي: في الأحوال الطبيعيّة، يتنحّى. أمّا رئيس الحكومة اللبنانيّة سعد الحريري، فلا يستطيع أن يتنحّى. فقد خسر مشروعه، لكنّه لم يخسر زعامته. قد تكون التركيبة اللبنانية ونظامها الطائفي هما السبب، وقد يكون أكثر من ذلك. لكنّ هذا المزيج بين الخسارة والربح هو ما يبقي الحريري واقفاً على رجليه. لكنّه واقف من دون أن يدري ماذا بعد الوقوف، ومن دون أن يعرف خصومه ما إذا كان عليهم أن يزيحوه أو يتحدّثوا معه. وفي الانتظار، لا حديث إلا عن المحكمة وقرارها الظنّي. وإنّ بعض الظنّ إثم.عدد الاربعاء ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٠
مع بدء التنقيب عن الغاز في حقل «لفيتان»، عقد في إسرائيل، خلال اليومين الماضيين، «مؤتمر الطاقة والأعمال 2010» بمشاركة العديد من المسؤولين ورؤساء الشركات العاملة في هذا القطاع. وحذر مستشار اقتصادي لرئيس الحكومة الإسرائيلية من أن ارتفاع أسعار النفط سيجعل بقاء إسرائيل غير مجد للعالم. وكان لافتا إعلان نائب رئيس شركة «نوبل إنرجي»، التي تطور «لفيتان»، لوسون فريمان، أن منصة «Sedco Express» تستخدم تقنيات متطورة جداً للتنقيب في هذا الحقل، وأن «للجميع اليوم آمالا... ولكن إذا لم نكتشف شيئا فإن السقوط سيكون قاسيا جدا».وفي المؤتمر، الذي حضره وزراء وأعضاء كنيست ورجال أعمال وخبراء، قال المدير العام لشركة «إكو إنرجي» عميت أور «هناك انعدام يقين هائل في التكهنات بشأن أسعار النفط. والسيناريو المعقول يتحدث عن مستوى أسعار يتراوح بين 150 و200 دولار للبرميل خلال السنوات الـ20 ـ 25 المقبلة».وأعلن المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة الإسرائيلية يوجين كاندل في المؤتمر أن إسرائيل تبذل أقصى ما في وسعها لإيجاد بدائل للنفط من أجل المحافظة على نفسها. فمعظم السيارات في العالم تسير على وقود يصل إليها من دول ليست صديقة لإسرائيل. وأضاف أن «هدف جهودنا هو إبعاد أكبر قدر ممكن من السيارات عن وضع تتمكن فيه من التحرك بمواد أخرى. لدولة إسرائيل سعر، وأنه فوق سعر معين لبرميل النفط لن يكون مجديا للعالم بقاء دولة إسرائيل. لذلك فإنهمن المهم جدا تنفيذ خطة تقليص ارتباط العالم بالنفط». ويقصد كاندل بذلك مساعي إسرائيل لتطوير سيارات تسير بالطاقة الكهربية أو الوقود البيولوجي وما شابه. وتقوم خطة إسرائيل على أساس استثمار حوالي 50 مليون دولار سنويا في أعمال البحث لتشجيع مشاريع كهذه.ومع بدء عملية التنقيب الفعلي الإسرائيلية عن الغاز والنفط في موقع «لفيتان» في البحر المتوسط يستعر الجدال في الدوائر الاقتصادية والقانونية حول عائدات هذه الاكتشافات وطريقة تقاسمها. وفيما يطالب أعضاء كنيست وأكاديميون بزيادة حصة الدولة من هذه العائدات، يشدد آخرون على حجم الاستثمار في الاكتشافات، ما يجعل أي تعديل في الحصص محبطا لأصحاب الامتياز.وعلى الرغم من ذلك، فإن القرائن حول وجود الغاز والنفط في عدد من المواقع في البحر المتوسط قبالة الشاطئ الشمالي لفلسطين، أو في المنطقة الواقعة بين هذا الشاطئ وقبرص، لا تزال موضع رهان. كما أنه في حال التأكد من وجود كميات الغاز والنفط التي يجري الحديث عنها، فإنّ هناك من يشير إلى مصاعب في استخراجها بسبب التكلفة العالية للتنقيب والاستخراج، وبعد ذلك المصاعب التي تعترض التسويق.ولهذا السبب يمكن القول أن بعض الخبراء في إسرائيل يشيرون إلى اعتبارات غريبة قد تكون متصلة بمصالح في البورصة وراء الكثير مما ينشر أو يفعل على هذا الصعيد. ويمكن على وجه الخصوص التطرق إلى حقول الامتياز الأكثر شمالية وهي «تمار» و«داليت» و«لفيتان». والحفريات التي تجري منذ زمن في حقل «تمار ـ1» تتم بعمق مياه 1680 مترا لكن من أجل الوصول لطبقة الغاز هناك ضرورة للوصول إلى عمق كلي بحدود 4900 متر. أما في حقل «تمار ـ2» فالحفر يجري على عمق مياه 1700 متر، ولكن الوصول لطبقة الغاز يتطلب حفرا بعمق 5145 متراً. أما الحقل «داليت» فالحفر فيه يتم بعمق مياه 1400 متر، وقد وصلت الحفريات حتى الآن إلى عمق شامل يبلغ 3700 متر. ولكن حفر الحقل «لفيتان» يتم في مياه بعمق 1600 متر، والهدف الأساس هو طبقة الغاز على عمق 5100 متر.وهنا تدخل التكلفة كعنصر مهم في تحديد الجدوى. فتكلفة استخدام منصة حفر في مياه عميقة (من 300 إلى 1500 متر) وفي مياه أعمق كثيرا (أكثر من 1500 متر) تتراوح بين 375 ألفا إلى 450 ألف دولار يوميا. وعلى سبيل المثال فإن شركة «نوبل إنرجي» الأميركية تدفع في مقابل استخدام منصة «Sedco Express»، وهي المنصة الأولى التي وصلت الأسبوع الماضي لبدء الحفر في «لفيتان»، ما قيمته 530 ألف دولار يوميا. وقد خصصت للحفر في هذا الموقع ميزانية لخمسة أشهر تبلغ 150 مليون دولار. وفي حال كانت طبقة الغاز أو النفط أعمق فإن هناك حاجة لاستبدال المنصة واستئجار منصة «Pride North America» بتكلفة أعلى. ويؤكد باحثون أن تكلفة البحث في موقعي «تمار» و«داليت» بلغت حتى الآن 350 مليون دولار، في حين أن تكلفة تطوير حقل الغاز في «تمار» تقدر بحوالي ثلاثة مليارات دولار. ويعتبر وضع حقل «لفيتان» أكثر تعقيدا. فالغاز الذي سيكتشف هناك سيواجه مشكلة تسويق إذ أن إسرائيل لن تكون بحاجة إليه بعد تطوير الحقول المكتشفة قبله، وذلك بسبب العقود مع شركة EMG المصرية. ومعروف أن مصر تزود إسرائيل حاليا بثلث حاجتها من الغاز.وكانت منصة الحفريات «Sedco Express» وصلت يوم الاثنين من الأسبوع الماضي إلى موقع التنقيب المطلوب على مسافة 135 كيلومتراً غربي الشاطئ الفلسطيني الشمالي. ومن المقرر أن تظهر نتائج هذا التنقيب الأولية خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر. ومعلوم أن الاكتشافات الغازية تتحدث عن 8,7 تريليونات متر مكعب في حقل «تمار»، و 14,2 تريليون متر كعب في «داليت»، وقد تصل إلى 16 تريليون متر مكعب في «لفيتان». وفي كل الأحوال لا يزال الحديث يدور عن حقل غاز «لفيتان» كحقل احتمال وليس حقل تأكيد.وإذا ثبت وجود الغاز بكميات تجارية فإن المشكلة ستتحول إلى مشكلة تسويق. وهنا تدرس إسرائيل مشاريع مختلفة من بينها تنفيذ خط غاز بحري إلى اليونان أو إنشاء محطة تسييل للغاز على الشاطئ بتكلفة تزيد عن خمسة مليارات دولار، أو التشارك مع مصر واستخدام منشآت تسييل الغاز المصرية بقصد تصديره إلى أوروبا وآسيا بالناقلات البحرية. وتصل كلفة تطوير حقل «لفيتان» في حال ثبوت احتوائه على كميات الغاز المقدرة إلى ثمانية مليارات دولار إذا تضمن مشروع تسييل الغاز. وهذا ما يجعل مشروع تطوير «لفيتان» أضخم مشروع اقتصادي في تاريخ إسرائيل.وتواجه إسرائيل مشكلة مهمة في تطوير الحقول الغازية والنفطية وتسويق الإنتاج في الخارج، وهي المقاطعة العربية. فالشركات الكبيرة تهرب من التعاون مع إسرائيل التي لا يزيد الحد الأقصى لحدودها المائية عن 320 ألف كيلومتر مربع، وهي مساحة لا تعتبر كبيرة بمقاييس الاستثمار البحري. وبالرغم من أن معهدا حكوميا أميركيا (USGS) هو من قدر قيمة الاحتياطيات الغازية في الحوض الشرقي للبحر المتوسط بـ450 مليار دولار، وأن لإسرائيل حصة معقولة من ذلك، فإن الشركات الأميركية الكبرى تجنبت الاقتراب من إسرائيل. فقط شركة «نوبل أنرجي» الأميركية الصغيرة هي من قام بذلك. وللعلم سبق لشركة «بريتش غاز» أن تنازلت عن 35 في المئة من امتياز «رتسيو يام» الذي يحوي 16 تريليون متر مكعب باحتمال 50 في المئة، كما كانت للشركة المعطيات ذاتها عن حقل «لفيتان».(«السفير»)
أثارت حلقة «الاسبوع في ساعة» التي استضافت مساء امس الاول اللواء المتقاعد جميل السيد، على شاشة «الجديد»، ردود فعل ترجمت ببيانين صادرين عن كل من النائب عقاب صقر ومن القناة.فبينما كان من المقرر عرض تقرير مسجل للنائب صقر، خلال الحلقة، رفض اللواء السيد عرض التقرير، تحت طائلة عدم المشاركة في الحلقة، علماً انه كان الضيف الوحيد فيها. ففاوضه مقدم البرنامج جورج صليبي للقبول «بتمرير» الوثائق والمستندات فقط، التي يتضمنها التقرير الخاص بصقر، فوافق السيد.عندها أعرب صليبي عن اعتذاره على الهواء مباشرة عن عدم عرض التقرير «نزولاً عند رغبة السيد».غير ان الامر لم ينته هنا. بل تعداه الى انفعال السيد بعيد طرح سؤال عليه، يتعلق بمصدر ممتلكاته خارج الهواء، وذلك وفق بيان أصدرته «قناة الجديد» أمس.وجاء في بيان «الجديد»: «لم تكد تنتهي الحلقة بسؤال الزميل صليبي للواء السيد عن ممتلكاته وحساباته أثناء وظيفته، حتى ثارت ثائرة السيد خارج الهواء المباشر، وتلفظ بكلمات معيبة مع الزميل صليبي نتحفّظ عن ذكرها لما لها من وقع مسيء لنا وله في آن».اضاف البيان: «وإننا إذ ندين تصرفات من هذا النوع من لواء يحمل قضية وطنية كانت «الجديد» اول من «كشف خيوطها، نستغرب في الوقت نفسه إقدام السيد على عملية كانت اقرب الى الطرد من منزله، علماً أن المحطة كانت عرضت استضافته في استديوهاتها ولم يوافق لأسباب أمنية فاحترمنا خياره. وكانت الحلقة من منزله في الرملة البيضاء، غـــير ان السيـــد لم يحترم واجب الضيافة ولا إطلالته للمرة الاولى على منبر «الجديد». ويبدو انه فضّل ان تكون الاخيرة».في المقابل، اعلن المكتب الاعلامي للنائب صقر في بيان أمس شجبه «لهذا الاسلوب القمعي الذي مورس بحق وسيلة اعلامية، فمنعها من بث مادة صحافية تندرج في اطار التزام مبدأ الرأي والرأي الآخر الناظم للمهنية الصحافية، مع تسجيل احترامنا الصادق والكامل لمهنية الاعلامي جورج صليبي وللحرفية المشهودة للقيمين على محطة «الجديد»، واستنكارنا في المقابل ما تعرض له العاملون في هذه المحطة بعد انتهاء البث المباشر لحلقة الامس من برنامج «الاسبوع في ساعة»، فإن النائب عقاب صقر ومن منطلق الحرص على اظهار الحقائق للرأي العام سيعمد لعرض الوثائق والمستندات التي تضمنها تقرير «الجديد» الذي لم يعرض، اضافة الى وثائق أخرى، خلال اطلالته المقررة مسبقا مع الزميلة سحر الخطيب في برنامج «الحد الفاصل» مساء اليوم عبر محطة «اخبار المستقبل».وحاولت «السفير» أمس الاتصال باللواء السيّد للوقوف على رأيه بما حدث، إلا انه لم يكن متاحا.
أعلن مصدر أمني مصري، أمس، أن ثلاثة عناصر شرطة أصيبوا، وحطمت سيارات عديدة في أعمال شغب على طريق سريع خارج قرية في محافظة سوهاج في جنوبي مصر.وقال المصدر إن مئات من سكان قرية بني هلال رشقوا عناصر الشرطة بالحجارة احتجاجا على إصابة ثلاثة رجال وامرأة في حادث سير على طريق القاهرة - أسوان. وأضاف أن السكان الغاضبين أغلقوا الطريق لساعات بجذوع النخيل وإطارات السيارات المشتعلة.وأشار إلى انه تم تحطيم سيارة مدير الأمن في محافظة سوهاج اللواء أحمد خميس إلى جانب 3 سيارات للشرطة والإسعاف والمجلس الشعبي المحلي للقرية وجرافة تتبع مجلس مدينة المراغة الذي تتبعه القرية ونحو 10 سيارات خاصة.وقال المصدر إن الشرطة فرقت المحتجين بقنابل الغاز المسيل للدموع، واعتقلت حوالى 30 منهم، وأحالت سبعة إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهم لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيق بتهم التجمهر والشغب ومقاومة السلطات وإصابة رجال شرطة وتحطيم سيارات حكومية وخاصة. وأشارت مصادر طبية إلى إصابة 3 من عناصر الشرطة في الاحتجاج.
عبد الكافي الصمدبعد تأخير في تطبيقه قارب شهراً، نفّذت بلدية طرابلس نهاية الأسبوع الماضي جزئيّاً قرارها بإزالة البسطات من شوارع المدينة، وهو قرار كانت قد اتخذته في 22 أيلول الماضي، و«أُجّل تنفيذه إلى موعد يحدد لاحقاً»، حسب ما جاء في بيان أصدرته البلدية وقتذاك. مساء السبت الماضي، وقبل ظهر أول من أمس الأحد، وبعد تبليغ إنذارات شفهية لأصحاب البسطات تخطرهم بخطوة البلدية، وبيانات وُزعت في المنطقة، أزال عناصر شرطة البلدية بمؤازرة من عناصر قوى الأمن الداخلي البسطات الممتدة على طول الضفة الغربية لمجرى نهر أبو علي، وتحديداً على طول المنطقة الممتدة من قرب براد البيسار وصولاً إلى جوار قلعة طرابلس.المسافة التي يقدّر طولها بنحو كيلومتر، كانت «مزروعة» بعشرات البسطات، وخصوصاً التي يبيع أصحابها الخضار والفاكهة، عدا بسطات أخرى تبيع المكسّرات و«البالة» والسجاد، ما جعل الرصيف الغربي لمجرى النهر، كما الشرقي أيضاً، يتحوّل تدريجاً في السنوات الأخيرة إلى شبه «سوق شعبي» غلب عليه طابع الفوضى من كل الجوانب.أسباب قيام البلدية بهذه الخطوة الجزئية، أنه في الأشهر الأخيرة وصلت أشغال مشروع برنامج الإرث الثقافي الذي يُنفذ في المدينة القديمة من طرابلس إلى محيط النهر، فبدأ عمال شركة «جيفكو» المتعهدة عملهم هناك بعد سقف جزء من مجرى النهر، بتوسيع الأرصفة وتبليطها ووضع أعمدة إنارة جديدة فوقها، والشروع في أعمال الحفر لإنجاز حديقة عامة في محيط جامع البرطاسي الأثري الشهير، ينتظر أن تبصر النور مطلع العام المقبل، إلا أن استمرار وجود البسطات في المكان أعاق العمل، كذلك سبّبت البسطات أيضاً حصول مشاكل كثيرة بين المواطنين نتيجة ازدحام كبير لحركة السير في المنطقة، ما جعل كثيرين يعزفون عن المرور في المنطقة أو زيارتها، الأمر الذي أدى إلى تراجع الحركة التجارية في محالها وأسواقها.سبّبت البسطات مشاكل بين الناس نتيجة ازدحام حركة السيرإزالة البسطات في تلك المنطقة جرت بهدوء، وهو أمر عكسه كلام رئيس بلدية طرابلس نادر غزال، الذي بدا مرتاحاً للخطوة، فأوضح لـ«الأخبار» أن «قرار إزالة جميع البسطات من المدينة وتنظيم عملها متخذ سابقاً، وما قمنا به بروفة مصغرة تمهد لإزالة جميع البسطات».غزال أشار إلى أن «أصحاب البسطات أُبلغوا مسبقاً بالأمر، وأن بعضهم عمل على إزالتها طوعاً قبل المباشرة بالتنفيذ»، لافتاً إلى أن «عملية إزالة البسطات جرت بالتعاون بين الشرطة البلدية وقوى الأمن الداخلي»، ونافياً حصول «إشكالات أثناء تنفيذ العملية». غير أن غزال عمل على عدم دعوة الإعلاميين لتغطية العملية، مثلما كان يحصل في السابق، لإبعادهم عن تصوير ومشاهدة مشاكل قد تحصل مع أصحاب البسطات أثناء التنفيذ، وهي أمور وقعت سابقاً، ما دفع غزال إلى التحوّط من انعكاسات العملية عليه، وهو في مستهل عهده إذا فشلت أو أصيبت بانتكاسة، في إجراء فضّل غزال عدم نفيه أو تأكيده، إلا أن إمرار العملية بنجاح وبلا أي مشاكل، دفعه كي يكشف لـ«الأخبار» أن «خطة إزالة البسطات سوف تستكمل وتكون أوسع بعد عيد الأضحى».عدد الثلاثاء ١٩ تشرين الأول ٢٠١٠
70% يؤيّدون الإضراب و60% يريدونه عامّاً ومفتوحاًباريس: دخلت فرنسا في حالة تأهب سياسي، عشية الجولة السادسة من التظاهرات، ضد رفع سن التقاعد حتى الثانية والستين. وتخوض الحكومة الفرنسية، والنقابات سباقاً زمنياً، مع مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي يقر اليوم قانون التقاعد بأكمله، تاركاً النقابات أمام خيارات صعبة.واتسعت جبهة الاحتجاج صباح أمس، ليتحقق ما كانت تخشاه الحكومة، والنقابات من فقدان السيطرة على إيقاع الإضراب وسلميته. ووسط الغازات المسيلة للدموع، ومدافع المقذوفات المطاطية، انضم شبان الضواحي الفرنسية الفقيرة، في نانتير، قرب باريس، وليون، إلى تجمعات الثانويين الذين يساندون النقابات العمالية في تظاهراتها. وكانت مئات الثانويات قد أغلقت ابوابها صباح أمس، فيما دعت الاتحادات الطالبية، إلى رفد النقابات العمالية اليوم بأوسع مشاركة ممكنة.واندلعت مواجهات عنيفة بين الطلاب في ضاحية نانتير، وكومب لافيل الباريسية، وفي مدينة ليون. وعادت إلى الظهور صور الاشتباكات العنيفة التي شهدتها الضواحي الفرنسية، خريف عام 2005، بين شبان الضواحي وشرطة مكافحة الشغب، طيلة شهر كامل، مخلفة وراءها آلاف السيارات المحترقة، وركام مقرات الشرطة المدمرة، وواجهات المخازن المحطمة. وشن شبان من الضواحي القريبة لباريس، هجمات على طوابير مكافحة الشغب، وأحرقوا بعض السيارات، وبادلوا رجال الشرطة قذائفهم المطاطية وغازهم المسيل للدموع، والحجارة، وقذائف المولوتوف. واضطرت طوابير الشرطة في نانتير إلى الانسحاب من الشوارع، تجنباً للصدام مع شبان الضواحي، الذين بدأوا بالتوافد إلى «الجبهة» على مداخل الثانويات المغلقة، تحدياً للشرطة المنسحبة، وتحدث وزير الداخلية بريس هورتفو عن اعتقال ما يقارب الـ700 متظاهر في الأيام الأخيرة.ويسجل للنقابات الفرنسية إنجازها في الإبقاء على الإضراب شعبياً في فرنسا، لدى سبعين في المئة من الفرنسيين، الذين يحثون النقابات العمالية الثماني، بحسب الاستطلاعات على الاستمرار في النزول إلى الشارع، لكنها أخفقت في المقابل في تحصيل اي تنازل من الرئيس نيكولا ساركوزي، طيلة الAffinityCMSت المليونية الحاشدة في عشرات المدن الفرنسية.وأياً تكن الملايين التي ستسير في الشوارع الفرنسية خلف قادة النقابات، لا بد من أن يقف هؤلاء، مساء الجولة السادسة من التظاهرات هذا الشهر، عند سؤال الخروج من إضراب اصطدم بحائط رفض الرئيس الفرنسي أي تنازلات. إذ يتمسك ساركوزي، منذ بداية الإضراب مطلع الصيف الماضي، اجتماع قادة النقابات غداً، لتحديد استراتيجية ما بعد التصويت على القانون، ومواجهة الأمر الواقع.وتتساءل النقابات عما إذا كانت ستلجأ إلى إعلان اضراب عام ومفتوح، تدعوها اليه أجنحتها الراديكالية، وستون في المئة من الفرنسيين في الاستطلاعات، أم أنها ستواصل تقنين الاحتجاج، والاكتفاء بجرعات محسوبة تشل قطاعات النقل والطاقة والنفط. واستبق الاتحاد العام للشغل اليساري، الاجتماع بتمديد الإضرابات، في المطارات الباريسية يوما، حتى غد الإربعاء.ولم تتوقف الاجتماعات الوزارية في الأليزيه ، حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، مع اقتراب ساعة الحقيقة والتصويت النهائي على القانون في مجلس الشيوخ، لمواجهة احتمال أن تلجأ النقابات إلى تعطيل المزيد من القطاعات الاقتصادية، ومحاصرة الحكومة في الشارع، عبر المزيد من الإضرابات. وأنشأت اجتماعات الأليزيه، خلية أزمة وزارية لمعالجة نتائج الإضراب، لا سيما مع إطلالة أزمة محروقات بأنفها في المشهد العام.وبدأت بالظهور طوابير السيارات الطويلة أمام بعض محطات المحروقات، التي أغلق الف منها حتى الآن، يقع معظمها داخل وحول العاصمة الفرنسية. وتمثل 25 في المئة من سوق بيع المحروقات في فرنسا تقريباً.ونصحت وزارة النقل السائقين، بضبط النفس، وتفادي الازدحام أمام محطات المحروقات، واستشارة الشبكة الألكترونية، التي تنشر خلية الأزمة عليها، لائحة المحطات قيد الخدمة. وأعلنت نقابة اصحاب محطات المحروقات، أن مخزونها لن يستطيع الصمود أكثر من ايام قليلة.وفي مجرى الإضرابات أحكمت النقابات قبضتها على قطاعات الطاقة والنقل والمرافئ، حيث لا تزال النقابات تتمتع بنسبة عالية من المنتسبين، بينما لا تزيد نسبة تمثيلها الفعلي للقوة العاملة الفرنسية عن 8 في المئة.وفي طريقها إلى الجولة الحاسمة اليوم، أجرت النقابات الفرنسية في اليومين الماضيين، عرض عضلات حقيقياً، لقدرتها على رفع التوتر في فرنسا. وباتت المصافي النفطية الفرنسية الإثنتا عشرة معطلة بالكامل، بعدما أغلقت لجان الإضراب المداخل الموصلة إليها. ولشد الخناق على قطاع المحروقات، حرمت مستودعات التخزين، استقبال عشرات ناقلات النفط التي تنتظر عبثاً في عرض البحر، الإذن من المرافئ الفرنسية، المضربة منذ ثلاثة اسابيع، لإفراغ شحناتها.وفي مواجهة نقابات تشعر بخسارة المعركة، لجأت الحكومة تدريجياً إلى إجراءات استثنائية لتوفير المحروقات. إذ أمر محافظو الإقاليم بعض المضربين، بالعودة إلى تشغيل المصافي المغلقة، استناداً إلى قانون يتيح نقض حق الإضراب عندما يعرض ذلك أمن البلاد الاقتصادي للخطر. واستدعت الشرطة قلة من المضربين في مصفاة «فوس سور مير»، قرب مرسيليا، وأجبرتهم على تشغيل المصفاة. وتواصل النقابات والشرطة لعبة القط والفأر حول مستودعات تخزين الوقود. إذ ما أن تهاجم الشرطة مستودعاً لتحريره من المضربين، ينتقل هؤلاء إلى إغلاق مستودعات أخرى.وتوقف عن العمل خط الأنابيب الاستراتيجي الذي يزود مطارات باريس، بكيروزين الطيران. وطمأن وزير النقل المسافرين، إلى حيازة مستودعات المطارات الفرنسية، ما يكفيها لمواصلة العمل في الأيام المقبلة، لكنه دعا الشركات إلى تزويد طائراتها بكميات من المحروقات قبل وصولها إلى باريس، تغنيها عن التزود بها في المطارات الفرنسية. وأعلنت شركات الطيران إلغاء خمسين في المئة من رحلاتها، خلال إضراب اليوم.واستعانت النقابات بسائقي الشاحنات، الذين انضموا إلى الإضرابات. وقامت قوافل من الشاحنات الضخمة بإبطاء حركة السير على الطرق السريعة، حول ليل وباريس وليون، وأعلنوا نيتهم، إغلاقها في الساعات المقبلة، إذا لم تعد الحكومة إلى طاولة المفاوضات. محمد بلوط
استعادت لجنة المال والموازنة النيابية أمس بعضاً من الدور الرقابي المفقود، إذ تحولت جلسة الاستماع إلى وزيرة المال ريا الحسن ورئيس ديوان المحاسبة القاضي عوني رمضان في شأن حسابات الدولة المالية إلى جلسة «اعتراف»؛ فالجميع، بمن فيهم الحسن، اعترفوا بأن هذه الحسابات، منذ عام 1993، غير صحيحة وغير مدققة وليست قانونيةرشا أبو زكيفاجأت وزيرة المال ريا الحسن ونواب تيار المستقبل الجميع أمس بالإقرار بأن «الحسابات المالية للدولة منذ عام 1993 حتى اليوم ليست دقيقة، وأن هناك أخطاءً وثُغَراً وتجاوزات خطيرة في أداء وزارة المال تستدعي التحقيق!». بل إن النواب المحسوبين على الفريق السياسي المسيطر على الوزارة ذهبوا إلى اقتراح تكليف شركة عالمية للتدقيق بالحسابات! إلا أن أعضاء اللجنة فضّلوا عدم اتخاذ أي قرار قبل استكمال النقاش في الجلسة المقبلة، وطلبوا من وزيرة المال تقريراً مفصّلاً عن الوضع في وزارة المال، وطلبوا من ديوان المحاسبة تقريراً عن الحسابات التي تسلمها، ونسخة من الرسائل المتبادلة في هذا الشأن بينه وبين وزارة المال لتحديد المسؤوليات بدقّة.جاء ذلك في جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة المال والموازنة النيابية أمس، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، وحضور لافت لأكثر من 30 نائباً يمثّلون كل الكتل النيابية. وانتهت هذه الجلسة إلى إعلان نيّة النوّاب استكمال هذا الملف حتى النهاية، وتقرر أن تُستكمل الجلسة يوم الثلاثاء المقبل،خلصت الجلسة إلى أن الانتهاكات موثَّقة والأرقام المعلنة تقابلها حسابات مُخفاةوجلسة أمس السرية، هي الأولى من نوعها منذ اتفاق الطائف، وكانت مخصّصة للاستماع إلى وزيرة المال وديوان المحاسبة، إثر شيوع أنباء عن وجود تلاعب في الحسابات لدى وزارة المال، وهو ما دفع بمجلس ديوان المحاسبة إلى عقد جلسة طارئة له منذ أسبوعين، وأصدر بياناً أعلن فيه أنه لم يتسلم حسابات المهمّة منذ عام 2001، وأنه تسلم قطع حسابات 2005 و2006 و2007 من دون تدقيق بسبب عدم وجود حسابات المهمّة، لافتاً إلى أن قطع حساب 2005 ورد إليه مرتين؛ إذ جاءت النسخة الثانية مغايرة للأولى، موحياً بعدم الجدّية في التعاطي مع أكثر الملفات حساسية، وهو ملف المال العام.وقد وصف النوّاب جلسة أمس بأنها كانت صاخبة بالملفات، وكل ملف كان يفضح ارتكابات مرعبة لوزراء المال المتعاقبين، إلا أنها فُضحت في ظل ولاية الحسن، وخلصت الجلسة إلى نتيجة واحدة: الانتهاكات موجودة وموثقة، والأرقام المعلنة تقابلها حسابات مُخفاة، والتلاعب بمالية البلد أكيد، والمطلوب أن تعلن وزارة المال تفاصيل الإنفاق خلال الأعوام الماضية في جلسة الثلاثاء المقبل.وبحسب أعضاء في اللجنة، فقد تبيّن أن مخالفات وزارة المال انقسمت إلى حقبتين تاريخيتين:1ـــــ الحقبة الأولى: من عام 1993 حتى عام 2000، إذ أشار ديوان المحاسبة خلال الجلسة إلى أن جميع حسابات المهمة التي أرسلتها وزارة المال إلى الديوان حملت مخالفات استدعت من الديوان التحفظ عليها وعدم دمغها بالموافقة، وعلى الرغم من ذلك لم تعمل وزارة المال خلال هذه الحقبة على تصحيح الخلل الذي يظهر في معظم الأحيان فروقات كبيرة بين الأرقام الواردة في قطع الحسابات والأرقام الواردة في حسابات المهمة.2ـــــ الحقبة الثانية: امتدت بين أعوام 2001 حتى اليوم: حيث لم ترسل وزارة المال أصلاً حسابات المهمة إلى ديوان المحاسبة، ما أدى إلى منع الديوان من إجراء أية تدقيق فعلي على الحسابات المالية للدولة خلال 9 سنوات كاملة.