اعتقال شبان «ذمّوا» الرئيس: تمهيد لقانون يراقب حريّتنا «الرقمية»؟

اسعد ذبيان «في عهد فخامة الرئيس ميشال سليمان، تمّ اعتقال نعيم، وأنطوان، وشبل لأنهم ذموا به. ولذلك فأنا أذم ميشال سليمان أيضاً»، بهذه العبارات وعلى خلفية لصورة رئيس الجمهورية اللبنانية متقلداً وشاح الأرز اللبناني وخلفه كتاب الدستور اللبناني، انطلقت الصور من مستخدم إلى آخر على موقع فايسبوك. لكن ما هي تفاصيل القصة؟ يقول الخبر: أوقف القضاء اللبناني 3 أشخاص، بسبب قيامهم بـ«قدح وذم وتحقير» رئيس الجمهورية ميشال سليمان على موقع الفايسبوك. وقد أمر النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا «بتوقيق نعيم جورج حنا (27 عاماً) وأنطوان يوسف رميا (29 عاماً) وشبل راجح قصب (27 عاماُ)»، وقد اعتبر أنّ الشبان الثلاثة قد تناولوا الرئيس بكلام مسيء على الصفحة الخاصة به على موقع الفايسبوك. وفي الخبر، لم يتم التطرق إلى ما قاله المتهمون. وعندما زرنا الصفحة (http://www.facebook.com/?ref=logo#!/PresidentMichelSleiman?ref=ts)، اكتشفنا أنّه قد تم مسح كل هذه التعليقات ومنع المستخدمين من التعليق، كذلك توقف نشاط المجموعة بالكامل منذ نهار الأحد في الحادية عشرة ليلاً. وأكد بلال حوري (http://twitter.com/bilalhouri) الذي شاهد هذه التعليقات أنّ واحدة منها كانت تقول «عار عليك.. بالإضافة لبعض الحديث عن إحدى المجازر إبان الحرب الأهلية.. كذلك تعليق آخر حول موضوع أحمد شومان». فمن هو أحمد شومان؟ شاب يدرس الطب في أوكرانيا علّق بعد انتهاء الانتخابات البلدية وصدور نتائجها بما يلي: «مبروك للرئيس ميشال سليمان تعيينه رئيس بلدية في جبيل»، فصدرت بحقه مذكرة توقيف، جعلته يؤجل عودته المقررة في الثاني من شهر تموز القادم. هذا الكلام هو لمهدي مرتضى الذي أخبرنا في اتصال هاتفي بأنّ تجمعاً شبابياً للتضامن مع أحمد سيجري في الشياح – خلف كنيسة مار مخايل نهار الجمعة، الخامسة عصراً. وعن علاقة أحمد بالشباب الذين تمّ اعتقالهم وإمكانية أن يكونوا منتسبين إلى جمعية أو أنهم ينتمون إلى مرجعية سياسية معينة، ردّ مهدي بأنّ أحمد لا تجمعه بالمعتقلين أي صلة. وفور شيوع الخبر عن اعتقال الشباب الثلاثة بدأت المدونات الإلكترونية والكثير من مستخدمي المواقع التفاعلية الحديث عن الموضوع. فتسأل ليليان عساف (http://twitter.com/FunkyOzzi) «ألا تجدون أنّه من الغريب أن يتم الاعتقال وحذف الأدلة؟». هذا وينص القانون اللبناني على أن دعوى الحق العام تتحرك من دون شكوى المتضرر في حال تعرض إحدى المطبوعات إلى الرئيس بما يعتبر مساساً بهيبة الدولة، وذلك وفقاً للمادة 23 من التعديل الصادر في المرسوم الاشتراعي رقم 104 تاريخ 30-6-1977، التي تشير إلى ما يلي: «إذا تعرضت إحدى المطبوعات لشخص رئيس الدولة بما يعتبر مساً بكرامته أو نشرت ما يتضمن ذماً أو قدحاً أو تحقيراً بحقه أو بحق رئيس دولة أجنبية تحركت دعوى الحق العام بدون شكوى المتضرر. ويحق للنائب العام الاستئنافي أن يوقف المطبوعة لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام ولا تتجاوز عشرة أيام، وأن يصادر أعدادها، وعليه أن يحيل المطبوعة إلى القضاء الذي عليه أن يقرر في غرفة المذاكرة استمرار توقيفها حتى انتهاء المحاكمة وأن يقضي بالحبس.. «. ولكن هل تدرج وسائل الإعلام الإلكترونية ضمن هذا القانون المتأخر زمنياً؟ يرد المدون خضر سلامة، الذي سبق وتم اعتقاله من قبل على خلفية انتقاده الرئيس عينه منذ حوالى أربعة أشهر، أنّ المحقق العسكري أشار إلى ملحق بقانون المطبوعات يتعلق بالإعلام الإلكتروني. إنّ نظرة سريعة على قانون المطبوعات الصادر في 14 أيلول 1962 وتعديلاته (http://www.picd.ps/?event=showdetail&did=25)، لا تبرز أي نص قانوني واضح له علاقة بالإنترنت، حتى أنّ الكلمة غير موجودة فيه أصلاً. تعتبر المحامية مي سليم عماشة أنّ قانون المطبوعات «لم يتناول المطبوعات الإلكترونية من ناحية الترخيص فقط، ولكن في حال تم ارتكاب جرم إلكتروني فالمعاقبة لا تقتصر على قانون المطبوعات بل قانون العقوبات الذي يعاقب على جرائم القدح والذم»، خاصة إذا اقترفها أشخاص ليسوا بصحافيين ليشملهم قانون المطبوعات. وبما أنّ المعنيين قاموا بنشر آرائهم علانيّة وليس في رسائل شخصيّة وعلى مرأى ومسمع من الناس، فإنّ الجرم موجود. أمّا في ما يختص بموضوع مسح الأدلة والتعليقات عن المجموعة، فأوضحت عماشة: «لا يحق للسلطة الإداريّة أياً كانت أن تتدخل بإخفاء دليل يؤكد أو ينفي تهمة معينة». وبالتالي فإنّ مسح التعليقات يجب أن يكون قد حصل بإشراف قضائي وذلك بعد اعتراف المتهمين، إذ أنّه في حال غياب الاعتراف، «مسح الدليل يؤدي إلى الشك، والشك يفسر لمصلحة المتهم». كما أنّه ما الذي يؤكد أنّ المدّعى عليهم قاموا بنشر هذه التعليقات؟ وما الذي يضمن عدم قيام أحد بالقرصنة إمّا المباشرة (باستخدام حواسيبهم) أو غير المباشرة (باستخدام أجهزة قرصنة). وبالنسبة لتعليق أحمد، اعتبرت المحامية في حال كان صحيحاً أنّه لا يدخل ضمن جرائم القدح والذم، أمّا الاتهامات بجرائم حرب فيجب أن لا تناقش علانية حتى ولو وُجد الدليل، بل بإخبار النيابة العامة وتقديم الأدلة. هذا الاعتقال الأخير من قبل السلطات اللبنانية وما يحكى مؤخراً عن اقتراح قانون جديد للمعاملات الإلكترونية وقيام ما يشبه ضابطة عدلية رقمية، يفتح باب النقاش والتخوف من قيام رقابة على الحريات الرقمية في لبنان. وقد استغرب العديد من الشباب تحرك الحق العام في هذه الفترة في حين كان الصمت سائداً في الماضي، وقد قال حبيب منير: «أين القضاء اللبناني من شتم الرئيس لحود طيلة فترة ولايته الممددة؟». هذا وتداعى العديد من الشباب اللبناني لفتح مجموعة جديدة على الفايسبوك تحت عنوان: «حملة أشتم ولا يهمك – لا للنظام الديكتاتوري اللبناني القامع للحريات». وقد أعلن المؤسسون أنّ لبنان انضم «إلى قافلة النهضة الديكتاتورية في المنطقة (العربية) وأصبح سبّ رئيس فيه جرماً حتى ولو حصل في العالم الافتراضي». ودعت رسالة، ساخرة، المواطنين ومستخدمي المواقع التفاعلية إلى الحذر مما يكتبون لأنّ «أعين الرقيب صاحية والدولة التي تفشل في تقديم الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة للمواطن بدأت تظهر نجاحاً متميزاً في كم الأفواه». واختتم ما يشبه البيان بـ: «لا ليس في لبنان ولا في بيروت. لدينا حق مقدس لا نتنازل عنه في انتقاد من نريد وكيفما نشاء وهذا جزء من لعبتنا الديموقراطية .أن نكتب ونرسم كاريكاتوراً وأن نغني ضد سياسيين وأنظمة فاسدة هو جزء من ديموقراطيتنا. رئيس جمهورية، رئيس حكومة، رئيس مجلس نواب، وزير، نائب، رئيس بلدية، عضو بلدية، مختار، موظف حكومي من كل الدرجات، رئيس جهاز أمني، جهاز أمني... كلهم لدينا الحق في انتقادهم. لذلك ارفع الصوت لأن حرية الرأي والتعبير خط أحمر».
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة