نبيه عواضة - السفير
قلما تجد حزبيًّا لا يكون متحمسًا لخروج حزبه من أزمة ما، فكيف إن كان هذا الحزبي قياديًّا؟ ثمة من يثق أن الإجراءات التي أعلنتها اللجنة المركزية لـ«الحزب الشيوعي»، مؤخراً، من شأنها، إذا نجحت، إخراج «الشيوعي» من أزمته، بحسب ما يأمل أمينه العام خالد حدادة. يرفض حدادة الاستسلام للإحباط المتسلل إلى عدد كبير من الشيوعيين. وهو إذًا يتفهم حالة الاعتراض التي تواجهها القيادة، مشيرًا إلى أنها حالة صحية، إلا أنه يصر أن «قرار المضي في الإجراءات الجديدة تحضيرا لعقد مؤتمر وطني عام هو قرار جدي ولا عودة عنه»، داعيا الشيوعيين كافة، بغض النظر عن أسباب ابتعادهم عن الحزب، إلى «الاستعداد لتقديم طلباتهم إلى لجنة الصلات التنظيمية لتسوية أوضاعهم». اللافت، ان ما تم التوصل إليه، يعد بالنسبة إلى قياديين آخرين وحتى قواعد حزبية ناشطة استطلعت «السفير» آراءهم، «إنجازا أوليا يمكن البناء عليه». بالعودة إلى ما رافق إعلان «الشيوعي»، أصدر ثلاثة أعضاء في اللجنة المركزية هم: عايدة الخطيب وفرح ابراهيم ورباح شحرور، بيانًا ردًّا على ما ورد في بيان اللجنة المركزية من أجواء تفاؤلية، فشككوا بصدقية هذا التوجه، معربين عن تخوفهم من أن يكون ما يشاع عن الأجواء الايجابية هو «بمثابة غطاء إعلامي لتأجيل المؤتمر وتجديد القيادة لنفسها». كذلك، كان لافتًا نفيهم لما ورد عن تجديد الثقة بالأمين العام ونائبته، معتبرين أن انتخاب أعضاء المكتب السياسي الـ16 لم يحصل عن طريق التزكية، وهو أمر وافقهم على جزء منه الأمين العام السابق فاروق دحروج، الذي عبّر لـ«السفير» عن اعتراضه على البيان الصادر عن اللجنة المركزية. في المقابل، تقاطعت المعلومات بين مصدر مسؤول في القيادة وآخر في المعارضة الحزبية، لجهة التأكيد أن «أجواء التسوية قائمة فعلا، وان ما يجري هو في بدايته لا في نهايته، وليس من السليم الحكم عليه مسبقًا». كما علمت «السفير» أن «أطرافًا عدة داخل الحزب، وبعضها على صلة مع شيوعيين خارج التنظيم ولكن لديهم حيثية سياسية وحزبية، قد شاركت في النقاش الذي أفضى إلى القرارات الأخيرة. والجديد، بحسب مصدر قيادي في الحزب، هو ان الأمين العام الحالي كُلّف بالإجماع، بعد اقتراح من دحروج، بتقديم اقتراح لانتخاب أعضاء المكتب السياسي، وهذا ما حصل (جرى لاحقا ضم الدكتورة ماري الدبس لمنصب نائب الأمين بناءً على الاقتراح والاستثناء ذاته). ويسأل القيادي: «ألا يُعتبر ذلك بمثابة تجديد للثقة؟». يرد مصدر معارض على ما حكي عن التزكية، ان «19 رفيقًا، بمن فيهم الأمين العام ونائبته، ترشحوا، ومن ثم انسحب الأستاذ الجامعي حسن اسماعيل، وعزف عن الترشح كل من أريج شمّا («منغستو») ورئيس جمعية النجدة الشعبية رمزي عواد ونضال شرتوني، إفساحا في المجال أمام انجاز الاتفاق الذي فاز بنتيجته المرشحون الـ16 الذين بقوا بالتزكية». وبالرغم من عدم وجود منافسة، فقد اعترض خمسة وامتنع اثنان عن التصويت من أصل 38 عضوا حضروا وصوتوا. أما أعضاء المكتب السياسي الذين فازوا فهم: ابراهيم الحاج، حنا غريب، رجا سعد الدين، ريمون كلاس، سعد المصري، سمير دياب، عبد فتوني، علي الحاج علي، علي سلمان، علي غريب، عماد سماحة، زياد هادي، محمود خليل، مفيد قطيش، ملحم صليبا ونديم علاء الدين. أما بالنسبة لانتخابات اللجان، التي جرت بالإجماع تحت جناح التسوية الداخلية، فأسفرت نتيجتها عن ترؤس حدادة للجنة الإشراف على الوثائق التحضيرية، فيما ترأست الدبس لجنة الاحتفالات بالذكرى الـ90 لتأسيس الحزب التي ستُجرَى في تشرين الاول من العام الجاري، أما دحروج فقد انتخب رئيسا للجنة الصلات التنظيمية، وهي اللجنة التي يقع على عاتقها كل الجهد كونها ستمسك ملف الشيوعيين الذين هم خارج التنظيم تمهيدا لإعادتهم. بعيدًا عن كل هذا النقاش، يسأل قيادي سابق: ماذا عن المشروع السياسي للحزب؟ وأي إمكانية لتحقيق التفاهم حوله في ظل الأوضاع المعقدة التي تعصف بنا؟ قبل ان يستدرك بسؤال آخر عن «دور الشيوعيين والعلمانيين والديموقراطيين في مواجهة التكفيريين الجدد».