لم يقترن تعثّر المشروع الأميركي في العراق وفي المنطقة بما كان مفترضاً في حالات مماثلة، من النتائج الإيجابية كمّاً ونوعاً. السبب في ذلك يعود أساساً، إلى عدم جهوزية القوى التي عارضت الغزو الأميركي للعراق أو اعترضت عليه أو دخلت معه في نزاع أو صراع، للاستفادة من تعثّر هذا المشروع. فهذه القوى لا تمتلك مشروعاً مضاداً بالمعنى الحقيقي للكلمة. وحسناً فعلت أو فعل الناطقون باسمها حين أطلقوا على هذه القوى تسمية «قوى الممانعة». إنّ ذلك يعكس بشكل من الأشكال واقع أنّ هذه القوى تعترض إذ هي تُستهدف، وليس أكثر من ذلك. إنّها في حالة دفاعية صرف. والحالة الدفاعية هذه هي أيضاً في حدودها الدنيا. والدفاع هنا يتوسّل لنفسه، وخصوصاً في الحالات العادية، أولوية البقاء. والبقاء يعني، دون أيّ التباس، بقاء هذا النظام أو ذاك، صامداً في السلطة (!) وفي التفرّد بها، وفي قمع الخصوم، وفي المساومة لإطالة أمد البقاء... وتدير ما بقي من «أنظمة الممانعة» (كم عددها حالياً!) سياسة متواضعة حيال قضايا الصراع ومصالح البلدان المستهدفة في حقوقها وأراضيها وثرواتها... لكنّها سياسة من النوع الذي لا يمكن أن يجنّد طاقات الوطن (القطر) أو الأمة، للدفاع عن حقوقها واستعادة أراضيها، ولتنمية اقتصادها وتوفير الحقوق والضمانات الاجتماعية والحريات السياسية لمواطنيها. إنّها سياسة محدّدة الهدف ومحدودة التأثير كما ذكرنا، وهي دفاعية أساساً تنقصها المبادرة والقدرة على خلق الوقائع الجديدة، ولا يعوزها، بالمقابل، التردّد والمساومة والمراوحة! هذا جزء من الواقع الذي طالعنا بعد تعثّر المشروع الأميركي في العراق وفي المنطقة وفي العالم! وكان يمكن قوى أسهمت في إسقاط هذا المشروع، لو كانت تملك البديل القادر على التعبئة والاستقطاب أن تحوّل مشروع «الشرق أوسط الكبير» الأميركي، إلى مشروع نهوض عربي في هذا المدى نفسه، أي تقريباً على المدى الجغرافي والسياسي الذي يمتدّ من موريتانيا إلى باكستان. في ضوء هذا الواقع يمكن قراءة نتائج القمة العربية التي عُقدت في مدينة «سرت» في «الجماهيرية الليبية» يومي 27 و28 من الشهر المنصرم. ففي هذه القمة واصل حلفاء الولايات المتحدة الأميركية (وخصوصاً حلفاء الإدارة الأميركية السابقة) سياسة كسب الوقت أو شرائه بأثمان بخسة من نوع المصالحات الثنائية أو وقف المقاطعة لهذا النظام أو ذاك، أو وقف الحملات الإعلامية. كان ينبغي أن تدفع دول «محور الاعتدال العربي» الذي أقامه الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش ورعاه، ثمناً باهظاً بسبب ارتباطها بسياسة الغزو الأميركية، وبسبب فشل هذه السياسة كما أسلفنا. لكنّ قوى محور الممانعة كانت أضعف من أن تفرض عليها ذلك. ولهذا الأمر فقد مرّت القمة دون أيّ أثر يُذكر. حتى رغبات العقيد معمّر القذافي (الذي استعدّ للقمة بالكثير من الأزياء الوطنية الليبية المزركشة والغريبة) لم يتحقق منها شيء، لجهة أن يتحوّل، ولو في الشكل، وكرئيس دوري للقمة إلى رئيس يمارس بعض الصلاحيات التي ترضي شهوته المتأجّجة أبداً للزعامة والرئاسة والقيادة...
يمكن بالمقابل، ملاحظة أنّ القوى الحليفة للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، قد بدأت، نسبياً، استعادة شيء من زمام المبادرة. يتصل ذلك على المستوى الأميركي بالمراهنة على امتصاص ما بقي من شعارات «التغيير» ورغباته التي رفع لواءها الرئيس الأميركي الحالي، وخصوصاً أثناء حملته الانتخابية. ويستفيد هذا الفريق من التصلّب والتصعيد اللذين تمارسهما حكومة نتنياهو الصهيونية المتطرّفة. ففيما كان يُتوقع أن ينتفض العرب في قمّتهم لاستهداف مدينة القدس بالاستيطان وبتهديم المقدّسات فيها وإزالتها منها، لم يستطع هؤلاء أن يستروا تواطؤهم متصرّفين، كالعادة، وفق قول «المتنبي»: «ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ». وللتدليل على ذلك، فإنّ الملك السعودي لم يكلّف نفسه حتى عناء الحضور إلى «سرت»، والمشاركة في أعمال القمة. لعلّ البعض يجد في ما أعلنه رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان من مواقف، دليلاً على النجاح العربي في إحداث تحوّل مؤثّر في المنطقة لغير مصلحة إسرائيل. والواقع أنّ التحوّل التركي مهم، لكنّ الفضل فيه ليس للحكام العرب الذين رفضوا، في القمة نفسها، مجرّد فتح حوار مع السلطات الإيرانية!! وهكذا في امتداد بعض ما ذكرنا من معطيات ووقائع، ستستمرّ معاناة الشعب العراقي. فهذا الشعب الذي كابد الأهوال من الاحتلال الأميركي، لن يجد في الموقفين العربي والإقليمي، ما