Hiba Awar

Hiba Awar

ثائر غندور عند الرابعة والنصف من عصر يوم أمس، فوجئ روّاد الكورنيش البحري في عين المريسة بأصوات تقترب. ظنّ البعض أن تظاهرة التضامن مع الشعب البحريني انتقلت من الإسكوا. اقترب الصوت أكثر. ظهرت مجموعة شبّان تنزل من صوب الجامعة الأميركيّة إلى عين المريسة. اقترب هؤلاء إلى منزل النائب مروان حمادة، وعلا الصوت أكثر: «حيّدوا نحنا الاشتراكيي حيّدوا، وليد بيك بعد الله منعبدو». إذاً، هم طلاب الحزب التقدمي الاشتراكي يتّجهون إلى فندق الريفييرا حيث دعت منظمة الشباب التقدمي إلى لقاءٍ مع رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط. المناسبة هي ذكرى اغتيال مؤسس الحزب كمال جنبلاط.

حمل الطلاب من الجامعتين الأميركيّة واللبنانيّة الأميركيّة صور كمال جنبلاط وأعلام حزبهم، واستمروا في ترداد شعاراتهم. بين الشعار والآخر يهتفون بقوة لـ«أبو تيمور». نال الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري نصيبهما من الهتاف. برّي بالإيجاب، والحريري بالسلب. بدأت السخرية: «شوفوا شوفوا تظاهرة المليونين»، «فإذا كانت تظاهرة الأحد مليونيّة فهذه تظاهرة المليونين» يقول رواد. انضمّ هذا الوفد بأعلامه وصوره إلى الموجودين في الفندق. الوزير غازي العريضي والمسؤول الإعلامي في الحزب التقدمي رامي الريّس كانا في استقبالهم إلى جانب المسؤولين في منظمة الشباب التقدمي. سلامات وقُبل بين الشباب؛ فهم أعضاء مكاتب المنظمة في مختلف المناطق، من راشيا وحاصبيا إلى جبل لبنان، إضافة إلى طلاب جامعات بيروت. تمتلئ القاعة. يصل جنبلاط. يعلو التصفيق للزعيم. بعد إغلاق الباب وخروج الصحافيين من القاعة، فتح وليد جنبلاط قلبه لشبابه، وإن لم يكن بالمقدار الذي أراده هؤلاء. قدّم أبو تيمور سرداً تاريخياً لموضوع السلاح، وكيف أنه من سبعينيات القرن الماضي سلاح المقاومة مطلوب، وكيف دافع الحزب الاشتراكي عن هذا السلاح يوم كان في يد منظمة التحرير الفلسطينيّة. أضاف أن هذا الأمر ليس جديداً، وهو مشكلة تاريخيّة، لكن حلّها لا يُمكن أن يكون إلّا من خلال الحوار، «فاليمين عارض هذا السلاح منذ زمنٍ طويل، ومن لديه طريقة ثانية لحلّ موضوع السلاح غير الحوار فليتفضّل». واسترسل في هذه النقطة، مؤكّداً أنه ضدّ استعمال هذا السلاح في الداخل، «وهو استخدم مرّة واحدة في 7 أيّار تحت الضغط»، لكنّه أعاد تأكيد رفض تعرية لبنان أمام إسرائيل. وتحدّث الرجل عن أن خطاب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري يوم الأحد الماضي كان حماسياً، مكرراً أن هذه الطريقة لا تصل إلى نتيجة. ودعا جنبلاط شباب حزبه إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الشعارات، في إشارة إلى شعارات رفض السلاح وعدم القبول بسلاح إلّا سلاح الجيش اللبناني. وكرّر جنبلاط مواقفه المعروفة لجهة العلاقة مع المقاومة والسلاح. تناول جنبلاط في حديثه إلى شباب المنظمة ما يحصل في العالم العربي من ثورات، لافتاً إلى أن هناك من يبحث عن ثُغَر في هذه التحركات لإفشالها، عبر تصويرها تحرّكات مذهبيّة. أيّد جنبلاط ثورتي مصر وتونس، لكنه أشار إلى أن ما يجري في البحرين له أبعاد أخرى بسبب إعطائه البعد المذهبي. ورأى أن ما يحصل في سوريا هو شأن داخلي. أكد عدد من الشبّان ضرورة زيارة جنبلاط المناطق، فأيّدهم. وأشار آخرون إلى النقد المتأتي من عدم وجود وسائل إعلاميّة للحزب، فأيّدهم أيضاً، مضيفاً أن على نواب الحزب ووزرائه أداء دور إضافي في هذا المجال. وتقدّم عدد من الحاضرين بنقد الأداء الداخلي للحزب وضرورات تحسينه. وطرح بعض الشبّان موضوع إسقاط النظام الطائفي، وطالبوا بأن تكون مقاربة حزبهم لهذا الموضوع ودعمه مختلفة عن طريقة بري والحريري والنائب ميشال عون، داعين نواب الحزب إلى تقديم مشاريع قوانين إلى مجلس النواب لإلغاء الطائفيّة، وفي مقدّمة هذه المشاريع الأحوال الشخصيّة المدنيّة. هنا، أيّد جنبلاط أيضاً، مضيفاً أن القانون المدني للأحوال الشخصيّة يكون حلاً للكثير من الأمور، وأعطى مثالاً؛ إذ يمنع المذهب الدرزي الزواج الديني من غير الدروز، فيكون الحلّ هو الزواج المدني. لم تغب عن اللقاءات الجانبيّة في خلوة أمس المشاركة الدرزيّة في تظاهرة الأحد الماضي. بدا الاشتراكيّون مزهوّين بالمشاركة الضئيلة، «وخصوصاً أن الحزب لم يُمارس ضغطاً على الناس لعدم المشاركة، بل اكتفى بما قاله رئيس الحزب لـ«الأنباء»، ما أثبت أن الجبل لا يزال ملتفاً حول وليد جنبلاط»، ردّد أكثر من مسؤول حزبي هذه العبارة. بدا هؤلاء مرتاحين لمرور هذا «القطوع». وعند الحديث مع الاشتراكيين، لا يُنكرون وجود مناخ مؤيّد لقوى 14 آذار في بعض الأوساط، لكنّهم يُشيرون إلى الالتزام بالخيارات السياسيّة لجنبلاط، لأن الناس «يثقون بهذا الرجل».

