الدولة تحتفل بإطلاق شادي المولوي

نفّس إخلاء سبيل الموقوف شادي المولوي الاحتقان في الشمال، لكنه هشّم صورة الدولة التي سعت إلى إطلاق سراح المولوي، رافعة الغطاء عن اجهزتها الامنية. في هذا الوقت، دخلت السعودية على خط الاحداث اللبنانية، داعية لبنان، على لسان ملكها، إلى النأي بنفسه عن الصراعات الخارجية

شادي المولوي إلى الحرية. الخبر أدّى إلى تهدئة التوتر الأمني في طرابلس. لكنه من جهة أخرى، ترك لطخة سوداء على صورة الدولة اللبنانية، إن لم يكن قد أسقطها. سياسيون كثر رحبوا بالأمر، من باب تهدئته لنفوس الغاضبين في طرابلس، لكن لا أحد دافع عنه خلف الأبواب المغلقة. كلمة «بشع» راجت على ألسنة عدد كبير من السياسيين والأمنيين والقضاة لوصف ما يحدث. ثمة رسالة وصلت امس إلى اللبنانيين: لن يكون بمقدور أجهزة الدولة، أقله على المدى المنظور، أن توقف مطلوباً، إلا من كان بلا سند سياسي وجماهيري.

سياسيون وأمنيون سألوا أمس: إذا كان شادي المولوي بريئاً، فلماذا ادعى عليه القضاء العسكري، ثم أصدر مذكرة توقيف بحقه، قبل أن يرفض تخلية سبيله؟ وإذا كان المولوي بريئاً، وإذا رضخت الدولة اللبنانية وقضاؤها للضغوط القطرية للإفراج عن الموقوف القطري عبد العزيز العطية، فلماذا لا يزال الأردني عبد الملك عبد السلام موقوفاً؟ الجواب بشقين: الاول هو أن الأردني أوقف بناءً على معلومات أميركية موثقة، ودولته لن تطالب بإطلاقه، ولأن لا احد في الدولة اللبنانية سوف يجرؤ على إطلاق سراح شخص تتهمه الولايات المتحدة الأميركية بالانتماء إلى تنظيم القاعدة. اما الشق الثاني، فهو سياسي داخلي. والساسة أمس تسابقوا على خطب ودّ المولوي وجمهوره. ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، بدأت ماكينة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العمل من اجل إطلاق سراح المولوي. وذكرت مصادر معنية بالملف أن ميقاتي اجرى سلسلة اتصالات شملت رئيس الجمهورية والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا. وكان ميقاتي مصراً على ضرورة إخلاء سبيل المولوي، لما لعدم الموافقة على ذلك من أثر سلبي على الوضع الأمني والشعبي في طرابلس. وبعدما حصل ميقاتي على موافقة من ميرزا، وعلى ضمان بألا تمانع النيابة العامة تخلية سبيله، أبلغ جهات شمالية بأن القرار بإطلاق سبيل المولوي قد اتخذ.

ويوم امس، وافق قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبي على إطلاق المولوي، بعد موافقة مفوض الحكومة العسكرية القاضي صقر صقر أيضاً على الطلب الذي قدمه وكيل المولوي المحامي محمد حافظة.

وانتقل ميقاتي إلى طرابلس امس، لمتابعة الأوضاع الميدانية، ولاستقبال المولوي. وأكد في دردشة مع الاعلاميين أنه مستمر في تحمل مسؤولياته، جازماً بأنه لن يقدم استقالته «لأن ثمة محاولة لاغتيال الوطن، وانا سأبقى لمنع هذه الاغتيال». وأعلن أنه في المبدأ لا يمانع إحالة قضية مقتل الشيخين على المجلس العدلي «لكن يجب أولاً استشارة وزير العدل ودراسة الموضوع من الناحية القانونية قبل عرضه على مجلس الوزراء». وأشار إلى أن القضاء اتخذ «الاجراءات المناسبة مع العسكريين الذين كانوا متواجدين عند الحاجز»، مؤكداً أن «لا حصانة لأحد».

رسالة من عبد الله إلى سليمان

في غضون ذلك، سلّم السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري رئيس الجمهورية ميشال سليمان رسالة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز أشار فيها إلى ان المملكة تتابع «ببالغ القلق تطورات أحداث طرابلس وخصوصاً لجهة استهدافها لإحدى الطوائف الرئيسية التي يتكون منها النسيج الاجتماعي اللبناني».

