محمد صالح - السفير
تركت مسيرة الأحد في صيدا بذكرى استشهاد معروف سعد، مفاجأة في مختلف الأوساط، نظراً لحجم الحشد الذي شارك فيها، والذي أعاد لعاصمة الجنوب موقعها التاريخي كمدينة عروبية مقاومة ترفض الفئوية والانعزال. «هذه صيدا، اهلها مسالمون طيبون الا لمن يسيء اليهم. انهم الناس الذين يفخرون بمدينتنهم.. لقد اخذوهم الى حيث لا يرغبون، نطقوا باسمهم وألبسوا المدينة ثوبا غير ثوبها، وصيدا من خلال مسيرة ذكرى استشهاد المناضل معروف سعد عبّرت عن موقفها وقالت كلمتها.. وكفى لكل الذين يتحدثون باسم هذه المدينة العظيمة صيدا». بهذه الكلمات يلخّص الامين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور اسامة سعد رأيه بمسيرة صيدا التي انطلقت الاحد بمناسبة استشهاد الزعيم معروف سعد «الذي نطق باسم الفقراء، وحمل همومهم وقضاياهم الوطنية والقومية العربية وقاد مسيرة الدفاع عن تلك الشريحة المهمّشة من الطبقة العاملة، فئة الصيادين، قبل 39 عاما». صيدا عبرّت الأحد في المسيرة التي اخترقت شوارعها عن رفضها للارهاب وللانتحاريين وللاحزمة الناسفة المتفجرة، وللوضع التي وجدت فيه هذه المدينة نفسها فجأة، مع انها ما عرفت يوما تعصبا ولا تمذهبا لا طائفيا ولا مناطقيا. هي المدينة التي تماهت حتى الاندماج الكلي مع الجنوب والمقاومة، ومع فلسطين والتي قدمت لها اول الشهداء الذي استشهد في المالكية عام 1936، حين كان يقود الشهيد معروف سعد كوكبة من المناضلين الصيداويين ضد الصهاينة وعصابة «الهاغانا» اليهود. الدكتور اسامة سعد مسرور بتلك المسيرة التي اخترقت شوارع صيدا امس الاول، ويؤكد امام زواره «ان المدينة قد تشهد حلحلة ما في وضعها الاقتصادي والتجاري المأزوم، لأن اهلنا في جوار المدينة، وكذلك في الجنوب وشرق صيدا وجزين وفي اقليم الخروب، قد يجدون في هذه المسيرة متنفسا مناسبا لهم ولوضعهم النفسي والمعنوي، وسيتشجّعون على زيارة المدينة من جديد انطلاقا من عنوان تلك المسيرة والتي مضت من دون ضربة كف واحد». كسب اسامة سعد الرهان ونجح في قيادة مسيرة شعبية في الشارع. فانطلاق مسيرة بهذا الزخم بعد 39 عاما على تلك المناسبة، يشكّل تحديا للمخاطر الأمنية، خاصة ان «التنظيم الشعبي الناصري» والدكتور اسامة سعد على صلة مباشرة بالمقاومة ومجتمعها، ومع الجنوب والجنوبيين، انطلاقا من صيداويته العتيقة المحببة الى قلبه التى يتمترس خلفها ولا يقبل ان يزايد عليه احد في حبه لها. مصادر صيداوية تؤكد ان صيدا قبل مسيرة الاحد هي غيرها بعده، لان اكثر من 4500 مواطن، جلّهم من الصيداويين، حملوا دمهم على كفهم وقالوا بالصوت العالي: «لا للارهاب التكفيري ولا للسيارات المفخخة». وساروا بالجسد العاري وسط الشوارع متحدّين كل التحذيرات وكل الاصوات التي حاولت منعهم من تلك المسيرة حرصا على سلامتهم، وفي مقدمتهم اسامة سعد ومن سار الى جانبه من ممثلي الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية والفلسطينية والفعاليات الصيداوية والجنوبية والفلسطينية، فان هؤلاء لن يفرّطوا بهذا الانجاز الذي صنعوه. الدكتور أسامة سعد خاطب الحشد الشعبي قائلا: «أيها المقاومون للاحتلال. يا من ترفضون إخلاء الساحة لقوى الظلام والإرهاب، كما رفضتم إخلاءها للعدو وعملائه، انكم بهذه المشاركة الحاشدة تثبتون أننا جميعاً أبناء شعب يريد أن ينعم بالأمن والاستقرار، وأن يحيا حياة حرة كريمة، وهو يرفض الصراع الطائفي والمذهبي ويرفض الدمار والانتحار.. هكذا أرادها معروف سعد». ورأى سعد انه «في مواجهة الارهاب التكفيري يقف بصلابة مناضلو التنظيم الشعبي الناصري والقوى الوطنية، كما يقف أبناء صيدا المخلصون الذين أذاقوا قوات العدو الصهيوني وعملاءه ذل الهزيمة والانكسار، وجعلوا من المدينة قلعة للمقاومة وبوابة للجنوب المقاوم». وقال: «ان أبناء صيدا قادرون على التصدي لكل الظواهر الشاذة الطارئة، وهم مصممون على الحفاظ على مدينتهم مدينة للتنوع والحرية والتسامح، وعلى حماية دورها وتعزيز الحركة والازدهار في ربوعها». وشدد على «ان المواطنين الأبرياء المسالمين يقعون ضحايا التفجيرات الانتحارية الإجرامية المتنقلة بين منطقة وأخرى. والجيش اللبناني الباسل يقدّم الشهداء دفاعاً عن المواطنين والوطن، وعن الأمن والاستقرار». ودعا «الحكومة الى توفير الغطاء السياسي للقوى العسكرية والأجهزة الأمنية لردع المرتكبين والمجرمين، والسيطرة على البؤر الأمنية، وخفض مستوى التوترات في الشارع». واوضح انه «تقع على عاتق المجتمع اللبناني ومنظمات المجتمع المدني وسواها، المسؤولية في خطة المواجهة الشاملة، كما انه على المرجعيات الدينية واجب التصدي للإرهاب على كل الصعد». وشدد على «ان من أولى واجبات الحكومة العتيدة حماية لبنان من العدوانية الصهيونية من خلال تعزيز التعاون مع المقاومة في إطار استراتيجية دفاعية تحفظ السيادة والاستقلال. فمن حق الشعب اللبناني، بل من واجبه، مواجهة العدوان بواسطة الجيش والمقاومة لحماية الأرض والسيادة والاستقلال»، لافتا الى انه «من أولى واجبات هذه الحكومة أيضاً إنجاز الانتخابات الرئاسية وإنجاز قانون للانتخابات النيابية يلبي طموحات الشعب اللبناني بالوصول إلى انتخابات قائمة على النسبية والدائرة الواحدة».