العدد ١٣٦٥ الخميس ١٦ آذار ٢٠١١

تمر البحرين في هذه الاثناء بلحظات عصيبة بعد أن أصدر ملك البحرين اليوم مرسوماً ملكياً يقضي بالعمل بأحكام قانون الطوارئ، مكلفاً القائد العام لقوة دفاع البحرين بحكم البلاد لفترة ثلاثة أشهر يوكل إليه خلالها مهمة بسط الأمن، وهو الأمر الذي أسفر لغاية كتابة هذا البيان عن سقوط 4 شهداء وعشرات الجرحى نتيجة حملة تصفية شعواء يديرها الجيش البحريني ضد أبناء شعبه. يأتي هذا القرار بعد شهر من أطلاق الشباب البحريني في 14 فبراير – شباط الوطني حملة واسعة من الاحتجاجات السلمية مطالبين الملك بالوفاء بالاصلاحات الذي وعد بها والتي تتمثل في تحويل البحرين إلى مملكة دستورية أسوة بالممالك الدستورية العريقة. إلا أن هذه الدعوات ووجهت بقمع من قبل السلطة، نتج عنه سقوط 8 شهداء قبل هذا اليوم، وعشرات الجرحى مما دفع أبناء شعبنا للغليان مطالبين بإستقالة الحكومة، وحل المجلس الوطني، وإنتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد للبلاد يمثل الإرادة الشعبية. يبين المنبر التقدمي أن هذه الدعوات قوبلت بمماطلة من الحكم في محاولة منه لإمتصاص الغضب الشعبي، عبر توجيه دعوة فضفاضة للحوار الوطني لا تضمن تحقيق الحد الادني من مطالب المعارضة، وبعد سلسلة من المماطلات عمدت مجموعة من صقور العائلة الحاكمة لإثارة الفتنة الطائفية بين مكونات شعبنا عبر دس مجموعة من المرتزقة المسلحين في مختلف قرى ومدن مملكة البحرين مدججين بالسلاح الأبيض وبندقيات الرصاص الإنشطاري لبث الفتنة والرعب بين صفوف أبناء البلد الواحد، ترافق ذلك مع حملة شعواء من قبل الإعلام الرسمي تتهم جوراً المعارضة البحرينية بالوقوف وراء هذه الأحداث، وتمكن هذا السيناريو من النفاذ لنفوس العديد من أبناء شعبنا عبر بث الإشاعات المغرضة من خلال مختلف وسائل الاتصال عن تصفيات طائفية تجرى في هذه المدينة وتلك القرية. هيئت هذه الحملة القذرة الأجواء للاقتتال الأهلي، ممهدة الطريق للحكم البحريني للاستعانة "بدرع الجزيرة" قوة الدفاع الخليجي المشترك التي وقفت متفرجة حين غزى الجيش العراقي الكويت في الثاني من أغسطس عام 1991م، وعوضاً عن ذلك فتحت دول الخليج حدودها للاحتلال الامريكي لبسط قواعده العسكرية في المنطقة، وهاهي تلك القوات الخليجية تغزو البحرين بآلياتها من أجل قمع انتفاضة هذا الشعب الاعزل، بعد يوم من زيارة وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس أجتمع خلالها مع أقطاب الحكم وختمها بإعطاء ضوء أخضر لقمع الانتفاضة الشعبية. و بعد يوم واحد من غزو القوات المشتركة للاراضي البحرينية في انتهاك واضح للسيادة الوطنية، يسجل المنبر التقدمي بدأ هذه القوات المشتركة حملة قمعية لتصفية الانتفاضة الشعبية مستخدمة وابلاً من الرصاص الحي ضد مواطنين عزل في عدد من القرى والمدن البحرينية. ويرى المنبر التقدمي أن هذه القوات ماضية في طريقها لتصفية المعارضين المعتصمين منذ شهر في ميدان اللؤلؤة وسط العاصمة البحرينية المنامة. إن المنبر الديمقراطي التقدمي البحريني يناشد الاحزاب اليسارية العربية وكافة منظمات المجتمع الدولي للوقوف مع أبناء الشعب البحريني ضد ما يتعرضون إليه من مجازر وسط تعتيم من الإعلام العربي الذي يسيطر على جزء أساسي منه المال السياسي التابع لحكام الخليج. كما يوجه المنبر التقدمي نداءاً عاجلا إلى رفاقه وأ صدقائه في الأحزاب اليسارية والتقدمية العربية والعالمية، من أجل التعبير عن إحتجاجاتهم ضد ما يتعرض إليه اشقائهم البحرينيين. وإذ يوجه المنبر التقدمي إليكم هذا النداء العاجل يناشدكم بالمساهمة بوصول صوت البحرينيين للاعلام العربي والعالمي الحر، ونقل ما يتعرضون إليه من مجازر ترتكبها قوات الانظمة الديكتاتورية في الخليج الرابضة على صدور شعوبها، وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي. 15 آذار – مارس 2011م تزامناً مع الذكرى العاشرة للاستفتاء الشعبي على ميثاق العمل

لأن النظام الطائفي ورموزه ومؤسساته وقوانينه أرجعوا الوطن قروناً الى الوراء؛لأنهم ليسوا أطرافاً متناقضة، بل طرف واحد نقيضه نحن الشعب؛لأنهم تآمروا علينا لعقود، فإذا اختلفوا، دمروا الوطن، وإن اتفقوا سرقوه؛لأنهم هجروا شبابنا؛لأنهم أفقدونا أبناءنا وأشقاءنا بحروبهم العبثية الطائفية؛لأنهم يحرموننا من حقوقنا كمواطنين نتيجة التمييز الطائفي؛

فلنتحرك- من اجل منعهم من جرنا الى حرب أهلية جديدة.- من أجل دولة مدنية علمانية ديمقراطية تحمي الأديان من الطائفية وتحفظ التنوع.- من أجل دولة مدنية علمانية ديمقراطية تسمح للأختلاف بلا خلاف.- من أجل اسقاط النظام الطائفي ورموزه – نحو دولة مدنية علمانية ديمقراطية.- من أجل قانون مدني إختياري للأحوال الشخصية يضمن المساواة بين المرأة والرجل.- من أجل قانون انتخابات قائم على مبدأ النسبية خارج القيد الطائفي، يضمن حق الانتخاب للمغتربين وخفض سن الاقتراع لـ 18 سنة.- من أجل سياسات اقتصادية اجتماعية تدعم الفقراء وتساعد على خلق فرص عمل.- من أجل حق الشعب اللبناني بمعرفة اين وكيف أهدرت أمواله العامة.

الى كل المتضررين من النظام الطائفي ورموزه،

موعدنا للتحرك في الساعة الثانية عشرة ظهر الاحد 20 آذارمن ساحة ساسين (الأشرفية) الى وزراة الداخلية (الصنائع)، مروراً بالسوديكو، بشارة الخوري، البسطة كركول الدروز والظريف

اثناء قيام رفيقين من المنظمة ليل الجمعة الواقع فيه 25 من الشهر الجاري بتوزيع الملصق الخاص بالمسيرة التي دعت  اليها مؤسسات المجتمع المدني ،والمجموعات المشاركة على موقغ الفيسبوك لاسقاط النظام الطائفي بتاريخ 26-2-2011،اعترضت طريقهما مجموعة من الاشخاص كانت تستقل سيارة من نوع "جيب " على طريق صيدا القديمة مقابل كنيسة مار مخايل واجبرتهما على صعودها بطريق القوة والسلاح ،واقتادتهما الى احد المراكز التابعة لقوى الأمر الواقع في منطقة الشياح ،حيث اجرت المجموعة تحقيقاتها بقوة السلاح وبلسان الاّمر الناهي وبالكلام السياسي "النابي "تحت شعار ان هذه الدعوة  هي دعوة لاسقاط اتفاق الطائف  وان زعامة هذه المجموعة هي احدى اركان النظام السياسي ما بعد الطائف . ان هذه الممارسة تشدد قناعتنا بضرورة تغيير النظام الطائفي الرث الذي سمح لبعض المتهورين بالتعرض لحياة المواطنين وتهديد امنهم وسلامتهم . ثانيا": اننا نستغرب هذا التوقيت في التعرض للمواطنيين المتضررين من سياسات النظام في الوقت الذي تقدم فيه الشعوب العربية دمائها دفاعا" عن حقها في العيش في مجتمعات ديمقراطية  يسودها الامن والاطمئنان وكان لدى تللك المجموعة احساسا" ان نظامهاالطائفي بدأ يلفظ انفاسه وسيلفظ معه كل من قام على أعتابه. ثالثا": نؤكد على أن  السلاح ان وجد وحيث وجد يجب ان يرفع في وجه العدو الاسرائيلي وحده فقط،لا في وجه المواطنين اللبنانين  وخاصة ان منظمتنا كانت طليعة المقاومين في وجه العدو الاسرائيلئ والتي قدمت الكثير من الشهداء والاسرى فداء" لقيام وطن عربي ديمقراطي مقاوم . رابعا": نؤكد  على ان منطق الحوار والنقاش الشفاف سيبقى سلاحنا الوحيد والاّجدى في الداخل اللبناني وان منطق القوة لن يجدي نفعا" لقناعتنا التامة ان القوة يجب ان يستخدم مع العدو الاسرائيلي فقط .بيروت   28-2-2011

جعفر العطار من حناجر حانقة، غاضبة وسعيدة في آن، كانوا يصرخون: «ثورة ثورة في كل مكان.. جاء دورك يا لبنان». اتفقوا على اللقاء قبالة كنيسة «مار مخايل» في الشياح، ليتوجهوا منها في مسيرة ضمت أكثر من ألفي «مواطن ومواطنة»، إلى قصر العدل، ليقولوا ما يرمون إلى تحقيقه: «نحن مواطنون ومواطنات نتحرك ضد النظام الطائفي ورموزه، وضد الفقر والتهميش، وضد البطالة والهجرة». رفعوا شعاراتهم، ورددوا هتافاتهم المطالبة بدولة علمانية، والعيش الكريم لكل المواطنين. معظمهم لم يكن على معــرفة بالآخر، إلا من خلال شــاشة الكومبيوتر، ولوحــة المفاتيح (keyboard) التي نقــلت عبارات تتــفق، أو تختلــف، مع الآخــر. هــناك، تعرّفوا إلى شركائــهم في ما يطلـبون، فمشوا تحـت زخـات المطر، وبلا طــوائف. لم تأخذهم ثورة تونس ومصر وليــبيا إلى أحــلام كبيرة، فلم يطالبوا بإسـقاط الطاغية. أخذوا من مصر فكرة شبابها «الالكترونية»، وتلمــسوا منها طعــم الانــتصار في تحقيق الحلم. لم يحلموا، بل طــالبوا بما لم يطالب به الجــيل الذي سبقنا، والــذي صــار حلماً، فقرروا كسر جداره أمــس. غنّوا النشيــد المصري في خطــوة المســيرة الأولى، ورددوا النشـيد اللبناني مع الختــام. والقــصة التي بدأت، كــما قالوا، لم تنــته بـعد... ما إن ترجل الشاب العشريني من سيارة الأجرة، عند الجهة المقابلة لكنيسة مار مخايل، حتى رُسمت علامات الأسى على محياه. كانت الساعة الثانية عشرة والربع، فيما كان موعد المسيرة قد حدد عند تمام الثانية عشرة ظهراً. ببصره، جال الشاب، الذي أتى من بيصور للمشاركة في مسيرة إسقاط النظام الطائفي، على مدخل الكنيسة، فرأى سيدة متشحة بالسواد. «لم يصلوا بعد؟»، سألها. يشتد هطول المطر، بغزارة شباط المعروفة. «ثمة مجموعة وصلت، وهي في قاعة الكنيسة. تفضل»، أجابته السيدة، فأردف بنبرة تشوبها الأسى المرسوم على وجهه: «لقد شعرت، منذ الصباح، بأن المطر سيحول دون مجيئهم». وفيما كان يقفل راجعاً، سمع شاباً يهرول صارخاً في حديث على هاتفه الخلوي: «نعم، نعم، دقيقتان وأنضم إلى المسيرة، على الطريق». تغيرت سحنة الشاب، وشرع يركض وراء صاحب المكالمة الهاتفية في شارع صيدا القديمة، فيما رأسه متحرر من المظلة، التي ربما نسي أن يفتحها. كان يركض بين السيارات، مقتفياً أثر «دليله» إلى المسيرة. «ثمة سيارة لقوى الأمن الداخلي. إنني أسمع هتافاتهم، ها هم هنا!»، صرخ الشاب بوجه «الدليل»، قبل أن تتسلل دموعه إلى وجنتيه، وتمتزج مع حبّات المطر، في أثناء انضمامه إلى المسيرة. «ثورة.. ثورة.. ثورة!»، كان يردد، كمن عثر على ضالته، التي كان قاب قوسين أو أدنى من أن يضلها، بعد حديثه مع السيدة التي ظنّت أنه يسألها عن برنامج الكنيسة. تهطل حبّات المطر بقوة، مع كل دقيقة تمر، بينما أفراد المسيرة يملأون فضاء الصوت برفض النظام الطائفي. لا أجهزة لاسلكية تنقل تعليمات «الأمن» هنا، ولا أسلحة تحمي مسؤولا وصل للتو، ولا سيارات فارهة تركن إلى جانب الطريق ليترجل منها نائب «الزعيم»، ولا أعلام تحاكي انتماء حزب أو تيار. ثمة علم واحد: لبنان، ومظلات تحمي الرؤوس من الأمطار، وشارة علقت على ياقة المنظمين «مواطن منظم». يتردد، بين الحين والآخر، هتاف يحمل مضمون الهتافات الباقية، التي ترمي إلى التعبير عن رفضها للنظام الطائفي، ومطالبتها بما كان مستحيلاً، وصار قابلاً للتفكير به جهاراً بعد قصص كتبتها تونس ومصر وليبيا: الثورة. يقولونها، بصوت موحد، قبل أن «يعزفوا» العبارة الشهيرة من حناجر حانقة: «الشعب.. يريد.. إسقاط النظام». يمرّ المشاركون في شارع صيدا القديمة، مرددين أكثر من هتاف. ثمة طفلة، لم تبلغ الثلاثة أعوام بعد، تحدّق من فوق كتف والدتها، بالوجوه التي تصادفها. تحاول الأم أن تحمي رأس ابنتها، فتركز المظلة فوق رأسها، وتهتف بأعلى صوتها، أكثر من مرة: «ثورة.. ثورة.. ثورة». تخرج حروف متقطعة، غير واضحة، من فم الفتاة اللوزي الشكل، يُسمع منها حرفا الثاء والواو. يتحول الطرف الأخير من الشارع، إلى مستنقع أفقي فيه مياه موحلة، يصعب الفرار منها، حتى ولو بالالتفاف حولها. يبدو مشهد تخطّي المشاركين بركة المياه، أشبه بمن يجتاز النهر من ضفة إلى أخرى، أو من شاطئ بحر إلى شاطئ آخر. وهم، في اجتيازهم، سعداء: لا يكترثون للبلل الذي يجتاح أقدامهم، ولا للمطر الذي يتساقط على رؤوس بعضهم. كأنهم، في ما يفعلون، يقولون ما خجلوا عن إعلانه جهاراً، خشية من إقحام أنفسهم في لعبة التبجح: «نحن مصرّون على مطالبنا. إننا نعبر من ضفة إلى ضفة، ونريد الخلاص من ضفتكم التي تربينا عليها، ويئسنا منها، لنصل إلى ضفتنا التي حلمنا بها، ولو تحت المطر، وبين الوحل.. مع أطفالنا وشبابنا». تظهر علامات الفرح على وجوهم، من كبارهم إلى صغارهم. ثمة رجل ستيني يهم بالركض بين المشاركين، ليصل إلى مقدمة المسيرة. تترنح قبعته المستديرة مع كل خطوة تسبق الوصول. يصل، ويبدأ بإطلاق هتافات مدوية، سرعان ما يرددها الحشد خلفه: «نريد دولة مدنية. ثورة على الطائفية. ثورة على المحسوبية. ثورة على الاستغلال. ثورة على الزعماء». تتغير، بين الدقيقة والأخرى، وجوه الشبان الذين تناوبوا على الصعود إلى سيارة الـ»بيك أب»، بغية تولي مهمة إطلاق الهتافات. يتناول الناشط في «اتحاد الشباب الديموقراطي» عربي عنداري المظلة من يد مصوّر فوتوغرافي تسلق السيارة، ويثبتها فوق رأس المصوّر، فيما رأسه مكشوف للأمطار الغزيرة. تتنقل سيدة خمسينية بمعطفها الأسود، بين السيارات التي تسير عند الجهة المحاذية للمسيرة في شارع سامي الصلح، وفي إحدى يديها رزمة من الأوراق. تعكف السيدة على توزيع قصاصات الورق على سائقي السيارات، بنشاط يبدو واضحاً من حركة تنقلها، وسرعة توزيعها لما تحمل في يدها السمراء. تتولى زميلة شابة تعمل في إحدى الإذاعات المحلية، مهمة إطلاق الهتافات في مقدمة المسيرة. تحمل الفتاة علم لبنان بيد، وترفع قبضتها باليد الأخرى، قبل أن تصرخ بصوت أنثوي رنّان، والوجه موجه لمن تخاطب: «يلّي قاعد ع البلكون.. انزل ولاقي شعبك هون». يرفع رجل وقف على شرفته، شارة النصر رداً على الهتافات، بينما تجاهل كثيرون ما يسمعون، أو أنهم لم يعرفوا ماذا يقولون أو كيف يعبّرون. يتوقف تساقط المطر عشر دقائق، قبل وصول الحشود إلى قصر العدل، حيث النقطة الأخيرة للمسيرة. وبحركة شبه آلية، تختفي المظلات من فوق الرؤوس، فتتكشف الوجوه فجأة، وبصورة أوضح. فتنتقل التحيات من يد إلى أخرى، وتتطاير القبلات في الهواء، موزعة من هذا أو هذه، إلى ذاك الذي سعد بوجود صديقه، أو صديقته، في المسيرة. يتناقلون السلام، ولو بابتسامة خفيفة، كأنهم في عرس جماعي. ثمة مظلة مرفوعة، يحملها شاب عشريني. يهمس، بصوت يكاد لا يسمع منه ما يقوله بوضوح، لصديقه الذي وقف إلى جانبه حاملاً علم لبنان: «لا تضحك. لكنني لا أريد أن أغلق المظلة، خشية أن تصوّر وجهي عدسة تلفزيون ما، فتعرف جماعتنا أنني كنت هنا. وحينها، يكون يومي الأخير بينهم». يطلق صديقه قهقهة مدوية في الفضاء. تعود السحب لتوزع حباتها على الرؤوس. تستقر المسيرة تحت جسر قصر العدل الشهير. تنتشر حول الجسر دوريات معززة للجيش اللبناني، فيما كان واضحاً وغريباً في آن أنهم لم يكونوا إلى جانب المسيرة، منذ انطلاقها من الكنيسة، خلافاً للمسيرات الشبابية التي كانت تنظم سابقاً، حيث كانت تتقدم المسيرة سيارات معززة للجيش وقوى الأمن الداخلي. يجلس الدكتور في جامعة «البلمند» نواف كبارة إلى كرسيه المتحرك، تحت الجسر، وإلى جانبه رجل أربعيني، اسمه محمد حداد، يستند إلى عكازيه. يقول كبارة انه عرف بالمسيرة من طلابه في الجامعة صباحاً. قالوا له عبارة واحدة: «نحن متوجهون للمشاركة في مسيرة ضد النظام الطائفي». لم يسألهم عن شيء، بل استقل سيارته ولحق بهم، من طرابلس. لا تفارق الابتسامة وجه أستاذ العلوم السياسية، الذي أصيب بحادث سير في العام 1980، فصار مقعداً منذ ذلك الحين. يشرح الدكتور سبب حماسته للمسيرة، خلافاً لبعض الذين خرجوا من قطار الشباب، قائلاً إن «الوضع قد تغير بعد تونس ومصر وليبيا، فالحلم بالتغيير كان مستحيلاً. حبذا لو يشجع الأهالي أولادهم للمشاركة. نحن نطالب بحقوقنا، التي تبدأ مع إلغاء الطائفية في هذا البلد». تتداخل كلمات حداد، الموظف في إحدى البلديات والمصاب بشلل أطفال، مع كلمات النشيد اللبناني، الذي أعلن المنــظمون أنه ختام لمسيرة لن تنتهي. يعبّر الرجل عن سعادته العارمة في المشـاركة، خـصوصاً أنه لم يتوقع أن يكون «العدد بهذا الحجم، نظراً للطقس، وبسبب الانتماءات السياسية المعروفة». تبدأ الحشود بالتفرق بعضها عن بعض بعد ساعتين من السير، متخذة جهات عدة. فمنهم من وقف قبالة مبنى الأمن العام، الذي أطلّت عناصره من شرفاته، ومنهم من وقف ينتظر سيارة تقله باتجاه الدورة أو الأشرفية، ومنهم من مكث يرقص ويزغرد بين من رفضوا العودة قبل مغادرة الجميع. وقفوا يرقصون حتى اللحظات الأخيرة، على أنغام أغان تشرئب لها أعناقهم، ما إن يسمعوا فيها كلمة واحدة: ثورة.
يستحق «شباب الفايسبوك» أن ترفع لهم القبّعات. أولاً لأنهم غادروا الفايسبوك الى كنيسة مار مخايل، واجتمعوا هناك بالمئات، مواطنين ومواطنات، في تظاهرة «من أجل إسقاط النظام الطائفي في لبنان»

