نهاية رجل أعمال

خالد صاغية

رامي مخلوف، بالتأكيد، ليس أوّل رجل أعمال ينتقل من الأعمال الاحتكاريّة إلى الأعمال الخيريّة. لكنّنا قد نكون أمام أوّل انتفاضة سياسيّة تؤدّي إلى تنحّي... رجل أعمال. فمخلوف، بخلاف أحمد عزّ مثلاً، لا يملك منصباً رسمياً. لكنّه الذراع الاقتصاديّة لنظام كان قد أخبرنا مخلوف نفسه، في مقابلة مع «نيويورك تايمز»، أنّه لن يضحّي بأيّ من أركانه. ذلك أنّ سقوط أيّ «منّا»، سيؤدّي إلى سقوطـ«نا» جميعاً، قال مخلوف. يومها، كان يشنّ، ربّما، هجوماً استباقيّاً منعاً لتقديمه كبش محرقة على مذبح الانتفاضة. ولعلّ نقمة الشارع على مخلوف، وتضحية النظام به، تثبتان ترابط مطلبَيْ الخبز والحرية في العالم العربيّ اليوم. وهذه سمة غير خاصّة بسوريا وحدها. فالقبضة الحديديّة ارتبطت بشكل محدّد من النهب المنظّم في البلدان العربيّة، اتّخذ شكل الاستيلاء على أراضٍ عامّة وخاصّة وتحويلها إلى مشاريع استثماريّة، ومراكمة ثروات ناجمة من ريوع الاحتكارات التي غالباً ما يحتكرها شخص أو مجموعة لا يتخطّى أفرادها عدد أصابع اليدين. ومن لا يحتكر مباشرة، يمنع قيام أيّ مشاريع لا يدخل أركان النظام شركاء فيها. رامي مخلوف كان الرمز السوريّ لاحتكار السلطة والمال. لكن، من المفيد التذكير بأنّه كان رمزاً وحسب. أيّ أنّ المشكلة ليست مشكلة حوت اقتصادي اسمه رامي مخلوف، بل مشكلة احتكار مراكمة الثروات، تماماً كاحتكار المشاركة في السلطة. لذلك، تبقى خطوة تنحّي مخلوف من دون أيّ معنى إصلاحيّ، ما لم تُرفَق بآليّات مشاركة اقتصاديّة وسياسيّة تمنع استبدال مخلوف باسم آخر أو بمجموعة صغيرة من رجال الأعمال الآخرين، المرتبطين هم أيضاً بعلاقات سفاح مع السلطة. كثيرون من رجال الأعمال يستغلّون العمّال قبل الظهر، ويتبرّعون للجمعيّات الخيريّة عند المساء. إنّها الطريقة الوحيدة كي يطهّروا آثامهم، ويتخلّصوا من عقدة الذنب. من المفيد التذكير أيضاً أنّ رامي مخلوف ليس واحداً من هؤلاء. لم يتنحَّ لينشد خلاصاً روحيّاً. تنحّى تحت ضغط الشارع الذي يطالب بتغيير جذريّ في سوريا. تنحّي مخلوف هو بداية هذا التغيير، وليس نهايته.

الأكثر قراءة