نعتصم اليوم الساعة 5.30 امام شركة كهرباء لبنان - مار مخايل
تضامناً مع مياومي الكهرباء
1700 مياوم مهددون بلقمة عيشهم
هم من حمل مؤسسة كهرباء لبنان على أكتافهم لسنوات طويلة فتأتي الحكومات المتعاقبة لتعاقبهم ببدع وظيفية ومشاريع خصخصة ترميهم في الشارع.
يحرمونهم من حق التثبيت والوظيفة الدائمة بحجة نقص الأموال وإفلاس الدولة لكن الدولة نفسها تقوم بدفع 250 مليون دولار تعويضات لكسارات بضعة متنفذين. أليس عمال الكهرباء أولى بالمعروف؟
تناور الدولة وتأخذ منهم بضع مئات لتبرر طرد الآخرين أو تلزيمهم للشركات الخاصة، وهذا ما لايقبل فيه هؤلاء العمال. رفعوا صوتهم وتظاهروا وأضربوا فلم يجدوا من الدولة إلا الإنكار والتهديد والوعيد.
نحن هنا شباب وشابات لنتضامن معهم وندعو كل شباب لبنان للتضامن معهم.
نقول للدولة اللبنانية أفرضوا ضرائب تصاعدية على الدخل وعلى الأرباح، وافرضوا ضرائب على الربح العقاري، وضرائب على الفوائد، وحولوا هذه المداخيل لتثبيت العمال ورفع أجورهم.
لن يقبل المياومون بالظلم ولن نقبله معهم. نحن هنا معركة واحد صوت واحد لنرفع مطالب عمال لبنان وأولهم عمال الكهرباء عالياً دون مساومات.
اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
تشهد مؤسسة كهرباء لبنان تحركاً غريباً من نوعه، تحركاً يجمع كافة المناطق، في وحدة عمالية مطلبها واحد: «لا لصرفنا من العمل، نعم لتثبيتنا». 2500 مياوم أعلنوا أمس تصعيد تحركاتهم السلمية. المياومات أصواتهن ارتفعت مع الزملاء، تحلقن حول النار التي اشتعلت في حرم المؤسسة وخارجها. «نون» الكهرباء رفعت الصوت ضد الظلم. فهل من يسمع؟
رشا أبو زكي
سؤال وُجِّه إلى راﺋﺪ فضاء، عن أجمل مشهد رآه في كوكب الأرض، أجاب: «لبنان». سألوا باستغراب: ليش؟، ردّ رائد الفضاء: «ﻟﺒﻨﺎن من الفضا ﻣﺘﻞ ﺷﺠﺮة اﻟﻤﯿﻼد ٥ دﻗﺎﺋﻖ ﺑﯿﻀﻮي و ٥ دﻗﺎﺋﻖ ﺑﯿﻄﻔﻲ».
(عن صفحة فرح جمال الدين على الفايسبوك)
وزارة الطاقة والمياه في لبنان ظالمة. تظلم 4 ملايين لبناني منذ عشرات السنوات، بتقنين كهربائي امتصّ مليارات الدولارات من جيوب الناس، بلا أي جدوى. تظلم 2500 مياوم لم تعمل على تثبيتهم منذ عشرين عاماً، تحرمهم الضمان الاجتماعي، الراتب الشهري، الاستقرار الوظيفي، وتهددهم بالصرف بعد أشهر من الآن لمصلحة الشركات الخاصة. يلتفت وزير الطاقة والمياه جبران باسيل يمنة ويسرى. يحاول إيجاد من يسانده في «ثورته» على مياومي الكهرباء، من يسانده في صرفهم «على السكيت».
لا يجد أحداً، سوى بعض السياسيين الذين ربّتوا أكتاف من سبق باسيل إلى هذه الوزارة، مُثنين على جهودهم في قهر المياومين.
يوم أمس، كان الدخان الأسود يتصاعد من داخل مؤسسة كهرباء لبنان في كورنيش النهر. كلا، لا يوجد إحراق للدواليب. فهنا، يوجد بعض القمامة، قابلة للاحتراق أيضاً. باسيل، الذي رفض حتى الاجتماع بلجنة ألّفها المياومون أمس، لم يجد أي رادع لوصم المياومين بالمشاغبين والخارجين عن القانون. استفاض ليدعو العمال إلى شكره؛ فهو _ بحسب تعبيره _ أول من فكر بتسوية أوضاعهم. علماً بأن ما يطرحه هو إدخال 700 مياوم من أصل 2500 إلى الملاك، من خلال مباراة لمجلس الخدمة المدنية. مباراة تضع المياوم الذي مضى على خدمته مؤسسة الكهرباء 20 عاماً وترك الجامعة منذ عشرات السنوات، في مواجهة متخرجين جدد وأصحاب «الواسطات». استفاض وزير الطاقة والمياه كثيراً، ليعتبر أن انتفاضة المياومين لحقوقهم «تلحق ضرراً بمؤسسة الكهرباء»، لا بخططه وبواخره التي لم تعرف حتى اليوم أن تصل إلى مرفأ لبناني. واستفاض أكثر، ليدعو المياومين إلى أن «يشكروا من كذب عليهم ووعدهم بالتثبيت»؛ فهو «الصادق» الذي وعدهم بالصرف. استفاض ليعتبر أن تحرك المياومين «يهزّ الأمن» بعد أن صرح بأن خيمهم شبيهة بـ«خيم طرابلس»، وكأن الأمن الاجتماعي لهؤلاء لا مكان له في نظريات الإصلاح والتغيير التي يتغنى بها.
أمس، في باحة مؤسسة الكهرباء التي يلفها الدخان الأسود، كان المياومون الذين «يهزون الأمن» متكاتفين والمطلب واحداً: التثبيت. وكان قرار لجنة متابعة مطالب المياومين حاسماً: نحو التصعيد السلمي. كانوا أمس من شتى الأطياف السياسية والمذهبية والطائفية. كانت النساء أقرب إلى الدخان من الرجال. صوتهن يرتفع مع الأصوات الداعية إلى فك الظلم. باختصار، كان المشهد النسائي لافتاً. فاطمة رضا، عمرها 37 عاماً، عضو في مفوضية جبل لبنان في التيار الوطني الحر، «نريد التثبيت» ترفع صوتها بالمطلب الشهير. توجه رضا تحية إلى «رفيقها» في التيار جبران باسيل: «تأملنا بك خيراً، وبدلاً من أن تنصفنا، فإذا بك تتحول سكّيناً». رضا تعمل منذ 9 سنوات مياومة في مؤسسة الكهرباء: «نحن أبناء عائلات. نحن لدينا كرامات، ولدينا خبرات لسنوات في عملنا. إن ما يقوم به الوزير باسيل هو ظلم، ومطالبنا محقة». رضا تخرجت من الجامعة منذ نحو 15 عاماً، وتصر على إدخال جميع المياومين إلى الملاك كأجراء موقتين، «وبعدها، فلنخضع لمباراة محصورة، لكي نتطور في عملنا ونتقدم في الفئة والدرجة، لا أن نُرمى خارج المؤسسة بلا أية تعويضات أو بدائل وظيفية».
مضى على إضراب المياومين 29 يوماً، أي إن المضربين لن يحصلوا على راتب خلال هذا الشهر، «وعلى الرغم من ذلك سنستمر إلى أن تتحقق مطالبنا»، تقول أمل أمهز. تصر أمهز على أن ننقل عنها العبارة الآتية: «نحن ننتخب في سن الفيل، عائلتنا مكونة من 450 صوتاً، انتخبنا مرشحي الجنرال، وهذه الدورة الانتخابية لن نفعل». تقول أمهز إنها تعمل مياومة إدارية في أمانة السر منذ 3 سنوات، وبدلاً من أن يسعى وزير الطاقة لتحصين حقوق من قدم الكثير لهذه المؤسسة وحمايتها، يهددهم بلقمة عيشهم. تؤكد أنها لن تتوانى عن المشاركة بأي تحرك، مهما بلغت درجة التصعيد، لا من أجل حقها فقط، بل من أجل جميع زملائها. نسرين الحلبي، أمضت عشر سنوات من عمرها الذي لا يتجاوز 28 عاماً في العمل في مؤسسة الكهرباء كمياومة. «لا ضمان، ولا استقرار ووعود دائمة بالتثبيت»، هذا هو حال عملها. تتقاضى نسرين 700 ألف ليرة، وترى أنه لا إمكان في الحصول على المطالب إلا من خلال تصعيد التحركات «سنقفل الأبواب، كما تقفل وزارة الطاقة أبواب العمل في المؤسسة في وجهنا». الوضع المسيء ذاته تتعرض له لينا سرور (36 عاماً)، التي تعمل منذ 10 سنوات في المؤسسة من دون أية ضمانات أو تثبيت. تلفت إلى أنها بدأت العمل في عمر صغير، وكبرت في المؤسسة، «أين سأجد عملاً في بلد البطالة الآن؟ وهل توجد وظائف فائضة لكي يكون وزير الطاقة بهذه الحماسة لطردنا؟». أما سميرة فحص، فهي تعمل منذ 14 عاماً في مؤسسة الكهرباء مياومة في قسم الفواتير. تشدد على أن مطلبها الأساسي هو الدخول إلى ملاك المؤسسة، مع جميع زملائها المعتصمين، وتعتبر أن ما يتعرض له المياومون هو فعل غير إنساني، «أين الوطنية وأين الإنسانية في رد جميل عمال يضحون بحياتهم بكل ما للكلمة من معنى، عبر رميهم خارج عملهم بدلاً من تثبيتهم؟». تشدد على أن المحسوبيات والنقاط الحمراء التي سيضعها باسيل على المياومين لن تسمح لهم بالنجاح في أية مباراة، وتؤكد أن مصير الجميع هو الصرف. تستغرب إنصاف بدير أن يكون الإصرار على صرف المياومين من وزارة الطاقة والمياه، «نحن عماد هذه المؤسسة، نعمل في كل شيء، من الإدارة إلى الجباية إلى كنس الأرض، هذه المؤسسة تقوم على المياومين، والآن يريدون صرفنا؟». تشير بدير إلى أنها تعمل منذ 10 سنوات في المؤسسة، أي منذ أن كان عمرها 24 عاماً، «نتقاضى 800 ألف ليرة، فيما كل واحد منا يقوم بعمل موظفين اثنين، نتيجة سياسة عدم التوظيف، هل هذا هو جزاؤنا؟».
12 شهيداً
هو عدد المياومين في مؤسسة الكهرباء الذين استشهدوا احتراقاً أو صعقاً بالكهرباء، إضافة إلى 45 مياوماً تعرضوا للتشويه، بينهم 4 حالات من التشوه الشديد. كذلك تعرض 3 مياومين لإعاقات دائمة، وكل هؤلاء لم يحصلوا على أي تعويضات أو طبابة على حساب مؤسسة الكهرباء.
تكرار لأحداث «معمل غندور»!
في عام 1972، قام 1200 عامل من معامل غندور للحلويات بتحركات هزت الشارع اللبناني. مطلبهم كان مشابهاً لمطالب مياومي مؤسسة الكهرباء، وعددهم أقل. حينها سقط 3 شهداء، وجرح 14 آخرون برصاص الأمن. حينها نظمت تظاهرات تحت شعار «99 لص و17 حرامي» (على عدد نواب المجلس وأعضاء الحكومة). تتشابه الأحداث، يقول أحد المياومين، ويده على رأسه. يهددنا الوزير جبران باسيل، ويتوعدنا، ونحن لسنا سوى طالبي حق. نسرين الحلبي (الصورة) تقول إن الوضع لم يعد يطاق. فقر وإهانة وتهديد بالصرف. تسأل: «هل يريد المسؤولون أن نصعّد؟ إلى أين يريدون إيصالنا؟».
منذ خطف اللبنانيين في منطقة حلب، قبل نحو أسبوع، لم يتبن أي فصيل سوري العملية، لكن رئيس «حزب أحرار سوريا» الشيخ ابراهيم الزعبي قدّم نفسه مفاوضاً مع الجهة الخاطفة «المجهولة»، إلّا أن الدلائل تشير إلى أن الزعبي هو المسؤول عن عملية الخطف، أو على الأقل تربطه علاقة ما بالخاطفين
رضوان مرتضى
لا يزال مصير المخطوفين اللبنانيين مجهولاً. المعلومات الرسمية في هذا الشأن شحيحة، ولا سيما بعد المهزلة التي عاشها لبنان ليل الجمعة الماضي على وقع تصريحات المسؤولين الأتراك، منتظراً وصول طائرة المخطوفين. ما خلا ذلك، معلوماتٌ متضاربة عبر وسائل الإعلام، حصّة الأسد فيها لكل من الأمين العام لـ«حزب الأحرار السوري» الشيخ ابراهيم الزعبي، والعميد المنشق حسام الدين العوّاك. بين الشيخ والعميد تضيع الحقيقة.
المقارنة بين الرجلين ترجح كفة الزعبي. لا لمكانته الدينية وحيثيته الميدانية، بل لأن من قدّم نفسه عميداً منشقاً، يصفه ضباط منشقون في «الجيش السوري الحر» بـ«زهير الصدّيق الثاني». تشبيهٌ يكاد يكون ملطّفاً إذا ما قورن بلقب «العلّاك» الذي ينادونه بها استهزاءً بـ «كمّ الكذب الذي يُطلقه». يقول هؤلاء إن العواك كان ضابطاً برتبة رائد في الجيش النظامي، طرد عام 2004 بسبب شبهة فساد. العواك، بحسب هؤلاء، يقيم حالياً في القاهرة ولا علاقة له بأيّ من مجموعات المعارضة في سوريا. في المحصّلة: «لا صدقية لأي معلومة مصدرها هذا الضابط الذي رقّى نفسه إلى رتبة عميد»!
هكذا، يسطع اسم الزعبي. الشيخ السلفي كان مغموراً، على الأقل بالنسبة إلى اللبنانيين، حتى اليوم التالي لخطف الرهائن. يومها خرج لينفي أي علاقة لحزبه بالعملية، لكنه لم يلبث أن قدّم نفسه، بعد ساعات، مفاوضاً غير مباشر مع المجموعة الخاطفة. أما الوسيط المباشر، فادّعى أنه «صحافي أوروبي من جذور عربية». نسب إليه التواصل المباشر مع «المجموعة التي لا تنتمي إلى الجيش السوري الحر ولا إلى المجموعات الإسلامية المقاتلة». ومنذ ذلك الحين، لم يذكر شيئاً عن الصحافي الذي تبخّر فجأة من دون أن يكتب تقريراً واحداً لوسيلته الإعلامية.
مذذاك، تعددت إطلالات الزعبي الإعلامية. في كل مرّة، كان يتحدث كناطق رسمي باسم المجموعة الخاطفة. احتكر تقديم المعلومات قائلاً إنه «فاعل خير»، ينقل معلومات عن المجموعة الخاطفة.
قبل أشهر قليلة أعلن الزعبي عن حزبه (الأحرار السوري)، متحّدثاّ عن ثلاث كتائب مسلّحة تقاتل تحت رايته. في مقابلة مع «الأخبار»، في آذار الماضي، ادعى أنه يؤدي دوراً بارزاً في تمويل «الجيش الحر» وإمداده بـ 70 في المئة من حاجاته من السلاح. وأعلن أنه غادر الأراضي السورية بسبب ملاحقة النظام السوري له بتهمة الانتماء إلى التيار السلفي، كاشفاً أنه يقيم منذ ذلك الحين في السعودية.
في المقابل، نفى قياديون في «الجيش السوري الحر» معرفتهم بالزعبي أو بـ «حزب الأحرار السوري»، كما نفى نائب قائد هذا «الجيش» العقيد مالك الكردي لـ «الأخبار» دعم الزعبي «الجيش الحر» بالمال أو السلاح، لافتاً إلى أنه «لم يسبق أن تعاون الزعبي معنا أبداً، ولم نتواصل معه سابقاً». وذهب الى القول إن «هذا الحزب غير موجود على الأرض»، فيما جزمت مصادر ميدانية في «الجيش الحر» بأن الزعبي متورّط في عملية الخطف.
على صعيد مواز، وفي اتصالات لاحقة، كشف الزعبي أن تنسيقاً على مستويات رفيعة يُجريه مع الحكومة التركية لتأمين نقل السلاح إلى الداخل السوري، مشدداً على ضرورة «عسكرة الثورة وتسليحها لإسقاط النظام». وهو أعلن في المقابلة مع «الأخبار» أن «الحزب يموّل نفسه ذاتياً عبر الفدية التي يحصل عليها من مبادلة الرهائن»، كاشفاً أنه يتلقى دعماً من إحدى الدول العربية.
هذا في الظاهر، أما في الخلفية، فتتحدث مصادر سورية معارضة عن تورّط مجموعة تابعة للزعبي في خطف الزوّار اللبنانيين. وتشير المصادر نفسها إلى أن أسلوب الخطف سياسة ينتهجها «حزب الأحرار السوري» لغايات مادية وسياسية. هذه المعلومات تتقاطع مع حادثة خطف مشابهة سرق فيها الزعبي الأضواء. فقبل أشهر، خطف 12 ايرانياً على الأراضي السورية. مرّت عدة أسابيع قبل أن يتبنّى «حزب الأحرار السوري» العملية ويعلن أمينه العام أنه سيتوّلى المفاوضات مع الجانب الإيراني عبر الحكومة التركية. يومها، اشترط الخاطفون لاطلاق الرهائن دفع فدية مالية وإطلاق عدد من المعتقلين لدى الجيش السوري، بينهم المقدم حسين هرموش، إضافة إلى إطلاق صحافيين أوروبيين وأتراك اعتقلهم الأمن السوري، وتأمين الرعاية الصحية لجرحى المعارضة السورية، وتأمين نقلهم إلى الحدود التركية. يومها قال الزعبي إن هدفه من طلب إطلاق الصحافيين الأوروبيين «كسب التعاطف الدولي معه والبرهنة عن حسن نيتنا تجاه العالم الغربي».
يقيم الشيخ الزعبي، ابن درعا، اليوم في السعودية. علاقاته مع الأتراك أكثر من ممتازة. تحوّل من يصفه قادة في «الجيش الحر» بـ «صيّاد المواقف» إلى مصدر شبه وحيد لوسائل الإعلام بشأن تطورات عملية الخطف ومآلها. وهو، بذلك، أصاب بحجر واحد أكثر من هدف: عوّم نفسه وحزبه شعبياً، خدم سياسة كل من السعودية وتركيا، وأطلق النار على حزب الله وأمينه العام. وفوق ذلك كله، سيحصل على أي فدية تُدفع لإطلاق الرهائن الذين تجزم مختلف الجهات بأنهم في «صحة جيدة». أما إذا نجحت الاتصالات في إطلاق المخطوفين من دون دفع أيّ فدية، فتكفيه النقاط الثلاث الأولى.
الاثنين ٢٨ أيار ٢٠١٢
بعد أجواء التفاؤل بإطلاق المخطوفين اللبنانيّين الأحد عشر، في حلب، ليلة الجمعة ـــــ السبت الماضي، والتي عزّزها توجّه طائرة الرئيس سعد الحريري إلى تركيا لنقل المخطوفين، بدّد طول الانتظار حتى ساعة متأخرة من تلك الليلة، بلا جدوى، الآمال ليحلّ مكانها الغموض حول مآل الاتصالات ومصير المخطوفين.
وذكرت مصادر معنية بقضية المخطوفين لـ«الأخبار» أن الحكومة التركية ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري يضعان ثقلهما في هذا الملف، وخصوصاً بعدما أدى فشل الإفراج عنهم إلى التأثير سلباً على صورتيهما. فالحكومة التركية ظهرت في صورة لا تشبه ما تروّجه عن نفسها كدولة عظمى في المنطقة، لناحية الثقة بكلام وزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو. فقد أكدت مصادر رسمية لبنانية لـ«الأخبار» أن داوود أوغلو استخدم عبارة واحدة مع جميع من اتصل بهم من المسؤولين اللبنانيين يوم الجمعة الفائت، إذ قال للمسؤولين اللبنانيين: «لقد تم تحريرهم، وهم في صحة جيدة، وسيصلون إلى لبنان خلال ساعات». لكن كلمات رئيس الدبلوماسية التركية ذهبت أدراج الرياح. ويوم أمس، ضغط مسؤولو الاستخبارات التركية في المفاوضات مع الخاطفين، وكذلك فعل الحريري عبر ممثله تجاه المعارضة السورية النائب عقاب صقر، الذي يتولى التفاوض مع الخاطفين. وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات لـ«الأخبار» إن الحريري عرض دفع فدية مالية لقاء الإفراج عن اللبنانيين، وهو ما سهّل التوصل إلى اتفاق يوم الجمعة الماضي، قبل أن تتم عرقلة هذا الاتفاق في اللحظات الأخيرة، لأسباب لم تفصح عنها المصادر. وأكدت أن الحريري، الذي أبلغ الحكومة التركية بأنه يعتبر قضية المخطوفين «قضية لبنانية وطنية يجب حلها بأي طريقة ممكنة حفاظاً على السلم الأهلي اللبناني»، يحاول الضغط بكل ما يملكه من إمكانات للإفراج عنهم. ووصل به الأمر، بحسب المصادر، إلى حد التهديد بالتوقف عن دفع الأموال التي يتبرع بها لـ«الثورة السورية». وليل أمس، أجريت جولة جديدة من المفاوضات بين المسؤولين الأتراك وممثل عن الحريري من جهة، ومندوبين عن الخاطفين من جهة أخرى. وعلمت «الأخبار» أن الخاطفين قسموا الرهائن إلى خمس مجموعات، خشية أن تكتشف السلطات السورية مكانهم ويتم تحريرهم دفعة واحدة. ولفتت المصادر إلى أن الخاطفين الذين لا ينتمون إلى جهة واحدة يرفعون سقف مطالبهم المالية والسياسية ساعة بعد أخرى.
وفي ظل عدم بروز أي معلومات عن الجهة الخاطفة، كشف أمين سر «المجلس الوطني السوري» نذير الحكيم، أمس، أن الجهة الخاطفة هي مجموعة مسلحة يقودها شخص يدعى عمّار الدادخلي. وأوضح في اتصال مع قناة «الجديد» أن الدادخلي «طلب في البداية فدية مالية لإطلاق سراح المختطفين، وبعد اتصالات للمجلس الوطني ولتركيا معه تراجع عن هذا الطلب وتقرر إطلاقهم من دون مقابل، لكن مواقف الأمين العام العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرة من القيادة السورية جعلت الخاطفين يتراجعون». وأشار الحكيم إلى أن الاتصال انقطع مع رئيس المجموعة منذ صباح أمس.
وكان رئيس المجلس برهان غليون، الموجود في تركيا، قد قال أمس: «وردتنا أخبار تشير الى أن المخطوفين ليسوا مدنيين مئة بالمئة، بل شاركوا في تدريبات، ونحن ننتظر نتيجة التحقيقات». وفيما لم يوضح عن أي تحقيقات يتحدّث، ورغم كون هذا التصريح يشير إلى كونه يتلقى معلومات من الخاطفين، إلا أن رئيس «المجلس الوطني» قال: «لم نتواصل بشكل مباشر مع خاطفي اللبنانيين، لكننا نبذل كل الجهود من أجل إطلاق سراحهم».
من جهة أخرى، نفى منصور حمود، شقيق المخطوف حسن حمود، أي علاقة للأخير بـ«حزب الله» أو أي حزب آخر. كذلك نفى «حزب الله»، في بيان أن يكون ابن شقيقة أمينه العام السيد حسن نصر الله أو أي من أقاربه في عداد المخطوفين.
وكانت عائلات المخطوفين قد أصدرت بياناً حمّلت فيه الدولة التركية «كامل المسؤولية عن إعادتهم الى لبنان سالمين وبأسرع وقت ممكن، وأي كلام خارج هذا الإطار مرفوض جملة وتفصيلاً ونضعه في خانة إرهاب الدولة المنظم».
كذلك، ألغى وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور زيارة لتونس كانت مقررة اليوم للمشاركة في اجتماعات المنتدى الاقتصادي الصيني ـــــ العربي الذي سيعقد في العاصمة التونسية، وذلك نظراً إلى التطورات الحالية التي تمر بها البلاد. إلى ذلك، أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن الحزب «يؤيد أكثرية الشعب السوري الذي يدعم الإصلاحات والمقاومة في سوريا، مؤكداً أن الحزب «لم يقاتل ولن يقاتل في سوريا ولم يستشهد له أحد، ولم يجرح له أحد ولم يؤسر له أحد في أي معركة في سوريا».
الاثنين ٢٨ أيار ٢٠١٢
شارك اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني-فرع دير الزهراني في نشاط "ضيعتي اذا حكت" اقامته جمعية YNCA بالاشتراك مع بلدية دير الزهراني و الجمعيات و المنظمات و اهالي البلدة وذلك في 27 ايار 2012.
و كانت مشاركة الرفاق من خلال سكتش فكاهي و اداء اغنية rap و رقصة فولكلورية, كما قام الرفاق بإعداد عشاء قروي. اضافة الى المشاركة في تنظيم النشاط و التحضير له و انجاز الامور اللوجستية على مدى خمسة أيام.
تحل الذكرى الثانية والأربعون لتأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في ظروف سياسية واقتصادية صعبة تهدد الشباب اللبناني. حيث يتصاعد الانقسام المذهبي ويتجه لبنان والمنطقة نحو المزيد من الانقسام والتشتت وتظهر بوادر قد تقود إلى حروب أهلية إذا لم يتداركها الشعب اللبناني وقواه السياسية الحية.
ويزداد نظامنا عفونة واهتراءً فتقوم القوى الحاكمة بممارسة كل فسادها بحجة مصلحة الطائفة وتمتنع الدولة عن القيام بدورها الجامع بذريعة عدم قدرتها على مواجهة قوى الأمر الواقع، فيطلق سراح عميل اعترف بعمالته، ويتحول عضو معتقل من تنظيم القاعدة إلى بطل يهلل له مسؤولون، وتكاد تقع مجازر بين قوى تتصارع على النفوذ في الطائفة بقوة الشارع.
هذا الواقع المأسوي الذي يحل علينا اليوم ترافقه أزمة اقتصادية خانقة، تكاد تخنق غالبية اللبنانيين لمصلحة بضعة متنفذين وتجار ومصرفيين يمتصون تعبنا وعملنا وإنتاجنا من خلال آليات استغلال تسمى حرية الملكية الفردية، ضمن منظومة فاسدة تحميها الدولة بكل مكوناتها. تزداد باب التبانة وجبل محسن فقراً لتحيا سوليدير، وتموت الزراعة في عكار والبقاع لتحيا فنادق العاصمة، ويقتل مكب صيدا ومطمر الناعمة اللبنانيين لتزدهر سوكلين. يهرب الطلاب إلى جامعات خاصة غير مكتملة المعايير الأكاديمية بعد أن ضاقت بهم جامعتهم الوطنية فيتكبدون الأقساط المرتفعة لينتشي بها أصحاب الجامعات الخاصة المعروفون لكل الشباب والطلاب. يموت ناس على أبواب مستشفيات لكي تبقى مزاريب وزارة الصحة مصدراً لسلطة فئة فاسدة، ويدفع الموظف ربع مدخوله على البنزين والنقليات وتبقى خطة النقل العام حبراً على ورق صار عفناً.
ليس هذا مصير الشباب في لبنان. لا الطائفية ولا المذهبية هما قدر، ولا الاستغلال والفقر هما مصير. في عيد الاتحاد نخاطب شباب لبنان لنقول أن التغيير ممكن والبدائل موجودة وإن كانت أدوات التغيير ما زالت عاجزة. معاً نبني مستقبلنا. معاً، شباب يؤمن بقيم العلمانية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، شباب يناضل لتغيير ثوري يضع مصالح الناس في سلم أولوياته، معاً نستطيع أن ننزل إلى الشارع ليس من أجل زعيم أو طائفة أو نداء غرائزي، بل من أجل رغيف خبز وتعليم عام وتغطية صحية شاملة ونقل عام ووظائف للشباب. معاً نقتل الفتنة المرسومة باتحادنا من أجل مصالحنا الجامعة لشباب لبنان من كل الخلفيات والانتماءات.
لقد أكدت الشعوب أن مستقبلاً آخر ممكن، فليست الخيارات محصورة بين أنظمة قمع واستبداد وهيمنة، وبين قوى تعيد الناس ألف سنة إلى التخلف، وليس الخيار بمواجهة ظلام الداخل بعمالة الخارج. وقد كان خيار أكثر من نصف الشعب المصري التصويت ضد مرشح النظام وضد مرشح الأخوان منذ بضعة أيام من أهم الإشارات إلى أن مستقبلاً آخر ممكن.
في عيد الاتحاد نتذكر نضالات الماضي لننطلق منها إلى المستقبل، نحيي آلاف الشباب الذين مروا في الاتحاد وأفنوا عمرهم في النضال من أجل الآخرين، ونطلق الصوت عالياً بأسماء استشهدت واعتقلت وضربت في ساحات النضال. إن هذا الماضي الزاخر سيكون دائماً دافعاً صلباً للمستقبل.
سنبني مع شباب لبنان، العاملين والمعطلين من العمل، طلاب الجامعة والمعهد والمدرسة، سنبني مستقبلاً أفضل من الحاضر الذي تحل فيه ذكرى تأسيس الاتحاد.
متحمسون، قلقون بل وحيارى أحياناً... بهذه المشاعر توجّه كثير من المصريين، أمس، إلى مكاتب الاقتراع في القاهرة للمشاركة في أول انتخابات رئاسية غير محسومة النتائج مسبقاً بعدما أطاحوا حسني مبارك في شباط العام 2011.
في مدرسة جمال عبد الناصر في حي الدقي في القاهرة، وصل بعض الناخبين قبل ساعة من موعد فتح مكتب الاقتراع، حيث اصطفّ الرجال والنساء في صفين متجاورين تحت أعين جنود الجيش المسلحين.
رانيا محمد كان ترتيبها الثاني في الطابور، ولكن حتى دخولها مركز التصويت، كانت لا تزال متردّدة بين اثنين من المرشحين. وقالت «سأقرر عندما أستلم بطاقة الانتخاب... يمكنكم القول إن قلمي هو الذي سيحدد»، مضيفة «إنني سعيدة جداً، لأننا نختار أخيراً رئيساً».
وفي صف الرجال، قال نبيل جرجس (62 عاماً) إنه فكر طويلاً قبل أن يستقر على المرشح الذي سيُعطيه صوته. وأضاف «صليت هذا الصباح وطلبت من الرب أن يرشدني إلى الاختيار الصحيح»، لكنه رفض أن يفصح أمام الناخبين الآخرين عن المرشح الذي اختاره أخيراً.
امام مكتب انتخابي وقفت أمينة ابراهيم (24 سنة) من فريق المراقبة التابع لمرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي تحصي عدد الناخبين الذين اقترعوا في هذا المكتب المسجل به أكثر من أربعة آلاف ناخب. تتحدّث عن تجربتها الأولى في التصويت في انتخابات رئاسية وتقول «لا أكاد أصدق أنهم ينتخبون رئيسنا. لا أجد كلمات تصف ما اشعر به من سعادة حقيقية».
في مركز آخر، تنهر القاضية المشرفة على اللجنة المراقبين عن التحدث إلى الناخبين الذين بدا بعضهم حائراً. ويقول ناخب مسنّ من وراء ستار غرفة التصويت «هل استطيع اختيار أكثر من اسم واحد؟»، فترد القاضية «ماذا تقول؟ بالطبع لا. هل تريد رئيساً ام رئيسين؟».
وقررت اللجنة العليا للانتخابات مساءً تمديد فترة التصويت لمدة ساعة، بحسب ما اعلن التلفزيون المصري.
وفي غياب استطلاعات للرأي يمكن الاعتماد عليها لا يعلم أحد من سيفوز بالرئاسة التي يتنافس عليها مرشحون إسلاميون وليبراليون وشخصيات من النظام السابق.
إلا أن المصريين مستمتعون بحالة عدم اليقين بعد أن شاب التلاعب انتخابات الرئاسة خلال 30 عاماً قضاها مبارك في السلطة.
وقال إسلام محمد وهو مدرب سباحة يبلغ من العمر 27 عاماً، بينما كان ينتظر في الطابور أمام لجنته الانتخابية في القاهرة، «يجب أن نثبت أن زمن بقائنا في المنزل في حين يختار آخرون لنا قد ولى».
مصر التي يقطنها 82 مليون نسمة تعمها أجواء احتفالية، فكثير من الناخبين يقفون في الصف يمزحون ويتحدثون في استرخاء عن يوم سيظلون يتذكرونه.
وتدفق الناخبون إلى اللجان الانتخابية وبعضهم يحمل مقاعد وصحفاً متوقعين الانتظار في الصفوف لفترات طويلة.
وبرغم بدء الصمت الانتخابي يوم الأحد الماضي إلا أن العديد من المرشحين ضغطوا من أجل كسب ود الناخبين. ففي القاهرة عرضت نحو ست شاحنات صغيرة وضعت ملصقات مكتوب عليها «نعم لعمرو موسى» على ناخبين الركوب مجاناً في الإسكندرية قال سائق حافلة صغيرة إنه لن يأخذ أجرة من الركاب الذين سينقلهم إلى اللجان الانتخابية.
وبعد حملة انتخابية دامت ثلاثة أسابيع استمتع المصريون برؤية المرشحين يقفون جنباً إلى جنب معهم في الصف. ولم تشهد الانتخابات المصرية السابقة مثل هذه المشاهد في الماضي عندما كان التلفزيون المصري يصور مبارك وهو يدلي بصوته وسط حفاوة وقد أحاطت به مجموعة من المسؤولين دون ظهور ناخب عادي في اللجنة الانتخابية للرئيس.
وفي أحد أحياء القاهرة وقف المرشح الرئاسي عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق في عهد مبارك والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية في صف مع بقية الناخبين، مبدياً أمله في أن ينتخب المصريون رئيساً قادراً بحق على قيادة مصر في مثل هذا الوقت الصعب.
لكن موسى واجه إحراجاً، سرعان ما احتواه، عندما تقدم منه أحد الناخبين قائلاً «أنت فلول»، فردّ عليه بأن «هذا التوصيف غير دقيق».
أما المرشح الرئاسي احمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك، فحذر من «مشكلة كبيرة جداً» في حال فوز مرشح اسلامي في الانتخابات الرئاسية.
وتعرض شفيق خلال تفقده إحدى اللجان الانتخابية لموقف أكثر حرجاً عندما هتف العشرات من الناخبين في وجهه «يسقط مرشح البلوفر»، في إشارة إلى الكنزة التي اشتهر بها، و«يسقط مرشح البونبوني»، في إشارة إلى استخفافه أيام الثورة بمتظاهري ميدان التحرير، حين قال يومها ما معناه «دعوهم يتظاهرون ولنأتِ لهم ببونبوني». وانتهز العشرات من الناخبين خروج شفيق ورشقوه بالأحذية، حتى دخوله سيارته الخاصة، ومغادرة المكان.
وفي أماكن أخرى في القاهرة صفق ناخبون للمرشح المستقل الإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح (60 عاماً) وهو يقف في الصف.
وقال أبو الفتوح إنه لأول مرة يخرج المصريون ليختاروا رئيسهم بعد انتهاء زمن الفراعنة، مضيفاً «نريد اليوم أن الشعب المصري يختار رئيساً يعبر عن استقلاله... رئيساً لا يأخذ قراره إلا من الشعب المصري. رئيساً يحافظ على استقلال مصر ولا يخضع لإملاءات داخلية أو خارجية. يحافظ على كرامة المصريين، يحافظ على ثروات المصريين. يحافظ على كرامة إخواننا وأبنائنا خارج مصر».
من جهته، قال مرشح «الإخوان» محمد مرسي إن «مصر تعيش عيداً من أعظم أعيادها»، معتبراً أن «ما نشهده في اللجان يمثل تعبيراً رائعاً عن حقيقة الشعب المصري الأصيل». وأوضح مرسي أن توجه الناخبين بهذه الكثافة إلى لجان الاقتراع مع ما أسماه «غياب التجاوزات القانونية» وانتظامهم يؤكد أنهم أحرار ويحرصون على تسليم السلطة إلى سلطة منتخبة، سواء كانوا شباباً أو رجالاً أو نساء، مسلمين أو مسيحيين.
بدوره، قال المرشح الناصري حمدين صباحي إن «أي انتخابات حرة نزيهة سنقبل نتيجتها باحترام. ولكن لو كانت مزورة لأي أحد فلن نقبل نتيجتها... إذا فاز بها أحد المرشحين من النظام السابق بعد شهور سيكمل الشعب ثورته».
أما المجلس العسكري، الذي يستعد لتسليم السلطة بعد شهر، والذي يسعى في الوقت ذاته إلى القيام بدور ما خلف كواليس الحكم خلال الفترة المقبلة، فقد راقب أعضاؤه الانتخابات سواء ميدانياً أم عن طريق غرفة عمليات خاصة أقيمت لهذه الغاية.
وقام رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي بجولة تفقدية للجان الانتخابية للاطمئنان على حسن سير العملية الانتخابية، حيث زار العديد من اللجان بمنطقة باب الشعرية وعابدين.
وكان المشير طنطاوي قد وجه أعضاء المجلس الأعلى بضرورة القيام بمتابعة سير العملية الانتخابية والعمل على التيسير على الناخبين.
وقامت طائرات الرصد الجوي والمراقبة الأمنية التابعة للقوات المسلحة بمتابعة وتصوير المناطق المختلفة الموجود فيها لجان انتخابية على مستوى كافة محافظات الجمهورية.
ولم تشهد العملية الانتخابية أحداث عنف تذكر. لكن وزارة الصحة تحدثت عن إصابة 21 شخصاً بجروح في إشكالات محدودة وقعت في بعض المحافظات، وحالات اختناق جراء الانتظار في الطوابير المكتظة.
وأشاد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي يزور مصر حالياً لمتابعة الانتخابات الرئاسية بسير العملية الانتخابية حتى الآن. وقال كارتر إن ما تابعه خلال تفقده للجان الانتخابية منذ بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية كان جيداً للغاية.
(«السفير»، أ ف ب، رويترز، أ ش أ)
عاصم بدر الدين
الأسر والإهمال، عنوانان قاسيان على صفحات التحرير، وإذ يـــبدو الأوّل طبيعيّاً وعاديّاً بعد الاحتلال، فإنَّ الثاني يبدو مستغرباً، أو يُفترض أن يكون غريبــاً. وإذا كانت كفاح عفيفي، الأسيرة المحرّرة، قد أصــرّت على العــمل بعد الاعتقال في قضيّة الأســرى والمعتقلين، فإن الناقورة، البلدة الحدوديّة التي تجــاور فلسطين، لم تــقرّر ما آلت إليه أمورها الاجتماعيّة والاقتصــاديّة. وفيــما يزيد هجران أهلها لها، مأساة عيشها في الهامش، لا يعيــنها وجــود مقر قــيادة قوات الطوارئ الدوليّة في إنعاش الدورة الاقتصادية.
وسط هذا، تبدو الحياة في تلك المنطقة المحررة قد تبدّلت، وإن كان ذلك لم يظهّر بعد، لاسيما أن سكان الأمس ليس هم نفسهم ومئة في المئة سكان اليوم. وبعدما كان مجتمع الشريط تحت الاحتلال محاصراً ومعزولاً وتابعاً لدولة «عدوّة»، فإن عودته إلى الوطن جغرافيّاً لم تخرجه من دائرة الهامشيّة، و«النهضة» العمرانيّة التي يشهدها ليست تنموية أو نمواً طبيعيّاً تزرع في تلك الأرض، إنما تابعة لاغتراب وهجرة...
صارت كفاح عفيفي منذ الثالث من آب العام 1994 أسيرة محررة. لم يكن خروجها من معتقل الخيام تاماً. انسحب أثره إلى الحاضر. تمدد أيضاً في اللغة. دخل المعتقل في بنية كلامها. تسرد تجربتها كما لو أن للمعتقل كلامه الخاص، لا يماثل حكينا اليومي. يخرج في مساحات ضيقة ومكثفة. يستغني عن تنويعات اللفظ. يحيل الزمن البطيء إلى أسطورة. تشغله التفاصيل. يخترع من التكرار استمراريته. هكذا، عاشت كفاح ورفيقاتها المعتقلات على السرد وإعادة السرد. لا يخلو ذلك من اختراع للسير. كان "نضالاً ضد الملل".
تبدأ الحكاية من مخيم صبرا وشاتيلا. تشكل وعي كفاح على "يتم الأرض" والمجزرة. استشهد ثلاثة من أشقائها الخمسة. كان رابعهم معتقلاً. تحضر فلسطين دائماً في مرويات أبويها الفلسطينيين الآتيين من حيفا. لا يشغل بالها معنى عمرها الصغير. تفكر في فلسطين. شاركت في حرب المخيمات. قضت مأساتها المعيشة على خوفها. دخلت في "فتح". قادت فرقة تشكلت من ستة شبان. ذهبت معهم إلى كفركلا. لم يسبقها إليها إلا "الحر العاملي" قبل أيام من عمليتها. لم يكن جنسها عائقاً بالنسبة إلى رفاقها. تفكر أن لا فرق بين رجل وامرأة حتى لناحية القوة والقدرة على القتال. مشوا ثلاثة أيام. وصلوا إلى القرية ودخلوا أحد بيوتها. كان بيت عميل. لا تعرف كيف حوصر البيت فجأة. اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية. جُرحت مع بعض أفراد فرقتها. ثم اعتقلوا في 24 تشرين الأول 1988.
أُخذت إلى فلسطين. ستقول إنها فكرت عند تعذيبها أنها "خلص، رأت فلسطين". تكفيها هذه الرؤية. كانت تتمنى الشهادة في أرضها. تضحك حين تستدرك أنها لم تُحصِّلها. يتفسخ الحكي. يصير مضحكاً. يتكرر الأمر في مشاهد فيلم جان شمعون "أرض النساء" (2004). جسدت كفاح فيه خيط الوصول إلى مناضلات أخريات. تتذكر مع سهى بشارة تفاصيل من يوميات بؤسهما وتضحكان. ليس بعيداً هذا من تجاوز الاعتقال والحجز لواقعيته: داخل العالم وخارجه.
أُعيدت بعد فلسطين إلى معتقل الخيام. بدا وصفها له بأنه "أفظع سجن في العالم" متعدياً المعنى المباشر للكلمات. كانت هذه من المرات القليلة التي يرافق التنغيم أو الانفعال كلامها. كأن المكان يفوق الوصف. احتفلت فيه بعد أيام قليلة من وصولها بسنتها السادسة عشرة.
كانت تنقل يومياً إلى مرجعيون حيث يحقق معها. قسوة التعذيب لا توصف. ضرب وكهرباء. هددت بالاغتصاب. قالوا لها إن الطائرات قصفت منزل أهلها. لم تصدق. لم تخف. كانت تلجأ إلى الأغاني الوطنية. تصبّرها. مات الخوف قبل أن تصل إلى المعتقل. لا تعرف كيف تفسر غيابه بغير قوة عقيدتها. تفكر بآمنة جبريل ودلال المغربي وفدوى طوقان وسميحة خليل كأمثلة للنضال النسائي. لو أن التجربة تكررت الآن لخافت، تقول. كانت وقتها وحيدة. تغيرت الأحوال في الراهن.
حاولت التأقلم سريعاً بمساعدة زميلاتها. كانت محرومة من الزيارات. لا تصل إليها الأغراض التي يرسلها أهلها. كن يقاسمنها أغراضهن. كانت الأصغر بينهن. كن تقريباً خارج الحياة. بلا شمس. اخترعن وسائل خاصة بعيشهن المحجوز. لا يمكن من لم يكن معهن أن يفهم كيف يصير لبذر الزيتون قيمة. أو كيف تصبح ربطات أكياس الخبز صالحة لغير وظيفة. اشتغلن بما لديهن. صنعن فن المعتقل. تتحول الأشياء الصغيرة أساطير أو معجزات. اخترعن الأمل بالأشغال الحرفية. تحول السعال رسائل مشفرة بينهن. أسسن حياة مكتومة. تروي كفاح كيف كن يتعرفن إلى الرجال الموجودين في السجن المقابل. يكتبن على المناديل. يراها الرجال. يخطبون بعضهم بعضاً في الوهم من دون لقاء.
وضعت في الأيام الأخيرة لاعتقالها في سجن منفرد بسبب مرضها. لم يهتموا بعلاجها. كانت المياه تسقط على جسدها وتتجمع في أذنها. قالت إنها أحست بالموت وقتها. يدخل مسؤول السجن ويطفئ سيجارته في جرحها الذي تدهورت حاله. كأنه يقرب موتها. تمنت حينها أن تموت بين رفيقاتها. لم تعد تفكر في شيء آخر. نقلت إلى غرفتها: الزنزانة الرقم 4. خافت حين طالبوها بالخروج من الغرفة مرة أخرى. لم تعرف السبب. تقول إن سهى بشارة كانت تسعل لها، إشارة تدل على قرب خروجها. لم تستوعب. أُلبست الكنزة التي خُبئت فيها الأشغال اليدوية. قال لها مرافقها في السيارة إنها ذاهبة إلى الإعدام. أغلقوا عينيها. بقوا حتى اللحظات الأخيرة يتعمدون تعذيبها. طالبتهم بأن يُرجعوا المشاية التي تلبسها إلى صاحبتها في المعتقل. لا شيء آخر قبل إعدامها. لكنها سلمت إلى "الصليب الأحمر".
استئناف الحياة بعد المعتقل لم يكن سهلاً. خرجت لتستكمل نضالها فوجدت الوضع الإقليمي قد تغير. جربت أن تبدأ دراساتها الجامعية. لكنها عادت إلى الاهتمام بقضية الأسرى. تسافر لتعرض تجربتها في المعتقل. تقول إن الحكي عن القضية يفيدها. تميزت بأنها تروي ما لا يُقال في العادة. اشتغلت أيضاً في لجان محلية لدعم قضايا الأسرى المعتقلين والمحررين من أجل تحصيل مطالبهم. تعرفت نتيجة ذلك إلى الأسير محمد رمضان. لم تكن تعرفه من قبل. سمعت عنه بعد خروجها. يسكن أهله في جوار بيت أهلها. تعرفت إليهم. ثم تعرفت إليه حين خرج. لم تمض 6 أشهر حتى تزوجا.
بقي المعتقل حاضراً في يومياتهما. كانا يذهبان أسبوعياً مع معتقلين آخرين إليه. يتذكرانه مع أطفالهما. يعيِّشان ألمهما. يظهر التأثر واضحاً عند ذكرها تدمير المعتقل في حرب تموز 2006. تفقد قدرتها على ضبط انفعالاتها. كان دليل الظلم الذي تعرضت له. لا تزال تذهب إليه. لكن أقل من الأول.
سيناضلان سوياً من أجل تحصيل حقوق الأسرى. يخرج الأسير من معتقله لا يعرف شيئاً. "كأنه ولد من جديد. لا يقف أحد إلى جانبه. لا تهتم الدولة به". تُذكِّر بالاعتصامات التي نفذها الأسرى المحررون في العام 2001 أمام مجلسي النواب والوزراء. أضربوا عن الطعام أياماً. كانوا ينزلون مع أولادهم. تحول الشارع بيتاً. استمر اعتصامهم الأخير في حزيران من العام نفسه 21 يوماً. صدر بعدها قانون تعويض الأسرى ليعاملوا جزئياً مثل متقاعدي الجيش. لم يكن القرار الأحسن، بل الأقل سوءاً إذ "نَفَس قليلاً". أسست كفاح بعدها بالاشتراك مع أسرى مستقلين، غير تابعين لأحزاب، "جمعية أسير". لا تزال الجمعية غير مفعّلة. لكنها تطمح من ضمنها إلى تجميع أرشيف خاص بكل المعتقلين في لبنان. تبقى المشكلة في تأمين تمويل للمشروع. يقلقها أن تخسر قضية فلسطين مركزيتها. ويهمها أن يهتم أكثر بقضايا الأسرى في السجون الإسرائيلية.
لم يُعثر على أيّ أثر للرهائن اللبنانيين في سوريا بعد. ولا معلومة مثبتة عن مصيرهم أو مكانهم حتى. الأتراك دخلوا بقوّة على خط الوساطة لتحديد هوية المجموعة الخاطفة، لكن مختلف فصائل المعارضة المسلّحة الموجودة على الأرض غسلت أيديها من مسؤولية خطف اللبنانيين الأحد عشر
رضوان مرتضى
لم يُفكّ أسر اللبنانيين المختطفين أمس، كما وُعدت عائلاتهم. «الساعات القليلة» طالت من دون أن يُعلن أي نبأ سار. بدت عملية المفاوضات تراوح مكانها، أو على الأقل كأنها في مراحلها الأولى. وإذ أكّدت مصادر متابعة للملف أن الحكومة التركية دخلت بثقلها للتنسيق مع المجموعات المسلّحة للوصول إلى الجهة الخاطفة، علمت «الأخبار» أنه جرى تحديد الفصيل المسلّح المسؤول عن العملية. وأشارت المعلومات إلى أنه «فصيل منشق لا يتبع للجيش السوري الحر ولا للمجموعات الإسلامية المقاتلة». بمعنى آخر، هو «فصيل مستقل نسبياً يعمل على حسابه». وأكدت مصادر رسمية لبنانية ليلاً أنها تلقت معلومات موثوقة عن اتخاذ قرار بإطلاق سبيل المخطوفين، وأن الأمر بات يقتصر على توفير المستلزمات اللوجستية لعملية إطلاق سراحهم.
وفيما كانت قد ترددت معلومات عن أنّ الرهائن نُقلوا إلى الأراضي التركية، نفت مصادر سورية صحّتها، مشيرة إلى أن الرهائن نقلوا من المكان الذي كانوا فيه إلى مكان أكثر أماناً بعد العملية التي نفّذها الجيش السوري عقب حصول الاختطاف.
وفي هذا السياق، كانت مروحة الاتصالات التي أُجريت مع مختلف المجموعات السورية المعارضة المسلّحة الفاعلة على الأرض في حلب ومحيطها أمس، قد خلُصت إلى نفي أي علاقة بعملية الخطف التي طاولت الزوّار اللبنانيين للعتبات المقدسة أثناء عودتهم من إيران. فمن جهته، نفى الأمين العام لـ«حزب الأحرار السوري» الشيخ إبراهيم الزعبي لـ«الأخبار» المعلومات التي ترددت عن مسؤولية حزبه عن خطف اللبنانيين في حلب. الشيخ الزعبي الذي كان قد تولى سابقاً مفاوضات إطلاق الرهائن الإيرانيين الذين كانوا محتجزين لدى واحدة من مجموعاته، أكّد أنه كان سيقوم فوراً بإعلان العملية وتبنيها لو كان حزبه بالفعل مسؤولاً عنها. ولفت إلى أن «حزب الأحرار السوري» كان سيسلم الرهائن للسلطات الدولية لتبدأ المفاوضات فوراً، موجّهاً أصابع الاتهام إلى مجموعة تابعة للنظام السوري. وفي السياق نفسه، نفى نائب قائد «الجيش السوري الحر» العقيد مالك الكردي في اتصال مع «الأخبار» علاقة أي مجموعة من مجموعات الجيش الحر بعملية الخطف. وأكد الكردي أنه «جرى التواصل مع جميع الفصائل التابعة للجيش الحر، لكن تبين أن لا علاقة لأي فصيل منها بحادثة الاختطاف». وأشار الكردي إلى أنه «يجب أن نبحث عن المستفيد، وأنا أعتقد أن الثورة ليست مستفيدة»، لافتاً إلى أن «الدلائل المتوافرة تدل على أن النظام متورّط، وهو من رتّب قضية الاختطاف لزيادة الاحتقان في لبنان لإحداث شرخ هو موجود أصلاً». وكان قد سبقه قائد «الجيش السوري الحر» العقيد رياض الأسعد الذي أعلن أن «الجيش الحرّ يرفض هذه العمليات التي تُعرّض حياة الناس للخطر مهما كانت جنسيتهم أو طائفتهم»، كاشفاً أن المعلومات المتوافرة لديهم تفيد بأن «مجموعة من المافيات المالية التي تشكلت أخيراً هي التي خطفت اللبنانيين».
موقف «حزب الأحرار السوري» و«الجيش السوري الحر» تقاطع مع ما أدلى به أحد المصادر في مجموعة إسلامية سورية مسلّحة خلال اتصال مع «الأخبار» بواسطة «السكايب». فقد أكد القيادي المذكور أن «أياً من الجماعات الإسلامية المقاتلة لو كانت قد قامت بهذه العملية، لتبنتها فوراً». وأشار إلى أن «ذلك كان سيكون مفخرة لنا، وخصوصاً إذا كان لهؤلاء دور في ما يجري على أرض سوريا»! ولفت القيادي الإسلامي إلى أن «معظم الشعب اللبناني يقف مع الثورة السورية. ونحن من مصلحتنا أن تبقى الأوضاع هادئة في لبنان؛ لأن الأمور تجري على ما يرام بالنسبة إلينا، ولا مصلحة لأحد في توتير العلاقة، وبالتحديد حدودياً».
بموازاة ذلك، أوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار خلال لقاء تضامني مع المخطوفين اللبنانيين في حلب أمس، أن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أخذ عملية خطف اللبنانيين على عاتقه». وقال: «إن الخاطفين عرّفوا عن أنفسهم للزوار بأنهم ما يسمى الجيش السوري الحر»، لافتاً إلى أن «الاتصالات مع المسؤولين الأتراك والملوك والأمراء العرب والبعثات الدبلوماسية الأوروبية وغير الأوروبية وكل من له تأثير على «الجيش السوري الحر» ما زالت مستمرة حتى اللحظة». وإذ أشار النائب عمار إلى أن مختلف القيادات اتصلت لتطمئن على المخطوفين، وجّه تحية إلى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي بذل مساعي في الموضوع، كاشفاً أن المعنيين تبلّغوا أن المخطوفين أحياء وسالمون. يذكر أن وفداً من القوات اللبنانية حضر اللقاء التضامني برئاسة رئيس مصلحة الطلاب فيها شربل عيد.
الخميس ٢٤ أيار ٢٠١٢
نفّس إخلاء سبيل الموقوف شادي المولوي الاحتقان في الشمال، لكنه هشّم صورة الدولة التي سعت إلى إطلاق سراح المولوي، رافعة الغطاء عن اجهزتها الامنية. في هذا الوقت، دخلت السعودية على خط الاحداث اللبنانية، داعية لبنان، على لسان ملكها، إلى النأي بنفسه عن الصراعات الخارجية
شادي المولوي إلى الحرية. الخبر أدّى إلى تهدئة التوتر الأمني في طرابلس. لكنه من جهة أخرى، ترك لطخة سوداء على صورة الدولة اللبنانية، إن لم يكن قد أسقطها. سياسيون كثر رحبوا بالأمر، من باب تهدئته لنفوس الغاضبين في طرابلس، لكن لا أحد دافع عنه خلف الأبواب المغلقة. كلمة «بشع» راجت على ألسنة عدد كبير من السياسيين والأمنيين والقضاة لوصف ما يحدث. ثمة رسالة وصلت امس إلى اللبنانيين: لن يكون بمقدور أجهزة الدولة، أقله على المدى المنظور، أن توقف مطلوباً، إلا من كان بلا سند سياسي وجماهيري.
سياسيون وأمنيون سألوا أمس: إذا كان شادي المولوي بريئاً، فلماذا ادعى عليه القضاء العسكري، ثم أصدر مذكرة توقيف بحقه، قبل أن يرفض تخلية سبيله؟ وإذا كان المولوي بريئاً، وإذا رضخت الدولة اللبنانية وقضاؤها للضغوط القطرية للإفراج عن الموقوف القطري عبد العزيز العطية، فلماذا لا يزال الأردني عبد الملك عبد السلام موقوفاً؟ الجواب بشقين: الاول هو أن الأردني أوقف بناءً على معلومات أميركية موثقة، ودولته لن تطالب بإطلاقه، ولأن لا احد في الدولة اللبنانية سوف يجرؤ على إطلاق سراح شخص تتهمه الولايات المتحدة الأميركية بالانتماء إلى تنظيم القاعدة. اما الشق الثاني، فهو سياسي داخلي. والساسة أمس تسابقوا على خطب ودّ المولوي وجمهوره. ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، بدأت ماكينة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العمل من اجل إطلاق سراح المولوي. وذكرت مصادر معنية بالملف أن ميقاتي اجرى سلسلة اتصالات شملت رئيس الجمهورية والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا. وكان ميقاتي مصراً على ضرورة إخلاء سبيل المولوي، لما لعدم الموافقة على ذلك من أثر سلبي على الوضع الأمني والشعبي في طرابلس. وبعدما حصل ميقاتي على موافقة من ميرزا، وعلى ضمان بألا تمانع النيابة العامة تخلية سبيله، أبلغ جهات شمالية بأن القرار بإطلاق سبيل المولوي قد اتخذ.
ويوم امس، وافق قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبي على إطلاق المولوي، بعد موافقة مفوض الحكومة العسكرية القاضي صقر صقر أيضاً على الطلب الذي قدمه وكيل المولوي المحامي محمد حافظة.
وانتقل ميقاتي إلى طرابلس امس، لمتابعة الأوضاع الميدانية، ولاستقبال المولوي. وأكد في دردشة مع الاعلاميين أنه مستمر في تحمل مسؤولياته، جازماً بأنه لن يقدم استقالته «لأن ثمة محاولة لاغتيال الوطن، وانا سأبقى لمنع هذه الاغتيال». وأعلن أنه في المبدأ لا يمانع إحالة قضية مقتل الشيخين على المجلس العدلي «لكن يجب أولاً استشارة وزير العدل ودراسة الموضوع من الناحية القانونية قبل عرضه على مجلس الوزراء». وأشار إلى أن القضاء اتخذ «الاجراءات المناسبة مع العسكريين الذين كانوا متواجدين عند الحاجز»، مؤكداً أن «لا حصانة لأحد».
رسالة من عبد الله إلى سليمان
في غضون ذلك، سلّم السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري رئيس الجمهورية ميشال سليمان رسالة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز أشار فيها إلى ان المملكة تتابع «ببالغ القلق تطورات أحداث طرابلس وخصوصاً لجهة استهدافها لإحدى الطوائف الرئيسية التي يتكون منها النسيج الاجتماعي اللبناني».
وأضاف «نظراً لخطورة الأزمة وإمكانية تشعبها لإحداث فتنة طائفية في لبنان، وإعادته لا قدر الله إلى شبح الحرب الأهلية، فإننا نتطلع إلى حكمة فخامتكم في محاولة التدخل لإنهاء الأزمة، وفي الإطار العام لمبادرتكم ورعايتكم للحوار الوطني اللبناني، وحرصكم على النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية، وخصوصاً الأزمة السورية المجاورة لها». وبعدما ذكَر الملك بما قدمته بلاده للبنان، سياسياً واقتصادياً، قال: «ولعلكم تتفقون فخامتكم على أن هذه الجهود، مهما بلغ حجمها ووصل مداها سوف تظل قاصرة إن لم تستجب كافة الأطراف اللبنانية الفاعلة لها، وتغلب مصلحة الوطن اللبناني أولاً على ما عداه من مصالح فئوية ضيقة، أو خدمة مصالح أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان، ولا للمنطقة العربية عموماً».
ورأت مصادر سياسية أن رسالة الملك تأتي في إطار السعي إلى استمالة سليمان إلى جانب السعودية، وإلى التذكير بضرورة الابتعاد عن إيران، في إطار التجاذب الذي تشهده المنطقة بين الرياض وطهران. وبنت المصادر كلامها هذا على العبارة الأخيرة التي تتحدّث عن «أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان، ولا للمنطقة العربية». من جهتها، لزمت القوى الحليفة للسعودية الصمت إزاء هذه الرسالة. واتصلت «الأخبار» بعضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق، مساءً، لسؤاله عن قراءته للرسالة السعودية، فرد قائلاً: «لم أطّلع عليها بعد»!
من جهتها، استمرت كتلة المستقبل النيابية في تحويل هجوم اعضائها على الجيش اللبناني إلى هجوم على الحكومة، إذ طالبت بعد اجتماعها امس الرئيس ميقاتي بـ«الاستقالة فوراً».
عون: من سيقف على حاجز؟
وفيما يستمر التحقيق مع ضباط وعناصر حاجز الكويخات على خلفية مقتل عبد الواحد ومرعب، تساءل رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «اذا تم التحقيق مع العسكريين فمن سيقف بعدها على حاجز للجيش؟». ولفت عون عقب الاجتماع الأسبوعي للتكتل، إلى أن «توقيف العسكريين مخالفة، فهم ليسوا مجرمين وهم كانوا يقومون بمهمة» وقال: «من طالب بسحب الجيش بدو سحب لسانه»، مؤكداً أن «كل السياسيين الذي هاجموا الجيش وحرّضوا عليه سيذهبون بخبر كان».
معلومات الجميّل
وفي السياق نفسه، رفض النائب سامي الجميل، اتهام الجيش باغتيال الشيخين، داعياً الى انتظار التحقيق وكشف «ظروف هذه الحادثة لكي نعرف على من تقع المسؤولية. ولكن من غير المقبول القول إن الجيش يغتال». وكشف عن معلومات «من مصادر أمنية انه حدث توقيف على الحاجز وعندما رفض موكب الشيخ عبد الواحد الامتثال اطلق الجيش 3 طلقات في الهواء فرد عناصر الموكب بإطلاق النار واصابوا ثلاثة عناصر من الجيش الذي رد عناصره بإطلاق النار، ما ادى الى مقتل الشيخ عبد الواحد ومرافقه. هذه هي المعلومات التي وصلتني قد تكون صحيحة وقد لا تكون صحيحة، وفي جميع الاحوال علينا انتظار نتائج التحقيق».
«حزب الله» يعزّي قباني
ووسط هذه الأجواء برز اتصال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بمفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني معزياً باسم الامين العام السيد حسن نصر الله وقيادته بوفاة الشيخ عبد الواحد، مؤكداً «الحرص على ضرورة الاستقرار ومساندة دور الجيش الحساس والمهم لحماية السلم الاهلي والامن في لبنان».
من جهة أخرى، علّق النائبان علي عمّار ونوار الساحلي على الهجوم المسلح الذي شنه تيار المستقبل على مركز التيار العربي في الطريق الجديدة، وحمّل عمّار« الدولة بأجهزتها السياسية والأمنية مسؤولية حماية السياسيين والمواطنين، وعدم إفساح المجال أمام ميليشيا حزب المستقبل للعبث بأمن الوطن واستقراره»، واعتبر الساحلي أنه «أصبح جلياً وواضحاً لكل الناس أن حزب المستقبل لا يمكنه تقبّل الرأي الآخر».
الاربعاء ٢٣ أيار ٢٠١٢