Hiba Awar

Hiba Awar

17 أيار 2011اعلن قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية اللواء سيرغي كاراكايف ان "صواريخ "آر إس 24 يارس" الباليستية الحديثة العابرة للقارات ستتمكن على مدى الـ15 إلى 20 سنة المقبلة تجاوز أية دروع صاروخية محتملة".ونقلت قناة "روسيا اليوم"عن كاراكايف اشارته الى ان "تلك الصواريخ، التي بدأت مناوبتها القتالية في تشكيلات الجيش الروسي، مزودة برؤوس إنشاطرية وتم تصميمها استناداً إلى أفضل المواصفات التي تتميز بها صواريخ "توبول إم" إلى جانب إمكانات إضافية جديدة". مشددا على انه "أية دروع صاروخية يمكن إنشاؤها على خلال الـ15 إلى 20 سنة المقبلة ستكون عاجزة عن اسقاط الصواريخ الجديدة، بدءاً من اطلاقها وانتهاءٍ بتدميرها لأهدافها وذلك بفضل قدرتها الفائقة على القيام بالمناورات".ولفت إلى ان "صاروخ "يارس" لا يمكن إسقاطه حتى في أكثر المسارات تأثراً وهو مسار التسارع الذي يقل زمنه بالمقارنة مع النماذج القديمة للصواريخ". موضحا ان "الصاروخ يقوم في هذا المسار القصير بمناورات نشيطة ما يجعل إمكانية التنبؤ بموقعه من قبل صاروخ مضاد أمراً مستحيلاً".

فراس خطيب

حيفا | مثّلت الأحداث التي رافقت الذكرى الثالثة والستين لنكبة الشعب الفلسطيني مفاجأة على المستويين العسكري والسياسي بالنسبة إلى الدولة العبرية. فقد فرضت أحداث أول من أمس تعاطياً إسرائيلياً مع أزمة سياسية غير مألوفة. وقد وصل الأمر بالمراقبين إلى القول إن الرئيس السوري بشار الأسد أعدّ ما حصل هو والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وإن هناك من يريد تغيير قواعد اللعبة.على الصعيد الأمني، بدت بوادر الأزمة جليّة من خلال تبادل الاتهامات بين قيادة المنطقة الشمالية للجيش والاستخبارات العسكرية «أمان». وقالت أوساط عسكرية إنَّ قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي لم يكن لديها أي معلومات استخبارية متعلقة بالأحداث، وإنَّ الحديث يجري عن تظاهرة عفوية خرجت من تلّ الصيحات.إلا أنَّ مسؤولين في «أمان» أشاروا إلى أن المعلومات الاستخبارية نُقلت إلى قيادة المنطقة الشمالية، والقرار العملاني عن كيفية العمل اتّخذه القادة المسؤولون في الميدان. وأضافوا «بينما تحرّكت 90 حافلة باتجاه تل الصيحات، نُقل أثناء حصوله» أن تحرّك المتظاهرين من تلّ الصيحات إلى ما بعد الحدود «لم يكن عفوياً بل منظّماً».وقد دفع ادّعاء الاستخبارات العسكرية أوساطاً من الجيش الإسرائيلي إلى الردّ بأنَّ هناك أطرافاً تعمل على الإساءة إلى قائد المنطقة الشمالية غادي آيزنكوت قبل أن ينهي مهمّاته قريباً. وقد انتقد محلل الشؤون العسكرية لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، رؤساء الأجهزة الأمنية الذين أجروا حفلاً لتنصيب رئيس جديد لجهاز الأمن الإسرائيلي العام، بقوله إنهم «كانوا واثقين جداً بأنَّ الجيش يستعد لكل التطورات، وأنّ أحداث يوم النكبة في الجيب الصغير»، مستخلصاً أنّه «مرّة أخرى، تعود الفجوة بين نشر الوعود للجمهور بأنّ كل شيء على ما يرام، وما يجري على أرض الواقع».وقال فيشمان إن «الحديث يدور هنا عن حدث تم الاستعداد له على مدى أشهر طويلة، ويمكن أن تكون له آثار شديدة على جودة ردع الجيش الإسرائيلي في المستقبل. يحتمل أنه بسبب هذا الخلل سيتعين، ابتداءً من اليوم فصاعداً التصرف حيال الحدود مع سوريا بطريقة مغايرة تماماً. نجاح أمس يمكن أن يخلق محاولات أخرى لمسيرات جماهيرية إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، وليس فقط من جهة سوريا. هذا قد يحصل في حزيران ـــــ بالتوازي مع الأسطول إلى غزة، وقد يحصل في أيلول ـــــ حيال إعلان دولة فلسطينية».بدوره، وجّه مراسل الشؤون العسكرية لكن صحيفة «هآرتس» رأت أنّ ما جرى أول من أمس كان على علاقة بما يجري في العالم العربي والثورات الأخيرة. وقال محلل الشؤون السياسية ألوف بن إنَّ «الثورة العربية طرقت أمس باب إسرائيل في التظاهرات التي نظّمها الفلسطينيون من سوريا ولبنان ومجدل شمس ومارون الراس لإحياء يوم النكبة»، موضحاً أن «دخول المتظاهرين إلى البلدة الدرزية الواقعة على سفوح جبل الشيخ بدّد الوهم بأن إسرائيل تعيش في نعيم، في فيلا داخل غابة، ومنقطعة تماماً عن الأحداث الدراماتيكية من حولها».وكتب عوفر شيلح في «معاريف» أن الناطقين العسكريين اضطرا إلى «الاعتراف بأن اقتحام المتظاهرين قرب مجدل شمس فاجأهم، وأن القوات استعدّت بالذات أمام القنيطرة، حيث كان الإخطار بأعمال الإخلال بالنظام على مستوى واسع. وبناءً على ذلك، إذا كانوا يعرفون على هذا القدر الجيد: كيف حصل أننا لم نعرف؟».وقال: «الواضح هو أننا لم نتلق فقط تمرينة أولى لما من شأنه أن يحصل في أيلول، بل أيضاً فهماً لكيف سيبدو الواقع والاستخبارات في عصر التفكك والتغييرات التي تميّز المحيط اليوم». وأضاف: «في واقع الأنظمة الضعيفة أو غير القائمة، فإن الأمور من شأنها أن تندلع في الأماكن الأقل توقعاً، دون الكثير من الاستعدادات المسبقة».وفي افتتاحية «هآرتس»، جاء أن «ما حصل أمس على أسيجة الحدود، سيذكر كتاريخ تمثيلي. التوقع الأساس كان لتظاهرات شعبية في الضفة وفي القدس، تضاف إليها أحداث في حدود غزة مع إسرائيل ومع مصر. عملياً، العملية الأشد نفذت في تل أبيب، على يد عربي إسرائيلي، والجبهتان في الشمال اشتعلتا».ورأت أنه «في نظرة تكتيكية، سجل خطأ استخباري ما ـــــ قيادة المنطقة الشمالية قدّرت أن التظاهرة الأساسية ستجري في منطقة القنيطرة، وفوجئت بأن المتظاهرين، أغلب الظن بتكليف من الحكم في دمشق، اختاروا مجدل شمس. هذا يعني أن (الرئيس السوري) بشار الأسد و(الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصر الله معنيان بذلك. المتظاهرون الفلسطينيون، اللبنانيون والسوريون، نسّقوا رسائلهم بحيث تصل إلى آذان باراك أوباما وبنيامين نتنياهو في بداية الأسبوع الشرق أوسطي لواشنطن. من يتخلّ عن المبادرة ويتركها للآخرين، يستيقظ على واقع أليم».وفي «يديعوت أحرونوت»، أورد تقرير إخباري أنه «لمرة أخرى أمسك بنا بشار الأسد ونحن غير مستعدين، وهذه المرة أمام 2500 لاجئ فلسطيني من سوريا وصلوا إلى الحدود مع إسرائيل في شمال هضبة الAffinityCMSن. أسقطوا مئات الأمتار من السياج، وتسللوا من دون عراقيل. كان يكفي المرء أن يرى أمس في مجدل شمس ضباط الاستخبارات الذين تجوّلوا مطأطئي الرؤوس كي يفهم حجم التقصير».

16 أيار 2011دان رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب خلال مؤتمر صحفي، الاجرام الاسرائيلي الذي ارتكب أمس بحق المتظاهرين المطالبين بحق العودة إلى فلسطين.وجدد موقف الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي موقفها بالالتزام الكامل بقرار هيئة التنسيق النقابية القاضي بتنفيذ الإضراب العام يوم الأربعاء، في جميع معاهد وكليات وفروع الجامعة اللبنانية والثانويات والمدارس الرسمية الابتدائية والمتوسطة في القطاعين الرسمي والخاص ومعاهد التعليم المهني والتقني الرسمي وفي جميع الإدارات العامة.وأعلن ان الهيئة الادارية لرابطة الاساتذة تدعو الأساتذة الثانويين إلى تنفيذ الاضراب في الثانويات الرسمية ودور المعلمين، استنكارا ورفضا لحال الجمود والفراغ السياسي الحاصل في البلاد، ومن اجل الخروج من هذه الحال، ورفضا لعجز السلطتين التنفيذية والتشريعية وكافة المرجعيات عن معالجة هذا الواقع، وتحذيرا من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وارتفاع الأسعار، وتأكيدا على ضرورة تصحيح الأجور وإقرار غلاء المعيشة بما يوازي نسبة التضخم.وأكد ان هذا الإضراب هو واجب نقابي ووطني في آن معا، فعلى الهيئات النقابية واجب الإقدام وتحمل المسؤولية كاملة، مثلما عليها واجب تمتين وحدتها النقابية وتأكيد استقلالية موقعها لمتابعة التحرك وصولا لتحقيق غاياته

أكثر من خمسة عشر شهيدا وخمسمئة جريح أعادوا بدمائهم فلسطين إلى الميدان العربي. من مارون الراس اللبنانية التي أذلت الجيش الذي لا يقهر، إلى الAffinityCMSن الأبي، ومعابر الموت والاحتلال التي شطرت فلسطين، وكادت تحولها إلى ما يشبه القضية العقارية، الى الأردن الذي أريد له أن يكمل واسطة عقد الخيانة، الى القاهرة الجميلة.. إلى أنقرة واسطنبول.. عادت فلسطين لتفرض نفسها العنوان والعلم والقضية. لم يعد الخامس عشر من أيار، يوما للخجل والذل والتباهي بالنكبة والبكاء على أطلال القضية. صار الخامس عشر من أيار 2011، يوما مفصليا في التاريخ العربي. يوم حفر وسيحفر جيدا في الوجدانالعربي والإسلامي والعالمي. يوم بدا فيه الفلسطيني أكثر من أي يوم مضى ومعه بعض أهله من العرب والمسلمين، أكثر إصرارا على اعادة تصويب البوصلة.نعم الى فلسطين در.. وفلسطين هي كل الجهات وكل القلوب وكل العيون وأي حدود تفصل بيننا وبينها هي عبارة عن حدود وأسلاك وهمية، وعلى إسرائيل أن تدرك أن الشعوب العربية، اذا تسنى لها أن تكون حرة، لن تكون إلا فلسطينية وعربية، وعندها على إسرائيل أن تعيد النظر في كل حساباتها.. وأن تشعر فعلا بخطر وجودي، لا يمكن أن يقيها منه لا قبة فولاذية ولا جدار فصل ولا معاهدات ذل ولا ترســانة الأسلحة والأساطيل الأميركية.ربما شعرت إسرائيل بقلق إزاء المشهد العربي المتحرك، خاصة بعد ثورة مصر، لكنها اكتفت بالوقوف موقف المتفرج ازاء ما يجري في العالم العربي. هذا هو الواقع قبل الخامس عشر من أيار، أما بعده، فإن إسرائيل لم تعد مرتاحة ومعها الولايات المتحدة وكل الغرب. صار عليهم جميعا أن يقرأوا الرسالة الواضحة المضمون بالصوت والصورة والدم والعلم والساحات.لم يكن العالم مهتما بأمر لبنان ولا باللاجئين الفلسطينيين على أرضه طيلة 63 عاما من اللجوء والحروب والمجازر. بالأمس، كان مهتما أكثر من أي وقت مضى، إنما من زاوية أمن إسرائيل التي لن يكون بمقدورها أن تصدق أن هذا المشهد قابل للتكرار وربما يكون مليونيا وعلى طول الحدود من رفح إلى الناقورة مرورا بنهر الأردن ومجدل شمس... وفي قلب فلسطين.هي السيدة الثمانينية التي قررت أن تتقرب من أرض فلسطين... ووجدت نفسها تسلك الدروب سيرا على الأقدام من مفترق مارون الراس ـ بنت جبيل، الى ساحة مهرجان العودة. هي الدرب نفسها التي سلكتها ابنة السبعة عشر ربيعا من الجليل إلى مارون، وعلى رأسها صرة وبيدها تجر شقيقها الأصغر. كان الأمس بالنسبة إليها يوم عودة. من حولها أحفاد راحوا يسألون كيف سار أهلهم، قبل أكثر من ستة عقود. كيف سلكوا تلك الهضاب والتلال من الجليل الأعلى الى مارون وبقية أخواتها.وقائع مواجهة مارونبالأمس، اكتمل مجد مارون الراس، حيث امتزج الدم الفلسطيني الذي سال بغزارة على تخوم الارض المحتلة، بدم الجنوبيين الذين سقطوا في مواجهة عدوان تموز 2006 .ولئن كانت «مسيرة العودة» التي نظمت في الذكرى الـ63 للنكبة، قد دفعت ثمنا غاليا في مارون الراس، إلا انها كانت التضحية الصحيحة وفي المكان الصح وتحت العنوان الأصح.في العام 1948، كانت مارون الراس ممرا للتهجير، ويومها تسلق اللاجئون الآتون من ناحية بلدة صلحا (مستوطنة «أفيفيم» حاليا)، بصعوبة تلال البلدة، هربا من إجرام العصابات الصهيونية، أما في العام 2011 فقد انقلب المشهد وتبدلت وجهة السير، فاستدار الجيل الجديد من اللاجئين نزولا في اتجاه فلسطين.ويمكن القول ان ما جرى أمس أعاد تصويب البوصلة محليا فخرج اللبنانيون لبعض الوقت من عنق زجاجة الحكومة المتعثرة الى رحاب الهواء النظيف. كما خرجت الشعوب العربية، من الساحات الداخلية الى الحدود مع القضية الاصلية، فلسطين، وانتفت الفواصل المذهبية التي ظللت المشهدين اللبناني والعربي فإذا بنا أمام جمهور فلسطيني يهتف بحياة المقاومة وسيدها (راجع ص 4 و5 ).ربما، للمرة الاولى، بدت فلسطين البارحة قريبة الى هذا الحد في عيون ابنائها الذين لجأوا الى لبنان، في أعقاب ما كان يُعرف بـ«النكبة»، قبل ان يتغير مفهوم المناسبة في 15 أيار 2011، لتتحول ذكرى النكبة الى «يوم مجيد».وربما، للمرة الاولى، بدت العودة الى فلسطين ممكنة، أكثر من أي وقت مضى، بالنسبة الى أبناء مخيمات لبنان، الذين أطلوا على ارضهم وتاريخهم من بين الاسلاك الشائكة التي تفصل مارون الراس عن الجليل المحتل، وهي أسلاك ظهرت أمس هشة وهزيلة أمام تصميم اللاجئين على المضي في مسيرة العودة.. حتى الشهادة، بعدما قرروا ان يستعيدوا المبادرة وان يشقوا بسواعدهم ودمائهم الطريق الى انتزاع الحقوق المسلوبة.وبينما تولى الفلسطينيون كل مجريات البرنامج والتنظيم، اكتفى «حزب الله» بتأمين الامور اللوجستية، فيما تولى الجيش اللبناني الأمن وغابت «اليونيفيل» نهائيا عن المشهد. وقد أحصى الجيش دخول أكثر من ألف حافلة الى مارون الراس، وبالتالي قُدر الحشد بأكثر من ثلاثين ألفا، حتى أمكن القول ان المخيمات زحفت عن بكرة أبيها، علما بأن الكثيرين تعذر عليهم الانتقال بسبب عدم توافر وسيلة الانتقال وخصوصا من مخيمات الشمال.كانت فلسطين على مرمى حجر. لم يحتمل بعضهم البقاء في المرتفعات، حيث تقرر إحياء فعاليات مسيرة العودة، وصمموا على إيصال الرسالة بـ«اليد» الى الارض المحتلة، فتدفق المئات منهم نزولا مخترقين صفوف الجيش اللبناني، ومتجاهلين التحذيرات من إمكان وجود الغام وقنابل عنقودية، الى ان أصبحوا قريبين جدا من الاسلاك الشائكة. وهناك، راحوا يرشقون دوريات الاحتلال بالحجارة ويلوحون بالاعلام الفلسطينية، فيما كان الجنود الاسرائيليون المدججون بالسلاح مربكين ومتوترين، قبل ان يباشروا في إطلاق رصاص القنص على المحتشدين العزل، من خلف الدشم الاسمنتية المسلحة، ما أدى الى سقوط 10 شهداء و112 جريحا، في جريمة موصوفة، لكن، كلما سقط شهيد او جريح، كانت الحماسة تزداد، والاصرار يشتد.وقد اضطر المنظمون إلى اختصار برنامج الاحتفال، على وقع استمرار إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي، فيما أطلق الجيش اللبناني النار في الهواء من أجل تأمين الغطاء لسحب المصابين، ولاحقا لدفع المحتشدين الى المغادرة، بغية الحد من وقوع الاصابات في صفوفهم، بعدما أخفق مشايخ فلسطينيون ولبنانيون نزلوا الى أماكن التجمعات في إقناع الشبان بالتراجع.رواية الجيشوجاء في بيان صادر عن الجيش اللبناني أن «قوى الجيش وضعت في حالة استنفار قصوى، كما قامت بالتنسيق اللازم مع القوات الدولية لمنع تمادي العدو باستهداف الجموع وانتهاكه السيادة اللبنانية».وقال مصدر عسكري لـ«السفير» ان الجيش ابلغ قائد القوات الدولية عند بدء الاعتداء الاسرائيلي بانه يتولى معالجة المسألة ميدانيا، وبالتالي لا يجوز إطلاق النار على مدنيين عزل، لكن قوات الاحتلال استمرت في ارتكاب المجزرة، علما بأن ايا من المتظاهرين لم يتجاوز الخط التقني (وليس فقط الخط الأزرق) الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، والمعروف بالشريط الشائك.ولفت المصدر الانتباه الى ان ما فعلته إسرائيل لا يمكن ان يحصل في أي مكان في العالم، مشيرا الى انه حتى لو حصلت حالات تجاوز للخط الازرق، فان مواجهتها لا تكون بإطلاق النار على اشخاص عزل، غير مسلحين وليسوا متسللين، واصفا ما جرى بـ«الجريمة الموصوفة» الناتجة عن استخدام مفرط للقوة.من ناحيته، قال متحدث باسم جيش العدو إن جنوده أطلقوا النار على مشاركين في مسيرة العودة اقتربوا من السياج الحدودي وبدأوا يحاولون نزعه وإنه «واع لسقوط ضحايا»، مشيراً إلى أنه لا يعرف عددهم. واعتبر ما حدث على الحدود اللبنانية والسورية «استفزازا من إيران».مواقف منددةسياسيا، تقدم لبنان، عبر بعثته لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بشكوى لدى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، معتبرا أن الاعتداء الذي نفذته اسرائيل يشكل عملا عدوانيا وانتهاكا للسيادة اللبنانية واستهتارا بقرارات الأمم المتحدة.وأكد منسق الامم المتحدة الخاص في لبنان مايكل وليامز، ان الاحداث في جنوب لبنان تعتبر من اخطر الحوادث على الخط الازرق منذ العام 2006، وحض «جميع الاطراف على ممارسة اقصى درجات ضبط النفس والاحترام الكامل لقرار الامم المتحدة الصادر عن مجلس الامن رقم 1701»، كما دعا قائد «اليونيفيل» الجنرال ألبرتو اسارتا كل الأطراف إلى أقصى حدود ضبط النفس لتجنب وقوع مزيد من الضحايا.وأدان رئيس الجمهورية ميشال سليمان الممارسات الاسرائيلية الاجرامية ضد المدنيين المسالمين في جنوب لبنان والAffinityCMSن وفلسطين، واضعاً هذا التصرف برسم المجتمع الدولي.وأشار رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الى إن لبنان الذي يبقى ملتزما بالقرارات الدولية، وخصوصا القرار 1701، يعتبر قيام إسرائيل بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين على حدودنا الجنوبية عدوانا سافرا وغير مقبول، محملا المجتمع الدولي وقوات الأمم المتحدة المنتشرة في الجنوب مسؤولية محاسبة إسرائيل على هذه الجريمة.واعتبر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ان العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان يؤكد مرة جديدة، بما لا يقبل الشك، أن وهم الاطمئنان اليه ليس سوى سرابا يغلف غدره. ورأى إن جرائم إسرائيل يجب أن تحفز اللبنانيين على التنبه الى الخطر الاسرائيلي المستمر على لبنان وتدفعهم الى تقديم الوحدة الوطنية على ما عداها من قضايا، أيا تكن درجة أهميتها.ورأى «حزب الله» ان الجرائم الدموية الفظيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وطالب المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بموقف واضح حيال منظومة الإرهاب الصهيونية في استهدافها الإجرامي للشعب الفلسطيني الأعزل الذي يطالب بحقوقه المشروعة كي لا تكون شريكة للعدو أو متواطئة معه في هذه الجرائم المنكرة.وأصدرت اللجنة التحضيرية لحملة «حق العودة» بياناً، حملت فيه «العدو الصهيوني المسؤولية الكاملة عن الجريمة، مؤكدة أن التحرك سيبقى مستمرا حتى العودة إلى أرضنا كلها».وأعلنت اللجنة وفصائل المقاومة الفلسطينية الحداد العام في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، وتعليق الدراسة اليوم، فيما استقبل عدد من المخيمات في بيروت والمناطق، اعتبارا من ليل أمس جثامين عدد من الشهداء، تمهيدا لتشييعها اليوم.

حشود الفلسطينيين واللبنانيين في مارون الراس أمس (حسن بحسون)

أراد الفلسطينيّون أن يحيوا نكبتهم، لكن بدل إحيائها عاشوها. ست ساعات على الحدود اختلطت فيها المشاعر، بين الحزن على من سقط من الشهداء، والحماسة لرؤيتهم أرضهم، والأمل بأنّ حلم العودة أصبح ممكن التحقّق

قاسم س. قاسم, داني الأمين

عادت فلسطين أمس إلى الواجهة. لم تعد من باب مصالحة هنا، أو خلاف هناك، بل عادت من دماء أبنائها. عادت بعدما صبغ عشرة شهداء تراب بلدة مارون الراس الحدودية بدمائهم. الآلاف تركوا مخيماتهم باكراً، وكان آلاف الأشخاص قد جاؤوا في حافلات من مناطق لبنانية مختلفة في ما سمي «مسيرة العودة الى فلسطين». وعندما وصلوا الى بلدة مارون الراس تمكّن المئات منهم من اختراق صفوف الجيش اللبناني والاقتراب من الشريط الشائك الحدودي، رغم محاولات الجيش ثنيهم عن ذلك بإطلاق النار في الهواء، وأخذوا يرشقون الجانب الإسرائيلي بالحجارة ويلوّحون بالأعلام الفلسطينية. وقد شكّوا أعلاماً فلسطينية في الشريط الشائك.

وأطلق الإسرائيليون الذين كانوا على بعد أمتار من المتظاهرين، النار على دفعات، ما أدى، بحسب بيان للجيش اللبناني، الى «سقوط عشرة شهداء، وأكثر من 112 جريحاً، بعضهم في حالة الخطر». وأشار البيان الى أن «قوى الجيش وُضعت في حالة استنفار قصوى، وأجرت التنسيق اللازم مع القوات الدولية لمنع تمادي العدو في استهداف الجموع، وانتهاك السيادة اللبنانية». وعرف من الشهداء: محمد الفندي، محمد الموسى، من مخيم البرج الشمالي. محمد صالح من مخيم برج البراجنة. محمد إبراهيم أبو شليح من مخيم المية ومية. عماد ابو شقرا ومحمد الصبح من عين الحلوة. محمود محمد سالم وصالح أبو رشيد من مخيم البص. وتبيّن بحسب المعطيات الميدانية أن معظم الشهداء سقطوا برصاصات قاتلة مباشرة، إذ أصيب اثنان بالرأس مباشرةً، اثنان في القلب، واثنان في الرقبة. أما الأربعة الباقون فاستُشهدوا متأثرين بجراحهم في المستشفيات. أصوات الطلقات النارية، طغت على صراخ عريف المهرجان، واضطر المنظمون الى اختصار احتفال كان بدأ في المناسبة في ساحة تقع على بعد كيلومتر واحد من مستعمرة افيفيم الإسرائيلية. وتضمن إلقاء كلمات وأناشيد وطنية ولوحات رمزية، مثل تسليم رجل عجوز مفتاح منزله في فلسطين الى فتاة في الخامسة من عمرها، تعبيراً عن استمرار الأجيال في تأكيد حق العودة. ثم كانت كلمات لممثلي عدد من المنظمات الفلسطينية أُطلقت بعدها بالونات ملونة بلون العلم الفلسطيني. إطلاق النار أدى الى تضارب الأنباء بين أنّ «الجيش اللبناني يطلق النار على المتظاهرين» وأنّ «قوات العدو تطلق النار وهناك شهداء». خبر أكده عريّف الحفلة، الذي طلب من سيارات الإسعاف «التوجه الى الخطوط الأمامية، إذ هناك شهيد قد سقط». هنا نسي الجميع الحفل وتوجهت الأنظار إلى «تحت». أما «تحت»، فهو حيث كان يتساقط الشهداء. تتوالى الأخبار على الشاشة الضخمة التي نصبها المنظمون، فتنقسم الشاشة بين صورتين. واحدة من الداخل الفلسطيني، وأخرى لنقل الجرحى من أرض مارون الراس. صور الشهداء والجرحى غيّرت كل شيء. تقف النسوة أمام الشاشة العملاقة. يحاولن أن يعرفن هوية من سقط. إحداهن يغمى عليها فمن استشهد كان جالساً بقربها في الباص. تتزايد كثافة النيران، ويرتفع معها منسوب القلق في قلوب الأمهات والغضب في قلوب الشباب. يتصاعد الدخان الأبيض من خلف السياج الحدودي. الدخان الأبيض نفسه كان قد شاهده الجميع مسبقاً بما عرف بمجزرة الميركافا في سهل الخيام. تقترب الدبابة من الحدود، يسير قربها هامر عسكري. لحظات ويهدأ الجنون. يصمت كل شيء إلا صوت الريح وصافرات سيارات الإسعاف. فجأةً يطلب العريف من الجميع العودة الى باصاتهم، لكن لا حياة لمن تنادي. فالجميع بانتظار من هم بالقرب من الشريط الحدودي. فهنا المصاب جماعي والحزن كذلك أيضاً. حالات بكاء جماعية، وحالات إغماء جماعية. «ابني تحت»، تصرخ إحداهن، وهي تمسك بشخص لا تعرفه. تنتظر السيدة بالقرب من المنصة، لكن كيف يمكن قلب الأم الخائف أن ينتظر خبراً عن ابنها الذي قد يكون استشهد أو أُصيب. تقرر التوجه بنفسها الى مكان الاشتباك، لتختفي بين الجموع. أمام الشريط الحدودي يتحول الجميع الى مسعفين. شباب يصعدون مئات الأمتار، ملابسهم ملطخة بالدماء. احمرار أعينهم يعكس غضبهم وحزنهم. «الشب اللي كان حدي اتصاوب برقبتو»، يصرخ أحدهم. سيارات الإسعاف تنقل المصابين. يحضر مغاوير الجيش اللبناني إلى المكان. يتوجهون لدعم زملائهم أمام الشريط الحدودي. يطمئن الجميع لحضور الجيش، «إذاً سيُسحب الشهداء والمصابون بهدوء» يقول أحدهم. لحظات حتى تبدأ حفلة جنون أخرى، إذ ولمدة نصف ساعة استمر إطلاق نار على نحو كثيف. أصوات النيران هذه هي أصوات موت محتمل. ثلاثون دقيقة إضافية زادت عدد الجرحى والشهداء، إضافةً إلى إصابة عنصر من الجيش اللبناني بحجارة المعتصمين. كل ما حصل لم يكن المنظمون يتوقعونه. فالمكان اختير بسبب بعده النسبي عن الحدود، إذ كان الاقتراح الأولي أن يكون مكان الاعتصام أمام بوابة فاطمة، إلا أنّ المنضمّين تخوفوا من عدم قدرتهم على لجم جموح اللاجئين وهم أمام السياج مباشرةً. لذلك «فضّلنا مارون الراس لبعد المكان تقريباً عن الحدود»، كما يقول ياسر عزام، عضو اللجنة التحضيرية. وكانت الطرقات المؤدية إلى مارون الراس قد غصت بالحافلات، أما الساحات والمواقف المخصصة لاستيعاب الوافدين، فامتلأت سريعاً، ما دفع المنظّمين الى إيقاف معظم الحافلات في بنت جبيل ليضطرّ الآلاف إلى إكمال الطريق سيراً على الأقدام. مساءً، كانت المسيرة قد حوّلت مسارها من مارون الى مستشفيات بنت جبيل وصور وصيدا، التي رقدت فيها جثامين الشهداء والجرحى. ففي غضون ساعات قليلة، تحوّلت باحات مستشفيات إلى قبلة للمئات من أبناء المخيمات الذين وفدوا لتفقد هويات الضحايا وأحوالهم. الجريح عادل الخطيب، من مخيم عين الحلوة، قال لـ«الأخبار» «تقدّمت وعشرات الشباب باتجاه الشريط، نريد الدخول الى فلسطين، نفضّل الموت على السياج الحدودي، إن لم نحقق ذلك، تخطيت السياج الشائك بعدما رفعناه بأيدينا، وجدت أمامي العشرات من الجنود الإسرائيليّين، أطلقوا النار مباشرةً علىنا فأصبت في رجلي اليمنى». ويقول الجريح محمد حطّيني: «تخطيت السياج الأول ثم الثاني وعلّقت علم فلسطين فأطلقوا النار علي فوقعت أرضاً». وقد أصيبت طفلة فلسطينية في الرابع من عمرها بعدما ركضت مسرعة باتجاه أحد الباصات، وتقول والدتها: «دهس الباص رجل ابنتي التي كانت خائفة فأصيبت بكسور متعددة». وفيما أعلنت اللجنة التحضيرية لحملة حق العودة أن برنامج تشييع الشهداء سيعلن لاحقاً، بدا واضحا من خلال الاجتماعات التي تنادت لعقدها الفصائل الفلسطينية والأحزاب الوطنية أن تحركات كبيرة ستشهدها بيروت والمناطق هذا اليوم، حيث من المقرر أن ينظَّم تشييع مركزي.

