Hiba Awar

Hiba Awar

بمناسبة الذكرى السادسة لإستشهاد المناضل جورج حاوي

يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني

للمشاركة باليوم المفتوح من الساعة العاشرة صباحا حتى العاشرة مساء في ساحة الشهيد جورج حاوي في وطى المصيطبةيتخلله إضاءة الشموع عند الساعة السابعة والنصف مساءً

 

لتقديم تحية رمزية الى شهداء الحزب الشيوعي

في ذكرى يوم الشهيد الشيوعي

 

والذكرى الثانية والخمسون (25 حزيران 1959) لاغتيال القائد المناضل

امين عام الحزب الشيوعي اللبناني آنذاك الرفيق فرج الله الحلو،

 

والذكرى السادسة (21 حزيران 2005) لاغتيال القائد والمناضل الشيوعي

الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني الرفيق جورج حاوي -ابو أنيس

 

 

خالد صاغية

قبل الثورات العربيّة، احتلّ المشهدَ السياسي العربي تيّاران ملتبسان: الممانعة، والاعتدال. وهما ملتبسان لأنّ أيّ تمحيص في المنطلقات والممارسات سيظهر تهافت منطق كلّ منهما. ورغم الاختلافات بينهما، فإنّه لا يمكن أحدهما المزايدة على الآخر في مجال الحريات والديموقراطيّة. فالتيّاران ارتبطا وتمثّلا بأنظمة لم يُعرَف عنها احترامها للحريات الفرديّة أو الجماعيّة. اللهمّ إلا إذا كان المطلوب تصديق التسمية التي كانت تطلقها الولايات المتّحدة على حلفائها، فتصفهم بـ«القوى المؤيّدة للديموقراطيّة». في زمن الثورات، أصيب تيّار «الاعتدال العربي» بنكسات، لعلّ أقساها سقوط النظام المصري الذي شكّل، إلى جانب السعوديّة، عصب هذا التيّار ومحور حركته الفاعلة، ولا سيّما في ما يخصّ العلاقات الفلسطينيّة ـــــ الإسرائيليّة. نكبة الممانعة تكمن في مكان آخر. فاهتزاز النظام السوري ليس الضربة الكبرى لهذا التيّار. الضربة الكبرى أصابت، في الواقع، سرديّته لا أنظمته. فلطالما اعتبر الممانعون أنّهم يحملون خطاب الشعوب في مواجهة خطاب الأنظمة المتحالفة مع الولايات المتّحدة الأميركيّة، وأنّ أولويّات الشعوب ـــــ بخلاف أنظمتها ـــــ هي أولويّات الممانعة نفسها، أي أولويّات وطنيّة تتعلّق بمواجهة إسرائيل، واستطراداً المشاريع الأميركيّة في المنطقة. أثبتت الثورات العربيّة، شئنا أو أبينا، حقيقة لا يمكن تجاهلها لمن يريد أن ينظر ويرى: أولويّات الشعوب العربيّة ليست في ما يطرحه الممانعون، بل في طلب الحريّة والكرامة والخبز. هذا لا يعني نفوراً شعبياً من الخطاب الممانع، ولا انتصاراً لمنطق الاستسلام لإسرائيل، لكنّه يعني ترتيباً واضحاً للأولويّات. الشعوب العربيّة حسمت أمرها لمواجهة هراوات رجال الأمن، والنهب المنظّم، وتأكيد مشاركتها في القرار السياسي، وهي ليست مستعدّة لوضع هذه المطالب على الرفّ من أجل أيّة قضيّة أخرى. هذه الحقيقة التي ظهرت في شوارع تونس والقاهرة وصنعاء وبنغازي ودرعا... لا يمكن مواجهتها من قبل أنصار الممانعة بالمكابرة أو الانضمام إلى معسكر الثورات المضادّة بحجّة الاكتشاف المتأخّر أنّ فلسطين ليست على جدول أعمال الثورات العربيّة الراهنة. فالعالم العربي يخرج إلى أفق سياسي مفتوح يتّسع للممانعين ولغيرهم، وسيشهد تجاذبات بين تيّارات عديدة ستحاول مصادرة الثورات لحسابها. وفلسطين، للخائفين على فلسطين، لم تفقد أهميّتها لدى الشعوب العربيّة التي تثبت اليوم أكثر من أيّ وقت مضى أهمّية رابطة العروبة. لكن، هل نستكثر على تلك الشعوب قليلاً من الهواء النظيف حتّى تتمكّن من مواجهة الاستحقاقات الوطنيّة؟ من المفيد قليلاً الالتفات إلى مصر بعد الثورة، والتظاهرات أمام السفارة الإسرائيليّة، وهتافات الزحف إلى القدس... سبق لأحزاب الممانعة أن أقامت حفلة هذيان بعد انتصار الثورة المصريّة، لم ترَ فيها إلا احتمالات سقوط اتفاقيّة كامب دايفيد. وها هي اليوم تدخل في حفلة هذيان أخرى تستعيد أدبيّات «المؤامرة» و«لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، بعدما اكتشفت أنّ سقوط كامب دايفيد أو عدم سقوطه، خارج الموضوع أصلاً. على الممانعين أن يفكّروا جيّداً قبل أن ينصّبوا أنفسهم بديلاً من الديكتاتوريّات التي هوت، أو تلك التي في طريقها إلى الهاوية. فالديكتاتوريّة، كما عنونت إحدى الصحف الكبرى، ليست هذا الموسم «على الموضة».

خالد صاغية

رامي مخلوف، بالتأكيد، ليس أوّل رجل أعمال ينتقل من الأعمال الاحتكاريّة إلى الأعمال الخيريّة. لكنّنا قد نكون أمام أوّل انتفاضة سياسيّة تؤدّي إلى تنحّي... رجل أعمال. فمخلوف، بخلاف أحمد عزّ مثلاً، لا يملك منصباً رسمياً. لكنّه الذراع الاقتصاديّة لنظام كان قد أخبرنا مخلوف نفسه، في مقابلة مع «نيويورك تايمز»، أنّه لن يضحّي بأيّ من أركانه. ذلك أنّ سقوط أيّ «منّا»، سيؤدّي إلى سقوطـ«نا» جميعاً، قال مخلوف. يومها، كان يشنّ، ربّما، هجوماً استباقيّاً منعاً لتقديمه كبش محرقة على مذبح الانتفاضة. ولعلّ نقمة الشارع على مخلوف، وتضحية النظام به، تثبتان ترابط مطلبَيْ الخبز والحرية في العالم العربيّ اليوم. وهذه سمة غير خاصّة بسوريا وحدها. فالقبضة الحديديّة ارتبطت بشكل محدّد من النهب المنظّم في البلدان العربيّة، اتّخذ شكل الاستيلاء على أراضٍ عامّة وخاصّة وتحويلها إلى مشاريع استثماريّة، ومراكمة ثروات ناجمة من ريوع الاحتكارات التي غالباً ما يحتكرها شخص أو مجموعة لا يتخطّى أفرادها عدد أصابع اليدين. ومن لا يحتكر مباشرة، يمنع قيام أيّ مشاريع لا يدخل أركان النظام شركاء فيها. رامي مخلوف كان الرمز السوريّ لاحتكار السلطة والمال. لكن، من المفيد التذكير بأنّه كان رمزاً وحسب. أيّ أنّ المشكلة ليست مشكلة حوت اقتصادي اسمه رامي مخلوف، بل مشكلة احتكار مراكمة الثروات، تماماً كاحتكار المشاركة في السلطة. لذلك، تبقى خطوة تنحّي مخلوف من دون أيّ معنى إصلاحيّ، ما لم تُرفَق بآليّات مشاركة اقتصاديّة وسياسيّة تمنع استبدال مخلوف باسم آخر أو بمجموعة صغيرة من رجال الأعمال الآخرين، المرتبطين هم أيضاً بعلاقات سفاح مع السلطة. كثيرون من رجال الأعمال يستغلّون العمّال قبل الظهر، ويتبرّعون للجمعيّات الخيريّة عند المساء. إنّها الطريقة الوحيدة كي يطهّروا آثامهم، ويتخلّصوا من عقدة الذنب. من المفيد التذكير أيضاً أنّ رامي مخلوف ليس واحداً من هؤلاء. لم يتنحَّ لينشد خلاصاً روحيّاً. تنحّى تحت ضغط الشارع الذي يطالب بتغيير جذريّ في سوريا. تنحّي مخلوف هو بداية هذا التغيير، وليس نهايته.

وسام متى    انطبق التحليل الفرويدي للنرجسية على مداخلات الكثير من الحضور من منظري اليسار ومثقفيه في الندوة الحوارية التي نظمها «مركز مهدي عامل»، أمس الأول، مع اثنين من شباب الثورة في تونس ومصر. بعضهم أقرّ بعجز جيل الستينيات والسبعينيات عن إحداث التغيير الذي اجترحه الشباب التونسي والمصري في أقل من شهر، والذي وصفه المفكر التونسي الطاهر لبيب بـ»ثورة الممكن». آخرون عبرّوا عن اعتزازهم بما حدث مشددين على أنه أظهر مفاهيم جديدة ينبغي على اليساريين أن يستفيدوا منها. لكن كثيرين تعاملوا مع عفوية الشارع وتلقائيته بنوع من الاستعلاء الفكري، سواء عبر التشكيك في استحقاق الحدثين التونسي والمصري لصفة «الثورة»، أو عبر إسداء نصائح بديهية على جبهات مختلفة، متناسين أن الشعوب العربية قد سبقت منظريها. شابا ثورتي مصر وتونس، خالد تليمة (عضو ائتلاف شباب الثورة في مصر) وأكرم الفاهم (عضو التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحرية في تونس)، كانا الأكثر انسجاماً مع نبض الشارع العربي. بعفوية ميزت ثورتي شعبيهما، تحدثا عن تجربتهما الميدانية التزاماً بالطابع الأساسي للندوة، والذي أراده منظموها بعيداً عن التنظير. «ثورة الممكن» الطاهر لبيب، الذي تولى إدارة الحلقة الحوارية، وصف ما تشهده المنطقة العربية بأنه «ثورة الممكن التي ضحى من أجلها جيل اليسار العربي في الستينيات والسبعينيات، والذي كان مهدي عامل أحد أبرز معالمه وأعلامه، بعدما كتب مقدمات نظرية لهذا الممكن، وأوجد جدليات بين نظرياته وممارساته، وحيّد البرجوازيات العربية والطائفية، وكتب تقاسيم زمان هذا الممكن، قبل أن يكسر الرصاص الغبي نصه عن الفكر اليومي». وفي حديثه عن «ثورة الممكن» تلك، أشار لبيب إلى أن «العرب بعدما استبطنوا استحالة التحولات، وعبروا عن خروجهم من التاريخ قبل ان يقولها فوكوياما، تبين لهم أنهم قادرون على أن يثوروا، وأنهم إذا ثاروا أنجزوا بأقل التكاليف». وأشار لبيب إلى ان «الثورات العربية افتتحت القرن الحادي والعشرين بطريقة غير معهودة في الثورات الكبرى، من جملة ما ليس معهوداً غياب القيادات»، لكنه رأى أن «التلقائي لا ينفي التراكم السابق»، كما أن «تغييب البعد الفكري لن يكون في مصلحة الثورات»، لأنها في حاجة إلى «خطاب ثوري». تجربتان ميدانيتان أكرم الفاهم، ابن بلدة سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية، رأى أن «الفريد والاستثنائي في الثورة التونسية، أنها انطلقت انتفاضة من دون فكر أو قيادات، بمعنى أنها لم تكن تعبيراً ايديولوجيا». وأشار الفاهم إلى أن الثورة التونسية حملت في البدء شعارات مطلبية، كالحق في العمل ومحاكمة «عصابة السارقين»، لكنها رفعت في ما بعد شعار إسقاط النظام، بعدما تبين للمحتجين أن واقعهم المتردي سببه النظام مباشرة. كذلك، لفت الفاهم إلى أن «الثورة بدأت شبابية، ولكن شيئاً فشيئاً، التحق بها قطاع واسع من النقابيين والسياسيين والناشطين في بعض الأحزاب، ممن حرموا طويلاً من العمل السياسي وحرية التعبير». وفسر الفاهم غياب القيادات عن الثورة التونسية بانعدام الحياة السياسية في البلاد، فضلاً عن غياب أي شخصية معارضة تحظى بثقة القوى السياسية والشبابية، واتصاف العديد من القوى المعارضة بـ»انتهازية سياسية» تجعلها موضع نفور من جانب شباب الثورة. وتساءل «صحيح أنه ليس من مصلحة الثورة أن تتجاهل النخب الفكرية والسياسية... ولكن أي نخب يمكن الاستعانة بها؟». من جهته، رد تليمة على ما يوجه للثوار من اتهامات بإنكار التراكم النضالي، إذ تحدث عن مقدمات ثورة 25 يناير، بدءاً بحملة «كفاية» لرفض التوريث (2005)، مروراً بإضراب عمال المحلة (2008)، وحملة التوقيعات لمطالب التغيير التي أطلقها الدكتور محمد البرادعي (2010)، وصولاً إلى التحركات الشعبية التي تلت استشهاد الشاب خالد سعيد والانتخابات التشريعية المزورة وتمديد حالة الطوارئ... إلخ. وأشار تليمة إلى أن الشارع المصري كان مهيأً للثورة بالنظر إلى تفاقم الأوضاع على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وتصاعد حملة القمع الأمني وانتهاك الكرامات التي اتخذت وتيرة شبه يومية، لكنه أقرّ بأن استجابة الشارع المصري للدعوات إلى التظاهر قد فاجأت الداعين أنفسهم، سواء في ما يتعلق بحجم المشاركة الشعبية في التظاهرات، أو في تفاعل الناس مع الثورة، إن في إطلاق الشعارات الثورية تلقائيا (على غرار شعار «الشعب يريد اسقاط النظام» الشهير، الذي خرج من تظاهرة في شارع رمسيس)، ودفاعهم عن الثورة في أحلك الظروف، وخصوصاً من خلال تفاعلهم مع «موقعة الجمل» الشهيرة. ثار.. يثور.. ثورة! كان يفترض بالمشاركين في الحلقة الحوارية أن يستفيدوا من التجربتين الثوريتين في مصر وتونس، واستخلاص العبر منهما، لكن كثراً منهم انزلق، كعادة معظم منظري اليسار، إلى نقاش أيديولوجي لم يسلم منه أي من ملفات الثورات العربية، واتسم، خلافاً للمصطلحات النظرية التي نمقت بها المداخلات، إلى بديهيات أدركتها الشعوب الثائرة منذ انطلاق حراكها التغييري، بذلك، انبرى أحدهم إلى التحذير من خطوة الرهان على الجيش لحماية الثورة، وآخر لضرورة أن تركز الثورة على المسألة الاجتماعية والطبقية (متناسياً شعارات رفعها الشارع بعفوية من مثل «عيش... حرية... كرامة انسانية»)، والتشديد مجدداً على عدم إهمال التراكم النضالي التاريخي، فيما ذهب البعض إلى ضرورة أن تكون تلك الثورات «ثورة اشتراكية»، مع إقراره بشكل غير مباشر بعدم وجود البديل الطبقي عن تحالف الطبقة الكادحة والطبقة الوسطى، في حين شدد آخرون على ضرورة ألا تبقى النخب الثقافية مكتوفة الأيدي، لأنها هي من يملك القدرة على جمع القوى المطالبة بالتغيير... الخ. لكن الأغرب، كان في اعتراض إحدى المشاركات، ضمن إطار «الحرص على النصوص والمفردات»، على استخدام كلمة «ثورة» لوصف ما جرى في تونس ومصر، مشددة، خلافاً لتوجه «شباب الثورة» أنفسهم، على استخدام توصيف «حركات احتجاج أسقطت رأس النظام ولم تغير النظام بالكامل»، وهو ما ذهب بالحلقة النقاشية إلى جدل عقيم حول المفردات، استخدمت فيه كل أنواع الأسلحة بدءًا باللغة (تفسير لكلمة ثورة المشتقة من فعل ثار)، وصولاً إلى التاريخ. برغم ذلك، ثمة من سعى إلى إعادة النقاش إلى سياقه الطبيعي، من خلال التركيز على ضـــرورة الاستفادة من ثورتي مصر وتـــونس للخروج بـ»خطاب ثوري» يسهـــم في الدفـــع قدماً بـ»القضية الاجتماعية»... لعل ذلك يبدو منطـــقياً، ولكن الأكثر منه منطقية، هو أن يخرج هذا «الخطاب الثوري» من لدن شباب الثورة أنفسهم، بعـــدما أثبـــتوا أنهم أكثر ثورية – نظرية وتطبيقاً – من النـــخب الفكرية المصرة على البــقاء أسيرة، حتى لمفرداتها. "السفير" - 13/6/2011

فرج الأعور(نقاش مع إبراهيم الأمين)في مقالته في «الأخبار» يوم الاثنين 16 أيار الماضي، يساجل إبراهيم الأمين المفكّر والمناضل العربي عزمي بشارة حول اختلاف مواقفه من الانتفاضات الشعبية في تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا. ويأخذ الأمين على عزمي بشارة عدم وضوح موقفه من تولّي الحلف الأطلسي «إدارة الثورة في ليبيا»، الى جانب «صمت إزاء الأردن» من قبله، مترافق مع «قراءة غير مفهومة على الإطلاق لمشهد البحرين»، ومع فارق ظهر بين «ما صدر عن مركز الدراسات الذي يديره وطريقة حديثه عن البحرين في قناة الجزيرة».وإذا كانت الانتقادات المذكورة تطالب عزمي بشارة بالمزيد من الوضوح في موقفه تجاه ليبيا والبحرين كي يتساوى مع موقفه الواضح مما يجري في تونس ومصر واليمن، فإن انتقاد «اقتحامه» للمشهد السوري «ومن على شاشة الجزيرة نفسها» يذهب في الاتجاه المعاكس. فمطالبة عزمي بشارة بأن يقف موقف المثقف العضوي المستقل ممّا يحدث في ليبيا والبحرين وعدم «الاستنساب في مقاربة الثورات العربية»، تحتّم اتساع الصدر لفعله ذلك بالضبط واتخاذه موقفاً نقدياً من طريقة تعامل النظام السوري مع الانتفاضة الشعبية الجارية في سوريا الآن. وإذا كان من البديهي الموافقة التامة على ما يدعو إليه إبراهيم الأمين من أخذٍ في الاعتبار لموقف النظام السوري من الصراع العربي الإسرائيلي، ودعم هذا النظام للمقاومة في لبنان وفلسطين، عند تحليل الوضع الحالي في سوريا، فمن البديهي أيضاً التشديد على عدم «الاستنساب في مقاربة الثورات العربية» عند اتخاذ الموقف مما يجري في سوريا. فالأحلام التي انطلقت مع انطلاق الثورات العربية، بدخول الوطن العربي في عصر الديموقراطية والخلاص من الأنظمة التي عاشت عقوداً طويلة على النهب المنهجي لبلدانها وقمع شعوبها، لا يمكنها أن تقف عند العتبة السورية. فقد افتُتح في سوريا عهد توريث السلطة في «الجمهوريات» العربية كما تُورَّث الأملاك الخاصة. وقد استمرت العائلة بالحكم مع بشار الأسد، عندما وصل الى رئاسة الجمهورية بعد وفاة والده في عام 2000، وتسلّم أخوه وصهره مناصب عسكرية وأمنية رفيعة جداً بعدما تحول عمّه الى «مُطالب بالعرش» من المنفى. وقد استُكمل المشهد بفتح الأبواب على مصاريعها لبعض الأقارب الآخرين (ممّن سمّاهم إبراهيم بالأسماء في مقالات سابقة) لولوج عالم المال والاقتصاد... والفساد.رغم كلّ ذلك، يجب القول إن النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، تميّز عن باقي الأنظمة العربية في السياسة الإقليمية. فهو لم يستسلم أمام الولايات المتحدة الأميركية عندما غزت المنطقة من بوابة العراق، ولم يوقّع على صلح مع إسرائيل لا يعيد كامل الAffinityCMSن الى السيادة السورية. والأهم من كل ما سبق، أنه حوّل سوريا الى حبل سرّة تتغذى منه مقاومة حزب الله في لبنان. ومما لا شك فيه أن الدعم التسليحي والمادي واللوجستي السوري كان مفصلياً في تحقيق المقاومة النتائج التي حققتها في مواجهة إسرائيل، سواء في سنوات حرب العصابات التي أدّت الى تحرير جنوب لبنان في عام 2000 أو في الحرب التقليدية التي أدّت الى انتصار تموز 2006.ولأن سقوط النظام السوري يعني انقطاع الدعم عن المقاومة في لبنان، ويعني بالتالي انتصاراً إسرائيلياً وأميركياً على المدى القصير، أملنا أن يتميز هذا النظام عن باقي الأنظمة على صعيد استنتاج الدروس الضرورية من الثورات الشعبية التي بدأت في تونس وانتقلت الى مصر وغيرها من البلدان العربية، ويبادر الى البدء بمرحلة التحول الديموقراطي من تلقاء نفسه. لكن ما حدث للأسف الشديد كان العكس تماماً. فعندما اندلعت التظاهرات في سوريا كان الخيار الأول (والأوحد حتى الآن) للنظام هو القمع الدموي للناس، الى جانب التهويل بالانقسام المذهبي والحرب الأهلية. وجاء حصار المدن والقرى المنتفضة، ومن ثم تمشيطها الواحدة بعد الأخرى في حملات عسكرية منظمة ليؤكد أن النظام لن يفكر مرتين في التعامل مع الخارجين على طاعته من الشعب السوري كأيّ عدو خارجي. وقد أوحى هذا الأمر، للأسف الشديد جداً، بأن أهل النظام يعطون الأولوية للحفاظ على السلطة بأي ثمن، حتى لو كان على حساب وحدة سوريا وشعبها.أما عن التدخل الخارجي في ما يحدث في سوريا، فلا يمكن عاقلاً أن يتخيّل أن الولايات المتحدة الأميركية يمكن أن تترك «فرصة» هذه الانتفاضة الشعبية تمر من دون محاولة استغلالها لإجبار سوريا على التخلي عن موقعها الحالي في الصراع العربي الإسرائيلي وجرها للانتقال الى الضفة الأخرى والانضمام الى محور «الاعتدال العربي». والتدخل الأميركي، سواء المباشر أو غير المباشر (بواسطة من بقي من «عرب الاعتدال») يجري علناً ولا يحتاج الى أدلّة وبراهين على حدوثه.لكن الردّ على هذا التدخل لا يكون بتحويل كل ما يجري في سوريا الى «مؤامرة خارجية»، واستنهاض شوفينية سورية ممجوجة ضد كل «غريب» (حتى «الغريب» الفلسطيني القاطن في سوريا!)، لتبرير القمع الشديد الذي يحصد عشرات المتظاهرين كل يوم جمعة منذ أن بدأت الانتفاضة. فالرد الحقيقي على التدخل الأميركي لا يكون إلا إذا تمكن النظام السوري من اتخاذ قرار تاريخي بالتحوّل الديموقراطي، أي بالتحوّل من حكم عسكري قائم على سطوة أجهزة الأمن والاستخبارات الى حكم مدني قائم على التداول السلمي للسلطة. ذلك أن البديل من هذا التحوّل هو إمّا تمكُّن النظام من البقاء على حاله بواسطة البطش وتأجيل الانفجار الى حين، أو انحلال الوضع في سوريا وتدهوره نحو الحرب الأهلية وهو ما لا يريده كل من يتمنى الخير لسوريا وشعبها.وحتى لو تمكن النظام من البقاء على حاله بواسطة البطش، فسيعاني من العزلة الشديدة على الصعيد الدولي. والعزلة هذه المرة مختلفة جداً عن العزلة التي عاناها النظام في مراحل عدة في السابق. ففي المرات السابقة، كانت مواجهة العزلة تعني دائماً صمود سوريا بوجه مشروع أميركي للمنطقة، وهو ما كان يكسب النظام احتراماً وتعاطفاً شديدين من قبل الرأي العام العربي. أما عدم الاكتراث للعزلة الدولية للنظام المتأتية هذه المرة من القمع الدموي لشعبه، فهو تفريط بالمكانة والاحترام الشخصيين اللذين اكتسبهما بشار الأسد من صمود الموقف السوري إقليمياً، ومن دعمه للمقاومة اللبنانية، ومن تعامله مع قائد هذه المقاومة السيد حسن نصر الله كما يتعامل مع رؤساء الدول. ويأتي عدم الاكتراث حتى لخسارة العلاقة مع تركيا ليؤكد عدم قدرة النظام حتى الآن على الاستماع الى أي رأي آخر، وعدم قدرة أهله على تخيّل أي شكل آخر غير الشكل الحالي للحكم، بالرغم من كل الكلام الذي قيل عن الإصلاح الموعود. وبالرغم من كل ما قيل عن «الاستعلاء والوعظ» التركيين، لا يمكن أخذ رواية النظام السوري، التي وضعت التدخل التركي في سلّة واحدة مع «التدخل الخارجي» المؤامراتي من قبل أميركا وعربها، على محمل الجدّ.من هنا يجب القول إن «اقتحام المشهد السوري» من جانب عزمي بشارة هو تدخل مطلوب وضروري جداً. لا بل إن التدخل مطلوب من جانب كل مؤيد لموقف سوريا الإقليمي، ومن كل مؤيد للمقاومة في لبنان، لتشجيع النظام السوري على تغيير مقاربته لما يجري وعلى البدء بالإصلاح الجذري الذي يؤدي الى تحوّل ديموقراطي حقيقي في سوريا. إن صدور النقد من الموقع الذي يحتلّه عزمي بشارة يجب أن يحفّز صانع القرار في النظام السوري على إعادة التفكير في ما يجري في سوريا اليوم، لا على إصدار القرار بإعادة «تعريف» عزمي وموقعه.* كاتب لبناني

خالد صاغية

فيما الشباب العرب يعرّضون حياتهم للخطر للمطالبة بالحريّة والديموقراطية، يتابع الشباب اللبناني رحلته مزهوّاً نحو التحوّل إلى قطيع. يزداد التحلّق حول الزعيم بصفته الراعي الصالح والعنوان الوحيد للعمل السياسي الذي يحمل برنامجاً معلناً واحداً هو الولاء المطلق. فيما يصرّ العرب على خوض امتحان التعدّدية والتعايش في مرحلة ما بعد الديكتاتور، رغم كلّ الإرث الثقيل للتحالف بين التكفيريّة والأنظمة البائدة، لا يملك «لبنان ـــــ الرسالة» أيّ نموذج يقدّمه. فهو ما كاد يخرج من حرب أهليّة غلب عليها التقاتل الإسلامي ـــــ المسيحي، حتّى دخل حرباً أهليّة باردة غالباً، استوحت الصراع السنّي ـــــ الشيعي الذي تفجّر مع الاحتلال الأميركي للعراق، وهو صراع لم يملك المسيحيّون اللبنانيّون فيه إلا موهبة صبّ الزيت على النار. فيما تتأسّس عشرات الأحزاب العربيّة، يساراً ويميناً ووسطاً، علمانيّة وإسلاميّة، تتحوّل الأحزاب اللبنانيّة إلى لزوم ما لا يلزم، وينصرف الشباب إلى جنّة الجمعيّات المدفوعة الأجر غالباً، أو إلى اللهاث وراء فتات المناصب الرسميّة أو شبه الرسميّة. فيما ساحات العالم العربيّ تطلق هتافات الحريّة والوحدة الوطنيّة، تحوّلت ساحاتنا إلى منابر لبثّ الكراهية والعنصريّة وذبح ما بقي من وحدة للنسيج الاجتماعي اللبناني. لم يكن لبنان يوماً باهتاً وعاجزاً وفاقداً لأيّ معنى وأيّ دور، كما يبدو الآن. لم يكن التباهي بـ«واحة الحرية» وريادة التحديث في المنطقة أجوف يوماً، كما يبدو الآن. لم تكن الحياة السياسيّة اللبنانيّة معلّقة وغير ذات موضوع، كما هي الآن. والأكثر مدعاة للأسف هو أنّ الانقسام الأهلي اللبناني نجح في تحويل الثورات العربيّة نفسها إلى مادّة تجاذب، لا تحتقر الشعوب المنتفضة وحسب، بل تحوّل نضالاتها وتضحياتها إلى ترّهات تصرَف في زواريب الطوائف المتحاصصة. عدم تأليف حكومة في لبنان ليس الحدث، بل العارض لأمراض أخرى ليس أقلّها خطورة غياب أيّ وظيفة لحكومة كهذه. وليس صدفة أن نقف اليوم أمام معارضة مرتاحة إلى عدم التأليف، وأكثريّة غير راغبة في التأليف، تكلّف رئيس حكومة سعيداً بلقب «المكلّف» وغير راغب في ممارسة مهمّاته قبل أن تتّضح الصورة في المنطقة. وهي صورة لن تتّضح قريباً، وإن اتّضحت، فسيتّضح معها لامعنى أن تكون لبنانيّاً اليوم.

خالد صاغيةكأنّ المشهد السوريّ ينقصه مزيد من الدماء. أو كأنّ دماءً تسيل هنا يراد لها أن تتستّر على دماء تسيل هناك.كأنّ ما جرى في حماه يومَي الجمعة والسبت لم يُسل ما يكفي من الدموع، فكان لا بدّ من فتح جرح آخر في مجدل شمس.كأنّ إشراك قَتَلة آخرين، يجعل من القتل أمراً عادياً، جزءاً من الحياة اليوميّة.كأنّ الاستشهاد على الحدود مع فلسطين المحتلّة يراد له أن يعطي دروساً في القضايا التي يصحّ النضال من أجلها. فالقتل هناك يُسقط شهداء، أمّا الموت في تظاهرة من أجل الكرامة، فلا يستحقّ حتّى الجنازات الآمنة.كأنّ ثمّة من يريد توجيه بوصلة التحرّكات الشعبيّة، كما لو أنّ الشباب في سوريا يعانون أزمة ترتيب أولويّات.كأنّ ثمّة من يريد أن يقيم تعارضاً بين رؤية فلسطين ورؤية سوريا الديموقراطيّة.كأنّ الرسائل إلى الداخل والخارج ينبغي أن تُخضَّب دائماً بدماء فلسطينيّة. كأنّ الفلسطينيّ الذي سلبه الاحتلال أرضه، ينبغي سلبه أيضاً طريقة موته وموعد الدفن.كأنّ ثمّة من يريد لنكسة حزيران ألا تصبح ذكرى، بل أن تعود كلّ يوم لتذكّرنا بأنّ الهزيمة رفيق دائم للأنظمة المتكلّسة، وأنّ أسطورة الفلسطينيّ المقاوم ستجد دائماً من يريد تحطيمها، أو الاتجار بها، أو توظيفها في بازارات وقضايا لا علاقة لفلسطين بها.وحدهم الشباب الذين ارتضوا، رغم كلّ شيء، أن يضحّوا بأنفسهم من أجل النظر إلى أرضهم المسلوبة، والمستعدّون دوماً للعبور إلى «هناك» مهما تكن المخاطر، يثبتون أنّ نكسة 5 حزيران لا يمكن أن تستمرّ، وأنّ ما نعيشه اليوم ليس إحياءً لذكرى النكسة، بل مراسم الوداع لها.فأولئك الشباب الذين قضوا في الAffinityCMSن هم من جيل واحد مع الشباب الذين رسموا طريق الحرية في ميدان التحرير في القاهرة، وهم من جيل واحد مع الذين حوّلوا «البوعزيزي» إلى أيقونة ترشح حريّة من المحيط إلى الخليج.لقد ودّعت مصر نكستها يوم انتصرت على خوفها. وكما أنّ النكسة لم تكن نكسة مصر وحدها، كذلك بدأت المدن العربيّة تخلع عنها أكفان الخوف، وتُعدّ نفسها لعرس الحريّة.

البناء: زحلة ـ أحمد موسى

لا يوجد في لبنان حتى اليوم قانونٌ موّحدٌ للأحوال الشخصيّة، فكلُّ طائفةٍ تتبع قوانينها الخاصة المستمدّة من الشريعة للمحمديين، ومن الكنيسة للمسيحيّين. وبما أن في لبنان اليوم 18 طائفة، فثمة 18 محكمة روحيّة، لها قوانينها الخاصة وقضاتها وطرق تنفيذ أحكامها، لذا تمّ اقتراح عدة مشاريع قوانين حول الاحوال الشخصية والزواج المدني، ما يوّحد اللبنانيين في حقوقهم وواجباتهم. تاريخ الزواج المدني مشروع قانون الاحوال الشخصية والزواج المدني الاختياري، في لبنان ليس حديثًاً، فهو يعود إلى سنة 1951، حيث نوقش في البرلمان لمرات عديدة ثم رفض، وعام 1960، بدأت جمعيّات علمانيّة، تطالب به من جديد عبر التظاهر، وعاد ليطرح في البرلمان من جديد سنة 1975، لكنه أثار جدلاً كبيراً، كما طرح في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، بواسطة كتلة نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي، وأخذ أصداء كبيرة من الموالين والمعارضين. أمّا اليوم، يعود هذا المشروع ليطرح من جديد، عبر تظاهرات شبابية في بيروت وفي المناطق اللبنانية كلها. كما إن أهم تعديل طال مشروع الزواج المدني في لبنان، جعله اختياريّاً وليس إلزاميّاً كما في الخارج، إرضاءً لرجال الدين لأسبابٍ عديدة، وبما أن غالبية المعارضين للزواج المدني في لبنان يرون فيه دماراً للعائلة لأنه يسهّل الطلاق، فقد جاء في بنود قانون الزواج المدني أنه عقدٌ بين طرفين لإنشاء عائلة. تيار المجتمع المدني، يحمل بقوة مشروع الزواج المدني، ويحارب من أجل إقراره قانونياً في السلطة التشريعية في لبنان، على الرغم من صعوبة المشوار، إلا أنه وناشطين في هذا التيار، يهدفون إلى فتح «كوّة» في جدار التغيير التشريعي، وسط مجابهةٍ عامودية من «السلطة الدينية»، وسط تشكيلٍ طوائفي، من 18 طائفة، يتشكل منها المجتمع اللبناني. ويجول ناشطون من تيار المجتمع المدني، حاملين «خيمةً» في كل المناطق اللبنانية، بهدف تعريف المواطنين على أفكارهم، وكانت محطتهم الرابعة في زحلة أول من أمس قد حملت عنوان: «عروس البقاع بزواجٍ مدني». عبدالله باسل عبدالله، ناشط ومنسق تيار المجتمع المدني قال لـ«البناء»: «إن البند التاسع من القانون اللبناني يقول بـ«حريّة الاعتقاد والزواج المدني الاختياري الذي يندرج تحت هذه الحريّة، فجميع القوانين الدينيّة تبني حاجزاً في وجه الزواج من طائفة أخرى، لذا يسافر كثيرون من اللبنانيين ليتزوجوا مدنياً. ويبدو الزواج المدني حلاً يوّحد اللبنانيين ويساوي بينهم في القانون، كما أنه يضمن حق المرأة وينقذها من التمييز الواقع عليها، لذا يجوز لنا التساؤل لماذا رفض مشروع الزواج المدني من قبل رجال الدين؟». أضاف عبدالله: «إن هدفنا من هذا الحراك المستمر، وورش العمل، تعريف المجتمع المدني على الزواج المدني، وانه الحل الأنسب لمشاكلنا الطائفية، التي نهدف إلى إلغائها، وإسقاط النظام الطائفي، وبناء دولة المواطنة، التي ترتكز إلى قوانين مدنية تنظم علاقة الفرد مباشرةً مع الدولة». كما لفت إلى «وجوب إقرار هذا القانون الموجود في أدراج مجلس النواب، في اللجان النيابية المشتركة سريعاً». وتحدث عبدالله عن «إحصاء ميداني لطلاب الجامعات الرسمية والخاصة، أجري مؤخراً، وشمل نحو 1000 طالب وطالبة، «وجدنا أن 58 % منهم مع الزواج المدني، فيما الـ42 % فإن مشكلتهم تكمن في تربيتهم على النظام الطائفي، وهذا يعود بشكل أساسي إلى الحرب الأهلية التي مرّ بها لبنان». وفيما أكد عبدالله «العمل على فك الحواجز أمام القبول بالزواج المدني وتطبيقه»، رأى «أن القانون المدني للأحوال الشخصية، هو أحد المحاور الأساسية لبناء الدولة المدنية في لبنان، تماماً كالتربية على المواطنية». وختم باسل عبدالله: «هناك أربعة محاور أساسية لتحقيق العبور نحو الدولة العلمانية وهي: التثقيف على مفهوم العلمانية ذات الحياد الإيجابي تجاه جميع الأديان والمعتقدات، وقانون انتخابات نسبي خارج القيد الطائفي على أساس لبنان دائرة واحدة أو دوائر موحدة». لزّيق جاد لزّيق، منسق لجنة النشاطات في تيار المجتمع المدني قال لـ«البناء»: «إن مشوارنا مع هذه النشاطات مستمر في كل مناطق لبنان لبلوغ أهدافنا، ونسعى إلى إقرار قانونٍ اختياري ولا إلزامي للزواج المدني، لأنه يحدّ من الطائفية في لبنان»، قاصوف ماريا قاصوف، الناشطة والمنسقة في تيار المجتمع المدني في زحلة قالت لـ«البناء»: «حان الوقت للتفكير بطريقة مدنية، مع أن عقد الزواج المدني يختلف عن العقد الكنسي أو الإسلامي، فالعقد المدني يساوي بين المرأة والرجل، وبين أفراد المجتمع المدني». ولفتت إلى وجود قوانين في لبنان لا تزال مجحفة بحق المرأة، وقالت: «من هنا فإنني أفضّل الزواج المدني، وسأتزوج مدنياً، لأنه يُشعرني بالطمأنينة والأمن والأمان»، مشيرةً إلى «أنه يتناقض مع تعدد الزوجات، لأن الزواج يرتكز إلى متانة العلاقة بين شخصين». وختمت قاصوف: «نعمل على المطالبة بإقرار قانون الزواج المدني، ليكون نموذجاً ومدخلاً لتطبيق الدولة المدنية، من أجل الانصهار والحدّ من الطائفية». صعب بشرى صعب ناشطة أخرى، قالت لـ«البناء»: «إن الزواج المدني هو حق من حقوق المواطنة، ومن البديهي المطالبة به، نعم، أريد الزواج المدني، ومن غير المقبول تطبيق قوانين غير لبنانية على الأراضي اللبنانية. فالزواج المدني لا يتناقض مع الزواج الديني، لأن وظيفته وبيئته العلاقة المدنية مع الدولة». وأكّدت صعب: «اننا نعمل ومن خلال AffinityCMSتنا على المناطق اللبنانية، لتعريف المواطنين على مفهوم الزواج المدني، لأن البعض منهم لديهم أحكام مسبقة عليه، إذ يحكمون عليه بـ«الإعدام»، وانه يتناقض مع مجتمعنا الشرقي، مع أن الكثيرين من هؤلاء تزوجوا زواجاً مدنياً، خارج لبنان، أما نحن فنريد تطبيقه في لبنان»، لافتةً إلى «أن الزواج المدني لا يضر بالعائلة كما يدعي البعض». بيضون ملاك بيضون ناشطة ومشاركة جنوبية في خيمة الزواج المدني التي نصبت في وسط عروسة البقاع زحله، قالت لـ«البناء»: «إن النواب الذين التقيناهم في مجلس النواب ولم يصوتوا على مشروع إقرار قانون الزواج المدني، متزوجون زواجاً مدنياً، وهذا «خبث» في مفهومهم، في القبول أو عدمه، وتناقض في تطبيق القانون». ولفتت بيضون إلى أن القانون موجود في اللجان النيابية المشتركة، لكن إقراره ومناقشته، يصطدمان في عدم اكتمال نصاب الجلسة، مع أن غالبية النواب مقتنعون بالفكرة، وهنا يكمن «الخبث». ووضعت بيضون عهداً على نفسها أنها ستتزوج زواجاً مدنياً، انطلاقاً من «رفضها تدخل رجال الدين»، فالزواج المدني يشعرني بالطمأنينة ويعطيني راحة في النفس، بعيداً عن الروتين الإداري».

وطنية - تبنين - 5/6/2011أحيت بلدة حولا والحزب الشيوعي اللبناني ذكرى أسبوع عضو اللجنة المركزية ومسؤول منطقة مرجعيون في الحزب الدكتور خالد عبد الله فوعاني، باحتفال تأبيني أقيم في النادي الحسيني للبلدة، حضره النائبان علي فياض وعبد اللطيف الزين، رئيس مجلس الجنوب الدكتور قبلان قبلان ووجوه حزبية وثقافية وصحية وتربوية.وألقى أمين عام الحزب خالد حدادة كلمة استهلها بالحديث عن مناقبية المناضل الراحل وانحيازه الدائم لمطالب العمال والفلاحين وتعلقه بأرض الجنوب والوطن.واعتبر أن استثمار الانتصار على العدو الصهيوني في لبنان لن يكون إلا بالخلاص من النظام الطائفي الذي هو علة العلل في تضييع الآمال وكبت الإرادات والثقافة وعدم فسح المجال أمام التطور والتغيير وهو المسؤول الأول عن جوع الفقراء والفلاحين والعمال وضياع العدالة الاجتماعية.وأكد على خط المقاومة ونهجها في مواجهة الاحتلال الصهيوني، ولا نريد حق العودة للشعب الفلسطيني فحسب بل نريد استعادة جميع الأراضي اللبنانية والعربية المغتصبة في شبعا وكفرشوبا والAffinityCMSن وغيرها، مضيفا ان انهيار الأنظمة العربية الدكتاتورية والرجعية هو حلم الفقراء والمناضلين الذين وجدوا في هذه الأنظمة السبب الأساسي والرئيسي في ضياع الأرض والكرامة والحقوق الشرعية في فلسطين.ونبه الشعوب العربية التي تبتهج بالنصر بعد سقوط حكامها من الانجرار إلى مخططات رامية إلى إدارة الفتن والحروب الأهلية التي تسعى إلى تفتيت المنطقة وتجزئتها في مشروع شرق أوسط جديد.

تظاهرت مجموعات من اللبنانيين خلال شهر آذار الماضي، قدر البعض أعدادهم ببضعة آلاف والبعض الآخر، في لحظة تفاؤل، بعشرات آلاف، ولهم مطلب واحد هو: «الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي». وترافقت المسيرات مع اعتصام مفتوح لعدد من الشابات والشباب أمام كل من حديقة الصنائع ووسط مدينة بيروت.وربما ينجح المحتجون في تحقيق مطلبهم، وربما يفشلون، ولكن الهدف الذي يسعون إليه هو هدف كبير وصعب التحقيق لأنه لا يعني إلغاء أو تعديل قانون واحد، واتخاذ قرار أو تدبير معين، بل يمكن أن يعني إلغاء لبنان القائم في العام 1920، وإعادة بنائه من جديد. فالطائفية والنظام الطائفي ولبنان صنوان. وفي ما يلي، عرض لنشوء النظام الطائفي وأعداد الطوائف والمكامن الأساسية للنظام الطائفي. نشوء النظام الطائفي منذ إنشاء كيان جبل لبنان في القرن السادس عشر والطائفية هي الركن الأساسي، ففي العام 1516 بدأت الأسرة المعنية (درزية) بتحقيق زعامتها عبر استقلال نسبي عن السلطنة العثمانية التي كانت تسيطر على الشرق ومناطق كثيرة في العالم. ومن بعدها في العام 1697 انتقل الحكم إلى الشهابيين الذي استمروا حتى العام 1842. وفي تلك المرحلة استخدمت الدول الكبرى، لا سيما العثمانية والبريطانية والفرنسية، كلا من الطائفتين الأساسيتين المارونية والدرزية في صراعاتهما. ونتيجة تلك الصراعات تم في العام 1843 تقسيم جبل لبنان، والذي كانت مساحته نحو 5400 كيلومتر مربع، إلى منطقتين أو ما أطلق عليه قائمقاميتين:÷ قائمقامية شمالية للمسيحيين يحكمها حاكم مسيحي ويبلغ عدد سكانها 74,700، نسمة يتوزعون: 56,580 مارونياً، 10,150 درزياً، 6,720 كاثوليكياً، 1,250 ارثوذكسياً.÷ قائمقامية جنوبية للدروز يحكمها حاكم درزي ويبلغ عدد سكانها 63,590 نسمة يتوزعون: 25,450 درزياً، 17,350 مارونياًً، 15,590 كاثوليكياً، 5,200 ارثوذكسياً.لم يكن هذا التقسيم حلا بل كان سبباً للحروب والنزاعات خاصة في ظل تنوع التركيبة الطائفية في كل قائمقامية والتدخلات الخارجية. وبلغت الحروب ذروتها في العام 1860، وبغية وضع حد للحرب تم إلغاء نظام القائمقاميتين وإنشاء نظام آخر هو نظام المتصرفية الذي قلص إلى مساحة إلى 3500 كيلومتر مربع. كما قضى باعتماد لبنان ولاية واحدة يحكمها متصرف مسيحي يعينه السلطان العثماني، ويعاون المتصرف مجلس إدارة من 12 عضواً يمثلون الطوائف المكونة للمتصرفية (4 موارنة، 3 دروز، 3 روم كاثوليك، 1 مسلم سني، 1 مسلم شيعي) كما ادخل هذا النظام الطائفية في القضاء والمحاكم بحيث كرس مبدأ الطائفية في الانتخابات والتعيينات وفي القضاء ايضاً. دولة لبنان الكبير بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في العام 1918 وهزيمة الدولة العثمانية، تم وضع لبنان تحت انتداب فرنسا. وفي الأول من شهر أيلول (سبتمبر) 1920 أعلن المندوب السامي الفرنسي الذي كان يحكم لبنان آنذاك، الجنرال غورو، ولادة دولة لبنان الكبير بعد مخاض عسير حول حدود الدولة التي باتت ما هي عليه حاليا من حيث التركيبة السكانية والطائفية، والمساحة، أي نحو 10,500 كيلومتر مربع.كان مشهد الإعلان طائفياً ومؤشراً على هوية الكيان الجديد، سواء بحضور البطريرك الماروني والمفتي المسلم أو بالكلمة التي ألقاها الجنرال الفرنسي، والتي جاء فيها «... أمام الشعب الذي يجمع سائر الأديان التي يظللها جبل لبنان، هذه الأديان التي كانت بالأمس متجاورة وصارت اليوم متحدة ضمن وطن قوي بماضيه عظيم بمستقبله... وفي حضور السلطات اللبنانية، أبناء أهم العائلات العريقة، الزعماء والروحيين من مختلف الطوائف والأديان وعلى رأسهم جميعاً أحيي بفائق الاحترام البطريرك الكبير للبنان (حويك) الذي نزل من جبله لهذا اليوم المجيد..»ووضع دستور الدولة في 23 أيار 1926 مكرساً الطائفية وانتماء المواطن إلى طائفة وليس إلى وطن من خلال نصوص المواد الدستورية. نظام الطوائف إبان الانتداب الفرنسي، قام الحاكم الفرنسي دي مارتيل بإصدار القرار الرقم 60 تاريخ 13 آذار 1936 الذي اعترف بوجود الطوائف وكرس وجودها بشكل قانوني وهذه الطوائف هي:الطوائف المسيحية وعددها 12 طائفة وتضم: الموارنة، الروم الأرثوذكس، الروم الكاثوليك، الأرمن الأرثوذكس، الأرمن الكاثوليك، السريان الأرثوذكس، السريان الكاثوليك، الأشوريين الأرثوذكس، الكلدان، اللاتين، الإنجيليين (اعترف بهم في العام 1951)، والأقباط الأرثوذكس (وقد تم الإعتراف بهذه الطائفة في تموز من العام 1966).الطوائف الإسلامية وعددها 5 طوائف وتضم: السنة، الشيعة، الدروز، العلويين، والإسماعيليين.الإسرائيليون. الطائفية في الدستور يتضمن الدستور اللبناني العديد من المواد التي تكرس النظام الطائفي وتميّز بين اللبنانيين على أساس طائفي وهذه المواد هي: المادة التاسعة حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على ألا يكون في ذلك إخلال في النظام العام وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية. المادة العاشرة التعليم حر ما لم يخل بالنظام العام أو يناف الآداب أو يتعرض لكرامة احد الأديان أو المذاهب. ولا يمكن أن تمس حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها الخاصة، على أن تسير في ذلك وفاقاً للأنظمة العامة التي تصدرها الدولة في شأن المعارف العمومية.المادة التاسعة عشرة (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990).ينشأ مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية. يعود حق مراجعة هذا المجلس في ما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء او إلى عشرة أعضاء من مجلس النواب،والى رؤساء الطوائف المعترف بها قانوناً في ما يتعلق حصراً بالأحوال الشخصية، وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التعليم الديني.المادة الثانية والعشرون (الملغاة بموجب القانون الدستوري الصادر في 17 ـ 10 ـ 1927 والمنشأة بموجب القانون الدستوري الصادر في 21 ـ 9 ـ 1990).مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية.المادة الرابعة العشرون (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17 - 10 - 1927 وبالقرار 129 تاريخ 18 - 3 - 1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21 - 1 - 1947 وبالقانون الدستوري الصادر في 21 - 9 - 1990)يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفاقاً لقوانين الانتخاب المرعية الإجراء والى ان يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية:أ ـ بالتساوي بين المسيحيين والمسلمينب ـ نسبياً بين طوائف كل من الفئتينج - نسبياً بين المناطقوبصورة استثنائية، ولمرة واحدة، تملأ بالتعيين دفعة واحدة وبأكثرية الثلثين من قبل حكومة الوفاق الوطني، المقاعد النيابية الشاغرة بتاريخ نشر هذا القانون والمقاعد التي تستحدث في قانون الانتخاب، تطبيقاً للتساوي بين المسيحيين والمسلمين، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني. ويحدد قانون الانتخاب دقائق تطبيق هذه المادة.المادة الخامسة والتسعون (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 9 - 11 - 1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21 - 9 - 1990).... وفي المرحلة الانتقالية:أ- تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.ب-تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وقي ما يعادل الفئة الأولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أي وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة. الدولة تمول النظام الطائفي أ- أنظمة الأحوال الشخصية وتمويل المحاكم الروحيةلا يخضع اللبنانيون لنظام موحد للأحوال الشخصية بل لكل طائفة من طوائفه نظام الأحوال الشخصية الخاص بها يخضع له أتباعها (يمكنهم تبديل مذهبهم والانتقال إلى مذهب آخر وإتباع إحكامه) وتقوم الدولة برعاية عمل هذه المحاكم من تمويل وتجهيز والسهر على تنفيذ إحكامها من خلال المؤسسات الحكومية من مدنية وعسكرية وترصد الحكومة في الموازنة العامة نفقات هذه المحاكم، وتبعاً لأرقام مشروع قانون موازنة العام 2010 فقد بلغت هذه النفقات نحو 14.7 مليار ليرة موزعة كما يلي:÷ المحاكم الشرعية السنية: 4,302 مليون ليرة÷ المحاكم الشرعية الجعفرية: 4,450 مليون ليرة÷ المحاكم المذهبية الدرزية: 1,200 مليون ليرة÷ المحاكم الروحية المسيحية 4,740 مليون ليرة.ب ـ تمويل الهيئات الروحية الإسلاميةتخصص الدولة ضمن الموازنة العامة سنوياً اعتمادات كنفقات للسلطات الدينية الإسلامية في حين لا تخصص أي مخصصات للسلطات الدينية المسيحية وهذا يشكل من جهة دعماً للنظام الطائفي ومن جهة أخرى خلالاً وعدم توازن إذ ان المواطن اللبناني المسيحي سيدفع ضرائب ورسوم لتمويل أشغال ونفقات مؤسسات دينية تختلف عن ديانتها. وقد وصلت الأموال المخصصة لتمويل هذه الهيئات إلى نحو 4.9 مليارات ليرة تبعاً لمشروع قانون موازنة العام 2010 موزعة كما يلي:÷ دوائر الإفتاء: 1,464 مليون ليرة÷ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: 888 مليون ليرة÷ الإفتاء الجعفري: 1,420 مليون ليرة÷ مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز: 358 مليون ليرة.