يساعده على تجاوز محنته. ويشير حجم الانقسام العراقي وطبيعة التدخل الخارجي في الشؤون العراقية (فضلاً طبعاً عن النيّات والخطط الأميركية)، إلى أنّ الشعب العراقي لن يستطيع أن يراهن، ولو في الحدّ الأدنى، على الشقيق العربي ليمدّ له يد العون من أجل مساعدته على الخروج من محنته وانقساماته. أما الشعب الفلسطيني، فلا يسعه بعد القمة، إلا أن يشعر بأعظم الخيبات. لقد تعامل الحكام العرب مع «القدس» كأنّها لا تحتاج إلا إلى بعض القروش لمواجهة الهجمة الصهيونية البربرية عليها... ولن نضيف إلى ذلك عدم الإتيان على ذكر أزمات السودان والصومال واليمن... ربما هو الوعد بالقمة الاستثنائية في أيلول القادم من أجل الحلول الناجزة والجذرية والشاملة!! ويتداعى هذا الوضع في لبنان، تصعيداً للتوتر الداخلي. ما ذكره السيّد حسن نصر الله في لقائه أوّل من أمس مع تلفزيون «المنار»، يبعث على قلق كبير. ولعلّ المحكمة الدولية، تكون في هذا السياق، أداةً سيحاول البعض استخدامها لبعث عناصر الانقسام والتفرقة وتأجيجها بين اللبنانيين. يحصل ذلك أيضاً، فيما «حكومة الوحدة الوطنية» تعجز عن التعامل مع الاستحقاق البلدي، حتى لجهة تمكين المواطن من أن يحلّ «حزورة» حصول الانتخابات من عدمه، هذا فضلاً عن القانون والتعديلات... سيقول البعض إنّ «قمة دمشق» الثلاثية سبق أن قدّمت الجواب. إنّ هذا بالذات ما كنا نقصده بالقول إنّ «الممانعة» المقرونة بكلام عالي اللهجة من جانب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لم تعد تكفي للتعامل مع مواضيع من مثل استعادة حقوق الأمة من أيدي الغاصبين والمحتلين والطامعين. إنّ عملاً تحرّرياً كبيراً يجب أن يبدأ. وهو عمل يجب أن يكون طابعه الشعبي هو الراجح. ولعلّنا نجد الجواب الصحيح في تجربة المقاومة بكلّ تلاوينها ضدّ العدو الصهيوني. إنّها نموذج سياسي قبل أن تكون إنجازاً عسكرياً. هكذا على الأقل يجب أن يُنظر إليها إذا أردنا استعادة المبادرة في صراعنا التاريخي مع أعدائنا.
سعدالله مزرعاني
«تُجرَّد مدينة القدس من السلاح ويُعلَن حيادها ويحافَظ عليه ولا يُسمح بقيام أية تشكيلات أو تدريب أو نشاط عسكري ضمن حدودها». ورد ذلك في نصّ قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 181، الذي صدر في 29 تشرين الثاني 1947. لكن المجتمع الدولي حوّل القدس إلى «كيان منفصل (corpus sepratum) خاضع لنظام دولي خاص، تتولّى الأمم المتحدة إدارته». (القسم الثالث من القرار). إلّا أنّه ما لبثت أن مرّت أشهر قليلة على ذلك حتى احتلّت تنظيمات صهيونية الجزء الغربي من القدس (1948) وظلّ الجزء الشرقي منها تحت الحكم الأردني حتى عام 1967. بدأت الحرب صباح 5 حزيران 1967، وتمكّنت إسرائيل من تدمير سلاحي الجو المصري والأردني خلال ساعات، ثمّ توجّه الصهاينة نحو الجزء الشرقيّ من القدس، بعد عزلها عن جبال الخليل ورام الله شمالاً، وعن بيت لحم جنوباً. واستهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية الوحدات العسكرية الأردنية في وادي الأردن، لمنع إمداد المقاومين في القدس. وازدحم الطريق من أريحا إلى القدس بدبابات دمّرت أثناء محاولتها الوصول إلى القدس. تراجع الأردنيون. وفجر يوم 6 حزيران 1967 قُصفت أحياء القدس الداخلية، ودُمّرت المواقع العربيّة فيها. وبعدها اقتحمت القوات الإسرائيلية المدينة. فتبيّن لقائد اللواء 27 في الجيش الأردني العميد عطا علي أنّّ من غير الممكن مواصلة القتال. لم يجد الإسرائيليون مقاومة تذكر، فوصلوا إلى حائط البراق الساعة العاشرة من صباح 7 حزيران، ودخلوا ساحات المسجد الأقصى، واحتفلوا بنصرهم التاريخي. أما في بيروت، التي حاول الإسرائيليون تركيعها عام 1982، فقد يجد العماد جان قهوجي وضبّاطه اليوم آلاف المقاتلين إلى جانبهم وخلفهم وأمامهم في مواجهة القوة نفسها التي هزمت الأردنيّين والمصريّين والفلسطينيّين والسوريين معاً عام 1967. في بيروت سيشهر عشرات الآلاف أسلحتهم ليدافعوا عن مدينتهم وعن شعبهم وكرامتهم. هم طلّاب مدرسة «لا باسيوناريا». المناضلة الإسبانية ايسيدورا دولوريس ايباروري غوميس، التي وقفت في وجه الفاشيّين لتقول منذ 74 عاماً: اليوم (في 3 أيلول 1936) «نموت واقفين أفضل من أن نعيش راكعين». إنّ الخطوة التي يُفترض أن يبادر إليها الحريصون على بيروت بعد وقوع حوادث مسلّحة فردية أليمة، مثل حادثة برج أبي حيدر، ليس رفع شعار «بيروت منزوعة السلاح»، بل تنظيمه وضبط التجاوزات. «بيروت منزوعة السلاح» لا تشبه بيروت إلا إذا أردناها مدينة في «الشرق الأوسط الجديد».