سرق الفلسطينيون والمواطنون العرب في الدول المعنية بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، الأضواء من الثورات والاحتجاجات العربية في يوم النكبة، أمس. أراد أصحاب الحق العودة بقوة إلى أراضيهم، في ما بدا أنه بروفا حقيقية لانتفاضة فلسطينية ـ عربية ضدّ إسرائيل، فجاءت حصيلة الشهداء والجرحى مرتفعة، وخصوصاً في الجنوب اللبناني، ومرتفعات الAffinityCMSن المحتلةلا بدّ أن تكون الرسالة التي سجّلها الفلسطينيون والعرب في الذكرى الـ 63 لنكبة فلسطين، يوم أمس، قد وصلت إلى كل مكان؛ وصلت إلى مراكز صنع القرار في تل أبيب وواشنطن والدول الأوروبية والعربية، والأهم إلى المسؤولين الفلسطينيين، وذلك قبل فترة وجيزة من الإعلان المفترض للدولة الفلسطينية في شهر أيلول المقبل. رسالة مفادها أنّ الشعب الفلسطيني مستعدّ لخوض انتفاضة ثالثة، ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل في أراضي الشتات أيضاً. هكذا، وجدت إسرائيل نفسها يوم أمس تسترجع ذكريات حربَي 1967 و1973، إذ كان عليها مواجهة شبه حرب مفتوحة على 3 جبهات، لكن ليس ضدّ جيوش العرب ولا حركات المقاومة، بل مع حشود شعبية فلسطينية وعربية قالت لجنود الاحتلال إنها مستعدة لدفع أي ثمن تتطلبه العودة إلى فلسطين، أو على الأقل، يتطلبه حلم العودة.تفاوتت حصيلة الشهداء والجرحى من «جبهة» إلى أخرى. كان للبنان الحصة الأكبر، مع وقوع 10 شهداء وأكثر من 100 جريح من بين عشرات الآلاف من الفلسطينيين القادمين من مختلف المخيمات الفلسطينية، إضافةً إلى عدد كبير من اللبنانيين. لكن ما حصل في الAffinityCMSن كان علامة فارقة بالفعل، إذ سُجِّلَ تحريك لافت للنظر لهذه الجبهة المقفلة منذ اتفاقية الهدنة التي تربط بين إسرائيل وسوريا عام 1974. 4 شهداء سقطوا في الAffinityCMSن بالنسخة الـ 63 لـ 15 أيار الفلسطيني الذي جاء مختلفاً جداً عن سابقاته هذا العام، كأنّ ربيع العرب انتقل من عواصم العرب إلى الحدود المتاخمة لفلسطين المحتلة. ولم يكن ينقص إلا السماح للفلسطينيين وللعرب بمواجهة جنود الاحتلال في مصر والأردن، اللتين ظلتا هادئتين نسبياً، نظراً إلى ما سبق يوم أمس من استعدادات أمنية وقمع حالت دون السماح للفلسطينيين والمصريين والأردنيين بالتوجه من مصر والأردن إلى الحدود المشتركة مع فلسطين، لكن كل ذلك لم يمنع المصريين مثلاً من التجمع أمام المبنى السكني الذي يضم السفارة الإسرائيلية في القاهرة، والمطالبة بإنزال العلم وإغلاق السفارة، فيما رفع سكان في المبنى الأعلام المصرية والفلسطينية على شرفات مساكنهم، على وقع مرابطة سيارات للقوات المسلحة أمام باب المبنى الذي أغلق بسلاسل حديدية.وبقدر ما كانت تطورات يوم أمس كبيرة، وخصوصاً على الجبهات اللبنانية والAffinityCMSن وغزة والضفة الغربية، بقدر ما كان ساحقاً الصمت العالمي الأشبه بالترقّب الحذِر. وحدها إسرائيل وقادتها سارعوا إلى تحميل الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه مسؤولية ما حصل في الAffinityCMSن وفي جنوب لبنان على قاعدة أنه «أمر مثير للريبة فيما يبدو واضحاً أنه تصرف من الحكومة السورية لإحداث أزمة عن عمد على الحدود لصرف الأنظار عن المشكلات الحقيقية التي يواجهها النظام في الداخل».في جميع الأحوال، سجّل الفلسطينيون «بروفا» ناجحة للانتفاضة الثالثة الموعودة في أيلول، أو قبل ذلك التاريخ أو بعده. وفي عناوين اليوم الفلسطيني الدامي الطويل، علامة مضيئة أخرى، وهي ما رأى فيه البعض ترجمة فورية لاتفاق الوحدة الفلسطينية التي وُقِّعَت على الورق قبل أيام، بحيث مُزجت دماء الفلسطينيين من جميع التيارات والفصائل، من دون تمييز بين فتحاوي وحمساوي أو غير ذلك. كان العلم الفلسطيني هو المهيمن في مارون الراس اللبنانية وقرب مجدل شمس السورية المحتلة، وعلى معبر بيت حانون في غزة، حيث استُشهد شخص وجرح العشرات، وفي رام الله وبقية مدن الضفة الغربية. في جميع هذه المواقع، استردّ الشعب الفلسطيني المبادرة من فصائله وتنظيماته السياسية على شاكلة ما يحصل في الانتفاضات العربية المتنقلة في العواصم العربية، وعلى نسق ما قد يحصل في الانتفاضة الفلسطينية الثالثة المأمولة. وإزاء ضخامة ما حصل، أمس، جاء الرد الإسرائيلي عنيفاً كالعادة، مع لجوء جنود الاحتلال إلى استعمال الرصاص الحي مباشرةً ضد الفلسطينيين والمواطنين العرب، وذلك بناءً على المبدأ الذي عمّمه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي قال إنّ إسرائيل «عقدت العزم على الدفاع عن سيادتها وحدودها».واستنفر المسؤولون اللبنانيون ليسجل كل منهم مواقفه إزاء الجريمة الإسرائيلية الجديدة. فقد دان رئيس الجمهورية ميشال سليمان «الممارسات الإسرائيلية الإجرامية ضد المدنيين المسالمين في جنوب لبنان والAffinityCMSن وفلسطين»، علماً بأن سليمان تلقّى اتصالاً من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تناول فيه التطورات الجنوبية، مؤكداً وقوف قطر إلى جانب لبنان. ورأى الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أنّ العدوان الإسرائيلي يوم أمس، «يؤكد مرة جديدة أن هذا العدو لا يمكنه أن يستمر على أرض فلسطين إلا بالقتل والتهجير وتهديد المحيط». أما رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، فقد رأى أنه «لا يسعنا إلا أن نسجل في هذا اليوم إدانتنا واستنكارنا الشديدين لإمعان إسرائيل في خرق حقوق الإنسان ومواجهة التحركات السلمية للمواطنين العرب في لبنان والAffinityCMSن وفلسطين بالقتل والإجرام». وعلى صعيد متصل، دان حزب الله «الجريمة الإسرائيلية» في الAffinityCMSن والأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان، وذلك على لسان النائب حسن فضل الله، الذي كان قد شارك في فعاليات «مسيرة العودة إلى فلسطين» في مارون الراس. وقال فضل الله إن «حزب الله، إذ يدين هذه الجريمة الإسرائيلية، التي هي برسم الأمم المتحدة والهيئات الدولية، يؤكد وقوفه إلى جانب الحراك الشعبي الفلسطيني في كل المناطق، سواء في الداخل أو على الحدود».وفي وقت لاحق، أعلنت الوكالة الوطنيّة للاعلام تقديم لبنان، عبر بعثته لدى الأمم المتحدة في نيويورك، شكوى لدى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، على خلفيّة جريمة بلدة مارون الراس. ورأى لبنان أن هذا الاعتداء يمثّل «عملاً عدوانياً، ويؤكد مجدداً انتهاك إسرائيل للسيادة اللبنانية واستهتارها بقرارات الأمم المتحدة».وسجّلت القوات الإسرائيلية محاولة مفضوحة لتوريط الجيش اللبناني بهدف تحميله مسؤولية قتل الشهداء العشرة في مارون الراس. وقال مصدر عسكري في قيادة الجبهة الشمالية إنه «ليس مستبعداً أن يكون المتظاهرون في قرية مارون الراس اللبنانية قد قتلوا بنيران الجيش اللبناني لا الإسرائيلي». وأشار المصدر نفسه إلى أن «الأحداث في مارون الراس هي الأخطر التي وقعت اليوم بالنسبة إلينا، ولا نستبعد أن يكون القتلى هناك قد سقطوا بنيران الجيش اللبناني».مشهد غير مسبوقفي الAffinityCMSناستُشهد أربعة أشخاص كانوا يشاركون في تجمع حاشد على الجانب السوري من حدود مرتفعات الAffinityCMSن المحتلة، فيما اعتقل الاحتلال عدداً من المتظاهرين الذين اقتحموا الشريط الشائك إلى قرية مجدل شمس المحتلة، كبرى بلدات الAffinityCMSن، وأصيب في المواجهة أكثر من 170 شخصاً على جانبي الحدود.وفيما تضاربت الأنباء بشأن عدد الضحايا، ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن النيران الإسرائيلية قتلت لاجئين فلسطينيين اثنين من مخيم اليرموك، إضافةً إلى جرح ثلاثة جنود إسرائيليين أصيبوا بالحجارة. أما مراسل قناة «الجزيرة» في فلسطين المحتلة، وليد العمري، فقد أشار من ناحيته إلى أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار انطلاقاً من مواقع عسكرية في بلدة مجدل شمس ومن منطقة جبل الشيخ المجاورة. مصادر في الجيش الإسرائيلي أعلنت من ناحيتها اعتقال عدد من اللاجئين الفلسطينيين بهدف التحقيق معهم، فيما أعلن الاحتلال المنطقة «عسكرية ومغلقة» في وجه وسائل الإعلام، كما الزوار.وأفاد بعض سكان مجدل شمس بأن عدداً من المتظاهرين استطاعوا اقتحام السياج الحدودي وعبور حقول الألغام والتسلل إلى البلدة. وأبلغوا الإذاعة العامة الإسرائيلية أنهم لا يريدون بقاء المتسللين في القرية، لكن في الوقت نفسه لن يسمحوا لقوات الاحتلال باقتحام القرية واعتقالهم. وأجرت قوات من الجيش والشرطة الإسرائيليّين عمليات تفتيش في مجدل شمس للتأكد من خلو القرية من لاجئين فلسطينيين تسللوا من سوريا، كما أجرى الاحتلال مفاوضات مع وجهاء القرية بهدف إعادة المتسللين إلى المناطق المحررة. إلا أن مصدراً عسكرياً إسرائيلياً أكد لاحقاً أن الفلسطينيين الذين تخطوا الحدود عادوا نحو سوريا بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي.وسبق ذلك، إعادة الجيش الإسرائيلي جثتي لاجئين فلسطينيين إلى سوريا استشهدا بنيران جنوده بعد تخطّيهما الحدود في هضبة الAffinityCMSن. وقال عدد من اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى مجدل شمس لوسائل إعلام إسرائيلية، إنهم لا يعتزمون البقاء في الAffinityCMSن، لكنهم أرادوا أن يؤكدوا حقهم في العودة وقدرتهم على الوصول إلى «فلسطين» رغم كل الإجراءات العسكرية والأمنية الإسرائيلية.وقال أحد هؤلاء للإذاعة العامة الإسرائيلية إن الدعوة إلى التظاهرة جرت عبر الشبكة الاجتماعية على الإنترنت «فايسبوك»، معرّفاً عن نفسه بأنه مواطن ألماني حضر إلى سوريا خصوصاً للمشاركة في التظاهرة وتخطي الحدود باتجاه الAffinityCMSن. وأفاد آخر للتلفزيون الإسرائيلي بأنه مقيم في مخيم اليرموك في سوريا، وأن عائلته منحدرة من الجليل (شمال فلسطين).في هذه الأثناء، قالت مصادر في مستشفى «زيف» في صفد، شمال فلسطين المحتلة، إنّ الجيش الإسرائيلي طلب من المستشفى الاستعداد لاستقبال 30 جريحاً من أصل 90 جريحاً من اللاجئين الفلسطينيين الذين تخطوا الحدود. من جهته، أجرى نتنياهو مداولات أمنية في أعقاب هذه التطورات، وأصدر توجيهات لجيشه بـ«ضبط النفس وتهدئة الوضع»، إلى جانب «الحفاظ على الحدود الإسرائيلية ومنع التسلل منها».واتهم مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون الجيش السوري بالسماح لمئات المتظاهرين السوريين بتخطي الحدود، بهدف صرف الأنظار عن الاحتجاجات في سوريا ضد النظام. وقال هؤلاء المسؤولون الإسرائيليون للإذاعة العامة إنه «بما أنّ الجيش السوري يسيطر على الدولة بقوة بالغة، فإن التقديرات هي أن الجيش الذي يسيطر بقوة على الحدود بادر إلى دفع متظاهرين لتخطي الحدود، مستغلاً ذكرى النكبة لصرف الأنظار عما يحدث داخل سوريا من احتجاجات ضد النظام».في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا)، عن مدير مستشفى الشهيد ممدوح أباظة في القنيطرة، علي كنعان، قوله إن الشهيدين اللذين وصلا إلى المستشفى، أحمد المدني وبشار علي الشهابي، من مخيم اليرموك للفلسطينيين في دمشق، قد استشهدا جراء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهما بالرصاص الحي، موضحاً أن المدني وعمره 18 عاماً استشهد جراء إصابته برصاصة في القلب، بينما استشهد الشهابي نتيجة إصابته برصاصة في الوجه، وهو في العقد الرابع من العمر.وتحدث عن إصابة 32 آخرين برصاص الاحتلال، تراوحت جروحهم بين الشديدة والمتوسطة، خمسة منهم بحالة خطرة، وثمانية آخرون في غرف العمليات، مشيراً إلى أن 84 آخرين أصيبوا بالاختناق جراء إطلاق الاحتلال الغازات المسيلة للدموع. وفي السياق، شهدت منطقة عين التينة المقابلة لبلدة مجدل شمس المحتلة في سفوح جبل الشيخ الشرقية، مهرجاناً خطابياً إحياءً للذكرى الثالثة والستين لنكبة الشعب الفلسطيني.ودانت سوريا «الأنشطة الإجرامية» لإسرائيل في مرتفعات الAffinityCMSن والأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان.ونقلت وكالة «سانا» عن وزارة الخارجية دعوتها المجتمع الدولي الى تحميل إسرائيل المسؤولية عن هذه الحوادث.(سانا، أ ف ب، يو بي آي، الأخبار)

