خالد صاغيةماذا يفعل السياسيّ حين يخسر مشروعه؟في الأحوال الطبيعيّة، يتنحّى. يترك السلطة للمشروع المقابل، وينتقل إلى صفوف المعارضة.ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي راهن على قلب الطاولة في لبنان، فوجد نفسه عاجزاً عن الحكم إلا من خلال حكومة يملك فيها خصومه ثلثاً معطّلاً؟ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي راهن على مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي سيقلب الطاولة في سوريا، فلم يتورّع عن اتّهامها علناً بكلّ الاغتيالات منذ 2005، فضلاً عن تحميلها منفردة مسؤوليّة كلّ موبقات هذا البلد من قمع وطائفيّة وفساد ودين عام... ثمّ عاد واعتذر بحجّة أنّه أخطأ؟ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي ترقّب نتائج حرب تمّوز، فخذلته. وظلّ مصرّاً على الخصومة مع الحزب الذي خرج من الحرب مثخناً بالجراح، لكن منتصراً.ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ الذي راهن على ابتعاد سوريا عن إيران وحزب اللّه، فخذلته.ماذا يفعل السياسي اللبناني الذي تعامل مع الحكم كعقار يُتوارَث، لكنّه لم يفلح في ترؤّس اجتماع، ولا في إدارة نقاش، ولا في معالجة ملفّ؟ماذا يفعل السياسيّ اللبنانيّ حين يشعر بأنّه بات كالطابة تتقاذفها كلّ دولة من ميل. ما إن يتّجه يميناً، حتّى يجد من يردّه إلى الوسط. وما إن يتّجه يساراً، حتّى يعيدوه إلى اليمين. وما إن يقف مكانه، حتّى يأتي من وراء البحار مَن يهزّه؟الجواب الطبيعي: في الأحوال الطبيعيّة، يتنحّى. أمّا رئيس الحكومة اللبنانيّة سعد الحريري، فلا يستطيع أن يتنحّى. فقد خسر مشروعه، لكنّه لم يخسر زعامته. قد تكون التركيبة اللبنانية ونظامها الطائفي هما السبب، وقد يكون أكثر من ذلك. لكنّ هذا المزيج بين الخسارة والربح هو ما يبقي الحريري واقفاً على رجليه. لكنّه واقف من دون أن يدري ماذا بعد الوقوف، ومن دون أن يعرف خصومه ما إذا كان عليهم أن يزيحوه أو يتحدّثوا معه. وفي الانتظار، لا حديث إلا عن المحكمة وقرارها الظنّي. وإنّ بعض الظنّ إثم.عدد الاربعاء ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٠