«بروفة» تصويت في مجلس الوزراء تُسقِط عقد سوكلين

أدت مساعي التهدئة المحلية والإقليمية إلى تبريد صاعق ملف شهود الزور وتأجيله إلى جلسة مقبلة لمجلس الوزراء، فيما عكس لقاء الرئيس السوري ورئيس مجلس النواب اللبناني إصراراً من دمشق على التعجيل في بتّ ملفات من بينها شهود الزور، ولو بالتصويتكما كان متوقعاً بحث مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها أمس في قصر بعبدا ملف شهود الزور من باب رفع العتب، حيث كرر كل فريق مواقفه المعروفة، ثم انتهى النقاش سريعاً بالاتفاق على إرجاء بتّ الموضوع إلى الأسبوع المقبل.لكنّ التصويت الذي تجنّبه المجلس في الموضوع الخلافي الأساسي، أي شهود الزور، تجرّع كأسه في بند موضوع عقود سوكلين، وقد جاء هذا التصويت بمثابة «بروفة» لاتجاه وزراء رئيس الجمهورية والحزب التقدمي الاشتراكي، حيث أدى تصويت 3 من عند الأول واثنين من عند الثاني إلى سقوط قرار التمديد.وقصة سوكلين في مجلس الوزراء باتت كأنها مسلسل من حلقات عدة، حيث سبق في جلسة سابقة أن مُدّدت عقود الشركة لمدة 4 سنوات وأُلّفت لجنة وزارية للتفاوض مع سوكلين بشأن إمكان خفض الأسعار. وقد حصل خلاف على هذه الإشكالية، أي هل التمديد حصل أم هو في انتظار نتيجة مفاوضات اللجنة؟وفي جلسة لاحقة، أبلغ رئيس الحكومة سعد الحريري المجلس أن اللجنة توصلت إلى خفض السعر بنسبة 4 في المئة، حينها رفض الوزير فادي عبود، وسانده وزراء المعارضة السابقة، الموافقة على عرض الخفض، وبالتالي تمديد العقود قبل الاطلاع على نصوص العقود نفسها ومعرفة قيمتها ومقارنة الأسعار في لبنان مع الدول الأخرى.وكان على جدول أعمال جلسة أمس تقرير لمجلس الإنماء والإعمار يتضمن تفاصيل عن الأسعار ويقارنها مع دول أوروبية، مرفقة بعبارة «مع التحفظ على صدقية هذه المعلومات وصحتها». وقد أثار هذا التقرير ردود فعل كبيرة جداً في الجلسة، ولا سيما أنه لم يرفق بنصوص عقود سوكلين التي بقيت مبهمة، فكرر وزراء المعارضة السابقة مطالبتهم بالاطلاع على العقود التفصيلية، وطالبوا مجلس الإنماء والإعمار بإعداد جداول واضحة جداً وكاملة عن الأسعار التي تتقاضاها سوكلين عن كل طن نفايات، فرفض الحريري تزويد المجلس بهذه الوثائق.ودار نقاش طويل وعقيم بين الفريقين في المجلس، انتهى إلى عرض قرار التمديد للشركة على التصويت مجدداً، فسقط لأنه لم يحظ إلا بـ14 صوتاً مقابل 14 صوّتوا ضده، وهم 3 من وزراء رئيس الجمهورية الحاضرين: عدنان السيد حسين، منى عفيش، زياد بارود (غاب الياس المر وصوّت عدنان القصار مع)، اثنان من وزراء الحزب التقدمي: غازي العريضي ووائل أبو فاعور (صوّت أكرم شهيب مع)، وزراء المعارضة: شربل نحاس، فادي عبود، جبران باسيل، ابراهام دده يان، حسين الحاج حسن، محمد فنيش، علي عبد الله، محمد جواد خليفة وعلي الشامي، فيما صوّت يوسف سعادة (المردة) مع، وأوضح لـ«الأخبار» أنه لو كان التصويت سياسياً لكان صوّت مع المعارضة سابقاً وكان مستعداً لأن يطلب نقل صوته.كذلك دار نقاش كبير في بند يرمي إلى توقيع عقد استشاري رضائي مع شركة خطيب وعلمي للإشراف على تنفيذ مشروع مدّ كوابل الألياف البصرية الذي أطلقته وزارة الاتصالات أخيراً، إذ رفض وزراء 14 آذار الموافقة على هذا العقد، مطالبين بالحصول على استدراج عروض من شركات عدة، بحجة إمكان التوصل إلى أسعار أفضل، الأمر الذي رأى فيه آخرون ازدواجية في التعاطي وفي المعايير، لأن البند الذي نوقش قبل هذا البند وأقرّ، يتضمن عقداً رضائياً مع الشركة نفسها لتنفيذ دراسات للقاعدة البحرية على شاطئ مخيم نهر البارد، وهو عقد تبلغ كلفته 5,6% من كلفة الأشغال، فيما كلفة العقد الاستشاري تبلغ 4,37% فقط.