زينب ياغيلا تستثنى من الاحتكار والسيطرة في المراسيم اللبنانية، إلا المواد الغذائية فقط. أما باقي المواد التي يحتاجها كل مواطن في حياته، من محروقات، ومواد بناء، وأدوات كهربائية ومنزلية، فهي تخضع لسيطرة الوكلاء الحصريين، وأصحاب الرساميل الكبرى، من رجال أعمال وسياسيين.وفي ظل غياب الحكومة، وحتى في وجودها ومع غياب أي سياسات اقتصادية أو مالية، ترتفع الأسعار في السوق اللبناني، بشكل جنوني، حتى أصبح كل مواطن، وخاصة إذا كان من ذوي الدخل المحدود، يشعر بأن جهات محددة تساهم في نهب دخله الشهري، الذي يذوب كحبات الملح في الماء.وتلك الجهات نفسها هي التي تمنع حتى الآن إقرار مشروع قانون المنافسة، وتنفيذ قانون إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية.ففي العام 2005 أعد خبراء اقتصاديون، دراسة بعنوان "المنافسة في الاقتصاد اللبناني"، وبتمويل من الإتحاد الأوروبي، تمهيدا لإقرار مشروع المنافسة. وتم في الدراسة إحصاء ما يقارب سبعة آلاف شركة مسجلة بحسب أرقام تسلسلية، وتدفع الضرائب على القيمة المضافة، وقد تبين بموجبها أن ست أو سبع شركات كبرى تسيطر على ستين في المئة من الاقتصاد اللبناني.لكن مشروع المنافسة مازال مع ذلك يتنقل بين مجلس الوزراء ومجلس النواب منذ عشر سنوات من دون اتخاذ قرار بمناقشته حتى اليوم.أما قانون إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية، فقد أقر في مجلس النواب في كانون الثاني من العام 2004، على أن يصبح ساريا بعد أربع سنوات من تاريخ إقراره، لكن رئيس الجمهورية السابق إميل لحود وقتها رد القانون إلى مجلس النواب، بعد الضجة التي أثارها الوكلاء الحصريون، وكان السبب الفعلي انتماء غالبيتهم إلى طائفة محددة، بينما كان السبب المعلن هو منع إغراق السوق بالبضائع "الرديئة"، واستمرار تأمين خدمة ما بعد البيع للمستهلك.ولدى البحث مع عدد من المسؤولين في الشركات الكبرى، اتضح أن الشركات التي تملك أكبر نسبة مبيعات هي شركات استيراد المحروقات والإسفلت، وتضم ثلاث عشرة شركة، والأدوات الكهربائية وتسيطر فيها شركتان، والأدوية وتسيطر فيها ثلاث شركات، والحديد وتسيطر فيه خمس شركات، والزراعة ويسيطر فيها خمسة في المئة من المزارعين على نصف الأراضي الزراعية في لبنان تقريبا.أما الشركات التي توصف بالمفهوم الاقتصادي بالإحتكارية، أي التي لا منافس لها فهي: شركتا الهاتف الخليوي المعروفتان، و"أوجيرو" للاتصالات الهاتفية، و"سوكلين" للتنظيفات، و"ليبان بوست" للبريد، و"الميدل إيست" للطيران. وتشكل تلك الشركات مزيجا بين القطاعين العام والخاص.كما تصنف الكهرباء ضمن القطاعات الإحتكارية لأنه لا منافس لشركة كهرباء لبنان.ويعتبر القطاع المصرفي المسيطر الأكبر على الاقتصاد على اللبناني، لكنه مع ذلك لا يصنف بالإحتكاري، لأن المصارف تعتمد المنافسة النسبية في تقديم الخدمات، وتوجد لها هيئة ناظمة، هي هيئة الرقابة على المصارف. ومن المعروف أن المصارف تسلف الدولة وتشتري سندات الخزينة، وتحصل على أكبر نسبة عائدات سنوية، بلغت العام الماضي مليار ومئتي ألف دولار.13 شركة تسيطر على تجارة المحروقات والإسفلتيوضح رئيس تجمع شركات استيراد النفط في لبنان مارون شماس أن شركات المحروقات تستورد سنويا بين مليون وخمسمئة ألف طن، ومليون وستمئة ألف طن من البنزين سنويا، يضاف إليها ثلاثمئة وخمسون ألف طن من المازوت الأخضر، وما بين 140 و160 ألف طن من الغاز سنويا، فيما تستورد وزارة الطاقة ما يقارب ثمانمئة ألف طن من المازوت الأحمر لاستخدامه في المصانع والتدفئة والآليات، علما أن استخدام المازوت الأحمر مخالف للقانون لأنه يسبب تلوثا كبيرا للبيئة.يتم استيراد المحروقات بالأطنان عبر البواخر من كل من إيطاليا وفرنسا وروسيا، حيث توجد مصافٍ لتكريره، وتبلغ سعة كل طن بنزين، ألف ومئة وستين ليترا، توزع على 58 صفيحة.وعلى الرغم من أن سعر استيراد صفيحة البنزين يقارب الثلاثة عشر ألفا وخمسمئة ليرة، إلا أن تسعيرة الحكومة تصل إلى سبعة وثلاثين ألف ليرة، وهي توزع السعر بين قيمة الإستيراد، وبين الضريبة الحكومية وتبلغ سبعة آلاف وخمسمئة ألف ليرة، والمبلغ الباقي هو من حصة شركات التوزيع والنقل التابعة لشركات استيراد المحروقات وعمولة أصحاب المحطات.ويقول شماس إن شركات استيراد المحروقات تستثمر في قطاع النفط، مثل كل شركات القطاع الخاص في لبنان، مشيرا إلى أنها وضعت استثمارات بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لبناء مستودعات التخزين ومحطات التوزيع وتأمين وسائل نقل. ويعتبر أن الحكومة غير قادرة على استيراد النفط لأن كلفة تأهيل كل من مصفاتي الزهراني وطرابلس تبلغ ما يقارب الأربعة مليارات دولار، وبالتالي لا توجد جدوى اقتصادية من تولي الحكومة لعملية الاستيراد.والشركات المعنية هي : شركتا "كوجيكو" و"صيداكو" ممثلتان بالشيخ بهيج رشيد أبو حمزة، شركة "مديترانيان" ممثلة بـكارول ريمون الشماس ومارون نقولا شماس، شركة "وردية هولدينكز" ممثلة بـدانيا عزة نكد، شركة "توتال لبنان" ممثلة بـفنسان كلود موميس وجوزيف انطونيوس جعجع، شركة قبلان انطوان يمين وشريكه، شركة "جيفكو" ممثلة بشوقي يوسف مكرزل، شركة تابعة لأحمد سليم شوكت رمضان، شركة "هيبكو" ممثلة بـجوزيف بولس طايع، "الشركة العربية للنفط" ممثلة بـعبد الرزاق عبد الله الحجه، "شركة عيسى للبترول" ممثلة بـميشال زخيا عيسى، شركة "غاز الشرق" ممثلة بقيصر شحاده رزق الله.والشركات المستوردة للنفط هي التي تستورد الإسفلت في الوقت ذاته.5 شركات تحتكر استيراد الحديدتسيطر على تجارة الحديد خمس شركات كبرى، يمكن ترتيبها، بحسب حجمها، كالتالي: شركة النائب آغوب دمرجيان، وتسيطر تقريبا على نصف تجارة الحديد في لبنان، بعدها تأتي شركة سالم طنوس في المرتبة الثانية، ثم شركة علي الموسوي في المرتبة الثالثة، وشركة رشاد قاسم في المرتبة الرابعة، وأخيرا شركة جان يارد.ويوضح مسؤول مبيعات إحدى الشركات أن كمية الحديد التي تستورد سنويا تتراوح بين ثلاثمئة ألف و350 ألف طن، بينما يبلغ سعر بيع الطن الواحد حاليا تسعمئة دولار.وفي حين تردد أن نسبة أرباح الشركات في الطن الواحد تصل إلى مئتي دولار، يعتبر مسؤول المبيعات أن الأرباح في كل طن لا تتعدى العشرة دولارات، لكن الاستفادة الفعلية تأتي من مصدرين هما: كمية المبيعات الكبرى التي تصل إلى مئتي طن يوميا، بالإضافة إلى وجود مخزون من الحديد لدى الشركات يمكّنها، في حال ارتفاع الأسعار عالميا، من تحصيل ربح في الطن الواحد تتراوح قيمته بين مئة ومئتي دولار.وبعد الحديد، تعد الترابة من مواد البناء الأكثر مبيعا، لكنها مادة غير مستوردة، وإنما تنتجها معامل الترابة اللبنانية.شركات الالكترونياتتنتشر محلات بيع الأدوات الكهربائية في جميع أنحاء الأراضي اللبنانية، لكن شركات الاستيراد والبيع محدودة العدد، وتعتبر أدوات شركة "سامبسون" ووكلاؤها من آل شرفان والطويل، الأكثر مبيعا في لبنان. ويوضح وكيل الشركة أنطوان شرفان أن نسبة مبيعات سامبسون تصل إلى أربعين في المئة من مجموع الأدوات الكهربائية في السوق، بينما تصل قيمة الإستيراد السنوية إلى ستين مليون دولار، وتباع بمئة مليون دولار.وداخل لبنان، تأتي شركة "خوري هوم" في المرتبة الأولى في المبيعات، وهي تسوق جميع أنواع الماركات الكهربائية المستوردة تقريبا. وقد أصبح للشركة ثمانية فروع موزعة على المناطق اللبنانية، وقد تم دمج "شركة حكيم أخوان" معها.ويوضح مسؤول التسويق في الشركة جو قزّي أن نسبة المبيعات تصل إلى ما يقارب خمسة وأربعين في المئة من قيمة السوق. وبعد "خوري هوم"، تأتي "شركة عبد طحان" في المرتبة الثانية في نسبة المبيعات، والباقي محلات بيع صغرى.السيطرة على .. الدواءفي موضوع شركات الدواء الحصرية، يوضح رئيس جمعية مستوردي الأدوية أرمان فارس وهو رئيس مجلس إدارة لثلاث شركات استيراد للدواء، أن شركة "مرساكو" هي أكبر شركة لاستيراد الدواء في لبنان، وتملك ما يقارب العشرين في المئة من حصة السوق، فيما تملك شركتان أخريان عشرين في المئة، وتتوزع نسبة الستين في المئة الباقية، على الشركات الأخرى.ويبلغ عدد شركات الأدوية المسجلة لدى وزارة الصحة مئة شركة، بينها أربعون شركة فاعلة في السوق مسجلة لدى جمعية مستوردي الأدوية، تضاف إليها عشرون شركة فاعلة أخرى لكنها غير مسجلة في الجمعية. أما الأربعون الباقية فهي إما متوقفة عن العمل أو تبيع بكميات ضئيلة. كما يوجد عدد محدود من الشركات غير المستوردة، وإنما تملك أذونات توزيع داخل الأراضي اللبنانية.ويصل عدد الأدوية المسجلة لدى وزارة الصحة إلى ثلاثة آلاف وثلاثمئة صنف دواء، ستون في المئة منها أصلية، والأربعون في المئة الباقية "جنريك". وتقدر قيمة الاستيراد سنويا بستمئة مليون دولار، وقيمة المبيع بخمسة وسبعين مليون دولار.ويسمى الدواء عادة بالأصلي عندما يتم بيعه ضمن فترة الإمتياز لمخترعه، وتبدأ من لحظة ابتكاره كمادة أولية فاعلة إلى أن يصبح دواء صالحا للبيع وهي تستمر ما بين عشرين وبين اثنين وعشرين عاما. بعد ذلك يصبح بإمكان شركات الدواء تصنيع نسخ عنه، فيسمى دواء جنريك.احتكار الأراضي الزراعيةيؤكد وزير الزراعة حسين الحاج حسن أن خمسة في المئة من المزارعين في لبنان فقط يملكون ما يقارب 47 في المئة من الأراضي الزراعية، بينما يملك خمسون في المئة من المزارعين ثمانية في المئة من الأراضي الزراعية، ولا يمكن طبعا إعادة توزيع الملكية.وقد ألغت وزارة الزراعة، بموجب قرار أصدرته، جميع الإجازات التي تسمح لشركات أو مؤسسات محددة باستيراد مواد تدخل ضمن اختصاص وزارة الزراعة وتضم أدوية ولحوما ومنتجات الحليب من أجبان وألبان.ويوضح الحاج حسن أن ما يسمح باستيراده من الآن وصاعدا سوف يكون متوفرا لجميع الراغبين من دون حصرية، أمّا ما يمنع فسوف يمنع على الجميع، باستثناء بعض الأدوية الزراعية التي تصرّ الشركات المصنعة على توزيع وكالتها.

نوام تشومسكي

يبدو واضحاً أكثر فأكثر، أنّ العملية التي قُتل خلالها أسامة بن لادن كانت اغتيالاً مخطّطاً له، ما ينتهك على نحو متكرر القواعد الأساسية للقانون الدولي، كذلك يبدو أنّه لم يكن هناك أية محاولة للقبض على القتيل غير المسلح، كما يجب أن يفعل 80 من رجال الكوماندوس الذين لا يواجهون أيّ مقاومة تذكر، عدا زوجته، التي اندفعت نحوهم، كما يدّعون. في المجتمعات التي تدّعي بعض الاحترام للقانون، يُعتقل المتهمون ويقدَّمون أمام محكمة عادلة. أشدّد على كلمة «متّهمون». في نيسان 2002، أعلن مدير مكتب التحقيقات الفدرالية (إف. بي. آي) روبرت ميولر، للصحافة أنّه إثر أكثر تحقيقٍ مكثف في التاريخ، لا تستطيع الـ«إف. بي. آي» أن تقول إلّا أنّها «تعتقد» أنّ التخطيط للمؤامرة (هجمات 11 أيلول) حصل في أفغانستان، لكن نُفّذت عبر الإمارات العربية المتحدة وألمانيا. ما كانوا يعتقدونه في نيسان 2002، لم يكونوا، على ما يبدو، يعلمون شيئاً بشأنه قبل ثمانية أشهر حين رفضوا عروضاً مغرية (لا نعرف مدى جدية تلك العروض، وخصوصاً أنّها رُفضت مباشرةً) من طالبان بتسليم بن لادن إذا قُدّمت أدلة، عرفنا سريعاً أنّ واشنطن لا تملكها. بالتالي، كان أوباما يكذب بكل بساطة حين قال، في تصريحه في البيت الأبيض، إنّه «علمنا مباشرةً أنّ اعتداءات 11 أيلول نفّذها (تنظيم) القاعدة».

