أغنية صهيونية على أثير «إذاعة لبنان»

طارق عمار تحتل «إذاعة لبنان» مكانة لرقيها وللدور التي لعبته في إطلاق مشاهير الأغنية اللبنانية أيام البث الحي، لا سيّما السيّدة فيروز. وتبقى الإذاعة اليوم مميزة بابتــعادها عن التـرويج المبسط والأغاني السطحية، واحترامها لقواعد البث الإذاعي. ولعل إذاعة لبنان باللغة الفرنسية والتي تبث على الموجة FM 96.2 تلعب دورا مميزا بين جميع الإذاعات. ففريق عملها ومقدموها «خفيفو الظل» وهم على تواصل دائم مع الأحداث الفنية المحلية وعلى اطلاع بثقافات موسيقية عديدة تتخطى الدول الفرنكوفونية لتطال دولاً لم نسمع بها. كما أن لعدد منهم برامج خاصة يبثون من خلالها أغاني غير معروفة، بعضها غريب جدا، ما يوسع ثقافة المستمع الفنية بكثير من التشويق من دون إعطائه دروسا. ومنهم المعد مخول قاصوف الذي يستطيع أن يجمع بين الثقافة والإثارة والفن في إطار ضاحك. أما ونحن مستمتعون بالإذاعة التي لا يستمع إليها كثيرون في لبنان، حصل ما وضعنا في تساؤل حول طريقة عملها، خصوصاً أنها تبث على موجاتها برامج وأخبار «راديو فرنسا الدولي» Radio France International (RFI) . فقد أطلت علينا أغنية استغربنا أن نسمعها في لبنان ونحن على طرق بيروت وجسورها التي لم نكد أن ننتهي من إعادة إعمارها بعد. وهي أغنية «إسرائيل بالباص» أو Israel by Bus للمطربة كاليبسو روز، المعروفة بملكة موسيقى الكاليبسو الكاريبي. هكذا ببساطة، بُثّت على «إذاعة لبنان» موسيقى جاذبة بكلمات سيئة، تدعو من خلالها الفنانة الأثيوبيين، وخاصة الأطفال منهم، إلى الذهاب إلى «إسرائيل» بالباص! علما أن المطربة السبعينية من توباغو وأمضت معظم أوقاتها في جمايكا، وليس لها أي علاقة بأثيوبيا ولا بمنطقتنا لا من قريب ولا من بعيد، واسمها الحقيقي ماكارثا لويس McArtha Lewis تيمناُ بالجنرال الأميركي في الحرب العالمية الثانية دوغلاس ماكاثر. ولعلّ الإشكالية لا تكمن في هويــة كاليبــسو روز بل بتمكنها من التسويق «لإسرائيــل» واختراق أثيرنا وهوائنا عبر «إذاعة لبنانية رسمية». وأكثر، فحتى الساعة وبعد مرور أسبـوع على بثــها لم يتنبّه أحد من المســؤولين لهـذا الأمر، ولعــله تكرر. ولا نعلم إذا ما كان هناك دور لجهاز الرقابة غـير البحث عن «ما يخدش الحياء أو ما يهدد العيش المشــترك» في كل عمل فني يحاول المخرجون القلائل القيام به. من المؤكد أن هذا الاختراق وصلنا، من برامج إذاعة فرنسا الدولية Radio France International (RFI) ، وبخاصة أن الأغنية تم بثها في تمام الساعة الواحدة وتسع وخمسين دقيقة من صباح السبت في الثالث من تموز مباشرة قبل نشرة الأخبار من باريس. كلبناني يبحث عن وسيلة إعلامــية فنــية وثقافية، ويرى في الفرنكوفونية منفذًا للاطلاع والاختلاط الثقافي، أسأل كيف يستطيع اللوبي الصهيوني أن يخترق الاعلام الفرنسي، بتكرار، وأن ينتزع قوانين تحاكم حرية حتى التفكير في طرح سؤال حول حجم المحرقة، فيما لم تستطع الدول العربية جماعات وحكومات طرح شروط بسيطة، تفرض احترام رأي اللبنانيين واحترام قوانين بلدهم؟ وكلبناني أتمنى على وزير الإعلام، الذي نثق بقدرته وجرأته، أن يضع شروطًا للربط الإذاعي قد يفيد ليس فقط اللبنانيين ولكن الدول الأقل معرفة بحقيقة «إسرائيل».
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة