Ihsan Masri

Ihsan Masri

راشيل كوري (1979 ــ 2003/ الصورة)، الناشطة الأميركية التي قضت دهساً على يد قوات الاحتلال الصهيوني، لم ينسها الناشطون من كل جنسيات العالم على شبكات التواصل الاجتماعي. أمس، تذكّر الكل مرور 11 عاماً على استشهادها. «شهيدة الإنسانية»، هكذا وصفوها، كذلك استُعيدت صور بطولتها أمام مرأى عدسات قنوات التلفزة العالمية، وهي تقف أمام الجرافة الإسرئيلية التي كانت تنوي اقتلاع بيت فلسطيني في رفح. وقيل عنها إنها «تلك الجميلة التي استشهدت لأجل فلسطين وعرّت العرب»، فيما راح الفيسبوكيون والمغرّدون «ينبشون» مسار حياتها النضالية، التي بدأتها في سن مبكرة وانتهت كما تمنت على أرض فلسطين.

 

نبيه عواضة - السفير

يجلس مقاتل فلسطيني سابق، ممن شاركوا في التصدي للعدوان الاسرائيلي الذي استهدف لبنان في العام 1978، متفكرا في اخطاء طبعت السلوك العام للفدائي الفلسطيني وما سمي حينها «فتح لاند «، من دون أن يجد الإجابة الكافية، فيفضّل الغرق في صمت. بينه وبين نفسه يبوح بالكثير الذي لم يحجبه مرور الزمن، ولسان الحال يقول: «ماذا لو لم تحصل تلك الأخطاء؟ هل سنكون امام سياق آخر من الاحداث لن توصلنا بالضرورة الى ما نحن عليه؟ يناقض هذه الانطباعات مقاتل لبناني ممن رسمت تلك الحرب ملامحه على هيئة مقاوم سيكون له لاحقا باع طويل في رسم مسار استمر، وكان مجديا بين 14 اذار من العام 1978 وايلول من العام 1982 ليعطي انطلاقة المقاومة الوطنية اللبنانية من العاصمة بيروت مفعولا رجعيا لا يعرف تاريخ بدايته، وحكما لا يمكن اختزال مساره النهائي. لم تكد تمضي عدة ايام على تنفيذ «عملية الشهيد كمال عدوان» التي قادتها الفدائية دلال المغربي ومجموعتها (من بينهم الأسير اللبناني حتى الآن يحيى سكاف) عملية جريئة بالقرب من حيفا، حتى اشتعلت جبهة الجنوب اللبناني. ففي 14 اذار اتخذت القيادة العسكرية والسياسية في الكيان الاسرائيلي قرارها بشن عملية عسكرية واسعة في الاراضي اللبنانية سميت «عملية الليطاني». الهجوم كان بداية، عبارة عن قصف جوي وبحري وبري متواصل طال القرى والمدن والبلدات الجنوبية داخل وخارج منطقة الليطاني. لم يميز القصف بين موقع عسكري تابع للقوات المشتركة اللبنانية والفلسطينية التي كان انتشارها مكثفا في المنطقة خاصة لجهة قرى العرقوب، وبين البيوت الآمنة والمدارس والمستشفيات. في انتقام وصل حد العقاب الجماعي للسكان المدنيين بسبب احتضانهم للمقاومة الفلسطينية ورعايتها، لتدور بعد ذلك اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية ومقاتلي الحركة الوطنية وسكان محليين من جهة وبين جنود العدو من جهة اخرى. اعنف تلك المعارك حصلت عند عدة نقاط ففي محور الناقورة حيث حاولت القوات الغازية التقدم باتجاه تلة البياضة المشرفة على مدينة صور، دارت هناك اشتباكات عنيفة جدا تمكن خلالها المقاتلون من صد محاولات التقدم، رغم التفوق العسكري للعدو. مما اضطر المقاتلين الى الانتشار في «خط ثانٍ» وهو شريط من القرى موازٍ للقرى الحدودية، اي عمليا المناطق المحازية لمجرى نهر الليطاني. في المشهد السياسي لا يمكن فصل اجتياح العام 78 عن مسار التبدلات التي حصلت في العالم العربي آنذاك، خاصة بعد التوقيع على اتفاقية «كامب ديفيد» واخراج مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، فيعتبر استاذ تاريخ لبنان السياسي في الجامعة اللبنانية ـ الفرع الاول الدكتور جهاد بنوت «أن خسارة أهم دولة عربية استفادت منه اسرائيل، وقد ساهم في اضعاف الموقف العربي عموما» . مضيفا: «أن هناك عاملاً اخر نفذت منه القيادة السياسية والعسكرية في اسرائيل لشن عملية الليطاني وهي عشوائية العمل المسلح الفلسطيني «فبعد أن ضعفت الدولة اللبنانية غداة نشوء الحرب الاهلية العام 1975، تنامى الحضور الفلسطيني المسلح بصورة فوضوية فنشأت ارض قتال حقيقية عبر جنوب لبنان». ويقول بنوت «إن الجنرالات في اسرائيل وجدوا ان الظرف صار مؤاتيا لتوجيه ضربة عسكرية قاسية تستهدف إبعاد الصواريخ الفلسطينية الى ما بعد الليطاني، وهو المدى الفعلي لتلك الصواريخ». وبالعودة الى الواقع الميداني يمكن القول إن العدو حقق اهدافه في ثلاث مسائل هامة: فهو تمكن من إبعاد تهديد الصواريخ ومن ثم أقام منطقة عازلة عبر دويلة عازلة بقيادة الرائد المنشق عن الجيش اللبناني العميل سعد حداد. كما استطاع العدو وعبر المجتمع الدولي من اصدار القرار رقم 425 ذي البصمات الاميركية، ضمنت اسرائيل من خلاله أمن حدودها الشمالية في عمق المناطق اللبنانية، مع أن القرار ينص صراحة على سحب القوات الاسرائيلية من لبنان وهو أمر لم يتم الا عن طريق عمليات المقاومة... وبعد 22 عاما. الحرب الخامسة يجمع الباحثون على أن حرب 1978، أو الحرب الخامسة كما سمّاها البعض، على أنها نقطة تحول ايضا في مسار الصراع مع العدو الاسرائيلي، وإن كانت قد شكلت بمثابة تكتيك للعدوان الاشمل الذي حصل في العام 1982 حين اجتاح جيش العدو ثلثي لبنان محتلا العاصمة بيروت. الا أن الوعي اللبناني المقاوم تبلور بشكل عسكري، كرد فعل طبيعي مع انه كان متوفراً وقد تراكم عبر مسار تاريخي من النضال. شكّل اللبنانيون، والجنوبيون تحديدا بيئة حاضنة للمقاومة الفلسطينية. صار الارتباط بالقضية الفلسطينية مجسَّدا بالتضحيات المباشرة، فانخرط الشباب اللبناني بالعمل المسلح ضمن فصائل المقاومة، ولم يختصر الامر على الدعم السياسي، مما ساهم في تعزيز الوعي السياسي والفكر المقاوم عند ابناء الجنوب. بالرغم من ان مقدمات ذلك تعود الى ما قبل نشوء المقاومة الفلسطينية في العام 1965 وتشريع بندقيتها قي لبنان بعد اتفاق القاهرة في العام 1969، وما عناه من استقطاب للمقاومة بعد احداث ايلول الاسود وانتقالها من الاردن الى لبنان وانتشارها فيه. فقد كانت الكثير من القرى الجنوبية واقعة تحت التهديد المباشر من قبل العصابات الصهيونية واعتداءاتها غداة احتلال فلسطين في العام 1948، ما اضطر الجنوبيين الى اقامة «الحرس الشعبي» لحماية الاراضي والقرى، وتصدوا في وقائع كثيرة للهجمات الصهيونية ومجازرها. لكن عندما اجتمع الدور الفلسطيني في تعبئة الجنوبيين، سياسيا وعسكريا، مع الدور الطليعي للاحزاب الوطنية والقومية واليسارية على انواعها وحركة الامام موسى الصدر، نتج عنه ولادة مفهوم المقاومة الوطنية، حسبما يرى الدكتور جهاد بنوت، معتبرا ان ذلك ساهم في «تبلور العنصر المقاوم اللبناني الذي استلم البندقية المقاومة من يد الفدائي الفلسطيني الذي رحل غداة اجتياح 82 واكمل المقاومة». مرّ 36 عاما على الاجتياح الاسرائيلي الأول للبنان، لتكر بعده سبحة الاجتياحات العسكرية التي نتج عنها تدمير لبنان وسقوط عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين، وسط سجل حافل بالمجازر والاعتداءات الدائمة. لكن كل ذلك كان يحصل بينما لم يأخذ بعض السياسيين العبر من كل ما حصل، خاصة لجهة الموقف من المقاومة والعدو . والسؤال الذي يطرح نفسه: هل انتهى المشهد العسكري بين لبنان واسرائيل؟

