بمناسبة الذكرى الأولى لرحيل القائد الخالد هوغو رفاييلتشافيز فرياس،
تتشرف سفيرة الجمهورية البوليفارية الفنزويلية في لبنان
سعاد كرم د.
بدعوتكم للقاء عام ولحضور فيلم وثائقي تخليدا لمسيرته الثورية العظيمة
الزمان: الأربعاء ٥ آذار ٢٠١٤ عند الخامسة عصرا
المكان: مقر سفارة الجمهورية البوليفارية الفنزويلية،
بناية الحجل (فوق حلويات البابا)، الطابق الثاني، أوتوستراد جل الديب
توزع نسخة عن الفيلم للحضور
محمد صالح - السفير
تركت مسيرة الأحد في صيدا بذكرى استشهاد معروف سعد، مفاجأة في مختلف الأوساط، نظراً لحجم الحشد الذي شارك فيها، والذي أعاد لعاصمة الجنوب موقعها التاريخي كمدينة عروبية مقاومة ترفض الفئوية والانعزال. «هذه صيدا، اهلها مسالمون طيبون الا لمن يسيء اليهم. انهم الناس الذين يفخرون بمدينتنهم.. لقد اخذوهم الى حيث لا يرغبون، نطقوا باسمهم وألبسوا المدينة ثوبا غير ثوبها، وصيدا من خلال مسيرة ذكرى استشهاد المناضل معروف سعد عبّرت عن موقفها وقالت كلمتها.. وكفى لكل الذين يتحدثون باسم هذه المدينة العظيمة صيدا». بهذه الكلمات يلخّص الامين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور اسامة سعد رأيه بمسيرة صيدا التي انطلقت الاحد بمناسبة استشهاد الزعيم معروف سعد «الذي نطق باسم الفقراء، وحمل همومهم وقضاياهم الوطنية والقومية العربية وقاد مسيرة الدفاع عن تلك الشريحة المهمّشة من الطبقة العاملة، فئة الصيادين، قبل 39 عاما». صيدا عبرّت الأحد في المسيرة التي اخترقت شوارعها عن رفضها للارهاب وللانتحاريين وللاحزمة الناسفة المتفجرة، وللوضع التي وجدت فيه هذه المدينة نفسها فجأة، مع انها ما عرفت يوما تعصبا ولا تمذهبا لا طائفيا ولا مناطقيا. هي المدينة التي تماهت حتى الاندماج الكلي مع الجنوب والمقاومة، ومع فلسطين والتي قدمت لها اول الشهداء الذي استشهد في المالكية عام 1936، حين كان يقود الشهيد معروف سعد كوكبة من المناضلين الصيداويين ضد الصهاينة وعصابة «الهاغانا» اليهود. الدكتور اسامة سعد مسرور بتلك المسيرة التي اخترقت شوارع صيدا امس الاول، ويؤكد امام زواره «ان المدينة قد تشهد حلحلة ما في وضعها الاقتصادي والتجاري المأزوم، لأن اهلنا في جوار المدينة، وكذلك في الجنوب وشرق صيدا وجزين وفي اقليم الخروب، قد يجدون في هذه المسيرة متنفسا مناسبا لهم ولوضعهم النفسي والمعنوي، وسيتشجّعون على زيارة المدينة من جديد انطلاقا من عنوان تلك المسيرة والتي مضت من دون ضربة كف واحد». كسب اسامة سعد الرهان ونجح في قيادة مسيرة شعبية في الشارع. فانطلاق مسيرة بهذا الزخم بعد 39 عاما على تلك المناسبة، يشكّل تحديا للمخاطر الأمنية، خاصة ان «التنظيم الشعبي الناصري» والدكتور اسامة سعد على صلة مباشرة بالمقاومة ومجتمعها، ومع الجنوب والجنوبيين، انطلاقا من صيداويته العتيقة المحببة الى قلبه التى يتمترس خلفها ولا يقبل ان يزايد عليه احد في حبه لها. مصادر صيداوية تؤكد ان صيدا قبل مسيرة الاحد هي غيرها بعده، لان اكثر من 4500 مواطن، جلّهم من الصيداويين، حملوا دمهم على كفهم وقالوا بالصوت العالي: «لا للارهاب التكفيري ولا للسيارات المفخخة». وساروا بالجسد العاري وسط الشوارع متحدّين كل التحذيرات وكل الاصوات التي حاولت منعهم من تلك المسيرة حرصا على سلامتهم، وفي مقدمتهم اسامة سعد ومن سار الى جانبه من ممثلي الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية والفلسطينية والفعاليات الصيداوية والجنوبية والفلسطينية، فان هؤلاء لن يفرّطوا بهذا الانجاز الذي صنعوه. الدكتور أسامة سعد خاطب الحشد الشعبي قائلا: «أيها المقاومون للاحتلال. يا من ترفضون إخلاء الساحة لقوى الظلام والإرهاب، كما رفضتم إخلاءها للعدو وعملائه، انكم بهذه المشاركة الحاشدة تثبتون أننا جميعاً أبناء شعب يريد أن ينعم بالأمن والاستقرار، وأن يحيا حياة حرة كريمة، وهو يرفض الصراع الطائفي والمذهبي ويرفض الدمار والانتحار.. هكذا أرادها معروف سعد». ورأى سعد انه «في مواجهة الارهاب التكفيري يقف بصلابة مناضلو التنظيم الشعبي الناصري والقوى الوطنية، كما يقف أبناء صيدا المخلصون الذين أذاقوا قوات العدو الصهيوني وعملاءه ذل الهزيمة والانكسار، وجعلوا من المدينة قلعة للمقاومة وبوابة للجنوب المقاوم». وقال: «ان أبناء صيدا قادرون على التصدي لكل الظواهر الشاذة الطارئة، وهم مصممون على الحفاظ على مدينتهم مدينة للتنوع والحرية والتسامح، وعلى حماية دورها وتعزيز الحركة والازدهار في ربوعها». وشدد على «ان المواطنين الأبرياء المسالمين يقعون ضحايا التفجيرات الانتحارية الإجرامية المتنقلة بين منطقة وأخرى. والجيش اللبناني الباسل يقدّم الشهداء دفاعاً عن المواطنين والوطن، وعن الأمن والاستقرار». ودعا «الحكومة الى توفير الغطاء السياسي للقوى العسكرية والأجهزة الأمنية لردع المرتكبين والمجرمين، والسيطرة على البؤر الأمنية، وخفض مستوى التوترات في الشارع». واوضح انه «تقع على عاتق المجتمع اللبناني ومنظمات المجتمع المدني وسواها، المسؤولية في خطة المواجهة الشاملة، كما انه على المرجعيات الدينية واجب التصدي للإرهاب على كل الصعد». وشدد على «ان من أولى واجبات الحكومة العتيدة حماية لبنان من العدوانية الصهيونية من خلال تعزيز التعاون مع المقاومة في إطار استراتيجية دفاعية تحفظ السيادة والاستقلال. فمن حق الشعب اللبناني، بل من واجبه، مواجهة العدوان بواسطة الجيش والمقاومة لحماية الأرض والسيادة والاستقلال»، لافتا الى انه «من أولى واجبات هذه الحكومة أيضاً إنجاز الانتخابات الرئاسية وإنجاز قانون للانتخابات النيابية يلبي طموحات الشعب اللبناني بالوصول إلى انتخابات قائمة على النسبية والدائرة الواحدة».
