الشـارع الفرنسي أمام حائط مجلس الشيوخ اليـوم فقراء الضواحي ينتشرون ... وساركوزي لن يتراجع

70% يؤيّدون الإضراب و60% يريدونه عامّاً ومفتوحاًباريس: دخلت فرنسا في حالة تأهب سياسي، عشية الجولة السادسة من التظاهرات، ضد رفع سن التقاعد حتى الثانية والستين. وتخوض الحكومة الفرنسية، والنقابات سباقاً زمنياً، مع مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي يقر اليوم قانون التقاعد بأكمله، تاركاً النقابات أمام خيارات صعبة.واتسعت جبهة الاحتجاج صباح أمس، ليتحقق ما كانت تخشاه الحكومة، والنقابات من فقدان السيطرة على إيقاع الإضراب وسلميته. ووسط الغازات المسيلة للدموع، ومدافع المقذوفات المطاطية، انضم شبان الضواحي الفرنسية الفقيرة، في نانتير، قرب باريس، وليون، إلى تجمعات الثانويين الذين يساندون النقابات العمالية في تظاهراتها. وكانت مئات الثانويات قد أغلقت ابوابها صباح أمس، فيما دعت الاتحادات الطالبية، إلى رفد النقابات العمالية اليوم بأوسع مشاركة ممكنة.واندلعت مواجهات عنيفة بين الطلاب في ضاحية نانتير، وكومب لافيل الباريسية، وفي مدينة ليون. وعادت إلى الظهور صور الاشتباكات العنيفة التي شهدتها الضواحي الفرنسية، خريف عام 2005، بين شبان الضواحي وشرطة مكافحة الشغب، طيلة شهر كامل، مخلفة وراءها آلاف السيارات المحترقة، وركام مقرات الشرطة المدمرة، وواجهات المخازن المحطمة. وشن شبان من الضواحي القريبة لباريس، هجمات على طوابير مكافحة الشغب، وأحرقوا بعض السيارات، وبادلوا رجال الشرطة قذائفهم المطاطية وغازهم المسيل للدموع، والحجارة، وقذائف المولوتوف. واضطرت طوابير الشرطة في نانتير إلى الانسحاب من الشوارع، تجنباً للصدام مع شبان الضواحي، الذين بدأوا بالتوافد إلى «الجبهة» على مداخل الثانويات المغلقة، تحدياً للشرطة المنسحبة، وتحدث وزير الداخلية بريس هورتفو عن اعتقال ما يقارب الـ700 متظاهر في الأيام الأخيرة.ويسجل للنقابات الفرنسية إنجازها في الإبقاء على الإضراب شعبياً في فرنسا، لدى سبعين في المئة من الفرنسيين، الذين يحثون النقابات العمالية الثماني، بحسب الاستطلاعات على الاستمرار في النزول إلى الشارع، لكنها أخفقت في المقابل في تحصيل اي تنازل من الرئيس نيكولا ساركوزي، طيلة الAffinityCMSت المليونية الحاشدة في عشرات المدن الفرنسية.وأياً تكن الملايين التي ستسير في الشوارع الفرنسية خلف قادة النقابات، لا بد من أن يقف هؤلاء، مساء الجولة السادسة من التظاهرات هذا الشهر، عند سؤال الخروج من إضراب اصطدم بحائط رفض الرئيس الفرنسي أي تنازلات. إذ يتمسك ساركوزي، منذ بداية الإضراب مطلع الصيف الماضي، اجتماع قادة النقابات غداً، لتحديد استراتيجية ما بعد التصويت على القانون، ومواجهة الأمر الواقع.وتتساءل النقابات عما إذا كانت ستلجأ إلى إعلان اضراب عام ومفتوح، تدعوها اليه أجنحتها الراديكالية، وستون في المئة من الفرنسيين في الاستطلاعات، أم أنها ستواصل تقنين الاحتجاج، والاكتفاء بجرعات محسوبة تشل قطاعات النقل والطاقة والنفط. واستبق الاتحاد العام للشغل اليساري، الاجتماع بتمديد الإضرابات، في المطارات الباريسية يوما، حتى غد الإربعاء.