سيكتب الكثير عن تظاهرة «من أجل إسقاط النظام الطائفي في لبنان». عن هذا الحراك المدني الاستثنائي في طقس عاصف، الذي تجاوز، كل من خوّن، وشكك، وهدد، وحرّض، ورهّب، وصولاً الى من خطف نشطاء كانوا يوزعون منشوراً يدعو الى المشاركة. لكن، تكفي متابعة 4100 تعليق على موقع المجموعة على الفايسبوك، لكي يتضح بأن العالم الافتراضي، يستضيف حواراً وطنياً ديموقراطياً، أكثر عمقاً وصراحة من حوار زعماء الطوائف في الغرف المغلقة. «سباحة سباحة على العدليّة، كرمال عيون العلمانيّة. سباحة سباحة على العدلية، نكاية بكل الطائفية». ساعة ونصف ساعة استغرقتها المسيرة، لم يتوقف فيها المطر دقيقة واحدة، بل إن الزخات كانت تقوى في بعض الوقت، لتحول الشوارع التي سلكتها التظاهرة الى نهر من المياه. اختلفت تقديرات أعداد المشاركين. فالمتحمسون قالوا: 4 آلاف، والمتفائلون قالوا: 3 آلاف. لكن الأكيد، أن التظاهرة كانت تضم أكثر من 1500 «سبّيح»، كان أولها في الطيونة وآخرها عند بيروت مول. نورد هذا الرقم الأقرب الى الواقع، كي لا ينسى المنظّمون أن 12500 مشارك على الفايسبوك حضر 10 في المئة منهم فعلياً، وأن ليس كل من نقر زرّ «سأحضر» وهو يجلس خلف شاشة جهازه، في لبنان والخارج، سوف يحضر فعلياً ويهتف «الشعب يريد إسقاط النظام». شعارات كثيرة رددها المشاركون. أغلبها جرى التصويت عليها مسبقاً في الاجتماعات التحضيرية، التي عقدت في مقر تيار المجتمع المدني في بدارو، وأذيعت على مكبرات الصوت التي وضعت على شاحنة بيضاء تقدمت المسيرة. بحّت الحناجر وهي تصرخ «ثورة». ثورة على كل شيء. على النظام الطائفي ورموزه. على أمراء الحرب والطوائف. على نظام المحاصصة والتوريث السياسي. على الاستغلال الاجتماعي والاقتصادي، والبطالة، والهجرة والفقر والتهميش. ومن الهتافات «ثورة ثورة في كل مكان إجا دورك يا لبنان». ولم ينسَ المشاركون توجيه التحيات الى الثورات العربية: «مع المصرية... ثورة، ومع اليمنية... ثورة. مع البحرين... ثورة ومع الليبية... ثورة». أما مطالب المشاركين فقد وزعت في بيان أهمها: «دولة علمانيّة مدنيّة ديموقراطيّة. والحق في العيش الكريم لكل المواطنين من خلال رفع الحد الأدنى للأجور. وخفض أسعار المواد الأساسيّة والمحروقات. تعزيز التعليم الرسمي. وتكافؤ فرص العمل وإلغاء المحسوبيّة، الوساطة، والرشى. والحق في المسكن اللائق وتعزيز الضمان الاجتماعي وإقرار ضمان الشيخوخة». وللمواطنين الذين أطلّوا من الشرفات هتف المشاركون: «يلّي قاعد ع البلكون انزل شوف شعبك هون». «لا 14 ولا 8 نحنا الشعب اللبناني». ويكمل المشاركون تعريف أنفسهم: «نحنا حركة مدنية، نحنا حركة سلمية ضد الرجعية والطائفية». إحدى المشاركات اختارت لنفسها حمل لافتة كتب عليها «كرّهتونا بشهر آذار... أنا بقاتل إسرائيل وبشرب كاس». واكبت المسيرة سيارة للقوى الأمنية، وثلاثة دراجين، وجيب مدني يضم عناصر من فرع المعلومات. فهود مكافحة الشغب ومغاوير الجيش كانوا يحتمون من المطر تحت جسر العدلية. أما وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود فأعلن في تصريح لـ«النشرة» أنه «لو لم أكن بالموقع الرسمي لكنت شاركت بالتظاهرة». إعلان استدعى زخماً من التعليقات طالبت الوزير بالاستقالة فوراً والانضمام إلى «الثوار». شعور بالفرح والتفاؤل والثقة بالنفس ساد المشاركين، بعدما اختتموا نشاطهم تحت جسر العدلية ورفعوا أيديهم تحية للعلم اللبناني والنشيد الوطني. القلق من تجيير التحرك لفريق واحد كان بادياً في مقدمة التظاهرة التي احتلها شباب مستقلّون وضعوا بادج كتب عليه «مواطن منظّم». وكذلك في التسابق على اعتلاء الشاحنة التي حملت مكبرات الصوت. لكن ما كتبه ماهر دياب تعليقاً على مشاركته يشي بهواجس من نوع آخر كاعتراضه على ما سمّاه «الجانب السوقي من الشعارات متل «كلاب الطائفية» وهي عبارات «صار لازم يكون لها رديف متل كلاب العلمانية» مثلاً. على حد قوله. اعتراضات أخرى برزت في التعليقات، أهمها أن «الحملة تريد معالجة النتيجة (النظام الطائفي)، بينما نعتقد في رأينا المتواضع أنه يجب معالجة أساس المشكلة (الطائفية) التي نجدها في المجتمع والنفوس وأماكن العمل والدراسة وطريقة التصرّف. كما كتب نينار في مدونته: «أي إصلاح يأتي من تظاهرة سيسقط في تظاهرة طائفية مضادة في اليوم التالي. كما أن إلغاء النظام الطائفي في ظلّ شعب طائفي لا يعني نهاية الطائفية». وجوه بعض كتّاب 14 آذار كانت في المسيرة. مشاركة شخصية لم تستفزّ المشاركين غير الحزبيين. لكن الاستفزاز جاء من قناة أخبار المستقبل التي بثت تقريراً عن التظاهرة، تحدث فيه مسؤول شبابي من تيار المستقبل باسم التحرّك وباسم المشاركين فيه. وتعليقاً على التقرير أوضح بيان باسم «المواطنين والمواطنات والمجموعات الشبابية والطلابية والمستقلين والمستقلات، الذين واللواتي نظّموا ونظّمن هذا التحرّك، يؤكد ويكرر مجدداً «أننا لا ننتمي لا لقوى ١٤ آذار ولا لقوى ٨ آذار أو لأي اصطفاف طائفي، وكل محاولة من أي حزب أو تنظيم سياسي لتجيير أو استخدام هذا التحرّك من أجل مآرب طائفية وسياسية ضيّقة هي مرفوضة ومستهجنة، وخاصة أن شعار التحرّك هو إسقاط النظام الطائفي وجميع رموزه». في المقابل، لم يكن ردّ فعل أنصار فريق 8 آذار أقلّ حجماً. فلقد زخر موقع فايسبوك بمئات التعليقات التي اتهمت المنظّمين بأنهم «عملاء». ولم تتوان إحدى المشاركات عن السؤال: «أعلن الرئيس الإسرائيلي منذ أسابيع أن سقوط حزب الله سيكون على أيدي الشعب اللبناني، هل يقصد على أيدي هذه التحركات المشبوهة ومن يقف وراءها؟ أما علي الزين فكتب: «أنا مع إلغاء الطائفية السياسية ومع علمنة المجتمع في لبنان، لكني أيضاً ضد إسرائيل وضد وجودها، وبعض الناس يستخدمون هذه الشعارات للأسف فقط للنيل من المقاومة». هذا على الفايسبوك، أما في الميدان فأثناء قيام عدد من النشطاء بتوزيع قصاصات تدعو إلى التحرك والمشاركة الشبابية في التظاهرة في منطقة طريق صيدا القديمة، أقدمت مجموعة مدنية داخل سيارة على اختطافهم واقتيادهم الى مكان مجهول في الشياح، إذ عمدوا الى ضربهم وتوجيه السباب والشتائم لهم، وتهديدهم بالتوقف عن النشاط، وإلغاء التظاهرة، قبل إطلاق سراحهم بعد ثلاث ساعات». قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني، أصدر بياناً «أدان بشدة هذا العمل الفردي ـــ الأمني غير المسؤول، ورأى أن عمل خفافيش الليل لن يرهب رفاقنا ولا حزبنا (...) ولن تثنيه مجموعة موتورة مفترض أنها تابعة لجهة سياسية تطالب بإلغاء الطائفية السياسية، على محاولة زرع الخوف والرعب في الطرقات». وأعلن الشيوعي أنه بدأ التحضير لـ«يوم 20 آذار مسيرة الغضب الوطنية اللبنانية والعربية»، ويوم 17 نيسان مسيرة العلمانية، ويوم الأول من أيار مسيرة الغضب العمالي».

التحركات المقبلة

اختلطت الآراء والمعلومات بشأن الخطوة المقبلة التي من المفترض أن يقوم بها المنظمّون. بعضهم حسم موقفه ودعا إلى تظاهرة مماثلة الأحد المقبل. أما البعض الآخر فذكّر بـ«الاجتماع العام الأول للحملة» الذي كان مقرراً قبل الدعوة إلى المسيرة، والذي سيعقد في قصر الأونيسكو الأحد المقبل في 6 آذار عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر. في المقابل، أعلن المنظّمون أنهم سيجتمعون يوم غد الثلاثاء عند السابعة مساءً، على أن يعلنوا مكان الاجتماع في بيان لاحق. ومن المقرر أن يناقش الاجتماع خطة عمل يقرر على أساسها الاكتفاء بالتحرك المركزي في بيروت أو الانتقال الى المناطق. وفي اليوم نفسه دعت حملة التضامن مع الثورات الشعبية الى اعتصام تضامني مع الشعب اليمني أمام السفارة اليمنية في بئر حسن عند الخامسة مساءً. وكانت الحملة قد اعتصمت أول من أمس السبت أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بيروت، ودعا المتظاهرون الاتحاد الأوروبي إلى التوقف عن الدعوة إلى التدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا.

العدد ١٣٥٠ الاثنين ٢٨ شباط ٢٠١١

الأحد الواقع في السابع والعشرين من شباط

لأنّ لكل مواطن القدرة على الصبر والتحمل، بدنا نقول "خلص".نحن مواطنون ومواطنات نتحرك اليوم:• ضد النظام الطائفي ورموزه، أمراء الحرب والطوائف• ضد نظام المحاصصة والتوريث السياسي• ضد الإستغلال الإجتماعي – الإقتصادي، والبطالة، والهجرة• ضد الفقر والتهميش• ضد الإنماء غير المتوازن والحرمان المناطقي• ضد العنصريّة والتمييز

السفير: كان مؤمن في ميدان اللؤلؤة في العاصمة البحرينية المنامة يوم أمس الأول، يشارك في الاحتجاجات، ولم يغادرها إلا قبل دقائق من «المجزرة» التي لم يُعترف بعدد ضحاياها حتى الآن حسب قوله. وقف مساء أمس في حديقة جبران في وسط بيروت أمام مبنى الإسكوا، مشاركاً في اعتصام دعا اليه اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، «استنكاراً للهجمات الأمنية المنظمة ضد أبناء الشعب البحريني». وصل الشاب، إلى بيروت أمس، بعدما هُدد بالاعتقال، فقرر اللجوء إلى حيث يمكنه أن يدعم الاحتجاجات بحرية أكبر. يقول مؤمن إن «ما يحصل في البحرين الآن، ليس صراعا طائفيا بين السنة والشيعة، وإن كانت تلك هي الصورة التي تسعى السلطة ودول الخليج إلى تكريسها. في البحرين صراع سياسي، ضد انقلاب الملك على ميثاق العمل الوطني الذي أقر في 14 شباط 2001 وتم الانقلاب عليه بعد سنة من إطلاقه فقط». يعود مؤمن إلى ليلة المجزرة، حيث «طوقت القوى الأمنية المحتجين عند الثانية من فجر الخميس 17 الجاري، وباشر عناصرها بإطلاق الرصاص الكثيف، بكل أنواعها، مستخدمين كل أساليب القوة لتفريق المتظاهرين، بما فيها الرصاص الانشطاري. كنت قد غادرت الميدان للتو، ومنعت من العودة اليه بعد انتشار الدبابات الثقيلة من حوله.. كنت هناك، على مسافة ليست ببعيدة، أسمع أصوات النساء يصرخن والأطفال يبكون. كان هناك نوع من الهستيريا الجماعية.. في الميدان وفي المحيط حوله». يرفض مؤمن الحصيلة الرسمية التي تقول إن ضحايا المجزرة هم خمسة قتلة فقط، مشيرا الى وجود «سبعين مفقوداً، لم يعرف مصيرهم حتى اللحظة، ويرجح أن يكون قسم كبير منهم في عداد الشهداء، ويُشتبه في أن تكون الشاحنات المعدّة لتثليج الفاكهة المركونة حول الميدان، محمّلة بجثثهم!». كان ذلك هو آخر ما شهده الشاب في بلده، وقبل أن يصل إلى بيروت، إلا أن الهاتف في يده ينقل له الأحداث فورا وينقل له أخبار مجزرة جديدة، لم تكن قد عُرفت حصيلتها حتى اللحظة... ما يحدث في البحرين الآن، برأي مؤمن ومواطنه علي هي «احتجاجات تحولت إلى انتفاضة وفي طريقها إلى أن تكون ثورة شعبية ضد الانقلاب على الميثاق الوطني، لا ضد الطائفة كما يروّج لها. في أيامها الأولى، وتحديداً في 14 شباط، كانت مطالبها بتطبيق الميثاق كما أعلن في 2001، وإطلاق المعتقلين السياسيين، وتطبيق ملكية دستورية للتخفيف من نفوذ السلطة الحاكمة، مع احتفاظ العائلة المالكة بموقعها بلا سلطة مباشرة. أما بعد سقوط الشهداء، فلم يعد هناك إمكانية للتسوية، والمطالب باتت بتغيير العائلة الحاكمة تماماً». لا ينكر الشاب أن ثورتي مصر وتونس كانتا بمثابة قوة الدفع للشباب البحريني، و«إننا نتواصل معهم دائما عبر الشبكات الإلكترونية الاجتماعية، بما يثبت أن ما يحصل هو ثورة ضد الظلم، وضد إفقار الشعب. أربعون في المئة من البحرينيين تحت خط الفقر، مقابل ثراء فاحش لأقلية من المواطنين، هي ليست ثورة طائفية». لكن هل يصل صوت المحتجين في البحرين الى الخارج؟ يجيب مؤمن «كيف سيصل والقناة التي دعمت الثورة المصرية، تتعامل مع ثورتنا عن بعد، وبخجل وكأن الأمر لا يعنيها، ونحن نعلم أن أمير قطر اتصل بملك البحرين.. وهذا الاتصال يدل كيف ستتعاطى قطر ودول الخليج وإعلامها مع ثورتنا، والأهم أنه لا قنوات خاصة معارضة في البحرين لتعوض التعتيم الفضائي العربي». يعتبر أحمد، وهو أحد المشاركين في الاعتصام أن «ما يجري في البحرين الآن، يخيف أكثر مما يحصل في مصر، لا سيما أنه يصبغ بالطائفية، ويصور أن الأكثرية الشيعية تحاول الانقلاب على الملك السني، في حين أن الخلافات سياسية بحتة»، معتبرا أن «الكثير من القوى الشيعية في المنطقة العربية ستحاول تكريس وجهة النظر تلك، مقابل قوى سياسية ستدعم الملك السني، وهو واحد من أقوى الحلفاء لأميركا، وطبعا للسعودية». بدوره، اعتبر علي متيرك باسم اتحاد الشباب الديموقراطي أنه «في البحرين الفصل الثالث من كتـاب الأمـة، وكتـاب الحريـة التي بدأت في مصر وتونس»، مؤيداً «محاكمـة الفاسـدين، وتداول السـلطة، ومنح المواطن حياة كريمة على أرضه». وألقت كاترين ضاهر كلمة قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني معتبرة أنه «آن للبلاد العربية أن تُزيل عفونة أنظمتها المستبدة، وفساد حكوماتها».

إنها لحظة تاريخية عظيمة من الفخر والكبرياء، من الاندفاع والصمود. إنه الوقت الذي انتفض فيه الناس من اجل حقوقهم الثابتة، فثاروا وقاتلوا وانتصروا.لقد حقق الشعب المصري العظيم نصراً كبيراً يمكن ان يعيد رسم مستقبل مصر والمنطقة، فبعد ثلاثين عاماً من طغيان نظام مبارك، سقط عميل القوى الامبريالية في المنطقة بعد ان عمل ليلاً نهاراً على حماية المصالح الاميركية والاسرائيلية في المنطقة، وقد سقط على يد الناس رغم  المشهد الانتهازي الذي رأيناه اليوم في كيفية التحاق كل من أيد ودعم مبارك في الداخل والخارج لينضم الى تأييد مطالب الناس.في هذا الاطار، يحيي الوفدي انتصار الشعب وتنظيمه العفوي، ويعبر عن تضامنه العميق مع مطالب الشعب المصري في تعديل الدستور وحل مجلس الشعب وانتخاب مجلس جديد، وتنظيم انتحابات رئاسية جديدة حرة ومفتوحة أمام الناس للتعبير عن خياراتهم. كما يدعم الوفدي مطلب إعادة العمل بالنظام المدني باقرب فرصة ممكنة مترافقاً مع التعديلات الدستورية والاصلاحات السياسية.ويدعو الوفدي الى استمرار النضال من أجل تحقيق كل مطالب الشعب المصري ولجعل الثورة المصرية مثالاً لكل شعوب وشباب المنطقة والعالم بأن التغيير ممكن، وان السلطة الحقيقية هي في يد الجماهير.إن روح الثورة تنتشر في المنطقة، فبعد تونس جاءت مصر وبعد مصر سيكمل الناس النضال من اجل المزيد من الانتصارات.لنعزز النضال ونكمل الطريق!لنناضل من اجل شرق أوسط جديد ديمقراطي وتقدمي مناهض للامبريالية!لندعم شباب وشعب مصر!

The Tyrant has fallen down and its only the power of the people who could achieve it!It is a great historical moment of pride and dignity, of enthusiasm and persistence. It is the time when the people rose up for their inalienable rights, when they fought, revolted and won.The great Egyptian people have achieved a big victory that can reshape the future of their country and also of the region.  After 30 years of tyranny from the Mubarak regime, the puppet of imperialism in the region that worked day and night to protect the interests of USA and Israel in the region was ousted by the people, even if, in total show of hypocrisy, now all the former supporters of Mubarak regime come to the media to salute the achievements of the Egyptian people by overthrowing their ally of yesterday.In this regard, WFDY highly praises the victory of the people and their organization, and expresses its solidarity with all the demands of the Egyptian people in constitutional amendments, dismantling the parliament and electing a new one and organizing new, free and open presidential elections open for the people to have their choices. WFDY also supports the demands calling for restoring the civil system as soon as possible accompanied by the constitutional amendments and political reforms.WFDY calls for the continuation of the struggle until the full achievement of all the rights of the Egyptian people, and also for making the Egyptian revolution as an example for all the youth of the region and the world that change is possible and that the power only lies in the hands of the masses.The spirit of revolution is spreading in the region, after Tunisia came Egypt and after Egypt the people will continue the struggle for further victories.Let’s reinforce the struggle and continue the way!Let’s fight for a democratic progressive Middle East fighting against imperialism!Let’s support the Egyptian youth and people!

الأخبار: هكذا اعتدت القوات الأمنية على المتظاهرين أمام السفارة المصرية في بيروت (هيثم الموسوي)«علّمنا غيفارا كيف نفجّر سفارة»، هكذا هتف المحتجّون. لم يفجّروا السفارة، فإزاحتهم لشريط شائك كانت كفيلة بالاعتداء عليهمبسام القنطار ليست المرة الأولى التي تنزل فيها أعقاب البنادق على رؤوس المعتصمين أمام السفارة المصرية في بيروت، لكن المشهد الذي لم يدم لأكثر من عشرين دقيقة كان كافياً لتأكيد أن الأمن اللبناني لا يختلف كثيراً عن نظيره المصري. هجوم وحشي وضرب بالهراوات وأعقاب البنادق، تصويب أسلحة الى صدور المحتجّين بأيد مرتبكة، كان يمكن في أي لحظة أن تضغط على الزناد وتتسبب في مجزرة. كل ذلك حدث أمس في بئر حسن وليس في ميدان التحرير. وليكتمل مشهد التشابه بين مصر ولبنان، كان الجيش هو أيضاً على الحياد، وشكّل، بعدما حضر فجأة الى المكان، الحد الفاصل بين المتظاهرين والقوى الأمنية، وتفاوض مع المتظاهرين وواكبهم في رحلة العودة الى محيط السفارة، بعدما لاحقتهم القوى الأمنية الى محيط المدينة الرياضية.خمس سنوات من برامج التدريب الأميركي للقوى الأمنية اللبنانية، التي أُنفقت عليها ملايين الدولارات، سقطت أمس أمام مشهد أمني هزيل ومرتبك. لا اطفائيات الدفاع المدني ولا القنابل المسيّلة للدموع. قمع من دون مقدمات حصل أمس بعدما تجرأ المتظاهرون وأزاحوا الشريط الشائك الذي نُصب عند المدخل المؤدي الى محيط السفارة المصرية في بيروت.المشهد كان هادئاً عند الساعة الرابعة، موعد الاعتصام الذي دعت إليه المنظمات الشبابية والطلابية اللبنانية، قبل ساعة من الموعد الثابت للاعتصام اليومي والمستمر أمام السفارة المصرية منذ 7 أيام، وتشارك فيه مجموعات شبابية وطلابية ومستقلّون والعشرات من أفراد من الجالية المصرية.غالبية المشاركين كانوا من الحزب الشيوعي اللبناني، واتحاد الشباب الديموقراطي، والتنظيم الشعبي الناصري، والشباب القومي العربي. وجوه بعض الملثمين بالكوفيات، تشي بأن الاعتصام سيكون حامياً. توزّع هؤلاء عند جوانب الشريط الشائك وبدأوا بهدوء يقطعون الشريط الشائك المثبت بطريقة بدائية، لا تشبه أبداً الشريط الذي يثبت عادة أمام السفارة الأميركية في عوكر، والذي يحوي شريطاً فولاذي يصعب قطعه.دقائق معدودة ونجح المعتصمون في سحب الشريط الشائك وقطع الطريق العام، لكن القوى الأمنية لم تمهلهم أو تتفاوض معهم لاستعادة الشريط الى مكانه بل بدأت بضربهم. ضرب طاول الفتيات والشبان من دون تمييز وتخللتها ردود من بعض المتظاهرين بعصي الأعلام التي كانوا يرفعونها.حصيلة المعركة كانت سبعة جرحى من المتظاهرين هم: رغيد جريديني، علي بصل، عاصم ترحيني، خضر سلامة، أحمد عبد الله، محمد معوش ويارا أبو حيدر. فيما اعتلقت القوى الأمنية ثلاثة شبان هم أسامة فرحات وأحمد مروة وأحمد فضل، قبل أن يطلق سراحهم بعد فض الاعتصام.واستُكمل الاعتصام عند الساعة الخامسة والنصف بعدما سمحت فرقة من الجيش اللبناني للمتظاهرين بالعودة الى المكان، الذي استعاد الشريط الشائك الذي رُمّم على عجل. وتباعاً، انضم الى المتظاهرين عدد من أفراد الجالية المصرية الذين حملوا أعلاماً مصرية وأخرى فلسطينية وتونسية وصوراً للرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي عُلّقت له صورة عملاقة على إحدى المنصّات الإعلامية الملاصقة للمكان. ومن اللافتات التي رُفعت واحدة تصف الرئيس المصري حسني مبارك بـ«الطاغية» مع شعار «ما بيفهمش عربي، احكي معاه بالعبري». وأحرق عدد من المتظاهرين العلم الإسرائيلي وداسوه. كذلك عُلّقت في الاعتصام مشنقة ترمز إلى المطالبة بإعدام مبارك.وتعقيباً على الاعتداء على المحتجّين، أصدر قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي بياناً أشار إلى أن «القوى الأمنية المكلفة بحماية السفارة المصرية في لبنان، يبدو أنها قد أخذت دروساً من مشاهداتها لقمع العناصر الأمنية المصرية للشعب المصري». وأعرب عن أسفه «للتصرف غير المهني الذي بادرت القوى الأمنية إليه وضربت المعتصمين»، فيما طالب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود باتخاذ الإجراءات المناسبة لمحاسبة المعتدين. --------------------------------------------------------------------------------ثلاثة اعتصامات اليوميشهد محيط السفارة المصرية اليوم مجموعة من الاعتصامات، تبدأ عند الثالثة باعتصام دعت إليه الجماعة الإسلامية. وعند الرابعة اعتصام بدعوة من الحركة الوطنية للتغيير الديموقراطي وحركة «الشعب»، وحركة الناصريين المستقلين ـــــ المرابطون. ويستكمل عند الخامسة الاعتصام اليومي بدعوة من مجموعات شبابية وطلابية ومستقلّين وأفراد من الجالية المصرية، وقد دخل يومه الثامن. وفيما كان يتوقع أن يدعو لقاء الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية إلى الاعتصام، اكتفى اللقاء بإطلاق موقف تضامني سياسي، على غرار ما فعلت العديد من المنظمات غير الحكومية، ومن بينها شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، التي أكدت أهمية دور منظمات المجتمع المدني في التعبير عن مختلف مكوّنات المجتمع، والمشاركة في صناعة القرار واتخاذه وتنفيذه. الديكتاتوريات العربـية بداية النهاية العدد ١٣٣٢ الجمعة ٤ شباط ٢٠١١

الأكثر قراءة