صراعه الطويل مع المرض لم يُسكت حنجرته العذبة وبحّة صوته الشجية. منذ السبعينيات، راكم «شاعر الثورة الفلسطينية» أكثر من 300 أغنية مسكونة بحلم العودة وبعذابات الشتات، إلى أن انطفأ أخيراً في حمص بعيداً عن مسقط رأسه
عروبة عثمان - الاخبار
غزة | أول من أمس، رحل «شاعر الثورة الفلسطينية» أبو عرب (إبراهيم محمد صالح 1931 _ 2014) في مقر إقامته في حمص، ومعه انطلقت حملات النبش والتقليب في أرشيفه الزاخر بأغنيات تنبض بالقضية الفلسطينية. صراعه الطويل مع المرض لم يُسكت حنجرته العذبة وبحّة صوته الشجية. حين كان ممدّداً على فراش الموت كطفلٍ صغير، شدا للوطن بصوتٍ تسكنه كل عذابات الفلسطينيين. إبراهيم محمد صالح الملقّب بـ«أبو عرب» ليس مجرد اسمٍ تزدان به قائمة الفنانين الفلسطينيين.
هو حكايةٌ تشابكت فيها حروف الحنين إلى الديار مع قَسَمٍ بعدم محوها من ذاكرته. «ما نسيتك يا دار أهلي ما نسيتك يا دار. كني بنسى دمي وجرحي، بنساكي يا دار». كلماته حُفرت في نفس كلّ تواقٍ للعودة إلى بلاده. كان أبو عرب بمثابة قضية تضافرت فيها كلّ عوامل نصرتها. لم يضع خطاً فاصلاً بين حياته الشخصية وأغانيه الوطنية. اتّسمت العلاقة بين حياتيه الشخصية والفنية بالتكامل. والده استشهد خلال اجتياح قوات الاحتلال لفلسطين عام 1948، وعاش أبو عرب وجعاً مضاعفاً حين رثى ابنه الشهيد في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. وقع في غرام الكوفية الفلسطينية، فالتصقت به والتصق بها. لم تفارق رأسه تلك الكوفية التي أهداه إياها الرئيس الراحل ياسر عرفات. كان شديد الاندماج مع أغانيه، يؤديها بإحساسٍ عالٍ، ملوّحاً على وقعها بصديقته الكوفيّة. «شاعر المخيمات» جمعته مسيرته بعددٍ من القادة والكتّاب والشعراء، بينهم ياسر عرفات، وخليل الوزير، وصلاح خلف، وشفيق الحوت، وسعد صايل، وغسان كنفاني، وناجي العلي، ومظفر النواب، وجمال عبد الناصر، وجورج حبش، وأحمد فؤاد نجم، وأحمد مطر، ويوسف الخطيب، وعبد الرحمن الأبنودي. مرّ في حياته بكل هذه الأسماء، غير أنّ حلمه في المرور بطريق فلسطين ظل يراوده، إلى أن مرّ بطريق مسقط رأسه قرية «الشجرة» (قضاء طبرية) عام 2012 بعد 64 عاماً من الغياب. لم يتمالك نفسه وهو يتجوّل بين شوارع القرية، فأنشد ارتجالاً للقرية ولعين الماء فيها وشجرة التوت في داره. منذ أن دقّت ساعة النكبة، لم يبخل أبو عرب بحنجرته على القضية، غير أن مسيرته انطلقت بشكل منظّم ومكثّف عام 1978 حين طلب منه عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الشهيد ماجد أبو شرار، تسجيل الأغنيات والأهازيج الوطنية في إذاعة «صوت فلسطين». هكذا، سجّل أكثر من 16 شريطاً ضمّت 140 أغنية استمر تسجيلها حتى 1982. أنشأ فرقته الأولى عام 1980 باسم «فرقة فلسطين للتراث الشعبي». كان «صوت الثورة» شغوفاً بالفنان الشهيد ناجي العلي، فخلّد اسمه بتغيير اسم فرقته إلى «فرقة ناجي العلي». راكم أبو عرب كمّاً كبيراً من أغنيات الثورة، قبل أن يغمض عينيه، تاركاً خلفه 300 أغنية منذ السبعينيات. حالة الترحال التي عاشها بين تونس ولبنان وانتهاءً بسوريا، دفعته إلى ترسيخ مفاهيم التشبّث بالعودة ومفتاحها، متوسّلاً تارةً البحر ليهدئ من حركته علّه يوصل سلاماته للأرض التي تربّى في كنفها (هدّي يا بحر هدّي، طوّلنا في غيبتنا، ودّي سلامي ودّي، للأرض اللي ربتنا)، وطوراً لدياره كي لا تشرع أبوابها في وجه أحدٍ طيلة غيابه عنها. اجتمعت في شاعر الثورة كلّ ميزات الفنان، فألّف ولحّن أغانيه من أشهرها: «من سجن عكا»، «العيد»، «الشهيد»، «دلعونا»، «يا بلادي»، «يا موج البحر»، «هدي يا بحر هدي»، «ما نسيتك يا دار أهلي»، وأغاني العتابا والمواويل. رحل أبو عرب من دون أن يغمره تراب قريته «الشجرة»، فبقيت أغنيته «مهما طولنا المشوار، راجعلك يا ديرتنا» يتردّد صداها على امتداد الوجود الفلسطيني، فمشوار أبو عرب طال، لكن هذه المرة ليس بعيداً عن «الشجرة» فقط، إنما بعيداً عن الأرض كلها!
يواصل المفكر الشهير تحليلاته الذكية للسياسات الأميركية حيال أزمات العالم. كتابه «صناعة المستقبل»، الذي انتقل أخيراً إلى المكتبة العربية، يضم 50 مقالاً تناول فيها مواضيع عدة بشراسته النقدية المعهودة
يزن الحاج - الاخبار
بالنشاط المذهل ذاته، يتابع المفكر الأميركي نوام تشومسكي (1928) إصدار مؤلّفاته التي قاربت المئة. 50 مقالاً هي محتوى كتابه «صناعة المستقبل: الاحتلال، التدخّلات، الإمبراطوريّة والمقاومة» (2012) الذي صدرت نسخته العربية أخيراً (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر). تتناول المقالات مواضيع شتى في السياسة الخارجية الأميركية: صعود الصين كقوة عالمية جديدة، تطورات أميركا اللاتينية، البرنامج النووي الإيراني، الصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي، وحركة «احتلوا وول ستريت».
جاءت فكرة عنوان الكتاب رداً على التصريح المنسوب إلى كبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن «نحن صنّاع التاريخ... وأنتم، جميعاً، ستحللون أعمالنا لا أكثر». سنجد في التصدير الذي قدّم فيه جون ستيكني (المحرر في «نيويورك تايمز») للكتاب الاقتباس الشهير لماركس «لا تقتصر المهمة على فهم العالم بل على تغييره». وقد ورد على لسان تشومسكي خلال خطابه الموجّه إلى متظاهري حركة «احتلوا»، وأكمله تشومسكي بالقول «لكن لا بد من التيقن أنّ تغيير العالم يحتاج حتماً إلى فهمه». بهذه الروح النقدية، سيتابع تشومسكي مقالاته لتحليل أحداث العالم، وللنقد الشرس للسياسة الأميركية. رغم تركيز الكتاب على كوريا الشمالية، وأميركا اللاتينية والصين، إلا أنّ تشومسكي يُفرد مقالات عدة للحديث عن المنطقة العربية، ولا سيما الوضع الفلسطيني المأسوي سياسياً وإنسانياً. في هذه المقالات، يبدو تشومسكي، كعادته، شديد القسوة في انتقاده لـ«الوسيط الأميركي» (عبارة تستخدمها وسائل الإعلام للتغطية على حقيقة الانحياز الأميركي لإسرائيل) خلال استعراض تاريخ المفاوضات المتعثرة منذ عام 1967. هو يحمّل مسؤولية إخفاقها لإسرائيل والولايات المتحدة بالقدر نفسه، إذ يعتبر أن الولايات المتحدة «شريك كامل» في الاعتداء والاحتلال. ويشير ساخراً إلى أنّ مفاوضات طابا عام 2001 كادت تحقق النجاح لأن الولايات المتحدة «لم تكن موجودة كوسيط». ويبدو تشومسكي في هذه المقالات متذبذباً في رؤيته للحل النهائي للقضية الفلسطينية. يعرض التوقّعات بشأن «حل الدولتين»، فيما تميل تحليلاته إلى حل الدولة الواحدة، عدا أفكاره الأناركيّة المتمثلة في هجومه على مبدأ السلطة السياسية والعسكرية بحد ذاته، سواء كان ذلك بشأن الولايات المتحدة أو إسرائيل أو حتى مصر وإيران. انتقاده الصريح لنائب الرئيس ديك تشيني الذي صرّح بأن الإدارة الأميركية «لا تسير وفقاً لتقلب نسب استطلاعات الرأي»، لا يعني بأن تركيبة السلطة و«فكرة الديموقراطية الأميركية» هما وحدهما المشمولتين بالانتقاد، بل أيضاً طبيعة السلطة القائمة على مبدأ الاقتراع كل أربع سنوات من قبل الشعب الذي «يختار بين مرشحين، ثم عليه أن يلتزم الصمت». إنّ تشومسكي يبدو هنا قريباً من أفكار آلان باديو الرافضة لـ«الديموقراطية البرلمانية»، وأفكار سلافوي جيجك المفكِّكة لـ«فرضية الديموقراطية الرأسمالية». ويتّضح هذا التقارب في المقالات التي تتناول الوضع الاقتصادي العالمي (الأميركي بشكل أخص) بعد الأزمة المالية عام 2008، إذ يتفق باديو وجيجك على أن ما يجري على الأرض هو انتقاد خجول للرأسمالية ومحاولة لـ«استبدال الرأسمالية المتطرفة برأسمالية معتدلة». وهذا يتفق مع رؤية تشومسكي الذي يلاحظ بأنّ السلطة السياسية الأميركية تحاول محو التاريخ النضالي للعمال الأميركيين من خلال اعتبار أنّ الأول من أيار (مايو) ليس عيداً للعمال، بل «لإعادة تأكيد الوفاء للولايات المتحدة والاعتراف بإرث الحرية الأميركية». ولذلك دعا متظاهري حركة «احتلوا» إلى «إنشاء مجتمعات تعاونية قد تشكّل ركيزة (...) لتجاوز العقبات التي تواجهنا والصدام الذي بدأ»، وإن هذا الصدام طبقيّ بالضرورة، ولو لم يصرّح تشومسكي بذلك بشكل مباشر. بعيداً عن المظهر الخارجي للمقالات الذي يبدو تحليلاً للسياسة الخارجية فحسب، يمكننا ملاحظة أن الرسالة الضمنية لتشومسكي هي تلك المتعلقة بـ«إعادة السياسة إلى الشعب»، وانتزاعها من أيدي القلة الحاكمة، سواء كانت علمانية أو دينية، عسكرية أو مدنية، سياسية أو اقتصادية. يقول في مقارنته الحرب على أفغانستان بالحرب على فيتنام: «تذكّرنا مذكرة وكالة الاستخبارات بأن للدول عدواً داخلياً، ألا وهو الشعب. ولا بد من السيطرة عليه عندما تتعارض سياسة الدولة مع رغبته»، أو حين يشير دائماً إلى ضرورة «استشارة السكان»، سواء كان ذلك أثناء تحليله للسياسة الخارجية، أو في مناقشته للأراضي المتنازع عليها في المفاوضات الفلسطينية _ الإسرائيلية. ربما تكون هذه الرسالة الضمنية هي السبب الأكبر في كون تشومسكي أحد أكبر المتعرضين لمآسي الرقابة، رغم الانتشار الكبير لكتاباته في المحور المعادي للسياسات الأميركية. ما يُنشر لتشومسكي هو ما تسمح به الرقابة السلطوية بعيداً عما قد يُفهم منه انتقاد صريح أو ضمني لسلطة هذه الدولة أو تلك؛ وكتاب «صناعة المستقبل» مثال واضح، فليس ثمة سلطة تنجو من انتقاداته اللاذعة، سواء كانت حليفة «معتدلة» للولايات المتحدة كالسعودية أو بريطانيا أو إسرائيل أو مصر أو السلطة الفلسطينية، أو عدواً «متطرفاً» كإيران أو كوريا الشمالية أو فنزويلا أو «حماس». ورغم أنّ الفترة التي يغطيها الكتاب تسبق «الربيع العربي»، إلا أنه لا يخلو من بعض الإشارات والتنبؤات بشأن مستقبل العالم العربي الذي «يغلي بفعل الانتفاضات»، وليس مصادفة أن تتمحور المقالات الأخيرة من الكتاب (في عامي 2010 و2011) حول موضوعين أساسيين، هما: استيلاء الشركات على السلطة الفعلية للدول، والانهيار التدريجي للأنظمة في العالم. ولهذا يختتم تشومسكي كتابه بأن مصدر الخطر الفعليّ من الغليان الشعبي في هذه المنطقة أو تلك هو الاستقلال. مع أن السياق الذي وردت فيه العبارة يشير إلى الاستقلال عن السياسة الأميركية، إلا أن الرسالة الضمنية تتوضح تدريجاً بأن المعنى هو الاستقلال عن أي سلطة، وعن كل سلطة.
جزء ثانٍ
«صناعة المستقبل» هو الجزء الثاني من سلسلة الأعمدة المضادة (Op-ed) التي يكتبها تشومسكي شهرياً لصحيفة «نيويورك تايمز». صدر الجزء الأول «تدخلات» عام 2007 (صدرت ترجمته العربية تحت عنوان «مداخلات» عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» ــ 2008)، وضمّ المقالات المنشورة بين عامي 2002 و2007. أما الكتاب الثاني فضمّ المقالات المنشورة منذ شهر نيسان (أبريل) 2007، وصولاً إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2011.