وخلال هاتين الحقبتين، كان مجلس النواب يقر قطع الحسابات من دون أن يُعرض عليه التقرير النهائي الذي يجب أن يصدره ديوان المحاسبة، وكان آخرها في عام 2005، إذ أقر مجلس النواب قطع حساب عام 2003 من دون أن يصدر ديوان المحاسبة بيانه النهائي في الحسابات المالية لهذا العام.وعلّق نواب كتلة التنمية والتحرير، خلال الجلسة، على ضرورة إيجاد حل للأزمة. وأشار النائب علي حسن خليل بعد الجلسة إلى أن الكتلة أشارت إلى وجود أزمة حقيقية في ما يتعلق بالتناقض الحاصل في الأرقام الواردة في قطع حساب عام 2005 الذي أرسل منه نسختين متناقضتين من مدير المحاسبة العامّة السابق في وزارة المال أمين صالح الذي استقال من منصبه، وآخر من المديرة رجاء الشريف التي أعفتها الحسن أخيراً... ورأى الخليل أن موضوعاً كهذا يشير إلى وجود «إرباكات» ضخمة في وزارة المال، فيما غياب حساب المهمة منذ عام 2001 هو ثغرة كبيرة، ورد على سؤال لـ«الأخبار» عن وجود تلاعب في أرقام المالية العامة للدولة، فقال: «إذا لم نقل بوجود تلاعب، فعلى الأقل ثمة سوء إدارة في الوزارة»، لافتاً إلى أن «إقالة الشريف من منصبها هو دليل واضح على وجود ارتباك في الوزارة، وخصوصاً أن الحسن أشارت خلال الجلسة إلى أن الفروقات الحاصلة في قطعي الحساب لموازنة عام 2005 تعود إلى أن ما أرسلته الشريف هو الأرقام المدقق فيها، في حين أن ما أرسله صالح لم تُدقّق فيه الوزارة»!وطرح نواب كتلة الوفاء للمقاومة موضوع علاقة الوزارة بديوان المحاسبة، مطالبين بإصدار تقريرين منفصلين عن الإنفاق خلال الأعوام الماضية من وزارة المال من جهة، وديوان المحاسبة من جهة أخرى. وقال النائب علي فياض إن الجلسة هي بداية لتصويب الخلل بين وزارة المال وديوان المحاسبة. وأشار لـ«الأخبار» إلى أن حزب الله سيكمل في هذا الملف حتى نهايته، وخصوصاً أن الخلل في عمل وزارة المال خطر متفشٍّ، والجداول التي قدمتها الوزارة على أنها قطع لحسابات الإنفاق خلال الأعوام ما بين 2006 و2009 ناقصة وغير كافية ولا توفر أية معطيات أو معلومات عن كيفية الإنفاق خلال هذه الفترة ووفق أي قاعدة قانونية أو محاسبية.ديوان المحاسبة أبدى تحفظه على حسابات المهمة من عام 1993 حتى عام 2000أما تيار المستقبل، فقد بدأ مناقشاته في الجلسة عبر استعراض المشكلة الواقعة، وربطها بالحرب الأهلية وتداعياتها على عمل وزارة المال. وأشار النائب جمال الجراح لـ«الأخبار» إلى أن الأزمة تعود إلى وجود مشكلة تقنية منذ عام 1993؛ إذ لم تحل هذه المشكلة بصورة جذرية، ما أدى إلى استمرارها، ولفت إلى أن كتلة المستقبل في اللجنة ستعمل في هذا الملف تحت شعار «لا تسويات على حساب المال العام»، لافتاً إلى أن الكتلة طالبت خلال الجلسة بإنهاء الإشكالات التقنية في الوزارة التي انطلقت مع عدم وجود حسابات ابتدائية منذ انتهاء الحرب الأهلية، وقال إن «الكتلة ستستمر في هذا الملف حتى النهاية، حتى لو ظهر أنّ ثمة هدراً للمال العام من قبل الوزارة»، وتابع: «لا نستطيع تحميل وزيرة المال ريا الحسن مسؤولية كل ما حدث خلال الفترة الماضية، وخصوصاً أنها قامت بعملها كما يجب... فالموضوع ليس سوءاً في الإدارة».هكذا، انتهت الجلسة بتوافق على وجود أزمة، مع اختلاف التبريرات. وطالبت الحسن اللجنة بإمهالها حتى جلسة الثلاثاء المقبل للإجابة عن الأسئلة الكثيرة على طرحت عليها من النواب، أما التسويات فلا مكان لها وفق رئيس اللجنة إبراهيم كنعان، الذي أشار بعد الجلسة إلى أنه «لا تسوية ولا لفلفة، في جلسات الرقابة البرلمانية»، مشيراً إلى وجود أسئلة كثيرة ومفصلة طرحت في الجلسة، وباتت وزيرة المال على علم بها. كذلك طلبت اللجنة من ديوان المحاسبة وثائق تتعلق بمراسلاته مع الوزارة منذ عام 2008 التي تتناول موضوع حساب المهمة...فالهدف النهائي، وفق كنعان، هو تحديد المسؤوليات، وفي الوقت نفسه الخروج «من هذا النفق ومن عنق الزجاجة، ويهمنا أن يفهم الرأي العام اللبناني أن لجنة المال والموازنة تمارس مهماتها الرقابية المطلوبة، ولم تمارسها بخلفية سياسية، والمطلوب سحب هذا الموضوع من التجاذب السياسي قدر الإمكان للوصول إلى نتائج تسمح لنا بتصحيح المسار».