تمر منطقة الشرق الاوسط اليوم بمرحلة سياسية حساسة حيث تتفاقم فيها عوامل الاحتلال والتدخلات الخارجية من جهة، وتتكون فيها حركة شبابية شعبية ثورية من جهة أخرى تعبر عن نفسها في حراك الشارع في العديد من دولها. وبين انتفاضة الشارع العربي المجيدة والتدخلات الاجنبية السافرة تبرز آفاق مستقبل آخر تقرر فيه الشعوب مصائرها دون املاء وقمع من سلطة داخلية او من متسلط خارجي.ينعقد هذا الاجتماع في ظل تصاعد وتيرة العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي داخل الكيان الغاصب، حيث تمارس قوات الاحتلال الاسرائيلي قصفاً يومياً ضد أبناء غزة الصامدة تحت الحصار منذ سنوات طويلة وتمارس موجة من الاعتقالات التعسفية ومن الاستيطان السرطاني غير الشرعي داخل الضفة الغربية بشكل يمنع أي أفق لبناء دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، كما تمارس التهويد والتهجير ضد أبناء القدس لتفرض واقعاً ديموغرافياً جديداً في هذه المدينة يمنع الفلسطينيين من المطالبة بها عاصمة لدولتهم، كما تمارس سياسات التمييز ضد الفلسطينيين داخل أراضي 48 فتحرمهم من أبسط حقوقهم اليومية وتمارس عليهم ترهيباً وتتهيأ لفرض تهجير جديد عليهم في المستقبل. هذا الواقع العدواني يقابله صمود فلسطيني عمره من عمر الاحتلال حيث يرفض هذا الشعب الجبار التنازل عن ثوابته الوطنية ويمارس مقاومة مستمرة بأشكال مختلفة دفاعاً عن حقوقه. يدعم الوفدي بشكل حاسم وقاطع حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة لجميع اللاجئين والافراج عن كل الاسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية. كما يدعم الوفدي حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة حتى تحقيق كافة هذه المطالب.أما في دول الجوار، فما زال الكيان الصهيوني يحتل الAffinityCMSن العربي السوري وأجزاء من جنوب لبنان مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا منذ عام 1967 خارقاً كل المواثيق الدولية وقرارات مجلس الامن الداعية الى الانسحاب، كما تعتقل تعسفياً العشرات من أبناء الAffinityCMSن. في هذا الاطار يؤكد الوفدي دعمه الواضح لاستعادة الAffinityCMSن الى سوريا وتحريره من الاحتلال كما يدعم حق الشعب اللبناني في المقاومة وتحرير ما تبقى من أراضيه والتصدي للاعتداءات الاسرائيلية المتكررة عليه.أما في العراق، فبعد مضي حوالي 8 سنوات على الاحتلال الاميركي، لا يزال العراق يعاني آثار الاحتلال وانعكاساته من الاعتداءات اليومية والمتكررة على أبنائه والتدخل في قراره السياسي وسرقة ثرواته ومحاولة تمديد أمد بقاء القوات الاميركية كما يعاني العراق من العنف والمحاصصة الطائفية ومن التدخلات الاقليمية والدولية في شؤونه السياسية الداخلية. هذا الواقع الصعب لا يمكن تخطيه إلا من خلال دعم نضال الشباب والشعب العراقي ضد الاحتلال وكل انواع التدخل الخارجي ورفض الارهاب الذي تمارسه القوى الظلامية، وضد الاقتتال والعنف ذو الطابع الطائفي من أجل عراق حر ديمقراطي موحد ومن أجل توزيع عادل للثروة على أبناء شعبه.كما يدعم الوفدي حق الشعب المغربي باستعادة سبتة ومليلة الواقعتين تحت الاحتلال الاسباني، ويدعو الى تفكيك جميع القواعد العسكرية الاجنبية في المنطقة والتي تتركز بشكل أساسي في دول الخليج العربي حيث تستعمل وسيلة للتدخل والاعتداء ومنصة انطلاق للعمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية.أما على مستوى الداخل العربي فقد نجح الشعب التونسي والشعب المصري بتحقيق انتصار تاريخي مجيد سيساهم في تغيير وجه المنطقة، حيث تمكن هذان الشعبان من إزاحة رمزين من رموز القمع والتسلط والتبعية للخارج، حيث أجبر الشعب التونسي رئيسه السابق بن علي على الاستقالة والهرب بعدما ضاق ذرعاً بجرائمه وممارساته القمعية. وقد استكمل التونسيون عملهم ففرضوا لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد واجبروا حكومتين على الاستقالة ويتحضرون اليوم لانتخابات برلمانية يسعون ان تعكس التطلعات الحقيقية لشباب وشعب تونس. كذلك في مصر، أجبر ثوار مصر العظماء رئيسهم الطاغية الذي حكم بقوة النار والبارود كما بقوة الفساد 30 عاماً على التنحي والهرب وهم يستكملون المعركة اليوم من اجل استعادة اموال الدولة المنهوبة واستكمال الثورة عبر ابعاد كل رموز النظام السابق ومحاسبتهم، ويتحضرون لمرحلة ديمقراطية من خلال صناديق الانتخابات البرلمانية والرئاسية ساعين الى بناء دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالة الاجتماعية. ومن ابرز الدلائل على التحول السياسي في مصر توجه آلاف المحتجين الى السفارة الاسرائيلية في القاهرة في سابقة هي الاولى في تاريخ هذه السفارة. إن الوفدي يدعم بقوة ثورة الشعب المصري والتونسي ويقف جنبهما حتى استكمال الثورة وتحقيق الاهداف.انتفاضة الشارع العربي وصلت أيضاً الى قلب الخليج العربي في البحرين التي انتفض شعبها من اجل الاصلاح ومن اجل تعديلات دستورية إلا انه ووجه بالقمع الدموي الوحشي وبالاجرام السلطوي وبعدها بالتدخل الخليجي تحت غطاء قوات "درع الجزيرة". يدعم الوفدي نضال الشعب البحراني ويدين بشدة اجرام النظام الوحشي كما يدين التدخل الخارجي في الشؤون البحرانية ويدعو الى الانسحاب الفوري ومعاقبة المجرمين واطلاق الحريات العامة وتمكين الشعب البحراني من اختيار أشكال الحكم التي يريدها.أما في اليمن فجاء رأي الشارع بين مؤيد ومعارض للرئيس اليمني ونظام حكمه الذي يمارس ارتكابات مفضوحة ضد شعبه المسالم، ويستمر الصراع بين الشعب الثائر والنظام المصر على الاستمرار، إلا أن اصرار الشعب على تحقيق التغيير هو حق يتجه نحو التحقق وسط اصرار ملايين اليمنيين عليه. يدعم الوفدي حق الشعب اليمني في الاصلاح وتحقيق المزيد من الديمقراطية ويدعو الى وقف فوري لأعمال العنف والقمع والى الاستماع الى مطالب الناس العادلة في رفض استمرار الرئيس اليمني في الحكم ورحيله فوراً وفي رفض التوريث السياسي.وفي ليبيا حيث بدأت الحركة الثورية الشعبية بشكل مسالم عم أنحاء البلاد وشارك فيها فئات واسعة من الشعب الليبي، إلا أن استغلال الحراك وتعاون بعض قياداته مع الناتو خصوصاً تلك المنشقة عن النظام أدى الى تحوير الحراك الشعبي الى حرب أهلية تهدد وحدة ليبيا ومستقبلها، كما أعطى حلف الناتو مدخلاً لتقسيم ليبيا والسيطرة على مواردها النفطية الغنية. تدين منظمات الوفدي التدخل العسكري الغربي في ليبيا وتحديداً من حلف الناتو، كما يدين الممارسات الوحشية للنظام الذي يقتل شعبه بكافة انواع الاسلحة، وتدعو الى حق الشعب الليبي بتقرير شكل النظام الذي يريد دون أي تدخل خارجي.ووصلت موجة التحركات الى العديد من الدول حيث تتنوع المطالب والشعارات بين دولة وأخرى. يتمسك الوفدي بموقفه الداعم لحرية الشعوب وحرية المعتقد والعمل السياسي، وادانته لكافة أشكال القمع والقتل ضد الناس العزل، كما يدين الطابع الفوضوي لبعض الحركات الاحتجاحية واعتمادها أساليب القتل ضد القوى الامنية كما حدث في بعض الحالات. كذلك يدعو الوفدي الى قطع الطريق على كافة أشكال الاستغلال السياسي الذي تلجأ اليه أميركا والاتحاد الاوروبي لبعض التحركات وفقاً لمصالحهم السياسية والاقتصادية والحفاظ على الطابع الشعبي التحرري لهذه الانتفاضات والتمسك بخيار مواجهة المشاريع الاسرائيلية والاميركية المرسومة.الوفدي يؤمن بأن تحرك الشارع العربي يرسم مستقبلاً جديداً لمنطقتنا وبتطورها وتكاملها والتقائها على أهداف الحريات العامة والديمقراطية الشعبية وأيضاً على التصدي للعدو والصهيوني ومن خلفه أميركا والقوى الامبريالية وتحقيق مكتسبات اقتصادية واجتماعية للناس تستطيع ان تؤسس حقبة جديدة في تاريخ العرب وإذا نجحت في تكامل هذه العناوين ستكون أيضاً مثالاً لحركة ثورية في المنطقة والعالم.تعيد المنظمات الحاضرة تضامنها مع المنظمة المضيفة ومع الشباب والشعب المصري وتؤكد بقاءها الى جانبه في كافة نضالاته من أجل مستقبل أفضل.اتحاد الشباب الديمقراطي العالميمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقياالقاهرة 18 نيسان 2011
بمناسبة الذكرى الخمسين لإنتصار كوبا في خليج هيرون
وإلحاق أول هزيمة بالأمبريالية في قلب القارة الأميركيةتدعوكم لجنة التضامن اللبنانية لتحرير المعتقلين الكوبيين الخمسة لحضور
حفل استقبال في قصر الاونيسكو – بيروتالخميس 21 نيسان 2011 الساعة السادسة مساء
أحمد محس
قلائل هم سائقو سيارات الأجرة الذين لا يتحدثون مع ركابهم. أحدهم، الذي لاحظ الأعلام اللبنانية اليوم، من بعيد، ناحية جسر العدليّة تحديداً، هو واحد من هؤلاء السائقين الذين يصمتون خلال فترة الرحلة. لكنه سأل عن هوية المتجمعين، بكثافة، قرب المتحف. أخبرناه أن هذه التظاهرة ينظمها شباب ضد النظام الطائفي. بدت ملامح الاستغراب على وجهه في البداية، فبادر: «سمعت عنهم في التلفزيون، لكني لم أشارك قبلاً».
ركن سيارته قرب العدلية، ونزل للمشاركة، لتفحّص ما يجري. لم يكن السائق منضوياً في عمل منظّم، أي ليس حزبياً، أو في جمعية مدنية أو أهلية. ببساطة، راقه أن يشارك في حشد خارج إطار 8 و14 آذار «ينبذ الطائفية». سرعان ما اندمج السائق في الحشد، وأخذ مكانه بين المتظاهرين الآخرين. اختفى وسط الزحمة. كان هذا السائق واحداً من بضعة آلاف تظاهروا اليوم، مجدداً، رافعين أصواتهم وألوانهم ضد النظام الطائفي.
شعارات التظاهرة تعبّر عن نفسها (مروان طحطح)لم يتحدثوا في ما بينهم كثيراً عن العدد. الأصوات الموجودة كافية والشعارات توحّدت هذه المرة. ألقى المتحف بظلالٍ على الجموع. متظاهرون يصعب أن تعرف طوائفهم. شعاراتهم تلامس مساحة الجميع. لا تميّز ديموغرافياً ولا دينياً. والأيدي لا تدل على الطوائف. الأيدي التي ترفع الشعارات دائماً متشابهة. متشابهة، لكنها ليست منمّطة. وفي الثانية عشرة والنصف ظهراً، انتظم الجميع في صفوف متوجهين إلى ساحة مجلس النواب. كانوا أكثر انضباطاً هذه المرة، لولا حادثة فردية بسيطة، طلب خلالها المنظمون من أحد المشاركين، بلباقة، أن يتخلى عن لافتة يحملها مكتوب عليها: «لا نريد تدخّلاً سورياً، سعودياً، إيرانياً أو أميركياً في بلادنا». صحيح أنهم طلبوا منه رميها بلباقة، لكن اللافتة كانت لبقة أيضاً. وهذا يوحي بأن المتظاهرين حفظوا دروس حادثتي جبيل وصيدا أكثر من اللزوم. وعلى كل حال مشت التظاهرة. أهلها منسجمون، لكنهم ليسوا فريقاً واحداً. كان التباين واضحاً في طبيعة المشاركين. فبينما أقام عدد من المسرحيين والفنانين، منهم حنان الحاج علي وعايدة صبرا ونعمة نعمة، عرضاً رمزياً ينسجم مع واقع التظاهرة وشعاراتها، ظهر طبل عملاق ودربكة، صدحت من حولهما الأهازيج والهتافات. كلّ يعبّر على طريقته، إلا أن وجوههم واحدة. وجوه تفرّ من أصحابها نحو السماء وتسابق البالونات الملونة المتجهة إلى الله. وكان هناك بائع الكعك أيضاً. البائع الذي أحبّ أغنية «اسمع تفرح جرّب تحزن» (لشو التغيير) للفنان شربل روحانا، قال إنها مناسِبة تماماً للوضع القائم حالياً في لبنان. وبائع الكعك يعدّ مشاركاً في التظاهرة. فهو باع كعكته الأولى في المتحف، ثم وصل إلى وسط المدينة بدراجة هوائية فارغة من الكعك تقريباً. وقبل الوصول إلى وسط المدينة، كان هناك شارع البربير، مروراً بزقاق البلاط. عندما وصلت التظاهرة، أمس، إلى شارع الأوزاعي في البربير، تجمهر بعض الفضوليين لمشاهدة ماذا يحدث. وعلى أحد تلك الأرصفة استكان عجوز ثمانيني متكوّّماً على نفسه. الفضوليون الآخرون كانوا عاديين، لكن العجوز كان مميّزاً. لا لأنه متقدم في السن، ولا لأن ملابسه بدت من زمن آخر، بل لأنه كان نائماً إلى جانب الطريق، وقد أيقظته الأصوات القوية. رفع رأسه ببطء، وسأل أحد المشاركين: من هؤلاء؟ مشيراً بإصبع مرتجفة إلى المتظاهرين. أجابه الشاب بأن هناك تحركاً شبابياً لإسقاط النظام الطائفي. لم يأخذ العجوز ويعطي كثيراً. لكنه وقف بصعوبة، بعدما أعاد تثبيت قبعته الصوفية فوق رأسه، وراح يدقق في المارة بعينين متّشحتين بالتعب. ثم تطوّرت حال العجوز. رفع ساعده الأيمن تحيةً لعابرين لا يعرفهم. استجمع طاقةً كبيرة ليبتسم. الابتسام مكلف في هذه السن. الرجل عايش هذا النظام الذي خرج الشباب لإسقاطه، وتالياً، شهد جميع الحروب الناتجة منه. لكنه لم يتفوّه بكلمة واحدة غير «من هم هؤلاء؟». وعاد إلى نومه على ناصية الطريق.
اختلف كل شيء في وسط العاصمة. وأمام تلك المباني العملاقة التي تحتل المدينة، وجد المتظاهرون أنفسهم يرددون النشيد الوطني وشعارات تدين النظام الطائفي والطاقم السياسي. حافظت الشعارات على وتيرة واحدة، تلخّصت برفض الوساطات والمحسوبيات والمطالبة المتكررة بقوانين عادلة للانتخابات النيابية والأحوال الشخصية، لكن في «الداون تاون»، كان الفساد أول ما تبادر إلى الذهن. وفعلاً، بعدما مُنع المتظاهرون من الاقتراب أكثر من المسموح به من المجلس النيابي، وبعدما مُنع بعض المتحمسين أكثر من اللازم من تخطّي الحواجز التي وضعتها قوى الأمن الداخلي، من المتظاهرين أنفسهم، رضخ المحتشدون للمحطة التي كانت الساحة القابعة تحت السرايا الحكومية، ومجلس النواب. هناك أطلقوا شعاراتهم الأخيرة، فوصفوا جميع أركان السلطة باللصوص. وفيما اشتكى بعض المتظاهرين من كثرة عدد الكوفيات الفلسطينية، بوصفها رمزاً لقضية سامية يجب ألا تزجّ في نشاط محلّي من هذا النوع، أبدى متظاهرون «عقلاء» بعض الملاحظات والتحفّظ على مصطلح «الثورة» الذي تكرر كثيراً، للمرة الرابعة، في التظاهرات المشابهة، تحت ذريعة أن ما يحدث ما زال عملاً تراكمياً لا يصل إلى مستوى الثورة التي يُفترض أن تؤدي إلى تغيير راديكالي حقيقي. وهو الأمر (التغيير) الذي يخشى أن يؤدي التكرار (في الشعارات) إلى استحالته.
بعد المغالطات والمزايدات الاعلامية التي حصلت اليوم خلال مسيرة اسقاط النظام من عمشيت الى جبيل، وبعد زج اسم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في الاشكال الذي حصل نود في الاتحاد ان نوضح ما طالنا من اتهامات باطلة ومجتزأة وفيها الكثير من التحريف:أ. عند انطلاق المظاهرة من بلدة عمشيت كان في عداد المظاهرة شاب ملثم لا يظهر وجهه يحمل يافطة مكتوب عليها "انا ما بحب الصيد ولا سلاحو"، وبما ان هناك اتفاق عام بالاجماع من قبل جميع منظمي التحركات دون استثناء على عدم رفع شعارات مرتبطة بموضوع السلاح او بموضوع المحكمة، اقترب احد الرفاق من الشاب الملثم لاقناعه بضرورة انزالها حرصاً على وحدة العمل ووحدة المظاهرة ومساهمةً في انجاح التحرك، وبعد عدة دقائق من النقاش رفض الشاب الملثم أي حوار وأصر انه سيرفع يافطته مهما حصل، فحاول الرفيق المحاور أخذها منه، فما كان من الشاب الملثم إلا أن انهال عليه "باللبيط" واللكم والسباب، وفوراً انسحب الرفيق الاتحادي الى الخلف لتفادي الاشكال، لكن الشاب الملثم ركض وراءه، فصادف وجود مجموعة كبيرة من الشباب المشاركين (من مستقلين واتحاديين وغيرهم) حاولوا تهدأة الشاب الملثم الذي سقط قناعه في هذه المعمعة وتبين انه المصور وائل اللاذقي، وخلال المعمعة تحول الموضوع الى ضرب بالايدي.ب. نحن في اتحاد الشباب الديمقراطي نرفض كل أشكال العنف ضد أي من المتظاهرين ونستنكر محاولة وائل ضرب رفيقنا كما نستنكر العمل الذي قام به الشباب الذين تدخلوا لفض الاشكال وانتهى بتعرض وائل للضربت. يدين الاتحاد الاستعمال الاعلامي الرخيص من قبل بعض القنوات للتشويش على التحرك ولمحاولة زج اسم الاتحاد في امور بعيدة عنه، كما نستنكر محاولة ربط التحرك بفئة سياسية واحدة لأن هذا التحرك هو تحرك شعبي متنوع لا يمكن لأي تنظيم الاستئثار به او الركوب عليهث. يحتفظ الاتحاد بحق الادعاء على شخص ملثم رفع يافطة تهدف الى اثارة المشاكل والى تهديد امن المظاهرة والمتظاهرين ولن يعمد الاتحاد إلا الى سلطة القانون لمتابعة هذا الموضوعاتحاد الشباب الديمقراطي اللبنانيبيروت، 27-3-2011
مهما كان الموقف قبل أسابيع قولاً أو فعلاً، فإنّ حركة الشباب المطالبين بإسقاط النظام الطائفي قد أضفت على المشهد السياسي اللبناني لوناً جديداً. لا يمكن تجاهل هذا الأمر: لا باستحضار المعوقات القائمة في وجه تحوّل الحركة الداعية إلى إسقاط النظام الطائفي إلى حركة منتصرة، ولا من خلال توقّع غرق هذه الحركة في خضمّ الصراع الذي يدور في البلاد منذ صيف عام 2004. صراع يُستخدم فيه الاصطفاف الطائفي والمذهبي على أوسع نطاق، أداة لفتنة يسعى إليها أعداء لبنان. الإضافة هذه تطرح مسائل عدّة على قوى متناقضة، أو متعارضة، أو متشابهة في الخارطة السياسية اللبنانية. فهي أوّلاً، تطلق في وجه سدنة النظام الطائفي صفّارة احتجاج وإنذار عالية الصوت. فهؤلاء بات يُشار إليهم بالبنان، وفي شوارع ومناطق متعدّدة ومتّسعة من لبنان، بوصفهم حراس نظام لم يحمل إلى اللبنانيين سوى الأزمات الممتدّة وعدم الاستقرار والشرذمة والانقسام والهجرة والمديونية واليأس والفساد في الداخل، والتبعية والالتحاق والتفريط حيال الخارج. إنّ لبنان الذي فُرض عليه النظام الطائفي (وخصوصاً منذ الاستقلال إلى اليوم) قد ظلّ وطناً قيد الدرس، يفتقر إلى المقوّمات الأساسية التي توحّد أبناءه وتؤمّن استقراره وازدهاره، وتصون إنجازات ومبادرات شعبه الذي سطّر من خلال المقاومة في كلّ مراحلها ملاحم تضحية وبطولة وانتصار. هل يستفيد المعنيون ممّن يُشار إليهم اليوم، من دروس ما يحصل في المنطقة، ومن ثمّ في لبنان على امتداد معاناة شعبه واحتجاجات طلائعه وروّاده من الذين حذروا دائماً من خطر استمرار النظام الطائفي وطرحوا دون كلل ضرورة إقامة «البديل الديموقراطي» لهذا النظام؟ باستثناء بعض الاستجابات الإعلامية، لا يبدو أنّ أحداً قد استخلص عبرة أو تعلّم درساً. فشأن الفريق السياسي الحاكم في لبنان في هذا الصدد لا يختلف عن شأن سواه من الحكام العرب. فكلّ واحد من هؤلاء يدّعي فرادة وتميّزاً يجعلانه مختلفاً عن الآخرين، وخصوصاً أولئك الذين سقطوا أو هم على وشك السقوط، رغم العناد والمكابرة واستسهال سفك الدماء واستمرار الحروب الأهلية أو استدراج التدخلات الاستعمارية. ويمثّل في لبنان، الصراع على تأليف الحكومة الجديدة نموذجاً صارخاً من استمرار ذهنية التهافت على المواقع وعلى الحقائب وعلى النفوذ. ولا ينصرف أيّ جهد ظاهر على الأقل، نحو الأولويات الوطنية التي يجب أن تتصدّى لها الحكومة العتيدة. حتى الأولويات التي دار حولها الصراع في ما يتصل بالمحكمة ذات الطابع الدولي واستخدامها لتغذية مشروع فتنة، تُدفع إلى مرتبة ثانوية قياساً على شهوة الاستيزار والسعي إلى نيل المقاعد والمكاسب والمواقع الإدارية والمالية والأمنية. فكيف سيكون الأمر بالنسبة إلى مطالب الشباب وكل المحتجين الذين يخرجون، باطّراد، بعشرات الآلاف مطالبين بوضع حدّ للخلل الذي يضرب حاضرهم ويهدّد مستقبلهم بسبب الانقسامات الطائفية والدويلات الطائفية والنظام الطائفي عموماً! مثل هذا السؤال لا يجد، كما هو واضح، مكاناً له في كواليس وكوابيس التأليف. لم نسمع أحداً من «الطباخين» والمعنيين، يقف ليقول: مهلاً ألا تصل إليكم أصوات وأصداء المحتجين الذين تتضاعف أعدادهم وتعلو صيحاتهم يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع؟ هذه الحقيقة المرّة، ليست مفاجئة، وإن كانت مؤلمة بالتأكيد. وهذا يطرح المسألة الثانية الأساسية، وهي مسألة ضرورة تطوير حركة الاحتجاج بطريقة مطّردة وتوفير المقوّمات السياسية والبرامجية والتعبوية الضرورية لها من أجل أن تقوى وتتوسّع وتستمرّ. كذلك، من أجل أن يتعاظم، بالتالي، تأثيرها وفعلها التغييري، ويترجم في الواقع السياسي اللبناني، في الحدود الدنيا المطلوبة: أي في إقرار آلية ومسار لعملية إلغاء المرتكزات الطائفية للنظام السياسي. ويقود ذلك إلى طرح المسألة الثالثة المتعلقة بمستلزمات تطوير الحركة نفسها بالمعنى الشامل. ومعروف في هذا الصدد أنّ الطابع العفوي والشبابي في الدعوة والمبادرة وتوفير وسائل الاتصال الجديدة، كان هو مصدر قوة الدفع والاستجابة في مراحل التحرّك الثلاث التي كانت الأخيرة فيها يوم الأحد الماضي. ولقد وفّر الطابع العفوي للتحرّك، القدرة على تجاوز معوّقات عديدة قائمة في بنية وبرامج وأولويات قوى وشخصيات التغيير القديمة. ويمكن أن يستمرّ الأمر على هذا النحو لفترة أخرى أيضاً. لكنّ ما هو متوقع من المدة المطلوبة لتصعيد ولتطوير وتوسيع التحرّك المنادي بإسقاط النظام الطائفي (الذي بإسقاطه تسقط رموزه تلقائياً والعكس ليس صحيحاً)، يستدعي بحث ومناقشة الأساليب والطرق والآليات والصيغ والبرامج التي من شأنها السير بالعملية حتى خواتيمها المتوخّاة. وطبيعي أنّ مثل هذا الأمر سيكون حلقة معقّدة من حلقات استمرار حركة التغيير والاحتجاج استناداً إلى المعطيات المعروفة في شقّيها العفوي الجديد وشبه المنظّم القديم. ويجب القول بدءاً، إنّه يجب استبعاد كلّ استبعاد. فليس لقديم على جديد، أو لجديد على قديم، فضل إلّا بمقدار المساهمة في دعم الحركة وفي توسيعها وفي رفدها بعناصر القوة والاستمرارية والثبات، فالنجاح. والشعار والأولويات الصحيحة هي ما يجب اعتماده قاسماً مشتركاً، وهت تصبح بالتاaلي مسألة مفصلية في هذا الشأن. ويستطيع أيّ نقاش حريص ومسؤول أن يفضي إلى ضرورة تصوّر قيام مجلس مركزي، وكذلك مجالس مبادرة وحركة وتعبئة في المحافظات. ومن الطبيعي أن تجمع هذه المجالس ناشطين، يعكس حضورهم مدى القدرة على الفعل وإدارة العمل بمقدار ما يعكس جدية التضامن والتفاهم على الأولويات دون إغراق، وعلى التنوّع دون ميوعة، وعلى المثابرة دون إخلاف أو وقوع في خطر التفريط أو الاستغلال. إنّ فعل التحرّك الراهن في نفوس الجيل المخضرم هو فعل سحري. يعبّر البعض عن ذلك بالقول: لقد عاد إلينا الأمل، أو لقد خُلقت (نضالياً) من جديد. يوفّر ذلك قوة دفع هائلة لتجاوز كلّ أشكال الفئويات أو المناكفة أو الخلافات غير الضرورية. أما بالنسبة إلى الجيل الجديد، فهو الذي بادر، وهو الذي تحرّك، وهو الذي وفّر للتظاهرات الثلاث الحيوية والعزيمة والنفَس التحريضي الفتي والمؤثّر. كذلك، هو الذي بمبادرته واندفاعته قد صحّح الأولويات وفرض تراجع الفئويات وخصوصاً التي تتذرّع بالجذرية، فيما هي تكرّر من الشعارات والأساليب والصيغ ما لم يعد يصدر إلا عن مقلّد أو عاجز أو انتهازي. لكنّ الحركة تفاجئنا. هذه هي سمتها الأساسية، وهذا هو مصدر قوّتها وروعتها. بهذا المعنى قد نقع على صيغ ومعادلات أكثر «حداثة» ممّا أوردنا هنا: ألا نعيش مرحلة مدهشة من القدرة على تجاوز الثوابت والرواسخ والآلهة من الحكام المستبدّين ممّن توهّموا أنّ كلّ من عليها فان ويبقى وجههم إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. ومع ذلك، سنبقى نتوقع أيضاً وأيضاً ما يدهشنا، من المبادرات والتحرّكات، لكن لا بدّ من إيجاد الحدّ الضروري من التفاهم على البرامج والصيغ، لأنّ ذلك هو الشرط الضروري للنجاح وللانتصار. * كاتب وسياسي لبناني
جهاد بزي الشابات والشبان الذين كانوا يمشون على طرفي المسيرة، وأمامها، موحين بأنهم يجتهدون في تنظيمها، ما كانوا مضطرين لكل هذا الجهد. النازلون من ساحة ساسين في الاشرفية، إلى وزارة الداخلية، في الصنائع، بالآلاف في العشرين من آذار، المرة الثالثة لتظاهر الشعب ضد النظام الطائفي، ليسوا بحاجة إلى من ينظمهم. أكثر من ذلك، فإن التظاهرة لا «أخ أكبر» لها، يدعو إليها، ويجند لها رجالاً ونسوةً في مهام بالعشرات، كما يبذل مالاً كثيراً ليرتب وصول جماهيره إليه، فيفرح بمشهدهم، ويخطب فيهم ثم يتركهم لحال سبيلهم. هذه حرية مضافة. انعتاق من نوع جديد متقدم على الانضباط في الطريق. الآتون إلى «ساسين»، وقبلها «الدورة»، وقبل ذلك إلى «مار مخايل»، أتوا إلى حراك يريدونه هكذا، بلا الأخ الأكبر، الزعيم، أو الحزب، أو الطائفة. وعدم الالتزام تماماً بتعليمات الذين يطلبون منهم البقاء ضمن المجموعة وعدم الخروج عن خطي حشدها، كان تفصيلاً مهماً في هذا المسير الطويل المتخفف من الأحمال التي ترزح تحتها تحركات جماهيرية أخرى لم تعد ترضى مثلاً بأقل من ثلث العدد الرسمي للشعب اللبناني رقماً للحشود. ولأن منظمي المسيرة ليسوا أصحاب خبرة في ترتيب شؤون حشد كبير كهذا، ذابوا فيه، مذهولين بأن حراكاً ولد قبل أقل من شهرين، نما باطّراد لم يتوقعوه، فاaختلط لديهم شعور الفخر بما ساهموا في صنعه، بالخوف عليه. فمشوا على جانبيه لحمايته من أي طارئ. هكذا، سار الحشد وحده، خفيفاً ومتنوعاً ومنفتحاً وديموقراطياً، وقبل كل هذا، حريصاً بعضه على بعضه الآخر، وبعد كل هذا، سعيداً جداً لأنه أخيراً التقى بمن يتقاسم معه أحلامه وآماله وهواجسه ومطالبه من بلد يحبه بلا ادعاءات جوفاء. وسعيد ايضاً لأنه ليس وحده الذي قرر الخروج من الإحباط الممتد منذ الحرب الاهلية لمن كبر في سنواتها، وما لحقها من أعوام السلم الملتبس، وصولا إلى يأس راح يذهب عميقاً في النفوس من العام 2005 حتى اليوم. هذه المسيرة شعر آلاف بأنهم معنيون بها ومن مختلف الشرائح اللبنانية، من طالبة الجامعة اللبنانية إلى طالب اليسوعية، إلى نواة التظاهرة مما تبقى من طبقة لبنانية وسطى، من كتاب وصحافيين ومحامين وأطباء ومهندسين وأساتذة جامعات وثانويات وموظفين وفنانين، كما من الناشطين المدنيين وحزبيين سابقين أو حاليين من اليساريين الذين قرروا التواضع للمرة الاولى في الألفية الجديدة، والانخراط بلا المناجل والمطارق في حراك «مُرتجل» يخطو خطوات واسعة، غير أن أحداً لا يمكنه التنبؤ بمصيره. «مرتجلو هذا الحراك يمثلون، بشكل أو بآخر، اختصاراً لمكوناته. فيهم أفراد، أستاذ جامعي وصحافي، ومدوّن الكتروني، وناشط مدني، وغيرهم، أسسوا في أوقات متقاربة، ومن دون تنسيق، وتزامناً مع الإلهام الكبير للثورة المصرية، صفحات نقاش مفتوحة على موقع «فايس بوك»، لاقت رواجاً وقبولا من مجهولين يبحثون عن أمل، في بلاد لا آمال فيها. الحماسة الافتراضية ستنسحب حماسة في الاجتماع الأول الذي حضره أكثر من مئة شخص، وهذا بحد ذاته كان مؤشراً جيداً، واكبه هؤلاء بإيجابية. كان على هؤلاء الذين التقوا أن يتخلوا بادئ ذي بدء عن مواقفهم المسبقة الواحد من الآخر. الرفاق اليساريون قرروا ألا ينظروا من فوق إلى مستقل بلا ايديولوجيا. هم يعلمون أن تظاهراتهم المطلبية التي لم تنقطع طوال سنوات، ما زالت هي هي منذ سنوات، تضم العشرات من الصادقين في مطالبهم، المصرين على ما يفعلون، والذين يتبخر جهدهم لأنهم قلة. تيار المجتمع المدني صار على يقين بدوره أنه وحده سيظل على ما هو عليه. المستقلون، وفيهم ناشطون كانوا قد أقلعوا عن الشأن العام، جاؤوا هذه المرة بلا عقد، وبلا خوف من أن يبتلعهم الآخرون، ولأنهم هنا أكثر قدرة على التأثير، صاروا أشد حماسة على الانخراط في العمل. النقاش السياسي بين هؤلاء متشعب بالطبع. اجتماعاتهم تستمر لساعات، والحوار يتحول في أحيان كثيرة إلى صراخ. ليسوا ملائكة بالطبع، وخلافاتهم شخصية أحياناً، في منافسة على حب الظهور أو السلطة لا فرق. هذا يقع في خانة الشوائب التي اذا كان لا بد منها، فمن الواجب الانتباه إليها. غير انهم، في السياسة، واضحون. تحت العنوان الكبير للشعار: «الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي». هناك أفكار عدة، تكاد تكون بعدد الناشطين فيها. اليساري فيهم يحكي مثلاً عن أن لا بديل من رفع المطلب الاجتماعي. الجوع والفقر والبطالة. غيره ينادي بالعلمانية، لا شيء دونها. الثالث يطالب بالحقوق المدنية. وأحدهم يريد أن يكون «مواطناً» في دولة المواطنة، حيث الطائفة ليست وسيطه بينه وبين حقوقه.. كل حقوقه. لائحة الاهداف لائحة طويلة لكنها ليست بلا نهاية. هم ما زالوا في بداية هذه التجربة، والوقت لم يسعفهم أصلاً للتفكير ملياً. قرروا التظاهر بعد أول اجتماع، وقاموا بثلاث تظاهرات في وقت قياسي، كما نصبوا خياماً في مناطق متعددة. تظاهرة عشرين آذار، أعطتهم زخماً كبيراً، ورؤوسهم تضج بالافكار. عيونهم على المناطق، ومن المفترض أن يكون مسيرهم المقبل من عمشيت إلى جبيل. لبيروت رمزيتها بالطبع. غير أن لبنان ليس بيروت. كما أن في المناطق اللبنانية من يريد المشاركة في هذا الحراك، والنقليات ترهق ميزانيته. نصب أعينهم ايضاً «البلوكات» المغلقة: مسيرة من الطريق الجديدة إلى حارة حريك، مثلاً. مسيراتهم لا مزاح فيها. بالكيلومترات لعبور الطوائف. بالكليومترات للعبور في قلب 8 و14 آذار، وخارجهما. هم متفقون على أنهم ليسوا قوة ثالثة. ليسوا جمهوراً ثالثاً في وجه جمهورين. هم قوة ثانية، بما أن طرفي آذار المتناقضين في الظاهر، يلتقيان في المضمون. قوة ثانية تنبه مناصري 8 و14 آذار إلى أن النظام الطائفي لا يولد إلا الصراعات، منذ قيام لبنــان الكبير، ومنذ ما قبل ذلك. النظام الطــائفي هو الذي محا بلا أدنى تردد إنجــازين عظيمين على مستوى لبنان، هما التحرير في العام 2000، وإنهاء الوصاية في العام 2005. هذا نظام تضييع الفرص التاريخية. هو نفسه الذي سيجعل من الجمهورين، ومن البــلد، وقود حرب أهلية مقبلة لا شك، كلما أدى هذا النــظام ورمــوزه بالبــلد إلى المأزق، وحين تتلاقى مصالحهم فعلى اللبنانيين. على أنهم يتجنبون ما أمكن الرمال المتحركة، من سلاح المقاومة إلى المحكمة الدولية. يقول بعضهم إنهم لم يبلوروا بعد مواقف من هذه المواضيع. الآخرون يقولون إن النقاش الآن هو على بناء الدولة اللبنانية. النقاط الخلافية «عبارة عن أشراك اذا ما وقعنا فيها لن نعود نقدر على الخروج منها». في العشرين من آذار، وضع هذا الخليط الجميل من الناس، وعددهم، وتفاؤلهم، وفرحهم الجميل بمشهدهم، وكثرة المتظاهرين منهم للمرة الاولى في حيواتهم ربما، وضع هذه الحركة أمام مسؤوليات ومخاوف. لم تعد طفلة بخدين ممتلئين ينحني الساسة لقرصهما بفرح لبراءتها. على الاقل عليهم التوقف عندها، ولو قليلاً. لم تعد مجرد مزحة. وهي قامت بما يعد أصعب الامور: دفعت اليائسين، الذين استسلموا للبنان لا يعنيهم بشيء، مقسوم بين 8 و14 آذار، دفعتهم إلى أن يشعروا أنهم معنيون. وأثبتت أن مقولة اللبناني المستلب الجاهل الذي لا يعرف ما الذي يريده هي مقولة خاطئة. فهو لا يحتاج الى كثير لكي يعلم أن الازمة كبيرة، غير أن مشكلته هي في إيمانه العميق بأنه ضعيف وبأنه عاجز عن التغيير. والحملة لن تُسرق، ما دامت عنيدة في مواجهة رموز النظام. والحملة لن تنفجر من الداخل، ما دام ناسها على هذه الحماسة. هذا، على الاقل، ما يقوله هؤلاء الذين يخوضون تجربة غير مسبوقة لبنانياً، وهم حريصون بما لا يقاس عليها. هذه مسيرة لا تخاف من طريق. تعبر من طائفة إلى طائفة ومن مذهب إلى مذهب، وتؤكد بداهة مطلبها حين ينثر عليها المختلفون في ما بينهم حبات أرز من نوع واحد. «فيها أناس يحلمون وليسوا يمزحون» كما يقول واحد منهم. يقول أيضاً إن طبقة سميكة من الغبار تكدست على رأسه حتى صارت حجراً. أتى العام 2011 ليحف يوماً بعد يوم، في تونس وفي مصر، والآن في هذه الأيام اللبنانية، في الحجر السميك حتى تبدد.. وصعدت الأحلام الكبيرة. الشاب شاعر. عاد يحلم.
By Simona Sikimic
BEIRUT: Thousands of protesters congregated in Beirut Sunday calling for the end of “the sectarian regime.”The march was the third of its kind in less than a month and attracted more than double the numbers seen at the last event on March 6, when some 10,000 were estimated to have hit the streets, organizers said.Beginning at Sassine Square at noon, the crowd weaved its way to the Interior Ministry in Sanayeh, waving Lebanese flags and shouting slogans including “Game over sectarianism” and “Yes to equality, yes to a citizenry whole and complete,” before singing the national anthem outside the ministry.“We were surprised at the turnout but, of course, we are extremely happy,” said Omar Deeb, a march organizer. “This shows how important the cause is and we are only going to keep pushing forward.”While the protest was largely peaceful, a skirmish broke out at one point between security forces and several protesters who became aggressive following the reading of the movement’s manifesto, which demands widespread democratic reform and the passage of a new election law.It also incorporates a call for greater economic justice and the small group of “no more than 10 to 20 people,” thought to belong to an independent leftist organization, objected to the clause not having more prominence in the statement, Deeb said.The growing turnout has been attributed to wider national participation. People from various regions across the country chartered buses to ferry supporters to the event. Similar protests are planned next week in Jbeil, Sidon and Aley, with another Beirut march expected to take place next month.“The Lebanese people need change,” said protester Rabab Hakim, who travelled from the Chouf to attend the last two marches. “We have tried this regime but we know that the sectarian regime has given us nothing but violence, war and death.”Lebanon operates on a power-sharing system based on its various officially recognized sects. A certain number of parliamentary seats are allotted for each sect and the presidency is reserved for a Maronite Christian, the post of Prime Minister for a Sunni and the role of Parliament speaker for a Shiite.“We are here to call for the end of the sectarian regime,” said Ali Mustafa a university student who attended the protest with friends. “People are excited, you can feel it in the atmosphere.”In addition to demanding the abolition of sectarianism, the movement is reaching out to various pro-secular groups, such as those seeking the introduction of civil marriages. It has also won the support of many anti-corruption activists who say sectarianism fuels the problem.“You cannot divide the religious and sectarian system from corruption,” said protester Ghassan Nasser, who attended the last two marches. “The division of power and the division of the cake breeds all aspects of corruption, morally, materially and politically.“I’m from the older generation and I fought my whole life to see this country have another system where people can express their dreams and have a state without any religious interference. [But] it is becoming more and more obvious that the young generation is even more religious.”Although predominantly a youth-based movement that largely recruited supporters through social media, all ages and walks of life were present at the march Sunday.Around 200 activists have thus far become involved in organizing the protests, but although many belong to civil society groups or political parties, they are required to participate as individuals to prevent any faction hijacking the cause.Parliament Speaker Nabih Berri’s Amal Movement caused controversy last week for publicly urging its supporters via television broadcasts aired on the Amal-affiliated NBN to join the demonstrations. Berri has been a long-time critic of political sectarianism, but his proposed plan of abolishing sectarianism through a national committee as stipulated by the 1989 Taif Accords is in contradiction with the demands of the anti-sectarian campaign that is targeting both the sectarian system and its leading figures.The move has only further exasperated skepticism about the movement.“I don’t know what reality these people are living in, but Lebanon is simply not ready to give up sectarianism,” said Beirut-based engineer Joe Baaklini, who lives near the protest route. “Many [of] these people are clever enough to vote for the right politician but they represent a tiny fraction, and the majority of Lebanese are only loyal to their different religious leaders.“This is merely a ploy to increase the influence of certain political factions.”Other protesters, however, were more optimistic.“Nothing is unrealistic if you believe in change and there is civil power and [popular support]. The recent revolutions [in the Arab world] have shown us that,” said Sanaa Hassan, an activist from the Chouf and member of Lebanese NGO Bilad (House of non-violence and non-sectarianism). “But we have to speak up and act if we want our children to grow up in peace.“I already had to live through a war and I do not want the same thing to happen to my children and grandchildren.” – Additional reporting by Van Meguerditchian
جعفر العطاريستغرب شاب عشريني، وقف في ساحة ساسين أمس بانتظار وصول صديقه من البقاع، سؤال ابن عمه في مكالمة هاتفية: «كيف أستطيع الالتحاق بالمسيرة؟ أنا في منطقة الكفاءات». يتلعثم الشاب، في أثناء إرشاد «ابن العم» على الوجهة التي ينبغي اعتمادها.يصل ابن البقاع، في حافلة ضمت أكثر من عشرة أشخاص، متجهاً نحو صديقه، الذي أردف قبل السلام: «تخيّل أن جلال يريد المشاركة في المسيرة، وهو في طريقه الآن مع زوجته وأولاده؟». تُرسم علامة استغراب على وجه البقاعي، قائلاً: «منذ أسبوع كان يسخر منّا. سبحان مغيّر الأحوال».تبدو أعداد الحشود، التي تشارك في مسيرة إسقاط النظام الطائفي الثالثة منذ مسيرة المطر، شبه ضبابية، قبل نصف ساعة من الموعد الذي حدد عند الثانية عشرة ظهراً. «طقوس» ما قبل مسيرة أمس، هي ذاتها طقوس ما قبل مسيرة الدورة: هرج ومرج، مصحوب بشعارات إسقاط النظام، وانتظار سماع صافرة الانطلاق.تتوسط دورية للجيش اللبناني الساحة، فيما تتوزع عناصر قوى الأمن الداخلي على مقدمة المسيرة. تتردد في الأفق هتافات المسيرة المعروفة: «الشعب.. يريد.. إسقاط النظام»، و»ع الطائفية.. ثورة.. ع المحسوبية.. ثورة.. ع الإقطاعية.. ثورة.. ع الحرامية.. ثورة»، قبل أن تعلو الهتافات بصوت واحد: «ثورة.. ثورة.. ثورة».يقترب رجل ثلاثيني، اسمه أبو محمود، وقد وصل من عكار، نحو شاب رفع لافتة تطالب بطرد كل زعماء الطوائف من لبنان، ليسأله: «كيف نستطيع أن نطرد من جثم على صدورنا لأكثر من ثلاثين عاماً؟»، فيجيبه: «لا أدري. لكن لبنان لن ينهض من لوثته، إلا عندما يطردون كل هؤلاء».يبتسم الرجل ابتسامة ماكرة، ويربت على كتف الشاب الذي رسم علم لبنان على وجنتيه، معلناً «أنا أيضاً أريد أن نتخلّص منهم. لكني أبحث عن وسيلة، غير التظاهر ورفع اللافتات. هل ثمة وسيلة أخرى برأيك؟». يرمقه الشاب بنظرة سريعة، فيصرخ، مع المشاركين: «الشعب يريد إسقاط النظام»، فيما يتوجه الرجل ناحية شاب آخر.تنطلق المسيرة خلف سيارة متصدعة من نوع «بيك ـ أب»، تقودها سيدة أربعينية جلس إلى جانبها طفل أشقر، فيتضح أن المحتشدين في الساحة هم «ذيل» التظاهرة، فيما الأعداد الأكثر مشاركةً تتقدم الساحة بأمتار. تسير، مقسمة إلى مجموعات، لكل منها شخص يهتف، والأشخاص يرددون خلفه.تحتشد، أمام السيارة، مجموعة مؤلفة من العشرات، تهتف بأصوات لا تشبه في قوّتها أصوات الخلف: أمهات يمسكن بعربات تحوي أطفالاً، منهم من يحمل علم لبنان، ومنهم من يعبّر عما يريد بورقة ضمّها إلى صدره «أنا مستقبل لبنان»، فيما تقول أخرى: «أنا طفل وما تعلّمت الحكي. بس ما بدّي اتعلم لغة الطوائف».يصل المشاركون إلى منطقة بشارة الخوري، وتبدأ التكهنات حول الأعداد المشاركة، تزامناً مع وضوح المشهد. تتأرجح الأرقام، من خمسة عشر ألفاً، إلى عشرين ألفا، وصولاً إلى ثلاثين ألفاً. غير أن القاسم المشترك، في الآراء التي سارعت للتكهن، يكمن في اتفاق على أن المشاركين في مسيرة أمس، هم أكثر بكثير من المشاركين بمسيرة الدورة.تتكرر، مع كل خطوة، النداءات الموجهة لـ»الواقف ع البلكون... انزل ولاقي شعبك هون»، فتقابل بجمود من المنادى عليه حيناً، وبحماسة تُرفع معها القبضات، وينثر الأرز في أحيان أخرى. يرفع رجل ثلاثيني لافتة كتب عليها: «أكلت فروج مشوي، وما عرفت طائفتو. سامحني يا الله».ينتقل المشاركون من منطقة «الملا»، متوجهين إلى وزارة الداخلية في الصنائع. تردد إحدى المجموعات، بصوت أنثوي، «الأم تريد إسقاط النظام»، كدلالة على هدية عيد الأم، وتقول كارول إنها شاركت بالتظاهرة «من أجل إسقاط الطائفية، ولأقول لأمي شكراً لأنها لم تربّني على الطائفية».ثمة وجوه دينية، وأخرى حزبية، تصرّ على استقلاليتها، مؤكدة أنها تشارك اقتناعاً منها بوجوب تغيير النظام الطائفي في البلد. محمد بلوط، المسؤول الإعلامي في مجلس النواب، يتقدم المسيرة، في مشاركته الثانية بعد مسيرة الدورة.يصرّ بلوط، خلافاً لما هو معروف، بأنه غير منظّم في «حركة أمل». يقول الرجل: «المظاهرة غير محسوبة على أي تنظيم سياسي. وأنا مواطن لبناني، أؤمن بضرورة تغيير النظام الطائفي». يستغرب بلّوط «ما يقال عن أن حركة أمل ترفض المشاركة. فقد شاهدت عدداً من الشبان المنظمين في الحركة يشاركون بالمسيرة اليوم، مثلهم مثل بعض الشبان المحسوبين على «تيار المستقبل» المشاركين علناً».يستيقظ طفل غفا على كتف والده، ما إن تحطّ المسيرة رحالها قبالة مبنى وزارة الداخلية، وبالقرب من خيمة إسقاط النظام الطائفي.يحمل الأب علم لبنان، ويطلب من الطفل أن يرفعه، فيفعل مغمغماً حروف الثاء والواو والراء، من دون لفظ التاء المربوطة.وفيما بدأ المشاركون بتجهيز أنفسهم للمغادرة، عند الثالثة إلا ربعا، شرعت إحدى الزميلات في تلفزيون «أخبار المستقبل» بنقل رسالتها التلفزيونية، بالقرب من الخيمة، ووسط حشود تجمهرت حولها. ترتبك الفتاة من الهتافات: «الشعب.. يريد.. الستين مليار!». تنتظر لبرهة هدوء الهتافات، فيتحول الصوت إلى صراخ: «بدّنا الستين مليار.. بدّنا الستين مليار». تنتقل، مع المصوّر، تجاه مدخل الوزارة، وتنقل رسالتها من ناحية القوى الأمنية.يرتفع من المسجد المقابل للوزارة صوت آيات من القرآن الكريم، إيذاناً بأذان العصر. تحلّ، للحظات، دقيقة أشبه بدقيقة صمت بين المحتشدين. «ثورة.. ثورة.. ثورة» يعلو الصوت، فيقابله صوت آخر يطلب «التريث لحين انتهاء الأذان، احتراماً للمصلين في المسجد».يخفّ صدى الهـتافات، بينما تصرّ فتاة عشرينية على ترديد شعار إسقاط النظام الطائفي، من مكبّر الصوت الذي رفعته، فيُسمع صدى صــوتها، وبعض الأصوات القليلة التي رفضت سماع صــوت القرآن، أو أنها لم تشأ الانتظار. يُرفع الأذان، وتنتهي المسيرة بالنشيد الوطني اللبناني. يعود الطفل ليغفو على كتف والده، والعلم مرفوع من قبضة يده الصغيرة.