 

وجه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى المحتجين في كراكاس، أمس، إنذاراً بضرورة إخلاء "ميدان بلازا التاميرا" في شرق كراكاس، محذراً من أن قوات الأمن ستقوم بإخلائهم بالقوة. وقال مادورو، في كلمة أمام تجمع عسكري: "أعطي القتلة بضع ساعات فقط، إذا لم ينسحبوا سأحرر هذه الأماكن بقوات الأمن"، معتبراً أن "اليمينيين في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين أوصوا باتخاذ إجراءات متطرفة ضد حكومة فنزويلا، من بينها عقوبات اقتصادية" واغتياله. وأضاف، مخاطباً الرئيس الأميركي باراك أوباما: "إذا كانت هذه الرسالة تصل إليك فعليك أن تعرف أنه سيكون أكبر خطأ في حياتك أن توقع على الموافقة على اغتيال الرئيس نيكولاس مادورو". من جهة أخرى، حث الرئيس الفنزويلي واشنطن على المشاركة في "لجنة عالية المستوى" لتشجيع السلام، قائلاً إنه سيقترح إنشاء لجنة "للسلام والاحترام المتبادل للسيادة" بين فنزويلا والولايات المتحدة، ومن الممكن ان تشمل أيضاً جهات معنية من الطرفين ومن اتحاد دول أميركا الجنوبية. وأشار إلى أنه سيعين ديوسدادو كابيلو، رئيس البرلمان الفنزويلي، ليقود محادثات محتملة مع الولايات المتحدة تترافق "مع احترام السلام من أجل حوار يساوي بين الأطراف".

حسين مهدي - الاخبار

 

 

لم يوقّع أمس طلاب الجامعة الأميركية وحدهم العريضة المطالبة بتجميد الأقساط، بل وقّعها أيضاً عميدهم طلال نظام الدين. لم يتردد الأخير في النزول إلى ساحة «وست هول» ليشارك المنتفضين نشاطهم الميداني الثاني، في إطار خطة مواجهة سياسة رفع الأقساط. لم يستغرب الطلاب الموقف المتناقض لنظام الدين مع ما صرح به سابقاً بأن «الزيادة ضرورية وإن كنا نسعى إلى خفضها قدر المستطاع».

 