وأضاف «نظراً لخطورة الأزمة وإمكانية تشعبها لإحداث فتنة طائفية في لبنان، وإعادته لا قدر الله إلى شبح الحرب الأهلية، فإننا نتطلع إلى حكمة فخامتكم في محاولة التدخل لإنهاء الأزمة، وفي الإطار العام لمبادرتكم ورعايتكم للحوار الوطني اللبناني، وحرصكم على النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية، وخصوصاً الأزمة السورية المجاورة لها». وبعدما ذكَر الملك بما قدمته بلاده للبنان، سياسياً واقتصادياً، قال: «ولعلكم تتفقون فخامتكم على أن هذه الجهود، مهما بلغ حجمها ووصل مداها سوف تظل قاصرة إن لم تستجب كافة الأطراف اللبنانية الفاعلة لها، وتغلب مصلحة الوطن اللبناني أولاً على ما عداه من مصالح فئوية ضيقة، أو خدمة مصالح أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان، ولا للمنطقة العربية عموماً».

ورأت مصادر سياسية أن رسالة الملك تأتي في إطار السعي إلى استمالة سليمان إلى جانب السعودية، وإلى التذكير بضرورة الابتعاد عن إيران، في إطار التجاذب الذي تشهده المنطقة بين الرياض وطهران. وبنت المصادر كلامها هذا على العبارة الأخيرة التي تتحدّث عن «أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان، ولا للمنطقة العربية». من جهتها، لزمت القوى الحليفة للسعودية الصمت إزاء هذه الرسالة. واتصلت «الأخبار» بعضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق، مساءً، لسؤاله عن قراءته للرسالة السعودية، فرد قائلاً: «لم أطّلع عليها بعد»!

من جهتها، استمرت كتلة المستقبل النيابية في تحويل هجوم اعضائها على الجيش اللبناني إلى هجوم على الحكومة، إذ طالبت بعد اجتماعها امس الرئيس ميقاتي بـ«الاستقالة فوراً».

عون: من سيقف على حاجز؟

وفيما يستمر التحقيق مع ضباط وعناصر حاجز الكويخات على خلفية مقتل عبد الواحد ومرعب، تساءل رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «اذا تم التحقيق مع العسكريين فمن سيقف بعدها على حاجز للجيش؟». ولفت عون عقب الاجتماع الأسبوعي للتكتل، إلى أن «توقيف العسكريين مخالفة، فهم ليسوا مجرمين وهم كانوا يقومون بمهمة» وقال: «من طالب بسحب الجيش بدو سحب لسانه»، مؤكداً أن «كل السياسيين الذي هاجموا الجيش وحرّضوا عليه سيذهبون بخبر كان».

معلومات الجميّل

وفي السياق نفسه، رفض النائب سامي الجميل، اتهام الجيش باغتيال الشيخين، داعياً الى انتظار التحقيق وكشف «ظروف هذه الحادثة لكي نعرف على من تقع المسؤولية. ولكن من غير المقبول القول إن الجيش يغتال». وكشف عن معلومات «من مصادر أمنية انه حدث توقيف على الحاجز وعندما رفض موكب الشيخ عبد الواحد الامتثال اطلق الجيش 3 طلقات في الهواء فرد عناصر الموكب بإطلاق النار واصابوا ثلاثة عناصر من الجيش الذي رد عناصره بإطلاق النار، ما ادى الى مقتل الشيخ عبد الواحد ومرافقه. هذه هي المعلومات التي وصلتني قد تكون صحيحة وقد لا تكون صحيحة، وفي جميع الاحوال علينا انتظار نتائج التحقيق».

«حزب الله» يعزّي قباني

ووسط هذه الأجواء برز اتصال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بمفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني معزياً باسم الامين العام السيد حسن نصر الله وقيادته بوفاة الشيخ عبد الواحد، مؤكداً «الحرص على ضرورة الاستقرار ومساندة دور الجيش الحساس والمهم لحماية السلم الاهلي والامن في لبنان».

من جهة أخرى، علّق النائبان علي عمّار ونوار الساحلي على الهجوم المسلح الذي شنه تيار المستقبل على مركز التيار العربي في الطريق الجديدة، وحمّل عمّار« الدولة بأجهزتها السياسية والأمنية مسؤولية حماية السياسيين والمواطنين، وعدم إفساح المجال أمام ميليشيا حزب المستقبل للعبث بأمن الوطن واستقراره»، واعتبر الساحلي أنه «أصبح جلياً وواضحاً لكل الناس أن حزب المستقبل لا يمكنه تقبّل الرأي الآخر».

الاربعاء ٢٣ أيار ٢٠١٢

الأكثر قراءة