تظاهرت مجموعات من اللبنانيين خلال شهر آذار الماضي، قدر البعض أعدادهم ببضعة آلاف والبعض الآخر، في لحظة تفاؤل، بعشرات آلاف، ولهم مطلب واحد هو: «الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي». وترافقت المسيرات مع اعتصام مفتوح لعدد من الشابات والشباب أمام كل من حديقة الصنائع ووسط مدينة بيروت.وربما ينجح المحتجون في تحقيق مطلبهم، وربما يفشلون، ولكن الهدف الذي يسعون إليه هو هدف كبير وصعب التحقيق لأنه لا يعني إلغاء أو تعديل قانون واحد، واتخاذ قرار أو تدبير معين، بل يمكن أن يعني إلغاء لبنان القائم في العام 1920، وإعادة بنائه من جديد. فالطائفية والنظام الطائفي ولبنان صنوان. وفي ما يلي، عرض لنشوء النظام الطائفي وأعداد الطوائف والمكامن الأساسية للنظام الطائفي. نشوء النظام الطائفي منذ إنشاء كيان جبل لبنان في القرن السادس عشر والطائفية هي الركن الأساسي، ففي العام 1516 بدأت الأسرة المعنية (درزية) بتحقيق زعامتها عبر استقلال نسبي عن السلطنة العثمانية التي كانت تسيطر على الشرق ومناطق كثيرة في العالم. ومن بعدها في العام 1697 انتقل الحكم إلى الشهابيين الذي استمروا حتى العام 1842. وفي تلك المرحلة استخدمت الدول الكبرى، لا سيما العثمانية والبريطانية والفرنسية، كلا من الطائفتين الأساسيتين المارونية والدرزية في صراعاتهما. ونتيجة تلك الصراعات تم في العام 1843 تقسيم جبل لبنان، والذي كانت مساحته نحو 5400 كيلومتر مربع، إلى منطقتين أو ما أطلق عليه قائمقاميتين:÷ قائمقامية شمالية للمسيحيين يحكمها حاكم مسيحي ويبلغ عدد سكانها 74,700، نسمة يتوزعون: 56,580 مارونياً، 10,150 درزياً، 6,720 كاثوليكياً، 1,250 ارثوذكسياً.÷ قائمقامية جنوبية للدروز يحكمها حاكم درزي ويبلغ عدد سكانها 63,590 نسمة يتوزعون: 25,450 درزياً، 17,350 مارونياًً، 15,590 كاثوليكياً، 5,200 ارثوذكسياً.لم يكن هذا التقسيم حلا بل كان سبباً للحروب والنزاعات خاصة في ظل تنوع التركيبة الطائفية في كل قائمقامية والتدخلات الخارجية. وبلغت الحروب ذروتها في العام 1860، وبغية وضع حد للحرب تم إلغاء نظام القائمقاميتين وإنشاء نظام آخر هو نظام المتصرفية الذي قلص إلى مساحة إلى 3500 كيلومتر مربع. كما قضى باعتماد لبنان ولاية واحدة يحكمها متصرف مسيحي يعينه السلطان العثماني، ويعاون المتصرف مجلس إدارة من 12 عضواً يمثلون الطوائف المكونة للمتصرفية (4 موارنة، 3 دروز، 3 روم كاثوليك، 1 مسلم سني، 1 مسلم شيعي) كما ادخل هذا النظام الطائفية في القضاء والمحاكم بحيث كرس مبدأ الطائفية في الانتخابات والتعيينات وفي القضاء ايضاً. دولة لبنان الكبير بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في العام 1918 وهزيمة الدولة العثمانية، تم وضع لبنان تحت انتداب فرنسا. وفي الأول من شهر أيلول (سبتمبر) 1920 أعلن المندوب السامي الفرنسي الذي كان يحكم لبنان آنذاك، الجنرال غورو، ولادة دولة لبنان الكبير بعد مخاض عسير حول حدود الدولة التي باتت ما هي عليه حاليا من حيث التركيبة السكانية والطائفية، والمساحة، أي نحو 10,500 كيلومتر مربع.كان مشهد الإعلان طائفياً ومؤشراً على هوية الكيان الجديد، سواء بحضور البطريرك الماروني والمفتي المسلم أو بالكلمة التي ألقاها الجنرال الفرنسي، والتي جاء فيها «... أمام الشعب الذي يجمع سائر الأديان التي يظللها جبل لبنان، هذه الأديان التي كانت بالأمس متجاورة وصارت اليوم متحدة ضمن وطن قوي بماضيه عظيم بمستقبله... وفي حضور السلطات اللبنانية، أبناء أهم العائلات العريقة، الزعماء والروحيين من مختلف الطوائف والأديان وعلى رأسهم جميعاً أحيي بفائق الاحترام البطريرك الكبير للبنان (حويك) الذي نزل من جبله لهذا اليوم المجيد..»ووضع دستور الدولة في 23 أيار 1926 مكرساً الطائفية وانتماء المواطن إلى طائفة وليس إلى وطن من خلال نصوص المواد الدستورية. نظام الطوائف إبان الانتداب الفرنسي، قام الحاكم الفرنسي دي مارتيل بإصدار القرار الرقم 60 تاريخ 13 آذار 1936 الذي اعترف بوجود الطوائف وكرس وجودها بشكل قانوني وهذه الطوائف هي:الطوائف المسيحية وعددها 12 طائفة وتضم: الموارنة، الروم الأرثوذكس، الروم الكاثوليك، الأرمن الأرثوذكس، الأرمن الكاثوليك، السريان الأرثوذكس، السريان الكاثوليك، الأشوريين الأرثوذكس، الكلدان، اللاتين، الإنجيليين (اعترف بهم في العام 1951)، والأقباط الأرثوذكس (وقد تم الإعتراف بهذه الطائفة في تموز من العام 1966).الطوائف الإسلامية وعددها 5 طوائف وتضم: السنة، الشيعة، الدروز، العلويين، والإسماعيليين.الإسرائيليون. الطائفية في الدستور يتضمن الدستور اللبناني العديد من المواد التي تكرس النظام الطائفي وتميّز بين اللبنانيين على أساس طائفي وهذه المواد هي: المادة التاسعة حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على ألا يكون في ذلك إخلال في النظام العام وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية. المادة العاشرة التعليم حر ما لم يخل بالنظام العام أو يناف الآداب أو يتعرض لكرامة احد الأديان أو المذاهب. ولا يمكن أن تمس حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها الخاصة، على أن تسير في ذلك وفاقاً للأنظمة العامة التي تصدرها الدولة في شأن المعارف العمومية.المادة التاسعة عشرة (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990).ينشأ مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية. يعود حق مراجعة هذا المجلس في ما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء او إلى عشرة أعضاء من مجلس النواب،والى رؤساء الطوائف المعترف بها قانوناً في ما يتعلق حصراً بالأحوال الشخصية، وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التعليم الديني.المادة الثانية والعشرون (الملغاة بموجب القانون الدستوري الصادر في 17 ـ 10 ـ 1927 والمنشأة بموجب القانون الدستوري الصادر في 21 ـ 9 ـ 1990).مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية.المادة الرابعة العشرون (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17 - 10 - 1927 وبالقرار 129 تاريخ 18 - 3 - 1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21 - 1 - 1947 وبالقانون الدستوري الصادر في 21 - 9 - 1990)يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفاقاً لقوانين الانتخاب المرعية الإجراء والى ان يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية:أ ـ بالتساوي بين المسيحيين والمسلمينب ـ نسبياً بين طوائف كل من الفئتينج - نسبياً بين المناطقوبصورة استثنائية، ولمرة واحدة، تملأ بالتعيين دفعة واحدة وبأكثرية الثلثين من قبل حكومة الوفاق الوطني، المقاعد النيابية الشاغرة بتاريخ نشر هذا القانون والمقاعد التي تستحدث في قانون الانتخاب، تطبيقاً للتساوي بين المسيحيين والمسلمين، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني. ويحدد قانون الانتخاب دقائق تطبيق هذه المادة.المادة الخامسة والتسعون (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 9 - 11 - 1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21 - 9 - 1990).... وفي المرحلة الانتقالية:أ- تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.ب-تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وقي ما يعادل الفئة الأولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أي وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة. الدولة تمول النظام الطائفي أ- أنظمة الأحوال الشخصية وتمويل المحاكم الروحيةلا يخضع اللبنانيون لنظام موحد للأحوال الشخصية بل لكل طائفة من طوائفه نظام الأحوال الشخصية الخاص بها يخضع له أتباعها (يمكنهم تبديل مذهبهم والانتقال إلى مذهب آخر وإتباع إحكامه) وتقوم الدولة برعاية عمل هذه المحاكم من تمويل وتجهيز والسهر على تنفيذ إحكامها من خلال المؤسسات الحكومية من مدنية وعسكرية وترصد الحكومة في الموازنة العامة نفقات هذه المحاكم، وتبعاً لأرقام مشروع قانون موازنة العام 2010 فقد بلغت هذه النفقات نحو 14.7 مليار ليرة موزعة كما يلي:÷ المحاكم الشرعية السنية: 4,302 مليون ليرة÷ المحاكم الشرعية الجعفرية: 4,450 مليون ليرة÷ المحاكم المذهبية الدرزية: 1,200 مليون ليرة÷ المحاكم الروحية المسيحية 4,740 مليون ليرة.ب ـ تمويل الهيئات الروحية الإسلاميةتخصص الدولة ضمن الموازنة العامة سنوياً اعتمادات كنفقات للسلطات الدينية الإسلامية في حين لا تخصص أي مخصصات للسلطات الدينية المسيحية وهذا يشكل من جهة دعماً للنظام الطائفي ومن جهة أخرى خلالاً وعدم توازن إذ ان المواطن اللبناني المسيحي سيدفع ضرائب ورسوم لتمويل أشغال ونفقات مؤسسات دينية تختلف عن ديانتها. وقد وصلت الأموال المخصصة لتمويل هذه الهيئات إلى نحو 4.9 مليارات ليرة تبعاً لمشروع قانون موازنة العام 2010 موزعة كما يلي:÷ دوائر الإفتاء: 1,464 مليون ليرة÷ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: 888 مليون ليرة÷ الإفتاء الجعفري: 1,420 مليون ليرة÷ مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز: 358 مليون ليرة.÷ المجلس الإسلامي العلوي: 782 مليون ليرةج- تمويل المدارس الخاصة المجانيةإلى جانب المدارس الرسمية التي تمولها الدولة والمدارس الخاصة غير المجانية التي يمولها أهالي الطلاب، هناك المدارس الخاصة المجانية التي تحصل على مساهمة من الأهالي ومساهمة من الدولة.هذه المدارس هي مدارس خاصة ابتدائية خارجية لا تشمل مرحلة الروضة ولا المرحلة المتوسطة وما بعدها (أي من الأول أساسي وحتى السادس أساسي) وهي على نوعان:÷ مدارس مرخص بها لهيئات دينية أو لمؤسسات أو لجمعيات معترف بها قانونياً ومن أهدافها نشر العلم على ان لا تتوخى الربح.÷ مدارس مرخص بها لأفراد وقدم طلب الترخيص بها قبل الأول من تشرين الأول 1964واستناداً إلى دليل المدارس الصادر عن المركز التربوي للبحوث والإنماء يبلغ عدد هذه المدارس 369 مدرسة تضم 126,812 طالباً منها 289 مدرسة ملك لمؤسسات دينية.وتتقاضى كل مدرسة مساهمة من الدولة عن كل تلميذ مسجل لديها مقدارها %135 - 160 % من الحد الأدنى للأجور أي 675 ألف-800 ألف ليرة. وقد بلغت مساهمة الدولة في نفقات هذه المدارس (الخاصة المجانية التابعة لهيئات دينية) نحو 37-40 مليار ليرة سنوياً، كما تتقاضى مساهمة من الأهالي حدها الأقصى 150 في المئة من الحد الأدنى للأجور (أي 750 ألف ليرة).د- إعفاء الطوائف من الضرائب والرسومصدر القانون الرقم 210 تاريخ 26 أيار 2000 والذي نص «على إعفاء كل طائفة معترف بها قانوناً وكل شخص معنوي ينتمي إليها بحكم القانون، قبل صدور هذا القانون، من جميع الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم والعلاوات التي تستفيد منها قانوناً المؤسسات العامة». أي اعتبر القانون المؤسسات التابعة للطوائف بمثابة المؤسسات الحكومية.هـ- تعاقد الوزارات مع الجمعيات الاجتماعية الدينيةتتعاقد سنوياً كل من وزارة الصحة العامة ووزارة الشؤون الاجتماعية مع العشرات من الجمعيات والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية التي تعمل في مجال الخدمة الاجتماعية (كمستشفيات، مأوى عجزة، مستوصفات، توزيع أدوية، رعاية أيتام ومعاقين) بحيث تحل هذه المؤسسات مكان الدولة، ويستفيد المواطن من خدماتها فتشده إلى الانتماء الطائفي للاستفادة منها لكن الدولة هي الممول الفعلي لتقديماتها.وتقدر المبالغ التي تستفيد منها هذه المؤسسات بنحو 175 - 200 مليار ليرة سنوياً.و ـ الجمعيات ذات المنفعة العامةتصدر عن مجلس الوزراء مراسيم تعتبر بعض الجمعيات، ومعظمها تابع لمؤسسات دينية، جمعيات ذات منفعة عامة ما يمكن هذه الجمعيات من الاستفادة من العديد من المنافع والمزايا المحددة بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 87 تاريخ 30 - 6 - 1977 وتعديلاته. ومن هذه المنافع والمزايا:÷ الاستفادة من المساعدات والإعانات التي تمنحها الدولة والبلديات والمؤسسات العامة÷ الإعفاءات المقررة للمؤسسات العامة من الضرائب والرسوم.÷ تعتبر الهبات والمساعدات التي تقدمها للمؤسسات ذات المنفعة العامة، المؤسسات والأفراد الخاضعون لضريبة الدخل، كأعباء قابلة للتنزيل من الربح الخاضع لضريبة الدخل.÷ لا تخضع الهبات التي تقدم للمؤسسات ذات المنفعة العامة والوصايا المحرر لمصلحتها لرسم الانتقال أو لأي ضريبة أو رسم آخر بما فيها الرسوم البلدية.ح- تمويل النظام الاقتصادي المقنّع طائفياً من الداخل والخارجتحت ستار الطائفية وهواجسها، تم إنشاء نظام اقتصادي ازداد تعقيداً مع الزمن وبلغ ذروته خلال الحرب الأهلية بلعبة الدم والدمار وازداد تعقيداً ومتانة بعد الطائف. فجاءت المجالس، من مجلس الجنوب إلى مجلس الإنماء والإعمار، إلى صندوق المهجرين تجسيداً لهذه الحالة. ومثلها، ما يسمى الدعم الحالي لهذه الزراعة أو تلك الصناعة بشكل مباشر أو عبر حوافز معينة إضافة إلى مسألة التوظيف والترقية، ليس فقط في القطاع العام، بل وفي القطاع الخاص والجامعات. وهكذا، توجد مستشفيات وجامعات ومصارف وتيارات سياسية ممولة من المجتمع حاملة شعار الطائفة لكنها في الواقع شبكة من المصالح الاقتصادية لأفراد وشخصيات وشركات محدودة، تلجأ حين تهدد مصالحها إلى «الطائفة»، لتحمي كيانها الحالي. وتزداد الأمور تعقيداً بسبب التدخل الخارجي عبر الضغوطات السياسية والعسكرية والتدفقات المالية. محاولات وتمنيات ربما يكون من المفيد للشباب الناشط والمنادي «بإسقاط النظام الطائفي»، أن يعود لتاريخ بلاده فيستوحي ويستفيد من نساء ورجال وأحزاب حاولوا مثلهم.وكانت هناك محاولات عدة، أهلية وسياسية ورسمية، لإلغاء الطائفية ومعظمها تمحور حول قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية والبعض توسع وقدم اقتراحات تتناول قانون الانتخابات النيابية وشطب ذكر المذهب في القيود ولكن القاسم المشترك بين هذه المحاولات جميعها هو الفشل وعدم الوصول إلى غايتها ما عدا تحريكها لقسم من الرأي العام لفترة وجيزة من الوقت.فمن احمد فارس الشدياق في القرن التاسع عشر إلى أنطون سعاده والحزب الشيوعي اللبناني وجبران خليل جبران في أوائل القرن العشرين إلى غريغوار حداد وليندا مطر مروراً بالجبهة الاشتراكية والتي نادت بزعامة كمال جنبلاط وكميل شمعون والحزب السوري القومي الاجتماعي وغيرهم «بنظام مدني للأحوال الشخصية» وذلك في العام 1951، استمر النظام الطائفي الاقتصادي بالتجذر واستمر الكلام عن تغييره.ومن ابرز تلك المحاولات:1 ـ أقدم «المندوب السامي الفرنسي» موريس سراي في شهر كانون الثاني 1925 على حل المجلس التمثيلي وقرر اعتماد العلمنة بغية كسر نفوذ رجال الدين واعتماد قانون جديد للانتخابات يلغي توزيع المقاعد وفقاً للتركيبة الطائفية. وصدر مشروع القرار خلال آذار 1925 وكانت ردات فعل عديدة عليه. وأقصى الانتقادات للمشروع جاءت من البطريركية المارونية، وتعرض سراي لضغوط من حكومته أرغمته في حزيران 1925 التراجع عن قراره والعودة إلى نظام الانتخابات الطائفي. وترك سراي مهامه كمفوض سامي في تشرين الثاني 1925 من دون ان يحقق رغبته.2 - إبان اندلاع الحرب اللبنانية التي استعر خلالها نيران الطائفية، عمدت مجموعات من اللبنانيين في العام 1976 إلى شطب المذهب عن بطاقات هويتهم. وكان ذلك تعبيراً عن رفض للنظام الطائفي من دون أن يتكرس هذا الشطب بصورة قانونية.3 - يقول رئيس الجمهورية السابق المرحوم الياس الهراوي في كتابه عودة الجمهورية من الدويلات إلى الدولة التالي: « إلغاء الطائفية في لبنان حلم راودني منذ شبابي وزاد اقتناعي بأهميته عندما بدأت أتعاطى الشأن العام، ولمست كم الطائفية تحول دون إمكان بناء دولة حديثة على الكفاية والنزاهة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الوطن وكون تحقيق الحلم دفعة واحدة من المستحيلات في بلد كلبنان جعلني أتساءل لماذا لا يكون الزواج المدني مقدمة لإلغاء الطائفية في المستقبل».وقدم الرئيس الهرواي إلى جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 5 شباط 1998 (أي قبل نحو 9 أشهر من انتهاء ولايته في 24 تشرين الثاني 1998) مشروع قانون اختياري للأحوال الشخصية.ويورد الرئيس الهراوي في كتابه المذكور: في الثامن عشر من آذار 1998 وفي أجواء متشنجة عقد مجلس الوزراء جلسة تميزت بصخبها نظراً إلى الجدل الذي قام بيني وبين رئيس الحكومة (رفيق الحريري) الذي حاول دون جدوى إقناعي بتأجيل طرح مشروع القانون ...»وقد نال المشروع موافقة 21 وزيراً وعارضه الرئيس الحريري وخمسة وزراء وامتنع الوزير سليمان فرنجية عن التصويت معتبراً ان توقيته غير ملائم، وتغيب عن الجلسة وزيران وليد جنبلاط واغوب دميرجيان لكن الرئيس الحريري رفض توقيع مرسوم إحالة المشروع على مجلس النواب، وحصلت تحركات شعبية ضد المشروع .. وكان الاعتراض لدى الطوائف المسيحية اقل عنفاً مما كان لدى الطوائف الإسلامية ..»قد تكون المظاهرات إحدى الوسائل لإسقاط النظام الطائفي لكن يجب على المتظاهرين وكل من يطالب بإسقاط هذا النظام أن يدرك مدى تجذره وانخراطه في الدولة بل وخدمة الدولة له والعمل على رعايته وتمويله ليحل مكانها في العديد من المواقع في حياة الناس. فتعديل «المواد الطائفية» من الدستور، وإلغاء نظام الأحوال الشخصية واعتماد نظام موحد، ووقف تمويل الجمعيات الاجتماعية الدينية وإعادة الأمر إلى الدولة وإلغاء القوانين التي ترعى الحالة الطائفية سواء في التعيينات القضائية أو في الانتخابات كلها مقدمات أساسية لإلغاء النظام الطائفي والتأسيس لما درجنا على تسميته «إلغاء الطائفية من النفوس». أعداد اللبنانيين تبعاً للطائفة يبلغ عدد اللبنانيين المسجلين (مقيمين ومهاجرين) نحو 4.8 ملايين نسمة، 34.8 % منهم مسيحيون و65.1 % مسلمون و0.08 % إسرائيليون.ويتوزعون كما يلي:- موارنة:927 ألفاً- روم أرثوذكس: 324 ألفاً- روم كاثوليك: 210 آلاف- أرمن أرثوذكس: 108 آلاف- أرمن كاثوليك: 24 ألفاً- إنجيليون: 22 ألفاً- سريان أرثوذكس: 20 ألفاً- سريان كاثوليك: 13 ألفاً- لاتين: 15 ألفاً- كلدان: 4 آلاف- أقباط: 180- سنة: 1.41 مليون- شيعة: 1.41 مليون- دروز: 263 ألفاً- علويون: 43 ألفاً- إسرائيليون: 4 آلافملاحظة: هذه أرقام غير رسمية لأنّ الإحصاء الأول الوحيد الرسمي جرى في العام 1932.