حسين مهدي - الاخبار
لم يوقّع أمس طلاب الجامعة الأميركية وحدهم العريضة المطالبة بتجميد الأقساط، بل وقّعها أيضاً عميدهم طلال نظام الدين. لم يتردد الأخير في النزول إلى ساحة «وست هول» ليشارك المنتفضين نشاطهم الميداني الثاني، في إطار خطة مواجهة سياسة رفع الأقساط. لم يستغرب الطلاب الموقف المتناقض لنظام الدين مع ما صرح به سابقاً بأن «الزيادة ضرورية وإن كنا نسعى إلى خفضها قدر المستطاع».
ما يحصل، كما يقولون، جزء من سياسة تكتيكية دبلوماسية تهدف إلى محاولة لاحتواء حراك الطلاب المتصاعد تدريجاً. برأيهم، هذا ما يفسر وقوف عميد الطلاب بين الموقّعين وإصراره على إقناعهم بفعالية التفاوض وتبديل خطتهم التصعيدية لمصلحة الموافقة على الاقتراح الأخير لرئيس الجامعة د. بيتر دورمان، والابتعاد عن السلبية في التعاطي مع الإدارة التي لن تجدي نفعاً ولن تؤدي إلى حلول ترضيهم. ويقول نظام الدين لـ«الأخبار» إنّ الموقف الحالي لإدارة الجامعة مرن ويريد حل المسألة بسرعة. بل أكثر، تؤكد مصادر مقربة من رئيس الجامعة أنّ الأخير مستعجل إلى درجة أنه لن يمانع من شق وحدة الطلاب «سياسياً» إذا اضطره الأمر إلى ذلك. وضمن سياسة الاحتواء، كما وصفها الطلاب، بعث الرئيس برسالة جديدة إليهم يشكرهم فيها على رسائلهم التي أرسلوها إليه عبر البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي وخلال حراكهم، مذكّراً إياهم بأن مسودة ميزانية الجامعة لم تنجز بعد، وليس هناك أي قرار نهائي بشأن نسبة الزيادة على الأقساط، ومجلس الأمناء لن يقرّ الموازنة التي سترفع إليه قبل أيار. حصل ذلك بعدما كان الطلاب قد ودّعوه في وقفة ليلية صامتة، عشيّة سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية. وفي الرسالة، يعلن دورمان أنه ملتزم إبقاء قنوات التواصل مفتوحة لضمان بقاء عملية اتخاذ القرارات شاملة وشفافة، مبدياً تفاؤله بأن الحلول المالية التي ستتخذ لن ترهق كاهل الطالب وعائلته. أهم ما جاء في خطاب دورمان هو دعوته للمرة الأولى كامل أعضاء الحكومة الطلابية، وليس فقط اللجنة المنبثقة عنهم، إلى الاجتماع الأسبوع المقبل لتوسيع دائرة النقاش مع الطلاب. وتؤكد مصادر طلابية أن الرئيس سيسعى من خلال هذه الخطوة إلى التأثير على الأحزاب واستمالتهم إلى صفه واحتواء الحراك، وخصوصاً أنّ معظم الأحزاب السياسية ممثلة في الحكومة. في موازاة ذلك، تتألف اللجنة التي شكلها الرئيس لمحاولة إيجاد حلول خلال أسبوعين، من كل من: د. محمد حواجلي، د. ربيع تلحوق، د. عماد الحاج، العميدة نهلة حولا، العميد باتريك مغريفي، رئيس القسم المالي درو ويكنس، العميد سليم شاهين الذي سيرأس اللجنة. وسيناقش الأعضاء، بسحب رسالة دورمان، كل السيناريوات من أجل خفض الزيادة المقترحة قدر الإمكان، على أن يكون اقتراح اللجنة بيد الرئيس في 17 الجاري، أي قبل اجتماع مجلس الأمناء في 21 الجاري. ويشدد الرئيس على ضرورة مشاركة الطلاب في اجتماعات هذه اللجنة، الذي ستعقد بحضورهم أو بغيابهم، كما يؤكد عميد الطلاب لـ«الأخبار». إلى ذلك، بدا الطلاب غير واثقين بأعضاء اللجنة حين قالوا إنّ «مواقف معظمهم معروفة لناحية دعم الإدارة والرئيس، والعمل لصالحها، إذ لم يجاهر أي منهم بتأييد مطلب الطلاب، في وقت جاهر فيه عدد منهم بدعم تسليع التعليم وإشراك الشركات الخاصة مع الجامعة، والحفاظ على النهج المالي نفسه». لا يشعر المنتفضون بأنّ هناك ضمانات حقيقية للحوار الذي يستميل ما أمكن من القوى الطلابية، في حين أنّ لجنة رفع الأقساط والنوادي الطلابية والأحزاب السياسية لن تتراجع عن موقفها الثابت: لا تفاوض قبل تجميد الأقساط. يتحدثون عن عدم جدية وخصوصاً أنّ اللجنة الأخرى التي تحدث عنها رئيس الجامعة في رسالته والتي ستدرس حلولاً مالية بديلة طويلة الأمد لم تشكل حتى الآن، ما يؤكد صوابية حذرهم من الدبلوماسية التي تتبعها الإدارة، على حد تعبيرهم. وبرز أمس موقف للهيئة التنفيذيّة لاتحاد أساتذة الجامعة، إذ لم تجد الهيئة مبرّراً لضرورة زيادة الأقساط، معلنة تأييدها لتوصية مجلس الجامعة عدم زيادتها في العام المقبل. وفيما دعمت الهيئة مطلب التلامذة المحق، دعت الأساتذة إلى احترام حقهم في حريّة التعبير والتجمّع.