وبعد نقاش طويل، حصلت الموافقة على تسوية اقترحها الوزير حسين الحاج حسن، وتقضي بأن يعمد وزير الاتصالات إلى الحصول على عروض أسعار من شركات أخرى في مهلة أسبوع.وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد استهل الجلسة بالحديث عن «مشروع القانون العنصري الإسرائيلي المتعلق بالمواطنة، وعن ظواهر العنصرية والإرهاب في مجتمعات أخرى كثيرة». وأكد أهمية زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان «من حيث المحادثات التي جرت خلالها والنتائج التي تترتّب عليها مستقبلاً»، وذكر أن زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان «أتت لتنقل رسالة دبلوماسية من الرئيس الأميركي داعمة للبنان». وأشار إلى مشاركته في القمة الفرنكوفونية التي ستعقد يوم الجمعة المقبل في سويسرا والى اللقاءات التي سيجريها خلالها مع عدد من الرؤساء، ومنهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، «وذلك لشرح الموقف اللبناني».كذلك أبلغ الحريري المجتمعين عزمه على السفر إلى قبرص اليوم. وقال أيضاً إن زيارة نجاد للبنان «كانت مهمة بما دار فيها من مباحثات ووُقّع من اتفاقات»، معلناً أنه سيلبّي الدعوة إلى زيارة طهران «في مرحلة قريبة».وإلى جدول الأعمال، أدلى عدد من الوزراء بمداخلات عن غلاء الأسعار وضرورة العمل على التخفيف عن المواطنين. ووافق المجلس على تخصيص مبلغ مليونين ونصف مليون دولار لشراء أجهزة الرادار اللازمة لمراقبة سرعة السيارات والحدّ من حوادث السير.وذكر وزير الإعلام طارق متري أن المجلس سيعقد جلسة عادية يوم الاثنين في السرايا الحكومية، «على أن ينعقد مجدداً في بعبدا خلال الأسبوع، في موعد يحدد لاحقاً، لمواصلة النقاش في موضوع شهود الزور»، وتحدث عن وجود «نية لبت الموضوع، ولكن إذا احتاج الأمر إلى مناقشة إضافية، فهذا ما سيحصل».بري في دمشقلكن الأخبار الآتية من دمشق تشير إلى إصرار على حسم ملف شهود الزور وغيره من الملفات التي كانت محور بحث على مدى ساعتين أمس، بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قال بعد اللقاء إن البحث تركّز على 3 محاور: اللبناني، الفلسطيني والعراقي، مردفاً «وبالرغم من دقة المواقف لكل من هذه المحاور وحراجة أزماتها ضمن إطار المخططات التي تطال المنطقة بكاملها، إلا أن التواصل العربي والإقليمي والتمحور حول الجسر السوري السعودي، يبقى خشبة الخلاص والصمود والثبات، ولا سيما لجهة الوضع اللبناني». وشدد على أنّ «على اللبنانيين أيضاً أن ينصروا أنفسهم بوحدتهم وتكاتفهم وتعاونهم على حل أي أمر، مهما كان حساساً وجسوراً بمؤازرة أشقائهم، لأن المؤازرة وحدها لا تكفي».وفيما تكتّمت مصادر بري على مضمون الزيارة، فإن زواره نقلوا عنه ارتياحه الكبير لما سمعه من الرئيس السوري عن المدى الذي وصلت إليه العلاقة السورية ـــــ السعودية، مؤكداً أن هذا المدى «مخالف لكل ما ورد في وسائل الإعلام بشأن المشاورات السورية ـــــ السعودية» التي وصفها بأنها تبشر بالخير.وعلم أن بري سمع في العاصمة السورية أنه لا يمكن الانتظار أكثر، وأن حصيلة ما جرى حتى الآن من مساع لا تشير إلى تراجع أو تبدل جوهري في موقف الطرف الآخر. وقد نصحت دمشق بالتعجيل في بتّ ملفات من بينها ملف شهود الزور، ولو بالتصويت. كذلك نصحت بالتعجيل بالخطوات القانونية التي يفترض أن يقوم بها المجلس النيابي.