عمر نشابة - "الاخبار"
صداقة تدعمها المنافع الماليّة والنفطيّة «صداقة» جمعت الزعيم الليبي معمر القذافي ورئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلوسكوني. صداقة محت سنوات الاستعمار بعدما تعهّدت إيطاليا بدفع تعويضات ماليّة للدولة المستعمرة. وبعيداً عن البروتوكولات الرسمية، وجد الثنائي القذافي وبرلوسكوني، كل منهما ضالّته في الآخر. فالأول يدّعي سعيه الى أسلمة أوروبا والستر على نسائها، فيما الثاني منغمس بملذات الحياة حتى الثمالة وينصح النساء بالزواج برجال أغنياء «مثلي». علاقة الانسجام الفكري تنضج يوماً بعد يوم، حتى شعر معها برلوسكوني برغبة في تقبيل يد صديقه، لتسقط هيبته كرئيس لحكومة إيطاليا. إلا أنه يظلُّ يبتسم، متجاوزاً فضائحه، وغير محرج من صداقة القذافي
ربى أبو عمّو منذ تولّيه رئاسة الحكومة الإيطالية، راكم سلفيو برلوسكوني مجموعة من المواقف الغريبة والفضائح، عزلته كشخصية سياسية عن زملائه في دول العالم. ولم يكن هذا الرجل المليونير ليخجل يوماً من «وقاحته» هذه، التي اعتاد أن يبررها إما بالنفي أو بالفكاهة. شخصية برلوسكوني استنسخت عنه أخرى كاريكاتورية، أسقطت عن شخصه الحقيقي صفة الجدية. ويبدو برلوسكوني بشخصيته الغريبة، وأحياناً المقززة كأن يظهر على أغلفة الصحف والمجلات عارياً، تحوطه نساء عاريات، وحيداً بين نظرائه السياسيين في العالم. هذا قبل أن يتعرّف عن قرب إلى رجل يشبهه، تحوّل إلى «أيقونة» بالنسبة إلى المليونير الإيطالي، هو الزعيم الليبي معمّر القذافي. قد يكون غريباً أن تنشأ علاقة صداقة إلى هذه الدرجة بين رجلين ينتميان إلى بلدين، أحدهما مستعمِر والآخر مستعمَر. ويبدو أن معاهدة الصداقة التي وقّعتها ليبيا وإيطاليا في عام 2008، نجحت في قطع الحبل المعقّد بين البلدين إلى الأبد، وقد نصّت على أن تستثمر إيطاليا 200 مليون دولار سنوياً على مدى 25 عاماً، وشقّ طريق سريع عبر ليبيا من الحدود التونسية إلى مصر، وإزالة ألغام ترجع إلى فترة الاستعمار الإيطالي لليبيا. في المقابل، تفوز إيطاليا بعقود في مجال الطاقة، وتشدد حكومة طرابلس إجراءاتها الأمنية لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، عدا عن تنظيم دوريات بحرية مشتركة. لا شك أن لغة المال أو الاقتصاد كانت العامل الأول لإطلاق هذه الصداقة وتفعيلها مع الوقت، نظراً إلى ازدياد الأهمية الحيوية للنفط الأفريقي، وارتفاع إنتاج ليبيا من الخام الأسود بنسبة 50 في المئة خلال الأعوام القليلة الماضية، ليصل سقف إنتاجها إلى مليوني برميل يومياً، مع توقعات بأن يصل إلى ثلاثة ملايين برميل قبل نهاية عام 2012. ولم تنعم إيطاليا وحدها بالبركات النفطية الليبية، بل تصدّر الاتحاد الأوروبي قائمة التبادل التجاري مع ليبيا لعام 2009 بقيمة تجاوزت ثلاثة مليارات دينار ليبي (نحو 2.3 مليار دولار). حتى بدت ليبيا كمنقذ، وخصوصاً بالنسبة إلى إيطاليا، في ظل الأزمة الاقتصادية التي كان لها وقع الصاعقة على روما. فبلدة صغيرة مثل انترودوكو، التي واجهت أزمة اقتصادية حادة، لم تكن لتتخطاها إلا بعد استثمار ليبي فيها بلغ 19 مليون دولار. وبدا ديرك فاندويل، الأستاذ في جامعة «دارتموث» في الولايات المتحدة الخبير في الشؤون الليبية، دقيقاً في وصف الحالة حين قال: «مفارقة أن ليبيا تساعد قرية صغيرة، فيما كانت قوة تستعمرها من قبل يعني الكثير بالنسبة إلى رأس مال القذافي السياسي في ليبيا». المعادلة بسيطة. الصداقة على صلة بالحاجة الاقتصادية. الحاجة التي وضعت الرجلان في خانة التوأم اللذين فقدا الأم، فعاشا كـ«غريبين». سعى القذافي إلى تعميق هذه الصداقة. زار روما في 29 آب الماضي للمرة الرابعة خلال عام، للاحتفال بالذكرى الثانية لتوقيع معاهدة الصداقة، مصطحباً خيمته و30 حصاناً جلبها معه للمشاركة في عرضٍ للفروسية. ولم يستثنِ «حارساته» من الرحلة. وفيما تجمّع الصحافيون ومصوّرو محطات التلفزة لدى دعوة القذافي مئات الفتيات للاستماع إليه وهو يتحدث عن ضرورة أسلمة أوروبا، لم يصدر عن برلوسكوني أي تعليق. وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها القذافي فتيات إيطاليات ليخبرهن عن الإسلام، ويهديهن نسخة عن القرآن ونسخة عن كتابه الأخضر. وهو يسعى دائماً إلى المقارنة بين ليبيا وأوروبا، فقال مثلا إن «ليبيا تحترم النساء أكثر مما تفعل الدول الغربية». برلوسكوني لم يكترث لغضب الصحف الإيطالية والفاتيكان. كأنه كان مشدوهاً بزيّ صديقه، هو الذي كان قد أعرب عن إعجابه بـ«أناقته الاستثنائية». ففي إحدى المرات التي كان يرتدي فيها بزة ناصعة البياض ونظارة شمسية داكنة، قال رئيس الوزراء الإيطالي للزعيم الليبي «أرى أن أناقتك فاقت التصور». قد لا يكون مستغرباً أن يتغاضى برلوسكوني عن أفعال القذافي، الذي بات يحتل موقع المنقذ المالي، لا لإيطاليا فحسب، بل لبرلوسكوني شخصيّاً. حين تراجع أداء نادي «ايه سي ميلان» لكرة القدم، الذي يملكه برلوسكوني ولم يعد يمثل استثماراً جيداً لعائلة الأخير، إضافة إلى ضرر نتائجه الرياضية على صورة رئيس الوزراء، أكدت صحيفة «لاريبوبليكا» أن رئيس الوزراء الإيطالي يود بيع النادي إلى الزعيم الليبي. وطلب معرفة مدى استعداد كل من البنك المركزي والمصرف الليبي الخارجي ومديرية شؤون الاستثمار في ليبيا لذلك. في المقابل، وإضافة إلى المال، يُكرم القذافي صديقه معنوياً، بعدما أعلن السفير الليبي في روما، حافظ قدّور، استعداد بلاده لإصدار جوازات سفر جديدة عليها صور تجمع القذافي ورئيس الحكومة الإيطالي. والقذافي، المعروف عنه انتقاداته الكثيرة للمسؤولين الغربيين، يتجاهل كل ما يُنشر عن برلوسكوني، ولا سيما فضائحه الجنسية، على غرار صوره مع نساء عاريات، والتي علّق عليها برلوسكوني بالقول: «هل كنتم تتوقعون أن نرتدي سترات وربطات عنق ونحن نستحمّ في الجاكوزي داخل منزلي الخاص؟» ما إن يكتب اسم برلوسكوني أو القذافي في خانة البحث على الإنترنت، تنهال عليك مجموعة من الأخبار الغريبة. برلوسكوني مثلاً يستعدّ لإصدار ألبوم غنائي، وقد نصح النساء بالزواج برجال أغنياء مثله. القذافي يحمل خيمته إلى كل مكان، عاشق أيضاً للنساء، حتى إنه اختارهنّ لحراسته. إنهما توأم الغرابة أو الجنون.