وعن قضية تنحية الموظفة رجاء الشريف، قال كنعان إنه جرى التطرق لهذا الموضوع من باب اتصاله بالموضوع الأساسي، وهو قطع حساب المهمة، «وهناك شيء اسمه سلطة الوزير في وزارته، ولا أحد هنا ينتقص من دور الوزير وحدود صلاحياته، لكن الموضوع يتصل بقطع الحساب ومهمة الموظفة التي سألت عنها، وهي معنية مباشرة بموضوع قطع الحساب».وأكد كنعان أن جميع النواب أعضاء اللجنة مصممون على معالجة هذا الأمر، وقال إن هناك إجماعاً على المقررات التي أفضت إليها جلسة أمس، لجهة طلب تقريرين تفصيليين من ديوان المحاسبة ومن وزارة المال، ولجهة الإقرار بوجود مشكلة في ما يتعلق بالحسابات المالية للدولة.استدعاء وزراء المال السابقينلأن المخالفات المكتشفة في وزارة المال كثيرة، ولأن تقاذف المسؤوليات كان هو السائد خلال جلسة لجنة المال والموازنة أمس، تقدم نائبا كتلة التغيير والإصلاح في اللجنة سيمون أبي رميا وحكمت ديب باقتراح خطي ينص على استدعاء جميع وزراء المال الذين تعاقبوا على الوزارة منذ عام 1993 حتى اليوم، وهم: فؤاد السنيورة، جورج قرم، إلياس سابا، دميانوس قطّار، محمد شطح، وجهاد أزعور، ليقدموا تعليلاتهم للسبب الذي منعهم خلال فترة وجودهم في الوزارة من التزام النصوص القانونية الواضحة المتعلقة بالموازنة وقطع الحساب وحساب المهمة، على أن يُبَتّ هذا الاقتراح في جلسة الثلاثاء المقبل. وأشار أبي رميا لـ«الأخبار» إلى أن الجلسة كانت مخصصة لبحث سبب عدم إرسال الوزارة حساب المهمة إلى ديوان المحاسبة منذ عام 2001، إضافة إلى الارتباك الحاصل في قطع حساب عام 2005 «واكتشفنا أن حالة الفلتان، باعتراف من وزيرة المال، متراكمة من عام 1993، فكان لا بد من طلب استدعاء الوزراء من موقعنا كنواب مؤتمنين على المال العام».عدد الثلاثاء ١٩ تشرين الأول ٢٠١٠ |
خالد صاغيةيحمل الشاب أمّه على ظهره، ويمضي بها في الرحلة الأخيرة إلى الجبل. تلك الرحلة المفروضة على كلّ مَن يبلغ السبعين. فالبلاد لا تتّسع للجميع. وعلى العجزة أن يخلوا المكان. ينتهي درب الجلجلة في ساحة تملأها العظام البشريّة، وتحلّق فوقها الغربان الجائعة، وهي تنعق بانتظار كتلة جديدة من اللحم. يجهش الشاب بالبكاء. أمّا الأمّ، فتفرش حصيرتها بصمت، وتومئ إلى ابنها كي ينصرف إلى القرية، قبل أن تضمّ يديها لتبدأ بالصلاة لإله الجبل.وحدها السينما تستطيع تكثيف قسوة الحياة في مشهد واحد. وهذا بالضبط ما فعله المخرج الياباني شوهيه إيمامورا في فيلمه «أنشودة ناراياما» الذي عُرض للمرّة الأولى في 1983، بعد عام على الاجتياح الإسرائيلي لبيروت. الأمّ نفسها، التي تصعد إلى حتفها قانعةً، اطمأنّت إلى عائلتها بعدما خطّطت لمجزرة أجهزت على العائلة الأفقر في القرية.كأنّ «أنشودة ناراياما» تتردّد هنا. كلّ ربع قرن، يقود جيل جديد الرحلة الأخيرة إلى قمّة الجبل. منّا من يصعد إليها بصمت كتلك الأمّ المؤمنة، ومنّا من يصرخ رافضاً الرضوخ للعنة القدر. لكنّ الجميع ينتهي طعاماً للغربان التي تنتظرنا واحداً تلو الآخر.لأيّ إله سنصلّي وسط ذاك الركام من الجثث؟ لإله المقاومة؟ لإله المحكمة الدوليّة؟ لإله الطوائف التي ينهش بعضها بعضاً في مواسم الجفاف؟ وماذا لو صعدنا جماعات لا فرادى، كما يحدث عادةً في الحروب الأهليّة؟ هل ستتّسع الجبال لبقايانا؟كأنّ «أنشودة ناراياما» تتردّد هنا. على هذه البقعة، لا صوت إلا للغربان. ولا شيء يزيل رائحة الموت التي تملأ الذاكرة. لكنّه موت غاوٍ، لا نكاد نرجمه حتّى نندفع إليه كالذاهبين إلى رحلة حقاً، إلى نزهة في البراري. نحمل الزوّادة بيد، ونرفع هويّتنا كخطيئة أصليّة باليد الأخرى.أرشدْنا أيّها الغراب. إلى أيّ جبل سنصعد هذه المرّة؟ جبل 1975؟ جبل ما بين النهرين؟أرشدْنا أيّها الغراب. ها قد هيّأنا كلّ شيء. بانتظار صفارة النعيق. وكأيّ عجوز في تلك القرية اليابانيّة من القرن التاسع عشر، سنصعد إلى الجبل بلا تردّد. رجاؤنا الوحيد هو أن ندرك القمّة في ليلة يتساقط فيها الثلج، فتكون نهايتنا أقلّ شقاءً.عدد الثلاثاء ١٩ تشرين الأول ٢٠١٠ |