آمال خليل - الاخبار
قبل تسعة وثلاثين عاماً، كانت صيدا يشبه بعضها بعضاً. سارت خلف معروف سعد في تظاهرة داعمة لحقوق فقرائها الصيادين حتى مبنى البلدية في ميدان جمال عبد الناصر أو ساحة النجمة. بقرار خارجي، قتل والد فقرائها وجامعها، وتفرقت المدينة ولبنان. أمس، لم تستطع مسيرة الوفاء السنوية لسعد أن تعيد جمع صيدا كلها، لكنها جمعت أفرقاء التقوا تحت الراية الحمراء.
وبعدما كادت المسيرة تلغى من أساسها، لدواع أمنية، غُيّر خطّ سيرها، كما جرت العادة من تمثال سعد في البوابة الفوقا إلى منزله في حي الشاكرية في صيدا القديمة. وتحت شعار «شعب واحد من أجل الخبز والأمن والكرامة»، سار المئات من صيدا ومنطقتها وإقليم الخروب والمخيمات من أمام تمثال سعد الى ساحة النجمة. وفي ميدان عبد الناصر قبالة البلدية، أي في المكان الذي سقط فيه سعد برصاص جندي في الجيش، وقفت الحشود تستمع إلى كلمة نجله النائب السابق أسامة سعد. جموع تخللتها مفاجآت، كحضور رئيس البلدية محمد السعودي الذي يحسبه البعض على تيار المستقبل ووفد من الجماعة الإسلامية سار جنباً إلى جنب مع ممثلي حزب الله وحركة أمل وأحزاب البعث والاتحاد والسوري القومي الاجتماعي والتقدمي الاشتراكي والشيوعي والديموقراطي الشعبي وقوات الفجر مع الغياب الدائم لتيار المستقبل... حضور الجماعة وضع في خانة نتائج الخلاف المستجد بين الجماعة والمستقبل على التفاصيل الصيداوية والخطوط السياسية المحلية والإقليمية العريضة. الحضور نفسه لم يمنع الشباب الذي شكل عصب المسيرة من إطلاق حناجره بمهاجمة مواقف رئيس الجمهورية الأخيرة وانتقاد وزير العدل أشرف ريفي. في المقابل، خصّوا الجيش بهتافات تضامنية ومؤيدة وشاكرة للإجراءات الأمنية المشددة التي واكبت المسيرة في ظل التهديدات والمخاوف الأمنية التي رافقتها. تظلله رايات التنظيم الشعبي الناصري والأعلام اللبنانية والفلسطينية، وتحت شعار «صيدا دائماً وأبداً قلعة في وجه الظلامية»، أكد سعد أن صيدا «قلب معروف سعد وقلعة المقاومة ستتصدى لكل الظواهر الشاذة الطارئة»، داعياً القوى السياسية اللبنانية التي تبرر الجرائم الإرهابية والقوى الخارجية التي توفر التمويل والتسليح لهذه الجماعات الكف عن رعاية الإرهاب لأنها تقدم خدمة للصهيونية». ورأى أن «الطائفيين والمذهبيين والإرهابيين الظلاميين يحاولون تشويه وجه صيدا ويسعون إلى نسف ثوابتها ومبادئها ويفرضون عليها بالعنف والإرهاب اللون والرأي والمذهب الواحد، ما يلحق أفدح الأضرار والخسائر بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية ويشكل إساءة كبرى لموقعها ودورها السياسي والوطني والقومي وضربة للاستقرار». سعد تعهد بأن تنظيمه «سيكون لهم بالمواجهة مع القوى الوطنية وأبناء صيدا المخلصين القادرين على التصدي لكل الظواهر الشاذة الطارئة». وطالب الحكومة بـ«وضع خطة حازمة وتطبيق العقوبات الرادعة بحق الإرهابيين وفقاً لمبادئ العدل». المستقبل لم يفوّت فرصة التصويب على مسيرة الوفاء بعد ساعات قليلة. واستغرب بيان باسم منسقية صيدا والجنوب أن «يحوّل التنظيم مناسبة وطنية إلى منصة للتصويب السياسي وتوظيفها خدمة لتوجهات ومصلحة وأهداف المحور الإيراني ـــ السوري وإلى مهرجان للشتائم والسباب بحق رمز وطني كبير كاللواء أشرف ريفي». ورأى البيان أنه كان «من الأجدى بسعد أن يتعاطى مع مناسبة ذكرى والده بما يستحق صاحب الذكرى من احترام ومكانة لبنانية وعربية، لا أن ينحدر بهذه المحطة الوطنية الى زواريب السياسة الضيقة تنفيذاً لأوامر حزب الله وإيران».
مجدليون تستقبل أبرياء عبرا
أمام سراي جزين، يوم السبت، انتظرت ست من أبرز العائلات الصيداوية خروج أبنائها، من موقوفي عبرا، من سجن جزين الذي انتقلوا إليه من سجن الشرطة العسكرية في الريحانية. الفضل في انتقال الستة يعود إلى النائبة بهية الحريري التي أوكلت لهم محامي دفاع وكانت تؤمن النقليات والنفقات لزيارة عائلاتهم لهم، كما أمّنت لهم سيارات نقلتهم إلى بيوتهم. لذا، كان أقل الواجب أن تكون مجدليون محجّة الأبرياء الستة وعائلاتهم الذين زاروها لشكرها على جهودها. مكتبها الإعلامي وزع صوراً وهي تحيي المفرج عنهم وتترأس جلسة في صالونها بحضور المحاميين محمد المراد ومايا مجذوب اللذين شاركا في الدفاع عن موقوفي عبرا. الحريري هنّأتهم بالبراءة ورأت أن إصدار القرار الاتهامي «من شأنه أن ينقل هذه القضية إلى مرحلة المحاكمات». ولفتت إلى أن «كل ما أردناه فقط العدالة ولنا كل الثقة بالقضاء»، علماً بأن ثمانية آخرين من صيدا وفلسطينييها أطلق سراحهم بموجب القرار الاتهامي، منهم من آل البابا وزيدان وأبو زينب والمصري، إلى جانب ابن شقيق فضل شاكر، عبد النور شمندر. إطلاق سراح الأربعة عشر فجّر جدالاً في صيدا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين من صلّى للعدالة وبين من استغرب «موافقة القضاء على تبرئة أشخاص شاركوا في قتال الجيش».