ما يحصل، كما يقولون، جزء من سياسة تكتيكية دبلوماسية تهدف إلى محاولة لاحتواء حراك الطلاب المتصاعد تدريجاً. برأيهم، هذا ما يفسر وقوف عميد الطلاب بين الموقّعين وإصراره على إقناعهم بفعالية التفاوض وتبديل خطتهم التصعيدية لمصلحة الموافقة على الاقتراح الأخير لرئيس الجامعة د. بيتر دورمان، والابتعاد عن السلبية في التعاطي مع الإدارة التي لن تجدي نفعاً ولن تؤدي إلى حلول ترضيهم. ويقول نظام الدين لـ«الأخبار» إنّ الموقف الحالي لإدارة الجامعة مرن ويريد حل المسألة بسرعة. بل أكثر، تؤكد مصادر مقربة من رئيس الجامعة أنّ الأخير مستعجل إلى درجة أنه لن يمانع من شق وحدة الطلاب «سياسياً» إذا اضطره الأمر إلى ذلك. وضمن سياسة الاحتواء، كما وصفها الطلاب، بعث الرئيس برسالة جديدة إليهم يشكرهم فيها على رسائلهم التي أرسلوها إليه عبر البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي وخلال حراكهم، مذكّراً إياهم بأن مسودة ميزانية الجامعة لم تنجز بعد، وليس هناك أي قرار نهائي بشأن نسبة الزيادة على الأقساط، ومجلس الأمناء لن يقرّ الموازنة التي سترفع إليه قبل أيار. حصل ذلك بعدما كان الطلاب قد ودّعوه في وقفة ليلية صامتة، عشيّة سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية. وفي الرسالة، يعلن دورمان أنه ملتزم إبقاء قنوات التواصل مفتوحة لضمان بقاء عملية اتخاذ القرارات شاملة وشفافة، مبدياً تفاؤله بأن الحلول المالية التي ستتخذ لن ترهق كاهل الطالب وعائلته. أهم ما جاء في خطاب دورمان هو دعوته للمرة الأولى كامل أعضاء الحكومة الطلابية، وليس فقط اللجنة المنبثقة عنهم، إلى الاجتماع الأسبوع المقبل لتوسيع دائرة النقاش مع الطلاب. وتؤكد مصادر طلابية أن الرئيس سيسعى من خلال هذه الخطوة إلى التأثير على الأحزاب واستمالتهم إلى صفه واحتواء الحراك، وخصوصاً أنّ معظم الأحزاب السياسية ممثلة في الحكومة. في موازاة ذلك، تتألف اللجنة التي شكلها الرئيس لمحاولة إيجاد حلول خلال أسبوعين، من كل من: د. محمد حواجلي، د. ربيع تلحوق، د. عماد الحاج، العميدة نهلة حولا، العميد باتريك مغريفي، رئيس القسم المالي درو ويكنس، العميد سليم شاهين الذي سيرأس اللجنة. وسيناقش الأعضاء، بسحب رسالة دورمان، كل السيناريوات من أجل خفض الزيادة المقترحة قدر الإمكان، على أن يكون اقتراح اللجنة بيد الرئيس في 17 الجاري، أي قبل اجتماع مجلس الأمناء في 21 الجاري. ويشدد الرئيس على ضرورة مشاركة الطلاب في اجتماعات هذه اللجنة، الذي ستعقد بحضورهم أو بغيابهم، كما يؤكد عميد الطلاب لـ«الأخبار». إلى ذلك، بدا الطلاب غير واثقين بأعضاء اللجنة حين قالوا إنّ «مواقف معظمهم معروفة لناحية دعم الإدارة والرئيس، والعمل لصالحها، إذ لم يجاهر أي منهم بتأييد مطلب الطلاب، في وقت جاهر فيه عدد منهم بدعم تسليع التعليم وإشراك الشركات الخاصة مع الجامعة، والحفاظ على النهج المالي نفسه». لا يشعر المنتفضون بأنّ هناك ضمانات حقيقية للحوار الذي يستميل ما أمكن من القوى الطلابية، في حين أنّ لجنة رفع الأقساط والنوادي الطلابية والأحزاب السياسية لن تتراجع عن موقفها الثابت: لا تفاوض قبل تجميد الأقساط. يتحدثون عن عدم جدية وخصوصاً أنّ اللجنة الأخرى التي تحدث عنها رئيس الجامعة في رسالته والتي ستدرس حلولاً مالية بديلة طويلة الأمد لم تشكل حتى الآن، ما يؤكد صوابية حذرهم من الدبلوماسية التي تتبعها الإدارة، على حد تعبيرهم. وبرز أمس موقف للهيئة التنفيذيّة لاتحاد أساتذة الجامعة، إذ لم تجد الهيئة مبرّراً لضرورة زيادة الأقساط، معلنة تأييدها لتوصية مجلس الجامعة عدم زيادتها في العام المقبل. وفيما دعمت الهيئة مطلب التلامذة المحق، دعت الأساتذة إلى احترام حقهم في حريّة التعبير والتجمّع.

 