السفير
رفعت «لجنة حقوق المرأة»، في لقائها الإعلامي أمس، لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الصوت عالياً، بسلة من المطالب المتعلقة بحياة الإنسان في لبنان، على مستويات الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديموقراطي والنقابي، لتعود إلى النساء ومطالبهن وحقهن بالمساواة التامة وبمنح الجنسية. ولم تنسَ اللجنة مطلباً أساسياً تمثل باستحداث قانون مدني موحد للأحوال الشخصية. وردّت اللجنة، عبر تحديدها أولوياتها الوطنية والنسائية والحقوقية، على الأداء الرسمي للمسؤولين اللبنانيين الذين يتعاطون مع قضايا النساء وكأنها شأن منفصل عن السياسات العامة في البلاد من جهة، وعلى تعاملهم معها بمنطق الذكورية ومسايرة الطوائف والنظام السياسي الطائفي على حساب القضايا عينها. ونجحت اللجنة في رد قضايا النساء إلى إشكاليتها الأساسية الكامنة في حق المواطنين نساءً ورجالاً في العيش بدولة ديموقراطية ومدنية وعصرية، وبالأمن على أنواعه، وبالسلم والطمأنينة والتمثيل الديموقراطي الصحيح، وبالاستقرار وبالرخاء الاقتصادي، وبضمان الحقوق النقابية، على طريق إنصاف النساء في مسألة الافتقاد للمساواة في قطاعات عدة. وخصصت اللجنة في خطاب «خريطة الطريق»، التي رسمتها، وتلتها رئيستها عزة الحر مروة، موضوع العنف الأسري حيزاً أساسياً على خلفية جرائم قتل النساء التي هزت المجتمع مؤخراً. من رلى يعقوب إلى منال العاصي إلى كريستال أبو شقرا، وكل أولئك المهددات في منازلهن في غياب قانون يحمي النساء من العنف الأسري ويشكل رادعاً، ويحول دون إفلات مرتكبي العنف من العقاب. فالعنف، ليس ضد النساء فحسب، بل ينتهك مبادئ المساواة في الحقوق واحترام الكرامة الإنسانية، ويطيح بالنهج الذي يعترف بالمرأة شريكة مساوية للرجل وعنصراً أساسياً يتقاسم معه المسؤوليات والأدوار وبناء الأسرة والدولة ومعهما الوطن. ومن العنف ضد النساء الذي فرض نفسه في صدارة الأمور الطارئة التي تحتاج إلى معالجة جذرية، انتقلت مروة إلى مجموعة من القوانين المجحفة التي تمكن المجتمع المدني من تعديلها بما يعيد للمرأة الإنسان بعض حقوقها على صعيد العمل والتقديمات التأمينية. ومن هذه القوانين نظام المنافع والخدمات في تعاونية موظفي الدولة وقانون التقاعد والصرف من الخدمة (المادة 14 من قانون الضمان الاجتماعي)، وبعض مواد قانون العمل وقانون التنزيل الضريبي، وإلغاء جريمة الشرف والمساواة في التعويض العائلي. وأكدت أن العمل مستمر مع اللجان المختصة في مجلس النواب من أجل استكمال التعديلات اللازمة في قانون العقوبات وغيره من القوانين. وردت اللجنة بعض «الاخفاقات» إلى بنية النظام السياسي القائم في لبنان والنظام الطائفي الفئوي المتجذر في مجتمع ذكوري، يحول دون اعتبار آمال النساء في المساواة وقضاياها همّاً وطنياً عاماً، ويواجه هم المواطنين كافة، لبناء دولة مدنية ووطن ديموقراطي. وبالرغم من التوصيف الدقيق للحكومة الحالية والدور المتوقع منها في ظل محاولة «كل فريق سياسي في لبنان كسب الوقت ربطاً بالتطورات الإقليمية وما يجري في سوريا»، إلا أن اللجنة طالبت مجلس الوزراء بإيلاء قضايا المواطنين الحياتية الاهتمام اللازم ومعالجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة وطبعاً توفير الأمن والاستقرار اللازمين. وفي ظل ما يحصل في العالم العربي من تغييرات، أعادت اللجنة توجيه البوصلة نحو فلسطين حيث يبرز التآمر على القضية ولشطب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بحقي تقرير المصير والعودة وبناء دولته، في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وتكريس يهودية «دولة إسرائيل». ووضعت اللجنة ما يجري في إطار «تفتيت المنطقة العربية وإعادة رسم خريطتها وفق ما يسمى «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، وشرذمتها إلى كيانات متناحرة عرقياً ودينياً ومذهبياً بغرض تأييد سيطرة الاستعمار الجديد وتسهيل نهب الثروات العربية بعد مصادرة ثوراتها». وشددت على أن ما يحصل من حولنا يضع لبنان في قلب العاصفة على الصعد كلها. وبناء عليه، أكدت اللجنة التزامها بجملة من الخطوات النضالية، على الصعد السياسية والاقتصادية - الاجتماعية وقضايا النساء والإعلام. والتزمت اللجنة على الصعيد السياسي بالعمل والتنسيق بين الأطراف السياسية اللبنانية من أجل حماية لبنان، ووضع المصلحة الوطنية قبل كل اعتبار، وبالتيقظ ومواجهة خطر الموت الذي يفتك بالمواطنين والجيش في مختلف المناطق، ومنع تأجيج الأوضاع الداخلية، والنضال من أجل السلم الأهلي وتحصين المقاومة الوطنية اللبنانية في مواجهة الاحتلال والعدوان الصهيوني، وذلك استناداً إلى المواثيق الدولية التي تقر حق الشعوب بالدفاع عن نفسها. وفي الإطار السياسي عينه طالبت اللجنة باستحداث قانون انتخاب ديموقراطي عصري، خارج القيد الطائفي، يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس التمثيل النسبي، وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، واعتماد حق الحصة للمرأة (الكوتا) بنسبة 30 في المئة على الأقل، والعمل لتحويل الوعي الجماهيري من الانتماء الطائفي والمذهبي الى الانتماء الوطني، وتنشيط الحياة السياسية وتوسيع مروحة المشاركة، وحثّ المرأة على الانخراط في الأحزاب السياسية وتوسيع مشاركتها في العمل السياسي. وعلى الصعيد الاقتصادي - الاجتماعي، شددت اللجنة على التنسيق مع مختلف الهيئات الشعبية والاتحادات النقابية والقوى الديموقراطية، والدفع باتجاه قيام تيار ضاغط من أجل وضع خطة وطنية للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وهو ما يتطلب وضع آلية لتعزيز الاقتصاد الوطني عبر تطوير القطاعات المنتجة، واعتماد سياسة لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحادة، وحل أزمة البطالة وإيجاد فرص عمل، وتأمين الدولة الرعاية الاجتماعية وتوفير الخدمات الأساسية والتقديمات الاجتماعية، ودعم الحركة النقابية ذات البعد الديموقراطي في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة ومكتسباتها بالأساليب الديموقراطية، والعمل من أجل إقرار حق التنظيم النقابي في القطاع العام. وأكدت دعمها تحرك هيئة التنسيق النقابية التي أثبتت قدرتها على توحيد الحركة النقابية، واقرار مطالبها المحقة، وخصوصاً سلسلة الرتب والرواتب، وتحفيز المرأة للانخراط في العمل النقابي. وعلى صعيد قضية المرأة، التزمت اللجنة بمتابعة النضال من أجل استكمال تعديل قانون العقوبات والضمان الاجتماعي وتنزيهها من التمييز ضد المرأة، وإقرار قانون حماية المرأة من العنف الأسري، ومنح المرأة اللبنانية حق إعطاء جنسيتها لأولادها، واستحداث قانون مدني موحد للاحوال الشخصية، وإصدار مراسيم تطبيقية لوضع التعديلات موضع التنفيذ، وإدماج منظور النوع الاجتماعي (الجندر) في السياسات العامة، وتوعية مجتمعية بشأن الحقوق الإنسانية للمرأة، ومفهوم المواطنة الكاملة، ورفع التحفظات عن «اتفاقية سيداو»، والمصادقة على البروتوكول الاختياري للاتفاقية. وعلى الصعيد الإعلامي، طالبت اللجنة بتفعيل المجلس الوطني للإعلام، ومطالبة وسائل الإعلام بالابتعاد عما يزرع الفتنة ويزعزع الوضع الداخلي، والعمل على تغيير الصورة السلبية عن المرأة اللبنانية في الإعلام، وإبرازها كما هي مواطنة منتجة ومساهمة أساسية في بناء الدولة وتطوير المجتمع، وإعداد دراسات ميدانية لظاهرة العنف، لا سيما الانتهاكات لحقوق المرأة، ومناهضة العنف ضد المرأة بكل أشكاله، وإيلاء مساحة في وسائل الإعلام لطرح قضية المرأة من مختلف جوانبها.