ولم تتوقف الاجتماعات الوزارية في الأليزيه ، حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، مع اقتراب ساعة الحقيقة والتصويت النهائي على القانون في مجلس الشيوخ، لمواجهة احتمال أن تلجأ النقابات إلى تعطيل المزيد من القطاعات الاقتصادية، ومحاصرة الحكومة في الشارع، عبر المزيد من الإضرابات. وأنشأت اجتماعات الأليزيه، خلية أزمة وزارية لمعالجة نتائج الإضراب، لا سيما مع إطلالة أزمة محروقات بأنفها في المشهد العام.وبدأت بالظهور طوابير السيارات الطويلة أمام بعض محطات المحروقات، التي أغلق الف منها حتى الآن، يقع معظمها داخل وحول العاصمة الفرنسية. وتمثل 25 في المئة من سوق بيع المحروقات في فرنسا تقريباً.ونصحت وزارة النقل السائقين، بضبط النفس، وتفادي الازدحام أمام محطات المحروقات، واستشارة الشبكة الألكترونية، التي تنشر خلية الأزمة عليها، لائحة المحطات قيد الخدمة. وأعلنت نقابة اصحاب محطات المحروقات، أن مخزونها لن يستطيع الصمود أكثر من ايام قليلة.وفي مجرى الإضرابات أحكمت النقابات قبضتها على قطاعات الطاقة والنقل والمرافئ، حيث لا تزال النقابات تتمتع بنسبة عالية من المنتسبين، بينما لا تزيد نسبة تمثيلها الفعلي للقوة العاملة الفرنسية عن 8 في المئة.وفي طريقها إلى الجولة الحاسمة اليوم، أجرت النقابات الفرنسية في اليومين الماضيين، عرض عضلات حقيقياً، لقدرتها على رفع التوتر في فرنسا. وباتت المصافي النفطية الفرنسية الإثنتا عشرة معطلة بالكامل، بعدما أغلقت لجان الإضراب المداخل الموصلة إليها. ولشد الخناق على قطاع المحروقات، حرمت مستودعات التخزين، استقبال عشرات ناقلات النفط التي تنتظر عبثاً في عرض البحر، الإذن من المرافئ الفرنسية، المضربة منذ ثلاثة اسابيع، لإفراغ شحناتها.وفي مواجهة نقابات تشعر بخسارة المعركة، لجأت الحكومة تدريجياً إلى إجراءات استثنائية لتوفير المحروقات. إذ أمر محافظو الإقاليم بعض المضربين، بالعودة إلى تشغيل المصافي المغلقة، استناداً إلى قانون يتيح نقض حق الإضراب عندما يعرض ذلك أمن البلاد الاقتصادي للخطر. واستدعت الشرطة قلة من المضربين في مصفاة «فوس سور مير»، قرب مرسيليا، وأجبرتهم على تشغيل المصفاة. وتواصل النقابات والشرطة لعبة القط والفأر حول مستودعات تخزين الوقود. إذ ما أن تهاجم الشرطة مستودعاً لتحريره من المضربين، ينتقل هؤلاء إلى إغلاق مستودعات أخرى.وتوقف عن العمل خط الأنابيب الاستراتيجي الذي يزود مطارات باريس، بكيروزين الطيران. وطمأن وزير النقل المسافرين، إلى حيازة مستودعات المطارات الفرنسية، ما يكفيها لمواصلة العمل في الأيام المقبلة، لكنه دعا الشركات إلى تزويد طائراتها بكميات من المحروقات قبل وصولها إلى باريس، تغنيها عن التزود بها في المطارات الفرنسية. وأعلنت شركات الطيران إلغاء خمسين في المئة من رحلاتها، خلال إضراب اليوم.واستعانت النقابات بسائقي الشاحنات، الذين انضموا إلى الإضرابات. وقامت قوافل من الشاحنات الضخمة بإبطاء حركة السير على الطرق السريعة، حول ليل وباريس وليون، وأعلنوا نيتهم، إغلاقها في الساعات المقبلة، إذا لم تعد الحكومة إلى طاولة المفاوضات. محمد بلوط

آخر تعديل على Thursday, 21 October 2010 17:33

الأكثر قراءة