سحر مندور  - السفير

للمرأة في لبنان مطالب كثيرة تفصلها عن موقعها السويّ كشريكة في المواطنة. وهي مطالب تعيها شريحة واسعة من المجتمع، وتراها تصطدم دورياً باستحالة تحقيقها في ظل النظام الحاكم. وحال «الاستحالة» هذه، وجدت صداها خلال الأسبوع الماضي في موضوعٍ شديد الدلالة على حال المرأة هنا، إذ خرجت علينا السيدة التي عيّنتها الدولة اللبنانية كنائب رئيس «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية»، لتؤكد «استحالة» تأكيد وقوع الاغتصاب الزوجي، وبالتالي «استحالة» تجريمه. هذا التصريح يشي بسذاجة التعامل الرسمي مع المجتمع المدني أولاً، ومع النساء تالياً، ومع المواطنين أخيراً. ولكنها ليست سذاجة فعليّة، وإنما هي آلية تعاملٍ تعتمد السذاجة كأسلوب قمعٍ مهموم وحنون في آن. آلية تبدي الاهتمام بالعناوين والمشاكل، ترفع الحاجبين لها بقلبٍ محروق، قبل أن ترميها في بوتقة النسيان، بعد أن تغلّفها برداءٍ من الموضوعية الإضطرارية والـ«أنا أتفهم وجهة نظرك، لكن علينا أن نعترف بأن..». قالت السيدة إن هناك استحالة في معرفة ما يجري في غرف النوم المغلقة. ولا بدّ أنها تعرف أن الجرائم التي تحصل في عين الشمس نادرة. لا بد أنها تعرف أن معظم الجرائم ينأى بنفسه نحو الغرف المغلقة، الزوايا المعتمة، السرّ. فإما أن تستقيل العدالة من استقصاء كل الجرائم من أساسه كونها بسوادها الأعظم تجري في الغرف المغلقة، أو تجد هذه العدالة لنفسها الوسائل العادية (وليس الخارقة) لدخول الغرف المغلقة ذاتها لكن بحثاً عن الاغتصاب الزوجي هذه المرة. ولكن جميعنا يعرف أن العدالة تناقض المشهد الحاكم هنا. وجميعنا يعرف أن الاستفادة من الوضع القائم هي الدافع الأول لخنق مطالب التغيير. جميعنا يعرف أن الاستحالة، هي ملهاة خطابية يراد لنا أن نتلهى في نفيها قليلاً، إلى حين. فلنتلهَّ قليلاً قبل الخوض في الدوافع الأساسية لرفض تجريم الاغتصاب الزوجي، لا ضرر من الخوض في بعض المسلّمات. فإلى جانب الاستفادة الفئوية من إرساء القمع على حدود الجسم كي لا يتجاوزها مطلب العدالة، جميعنا يعرف أن سعة ذهن المسؤول الرسمي هي الإطار الذي يحكم نقاشنا العام هنا: فإذا استعاذ نائبٌ بربه عند سماعه ذكر المثلية، فعلى القانون أن يبقى مستعيذاً بربّه من المثلية لحين خروج النقاش العام من سلّم المعتقدات الشخصية. وإذا وصل إلى سمع مسؤول أن ثمة اغتصاباً زوجياً، سيتخيل استحالة إثبات وقوع هذا الجرم في غرفةٍ في بيتٍ في قرية نائية في الجرود اللبنانية، وستغدو هذه الاستحالة مبدأ تمشي عليه الأمّة لحين اختراع آلة تمكّن من رؤية هذا السرير. في واحدة من مراحل النمو حسبما يعرّف بها علم النفس التحليلي، يعجز الطفل عن تخيّل العالم خارج وجوده هو فيه. فإذا سئل طفل: من سبق الآخر إلى الوجود، أنت أم أبوك؟ يجيب: أنا، لأني لا أذكر رؤية أبي قبل وجودي في الحياة. وهو لن يتأخر ليكتشف أن الكون الخاص به وحده هو الكون الذي يدور حوله، بينما الأرض هي التي تدور حول الشمس، والقانون يدور حول العدالة للجماعة. وإلى حين اكتشاف وجود تقنيات يعتمدها الكوكب لتأكيد حدوث اغتصابٍ زوجي في الغرفة المغلقة، سيبقى موقعٍ محوريّ في العمل النسوي الرسمي في لبنان مكرّساً لتأجيل البتّ بهذه القضية، يرمي لنا بفرضية ذاتية خلف الأخرى ننتفض لننفيها تباعاً، والوقت يمرّ. وقد حدثت التجربة ذاتها مع تسويف حق المرأة في منح جنسيتها لعائلتها: رُمي في وجهنا الخلل الذي سيصيب التوازن الطائفي في حال إقراره، فاجتهدنا في تفنيد هذا الخلل حتى اتضح زيفه، ما استوجب أن ينكشف للشمس الخطاب الحقيقي الذي يحكي صراحةً عن قصور المرأة وعدم كفاءتها لامتلاك الحق بالجنسية. فقال النائب نعمة الله أبي نصر الدرر في هذا السياق: سيغرر بها أي كان ليمتلك جنسيتنا، وهي كائن هشّ يسهل التغرير به، علينا أن نلجمها كي لا تدنّس حديقتنا الخلفية. وكلما نفينا فرضية في مسألة العنف الأسري والاغتصاب الزوجي، فستقفز أمامنا أخرى، حتى بلوغ مرحلة الخطاب الصريح الذي لا يخجل من نفسه. وفي حالة الاغتصاب الزوجي، ظهر هذا الخطاب الصريح على لسان رجال الدين أساساً، وهو خطابٌ لا يمكن لمسؤولة في هيئة المرأة أن تعتنقه صراحةً، فوجب عليها الخروج بحجج ذاتية تؤجل الاستحقاق. وبعدما نؤكد إمكانية استقصاء الجرم، ستعود المسؤولة وتسائل معنى هذا الجرم من أساسه: هل يمكننا أن نسمي الجنس بين رجلٍ وزوجته، اغتصاباً؟ المسألة ليست في ما قالته السيدة، ونحن نعرف الكثير عن الغرف المغلقة. والدولة أيضاً تعرف، عندما تشاء أن تعرف. تراها تعرف لما يكون الطرفان من جنسٍ واحد، أو يمارسان الحب خارج إطار الزواج. في هاتين الحالتين، لا تعيق «القانون» غرفٌ مغلقة، وتجده قادراً على السعي وراء غايةٍ تحافظ على «النظام» وترسيه أولاً على جسم المواطن. نحن نعرف ذلك، ونعرف أن هذه الحجّة متوافرة للتأجيل والتسويف وفتح نقاشات جانبية لا طائل منها. حجّة ومتوافرة وتتيح الاهتمام والتأثر من دون أن يستوجب ذلك أي تغيير يمسّ دقّة توازن الوضع القائم. أما نحن الباحثين عن العدالة بين الحجج المتراكمة فيمكننا أن نلاحظ بعد سنوات من المتابعة في ملف العنف الأسري، معادلة مثيرة: قد نتمكّن يوماً من الفوز بتجريم الضرب، ولكن سيصعب علينا تجريم الاغتصاب الزوجي. وفي ذلك معنى. الغرف المغلقة الضرب هو تعريفاً فعلٌ عنفيّ، لكنه أيضاً فعل تأديبٍ في قاموس رجال الدين. قالوا لنا عند خروجهم الثائر ضد حملة تجريم العنف الأسري، إن الضرب بالنسبة إلى الرجل هو كالجيش والشرطة بالنسبة إلى الدولة: ذراعان عنفيان لإرساء السلطة. الغاية هنا (أي الطاعة) تبرّر الوسيلة (أي الضرب)، مع أن الدين يدّعي أنه لا يقوم على هذه المعادلة الدنيوية. وبعدما علا الصوت المطلبي بأسماء النساء اللواتي قتلن في معرض «التربية» (والقتل جريمة في كتب هذه الأديان)، بدأت «البراغماتية» تغزو الخطاب المناهض لتجريم العنف الأسري، لإرساء حدود غائمة بين الضرب التربوي والضرب الجرمي.. فبدا التجريم إمكانيةً. أما الاغتصاب الزوجي فمعادلته أشدّ جوهرية، لا مطرح للبراغماتية فيها. تجريمه ليس إدانةً لفعلٍ، بقدر ما هو تحريرٌ لجسد من سلطة حرّة في ما تنزله به. في العنف الأسري، تراهم يناقشون الضرب ودرجاته. في الاغتصاب الزوجي، لا مفر من نقاش ملكية المرأة لجسمها، وفي إطار الزواج أيضاً. فحدود البراغماتية استُنفدت في نقاش الاغتصاب خارج الزواج: أين مسؤوليتها في اغتصابها؟ هل استدرجته؟ هل تدّعي عليه لغرضٍ في نفسها؟ ثم، ولنفترض أنه اغتصبها، فهل يُسجن لفعلٍ كهذا؟ أليس الأجدى بنا الاكتفاء بتزويجه إياها كرامةً لوالدها، وشقيقها؟ البراغماتية في تجريم الاغتصاب حلّت وتحلّ خارج الإطار الزوجي، لأن المرأة فيه تكون تابعة لذكرٍ آخر لا بد من المفاوضة لحفظ حقوقه. أما ضمن حدود الزواج فلا مطرح للاغتصاب، ولا للمفاوضات. في هذا السياق، يصبح تجريم الاغتصاب الزوجي اعتداءً على حقوق الرجل الذي أرضى الوالد والشقيق والمؤسسة بعقد زواجٍ. ما يرجعنا إلى جوهر المسألة: تجريم الاغتصاب الزوجي هو اعترافٌ بامتلاك المرأة لجسمها، وتنازل عن مكتسب للرجل. وهو، كالثورة على الديكتاتورية، قلبٌ لمعادلة القمع القائمة: إن الاغتصاب في السرير الزوجي يشبه «قوات مكافحة الشغب» في الشارع.. كلاهما يشهران صكّ ملكية في مواجهة الحريّة. القانون، لا الدين منح الدين الرجل وعداً يفيد بأنه يمتلك كامل الحق في المرأة: هو رأسها في الكنيسة، وهو القوّام عليها في المحكمة الشرعية. والاستهلاك الاقتصادي قام على هذه المعادلة، والمحاصصة السياسية كذلك، وسواهما الكثير. في جوهر المعنى، المرأة هي أداةٌ وليست الغاية. هي أداة لتأمين اللذة، وأداة لتحريك العجلة الاقتصادية، وأداة لمراكمة الأصوات الانتخابية... هي لا تمنح الجنسية لعائلتها اسوةً بالرجل، وهي تُضرب لتحصل على التربية التي تحتاجها. لذلك، أتى النضال المدني من المجتمع ليستهدف القانون، لا الدين. لن نغيّر ما أنزل الله بقومٍ أو أنزلوه هم بأنفسهم، لكننا قادرون على تغيير ما يُنزله القانون بنا كمواطنين في دولة. إلا أن فصل الدين عن الدولة لم ينجز بعد في مجتمعاتنا، ولذلك فإن النقاش القانوني تلجمه «المسلّمات»، نتاج الدين والأخلاق العامة، وتبقى وصيّةً عليه. ومثلما مشى أتباع رئيس مجلس النواب في مسيرة إسقاط النظام الطائفي ليفرغوا التحرّك من معناه، ومثلما اجترّ أهل الدولة مطلب مكافحة الفساد حتى يئسنا من إمكانية مكافحته، يأتي من يرسي استحالة معرفة حدوث اغتصاب زوجي، فيقيّد إمكانية التغيير. لكن العدالة مطلب دائم يتخطى عمر الإنسان الواحد، أكان هذا الإنسان مناضلاً من أجل العدالة أو عائقاً أمام إرسائها. العدالة هي مطلبٌ مستمر، إن تحقّق اليوم أو فُرض تأجيله إلى الغد. ومثلما تعتلي السيدات الأوائل المنابر لتدافع عن مكتسبات أوصلتهن إلى هذه المنابر، سننصرف عن هذه المنابر ونمشي في تظاهرة تلو الأخرى، نحكي عن حق الجميع بمكتسباتٍ لا تُقطف من زوج أو شقيق أو أب، وإنما هي مكتسبات عامة تبدأ مع الولادة، وتؤسس للإنسان والمواطنة في هذا البلد. لا هي المرة الأولى ولن تكون المرة الأخيرة التي تصطدم فيها العدالة بخطاب الاستحالة. ولذلك، سنخرج غداً إلى الشارع، بين الثانية والثالثة بعد ظهر غد، لنمشي من المتحف إلى قصر العدل، في تظاهرة أخرى ترفع الصوت ضد الضرب والاغتصاب والفساد والمكتسبات الخاصة، ومن أجل مواطنةٍ سوية في قانونٍ محرّكه العدالة. ويكفي، للتخفّف من ثقل «الاستحالة»، تذكّر لحظة اكتشاف أن الأرض مستديرة: لا بد أن يأتينا يومٌ نسخر فيه بلا غضب من استحالة إثبات الاغتصاب الزوجي، تماماً كما سخر الأسبقون من «ابتكارات» سلطات مرحلية زائلة، كان جلّ همّها حماية مكتسباتها.