وقد وسّع بري اتصالاته في دمشق لتشمل شخصيات عراقية على صلة بالمرجعية الدينية في النجف، وهو سيتجه مطلع الأسبوع المقبل إلى العاصمة الفرنسية، في زيارة رسمية يلتقي خلالها ساركوزي.وبعد بري، علم أن النائب وليد جنبلاط سيزور العاصمة السورية يوم الأحد المقبل.في هذا الوقت، وسّع سفير السعودية علي عوض عسيري مروحة لقاءاته إلى الرابية، حيث التقى النائب العماد ميشال عون. وأفادت مصادر بأنه لم يطرح أي مبادرة، بل استمع إلى آراء عون في كل القضايا المطروحة. وشدد على أهمية التواصل مع عون وموقعه في الحياة السياسية اللبنانية. وفسّرت مصادر مطّلعة هذا الأمر بأنه من باب إظهار الحرص السعودي على التهدئة، من خلال التواصل مع جميع الأطراف، وخاصة بعدما بات عون وتياره ممسكين بواحد من أبرز الملفات أهمية في المرحلة الحالية، أي ملف الموازنة وقطع الحساب والمالية العامة.وفي المواقف من اللقاءات والتحركات الأخيرة، أعلنت كتلة الوفاء للمقاومة أنها «تابعت باهتمام الحراك الإيجابي محلياً وإقليمياً من أجل تعطيل فتيل التوتر الذي يتهدد لبنان فعلاً جرّاء استهداف المقاومة عبر اتهامات ظالمة ومفبركة»، وشددت على «ضرورة تحمل المسؤولية الوطنية في التصدي لهذا الاستهداف المرفوض والابتزاز الخطير». ورأت «أن المدخل الطبيعي لتلمّس الحقيقة وقطع دابر التحريض والتوتير بين اللبنانيين هو إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي لمحاكمتهم ومعرفة من صنعهم واستخدمهم وموّلهم وحماهم».وعن لقاء الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، قال النائب عمار حوري إنه «قارب الأمور المطروحة، وهو ليس الأول ولن يكون الأخير». ورأى أن لقاء رئيس الحكومة والسيد حسن نصر الله «يجب أن يعدّ له ويُعمل على إنضاج الظروف الخاصة به». لكنّ زميله في الكتلة، النائب جمال الجراح، رأى أن لقاء الحريري والخليل «هو لاستكشاف المواقف».وفي إشادة بزيارة بري لدمشق، قال النائب زياد القادري إن سبب هذه الزيارة «هو سعيه الدائم إلى تقريب وجهات النظر، وخصوصاً بعد القمة السورية ـــــ السعودية في الرياض».ورغم كل المساعي المحلية والإقليمية لتبريد التوتر الأخير، بقي الدخول الأميركي على الخط اللبناني لافتاً، وآخره أمس ما ذكره بيان للخارجية الأميركية من أن الوزيرة هيلاري كلينتون اتصلت بالرئيس ميشال سليمان وأكدت «عدم التسامح» مع ما وصفته بالمحاولات الهادفة إلى إضعاف المحكمة الدولية. ورأت أن تصاعد التوتر في لبنان «أمر مقلق»، مجدّدة الحديث عن «الدعم الثابت لإدارة أوباما لتطوير المؤسسات اللبنانية القوية والفاعلة».تقرير الـ1559وأمس، أصدر حزب الله بياناً علّق فيه على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن القرار 1559، و«الذي كتبه الموظف في الكيان الصهيوني تيري رود لارسن»، معتبراً أنه «تدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وتدخّل سياسي في شؤون المحكمة الدولية». بل اتهم بان ولارسن بالدخول «كطرف في الصراعات السياسية الداخلية، وهو ما لا يقع ضمن اختصاصهما على أي حال».ومع استمرار انتقاد قوى 14 آذار لزيارة نجاد للبنان، وانتقاد قوى 8 آذار لزيارة فيلتمان، زار أمس الرئيس أمين الجميّل السفير الإيراني غضنفر ركن آبادي، في مقر السفارة، ولفت في الخبر الموزّع القول إن «الرأي كان متفقاً على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية. كذلك جرى التداول في زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد للبنان وانعكاساتها الإيجابية على الساحة اللبنانية».عدد الخميس ٢١ تشرين الأول ٢٠١٠

آخر تعديل على Tuesday, 26 October 2010 06:35

الأكثر قراءة