تحرّكت مجموعات لبنانية يغلب عليها العنصر الشبابي في مواجهة النظام الطائفي في لبنان. برزت ردود فعل مختلفة، بين مراقب وداعم ورافض ومشكك. لكنّ واقع الأمر أن الجولة الأولى من التحرّك أثبتت حضور هذه المجموعات على مستويات عدّة، من بينها القوى السياسية النافذة في البلاد، فيما واصل الشباب المشاركون عقد اجتماعات عامّة أو من خلال لجان، لتنظيم التحرك في اتجاهات شعبية ومناطقية عدّة، وهو ما يعطي التحرك طابعاً وطنياً عاماً، في سبيل تطوير حجم المشاركة فيه وصولاً إلى نقطة تحوّل غير معروفة التاريخ والنتائج. بالطبع، ثمّة أثر كبير لما يحصل في المنطقة العربية على سلوك المجموعات المشاركة. وثمّة تقدير بأن ما فعله الشباب في تونس ومصر وما يحصل في ليبيا واليمن والبحرين، سوف يكون له أثره الإضافي حتى إن تفاوتت الشعارات المرفوعة في كل بلد. وما دامت الدعوة مفتوحة من دون شروط (هذا هو المعلن حتى إشعار آخر) من المفترض أن يكون لدى كثيرين الحق في مناقشة هادئة مع هذه المجموعات، من دون تصنيف مسبق لمن يدلي برأي مخالف أو داعم من دون نقاش. أعرف أنه ليس الآن وقت العودة إلى تشخيص المشكلة في لبنان، وأن الدعوة إلى ذلك هي دعوة إلى الاختلاف وعدم الوصول الى قواسم كافية لتفعيل التحرك، كما أعرف أن من غير المجدي النظر الى الخلفية الفكرية أو السياسية للمشاركين في هذا التحرك، لأن في ذلك ما يعيد هؤلاء الى الانقسام الحاد الموجود في البلاد، سياسياً كان أو طائفياً أو مذهبياً. وأعرف أكثر أنه يصعب بقوة فتح نقاش حول واقع الأطر السياسية أو الحزبية أو المدنية التي جاء منها المشاركون في هذا التحرك، لأن في ذلك ما يدفع الى خلافات ذات بعد إنساني وحتى أخلاقي، ما يعني أن المدخل الأفضل للنقاش مع هذه المجموعات يكون محصوراً في ما قاموا به من لحظة نزولهم الى الشارع الى الآن، لا قبل هذا التاريخ أو قبل هذا الحدث. وبناءً على ذلك، يمكن الإشارة الى أن التحرك يستهدف عملياً تحصيل الحقوق المدنية للمواطنين، بمعزل عن التأثير الهائل للقيادات والمؤسسات الطائفية التي تتحكم بكل شيء في البلاد نتيجة شكل النظام السياسي القائم. وهذا بحد ذاته يمثّل أداة تبسيط للوصول إلى نتائج للAffinityCMSت المقبلة من هذا التحرك. لكن، هل بمقدور القائمين عليه الإمساك بأعصابهم، وعدم التصرّف مع بقية المواطنين انطلاقاً من حسابات مسبقة، وللتوضيح يمكن الإشارة الى الآتي: أولاً: إن مطلب الحقوق المدنية التي تنتهي الى المواطنة هو حق لكل مواطن، بمعزل عن كل اعتقاداته الدينية أو المذهبية أو العقائدية أو السياسية. وبالتالي، يحق لأي مواطن، ما عدا المنخرطين في إدارة السلطة الطائفية، المشاركة في هذا التحرك. وليس لأحد حق وضع فيتو على أحد، ما دام هذا المواطن قابلاً بإطار التحرك المحصور في تحصيل هذه الحقوق. ثانياً: علمياً، يجب الاقتناع بأنه لا وجود لأي تعارض بين الاقتناعات الفردية أو الجماعية فكرياً أو سياسياً ودينياً، وبين سعي هؤلاء الى تحصيل حقوقهم المدنية، وهو الأمر المعمول به في معظم الدول المتقدمة في العالم، التي لا يمكن التمييز عنصرياً أو إنسانياً بين مواطنيها بسبب معتقداتهم العقائدية أو السياسية. وهذا يعني أنه يمكن أن يكون شعار المواطنة شعاراً جاذباً لمنتمين في قوى سياسية تتألّف بأغلبيتها من قواعد صافية سياسياً أو طائفياً أو طبقياً. ثالثاً: إن اللبنانيين متفاهمون ضمناً على أنه لا وجود لإطار واضح للدولة. وبالتالي، فإن تحقيق شعار المواطنة يتطلب حكماً المرور بإطار مقبول ولو متواضعاً لدولة ومؤسسات. ولذلك، فإن هذه الأهداف لا تستلزم حكماً رفع شعار الدولة العلمانية أو الدولة الدينية أو خلاف ذلك من العناوين، بل إن المطلوب الذهاب نحو إطار تشريعي وقانوني يفرض آليات العمل والعبور نحو تحقيق هذه الأهداف. وربما هذا ما يوجب على هذه المجموعات الانتقال من مرحلة استنفار المجموعات الأكثر حماسة واستعداداً للتحرك، الى مرحلة مخاطبة القواعد والفئات المفترض أنها صاحبة مصلحة في تحقيق دولة المواطنة. وهذا يحتاج الى تقليص في شبكة الأهداف وإلى توسيع في شبكة التواصل والتفاعل. وبالتالي، فقد يكون من المفيد الآن، ربطاً بواقع البلاد والمنطقة، وواقع الناس والاصطفاف الذي هم عالقون فيه، أن يتجه هذا التحرك نحو «تسوية» تفرض اعتماد الشعار القابل للتحقق الآن لا بعد عمر طويل، واعتماد الشعار الذي لا يلزم أحداً بالتخلي عن حساسياته الفردية أو الجمعية. وهذا أمر ممكن. ولذلك يمكن المساهمة في المناقشات الجارية من خلال اقتراح بأن يكون هدف التحرك العاجل والضاغط هو إقرار المجلس النيابي الحالي، في أسرع وقت ممكن، قانوناً جديداً للانتخابات النيابية قائماً على أساس النسبية، ويسمح لمن هم في سن الثامنة عشرة بالاقتراع، وأن تشرف لجنة قضائية مستقلة على العملية الانتخابية من لحظة دعوة الهيئات الناخبة الى لحظة إعلان النتائج. أما آليات الوصول الى هذه النتيجة، فهي المهمة التي تحتاج لأن يصرف المشاركون الجهد على النقاش حولها، وكيفية تحويل التحرك من تظاهرة عابرة للساحات والمناطق والطوائف، الى قوة مركّزة الجهد شكلاً ومضموناً حيث يجب أن يكون الضغط.
العدد ١٣٦٦ الجمعة ١٨ آذار ٢٠١١