 

يا نساء العالم اتحدن ضد العنف والتمييز!

في الثامن من آذار، اليوم العالمي لنضال النساء من أجل المساواة في الحقوق، نوجه تحية الإكبار لكل اللواتي استطعن، بتحركهن، فرض واقع إنساني جديد في بلادهن وعلى الصعيد العالمي.

 

نحيي المرأة العربية التي صمدت في وجه رياح التخلف، واستطاعت التغلب على القوى الظلامية، المدعومة من الامبريالية العالمية. ونشد على أيادي النساء في أفريقيا اللواتي يواجهن الأمرين من جراء الحروب الاستعمارية الجديدة. ونقول للنساء في أميركا اللاتينية، من كوبا الى فنزويلا والبرازيل وغيرها، أن نضالكن كان ولا يزال ملهما لنا في معركتنا من أجل التحرر والتقدم. كما نرفع الراية للنساء الفيتناميات والصينيات والروسيات، ونؤكد للعاملات في الاتحاد الأوروبي أن وجعهن سينتهي لا محالة.

 

ونحيي، على وجه الخصوص، نساء مصر اللواتي أنجزن دستورا جديدا متقدما ونتمنى لهن المزيد من الانتصارات على درب النضال الطويل. ونؤكد للمناضلات من أجل الدولة الفلسطينية الوطنية أننا سننتصر على العدو الصهيوني وسنحرر ارض فلسطين من رجسه بفعل انخراطنا في المقاومة الوطنية.

 

أخيرا، ننحني أمام شهيدات العنف القاتل في لبنان، من الإرهاب الى العنف السري، معلنات تصميمنا على المضي قدما في النضال حتى تحرير وطننا وشعبنا. وسننتصر لا محالة.