لم يُقدَّم أي دليل جدي مذّاك. هناك الكثير من الحديث عن «اعتراف» بن لادن، لكن يشبه ذلك اعترافي بأنّي ربحت ماراتون بوسطن. لقد تفاخر بما عدّه إنجازاً عظيماً. كذلك هناك الكثير من النقاشات في الإعلام بشأن غضب واشنطن من أنّ باكستان لم تسلم بن لادن، مع أنّ عناصر من الجيش والقوى الأمنية كانوا يعلمون بوجوده في أبوت آباد. الشعور المعادي للأميركيين عالٍ جداً في باكستان، ومن المرجح أن تعززه تلك الأحداث، كذلك، فإنّ القرار برمي جثة بن لادن في البحر، كما جرى التوقع، يسبّب غضباً والكثير من الشكوك على السواء، في معظم مناطق العالم الإسلامي. ربما يجب أن نسأل أنفسنا كيف يمكن أن نتصرف إذا وصلت فرقة كوماندوس عراقية إلى مجمع جورج بوش الابن، واغتالته، ثم رمت جثته في المحيط الأطلسي. بطريقة لا تثير الجدل، تتفوق جرائمه على جرائم بن لادن، وهو ليس «متهماً»، لكن، لسخرية القدر هو «المقرر» الذي أعطى الأوامر لارتكاب «الجريمة الدولية الكبرى التي تختلف عن جرائم حرب أخرى بأنّها تحتوي داخلها شر الجميع المتراكم» (اقتباس من محاكمة نورمبرغ). جريمة شنق لأجلها النازيون، ونتجت عنها مئات الألوف من القتلى، ملايين اللاجئين، تدمير البلاد، والصراع المذهبي المرير الذي انتقل اليوم من العراق إلى باقي دول المنطقة. يمكن قول المزيد عن أورلاندو بوش (مفجّر طائرة الخطوط الجوية الكوبية) الذي مات بسلام أخيراً في فلوريدا، ويمكننا الإحالة على «عقيدة بوش» التي تقول إنّ المجتمعات التي تؤوي إرهابيين، مذنبة بقدر الإرهابيين أنفسهم، ويجب التعاطي معها وفق ذلك. لا يبدو أنّ أحداً لاحظ أنّ جورج بوش، يدعو، استناداً إلى عقيدته، إلى اجتياح الولايات المتحدة وتدميرها وقتل رئيسها المجرم. الوضع مماثل في ما يتعلق بالاسم، أي عملية جيرونيمو. التفكير الإمبريالي يبدو متجذراً على نحو كبير في المجتمعات الغربية، لدرجة أنّه لا أحد يستطيع أن ينتبه إلى عملية تمجيد بن لادن عبر تشبيهه بقائد مقاوم شجاع للغزاة الدمويين. يشبه ذلك إطلاق أسماء ضحايانا على أسلحة القتل: أباتشي، توماهوك... تخيلوا لو سمّى سلاح الجو الألماني طائراته الحربية «يهودي» و«غجر». هناك الكثير مما يمكن قوله، لكن حتى أكثر الحقائق وضوحاً وجوهرية يجب أن تمنحنا الكثير لنفكر فيه. * مفكر أميركي وأستاذ فخري في قسم الألسنيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عن مجلة «غيرنيكا» الإلكترونية (ترجمة ديما شريف)

خالد صاغية

درجت في لبنان، منذ فترة غير قصيرة، موضة التغنّي بحقّ العودة. حقّ العودة للشعب الفلسطيني. وتعلّق بهذا الشعار أكثر اللبنانيّين عنصريّةً ضدّ الفلسطينيّين. وفي مخيّلة هؤلاء، لا تعني المطالبة بحق العودة حقاً أو عودةً. كلّ ما تعنيه خروج الفلسطينيّين من لبنان... ولو إلى جهنّم. وما دامت مجازر تل الزعتر وصبرا وشاتيلا لم تفِ بالغرض، فلا بأس بالعزف على أنشودة حق العودة. هكذا لم يجد بعض اللبنانيّين تعارضاً بين مناصرة هذا الحق وبين التغنّي بأمجاد قتل الفلسطينيّين إبّان الحرب الأهليّة. ولم يجدوا تناقضاً بين موقفهم من حق العودة وبين رفضهم إعطاء الفلسطينيّين في لبنان أبسط حقوقهم الإنسانيّة. لا بل يمكن القول إنّ رفع راية حق العودة، بالنسبة إلى هؤلاء، كانت تعني بالضبط منع الحقوق المدنيّة عن فلسطينيّي لبنان. نكاد اليوم نشهد واقعاً شبيهاً، لكن بالنسبة إلى الشعب السوري هذه المرّة. فيمكن القول إنّ المشهد اللبناني المنقسم بين مؤيّد للتظاهرات السوريّة ومعارض لها، هو في الواقع منقسم بين فئتين تتنافسان في عنصريّتهما ضدّ الشعب السوري. فالفئة التي هي ضدّ التظاهرات هي فئة لامبالية بالشعب وحريصة على النظام، والفئة التي هي مع التظاهرات هي فئة لامبالية بالشعب وحاقدة على النظام. الفئة الأولى مستعدّة لوضع كلّ حقوق الشعب السوري ومطالباته بالحريّة في سلّة مهملات، ما دام النظام السوري ممانعاً وداعماً لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق. والفئة الثانية لا ترى من مساوئ هذا النظام إلا سياسته تجاه لبنان، وهي لا تمانع في استبداله بنظام أكثر استبداداً إن اتّبع سياسات خارجيّة مختلفة. الساحات لم تنسَ بعد هتافات جموع هذه الفئة المعادية للسوريّين، ولم يجفّ بعد حبر الشعارات العنصريّة التي رُفعت ضدّ أبناء سوريا. طبعاً، يحمل هذا التصنيف، كأيّ تصنيف آخر، تعميماً غير منصف لكثيرين. لكنّه تعميم أقرب إلى المشهد العام. ذاك المشهد الذي مرّت عليه «العلاقات الأخويّة» ومرّت عليه «إيه ويلاّ... سوريا اطلعي برّا»، من دون أن يتغيّر أيّ شيء بالنسبة إلى العمّال السوريّين في لبنان، الذين ما زال الجميع يتنافس على حرمانهم من حقوقهم.

ملاك عقيلمؤثرة جداً كانت كلمة الرئيس نبيه بري في شكر قطر على دورها في حياكة اتفاق الدوحة. تحدث بكثير من الثقة عن «معجزة» الطائرة والفندق التي حققت ما قصّرت به بلاد الـ 10452 كلم، وعن كفكفة أمير قطر لدموع اليتامى وإغاثة المناطق المنكوبة من بنت جبيل إلى عيتا الشعب. وشهيرة جداً عبارة «الأستاذ» عن «أول الغيث قطرة... فكيف اذا كان قطر». هذا في ربيع عام 2008.«قَطر» الدوحة حتى الأشهر القليلة الماضية كان ما يزال «يحلّي» ألسنة المسؤولين اللبنانيين لكيل عبارات المديح لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ولرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم.فاضت الاقتراحات أمام «حزب الله» وحركة «أمل» حول البرنامج الأمثل للحفاوة بالضيف القطري عام 2010. رفعت على طول طريق المطار وفي الضاحية وفي كل الجنوب أعلام قطر وصور أميرها المفدى، واحتلت عبارة «شكراً قطر» الشاشات، وخاصة «المنار» و«إن بي إن» و«نيو تي في»، وعندما وصل «أمير الغاز» و«أمير الجزيرة» الى «عاصمة التحرير»، ضاقت جنبات بنت جبيل بالنسوة والأطفال الذين جيء بهم منذ ساعات الصباح الأولى حاملين صور الأمير المفدى والعلم الأحمر والأسود. نثروا الهتافات والأرز والورود على الموكب الأميري ـ الرئاسي، وأعطي حمد مفتاح عاصمة التحرير، ونحرت الخراف على شرفه وكاد البعض يأتي بالجمال، لولا أن الشيخ نبيل قاووق عوّضها في الخيام، بتلك العراضة الفولكلورية التي لن تتكرر لمسؤول عربي آخر.. إلا إذا تكرر زمن جمال عبد الناصر... وكدنا للحظة نصدق أن الأمير المقاوم سينزل عند «بوابة فاطمة» ويتجرأ على ما لم يتجرأ عليه أحمدي نجاد بإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين.حتى أن أحداً لم يزعج خاطر رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم الذي تردد أنه كان يرغب بالوصول الى مارون الراس ليشهد على بطولات المقاومين هناك من جهة، وأن يستغل المناسبة لإلقاء نظرة عبر المنظار الى منزله الاسرائيلي في تل ابيب حيث يمضي فيه إجازاته الصيفية في ايلول من كل عام.جولة الأمير في بلدات الجنوب في تموز 2010 جمعت في كادر واحد اركان الدولة و«حزب الله» و«حركة امل». ولا بأس من أن تكون فرصة للرئيس سعد الحريري بأن تطأ قدماه ارض الجنوب للمرة الأولى.وحسناً فعل السيد حسن نصرالله ما لم يجد البعض له تفسيراً، عندما تفادى أن يجتمع في «كادر» واحد بالأمير القطري. قال «السيد» للمعنيين بالبروتوكول القطري عبر «القناة الحزبية» المعنية «من غير اللائق أن يخضع أمير دولة مثل أمير قطر الذي وقف الى جانب قضيتنا في أصعب الظروف، الى الإجراءات الأمنية التي يخضع لها أي ضيف يلتقي به». هي الصدفة وربما الحنكة والحكمة التي جعلت الحزب ينأى عن ذلك اللقاء الذي يقول بعض المعنيين بالتحليل اليوم، إنه ربما كان يراد للصورة وظيفة وربما للقاء نفسه وظيفة أمنية... وفي كل الأحوال لم يكن في البد إلا ما كان ولو عاد الزمن كان «حزب الله» سيتصرف كما تصرف.. وكان «السيد» سيتصرف باللياقة نفسها.سبق ذلك استكشاف الأمير «المودرن» للضاحية في آب من عام 2006، ومن ثم تبنّيه إعادة إعمار القرى الأربع شبه المدمرة كلياً، عيتا الشعب وعيناثا وبنت جبيل والخيام. خطوته كان لها ايضاً مغزاها «الثمين» لدى «المعجبين» بصاحب الجسم المكتنز. يومها كان الغزل القطري السوري في أوجه. «أمير الاستثمارات» الآتي لتوه من دمشق ينقل دعوة الى رئيس الحكومة البتراء فؤاد السنيورة من «الأخ الصديق» الرئيس السوري بشار الأسد «لزيارة دمشق في أي وقت». أما الرسالة الثانية التي حملها فهي نفيه لقيام بلاده بدور الوساطة بين سوريا وإسرائيل!تدريجياً، سرعان ما انهت براكين المنطقة المتفجّرة شهر العسل القطري اللبناني السوري. قسم من الذين رافقوا الأمير في جولته في الضاحية والجنوب باتوا ينظرون اليوم بعين الريبة الى الدور المشبوه لإمارة المليارات والشيكات على بياض ـ الرشوة، قبل انفضاح الدور.يروي أحد الظرفاء أنه عندما طلب مؤخراً من أحد المراسلين في الجنوب صورة من وحي «المآثر القطرية» في احدى القرى الأربع، جاء الجواب أن عوامل الطبيعة والعواصف الأخيرة أطاحت بصور الأمير القطري وكل اللوحات المهللة بـ«شكراً قطر». وعندما طلبت صورة لقرميد احدى المدارس، وهو يرمز الى علم قطر، تبين أن عوامل الطبيعة قد اختارت من بين كل مباني بنت جبيل والجنوب هذا المبنى لتنزع تلك القرميدات عنه، ولا يعود هناك من أثر للمكارم القطرية.لم يكن مشهد استقبال الرئيس الأميركي باراك اوباما للأمير حمد في منتصف نيسان الجاري مهنئاً إياه على دور قطر في ترويج الديموقراطية في الشرق الاوسط سوى الخيط الأخير الذي قاد منتقدي الدوحة، الى تثبيت التهمة عليها، «بالجرم المشهود»، في حفر اسس المشروع الفتنوي في سوريا والبحرين والمشاركة في إدخال «البولدوزر» الاطلسي الى ليبيا... لترتسم شبهة المؤامرة على الكثير مما يجري في الساحات العربية منذ أربعة شهور حتى الآن.دخلت قطر الساحة اللبنانية على «جرافة» المال والإعمار وشاشة «الجزيرة»، هي الدولة الفاقدة لمظلة المرجعية وحاملة «عقدة» الجار السعودي. اكتسبت مصداقية عالية في الشارعين الإسلامي والعربي بتغطيتها السياسية والإعلامية لحرب تموز وللحرب الإسرائيلية على غزة وبأخذها بصدرها القضية الفلسطينية، وكسب ثقة ألد أعداء اسرائيل «حماس» و«حزب الله».حصّنت حقائب الدولارات التي انعشت جيوب كبار المرجعيات السياسية والحزبية، باستثناء «حزب الله»، حضور قطر، لكنها لم تمنحها «دورا» إلا من البوابة السورية ومن خلال الصداقة التي نسجها امير قطر مع الرئيس بشار الأسد. هكذا شاركت الامارة الغنية في حياكة خيوط القرار 1701 في آب 2006، من خلال تمثيلها للمجموعة العربية في مجلس الامن بشخص الشيخ حمد بن جاسم، وأدارت «اتفاق الدوحة» متطلّعة الى حجز دور متقدّم في معادلة الحل والربط في المنطقة. دور تجلّت آخر صوره في قدوم الموفدين رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو لإنعاش التسوية السورية السعودية قبل دخولها في الـ«كوما» ومن دارة السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت.واقع الأمر، أن أياً من المصفقين للدور القطري في لبنان، حتى فريق المعارضة السابقة، لم يسقط من حساباته يوماً محور المصالح الذي جمع الامارة الصغيرة مع الادارة الاميركية وإسرائيل. هذا الفريق تحديداً، كان يلمس عبر «الجزيرة»، الناطقة باسم دولة قطر، ترويجها لوجهة النظر الإسرائيلية بقدر حماسها لدعم «المقاومة»، وثمة وقائع من داخل المحطة نفسها تتحدث من دون الحاجة الى التحليل، وهي التي تأتمر بأوامر أمير قطر مباشرة وليس عبر فلان أو فلان، لكنه تصرّف على اساس اقتراب قطر من خياراته السياسية وبدء انفكاكها عن المعسكر الآخر، وليس العكس. وينقل عن مرجعية سياسية قولها «لم يكن بإمكاننا رفض الوساطة السياسية او مساعدات الإعمار طالما اننا لم نقدم اي تنازلات في المقابل، حتى مع إدراكنا للغة «البيزنس» والمصالح التي تربطها بواشنطن وتل ابيب».لم يضع هذا الفريق في الحسبان أن قطر لا تستطيع أن تتنفس الا بقرار أميركي وثمة قاعدة أميركية قيادية على أراضيها قيد التوسيع حالياً، وأن اعتباري الغاز و«الجزيرة» سقفهما ما تمليه الادارة الأميركية التي طلبت قبل سنة من جميع العاملين في مكاتبها أنه ممنوع تجاوز سقف خطاب باراك أوباما في تركيا والقاهرة، وأن مرحلة جديدة من التعاطي الأميركي مع المنطقة قد بدأت وليس بالضرورة أن تتخذ لا شكل العراق ولا أي نموذج آخر بل ثمة وسائل وآليات جديدة....في ميزان هذا الفريق ادت المقاربات المتناقضة لقطر حيال الثورات العربية وانحيازها المفضوح في تنفيذ اجندات خارجية، عبر قناة «الجزيرة»، وتأجيج مشروع الفتنة في سوريا، الى خسارة مزدوجة: فقدانها ورقة الدور المؤثر والوسيط في لبنان، دائماً من خلال دمشق، وإطلالها على القضية الفلسطينية من البوابة السورية. ثانياً خسارة رصيد المصداقية والموضوعية بعدما أدار جزء كبير من الشارع العربي ظهره لقناتها التي اخذت شعارات الحق لتبني عليها استراتيجيات الباطل.لذلك لا يشعر هذا الفريق اليوم بالخديعة «ففي الحرب وقفت قطر الى جانبنا ولم يكن بإمكاننا إلا أن نلاقيها الى نصف الطريق. اما اليوم فنتعاطى مع الموضوع بكثير من البراغماتية. فمن انقلب على والده ليحظى بالإمارة قبل 16عاماً، يستطع بسهولة ان يطعن صديقه (الأسد) في الظهر. في البداية ركبت قطر موجة المقاومة بالتزامن مع مرحلة المناكفة مع السعودية، وها هي اليوم تركب موجة الثورات انسجاماً مع مشروع الرئيس باراك اوباما للتغيير في المنطقة». هو انقلاب مباح في السياسة، لكن أثمانه عرضة للأخذ والرد.... لقد عاد القطري الى قواعده سالماً بعدما قدّم ارواق اعتماده، هذه المرة علناً امام الاميركيين، بحثاً مرة اخرى عن منصب قيادي في العالم العربي أو ربما توهم بعضهم بأن قطر تملك قابلية أن تصبح دولة كبرى.مع ذلك، تفيض قلوب بعض الناقمين على السياسة القطرية الحربائية لتطال أداء الامير نفسه الذي داوم، كما يقولون، «في استوديوهات «الجزيرة» ليشرف على رسم المخطط المطلوب في ليبيا والبحرين وسوريا. كما ان صاحب «الخلفية الوهابية» هو نفسه من دفع أثمان استضافة كأس العالم أضعافاً». هؤلاء يتكئون على وثيقة نشرتها صحيفة «يديعوت احرونوت» تبرز مجموعة الشروط التي وقعت عليها قطر لاستضافة «المونديال»، منها إقناع سوريا بالتخلي عن دعم «المنظمات الإرهابية»، ومتابعة الدعم لجنوب لبنان مما يقرّب امير قطر من «حزب الله» والسعي لكشف موقع السيد حسن نصر الله من خلال هدايا تقدّم له تساعد على تحديد مكان وجوده عبر الأقمار الصناعية، والضغط على تركيا من اجل مقاطعة سوريا، وإثارة الملف الكردي، وتفعيل دور قناة «الجزيرة» من خلال تغطيتها لملفات حساسة في كافة الدول العربية وفق مخططات تصل من مؤسسات إعلامية أميركية متخصصة بذلك، وإثارة ملفات الفساد في العالم العربي الخ...وفي قاموس من صفّق بالامس لديناميكية قطر الزائدة في التحرّر من أثقال وجود أكبر قاعدة عسكرية اميركية للقيادة والسيطرة على اراضيها، فإن هذا الدور لم تكن غايته، برأي هؤلاء، سوى إنتاج مصداقية لقطر وشاشتها الفضائية، لكي تقوم لاحقاً بوظيفتها السياسية الاستراتيجية الكبرى في ادارة الفتن في المنطقة بهذا الشكل المفضوح في الأداء وتضخيم الأحداث. يتحدث هؤلاء عن بطيختين حملتهما قطر في اللحظة السياسية نفسها: بطيخة الصداقات السياسية المثيرة للشكوك وبطيخة دعم المقاومة. وفي منطق المصالح، لا يمكن لقطر الا ان تكون مكلّفة بهذا الدور تمهيداً لمهمة اكبر وضعها العقل الاسرائيلي في الادارة الاميركية.

الأكثر قراءة