تبرر المقاومة تمسكها بصيغة النظام اللبناني بضبط دائرة الاشتباك في ظل انخراطها في الحرب الإقليمية المستعرة، ولا تخفي خضوعها الكلي للاعتبارات السياسية والاجتماعية ـــ الاقتصادية المحلية لما تراه من مقتضيات الصراع الأوسع. بينما يرى مؤيدون للمقاومة وللمحور الإقليمي ـــ الدولي، الذي تنتمي إليه، ضرورة ارتقائها إلى «حركة تحرر وطني» ذات مشروع تغييري شامل
فراس أبو مصلح - الاخبار
«أخفق النظام السياسي والاقتصادي في تنظيم العلاقة بين الطوائف، أو تحقيق التوازن بين الفئات الاجتماعية»، وتعطلت المؤسسات الدستورية وعمّت الفوضى، نتيجة فشل النظام اللبناني في «التكيف مع التحولات وإدارة الخلافات وإنجاز الحلول»، في خضم «الحروب والتسويات» التي تعيد تكوين المنطقة.
انطلاقاً من هذه الرؤية، ومن استبعاد ولادة نظام إقليمي جديد في وقت قريب، استضاف «المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق» حلقة نقاشية لبحث «تكييف لبنان مع الأزمة». شهد النقاش انقساماً في الرأي بين «انتظارية» لا ترى مكاناً لطروحات إصلاح أو تغيير النظام اللبناني «في لحظة الاشتباك» في المشرق، ومن يرى ضرورة أن تبادر المقاومة تحديداً إلى طرح مشروع اجتماعي شامل، سياسي واقتصادي، كشرط لخروجها من دائرة الدفاع وردود الأفعال، والحفاظ على «مشروعيتها» لدى مؤيديها. «زمن الحلول لم يحن بعد»، يجزم أمين حطيط، داعياً إلى تأجيل بحث القضايا الخلافية الكبرى، كطبيعة النظام اللبناني ووظائفه، والاهتمام بضبط الأمن الاجتماعي، عبر «منع التحريض والمقاطعة والانعزال والعزل» ورفض تسييس القضاء، وتأمين مصالح الناس الحياتية وتفعيل المرافق الخدماتية العامة، و«عدم التنازل عن الحقوق والمكتسبات». تردد منطق «إدارة الأزمة» هذا على أكثر من لسان. فبرغم ملاحظة محمد خواجة «إجماع» الحضور على أن النظام اللبناني «ولّاد للأزمات الداخلية وجاذب للخارجية»، وأنه يعيد إنتاج الصراعات بين «الهدنات»، وأن مخاطر الصراع الحالي «غير مسبوقة»، يقول إن «الإصلاحات لا تُرسم على وقع النيران»، وإن أقصى المستطاع في ظل الظرف الحالي الوصول إلى تسويات ظرفية تضبط الأمن قدر المستطاع، بانتظار «تسوية إقليمية كبرى» ترسي نظاماً جديداً يعيد الاستقرار. اللبنانيون «محكومون بالتسويات الداخلية، وإلا فالحرب الأهلية»، يؤكد خواجة. تتوالى المواقف المحافظة «مرحلياً»، وإن تنوعت خلفياتها ومنطقها: للنظام اللبناني «خلفية دولية وإقليمية تدافع عنه» وتمنع سقوطه، برغم اهترائه وتناقضاته التي «تضطر المقاوم إلى الوقوف مع العميل»، يقول مصطفى الديراني، مبرراً تقاطع إرادات محلية مع تلك «الدولية والإقليمية» على مسألة «المحافظة على الصيغة والنظام»، بداعي «ضرورة الحفاظ على الواقع في ظل العاصفة». «القوى المتاحة أضعف من أن تتصدى للعناوين» الإصلاحية والتغييرية المطروحة، ولا إمكانية أصلاً لبناء دولة في ظل مجتمع مفكك وفي قلب الصراع، يقول رياض صوما، ما يخفض سقف الطموح عنده لـ«إبقاء مستويات الصراع دون الانفجار الشامل»، و«وقف القتل العشوائي»، بالعمل على كافة المستويات، من الثقافة إلى السلاح، و«الالتفاف حول الجيش وما تبقى من الدولة» في مواجهة التكفير. يوافق صوما منطق التسويات الذي ينتهجه حزب الله في الظرف الراهن، ويؤكد في الوقت عينه أن «الحل التاريخي للمنطقة بعودة توسع التيار المدني العروبي الديمقراطي»، مطمئناً إلى أن ذلك لا يعني الصدام الحتمي مع القوى الدينية، بالنظر إلى تجربة تحالف اليسار والكنيسة الشعبية في أميركا اللاتينية. لا يمكن مقاربة الأزمة في لبنان من غير زاوية الصراع الإقليمي والدولي، الذي أحدث انقساماً عمودياً لا يترك مجالاً للتقارب، ولا حل للاستعصاء اللبناني غير التحلي بالصبر وانتظار نتيجة الحرب في سوريا، جزم عضو «كتلة الوفاء للمقاومة»، النائب بلال فرحات. كل ما يجري في لبنان مرتبط بالصراع في المنطقة، و«الحديث عن التفاصيل اللبنانية غير ذي معنى»، يضيف عضو المكتب السياسي لحزب الله، غالب أبو زينب، ويتابع قائلاً أنه ما «من فريقين في لبنان، بل ممثلو فريقين»! الفرق بين طرفي النزاع المرتبطَين بالخارج، بحسب أبو زينب، أن أحدهما له هامش من الاستقلالية يحرص من خلاله على أن لا يؤذي الداخل اللبناني، بينما الآخر «يذهب إلى أقصى الحدود» في خدمته لمحوره الدولي ـــ الإقليمي، «دون حسابات داخلية»، ولا يهمه من الساحة اللبنانية سوى السيطرة والسلطة، فكان يعطل تأليف الحكومة، بانتظار ضرب سوريا وإنشاء نظام موالٍ للأطلسي في دمشق، لينقض على السلطة في لبنان. «الحديث عن بناء الدولة في غير محله وأوانه» فيما يُعاد تأليف المنطقة، يتابع أبو زينب، قائلاً إن الدعوة إلى تغيير بنى السلطة هدفها إعادة «توزيع الجبنة»، لا غير! إستوضحت «الأخبار» أبو زينب حول قوله إن «التفاصيل اللبنانية» لا معنى لها، فأكد أن الكلام عن تغيير داخلي «في لحظة الاشتباك» الإقليمي غير ممكن، وأن أقصى المستطاع في الظرف الراهن «منع التأثيرات على الوضع الداخلي، وعدم الإنجرار» لصراع داخلي، بانتظار إعادة تشكل الإقليم. التغيير البنيوي في صيغة النظام ومعالجة المشاكل الاجتماعية الاقتصادية يتطلبان الاستقرار، ومحاولات التغيير الآن «تفجيرية»، يشرح أبو زينب. لكن ماذا عن السنوات التي سبقت انفجار الصراع في الشام عام 2011، وسنوات الهدنة التي كان يعيشها لبنان بين الحرب والأخرى؟ منذ عام 2004، «استُنزفنا بالأزمات»، يجيب أبو زينب: منذ الأزمة السياسية التي سبقت مقتل الرئيس الحريري، وحالة الغليان والاضطرابات التي تلته، مروراً بمحاولة المس بشبكة الاتصالات السلكية الخاصة بالمقاومة وما نتج عنها من أحداث في أيار من عام 2008، وصولاً إلى إضطرار حزب الله إلى خوض معركة دفاعية في الشام؛ كان الحزب على الدوام يتعامل مع حالة اضطراب واسعة وهجومات مستمرة على المقاومة، لكن في لحظة ما من المستقبل، يقول أبو زينب، «سيفرض مستخدمو الفايسبوك التغيير على السياسيين»! إهمال «التفاصيل اللبنانية» باعتبارها أمراً «غير ذي معنى»، كما قال أبو زينب، هو أمر «خطير»، ينبه ألبير داغر، مؤكداً استحالة «التكيف مع النظام الفاشل القائم وانعدام الأفق الإصلاحي»، وضرورة تحول المقاومة إلى «حركة تحرر وطني» على المستويات السياسية والاجتماعية ـــ الاقتصادية كافة، وإلا «لانتهت إلى نتيجة وخيمة، وسقطت مشروعيتها». على المقاومة أن تبادر إلى فرض الأجندة بدل الاكتفاء بردود الأفعال، والارتقاء من «السياسة الإجرائية» إلى «السياسة ذات المضمون»، عبر طرح مشروع متكامل لاستقطاب الرأي العام، على مستويات «السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية والتنمية»؛ والعملية هذه تستغرق عملاً طويل الأمد، و«البرنامج الاقتصادي والاجتماعي البديل» موجود، «فالأحرى إذاً البدء الآن»، يقول داغر. لِمَ نتحمل نظاماً هجّر «أكثر من ثلث قوانا العاملة» منذ بداية التسعينيات، ولماذا لا نطرح «وحدة «المشرق العربي» السياسية كأفق للبنان»، يسأل داغر. ليس المطالبون بمشروع اجتماعيٍ تغييريٍ شامل أصحاب رؤية ضيقة أو جزئية للصراع الدائر في المشرق العربي، وهم يرفضون القول بتضارب هذا المشروع مع أولوية الجهود العسكرية في التصدي لمساعي تدمير البنى الدولتية وتمزيق النسيج الاجتماعي فيه. يشدد عصام نعمان على «ضرورة التزام القوى الوطنية الحية العمل على مواجهة أميركا وإسرائيل والتكفير». غير أن القوى الوطنية هذه «تستند إلى محدودي الدخل والفقراء»، فلا بد من «إيلاء القضية الاجتماعية الاهتمام التي تستحق»، وتغيير النظام اللبناني الذي يعيد إنتاج الصراعات والمآسي عبر «إنتخاب مجلس نواب ذي طابع تأسيسي»، بقانون انتخاب «وطني يعتمد الدائرة الواحدة على أساس النسبية»، ما يعكس الإرادة الشعبية على نحو أمين، يقول نعمان. «لم يستطع حزب الله الخروج من الزوايا التي حشرته فيها قوى 14 آذار» عبر هجوماتها المتواصلة، تحت عناوين «السلاح» و«التدخل في سورية» وغيرها، ما جعل الحزب في حالة الدفاع وردود الفعل دائما، يقول فارس أبي صعب. «الصراع مع الإمبريالية والرجعية العربية طويل»، لذا يجب «تحصين حياة الناس، أهلنا»، وأخذ النقاش العام إلى المصالح الحياتية للغالبية العظمى من هؤلاء، ما من شأنه أن «يقوي حزب الله».
يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي الى الجلسة الأولى من الدورة التثقيفية الخاصة بفكر حسين مروة بكتاب النزعات المادية الأثنين الساعة 7:00 مساء في مركز الأتحاد مارلياس ط 2 فوق سوبر ماكت قيس مقابل بنك الموارد يتخلله تسليم الكتب
آمال خليل - الاخبار
قبل تسعة وثلاثين عاماً، كانت صيدا يشبه بعضها بعضاً. سارت خلف معروف سعد في تظاهرة داعمة لحقوق فقرائها الصيادين حتى مبنى البلدية في ميدان جمال عبد الناصر أو ساحة النجمة. بقرار خارجي، قتل والد فقرائها وجامعها، وتفرقت المدينة ولبنان. أمس، لم تستطع مسيرة الوفاء السنوية لسعد أن تعيد جمع صيدا كلها، لكنها جمعت أفرقاء التقوا تحت الراية الحمراء.
وبعدما كادت المسيرة تلغى من أساسها، لدواع أمنية، غُيّر خطّ سيرها، كما جرت العادة من تمثال سعد في البوابة الفوقا إلى منزله في حي الشاكرية في صيدا القديمة. وتحت شعار «شعب واحد من أجل الخبز والأمن والكرامة»، سار المئات من صيدا ومنطقتها وإقليم الخروب والمخيمات من أمام تمثال سعد الى ساحة النجمة. وفي ميدان عبد الناصر قبالة البلدية، أي في المكان الذي سقط فيه سعد برصاص جندي في الجيش، وقفت الحشود تستمع إلى كلمة نجله النائب السابق أسامة سعد. جموع تخللتها مفاجآت، كحضور رئيس البلدية محمد السعودي الذي يحسبه البعض على تيار المستقبل ووفد من الجماعة الإسلامية سار جنباً إلى جنب مع ممثلي حزب الله وحركة أمل وأحزاب البعث والاتحاد والسوري القومي الاجتماعي والتقدمي الاشتراكي والشيوعي والديموقراطي الشعبي وقوات الفجر مع الغياب الدائم لتيار المستقبل... حضور الجماعة وضع في خانة نتائج الخلاف المستجد بين الجماعة والمستقبل على التفاصيل الصيداوية والخطوط السياسية المحلية والإقليمية العريضة. الحضور نفسه لم يمنع الشباب الذي شكل عصب المسيرة من إطلاق حناجره بمهاجمة مواقف رئيس الجمهورية الأخيرة وانتقاد وزير العدل أشرف ريفي. في المقابل، خصّوا الجيش بهتافات تضامنية ومؤيدة وشاكرة للإجراءات الأمنية المشددة التي واكبت المسيرة في ظل التهديدات والمخاوف الأمنية التي رافقتها. تظلله رايات التنظيم الشعبي الناصري والأعلام اللبنانية والفلسطينية، وتحت شعار «صيدا دائماً وأبداً قلعة في وجه الظلامية»، أكد سعد أن صيدا «قلب معروف سعد وقلعة المقاومة ستتصدى لكل الظواهر الشاذة الطارئة»، داعياً القوى السياسية اللبنانية التي تبرر الجرائم الإرهابية والقوى الخارجية التي توفر التمويل والتسليح لهذه الجماعات الكف عن رعاية الإرهاب لأنها تقدم خدمة للصهيونية». ورأى أن «الطائفيين والمذهبيين والإرهابيين الظلاميين يحاولون تشويه وجه صيدا ويسعون إلى نسف ثوابتها ومبادئها ويفرضون عليها بالعنف والإرهاب اللون والرأي والمذهب الواحد، ما يلحق أفدح الأضرار والخسائر بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية ويشكل إساءة كبرى لموقعها ودورها السياسي والوطني والقومي وضربة للاستقرار». سعد تعهد بأن تنظيمه «سيكون لهم بالمواجهة مع القوى الوطنية وأبناء صيدا المخلصين القادرين على التصدي لكل الظواهر الشاذة الطارئة». وطالب الحكومة بـ«وضع خطة حازمة وتطبيق العقوبات الرادعة بحق الإرهابيين وفقاً لمبادئ العدل». المستقبل لم يفوّت فرصة التصويب على مسيرة الوفاء بعد ساعات قليلة. واستغرب بيان باسم منسقية صيدا والجنوب أن «يحوّل التنظيم مناسبة وطنية إلى منصة للتصويب السياسي وتوظيفها خدمة لتوجهات ومصلحة وأهداف المحور الإيراني ـــ السوري وإلى مهرجان للشتائم والسباب بحق رمز وطني كبير كاللواء أشرف ريفي». ورأى البيان أنه كان «من الأجدى بسعد أن يتعاطى مع مناسبة ذكرى والده بما يستحق صاحب الذكرى من احترام ومكانة لبنانية وعربية، لا أن ينحدر بهذه المحطة الوطنية الى زواريب السياسة الضيقة تنفيذاً لأوامر حزب الله وإيران».
مجدليون تستقبل أبرياء عبرا
أمام سراي جزين، يوم السبت، انتظرت ست من أبرز العائلات الصيداوية خروج أبنائها، من موقوفي عبرا، من سجن جزين الذي انتقلوا إليه من سجن الشرطة العسكرية في الريحانية. الفضل في انتقال الستة يعود إلى النائبة بهية الحريري التي أوكلت لهم محامي دفاع وكانت تؤمن النقليات والنفقات لزيارة عائلاتهم لهم، كما أمّنت لهم سيارات نقلتهم إلى بيوتهم. لذا، كان أقل الواجب أن تكون مجدليون محجّة الأبرياء الستة وعائلاتهم الذين زاروها لشكرها على جهودها. مكتبها الإعلامي وزع صوراً وهي تحيي المفرج عنهم وتترأس جلسة في صالونها بحضور المحاميين محمد المراد ومايا مجذوب اللذين شاركا في الدفاع عن موقوفي عبرا. الحريري هنّأتهم بالبراءة ورأت أن إصدار القرار الاتهامي «من شأنه أن ينقل هذه القضية إلى مرحلة المحاكمات». ولفتت إلى أن «كل ما أردناه فقط العدالة ولنا كل الثقة بالقضاء»، علماً بأن ثمانية آخرين من صيدا وفلسطينييها أطلق سراحهم بموجب القرار الاتهامي، منهم من آل البابا وزيدان وأبو زينب والمصري، إلى جانب ابن شقيق فضل شاكر، عبد النور شمندر. إطلاق سراح الأربعة عشر فجّر جدالاً في صيدا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين من صلّى للعدالة وبين من استغرب «موافقة القضاء على تبرئة أشخاص شاركوا في قتال الجيش».
أمجد سمحان - السفير
رحل أبو عرب، شاعر الثورة، الذي خلد الحاناً رددها الفلسطينيون على مدار سنوات، وهم اليوم أحوج ما يكونون إليها ليعود بهم الزمان إلى حيث كانت المقاومة عنوان المرحلة، ووسيلة الخلاص. وأعلنت السلطة الفلسطينية في رام الله رسمياً، أمس، رحيل الشاعر إبراهيم محمد صالح «أبو عرب»، عن عمر يناهز ٨٣ عاماً، بعد صراع مع المرض. وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية ايهاب بسيسو إن «الشعب الفلسطيني فقد رمزاً من رموزه، وعنواناً من عناوين النضال، وعناوين الفن، والإصرار على الحقوق وتحقيق حلم شعبنا بقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس». وقال أيهم مطر، حفيد شاعر الثورة، لوكالة «معاً»، إن أبو عرب توفي مساء امس في حمص في سوريا، مكان إقامته الحالي، بعد صراع طويل مع المرض. وأوضح ان الترتيبات جارية لمراسم دفنه، لافتاً انه بسبب صعوبة الاوضاع قد يتم دفنه في حمص. «هدّي يا بحر» هي واحدة من اشهر الاغاني التي يرددها الفلسطينيون حين ينظرون إلى مسيرة «ابو عرب» الذي سيوارى جثمانه في الثرى اليوم، ليطوي معه قصة كفاح طويلة تداولها على مدار حياته الفنية التي جسد فيها الفن المقاوم، وشحنه في أكثر من ٣٠٠ أغنية منذ بدأ مسيرته الفنية في سبعينيات القرن الماضي. لماذا «هدّي يا بحر»؟ يقول أحد المغردين الفلسطينيين على صفحات التواصل الاجتماعي «لأنها تكرس حق العودة وتذكر الفلسطينيين بأن الغيبة طولت لكنها قادمة مع السلام الذي أطلقه أبو عرب لحيفا ويافا وعكا وصفد والرملة حين قال: ودّي سلامي ودّي للأرض اللي ربتنا». ولد أبو عرب بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» في العام 1931 في قرية الشجرة المهجرة في الجليل، والواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي الناصرة وطبرية، وهي قرية رسام الكاريكاتير الشهيد ناجي العلي. وبعد تهجير قرية الشجرة لجأ إلى كفر كنا، لينزح بعدها إلى عرابة البطوف، التي مكث فيها مدة شهرين، وتوجه بعدها إلى لبنان، ثم إلى سوريا. ويُروى ان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله حرص على استقباله في احدى زياراته الى بيروت قبل حرب تموز، بعد مهرجان للحزب في الضاحية الجنوبية. وأصبح أبو عرب مسؤولاً عن الغناء الشعبي في إذاعة «صوت فلسطين»، وأسس في العام 1980 فرقته الأولى التي عرفت باسم «فرقة فلسطين للتراث الشعبي»، إلى أن غير اسمها إلى «فرقة ناجي العلي» بعد استشهاد رسام الكاريكاتير الفلسطيني، وهو احد أقارب الراحل أبو عرب. عاد أبو عرب مع فرقته إلى فلسطين عبر مهرجانات احيتها السلطة الفلسطينية، وذلك بعد غياب ٦٤ عاماً عن الوطن. وفي احدى الليالي التي احياها اجهش الرجل بالبكاء «متألماً على حال شعبنا» كما قال، ومعرباً عن حزنه للوضع الذي وصلت إليه الحالة الفلسطينية بسبب الانقسام وتراجع اهميتها على المستوى العربي. وتناقلت شبكات التواصل الاجتماعي رحيل أبو عرب بعبارات كثيرة منها «الفنان الثائر في ذمة الله، وعزاؤنا بأنه حي في ثورتنا»، فيما ترددت عبارات أخرى منها «راجع ع بلادي.. راجع ع بلادي.. ع الارض الخضرة راجع ع بلادي.. توفي الثائر وما رجع». استشهد والد ابو عرب خلال نكبة العام 1948، فيما استشهد ولده في العام 1982 خلال اجتياح الجيش الإسرائيلي لبنان. وشهد في طفولته انطلاقة الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ضد الاحتلال البريطاني والاستيطان. ألّف ولحّن وغنى كثيراً من الأغاني الوطنية، ومن أشهرها: ــ من سجن عكا ــ العيد ــ الشهيد ــ دلعونا ــ يا بلادي ــ يا موج البحر ــ هدّي يا بحر هدّي ــ يا ظريف الطول زور بلادنا
نبيه عواضة - السفير
قلما تجد حزبيًّا لا يكون متحمسًا لخروج حزبه من أزمة ما، فكيف إن كان هذا الحزبي قياديًّا؟ ثمة من يثق أن الإجراءات التي أعلنتها اللجنة المركزية لـ«الحزب الشيوعي»، مؤخراً، من شأنها، إذا نجحت، إخراج «الشيوعي» من أزمته، بحسب ما يأمل أمينه العام خالد حدادة. يرفض حدادة الاستسلام للإحباط المتسلل إلى عدد كبير من الشيوعيين. وهو إذًا يتفهم حالة الاعتراض التي تواجهها القيادة، مشيرًا إلى أنها حالة صحية، إلا أنه يصر أن «قرار المضي في الإجراءات الجديدة تحضيرا لعقد مؤتمر وطني عام هو قرار جدي ولا عودة عنه»، داعيا الشيوعيين كافة، بغض النظر عن أسباب ابتعادهم عن الحزب، إلى «الاستعداد لتقديم طلباتهم إلى لجنة الصلات التنظيمية لتسوية أوضاعهم». اللافت، ان ما تم التوصل إليه، يعد بالنسبة إلى قياديين آخرين وحتى قواعد حزبية ناشطة استطلعت «السفير» آراءهم، «إنجازا أوليا يمكن البناء عليه». بالعودة إلى ما رافق إعلان «الشيوعي»، أصدر ثلاثة أعضاء في اللجنة المركزية هم: عايدة الخطيب وفرح ابراهيم ورباح شحرور، بيانًا ردًّا على ما ورد في بيان اللجنة المركزية من أجواء تفاؤلية، فشككوا بصدقية هذا التوجه، معربين عن تخوفهم من أن يكون ما يشاع عن الأجواء الايجابية هو «بمثابة غطاء إعلامي لتأجيل المؤتمر وتجديد القيادة لنفسها». كذلك، كان لافتًا نفيهم لما ورد عن تجديد الثقة بالأمين العام ونائبته، معتبرين أن انتخاب أعضاء المكتب السياسي الـ16 لم يحصل عن طريق التزكية، وهو أمر وافقهم على جزء منه الأمين العام السابق فاروق دحروج، الذي عبّر لـ«السفير» عن اعتراضه على البيان الصادر عن اللجنة المركزية. في المقابل، تقاطعت المعلومات بين مصدر مسؤول في القيادة وآخر في المعارضة الحزبية، لجهة التأكيد أن «أجواء التسوية قائمة فعلا، وان ما يجري هو في بدايته لا في نهايته، وليس من السليم الحكم عليه مسبقًا». كما علمت «السفير» أن «أطرافًا عدة داخل الحزب، وبعضها على صلة مع شيوعيين خارج التنظيم ولكن لديهم حيثية سياسية وحزبية، قد شاركت في النقاش الذي أفضى إلى القرارات الأخيرة. والجديد، بحسب مصدر قيادي في الحزب، هو ان الأمين العام الحالي كُلّف بالإجماع، بعد اقتراح من دحروج، بتقديم اقتراح لانتخاب أعضاء المكتب السياسي، وهذا ما حصل (جرى لاحقا ضم الدكتورة ماري الدبس لمنصب نائب الأمين بناءً على الاقتراح والاستثناء ذاته). ويسأل القيادي: «ألا يُعتبر ذلك بمثابة تجديد للثقة؟». يرد مصدر معارض على ما حكي عن التزكية، ان «19 رفيقًا، بمن فيهم الأمين العام ونائبته، ترشحوا، ومن ثم انسحب الأستاذ الجامعي حسن اسماعيل، وعزف عن الترشح كل من أريج شمّا («منغستو») ورئيس جمعية النجدة الشعبية رمزي عواد ونضال شرتوني، إفساحا في المجال أمام انجاز الاتفاق الذي فاز بنتيجته المرشحون الـ16 الذين بقوا بالتزكية». وبالرغم من عدم وجود منافسة، فقد اعترض خمسة وامتنع اثنان عن التصويت من أصل 38 عضوا حضروا وصوتوا. أما أعضاء المكتب السياسي الذين فازوا فهم: ابراهيم الحاج، حنا غريب، رجا سعد الدين، ريمون كلاس، سعد المصري، سمير دياب، عبد فتوني، علي الحاج علي، علي سلمان، علي غريب، عماد سماحة، زياد هادي، محمود خليل، مفيد قطيش، ملحم صليبا ونديم علاء الدين. أما بالنسبة لانتخابات اللجان، التي جرت بالإجماع تحت جناح التسوية الداخلية، فأسفرت نتيجتها عن ترؤس حدادة للجنة الإشراف على الوثائق التحضيرية، فيما ترأست الدبس لجنة الاحتفالات بالذكرى الـ90 لتأسيس الحزب التي ستُجرَى في تشرين الاول من العام الجاري، أما دحروج فقد انتخب رئيسا للجنة الصلات التنظيمية، وهي اللجنة التي يقع على عاتقها كل الجهد كونها ستمسك ملف الشيوعيين الذين هم خارج التنظيم تمهيدا لإعادتهم. بعيدًا عن كل هذا النقاش، يسأل قيادي سابق: ماذا عن المشروع السياسي للحزب؟ وأي إمكانية لتحقيق التفاهم حوله في ظل الأوضاع المعقدة التي تعصف بنا؟ قبل ان يستدرك بسؤال آخر عن «دور الشيوعيين والعلمانيين والديموقراطيين في مواجهة التكفيريين الجدد».