 

عاش الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي.

 

 

 

جمعية "مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي"

 

في 7 آذار 2014

 

قرر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أمس الأول، "قطع العلاقات السياسية والديبلوماسية، وتجميد العلاقات التجارية مع بنما"، متهماً إياها بأنها "تعمل تحت إمرة الولايات المتحدة"، وذلك بعد طلب الحكومة البنمية من منظمة الدول الأميركية عقد اجتماع لمناقشة التظاهرات الحاصلة في فنزويلا. وقال مادورو، خلال مراسم إحياء الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز في كراكاس، إنه "في مواجهة التآمر العلني لسفير جمهورية بنما في واشنطن داخل منظمة الدول الأميركية، قررت قطع العلاقات السياسية والديبلوماسية مع الحكومة الحالية في بنما، وتجميد كل العلاقات التجارية"، مضيفاً أنه "لا احد يستطيع التآمر بلا عقاب لطلب تدخل ضد وطننا... هذا يكفي، وأدعو الشعب إلى الاتحاد". وأضاف الرئيس الفنزويلي أن بلاده "لا تقبل التدخل من أحد، لأن سياستنا الدولية هي سياسة سلام واحترام، ووحدة أميركية لاتينية في مواجهة الامبريالية". من جهة أخرى، وافقت "منظمة الدول الأميركية"، التي تتخذ من العاصمة الأميركية واشنطن مقراً لها، على عقد اجتماع خاص بفنزويلا أمس، بناء على طلب بنما، للبحث في "إمكانية دعوة وزراء الخارجية إلى محاولة إيجاد حلول في مواجهة حركة الاحتجاج في فنزويلا"، كما أعلن المجلس الدائم للمنظمة في بيان. من جهته، قال الرئيس البنمي ريكاردو مارتينيلي إنه "فوجئ بقرار الرئيس الفنزويلي". كما أصدرت وزارة الخارجية البنمية بياناً اعتبرت فيه اتهامات مادورو "إهانة غير مقبولة".

عشرات المتضررين من تنفيذ مشروع محور (Axe) الحكمة ـ الترك» و«النفق الجزئي» على «شارع شارل مالك»، رفعوا دعاوى امام مجلس شورى الدولة ويطالبون بانصافهم، في وقت يتريث فيه المجلس في بت طلب وقف تنفيذ المرسوم 8228 بانتظار اجوبة الدولة

 

بسام القنطار - الاخبار

 

 

ليس معلوماً بعد عدد الدعاوى والشكاوى والمراجعات التي رفعها المتضررون من المرسوم 8228 الذي وافق عليه مجلس الوزراء في ايار عام 2012، لكن المؤكد ان الدعاوى التي رفعها عدد من المالكين، من اصحاب الشقق والعقارات، اضافة الى شركات تجارية ومصارف، زادت عن ثماني دعاوى، ابرزها دعوى تقدم بها المحامي شربل رزق بوكالته عن اكثر من 30 مالكا ومستأجرا في حوالى 15 عقاراً في منطقة الرميل في الاشرفية.

 

وكان قد سبق هؤلاء عدد من المالكين والمستأجرين الذين سارعوا الى الطعن بالمرسوم المذكور. غريب فعلاً أمر هذا المرسوم الذي شمل أربعة مراسيم سابقة له بدءاً من عام 1972 مروراً بعامي 1983 و 1996 وصولاً إلى عام 2012. أي إنه تناول حقبة زادت على أربعة عقود من الزمن . وبمرسوم واحد لا غير اختصر مجلس الإنماء والإعمار ماضي وحاضر ومستقبل قلب العاصمة، ملغياً ما أراد من المراسيم، ومعدّلاً قسماً آخر ومصدّقاً ما يحلو له من القسم الباقي. تناول المرسوم مواقع عديدة وطرقا مختلفة وشوارع منفصلة، فخلط حابل الأمور بنابلها. وبدلاً من أن تصدر المراسيم على نحو واضح وعلمي ودقيق، جاء المرسوم المطعون فيه نموذجاً مثالياً بخلق الالتباس والضياع في أذهان المواطنين. ولم يكتف مجلس الإنماء والإعمار ولا بلدية بيروت بهذا الكم من المغالطات، بل إنهما لم يكلفا نفسيهما عناء نشر هذا المرسوم في الصحف المحلية، أو إلصاق إعلان عنه في مركز البلدية، كما أن إشارته لم تدوّن حتى الساعة على أي من الصحائف العينية العائدة لأي من العقارات التي تقدم اصحابها بدعاوى بشأنها امام مجلس شورى الدولة. ويعيب هذا المرسوم انه لم يستند الى دراسة حديثة، وخاصةً منها تقويم الأثر البيئي للمشروع الذي يعد شرطاً جوهرياً لا يمكن تخطيه. إضافةً إلى أن المشروع افتقر إلى دراسة جدوى اقتصادية وإنمائية ومدنية، حتى إن دراسة لحركة السير المرتقبة لم تحصل، بل جل ما حصل تمثل في خلط المراسيم بعضها ببعضها الآخر، بالتزامن مع طمس حقيقة ما يحصل وصولاً بسرعة هائلة إلى إحالة المرسوم على لجنة الاستملاك في بيروت، مع الطلب منها إصدار قرارات التخمين للعقارات المصابة. واللافت ان مجلس الإنماء والإعمار وضع مسألة تنفيذ هذا المشروع ضمن اولوياته، فسارع بالتنسيق مع بلدية بيروت إلى تلزيم الأعمال وفض العروض واستكمال الإجراءات الكفيلة بالتنفيذ السريع. ومن مراجعة خرائط المرسوم ولوائحه التفصيلية التي تعود بأحدثها إلى عام 2004، يتبين انها لم تأخذ بعين الاعتبار أي تغييرات حاصلة خلال ثمانية أعوام لاحقة، وأن المشروع يرمي إلى اختراق المنطقة الممتدة من ساحة ساسين إلى جسر شارل الحلو بجسور وأنفاق تلحق أضراراً بيئية واجتماعية هائلة، بتكلفة تزيد على مئة وخمسين مليون دولار أميركي لتنفيذ مشروع لا يزيد طوله على كيلومتر ونصف كيلومتر. ولا يكتفي المشروع بالطريق الرئيسية، بل يضرب عدداً من التفرعات عبر إصابة أبنية ومؤسسات على طول الخط الممتد من محيط مستشفى الروم حتى جسر فؤاد شهاب. وبدلاً من اعتماد الخطوط الدائرية Peripheriques للحفاظ على التراث، يقضي المشروع على أكثر من ثلاثين بناء قديما وتراثيا، ويعرض الأبنية الأخرى لخطر الانهيار عبر إصابة أجزاء كبيرة منها، وتنفيذ مشاريع ضخمة كحفر الأنفاق على مقربة لصيقة من بعضها الآخر. وبدلا من أن يجد المشروع حلاً لمشكلة السير، سيزيد من حدتها، إذ إنه لن يؤمن أية حلول لحركة السير الداخلية، بل سيزيد من تفاقمها لأنه وُجد لربط طريق الشام مباشرةً وعبر خط وحيد الاتجاه بجسر شارل الحلو، كما انه سيزيد من مشكلة ندرة مواقف السيارات عبر قضائه على حوالى ألف موقف سيارة. ومن ابرز الامثلة على العقارات المتضررة، العقار رقم /692/ الرميل الذي يحتوي على بناء تراثي مبني عام 1899، ومأهول من قبل أحفاد مالكه الأساسي الدكتور حبيب طوباجي، وهو أول طبيب جراح لبناني أسهم في تأسيس مستشفى مار جاورجيوس للورم الأورثوذكس، ولقب بأحد الأقمار الثلاثة، الذي سميت به مدرسة الثلاثة أقمار تخليداً لأسمائهم. ولقد قضى المرسوم على هذا المنزل وحوله إلى جسر، ويهدد المشروع البناء القائم على العقار رقم /486/ الرميل، الذي سوف يهجر ساكنيه من منازلهم حتماً، بعد إصابة بنائهم بالمرسوم من كل حدب وصوب، وجعل مدخله يؤدي إلى وسط أوتوستراد، فضلاً عن إزالة شرفات منازلهم ومطابخها بالكامل، وحرمانهم الوصول إلى الأقسام المشتركة والحديقة المخصصة للعقار بجعلها معزولة عن محيطها. اضافة الى الاضرار التي سيلحقها بالأبنية القائمة على العقارات رقم /455/ و /509/ و /512/ ، فضلاً عن الضرر السمعي والبصري والهوائي . جميع هذه المعطيات تقدم بها المتضررون الى مجلس شورى الدولة مفندين العيوب القانونية التي تشوب المرسوم ومطالبين بابطاله. ولقد طلب هؤلاء من مجلس شورى الدولة الجواب على طلب وقف التنفيذ ضمن المهل المقصرة، وإلى إصدار قرار بوقف تنفيذ المرسوم، كما طالب المستدعون بإبطال المرسوم وإعلان عدم قانونيته لكونه معدلاً لمراسيم ساقطة بمرور الزمن سنداً لأحكام قانون الاستملاك وتعديلاته، ولكونه مفتقراً إلى تقويم الأثر البيئي الإلزامي مسبقاً سنداً لقوانين البيئة والمراسيم والتعاميم المؤكدة لها، ولكونه معيباً بتجاوز حد السلطة وغير مسند إلى أي مبررات واقعية أو قانونية. ولقد اصدر مجلس شورى الدولة قراراً إعدادياً في ٨ كانون الثاني الماضي، قضى بالتريث في بتّ طلب وقف التنفيذ، وبتكليف الدولة اللبنانية ومجلس الإنماء والإعمار إفادة المجلس عما إذا كانت الأصول المنصوص عليها في المادة ٣٥ من قانون الاستملاك قد استكملت، وإثبات ذلك في حال الإيجاب. والى حين بت طلب وقف التنفيذ يتخذ الملف ابعاداً سياسياً وشعبية، لكن الاساس القانوني يبقى الاكثر صلابة ان لجهة انصاف المتضررين او السير قدماً بالمشروع، عبر عدم النظر فيه على غرار مئات الدعاوى النائمة في ادراج القاضي شكري صادر.

بمناسبة 8 آذار ــ يوم المرأة العالمي

&

21 آذار ــ عيد الأم

تتشرف

جمعية "مساواة ــ وردة بطرس للعمل النسائي"

بدعوتكم لحضور ندوة حول

حقوق المرأة والقانون المدني للأحوال الشخصية

تلقيها

د. ماري ناصيف ــ الدبس

تقديم د. غادة بشارة

الخميس 13 آذار 2014 - الساعة 5 بعد الظهر

في مقر الحزب الشيوعي الرئيسي - الوتوات

أعلن طلاب الجامعة الأميركية في بيروت مواصلة الحراك المفتوح ضد رفع الأقساط. وينال الحراك إجماع طلاب كثيرين شاركوا في الجمعية العمومية التي أقرت خطة تصعيدية تدريجية تبدأ باعتصام اليوم وتتواصل مع إضراب الثلاثاء، مع تلويح بمقاطعة «مصالح الجامعة»

فاتن الحاج, حسين مهدي

لم تنل بعض الأصوات السياسية التي دخلت على خط تحرك طلاب الجامعة الأميركية في بيروت من إرادتهم في مواصلة المواجهة ضد «السياسة الجائرة في رفع الأقساط». الطلاب حسموا، في جمعيتهم العمومية الأخيرة، خيار التصعيد بإعلان الإضراب ومقاطعة الدروس، الثلاثاء المقبل، وفق خطة تصعيدية تبدأ باعتصام ينفذونه، عند الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم، أمام مبنى الوست هول.

وكان المنتفضون يتداولون حتى ساعات متأخرة من مساء أمس إمكان تنفيذ وقفة صامتة أمام منزل رئيس الجامعة د. بيتر دورمان داخل حرم الجامعة، عند الواحدة بعد منتصف ليل أمس، حيث يتوقع أن يضعوا لاصقاً على أفواههم، وذلك لإيصال رسالتهم الرافضة لسياسة كسب الوقت التي ينتهجها رئيس الجامعة، على حد تعبيرهم. أما توقيت الوقفة، فيأتي متزامناً مع موعد مغادرة الرئيس منزله للتوجّه إلى مطار بيروت الدولي بداعي السفر إلى الخارج، برفقة عدد من الموظفين الإداريين. ماذا حصل في قاعة بطحيش مساء أول من أمس؟ وكيف كانت أجواء المناقشات في الجمعية العمومية التي استقطبت عدداً كبيراً من الطلاب؟ في الواقع، قسمت اللجنة المصغرة لمتابعة قضية الأقساط المنبثقة من الحكومة الطلابية جدول أعمال الجمعية العمومية إلى قسمين. ففي القسم الأول، وضع أعضاؤها الطلاب في أجواء المعطيات المرتبطة بالمطالب التي جمعتها اللجنة، ولا سيما في ما يخص المعلومات المالية في الجامعة، التي سبق لـ«الأخبار» أن نشرت تفاصيلها. وكان الهدف من هذا القسم إطلاع الطلاب على كل الجوانب المتعلقة بالقضية التي بدأوا حراكاً مفتوحاً للدفاع عنها. فاللجنة عرضت الآلية التي بواسطتها تُعَدّ موازنة الجامعة وتُناقَش وتُقَرّ في اجتماع مجلس الأمناء، في محاولة للقول للطلاب إنّ رئيس الجامعة ليس المسؤول الوحيد عن القرار، بل هناك لجنة متخصصة لوضع الموازنة. تتألف هذه اللجنة من نواب الرئيس الخمسة، وكبير المديرين الماليين chief of financial officer، أعضاء مكتب التخطيط المالي، مدير العمليات chief of operating officer (الذي سُحبت الثقة منه). هؤلاء جميعاً يقررون الزيادة على الأقساط وغيرها من الأمور المتصلة بالموازنة ويرفعونها إلى المجلس. أما القسم الثاني الذي استحوذ على الجزء الأكبر من وقت الجمعية العمومية، فكان مخصصاً لاقتراحات الطلاب بشأن الخطة التصعيدية. كذلك فقد ناقش الطلاب كيفية الردّ على الرسالة الأخيرة لرئيس جامعتهم التي يدعوهم فيها إلى الحوار من أجل الوصول إلى صيغ مشتركة. وكان دورمان قد اتصل بأحد ممثلي الطلاب في ساعة متأخرة من مساء الأحد الماضي، وعرض عليه اقتراح تمثيل الطلاب في لجنة متخصصة تدرس ملف الأقساط خلال أسبوعين وأعطاه مهلة ساعة واحدة للرد على اقتراحه، ولما أبلغه الممثل قرار اللجنة بعد استشارة أعضائها بالرفض، على خلفية أن هذا العرض هو بمثابة شراء للوقت لإفشال التحرك، تجاهل رئيس الجامعة، كما قالت مصادر اللجنة، الرد، وبعث بالرسالة إلى جميع الطلاب يعلن فيها استعداده للتحاور وتأليف هذه اللجنة. ولفتت المصادر إلى أنّ عميد الطلاب طلال نظام الدين، طلب من الحكومة الطلابية وضع اقتراح الرئيس على جدول أعمال الجمعية العمومية، وكان له ما طلب. لكن الطلاب المشاركين رفضوا هم أيضاً اقتراح الرئيس، وهذه المرة بالتصويت، ولم ينل اقتراح الرئيس أي صوت لمصلحته. وهنا شرحت لجنة الأقساط للطلاب أسباب رفضها للاقتراح، ومنها أن اللجنة المراد تأليفها، هي بالدرجة الأولى استشارية، أي إنّ قراراتها غير ملزمة، حتى لو وافق الرئيس على اقتراحات اللجنة التي يحدد اجتماعاتها بأسبوعين، فإنه لن يتسنى للطلاب وضع اقتراحات تفصيلية، وهي لا تشكل أي ضمانة لتجميد رفع الأقساط. كذلك أوضحت المصادر أنّ اللجنة المنوي تأليفها من عدد من العمداء وأستاذين وعضو من المكتب المالي، إضافة إلى ممثلي الطلاب، هي غير متخصصة بالشأن المالي، وبالتالي فإنّ المسؤولية تقع كاملة على لجنة وضع الموازنة! وفي الاقتراحات العملية، طرح الطلاب أفكاراً متنوعة، منها تنظيم اعتصامات متنقلة بين الكليات. وبدا الاقتراح الأكثر تداولاً بينهم هو مقاطعة ما سموه «مصالح الجامعة» أو الأماكن التي تدرّ عليها الأموال، مثل الكافيتريات والمطاعم، إضافة إلى عدم المشاركة في الأبواب المفتوحة «out doors»، وهو نشاط سنوي تجني منه الجامعة أموالاً كثيرة. ويعزو أنصار هذه الأفكار الأمر إلى أنّ من شأن مثل هذه المقاطعة توجيه رسالة موجعة للجامعة، فيما مقاطعة الدروس قد تكون مؤذية للطلاب «الذين دفعوا الأرصدة الجامعية سلفاً». ومن الأفكار أيضاً تنظيم تحركات صغيرة رمزية أسبوعياً ستفاجئ الجامعة وأهلها، على حدّ تعبير المصادر. كذلك فإنّ يوم الإضراب نفسه ستتخلله وقفات احتجاجية في باحات الجامعة. خلال الجمعية العمومية، طرحت النوادي والقوى الطلابية التي نظمت المواجهة الأولى مسودة خطة سبق أن أعدتها، وجرى التوافق على خطوطها العريضة، حيث أجمع الطلاب على «التصعيد التدريجي»؛ إذ سيؤكد الطلاب في خطوتهم اليوم أنهم ماضون في تحركهم حتى تحقيق مطالبهم. في المقابل، رحب الأساتذة بخطوة الطلاب، وستعقد الهيئة الإدارية للتحرك اجتماعاً عند الثانية عشرة ظهر اليوم، سيكون مخصصاً لمناقشة مطلبهم، ويتوقع أن تُصدر في نهايته بيان دعم للتحرك. وعشية الاجتماع، بدا أنّ هناك تململاً في صفوف بعض الأساتذة من غياب الشفافية في إدارة كل ملفات الجامعة، بما فيها ملف الأقساط، مطالبين بالتعاطي بحرفية مع أهل الجامعة.

الأكثر قراءة