÷ المجلس الإسلامي العلوي: 782 مليون ليرةج- تمويل المدارس الخاصة المجانيةإلى جانب المدارس الرسمية التي تمولها الدولة والمدارس الخاصة غير المجانية التي يمولها أهالي الطلاب، هناك المدارس الخاصة المجانية التي تحصل على مساهمة من الأهالي ومساهمة من الدولة.هذه المدارس هي مدارس خاصة ابتدائية خارجية لا تشمل مرحلة الروضة ولا المرحلة المتوسطة وما بعدها (أي من الأول أساسي وحتى السادس أساسي) وهي على نوعان:÷ مدارس مرخص بها لهيئات دينية أو لمؤسسات أو لجمعيات معترف بها قانونياً ومن أهدافها نشر العلم على ان لا تتوخى الربح.÷ مدارس مرخص بها لأفراد وقدم طلب الترخيص بها قبل الأول من تشرين الأول 1964واستناداً إلى دليل المدارس الصادر عن المركز التربوي للبحوث والإنماء يبلغ عدد هذه المدارس 369 مدرسة تضم 126,812 طالباً منها 289 مدرسة ملك لمؤسسات دينية.وتتقاضى كل مدرسة مساهمة من الدولة عن كل تلميذ مسجل لديها مقدارها %135 - 160 % من الحد الأدنى للأجور أي 675 ألف-800 ألف ليرة. وقد بلغت مساهمة الدولة في نفقات هذه المدارس (الخاصة المجانية التابعة لهيئات دينية) نحو 37-40 مليار ليرة سنوياً، كما تتقاضى مساهمة من الأهالي حدها الأقصى 150 في المئة من الحد الأدنى للأجور (أي 750 ألف ليرة).د- إعفاء الطوائف من الضرائب والرسومصدر القانون الرقم 210 تاريخ 26 أيار 2000 والذي نص «على إعفاء كل طائفة معترف بها قانوناً وكل شخص معنوي ينتمي إليها بحكم القانون، قبل صدور هذا القانون، من جميع الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم والعلاوات التي تستفيد منها قانوناً المؤسسات العامة». أي اعتبر القانون المؤسسات التابعة للطوائف بمثابة المؤسسات الحكومية.هـ- تعاقد الوزارات مع الجمعيات الاجتماعية الدينيةتتعاقد سنوياً كل من وزارة الصحة العامة ووزارة الشؤون الاجتماعية مع العشرات من الجمعيات والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية التي تعمل في مجال الخدمة الاجتماعية (كمستشفيات، مأوى عجزة، مستوصفات، توزيع أدوية، رعاية أيتام ومعاقين) بحيث تحل هذه المؤسسات مكان الدولة، ويستفيد المواطن من خدماتها فتشده إلى الانتماء الطائفي للاستفادة منها لكن الدولة هي الممول الفعلي لتقديماتها.وتقدر المبالغ التي تستفيد منها هذه المؤسسات بنحو 175 - 200 مليار ليرة سنوياً.و ـ الجمعيات ذات المنفعة العامةتصدر عن مجلس الوزراء مراسيم تعتبر بعض الجمعيات، ومعظمها تابع لمؤسسات دينية، جمعيات ذات منفعة عامة ما يمكن هذه الجمعيات من الاستفادة من العديد من المنافع والمزايا المحددة بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 87 تاريخ 30 - 6 - 1977 وتعديلاته. ومن هذه المنافع والمزايا:÷ الاستفادة من المساعدات والإعانات التي تمنحها الدولة والبلديات والمؤسسات العامة÷ الإعفاءات المقررة للمؤسسات العامة من الضرائب والرسوم.÷ تعتبر الهبات والمساعدات التي تقدمها للمؤسسات ذات المنفعة العامة، المؤسسات والأفراد الخاضعون لضريبة الدخل، كأعباء قابلة للتنزيل من الربح الخاضع لضريبة الدخل.÷ لا تخضع الهبات التي تقدم للمؤسسات ذات المنفعة العامة والوصايا المحرر لمصلحتها لرسم الانتقال أو لأي ضريبة أو رسم آخر بما فيها الرسوم البلدية.ح- تمويل النظام الاقتصادي المقنّع طائفياً من الداخل والخارجتحت ستار الطائفية وهواجسها، تم إنشاء نظام اقتصادي ازداد تعقيداً مع الزمن وبلغ ذروته خلال الحرب الأهلية بلعبة الدم والدمار وازداد تعقيداً ومتانة بعد الطائف. فجاءت المجالس، من مجلس الجنوب إلى مجلس الإنماء والإعمار، إلى صندوق المهجرين تجسيداً لهذه الحالة. ومثلها، ما يسمى الدعم الحالي لهذه الزراعة أو تلك الصناعة بشكل مباشر أو عبر حوافز معينة إضافة إلى مسألة التوظيف والترقية، ليس فقط في القطاع العام، بل وفي القطاع الخاص والجامعات. وهكذا، توجد مستشفيات وجامعات ومصارف وتيارات سياسية ممولة من المجتمع حاملة شعار الطائفة لكنها في الواقع شبكة من المصالح الاقتصادية لأفراد وشخصيات وشركات محدودة، تلجأ حين تهدد مصالحها إلى «الطائفة»، لتحمي كيانها الحالي. وتزداد الأمور تعقيداً بسبب التدخل الخارجي عبر الضغوطات السياسية والعسكرية والتدفقات المالية. محاولات وتمنيات ربما يكون من المفيد للشباب الناشط والمنادي «بإسقاط النظام الطائفي»، أن يعود لتاريخ بلاده فيستوحي ويستفيد من نساء ورجال وأحزاب حاولوا مثلهم.وكانت هناك محاولات عدة، أهلية وسياسية ورسمية، لإلغاء الطائفية ومعظمها تمحور حول قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية والبعض توسع وقدم اقتراحات تتناول قانون الانتخابات النيابية وشطب ذكر المذهب في القيود ولكن القاسم المشترك بين هذه المحاولات جميعها هو الفشل وعدم الوصول إلى غايتها ما عدا تحريكها لقسم من الرأي العام لفترة وجيزة من الوقت.فمن احمد فارس الشدياق في القرن التاسع عشر إلى أنطون سعاده والحزب الشيوعي اللبناني وجبران خليل جبران في أوائل القرن العشرين إلى غريغوار حداد وليندا مطر مروراً بالجبهة الاشتراكية والتي نادت بزعامة كمال جنبلاط وكميل شمعون والحزب السوري القومي الاجتماعي وغيرهم «بنظام مدني للأحوال الشخصية» وذلك في العام 1951، استمر النظام الطائفي الاقتصادي بالتجذر واستمر الكلام عن تغييره.ومن ابرز تلك المحاولات:1 ـ أقدم «المندوب السامي الفرنسي» موريس سراي في شهر كانون الثاني 1925 على حل المجلس التمثيلي وقرر اعتماد العلمنة بغية كسر نفوذ رجال الدين واعتماد قانون جديد للانتخابات يلغي توزيع المقاعد وفقاً للتركيبة الطائفية. وصدر مشروع القرار خلال آذار 1925 وكانت ردات فعل عديدة عليه. وأقصى الانتقادات للمشروع جاءت من البطريركية المارونية، وتعرض سراي لضغوط من حكومته أرغمته في حزيران 1925 التراجع عن قراره والعودة إلى نظام الانتخابات الطائفي. وترك سراي مهامه كمفوض سامي في تشرين الثاني 1925 من دون ان يحقق رغبته.2 - إبان اندلاع الحرب اللبنانية التي استعر خلالها نيران الطائفية، عمدت مجموعات من اللبنانيين في العام 1976 إلى شطب المذهب عن بطاقات هويتهم. وكان ذلك تعبيراً عن رفض للنظام الطائفي من دون أن يتكرس هذا الشطب بصورة قانونية.3 - يقول رئيس الجمهورية السابق المرحوم الياس الهراوي في كتابه عودة الجمهورية من الدويلات إلى الدولة التالي: « إلغاء الطائفية في لبنان حلم راودني منذ شبابي وزاد اقتناعي بأهميته عندما بدأت أتعاطى الشأن العام، ولمست كم الطائفية تحول دون إمكان بناء دولة حديثة على الكفاية والنزاهة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الوطن وكون تحقيق الحلم دفعة واحدة من المستحيلات في بلد كلبنان جعلني أتساءل لماذا لا يكون الزواج المدني مقدمة لإلغاء الطائفية في المستقبل».وقدم الرئيس الهرواي إلى جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 5 شباط 1998 (أي قبل نحو 9 أشهر من انتهاء ولايته في 24 تشرين الثاني 1998) مشروع قانون اختياري للأحوال الشخصية.ويورد الرئيس الهراوي في كتابه المذكور: في الثامن عشر من آذار 1998 وفي أجواء متشنجة عقد مجلس الوزراء جلسة تميزت بصخبها نظراً إلى الجدل الذي قام بيني وبين رئيس الحكومة (رفيق الحريري) الذي حاول دون جدوى إقناعي بتأجيل طرح مشروع القانون ...»وقد نال المشروع موافقة 21 وزيراً وعارضه الرئيس الحريري وخمسة وزراء وامتنع الوزير سليمان فرنجية عن التصويت معتبراً ان توقيته غير ملائم، وتغيب عن الجلسة وزيران وليد جنبلاط واغوب دميرجيان لكن الرئيس الحريري رفض توقيع مرسوم إحالة المشروع على مجلس النواب، وحصلت تحركات شعبية ضد المشروع .. وكان الاعتراض لدى الطوائف المسيحية اقل عنفاً مما كان لدى الطوائف الإسلامية ..»قد تكون المظاهرات إحدى الوسائل لإسقاط النظام الطائفي لكن يجب على المتظاهرين وكل من يطالب بإسقاط هذا النظام أن يدرك مدى تجذره وانخراطه في الدولة بل وخدمة الدولة له والعمل على رعايته وتمويله ليحل مكانها في العديد من المواقع في حياة الناس. فتعديل «المواد الطائفية» من الدستور، وإلغاء نظام الأحوال الشخصية واعتماد نظام موحد، ووقف تمويل الجمعيات الاجتماعية الدينية وإعادة الأمر إلى الدولة وإلغاء القوانين التي ترعى الحالة الطائفية سواء في التعيينات القضائية أو في الانتخابات كلها مقدمات أساسية لإلغاء النظام الطائفي والتأسيس لما درجنا على تسميته «إلغاء الطائفية من النفوس». أعداد اللبنانيين تبعاً للطائفة يبلغ عدد اللبنانيين المسجلين (مقيمين ومهاجرين) نحو 4.8 ملايين نسمة، 34.8 % منهم مسيحيون و65.1 % مسلمون و0.08 % إسرائيليون.ويتوزعون كما يلي:- موارنة:927 ألفاً- روم أرثوذكس: 324 ألفاً- روم كاثوليك: 210 آلاف- أرمن أرثوذكس: 108 آلاف- أرمن كاثوليك: 24 ألفاً- إنجيليون: 22 ألفاً- سريان أرثوذكس: 20 ألفاً- سريان كاثوليك: 13 ألفاً- لاتين: 15 ألفاً- كلدان: 4 آلاف- أقباط: 180- سنة: 1.41 مليون- شيعة: 1.41 مليون- دروز: 263 ألفاً- علويون: 43 ألفاً- إسرائيليون: 4 آلافملاحظة: هذه أرقام غير رسمية لأنّ الإحصاء الأول الوحيد الرسمي جرى في العام 1932.

الأكثر قراءة