إحياء ذكرى مجازر صبرا وشاتيلا بحضور اوروبي واسع

عند العاشرة من صباح أمس، خرج عدد كبير من الفلسطينيين من sabra-shatila-solidarityمخيماتهم، بشكل «موقت». رفعوا رايات وطنٍ يتوقون لرؤياه، لبسوا حلّة فلسطين، وتوجهوا الى المركز الثقافي التابع لبلدية الغبيري التي أحيت بالتعاون مع لجنة «كي لا ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا» ذكرى مجزرة قاسية. في قاعة «رسالات» في البلدية، تم إحياء الذكرى وإلقاء الخطابات. أما المسيرة التذكارية التي اعتادها لبنان سنوياً، فقد اقتصرت على السير لمدة عشر دقائق، وانتهت بنثر الورود في مقابر الشهداء. إلى مركز البلدية، حضر أهالي الضحايا وفي قلوبهم حسرة. فلقد ارتكبت الجريمة بحقهم وبحق أحبابهم، ولم يُعاقب المسؤولون عليها، ولو بإعلان الندم. رغم ذلك، يشعر هؤلاء ببصيص أمل حين يرون وجوهاً أتت من قارة بعيدة، لدعم قضيتهم. أتوا، من أجل وقفة تضامنية إلى جانبهم. وفود أوروبية، بجنسيات مختلفة، لا يتقنون اللغة العربية، ولا يميّزون اللكنة الفلسطينية، لكنهم قلوبٌ تنبض بالقضية، وعقول تتمسك بإعطاء الفلسطيني حقوقه المدنية. وكان وفد «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»، الذي أسسه الناشط اليساري الراحل الإيطالي ستيفانو كاريني، قد وصل الأحد الماضي الى لبنان لإحياء الذكرى. كما حضر وفدان، اوروبي وفرنسي، للغرض ذاته. فاجتمعت أمس، الوفود كلها، في احتفالٍ اقتصر حضوره الرسمي على النائب علاء الدين ترو، وسفير دولة فلسطين في لبنان الدكتور عبد الله عبد الله، وعضو المجلس السياسي لـ«حزب الله» حسن حدرج، ورئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد سعيد الخنسا، ورئيس «الجمعية اللبنانية للاسرى والمحررين» عطا الله حمود. بعد الاحتفال الخطابي، سار أعضاء الوفود الأجنبية، كتفاً إلى كتف، إلى جانب أهالي الضحايا، في المسيرة التي اتجهت نحو مثوى شهداء المجزرة، على إيقاع عزف كشافة «أطفال بيت الصمود»، تظللها الأعلام اللبنانية والفلسطينية والرايات، لتنتهي بوضع أكاليل الورود على أضرحة الشهداء. وفي المسيرة، وزعت منظمة «ثابت لحق العودة» منشوراً هدفه إحياء الذكرى الثامنة والعشرين لمجزرة صبرا وشاتيلا. فيتضمن أسماء الشهداء «كي يبقى شهداؤنا أرقاماً يتداولها المجتمع الدولي والصحافة والمحافل السياسية». يذكّر المنشور بالمئات من المخطوفين والمفقودين الذين اختفت آثارهم في أثناء المجزرة، ومن بينهم 16 فلسطينياً، 13سورياً، 11 لبنانياً، ستة قيد الدرس، ثلاثة مصريين، وبريطاني واحد). واعتمد المنشور الرقم 3500 كحصيلة لشهداء المجزرة. إلى الأرقام، تضمن المنشور نصاً مقتطعاً من كتاب المفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري، «اليهود واليهودية والصهيونية»، يقول: «وبينما استمرت المذبحة طوال يوم الجمعة، وصباح يوم السبت، أيقظ المحرر العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي وزير الدفاع في حكومة مناحيم بيجين، إرييل شارون، ليبلغه بوقوع المذبحة في صبرا وشاتيلا، فأجابه شارون ببرود: عام سعيد. في ما بعد، وقف بيغن أمام الكنيست ليعلن باستهانة: جوييم قتلوا جوييم... فماذا نفعل؟ أي، غرباء قتلوا غرباء... فماذا نفعل؟». كلمات.. ولقاءات رسمية وشهد يوم أمس كلمات تستذكر الشهداء وتطالب بالعدالة لهم ولأسرهم الباقية من بعدهم، وللإنسان بشكل عام. فاعتبر الخنسا أن «عصر الانتصارات سيستمر ودول الممانعة والاحزاب والقوى والفصائل التي في صف المقاومة والجهاد لا تزال قبلة الجماهير ومحط آمال شعوبنا العربية والاسلامية والاحرار في العالم». وأكدّ السفير عبد الله على انه «بوحدتنا، سنواجه كل من يريد أن ينتقص من حقوقنا وأن يبقي شعبنا مشرداً وأن يغلق الباب على أهلنا. لذلك، ان المقاومة الفلسطينية التي ولدت لتبقى ولتنتصر، تواصل مقاومتها في البناء ومواجهة الخصم». بدوره، أكدّ النائب ترو أن «الحزب التقدمي الاشتراكي» لا يريد «خلافاً لبنانياً - فلسطينياً حول حقوق الفلسطيني في لبنان، ولا نريد خلافاً فلسطينياً - فلسطينياً حول هذه الحقوق». وطالبت ممثلة الوفد الايطالي في لجنة «كي لا ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا» ستيفاني كاريني بـ«الاعتناء باللاجئين وتقديم كل الحقوق الاجتماعية والخدماتية الإنسانية للفلسطينيين في المخيمات، حتى العودة الى فلسطين». وأكّد ممثل الوفد الفرنسي في اللجنة ماركو الفرد «الاستمرار في الوقوف الى جانب قضية فلسطين»، كما تحدثت سهام بلقيس باسم عائلات شهداء المجزرة، شاكرة الوافدين للوقوف إلى جانبهم. بعد الاحتفال، عقد الوفد الإيطالي مؤتمراً صحافياً في مقر نقابة الصحافة، عرض خلاله نتائج الجولة في لبنان وفي المخيمات الفلسطينية. واعتبر ممثل ايطاليا في لجنة «مورو موسوليني» أن «المجزرة هي إحدى مظاهر الصهيونية العالمية التي تمارس الإرهاب والقتل ضد الشعب الفلسطيني». وألقت ممثلة المجموعة البريطانية في الوفد سيوي أنج كلمة عرضت فيها تجربتها منذ 28 عاماً في مستشفى غزة، في زمن وقوع المجزرة. ونقلت سيركو كيبشت، باسم المجموعة الفنلندية، لحيوات أطباء عملوا في مستشفى غزة، خلال مجزرة صبرا وشاتيلا. والقى الزميل نصري الصايغ كلمة باسم رئيس تحرير «السفير» الزميل طلال سلمان، جاء فيها: «اذا اردت ان تهزم شعباً، عليك أن تغيّر ثقافته وذاكرته ولغته. وأنتم من الذين لا تعرفون لغتنا ولكنكم تؤمنون لنا هذا الطبيب لعدم النسيان ولإبقاء الذاكرة حاضرة باستمرار». واعتبر الصايغ «هذه ليست قضية صبرا وشاتيلا فقط، فتاريخ الصهيونية مع الفلسطينيين والدول العربية المجاورة هو تاريخ المجازر المسكوت عنها دائماً من دير ياسين الى مجزرة بحر البقر الى مصنع ابو زعبل الى كل المجازر التي ارتكبتها تلك التي دفنت ولم تعد قابلة للحياة، لان المطلوب هو إعدام الذاكرة وإعدام اللغة وإعدام القضية». والتقى الوفد مسؤول العلاقات الخارجية في «حزب الله» عمار الموسوي في مستشفى الرسول الأعظم، فتطرّق الموسوي خلال اللقاء الى القضايا السياسية الراهنة. ثم كان لقاء مع أمين عام الحزب الشيوعي د. خالد حدادة، رأى خلاله حدادة أن «مبادرة الوفد المتكررة سنوياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ليست عملا فلكلورياً بل عمل نضالي يستهدف إحياء الذكرى، وبشكل خاص حق عودة الشعب الفلسطيني الى وطنه الأصلي». ولفت الى أن «أهمّ ما يميّز حركة التضامن المستمرة مع الشعب الفلسطيني في لبنان أنها ليست حركة بمضمون إنساني فقط، بل هي حركة سياسية بالعمق تؤكد على الحقوق الوطنية لهذا الشعب». كما أقام رجل الأعمال الفلسطيني رامي النمر، أمس الأول، مأدبة عشاء على شرف الوفد الإيطالي وأهالي ضحايا المجزرة، معتبراً أن «الشعب الذي يقاتل من اجل العودة ويرفع راية المقاومة بجميع أشكالها، لا يمكن أن يتخلى عن حقوقه التاريخية، طال الزمن أم قصر». يختتم الوفد زيارته الى لبنان اليوم، ومن المتوقع أن يضع إكليلاً من الورد صباحاً على مثوى المناضل الفلسطيني الراحل شفيق الحوت، وآخر على أضرحة شهداء مجزرة تل الزعتر، وثالثاً على أضرحة شهداء المقاومة الإسلامية في مقبرة الشهيدين. زينة برجاوي
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة