فواز طرابلسي
عندما تُجمع قوى رئيسية لجماعة طائفية على موقف معيّن يجب تناوله بما يستحق من الجد والحذر والمسؤولية. هذا هو حال الموقف الذي تلتقي عليه الآن أكثرية القوى المسيحية السياسية الفاعلة، مدنية ودينية، بصدد مشروع تصحيح وضع حقوق الفلسطينيين. تخيّم على النقاش ثلاثة هواجس قديمة ـ حديثة: فزاعة المؤامرة لفرض توطين الفلسطينيين، مقولة الغريب الذي يسرق اللقمة من فم اللبناني، وخواف الإغراق الطوائفي. لا بد بادئ ذي بدء من تنقية النقاش من بعض الزوائد. لنطرح جانباً المزايدة المنافقة على الفلسطينيين من حيث الحرص على عودتهم إلى وطنهم أكثر منهم. فهي تنتمي إلى مضمار القحة والعيب ومعها القذف العنصري المستورد من زمن الحرب ولغته. الخوف الأكبر هو تحوّل الفلسطينيين «من لاجئين إلى مقيمين دائمين». والافتراض أن تمتع سكان المخيمات بالحد الأدنى من شروط الحياة الإنسانية اللائقة، من حيث السكن والمياه الجارية والعناية الصحية، ونيل حق تملّك الفلسطينيين شقة سكنية واحدة وتوريثها، وحق العمل وضماناته، من شأنه أن يشلّ رغبتهم في العودة إلى وطنهم. ما يبدّد الهاجس هو المقارنة البسيطة. زار الجنرال عون دمشق مؤخراً ولسنا نحسب أنه سمع من محاوريه، ولا هو شاهد بأم العين ما يدل على أن فلسطينيي سوريا أقل تمسكاً بحق العودة من فلسطينيي لبنان على ما يتمتعون به من حقوق من الوظيفة العامة وصولاً إلى حقوق العمل والتملّك. أي عبء اقتصادي يستتبعه حق العمل والتملّك؟ لا كلفة على الخزينة جراء حق التملّك. بل العكس صحيح. هنا يصح اتهام حزب الكتائب لفؤاد السنيورة، الذي يحاوره حول هذا الموضوع باسم تيار «المستقبل»، بأنه يروّج لحق التملّك للفلسطينيين ليجني عائدات ضريبية إضافية للخزينة ومن أجل تحريك السوق العقارية. عجباً له من اتهام لحزب يدعي أنه من أشد أنصار بناء الدولة ومن المتطرفين في الدفاع عن «الاقتصاد الحر». حقوق العمل والضمانات تثير قضية المنافسة بين العمالة الفلسطينية والعمالة اللبنانية. المقترح هنا هو منح الفلسطينيين الحق في إجازة عمل أسوة بسائر المواطنين العرب. وللتذكير إن إجازات العمل الممنوحة للفلسطينيين لا تتجاوز 236 من أصل 136 ألف إجازة عمل ممنوحة لعمال غير لبنانيين متفرقي الجنسيات. يعيش نصف فلسطينيي لبنان في المخيمات. وهذه مصدر الأيدي العاملة المرشحة للعمل في البناء والحرف والزراعة والصناعة والخدمات؟ فهل أن هؤلاء يهددون بـ«سلب اللقمة من فم اللبنانيين» ولا يسلبها مئات الألوف من جيش العمالة الوافدة السورية والعربية والآسيوية الرخيصة وعديمة التنظيم النقابي والضمانات؟ المفارقة المأسوية هنا أن معارضي حق العمل للفلسطينيين ليسوا معروفين، لا هم ولا زملاؤهم في الطبقة الحاكمة، بمناشدة أرباب العمل اللبنانيين إعطاء الأولوية لليد العاملة اللبنانية ولا هم معنيون كثيراً بتطبيق القوانين اللبنانية التي تحدد شروط استخدام غير اللبنانيين. أما إذا كان الأمر يمس مصالح المهن الحرة، من أبناء الطبقات الوسطى، فمطلوب الإفصاح عن ذلك جهاراً نهاراً وتناول الموضوع عينياً. واعتماد التخصيص بدلاً من التعميم. علماً أن أعداداً لا بأس بها من أبناء المهن الحرة من الفلسطينيين يمارسون العمل بإجازات أو بدونها. لا يمكن الانتقال إلى موضوع آخر من دون التشديد على الفارق بين نيل الفلسطينيين حق العمل وبين تحصيلهم العمل. لعلهم عند نيلهم ذلك الحق سوف يكتشفون أن البطالة وتقلّص فرص العمل لا علاقة لهما بالقوانين، إنما هما، نتاج للتركيب البنيوي لنظام اقتصادي ريعي قائم على تهجير القسم الأكبر من شبابه وخريجيه للعمل خارج البلاد. أكانوا فلسطينيين أم لبنانيين. إن خواف الطغيان موضوع جدي. ومع أن الجميع يقرّ ويعترف بأن اللبنانيين والفلسطينيين مجمعون على رفض توطين الفلسطينيين في لبنان، لا يبدو أن المشكلة تقف عند هذا الحد. ثمة من يستبق الأمور، بل يشطح شطحاً، إلى موعد توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلية ـ اللبنانية فيدعو إلى رفض لبنان توقيعها إلا بعد حل موضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين. كان يمكن أن نقول هنا «عندما نصل إليها نصلي عليها» ولكن، لا. توارد الهواجس لا ينتهي. ماذا لو فشل لبنان في فرض حق العودة وكان عليه إبقاء نصف مليون فلسطيني على أرضه. نعم. ماذا لو؟ مَن يتضرر؟ التوازن الطائفي. وما شأن التوازن الطوائفي ما دام هؤلاء المقيمون ـ «مؤقتين» أم «دائمين» ـ مندمجين، مثلما هم الآن، في المجتمع اللبناني مع بقائهم خارج أطر الجنسية والمواطنة والنظام السياسي؟ يختل التوازن الطائفي بين مسلمين ومسيحيين. وهل هو متوازن حالياً حيث يبلغ المسيحيون لا أكثر من ثلث عدد السكان مع أن الحقوق السياسية للجماعات محتسبة على قاعدة المناصفة لا على القاعدة العددية؟ لا يبقى لأصحاب فزاعة «رفض تحوّل اللاجئين إلى مقيمين دائمين» إلا علاج واحد هو العلاج المكبوت واللامسمّى: التهجير. دعا إليه البعض في مسميات مختلفة. في كل الأحوال، الخوافات والفزاعات من عدة الشغل السياسية، خاصة عندما تفقد أي رؤية أو مشروع أو برنامج أو حتى القدرة على الفعل. فتصير وسائل تهييج وتعبئة وتعويض وحرف للأنظار. أي أنها تصير وسائل لتبييض الإفلاسات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخصوصاً الإفلاسات في المخيّلة.
موقعه أتاح للإسرائيليين قاعدة معلومات لاسيما في تموز 2006
اعترافات موقوف «ألفا»: 14 عاماً مع «الموساد» مصادرة أجهزة ووثائق ... وخبراء يعملون على «نبش الكنز الثمين» ... كأن اللبنانيين لم يكفهم انكشاف أمنهم الاجتماعي والغذائي والاقتصادي والمالي، حتى يأتيهم الانكشاف الأمني، وهو الأخطر، فيجعل كل واحد منهم في دائرة الخطر، فكيف اذا كان الانكشاف أمام الإسرائيليين من خلال شبكات تجسس فيزيائية أو فنية.. تتيح للعدو أن يدخل الى معظم بيوت اللبنانيين ويراقب همســاتهم ويحدد أماكنهم وتنقلاتهم ويعطل اتصالاتهم أو يبرمجها؟ مع توقيف العميل (شربل ق.)، يتبين أن الإسرائيليين لم ولن يوقفوا «استثماراتهم»، لا على صعيد تجنيد العملاء والشبكات ولا من خلال تركيزهم، خاصة بعد التحرير في العام ألفين، على قطاع الاتصالات الحيوي جداً، وهو الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة حول حجم العملاء المزروعين في هذا القطاع، سواء في الشركات الخاصة أو حتى في بعض المؤسسات الرسمية، في الشبكة الخلوية أم في الشبكة الثابتة؟ يطرح هذا الموضوع، أيضاً، اسئلة كبيرة حول اشخاص آخرين أوقفوا وكانوا يتاجرون بالخطوط أو حول قضية فتحت وسرعان ما أقفلت وهي قضية محطة الباروك التي كان الإسرائيليون من خلالها يتحكمون بـ«داتا» المعلومات في قطاع الانترنت. أيضاً يصبح السؤال مشروعاً حول حقيقة الدور الذي لعبته المديرة التنفيذية لشركة «الفا» الهولندية انيكي بوتر التي تمكنت من الفرار من لبنان في نهاية عام 2007 قبل ساعات من تنفيذ أمر إلقاء القبض عليها... في التفاصيل، أظهرت الاعترافات الأولية للموظف في شركة «ألفا» شربل ق. ليس تعامله مع «الموساد» الإسرائيلي وحسب، بل فداحة الأعمال التي قام بها طيلة 14 سنة من التعامل مع الإسرائيليين، من خلال وظيفته في قطاع الاتصالات، سواء في الشركة التي كان يعمل فيها حتى لحظة توقيفه مساء يوم الخميس الماضي أو قبلها في وزارة الاتصالات، وهو الأمر الذي جعل مراجع أمنية لبنانية تؤكد لـ«السفير» أننا أمام أكثر من صيد ثمين لا بل نحن أمام كنز ثمين جداً من حيث الخدمات والمعلومات التي كان يقدمها طوال هذه السنوات للإسرائيليين. وفي التفاصيل، أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وبناءً على معلومات أولية تقاطعت من غير مصدر، تمكنت من تحقيق إنجاز أمني من خلال رصدها المدعو شربل ق. وهو من مواليد عام 1954 علمان ـ الشوف، وعندما باتت تملك أدلة حول تعامله، قررت بالتنسيق مع قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، ومع النيابة العامة، توقيفه، حيث سارع الى الاعتراف بتعامله مع «الموساد» الإسرائيلي منذ العام 1996. وعلى الفور، أعطت النيابة العامة إذنا لمديرية المخابرات في الجيش بمداهمة مبنى شركة «الفا» في الشيفروليه في فرن الشباك صباح يوم الجمعة الماضي، وتمت مصادرة جهاز الكومبيوتر الذي كان شربل يستخدمه، كما تمت مصادرة وثائق من سيارته ومكتبه، بالإضافة الى وسائل للاتصال يجري فحصها حالياً من قبل فنيين في الجيش اللبناني. وقد أظهرت التحقيقات الأولية مع شربل أنه ومن خلال موقعه الحساس جداً في شركة «ألفا» مكّن العدو الاسرائيلي من الدخول الى شبكة الاتصالات الخلوية والتنصت ورصد أشخاص، وهو الأمر الذي جعله يقدم خلال «حرب تموز» 2006 خدمات لا توصف للإسرائيليين، كونه كان يستطيع تحديد مكان وجود أي شخص حامل لخط «ألفا» على كل الأراضي اللبنانية وكذلك الوصول الى الأسماء والأرقام والعناوين والسيَر الشخصية الخ... فضلاً عما كان يتيحه له تحكمه الفني بالإرسال والترددات من تقديمه. ما هو الموقع الذي كان يشغله شربل في «ألفا»؟ يقول موظفون في الشركة إن شربل كان مسؤولاً عن قسم الـ«بي تي اس» (BTS)، وهو القسم الذي تمر به المرحلة الأولى من كل الاتصالات عبر هذه الشركة، ومنه يمكن التحكم بأكثر من 650 محطة إرسال تابعة للشركة المذكورة في جميع المناطق اللبنانية، كونه هو القاعدة التي تتولى توصيلهم ببعضهم البعض، ويستطيع من خلال عمله أن يحدد موقع أي خط على هذه الشبكة، ليس في منطقة وحسب بل في أضيق نطاق ممكن (مجمع سكني)، وكان يستطيع أن يعرف من أي «ريليه» يأخذ الخط نفسه الإرسال، ذلك أنه كلما تحرك حامل الخط من منطقة الى أخرى تتغير المحطة التي تؤمن له الإرسال، حتى ولو لم يكن يجري محادثة. وقد أظهرت التحقيقات الأولية مع شربل أن الإسرائيلي كلفه بزرع أجهزة فنية في كل المحطات التابعة للشركة، ومن خلالها أمكن تزويد الإسرائيليين بالترددات التي تعمل عليها المحطات المذكورة، الأمر الذي يجعل الاسرائيلي قادراً على التحكم بكل مسار عملية الاتصالات الخلوية في الشركة المذكورة، لا بل «يمكن القول إن «الموساد» الإسرائيلي أصبح له شبه سيطرة فنية على شركة «ألفا» بفضل شربل والأدوار الفنية التي كان يقوم بها ضمن «مسرح عمله الفضفاض» على حد تعبير مصادر أمنية لبنانية. ويحاول المحققون الوصول الى معرفة من هم شركاء شربل في هذه العملية، ذلك أن أكثر من خبير فني أشار الى أن الموقوف ربما يكون شبكة بحد ذاتها وربما يكون جزءاً من منظومة أو شبكة أكبر... والسبب أن شربل بمقدوره الوصول الى التنصت والتسجيلات إذا كان شريكاً مع شخص آخر، أو اشخاص آخرين، وهناك ترجيحات بأنه استطاع التنصت على خطوط معينة خلال «حرب تموز»، مثلما كان بمقدوره تعطيل أي هوائي إرسال وكذلك تشغيله، فضلاً عن برمجة الخطوط، كونه كان معبراً إلزامياً لكل عملية الاتصالات في الشركة المذكورة. وقال وزير الاتصالات شربل نحاس لـ«السفير» إنه عرف باكتشاف المشتبه به من خلال وسائل الإعلام، لافتاً الانتباه الى انه جرى الاستفسار حول الامر من شركة «ألفا» التي أكدت نبأ توقيف الموظف يوم الخميس الماضي، فأبلغناها بأننا نستغرب عدم مبادرتها الى إطلاعنا على الموضوع في حينه، مشيراً الى انه لاحظ أن الشركة مربكة. وأوضح نحاس أن الموظف الموقوف قديم في هذا القطاع، ويمارس عمله منذ أيام شركة «سيليس»، وكان في السابق موظفاً في وزارة الاتصالات، مشيراً الى انه ليس من موظفي الصف الأول في شركة «ألفا» (أي ليس مديراً)، بل هو تقني (رئيس قسم)، من دون ان يعني ذلك التقليل من أهمية المعلومات التي ربما يكون قد حصل عليها. وقال نحاس إنه يهتم بالموضوع من زاوية ان هناك عقد إدارة بين الدولة اللبنانية وشركة «ألفا»، ونحن يهمنا ان تكون الجهات التي نتعاطى معها محصنة وغير مخترقة. الاستحقاق النفطي الى ذلك، تنعقد اليوم اللجان النيابية المشتركة برئاسة الرئيس نبيه بري للبحث في اقتراح القانون المقدم من النائب علي حسن خليل حول الموارد النفطية في لبنان، ويُفترض أن تكون الاتصالات السياسية التي سبقت انعقاد الجلسة قد أسفرت عن تأمين مظلة حماية لها، نصاباً ومجريات. وقال بري لـ«السفير» إن اللجان ستباشر في درس الاقتراح، من دون ان يعني ذلك أي تضارب مع عمل الحكومة، مشيراً الى انه متى أنجزت الحكومة مشروع القانون حول التنقيب عن النفط نضمه الى الاقتراح، وإذا وُجدت نقاط تباين او تناقض بين الطرحين، فإن اللجان المشتركة تعمل على التوفيق بينها للخروج في نهاية المطاف بصيغة واحدة. وإذ أوضح بري ان الاتصالات التي تمت خلال الأيام الماضية ساهمت في تأمين أجواء إيجابية لجلسة اليوم وأنه تبلغ بأن لا نية بمقاطعتها من أحد، كرر التأكيد انه في حال جرى تطيير النصاب مرة أخرى، فإنه سيعاود الدعوة الى جلسات أخرى للجان، لأنه من غير المقبول ان نستمر في تضييع الوقت بينما العدو الإسرائيلي باشر في الإجراءات العملانية للتنقيب عن النفط. وشدد وزير الطاقة جبران باسيل لـ«السفير» على تكامل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل الخروج بمشروع موحد، مشيراً الى وجود اتفاق مع رئيسي المجلس والحكومة على عقد جلسة اللجان وأن تحصل مناقشة تكمل روحية ما بدأته الحكومة، على أن تنعقد اللجنة الوزارية المعنية يوم غد، مشدداً على أهمية الخروج بتصور لبناني موحد لهذا الموضوع الاستراتيجي «الا اذا كانت هناك نيات مبيتة بالتعطيل وهو ما ستبينه الأيام المقبلة».عماد الدين رائف
عشرات الأشخاص المعوقين حركياً تركوا في منازلهم تحت القصف عند فرار ذويهم إلى مناطق أكثر أمناً في حرب تموز 2006. آخرون حُملوا على الأكتاف أو كيفما اتفق لمسافات طويلة. ومنهم من وصل إلى مراكز النزوح في صندوق سيارة متحملين الحرّ لساعات وساعات.. وبعد وصولهم، وجدوا مراكز نزوح غير مجهزة لاستقبالهم. طبعا، تم كل ذلك في ظل «غياب الإدارات الرسمية كافة عن أدنى قدر من التخطيط اللازم للحفاظ على أمن المواطن المعوق النازح وإيوائه، فضلاً عن الحفاظ على كرامته». تلك حقيقة ظهرت جلية خلال أيام النزوح الثلاثة والثلاثين التي عاشها أكثر من مليون مواطن لبناني بين الثاني عشر من تموز والرابع عشر من آب 2006. أما السلامة والصحة والراحة والكرامة، فقد هدرت كلها في مراكز النزوح على مرأى ومسمع من العالم. فما الذي كان ينبغي أن يتوافر عشية تلك الحرب؟ سؤال بدت الإجابة عليه بالغة الصعوبة، خاصة بعد الاجتماع العاجل لممثلي منظمات المجتمع المدني ظهر الثالث عشر من تموز 2006 لوضع خطة طوارئ، وبيّن بنتيجته المرّة مدى ابتعاد المجتمع المدني عن «الإغاثة»، بعد حصر عمله لفترة طويلة بـ«التنمية». اليوم، وبعد خوض ناشطي حركة الإعاقة لتجارب النزوح والإيواء و«النهوض المبكر» و«مراكز دعم الإعاقة» وإزالة آثار الحرب النفسية والاجتماعية، و«تحسين سبل العيش»، وغيرها... يقفون عند نقاط الضعف الكثيرة التي يبدو أنه من الممكن العمل على تلافيها في أي نزوح مماثل، سواء كان ناتجا من كارثة طبيعية، أو عدوان جديد. تقول المنظمات المدنية الدولية لـ«السفير»، ولمناسبة مرور أربعة أعوام على العدوان، انها درست تلك التجربة واستفادت منها، وأدرجتها في أدلة توعوية وتوجيهية، فيما لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى ذلك بعد، طبعا. في الإغاثة ونتائجها إنجازات كثيرة، وتشبيك فاعل مع الجهات المدنية والأهلية كافة التي عملت على الأرض مع النازحين المعوقين من الجنوب إلى الشمال إلى البقاع، أمام واقع يشير إلى «أن 83 بالمئة من المستهدفين النازحين لم تكن بحوزتهم بطاقات الإعاقة الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية، بل أنهم لم يكونوا قد سمعوا بوجودها أصلا». ثمانمئة أسرة، ضمّ معظمها أشخاصاً معوقين، كانت من نصيب «برنامج الطوارئ ـ مشروع الإغاثة»، الذي أطلقه اتحاد المقعدين اللبنانيين منذ اليوم الأول للحرب، كما يقول المنسق العام للمشروع محمد لطفي، وهو شاب مكفوف يعمل حالياً على إنجاز أطروحة دكتوراه في التنمية في «جامعة واشنطن». ويشرح «عملنا فوراً على التواصل والتشبيك مع الهيئات المحلية والدولية المعنية بعملية الإغاثة أو المستعدة لتأمين مصادر الدعم». أما المشروع، فنفّذ على الأرض مع النازحين والهيئات والبلديات والمؤسسات والجهات المعنية في كل من صيدا، وبيروت، وعاليه وجوارها، والبقاع الغربي، وجبيل وقضائها. وتم الاتصال والتنسيق بين كل تلك الجهات من أجل توفير مصادر دعم مالي وعيني لعمليات الإغاثة التي أنجزها الاتحاد والهيئات المعنية الأخرى، ولتأمين فريق كبير من المتطوعين يعمل على متابعة عمليات الرصد والتوثيق، بإشراف منسقي الوحدات. وعمل المتطوعون على «تأمين الوحدات الغذائية، والاحتياجات الطبية من أدوية ومعينات طبية خاصة بالأشخاص المعوقين النازحين أو المحاصرين في المناطق التي تعرضت للقصف، وتحديداً في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب وفي البقاع. كذلك، تم رصد ومتابعة حالات النازحين المعوقين في مراكز النزوح، ومن ثم تأمين احتياجاتهم والعائلات المرافقة لهم». تلخص مديرة البرامج في اتحاد المقعدين اللبنانيين سيلفانا اللقيس، الدروس المستفادة من الإغاثة معتبرة أن أهمها هو «مشاكل تتعلق بغياب إحصاء شامل للأشخاص المعوقين في لبنان يشمل نوع ودرجة الإعاقة بالإضافة إلى كيفية التواصل، وبغياب إحصاء شامل للمنظمات المدنية والأهلية والمؤسسات المعنية بتقديم خدمات يشمل اختصاصها وكيفية التواصل معها». بالإضافة إلى ذلك، هناك ضرورة دراسة وسائل الإخلاء المثلى للأشخاص المعوقين والمواصلات أثناء النزوح، وعملية استقبال النازحين وتضمين الاستمارات، بعد توحيدها، خانة لدرجة الإعاقة وصنفها، ومعها مشاكل الإيواء من دراية الكادر البشري المسؤول عن المركز إلى التجهيزات الهندسية والفنية داخله، والخدمات الطبية الفورية داخل المركز ومخزون المستلزمات والمعينات المتعلقة بالإعاقة، ومشاكل التموين والمواد الغذائية، وأهمية وجود المنسقية الرئيسية لعمليات الإغاثة في مركز آمن. وتشير اللقيس أيضا إلى كل ما يتعلق بالكوادر الميدانيين من جهوزية واستعداد إلى العدد وضمان الحد الأدنى من سلامتهم خلال أدائهم مهامهم، بالإضافة إلى عملية المتابعة اليومية للنازحين المستهدفين، سواء من تلبية الحاجات والتواصل وصولا إلى ملء استمارات العودة». وبالطبع، لا يمكن برنامج أي منظمة مدنية أو مشروع، مهما بلغت قدرته على الانتشار، أن يتحمل مسؤولية كل المهام السالفة الذكر، لذلك تعتبر اللقيس أنه «لا بد من وجود توجه رسمي واع لكل الحاجات، يأخذ بعين الاعتبار حاجات الأشخاص المعوقين ضمناً، ويدخل ذلك في صلب عمل الهيئة العليا للإغاثة والوزارات المعنية». «نازحون غير مرئيين» يعود جهاد إسماعيل، مدير مركز بيروت في «مشروع الإغاثة»، إلى الأيام الأولى للنزوح، ويطرح مشكلة لا تزال مستعصية على الحل، «لدينا في الاتحاد جداول اسمية بالأعضاء المعوقين، وعملنا فوراً على تحديثها، لكن المشكلة كانت في عدم توافر قاعدة بيانات حول كل الأشخاص المعوقين واحتياجاتهم وعناوينهم، ما وضعنا أمام تحد كبير في ما يتعلّق بالعمل على إجلاء النازحين المعوقين، خاصة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون». وبدأت تلك المشكلة بالظهور منذ بداية النزوح، حيث أدّت مدينة صيدا دورين بالغي الأهمية، إذ كانت الممر الطبيعي نحو الشمال من جهة، والمستقر المؤقت لآلاف العائلات النازحة من جهة أخرى. والتحق المتطوعون بالحملة التي نظمتها بلدية صيدا، وسمّيت بـ«حملة الإغاثة الشعبية». إلا أنهم «اصطدموا بتجاهل اللجان المختصة بالإحصاء لحاجات الأشخاص المعوقين»، بحسب ما يوضح عبد الكريم سرحان، منسق «الإغاثة» في صيدا. بالإضافة إلى ذلك، كان يتعيّن على فريق المشروع في كل من بيروت والبقاع والجبل وجبيل، التجول في كل مراكز النزوح من غرفة إلى أخــرى لمعرفة إن كان بين النازحــين أشخــاص معوقون. كأن هــؤلاء كانــوا نازحين غير مرئيــين، وبقــوا كــذلك حتى لحظة رصدهم، وتصنيف إعاقاتهم وحاجاتهــم للعمــل على تلبـيتها. في البقاع، تقول رسمية الهندي: «نسقنا مع كل الجهات لتوحيد الاستمارات أو إضافة الأشخاص المعوقين إليها، كما أن خلو المدارس التي آوت النازحين من التجهيزات كان عائقاً أمام المتطوعين من المعوقين من رصد الحالات وإيصال المساعدات». مأساة الإيواء.. والحاجات خلت مراكز النزوح من التجهيزات التي تحترم حاجات الأشخاص المعوقين، وكانت بمعظمها مدارس رسمية، ودور عبادة، ومرائب أبنية، وحدائق وباحات. ولم يؤخذ بعين الاعتبار الطلب المتكرر للاتحاد بتخصيص القاعات الأرضية لهم، فكان بعضهم يحمل إلى الطوابق العليا ويترك فيها. إلا أن «الاتحاد قام بتجربة المركز المجهز في جبيل، فتسلم تنظيم الإغاثة في مدرسة المدينة الرسمية، محولاً إياها إلى مركز نموذجي لاستقبال النازحين المعوقين وذويهم». وفي الجبل، ومع غياب التجهيزات في مراكز النزوح، كان يتعيّن على منسق المشروع حسام الدنف أن يستقر على كرسيه المتحرك في ملاعب مدارس النزوح غير المجهزة لاستطلاع الحاجات. يقول الدنف إنه «مع غياب التجهيز، لا بد من وجود متطوع غير معوق لكنه على إلمام بحاجات النازحين المعوقين لملء الاستمارات ومتابعتها». كما أن الإيواء لم يقتصر على مراكز النزوح من مدارس ومبان جامعية وحدائق ودور عبادة، إذ ان النازحين المعوقين إلى منازل أقرباء لهم كانوا الأقل حظاً في توجه الجمعيات، فقد «أخذ الاتحاد على عاتقه تلبية حاجات هذه الفئة، متلقياً 283 طلباً للإغاثة من منازل احتوى معظمها على شخص معوق على الأقل»، كما يقول لطفي. ولوحظت كذلك مبادرات فردية في الإيواء، كانت على تواصل مع المشروع، أثبتت فاعلية كبيرة. وعلى سبيل المثال، حول بشير أبو زكي مع زملاء له، باحتي «مستشفى البربير»، و«الليسيه ناسيونال» إلى مركزي إيواء. يقول: «تعاونت مع بعض أهل الحي لتلبية ما نستطيع من احتياجات للعائلات النازحة، وعرض علينا البعض تأمين الطبابة من مستوصفات متنقلة». كما أن النزوح مثّل مادة للاستغلال الإعلامي عند البعض، فظهر على شاشات التلفزة عدد من «رؤساء الجمعيات» الذين ادعوا أنهم «يستقبلون أشخاصاً معوقين في مركز جمعياتهم»، إلا أنه عند الاتصال بهم تبين كذب ادعاءاتهم. وفضل بعض ذوي النازحين المعوقين الذين تم تأمين استقبالهم في بيوت متطوعين، مع تأمين كل احتياجاتهم، العودة إلى مراكز النزوح كونها تعود بفائدة أكبر عليهم من المتبرعين. ودفع اختفاء بعض المواد الغذائية والمستلزمات الطبية و«جنون الأسعار» بناهدة حميّد، وهي مسؤولة العمل التطوعي في المشروع، إلى «المغامرة باتجاه البقاع والعودة نحو بيروت، للحصول على المواد المطلوبة في وقت كانت المقاتلات الحربية تستهدف كل ما هو متحرك على الطريق». تقول «كان لا بد من القيام بذلك، إذ أن حياة كثيرين كانت تتوقف على تقديم المساعدات في ظل الظروف القاسية التي شهدناها». الأمر ذاته حصل مع المتطوعين سونيا اللقيس وجوزف خليفة، وهما ينقلان المساعدات من جبيل إلى بيروت طيلة فترة النزوح. من الناحية الطبية، وصل مئات النازحين المعوقين والمسنين تاركين وراءهم سجلهم الطبي، أو وصفات الأدوية، أو حتى علـبة الدواء نفسها. هكذا، تعدت مسألة المساعدات الطبية تقديم كرسي متحرك، وعكاز، وكرسي حمام بديل، أو فرش الماء، أو مستلزمات العناية الصحية الشخصية، وظهرت حاجة ماسة لوجود أطبّاء متخصصين بالتعامل مع تلك الحاجات في مراكز النزوح فورا. وأتى تطوع عشرات الأطباء، ومنهم رفيق الأمين في صيدا، وحسين صفا في بيروت، ومروان البسط وآمال يونس وشبلي بو زخم في البقاع الأوسط، وقاسم حيدر في القماطية تلبية لهذه الحاجة الملحة. يقول البسط: «اشتد العدوان، وكان لا بد أن نفعل شيئاً. ففتحت عيادتي وحوّلتها إلى مركز طبي، بما أنه لا مستوصف في بلدة قب الياس. ثم شكلت مع الزملاء الأطباء فريقاً طبياً، وقدّمنا الطبابة المجانية للجميع وفتحت العيادة أبوابها ليل نهار». بعض الأسئلة.. المؤلمة أسئلة كثيرة ينتظر الناشطون إجابات لها، ومع احتمال دائم لتكرر المأساة.. «لماذا ترك الأشخاص المعوقون في بيوتهم في الجنوب وهرب أقرباؤهم؟ لماذا ترك أخوان معوقان ذهنياً في عيادة تحت القصف في الضاحية لمدة عشرين يوماً حتى أخلاهما فريق «مشروع الإغاثة» بعد علمه صدفة بأمرهما؟ لماذا قيّدت طفلة معوقة ذهنياً بجنزير في أحد مراكز النزوح في صيدا؟ لماذا قضى شاب معوق ذهنياً شهر نزوحه في مرحاض في محلة الأشرفية؟ لماذا رفض «مستشفى بيروت الحكومي» استقبال امرأة مسنة معوقة كانت تحتاج لتغيير ضمادات جرحها دورياً، وكان يلزمها العودة إلى غرفتها الكائنة في الطابق الثاني في مركز نزوح «ثانوية رينيه معوض الرسمية»؟ لماذا دخلت طفلة معوقة في صيدا حرم المدرسة للمرة الأولى بصفة نازحة ولم تدخلها قبل ذلك بصفة تلميذة؟ أين اختفى أكثر من ثلاثين شخصاً معوقاً من مبنى «بيروت مول» بعد إجلاء جميع من فيه قسراً بعد سقوط مبنى الشياح؟». أسئلة قد يجد المعنيون أجوبة لها لو توفرت لدى الحكومة السياسات العامة المطلوبة للتصدي للإغاثة والطوارئ.. والتي يبدو أنه حتى لو وجدت، فإنها لن تأخذ بعين الاعتبار معايير الإعاقة بعد عشر سنوات على غياب القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين من دون تطبيق.
مارلين خليفة
كيف ستتحرّك الدبلوماسيّة اللبنانية في أروقة الأمم المتحدة للتثمير السياسي للشكوى التي تقدّم بها لبنان أمس الأول، الى مجلس الأمن الدولي حول شبكات التجسس التي نشرتها الاستخبارات الإسرائيلية على أراضيه مجنّدة مئات العملاء لخدمة مصالحها؟ إنه السؤال المفصّل لحركة دبلوماسية غير مسبوقة لدى المنظمة الدولية تمثلت بالشكوى التي أعدّتها وزارة الخارجية والمغتربين وضمّنتها ملحقا بأسماء 141 متعاملا مع إسرائيل قسّموا في ثلاث لوائح: المدّعى عليهم أمام المحكمة العسكرية الدائمة وعددهم 103، المدعى عليهم لدى قضاة التحقيق وعددهم 25، ولائحة بأسماء المتعاملين الذين صدرت بحقهم أحكام وجاهية وعددهم 13. أرفقت الشكوى بأسماء هؤلاء وطالب لبنان تعميمها واعتبارها وثيقة رسمية من وثائق الدورة الرابعة والستين للجمعية العمومية للمنظمة الدولية في إطار البند الخامس عشر من جدول أعمالها المتعلق «بالحالة في الشرق الأوسط» ومن وثائق مجلس الأمن الدولي. أما الهدف من ربط أسماء المتعاملين بالشكوى فهو التأكيد بالأدلة الدامغة بأنها ليست شكوى «دعائية»، بل ترتكز على حقائق دامغة أمسكها لبنان ضد إسرائيل التي تخرق سيادته وأمنه بشبكة من العملاء المنتشرين على الأراضي اللبنانية كافة. ومعلوم بأن مجلس الأمن الدولي لا يتخذ أي إجراء في حال تقديم شكوى إلا إذا كان الفعل يمسّ الأمن والسّلم الدوليين، وبالتالي الخطوة الممكنة أمام لبنان بعد تقديم الشكوى هو طلب عقد جلسة طارئة لمناقشة هذا الموضوع على اعتبار أنه يشكّل اعتداء إسرائيليا سافرا على السيادة اللبنانية، وانتهاكا واضحا للقرار 1701 الذي يدعو الى وقف الأعمال العدائية، وانتهاكا للمؤسسات الأمنية اللبنانية. أما إذا لم يعمد لبنان الى طلب هذه الجلسة الطارئة فستبقى الشكوى وثيقة من وثائق مجلس الأمن الدولي يعتدّ بها لبنان ويعود إليها عند مناقشة أي قرار يتعلق به. كما يترتب على الدبلوماسية اللبنانية القيام بتحرّك ناشط بغية لحظ موضوع هذه الشكوى في القرار المقبل للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول توثيق القرار 1701. علما بأن رئيس بعثة لبنان الى نيويورك نواف سلام وجّه نسختين من الشكوى الى الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون والى رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب التركي أرتوغرول آباكان. «السفير» التي حصلت على نسخة بأسماء المتعاملين مع إسرائيل الذين ضمّنت أسماؤهم الشكوى، تعمد الى نشرها علّها تكون عبرة لمن لم يعتبر بعد من أن إسرائيل هي عدوّ للبنان ولجميع اللبنانيين. أولاً: لائحة المتعاملين المدعى عليهم أمام المحكمة العسكرية الدائمة: أسامة محمد علي بري (موقوف مستجوب)، أقدم على الاتصال بالمخابرات الإسرائيلية وتزويدها بالمعلومات التي وفرت لها بعض الوسائل للعدوان على لبنان). أنطوان سليم عتمة (أقدم على التعامل مع المخابرات الإسرائيلية وإقناع الأول بالتعاون معها ليوفر للعدو الوسائل للعدوان على لبنان وأقدما على دخول بلاد العدو). مروان كامل فقيه (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة ودخول بلاد العدو)، جودت سلمان الحكيم (موقوف مستجوب)، (أقدم على التعامل مع العدو الإسرائيلي والاتصال به ودس الدسائس لديه ليعاونه على فوز قواته وليوفر له وسائل العدوان على لبنان). سامي إيليا فرحات (م. غ)، عامر فرحات الحلبي (م. غ)، (أقدم والثاني على التدخل في هذه الجرائم وأقدموا جميعاً على دخول بلاد العدو). علي ديب جراح (موقوف مستجوب)، يوسف ديب جراح (موقوف مستجوب)، (التعامل مع العدو وإعطائه معلومات وتصوير مراكز عسكرية عن الجيش اللبناني والسوري وأقدم على استعمال جواز سفر وبطاقة هوية مزورة). جودت محمد خير الله الخوجة (موقوف)، (الاتصال بالعدو الإسرائيلي ومخابراته لتوفير الوسائل له لمباشرة العدوان على لبنان ودس الدسائس لديه وتزويده بمعلومات عن الجيش والمقاومة). هيثم راجح السحمراني (موقوف مستجوب)، ساحرة راجح السحمراني (م. غ)، محمد أمين الأمين خزعل (م. غ)، (أقدم الأول والثاني والثالث على دس الدسائس لدى العدو الإسرائيلي والاتصال به ليوفروا له الوسائل الى مباشرة العدوان على لبنان وقد أفضى فعلهم الى النتيجة المتوخاة والى الاتصال بعملاء وجواسيس العدو وهم على بينة من الأمر وعلى دخول بلاد العدو). راغدة أحمد ضاهر (موقوفة مستجوبة)، (أقدمت على التدخل في جرم الاتصال بالعدو). غزوان عبد شاهين (موقوف)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي والاتصال به وإقامة علاقات معه والدخول الى مراكز عسكرية للحصول على وثائق ومعلومات تعود للمنفعة على العدو وتمس بسلامة هذه المراكز إضافة الى الخرائط والاحداثيات والمعلومات السرية في ألوية الجيش وعتاده وضباطه). حسن يوسف عمار (موقوف)، (التواصل مع الموساد الإسرائيلي وإعطائه معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون أراد). إيلي حنا زهرة (موقوف)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات عن المقاومة والجيش). حسين محمد علي موسى (موقوف)، أحمد حسن عبد الله (م. غ)، جعفر حسين حلاوي (موقوف)، وسيم موسى موسى، (التعامل مع العدو ودس الدسائس لديه لفوز قواته والاتجار بالمخدرات وإعطاء معلومات عن مواقع مدنية وعسكرية وعن شخصيات حزبية ودخول بلاد العدو). هيثم نايف الظاهر (موقوف مستجوب)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي وإعطائه معلومات عن مراكز مدنية وعسكرية لبنانية وسورية ودخول بلاد العدو). علي عدنان دبوس (موقوف)، (إجراء اتصال بمخابرات العدو الإسرائيلي والتواصل معها بغية اعطاء معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون أراد). محمود قاسم رافع (موقوف مستجوب)، أعمال إرهابية وقتل عمداً والتجند في استخبارات العدو وتوفير الوسائل له لمباشرة العدوان على لبنان وإفشاء معلومات لمنفعة العدو). محمد قاسم غدار (موقوف)، فهيم يوسف علم (موقوف غيابي)، ليون سركيس طاوقجيان (موقوف غيابي)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي وجهاز مخابراته). محسن حسن شمعون (موقوف)، جمال حسين شمعون (التعامل مع الموساد الإسرائيلي ودس الدسائس لفوز قواته وإعطاء معلومات عن الجيش والمقاومة). محمود قاسم رافع (موقوف)، حسين سليمان خطاب (موقوف غيابي، التجند لمخابرات العدو وتوفير الوسائل لمباشرة عدوانه ومعاونته وتقديم المساعدة لعملائه والاتصال به وإفشاء معلومات لمصلحته والقيام بأعمال إرهابية ودخول بلاد العدو وحيازة اخراجات قيد مزورة واستعمالها زوده بها ضابط مخابرات إسرائيلي). منصور حبيب دياب (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات ووثائق عن أماكن مدنية ومواقع وشخصيات عسكرية والاتصال به ليوفر له وسائل مباشرة العدوان على لبنان). محمد حسين بريص (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي ومخابراته ودس الدسائس لديه وإعطائه معلومات بهدف تسهيل أعماله العدوانية). جرجس الياس فرح (موقوف)، جان الياس فرح (موقوف غيابي)، أحمد شبلي صالح (موقوف غيابي، التعامل مع العدو وإعطائه معلومات عن مواقع مدنية وعسكرية ومعاونته لفوز قواته ودخول بلاده وحيازة أسلحة ومتفجرات). أديب أسعد العلم (موقوف)، نقولا أسعد حبيب (موقوف غيابي)، حياة قزحيا الصالومي (موقوفة): أقدموا على التعامل مع مخابرات العدو الإسرائيلي وأقدم الأول والثاني على إعطاء العدو الإسرائيلي معلومات عن مراكز عسكرية ومواقع ومنشآت مدنية سورية ولبنانية بهدف تسهيل أعماله العدوانية وفوز قواته، وأقدم الأول على التجسس وهو عسكري لصالح العدو وتزويده بمعلومات عن مراكز عسكرية وتزوير اخراج قيد واستعمال المزور وحيازة سلاح حربي). ميشال خليل عبدو (موقوف)، جوزف إلياهو كلش (موقوف غيابي)، ناتان إلياهو كلش (موقوف غيابي، تزويد العدو الإسرائيلي بإحداثيات ومواقع للجيش اللبناني والمقاومة من بينها مواقع وجسور تعرضت للقصف إبان حرب تموز 2006 والتعامل مع الموساد الإسرائيلي ودخول بلاده). محمد السيد رضوان (موقوف)، فوزي طانيوس العلم (موقوف)، سعيد طانيوس العلم (موقوف)، يوسف يعقوب العلم (موقوف)، ايلي يعقوب العلم (موقوف)، وجيه توفيق مراد (موقوف)، أحمد شبلي صالح (موقوف غيابي)، جورج حنا عساف (موقوف غيابي)، فهيم يوسف علم (موقوف غيابي)، نمر طانيوس العلم (موقوف غيابي، الاتصال بالعدو الإسرائيلي والتعامل معه ودس الدسائس لديه وإعطائه معلومات عن مناطق وأماكن مدنية ومراكز عسكرية للمقاومة تعرضت للقصف من قبل الطيران الإسرائيلي وعن شخصيات سياسية وحزبية والاتجار بالمخدرات ودخول بلاد العدو). زياد أحمد الحمصي (موقوف مستجوب، التعامل مع ضباط جهاز استخبارات العدو الإسرائيلي وجمع ونقل المعلومات وتنفيذ المهام لصالحه وحيازة أسلحة وذخائر حربية). خالد عبد الله القن (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو وتزويده بمعلومات عن مواقع مدنية وعسكرية وشخصيات سياسية وحزبية وعسكرية ودس الدسائس لديه). شهيد شحادة تومية (موقوف مستجوب) (التعامل مع مخابرات العدو الإسرائيلي وإعطائه معلومات مهمة وإحداثيات دقيقة عن أماكن ومواقع عسكرية وأمنية سرية وعن شخصيات قيادية ورسمية ودس الدسائس لديه وإعطائه وثائق ومعلومات عن المؤسسة العسكرية ودخول بلاده). صائب محمد عون (موقوف)، محمد حسن عبد الله (موقوف)، نبيل علي زيتون (موقوف) (التعامل مع العدو الإسرائيلي ودس الدسائس لديه وإعطائه معلومات وإحداثيات عن مواقع مدنية وعسكرية وعن شخصيات حزبية والاتجار بالمخدرات ودخول بلاده العدو). موسى علي موسى (موقوف)، علي محمد سويد (موقوف غيابي)، أحمد حسين عبد الله (موقوف غابي، الاتصال بالعدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات وفرت له وسائل للعدوان على لبنان). علي حسن غصين (موقوف مستجوب، التعامل مع المخابرات الإسرائيلية ودخول بلاد العدو)، يوسف إبراهيم احمد اسكندر (موقوف، الاتصال بعملاء الموساد الإسرائيلي). أنور محمد سعد الدين (موقوف مستجوب)، عادل محمد كايد موقوف مستجوب، الاتصال بعملاء إسرائيليين وحيازة أسلحة). محمد ديب أويظة (موقوف، التواصل هاتفيا مع الموساد الإسرائيلي). محمود قاسم رافع (موقوف مستجوب)، إبراهيم محمد ياسين (موقوف غيابي)، حسين سليمان خطاب (موقوف غيابي، تأليف عصابة والتجند في شبكة استخبارات العدو وتوفير الوسائل لها لمباشرة العدوان على لبنان والاتصال بالعدو والتعامل معه وتأمين مساكن لإيواء عملائه والقيام بأعمال إرهابية ودخول بلاد العدو). محمود قاسم رافع (موقوف مستجوب، تأليف عصابة وتوفير الوسائل للعدو لمباشرة عدوانه على لبنان والاتصال به والتعامل معه وتأمين مساكن لإيواء عملائه والتجند في شبكة استخباراتية وإفشاء معلومات لصالحه ودخول بلاد العدو). ايلي عيد منيع (موقوف)، جورج عيد منيع (موقوف، التعامل مع العدو الإسرائيلي وتجنيد أشخاص للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية). حسن أحمد شهاب (موقوف)، جمال نعمة ضو (موقوف غيابي، التعامل مع العدو واعطاء معلومات له بقصد التجسس والقيام بأعمال إرهابية ودخول بلاد العدو). رايق محمود البرقشي (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي ومخابراته ودس الدسائس لديه وتزويده بإحداثيات عن مواقع عسكرية ومدنية في لبنان وإعطائه معلومات عن شخصيات سياسية وحزبية ودخول بلاد العدو). محمد علي بركات (موقوف)، حسن أحمد عبد الله (موقوف غيابي، التعامل مع المخابرات الإسرائيلية وتزويدها بمعلومات عن المقاومة و«حزب الله»). بديع خالد ميتياس (موقوف)، خالد الياس ميتياس (موقوف غيابي، الاتصال والتعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية). حسن محمد علي ياسين (موقوف)، فؤاد علي شعبان (التعامل مع العدو الإسرائيلية وتزويده بمعلومات حول مواقع عسكرية وأمنية ودخول بلاد العدو). جان فؤاد زنقول (موقوف مستجوب)، سامي إيليا فرحات (موقوف غيابي)، جان أسعد نهرا (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الاسرائيلي وإعطائه معلومات عن شخصيات أمنية ومسؤولين في «حزب الله» وتزويد مخابرات العدو بمعلومات دقيقة عن رمزي نهرا مما سهل اغتياله). مهدي علي ياسين (موقوف مستجوب)، نجاح حسين العبد الله (موقوف غيابي)، عماد منير مخول (موقوف غيابي، التعامل مع العدو الإسرائيلي ودخول بلاده). روبير إدمون كفوري (موقوف)، محمد إبراهيم عوض (موقوف)، الياس رياض كرم (موقوف غيابي، أقدموا على التعامل مع العدو الاسرائيلي وإعطائه المعلومات ودس الدسائس لديه لفوز قواته وتسهيل أعماله العدوانية والإرهابية وعلى محاولة قتل أحد الأشخاص عبر تسليمه عبوة ناسفة لتفجيرها به وعلى دخول بلاد العدو وحيازة ونقل المتفجرات وأقدم الأول والثاني على تزوير مستندات لبنانية رسمية واستعمالها). منير أنطوان صقر (موقوف)، ميشال أنطوان صقر، (التعامل مع العدو ومخابراته ودس الدسائس لديه وإعطاء معلومات مصرفية واقتصادية ودخول بلاد العدو). إيمان حسني أيوب (موقوفة)، حسين سليمان خطاب (موقوف غيابي)، محمد حسين خطاب (موقوف غيابي، التعامل مع العدو الاسرائيلي ودخول بلاده). أمين إبراهيم البابا (موقوف)، محمد عبد الرحمن العلي (موقوف، التعامل والاتصال بالعدو الاسرائيلي ودخول بلاده ودس الدسائس لديه، التعامل والتواصل مع العدو الاسرائيلي). يوسف مارون عبدوش (موقوف)، حنا أبو صافي (موقوف)، محمود الملاح (موقوف)، محمد برو (موقوف غيابي)، جعفر حسين حلاوي (موقوف، أقدم الأول على التعامل مع العدو الاسرائيلي وعلى الإتجار بالمخدرات وتهريبها إلى بلاد العدو وأقدم الثاني على التعامل مع العدو الإسرائيلي وأقدم الثالث على التعامل مع العدو الإسرائيلي ومخابراته وتزويدها بمعلومات عن مواقع ومنازل عائدة لحزب الله وعناصره ودس الدسائس لديهم وأقدم الرابع والخامس على الاتجار بالمخدرات وتهريبها إلى داخل بلاد العدو). أحمد صالح قهوجي (موقوف مستجوب، محاولة التعامل مع العدو الإسرائيلي عن طريق الاتصال بأحد عملائه وانتحال صفة عسكرية). ثانيا،لائحة إسمية بالمدعى عليهم لدى قضاة التحقيق بجرم التعامل مع العدوّ: شربل ضاهر القزي، طارق محمد الربعة، فيليب حنا صادر، فرنسيس وديع أبو غنام (موقوف غيابي)، ناصر محمود نادر، نوال جورج معلوف، مصطفى حسن سعيد، سامر جوزف أبو عراج (مطلوب)، إيلي شكري الخوري، ميلاد خليل عيد، فايز وجيه كرم، وجيه توفيق مراد، علي زكي إدريس، بطرس حبيب سليمان، سامي جرجس سمعان الخوري، المطلوبون: جمال أحمد الطفيلي، فؤاد جرجس طنوس، الياس رياض كرم، عدنان سليم الحداد، كارولين يعقوب طنوس، علي عبد الرسول خواجة، زينب حسن محمد، محمد علي خواجة، ريم علي خواجة، ملاك علي خواجة. ثالثا، لائحة بأسماء المتعاملين مع العدو والذين صدرت بحقهم أحكام وجاهية: الفلسطيني إيهاب محمد الحاج (3 سنوات أشغال شاقة وتجريده من الحقوق المدنية حكم وجاهي)، محمد نمر بسام (10 سنوات أشغال شاقة وتجريده من الحقوق المدنية حكم وجاهي)، فيصل غازي مقلّد (الأشغال الشاقة المؤبدة ومئتي ألف ليرة غرامة وتجريده من الحقوق المدنية وبراءة من جرائم المواد 471 و454/471، 463، و463/454 عقوبات لعدم كفاية الدليل حكم وجاهي). محمود رافع، (إعدام حكم وجاهي)، وليد عصام كرم سنتين أشغال شاقة وتجريده مدنيا، يوسف محمد الحاج علي (الأشغال الشاقة المؤبدة وتجريده من الحقوق المدنية حكم وجاهي)، حنا جليل عيسى (عشر سنوات أشغال شاقة حكم وجاهي)، علي حسين منتش (إعدام حكم وجاهي)، وفيق سعد الدين الهبطة (الأشغال الشاقة لمدة سنتين مع التجريد من الحقوق المدنية خكم وجاهي) حسن أحمد الحسين (إعدام ومصادرة المضبوطات حكم وجاهي)، زياد خليل السعدي ( الأشغال الشاقة لمدة عشرين سنة وتجريده من الحقوق المدنية ومصادرة المضبوط وإبطال التعقبات بحقه لجهة المادة 275 عقوبات لعدم توفّر عناصرها حكم وجاهي).
صحيح أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لا يضع عمامة على رأسه، كونه أول رئيس إيراني من خارج الدائرة الدينية منذ العام 1981، لكنّه في الواقع الأكثر تشددا بين أسلافه، والأكثر التصاقا بالخطاب الذي اعتمده مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الراحل الخميني، خاصة ازاء قضية فلسطين والمقاومة. الرجل ذو القامة القصيرة والعينين الصغيرتين والابتسامة اللطيفة المحيرة والمتناقضة واللحية السوداء الخفيفة التي بدأ يكسوها الشيب، ميزته التواضع ثم التواضع. تصريحاته السجالية المنحى التي يغلب عليها الانفعال، يخشاها خصومه... ويأنفون من اعتداده بالقومية الفارسية هو من تتصدّر صالونه الخاص خريطة عملاقة كتب عليها: «الخليج الفارسي». أما أصدقاؤه المقرّبون فيخبرون قصصا لا تنتهي عن صفاته التي يحبونها فيه، وأبرزها: الطيبة، الصدق، الطهارة والترفّع عن الملذات الدنيوية الخ... أحمدي نجاد هو قبل كلّ شيء «الابن البار للثورة الإسلامية» وتقاليدها، يعترف له من يعرفونه بأنه «شخصية تتمتع بجرأة قد تبلغ حدّ التهوّر بمواقفها السياسية، ما ينمّ عن غياب المصالح والحسابات الشخصية عنده، فهو يعلن ما يفكر فيه ولا ازدواجية في خطابه، وهو على عكس ما هو متداول عن الإيرانيين بأنهم «يذبحون الناس بلطفهم» أو عدوّهم «بخيط القطن»، بعيد جدّا عن الدبلوماسية وروح الحوار التي كان يتحلّى بها سلفه محمّد خاتمي، وعن الحنكة والدهاء اللذين تميّز بهما الرئيس هاشمي رفسنجاني. فالرئيس أحمدي نجاد يتماهى مع صورة الإمام الخميني: صراحة كلية، صياغة حادة، مواقف حاسمة، فقد وصف المحرقة اليهودية «بالخرافة». رمى في وجه الأوروبيين هذه العبارة «إن قيام إسرائيل كان من أجل طرد اليهود من أوروبا»، بعث برسالة الى الرئيس السابق جورج دبليو بوش عبر السفارة السويسرية في طهران أكد له فيها بأن «إسرائيل هي غدّة سرطانية يجب إزالتها»، أعلن مرارا تمسك طهران ببرنامجها النووي قائلا «إن إيران انتصرت في المسألة النووية على القوى العظمى كلّها»، تكهّن مرارا «بإزالة إسرائيل عن الخريطة.. ومن الوجود»، ومن أوصافه للدولة العبرية بأنها «جرثومة قذرة سوداء وحيوان متوحش!». خطا أحمدي نجاد خطوات جريئة لم يسبقه إليها رئيس لايران من قبل، أبرزها إقرار قانون رفع الدعم عن المحروقات بعد أن تركه اسلافه مجمدا على مدى 17 عاما، مخافة التفريط بأصوات التجار والمافيات والأغنياء والمقتدرين من أبناء الطبقة الوسطى. أصرّ أحمدي نجاد على إقراره في الدورة الأولى لانتخابه، مؤثرا مصلحة الفقراء الإيرانيين على نيله حفنة إضافية من أصوات الناخبين القادرين. قال لأركان حملته الانتخابية «هذا المشروع سأقدم عليه مهما كانت النتائج ومن يربط تأييده لي بالابقاء على المشروع عليه أن يقتنع بأنه خسرني. أولويتي الفقراء». حقق أحمدي نجاد من خلال رفع الدعم وفرا للدولة قيمته 10 مليارات دولار، ذهبت في معظمها للتأمينات والتقديمات الاجتماعية غير المسبوقة منذ ولادة الثورة حتى الآن. صارت هناك حوالة نقدية بقيمة ألف دولار أميركي في جيب كل طفل يولد في ايران اليوم، وبات كلّ من يعقد زواجا في إيران له الحق باقتراض 20 ألف دولار للزوج، ومثلهم للزوجة وبفوائد مخفضة ولآجال طويلة. قبل رفع الدعم كان نصف المبلغ، أي حوالي خمسة مليارات دولار تذهب للتجار ومافيات تهريب النفط عبر الحدود وخاصة الى باكستان. قدّم الرئيس السادس لإيران الثورة إنماء الأطراف في ايران على المركز (طهران وباقي المدن الرئيسة)، وتجول مع حكومته مجتمعة ومحافظ البنك المركزي الإيراني على 30 محافظة، تعرّف خلالها الى مطالب الناس والمشاريع الحيوية التي تحسّن معيشتهم، متخذا ترتيبات فورية لصرف الاعتمادات اللازمة بعد توقيع القرارات الحكومية، وها هو يعدّ حاليا للجولة الثانية التي سيدشن فيها المشاريع التي أقرت في الجولة الأولى وتم تمويلها، وبعضها ضخم الى درجة أنها توفّر بين الـ15 و20 ألف فرصة عمل. لسان حاله العمل بكدّ وبلا منّة للشعب الإيراني، عمل يبقيه صاحيا طيلة 18 ساعة يوميا... جعله أصله متحررا من المطامع والنزوات الشخصية، يعيش التقشف في صورة عفوية وتلقائية: لم يبدّل سيارته منذ 35 عاما وهو يقودها شخصيا حين يرغب بزيارة أهله رافضا استخدام سيارات الدولة لشأن عائلي، يعيش في الإيجار وفي منزل متواضع من طبقتين ولم يتمكن حتى اليوم من إنهاء ترميم منزله الشخصي الذي رفض أن يدخل إليه الخدم، فتراه يقدّم الطعام لضيوفه شخصيا هو وزوجته وأفراد عائلته الصغيرة. معروف ببساطته وبكلّ ما يتميز به الإنسان العادي حتى في هندامه ومشيته وتعاطيه ومصافحاته الحارّة لمن يزورونه. هذه المزايا دفعت مرشد الثورة السيد علي خامنئي الى القول عنه «أحمدي نجاد هو اقرب شخص إلي لأنه يعيش مع الناس وهو واحد منهم. يحبهم ويحبونه. انه ابن الشعب البار». يرد الرئيس الايراني على الاطراءات اليومية من حوله قائلا: «واجباتي أقوم بها وهي سلوك طبيعي وعندما أخدم الناس، أقوم بوظيفتي ولا أريد أبدا أن يشعر أحد بأنني أريد أن أحصل على شيء بالمقابل». الرئيس المثير للجدل عند كلّ تصريح يخاله من يراه ولا يعرف تاريخه عاملا بسيطا، وهو أمر لا يزعجه، بل يعتدّ بأنه ترعرع في عائلة فقيرة مؤلفة من 7 أشقاء ووالد يعمل في الحدادة في ضاحية «غارمسار» قرب طهران وهو من مواليد العام 1956. بين العلم والسياسة تخرج أحمدي نجاد مهندسا معماريا في العام 1986 من جامعة «العلم والصناعة» في طهران، وانضم الى الكادر التعليمي، ثم نال دكتوراه في تخطيط النقل والمواصلات، ملم باللغة الإنكليزية وله أبحاث عدّة. شغل منصب محافظ أردبيل فعمدة طهران، وكان صحافيا كاتبا ومديرا مسؤولا لصحيفة «همشري». ومن «هندسة المدن» وصل الى منصب المحافظ قبل أن يتسلّم رئاسة الجمهورية منذ العام 2005 كسادس رئيس لإيران. شارك أحمدي نجاد في احتلال مقر السفارة الأميركية في طهران وانضم الى الحرس الثوري إبان اندلاع الحرب الإيرانية العراقية وتقول سيرته الذاتية أنه كان مقاتلا على جبهات الحرب، والتحق بالمجموعات العسكرية التي تمكنت من اختراق الدفاعات العراقية وفجّرت منشآت كركوك النفطية إبان الحرب. تقلب في مراكز عدة منها مستشار الرئيس لشؤون كردستان، وأسس لجان الطلاب الإسلاميين. أمضى 8 أعوام في أذربيجان وأردبيل ذي الغالبية التركية حيث تعلم اللغة التركية وبات يجيدها بطلاقة. ترشح بعد شغله منصبا ثقافيا رسميا لرئاسة بلدية طهران عام 2003 ونجح في إعادة تنظيم المدينة وتعبيد الطرق وتنظيفها، ويسجّل له أنه رفض السكن في المقر الفخم المخصص لرئيس البلدية مفضلا البقاء في منزله المتواضع في أحد الأحياء الفقيرة في جنوب طهران. رفض ايضا تقاضي راتبه كرئيس بلدية مبقيا على راتبه الجامعي قائلا أنه يكفيه وليس في حاجة الى أكثر منه. انتخب رئيسا للجمهورية الإسلامية الإيرانية في 25 حزيران 2005 ، وبعد شهرين استأنفت إيران نشاطاتها النووية في منشأة أصفهان لتحويل اليورانيوم بعد أن علقتها منذ 2004، لتبدأ تخصيب اليورانيوم رسميا في شباط 2006، مستفزا الدول العظمى بالقيادة الأميركية التي واجهته عبر مجلس الأمن الدولي الذي تهيمن عليه فأصدر قرارا يفرض بموجبه عقوبات على ايران لرفضها تعليق نشاطاتها النووية. زار أحمدي نجاد عام 2007 نيويورك وألقى خطابا في جامعة كولومبيا أثار جدلا، وشهد عهده زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين لطهران وهي الأولى لزعيم للكرملين منذ عام 1943. رفض أحمدي نجاد عام 2009 عرض الدول الكبرى استئناف الحوار في شأن الملف النووي الإيراني بشروط وما أن أعيد انتخابه في 12 حزيران عام 2009 حتى اندلعت حركة احتجاجات استمرت أسابيع وما لبثت أن خمدت. يعتبر أحمدي نجاد أنه ينتمي في خطه السياسي الى جبهة المحافظين الموالين للمرشد الأعلى آية الله السيد علي خامنئي وهو من المعارضين تماما لليبيرالية الاقتصادية الاجتماعية التي أرساها الرئيس محمد خاتمي وقبله الرئيس هاشمي رفسنجاني، وهو يرفض كليا إعادة النظر في صلاحيات المجالس غير المنتخبة أو صلاحيات المرشد الأعلى. البعض في لبنان متخوّف من دلالات زيارة أحمدي نجاد، لهؤلاء يوجّه احد الديبلوماسيين الإيرانيين هذا المثل الفارسي القائل «إذا كان الذهب صافيا، فلا يجب الخوف من إخضاعه لامتحان الأسيد»، بمعنى آخر «إنّ من يحمل نوايا طيبة تجاه قضيتي لبنان وفلسطين لا يجب أن يخشى السياسة الإيرانية وتصريحات الرئيس أحمدي نجاد النارية»!
مارلين خليفة