استثمروا في إيطاليالم يكن وقع تقبيل رئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلوسكوني، يد الزعيم الليبي معمر القذافي، سهلاً على الإيطاليين. ونقلت وسائل الإعلام المرئية تعليقات العشرات من المواطنين الغاضبين، حتى إن بعضهم قال «كنت أظن أنني رأيت أبشع الأمور، لكنني أخطأت على ما يبدو». لم يفهم الإيطاليون مغزى التقبيل؛ أهو اعتذار عن فترة الاستعمار أو امتنان للأموال أو تعبير عن صداقة؟ لكن الصور والتصريحات قد تشير إلى أن برلوسكوني تحول إلى تابع للقذافي. إحدى البدايات كانت مع تقبيل اليد، وصولاً إلى التبعية المادية. فالأخير شجّع «الليبيين الذين يملكون أموالاً على الاستثمار في إيطاليا، ومسموح لهم حتى بالبقاء فيها». وأضاف القذافي «هناك شركات تدرّب غير المؤهّلين ليكونوا مؤهّلين للعمل في مرافق كثيرة في إيطاليا»، معتبراً أن هذه «الشركات يمكن أن تسهم في جلب الليبيين وتدريبهم، وهذا سيحلّ محلّ الهجرة غير المطلوبة من أفريقيا».
وبعد؟ ربما يكون هناك رابط قوي بين هذه العملية النوعية وكل هذه الأسئلة، وقد يكون بمقدور جهات نافذة وفاعلة وذات صدقية أن تثبت وجود صلة بين هذا الإنجاز وهذه الأسئلة. لكن ثمة حقيقة تتعلق بالنتيجة التي تقول إن فرع المعلومات سجّل سابقة في الاقتراب من دوائر مشتبه في تورّطها في أعمال إجرامية، بينها الاتصال بالعدو وخدمته، وإنه لم يقف عند الاعتبارات التي حالت حتى اللحظة دون توقيف مجموعة كبيرة من عملاء «الدرجة الأولى»، علماً بأن فريق العمل في فرع المعلومات يعرف أن قيادة المقاومة اتخذت قراراً عملياً بالمضي في هذه المعركة، وإسقاط كل الاعتبارات التي كانت قائمة سابقاً، والتي كانت تحول أو تعرقل المباشرة بحصاد هذه الفئة من العملاء. وبذلك، فإن الفريق الأمني في المقاومة أو في مديرية استخبارات الجيش أو في أجهزة أخرى، قد بات حراً من أيّ قيود، وبات أمام استحقاق القيام بدوره في هذا المجال، وهو الأمر الذي سيفرض واقعاً مختلفاً على البلاد. ولا يعرف حتى اللحظة ما هي الإجراءات الوقائية التي سيلجأ إليها العدو نفسه أو العاملون معه، وسط انطباعات تسود أوساطاً أمنية فاعلة بأن البلاد ستشهد موجة نزوح لعدد من الشخصيات التي تعرف أن وقت قطافها قد حان.وبمعزل عن نتائج الاتصالات الجارية بعيداً عن الأضواء بين الجهات العربية والدولية المعنية بملف المحكمة الدولية، والتي تستهدف خطوة تمنع وقوع لبنان في الفتنة القاتلة، فإن المؤتمر الصحافي الذي سيعقده الأمين العام لحزب الله، الاثنين المقبل، سيكون في الشكل مناسبة لكي يتعرّف الرأي العام إلى بعض جوانب عمل المقاومة الأمني في مواجهة إسرائيل، لكنّه سيفتح الباب أمام سجال مختلف بشأن طريقة مقاربة التحقيقات لجرائم كبرى مثل جريمة اغتيال الحريري. وقد يتحول إلى فرصة لإثبات عدم صدقية القرار الدولي باعتبار اللبنانيين عاجزين عن إدارة ملفات بهذه الحساسية.
أمس، بدأت فعاليات «أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي» في الجامعة الأميركية في بيروت. أول النشاطات كان قراءةً شعرية للشاعر مريد البرغوثي. امتلأت قاعة مبنى «وست هول» حتى آخر مقعد. يصعد مريد إلى المنبر، ويبدأ بإلقاء قصائده. يخيم الصمت على المكان، الجمهور في تناغم كامل مع الشاعر. شاعر دخل المقاومة والنضال من باب الفرح. في قصيدة «الشهوات» التي ألقاها، بَوح بجوهر المقاومة. وأنت تتابعه كلمة بكلمة، تلمس أن المقاومة فعل من أجل الحياة الجميلة. لوحة يقفز منها الجمال واللذة، رسمها البرغوثي بكلماته. أبيات عن كذبات بيضاء نشتاق إليها، وجموح نحو يوميات رائعة، مليئة بالتحرر، لدرجة أننا نبلغ مرحلة نضع على جدراننا صوراً غير خريطة فلسطين. بوضوح، قاوم البرغوثي بشعره كي يحيا، لأنه، كما مظلومون كثر، مشتاق إلى الحديث عن العشق والجمال.
على مستوى الجمهور، ربما، هي من المرات النادرة، التي يعبر فيها الصمت عن الإعجاب، أكثر من حدّة التصفيق المرتفعة، والوقوف للشاعر بعد انتهائه من تلاوة قصائده. وإلى جانب الشهوات، تلا البرغوثي قصائد أخرى، برزت منها قصيدته الجديدة «فليحضر التاريخ»، كذلك عاد إلى ديوانه «ليلة مجنونة» الذي أصدره في عام 1995، وتلا منه قصيدة عنوانها «لا مشكلة لدي». وللراحل محمود درويش حصته من «أمسية» البرغوثي، إذ قرأ للمصغين: «كشرفةٍ سقطت بكل ورودها». لم تسلم الأنظمة العربية من نقد البرغوثي. فهو إلى جانب حديثه عن المقاومة والنضال، استعان بمقتطفاتٍ من كتابه «منطق الكائنات». قال القلم للمبراة، والحديث للبرغوثي، «أنت كالأنظمة العربية، من يدخلك، يصغر رأسه وفكره». وللغسالة الأوتوماتيكية حصتها. قالت لها ربة المنزل: «لا يدخلك إلا غسيل وسخ، أما حبل الغسيل، الفقير، فلا يحمل إلا الثياب النظيفة». أما اليوم، فعند الثانية عشرة ظهراً، يستضيف الـ«وست هول» طاولةً مستديرة باللغة الإنكليزية حول «تخطيط الدمار البيئي الإسرائيلي»، فيما يستضيف مبنى «كولدج هول» عند السادسة مساءً ندوةً تتناول «ربط النضال ضد الصهيونية والإمبريالية» ويحاضر فيها كل من الدكتورة نهلة الشهال، هنا إبراهيم، وعامر جبران.
فاتن الحاج لم يفاجئ مشهد الأساتذة الثانويين والمهنيين في «ساحة النضال» أمام وزارة التربية، النقابيين. حجم المشاركة كان متوقّعاً من أساتذة لم يخذلوا، تاريخياً على الأقل، روابط خبرت المطالبة بحقوقهم المكتسبة. وما إضراب أمس واليوم والاعتصام أو الانتفاضة التربوية، كما سمّاها حنا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، إلا محطة أساسية على طريق تحقيق مطلب واحد لا غير: «سبع درجات لاستعادة الموقع الوظيفي لأساتذة التعليم الثانوي والفئة الثالثة من أساتذة التعليم المهني الرسمي». عيد المعلم في 9 آذار سيكون محطة أساسية ثانية للتحرك في حال عدم التجاوب، وللاحتفال بالذكرى إذا لمس الأساتذة الإيجابية شرط نيل المطلب «بلا تسوية أو مفاوضات أو مساومة»، على قاعدة أن «لا عمل من دون أجر وهدر حقهم لا يستند إلى أي مسوّغ قانوني». التسوية لم ينفها وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة، الذي خرج إلى المعتصمين معلناً «استعداده للجلوس إلى الطاولة، والحوار مع الأساتذة مجدداً، وصولاً إلى حل معقول للجميع». صباح أمس، كان يوم التعليم الثانوي الرسمي بامتياز. فآلاف الأساتذة لم يذهبوا إلى ثانوياتهم ومهنياتهم للتدريس، بل جاؤوا إلى وزارتهم حاملين مئات اللافتات. هي في الواقع لافتة واحدة تجسّد مطلباً واحداً: «أيها المسؤولون، ادفعوا ما بقي من الـ60% من دون نقصان بموجب القانون 66/53». المعتصمون حضروا بواسطة الباصات من الجنوب والشمال والبقاع، وبسياراتهم من جبل لبنان وبيروت. كانوا على الموعد أمام مقرّ رابطة «الثانوي» خلف قصر الأونيسكو، حيث ساروا على الأقدام باتجاه مكان الاعتصام الذي يبعد عشرات الأمتار. وإذا كانت الساحة القريبة من تمثال حبيب أبي شهلا لم تشهد تجمّعاً مماثلاً منذ فترة ليست بقصيرة، فاللافت كان تنوّع المعتصمين الذين يبدو أنّهم أعطوا إجازة قصيرة لانتماءاتهم السياسية والتفّوا كالعادة حول رابطتهم.
أما المشهد العام فكان يعكس بوضوح اجتماع الأساتذة، بشيبهم وشبابهم، على مطلبهم الوحيد. هؤلاء الشباب الذين ينضمّون تباعاً إلى ملاك التعليم الثانوي لم يتردّدوا في تلبية توصية الرابطة بالتحرك، لكونها هي الأخرى لم تتأخر عن مفاوضة المسؤولين في شأن حقوقهم الخاصة. محمد قاسم، أمين سر الرابطة، حيّا الشباب، مشيراً إلى «أنّ صدور مراسيم تعيينهم ليس إنجازاً، بل هو مطلب تربويّ بحت قصّرت الوزارات المتعاقبة في تنفيذه». كذلك ردّ قاسم على ما سمّاه «ادّعاءات تتحدث عن مطالبتنا بعلاوة أو تصحيح رواتب»، بالقول: «لدينا الجرأة الكافية للقيام بذلك بالتنسيق مع القطاعات الأخرى، وتاريخ الرابطة يشهد على تصدّينا لقضايانا». لن يتراجع الأساتذة، بحسب قاسم، قيد أنملة عن مطلبهم، و«ستثبت الأيام أن وحدتنا ستكون الضمانة لتحقيق ذلك». خلال الاعتصام، راحت حناجر الأساتذة تصدح بشعارات برز منها «تفضّل يا معالي الوزير، استقبلنا هالبقاعية والشمالية والجنوبية والجبلية والبيروتية، إلهن عندك دين كبير بالساعات الإضافية، 12 سنة مش بكير الأساتذة الثانوية لعلم أولادهن والصحة عم يستعطوا النورية، قلتوا أولوية الناس قلنا هالثانوية وينن حكام البلاد لرفع المظلومية».
وكالعادة، يخترق صوت غريب فضاء الاعتصام فيلهب حماسة المشاركين. يتوجه النقابي العتيق إلى المسؤولين بالقول: «انظروا، ثانويات لبنان كلها هنا أمام وزارة التربية. أساتذة لبنان كلهم هنا، يقدمون مشهداً عن وحدتهم وتمسكهم بحقوقهم وتصميمهم على استرجاع موقعهم الذي تدهور إلى أدنى السلم الوظيفي منذ عام 1998». يعلو الصراخ حين يقول غريب: «عدّوا معي من الجنوب أتوا 62 ثانوية من أصل 62 ومن الشمال أتوا 69 ثانوية من أصل 69 ومن الجبل أتوا 76 ثانوية من أصل 76 ومن البقاع أتوا 58 ثانوية من أصل 58 ومن بيروت أتوا إليها 25 ثانوية من أصل 25». يضيف غريب: «إنه الغضب الذي يشعر به كل أستاذ ثانوي في لبنان والشعور بالغبن والإجحاف الذي لحق بكل واحد منهم. إنهم يطالبونكم أيها المسؤولون بدفع ما بقي لهم من الـ60%، وما بقي هو 35%، أي سبع درجات». الأساتذة، كما يوضح غريب، لا يطالبون بمطلب جديد أو بإعطائهم منَّة أو مساعدة، بل بحقّهم المكتسب المكرّس بالقانون 66/53. إنهم يريدون إعادة الاعتبار لمهنة التعليم كي تعود مهنة مرموقة جاذبة للكفاءات، محافظة عليها. يريدون انتشالها من حال الانحدار الذي وصلت إليه». ويزيد: «انظروا أين كانت مهنة التعليم، وكيف تدهور موقع أستاذ التعليم الثانوي مع الحد الأدنى للأجور من 4.5 أضعاف إلى ضعفين، ومع الموظف الإداري 60% عند التعيين، ومع الأستاذ الجامعي من خمس درجات إلى 18 درجة، كل ذلك بسبب إلغاء الـ60%».لا يكفي، في رأي غريب، «الاعتراف بأحقيّة ما نطالب به وأنه لا نقاش فيه، بل المطلوب ترجمة الأقوال إلى أفعال، نريد إقرار مشروع قانون يقفل هذا الملف نهائياً قبل إقرار مشروع الموازنة العامة».
ويسأل: «إلى متى يستمر الانتظار؟ دفعتم المفعول الرجعي لجميع موظفي الدولة وهذا حق لهم، لكن ما لا حقّ لكم فيه هو استثناء أساتذة التعليم الثانوي من إعادة حقهم كاملاً. لماذا هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد؟ لماذا هذا التمييز بين موظف وآخر في الفئة الوظيفية عينها؟ أي منطق هذا الذي يعطي الموظف الإداري في الفئة الثالثة 60% ويأخذ من أستاذ التعليم الثانوي في الفئة عينها 60% لقاء الزيادة في ساعات العمل. لا حجّة لديكم أيها المسؤولون، لا تتذرّعوا بالكلفة. أين ذهبت كلفة الساعات الإضافية التي كانت تدفع لنا سحابة 32 عاماً، وكيف صرفت؟ لا تتذرّعوا بمعزوفة المديونيّة. ليست حجة لضرب حقوقنا وإفقارنا، لأنها في الحقيقة غطاء لزيادة الأرباح الطائلة التي تلتهم نصف موازنة الدولة فوائد على سندات الخزينة وهي تذهب إلى جيوب أصحاب المصارف والثروات وأصحاب الشركات الكبرى الذين اختطفوا المال العام هدراً وفساداً». ثم يقدم غريب الحلول: «اخفضوا الفائدة على سندات الخزينة، طبّقوا الضريبة التصاعدية على الأرباح والصفقات العقارية والمضاربات المالية. إن التوافق الذي تنعمون به هو توافق علينا بدل أن يكون معنا. التفتوا إلى الناس، عالجوا مشاكلهم الاقتصادية ـــــ الاجتماعية، ولبّوا مطالبهم بدل الاستمرار بضرب حقوقهم».ويختم: «ليس هكذا يكافأ أساتذة التعليم الثانوي الرسمي الذين بنوا مجد هذا التعليم في القطاعين الرسمي والخاص. ترى، لأجل ذلك يعاقب أساتذته وتؤخذ حقوقهم؟».
جورج قالوش، رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي، يشرح هو الآخر كيف أنّ الفئة الثالثة من أساتذة التعليم المهني معنيّة بالمطلب نفسه. يقول: «في سبعينيات القرن الماضي تمكّن الأساتذة من امتلاك بيوت وسيارات وغيرها، وكانوا عموماً في مستوى معيشي لا بأس به، وبدأ هذا الموقع بالتراجع حيث كان يبدأ الأستاذ المساعد (الفئة الثانية وظيفياً) وأستاذ التعليم الفني (الفئة الثالثة) بما يوازي أقلّه أربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور. أما اليوم، وعلى الرغم من تراجع القيمة الشرائية، أصبح الأستاذ يتقاضى في بدء السلسلة ضعفي الحد الأدنى للأجور، نتيجة تراكم الخسائر التي لحقت بحقوق أساتذة التعليم المهني، بسبب القوانين المجحفة المتلاحقة المتعلقة بسلاسل الرتب والرواتب وقانون دمج التعويضات التي أفقدت الأساتذة موقعهم الوظيفي والاجتماعي والمادي». ويقول: «لن نقبل بأن يكون هذا التراجع مخططاً له أو مقصوداً، فيما كل موازنات دول العالم تنظر إلى تعزيز المستوى المعيشي للمعلمين». ويعلن قالوش أن الرابطة لن تفرّط ولن تتقاعس عن المطالبة بحقوق الأساتذة تربوياً ومعنوياً ومعيشياً، فالاحتجاجات السلمية هي وسيلتهم الوحيدة التي كفلها لهم الدستور والقانون.... وعند الثانية عشرة ظهراً، يتفرق المعتصمون على أمل اللقاء في محطات نضالية أخرى.
طاولة الحوار هي الحكَمينفي وزير التربية حسن منيمنة، في اتصال مع «الأخبار»، «أن يكون ما يطالب به الأساتذة عبارة عن ردم هوة أو استعادة موقع وظيفي، بل هي دعوة صريحة إلى زيادة الرواتب». يقول: «يحق للجميع التحرك من أجل هذه الزيادة، لكن مناقشة مثل هذا المطلب المالي يجب أن تراعي الإمكانات المادية والاقتصادية للدولة». يضيف: «استعمال هذا الحق لا يكون عشوائياً، وذلك بإطاحة مصالح الطلاب الذين نلتزم جميعاً بضمان حقوقهم في التعليم». لكن، «ما هو طرح الوزارة مقابل السبع درجات؟ يجيب منيمنة: «بعد بكّير، لنترك لطاولة الحوار أن تكون الحكَم الذي يقارب حلولاً منطقية للقضية». و«ماذا لو تحرّك الأساتذة في عيد المعلم؟». يكتفي الوزير بالقول: «هو إضراب في غير محلّه». أما بالنسبة إلى المطالب التربوية الأخرى لجهة إعداد مراسيم التعيين والمباريات، فهي على نار حامية «وماشي فيها للآخر».
الإضراب يشلّ الثانوياتالتزم نحو ستة آلاف أستاذ تعليم ثانوي يدرّسون في 290 ثانوية في بيروت والمناطق، وآخرون يعلّمون في المدارس والمعاهد المهنية بالإضراب التحذيري اليوم وغداً. ومن هؤلاء من التحق بالاعتصام المركزي أمام وزارة التربية في الأونيسكو. هكذا، غاب الازدحام، أمس، عن شوارع طرابلس (عبد الكافي الصمد)، وأقفلت الثانويات الرسمية في مدينتي طرابلس والميناء وضواحيهما أبوابها أمام آلاف التلامذة. ولم يقتصر الإقفال على الثانويات، بل شمل المعاهد الفنية والتقنية الرسمية ودار المعلمين والمعلمات في المدينة، فيما كانت الباصات تقلّ أساتذة ثانويين إلى بيروت. وفي قضاء المنية ـــــ الضنية، أغلقت 12 ثانوية رسمية فيه أبوابها، فلازم أكثر من 3500 تلميذ ثانوي ونحو 1500 تلميذ مهني منازلهم. أما في بنت جبيل ومرجعيون (داني الأمين) فقد بدت لافتة مشاركة مديري الثانويات الذين انضمّوا إلى تحرك أساتذتهم وانطلقوا جميعاً إلى بيروت. وبرز أيضاً التنسيق بين المعتصمين لجهة توفير وسائل النقل للمشاركين الموجودين في أماكن بعيدة عن نقطة التجمع على طريق السلطانية. وفي قضاء عاليه ومنطقة المتن، أقفلت المدارس الثانوية بدءاً من ثانوية الشويفات، عرمون، بشامون، القماطية، عاليه، مجدل بعنا، صوفر وعين دارة. وفي منطقة المتن الأعلى: ثانويات حمانا، قرنايل ورأس المتن. وأكد رئيس رابطة المعلمين الابتدائيين في جبل لبنان، كامل شيا، «تضامن الرابطة مع تحرك الأساتذة ودعم كل تحرك مطلبي، مع تأكيد حفظ الفوارق للسلسلة الموحّدة لمعلمي التعليم الرسمي ما قبل الجامعي». وقد تزامن اعتصام الأساتذة الثانويين مع اعتصام آخر للمتعاقدين في التعليم الثانوي في المكان نفسه. هؤلاء حضروا عند التاسعة صباحاً تلبية لدعوة اللجنة العليا لمتابعة قضيتهم برئاسة حمزة منصور. منصور نقل للمتعاقدين مضمون لقائه الصباحي ووزير التربية، فأكد «أنّ حل مشكلتهم يكون في اللجان النيابية المختصة، وأن دور الوزارة هو تطبيق القوانين بما يحفظ مصلحة التربية والمواطنين والأساتذة على الأراضي اللبنانية». وجدد منصور الحديث عن السياسات غير التربوية التي مارستها الوزارات المتعاقبة في حق المتعاقدين. وأولى تلك المظالم، في رأيه، كان إغلاق كلية التربية. أضاف: «لن نسمح بأن يرمى جيش المتعاقدين هذا في الشوارع، متروكين للفقر والعوز والحاجة. نتوجه إلى نواب الأمة لوضع قضيتنا على جدول أعمالهم، من أجل إنصافنا العادل وإخراجنا من دوّامة الظلم الذي عشناه لعشرات السنين».
حسن شقراني
لم يكن سوى ردّ فعل طبيعي على الانقطاعات الخانقة والظالمة في التياّر الكهربائي التي تشهدها مناطقهم منذ حوالى أسبوع: تجمّع مواطنون يناهز عددهم مئة شخص على طريق المطار (عند تقاطع مطعم KFC) أمس، وقطعوا الطريق عبر إشعال الدواليب.دام الاحتجاج وقطع الطريق نحو ساعتين قبل أن يحضر عناصر القوى الأمنيّة والجيش لتفريق التجمّع عند الساعة الخامسة تقريباً.ولدى البحث في أسباب هذا الاحتجاج المفاجئ، اتّضح أنّ حدّة انقطاع التيّار الكهربائي في الضاحية الجنوبيّة لبيروت ارتفعت خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ الاثنين الماضي حيث لا تكاد الكهرباء تأتي إلّا وتنقطع. والانقطاع يحصل تحديداً خلال الليل. والسبب في ذلك عطل ينتظر المواطنون من شركة الكهرباء معالجته!ووفقاً لأحد المحتجّين، الذي تحدّث لـ«الأخبار» فإنّ «الوضع لم يعد يُطاق أبداً. ففي بعض الأحيان تأتي الكهرباء الساعة السادسة مثلاً ثمّ تنقطع في السادسة وعشر دقائق!».ويبدو أنّ هذا الاحتجاج المصغّر نتج عفوياً وفقاً للأجواء التي يمكن تلمّسها في ساحته، إلّا أنّه لن يكون الأخير. فبحسب أحد الموجودين سيكون الاحتجاج الأكبر يوم الاثنين المقبل في ساعة الزحمة حين تملأ السيّارات الطرقات، وفقاً للمشهد المؤسف الذي يتكرّر في لبنان يومياً.وتعيش البلاد أزمة حادّة على صعيد إنتاج الكهرباء بفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تصل إلى 1000 ميغاواط، حيث إنّ الإنتاج الإجمالي لا يتعدّى 1500 ميغاواط، فيما يصل الطلب في أوقات الذروة إلى 2500 ميغاواط. وفي ظلّ غياب الإجراءات العمليّة لتحسين الأوضاع، تصل الأمور في بعض المناطق إلى مرحلة لا تُطاق، مثلما حدث تحديداً على طريق المطار أمس.وقد تغيّرت أنماط التقنين الكهربائي في لبنان أخيراً، وما يزيد الأمور سوءاً خلال هذه المرحلة هو بداية الموسم الصيفي، حيث يضطرّ المواطنون إلى تشغيل المكيّفات، وتحديداً في منطقة بيروت، التي تستهلك حصّة الأسد من الإنتاج، وتصل فيها ساعات التغذية إلى 21 ساعة في اليوم بالحدّ الأدنى.وكان وزير الطاقة والمياه جبران باسيل قد أشار منذ فترة إلى أنّ «حل مشكلة الكهرباء يحتاج إلى قرار جريء واستراتيجي من جانب الحكومة لتغطية النقص الكبير الحاصل». ما يعني أنّ الأمور تبقى عالقة عند «جبن» الحكومة في اتخاذ قرار يريح اللبنانيّين نسبياً في الصيف، الذي يُتوقَّع أن يكون خانقاً مع مجيء حوالى 2.5 مليون سائح ومغترب زائر، وما يعنيه ذلك من ارتفاع في الطلب على التيّار الكهربائي الضعيف أصلاً.وإذا بقيت الأمور على ما هي عليه فإنّ الاحتجاجات الشبيهة بما جرى أمس ستتكرّر في جميع المناطق وبزخم أكبر. فما يحتاج إليه لبنان في المدى القصير هو إجراءات طارئة لتوفير النقص الحاصل، على أن تُطبّق استراتيجيّة شاملة على المدى الطويل لإصلاح الخلل الهيكلي، والمتوقّع أن يزيد إذا لم تواجَه عوامل التأخير. فالطلب على الكهرباء سيرتفع إلى 5 آلاف ميغاواط بحلول عام 2015.ويتحدّث جبران باسيل عن خطّة متكاملة زيادة الإنتاج والخصخصة والطاقة البديلة... ولكن ليس مفهوماً ما إذا كانت منطقيّة ومتّجهة صوب الإقرار قريباً. غير أنّ الأكيد هو أنّه إذا لم تطوِّر البلاد قدراتها الإنتاجيّة فإنّها ستسقط كلّها في الظلمة، مثلما تسقط حالياً الضاحية، التي «لا يستطيع المواطن فيها أن يرى إصبعه ليلاً»، بحسب أحد الموجودين في احتجاج أمس، «ذلك المواطن سيقطع الطريق ويفعل أكثر من ذلك إذا لم توفَّر له الكهرباء الآن».
حسن عليق كما كان متوقعاً، لم تغيّر الطبقة السياسية عادتها في قول الأمر وفعل نقيضه. نواب الأمة أمس أجمعوا في مجلسهم على تأييد خفض سن الاقتراع، إلا سيرج طور سركيسيان. لكن لحظة الحقيقة أظهرت أن المؤيدين الحقيقيين لم يتجاوزوا 34 نائباً. أما البقية، (66 نائباً)، فلاذوا خلف امتناعهم عن التصويت. رفضوا الطروحات التي تلقّوها، وأبرزها ما تقدم به الرئيس نبيه بري لناحية تطبيق التعديل الدستوري ابتداءً من عام 2013، على أن تكون آلية اقتراع المغتربين قد وضعت موضع التنفيذ. لكنهم أسقطوا اقتراح بري بحجة أن النص الدستوري «أقوى من تدوين ملاحظة في محضر جلسة مجلس النواب». آخر من أدلى بصوته منهم كان رئيس الحكومة سعد الحريري، وعندما نودي باسمه أجاب: ممتنع، للأسف. لم يكن الحريري قد توقف عن شرب الماء طيلة جلسة أمس، ما استدعى استنفار أحد ضباط شرطة المجلس ليملأ كأس دولة الرئيس كلّما فرغت. تصريحات الممتنعين سيطرت عليها كلمتا «لكن» و«إنما». فذلكة تكتل التغيير والإصلاح أتبَعتْ كلمة «لكن» بمطالعة للنائب إبراهيم كنعان أفتى خلالها بأن الامتناع عن التصويت هو اعتراض على المسار، لا على مضمون الاقتراح. مازحه الرئيس بري قائلاً إن المهم ألا يكون الاعتراض على المصير، فزايد كنعان بتأكيده أن الاعتراض على المصير واجب إذا كان ضد مصلحة لبنان. نائب القوات اللبنانية أنطوان زهرا، الذي وعدَ رئيسَ المجلس بأنه سيظل قربه على مقعد أمين السر، أعلن رفض المزايدات، مطالباً بإنجاز آلية اقتراع المغتربين، قبل إعادة طرح مشروع خفض سن الاقتراع. أما حزب الكتائب، فقفز إلى ما بعد اقتراع المغتربين، إذ ربط النائب سامي الجميّل بين حق من أتمّ الثامنة عشرة من عمره في الانتخاب وحق المغتربين وحق المتحدرين من أصل لبناني. ابن عمه، النائب نديم الجميّل، «حليت في عينه» كرسي الوزارة، إذ قضى جزءاً طويلاً من وقته قرب الوزير ميشال فرعون.
آخر من أدلى بصوته كان رئيس الحكومة سعد الحريري، وعندما نودي باسمه أجاب: ممتنع، للأسفتكتّل لبنان أولاً الذي يرأسه الرئيس الحريري، عبّر عن موقفه النائب عقاب صقر، الذي استلهم مواقف الرئيس بري من أجنحة لبنان (المسلم والمسيحي والمقيم والمغترب). وبحسب صقر، فإن الامتناع عن التصويت مردّه إلى عدم إلحاق الغبن باثنين من هذه الأجنحة، أي المسيحيين والمغتربين. وأكد صقر أنه مع منح حق الاقتراع لكل الشباب اللبناني، المقيم والمغترب. مداخلة صقر انتهت بمشادة بينه وبين زميله في الفوز بمقعد نيابي في زحلة النائب نقولا فتوش، إذ استنكر صقر، بطريقة غير مباشرة، كلام فتوش عن «لحس التواقيع»، الذي عنى به الأخير النواب الذين أيّدوا اقتراح خفض سن الاقتراع في آذار 2009، وامتنعوا عن التصويت لمصلحته أمس. لكنّ تدخّل بري أطفأ المشادة فوراً. الأمر ذاته تكرر بين النائبين علي عمار وسيرج طور سركيسيان الذي لم يفوّت مناسبة لطرح «نهفة» من الزاوية التي اتخذها مرصداً لزملائه. فعندما كان عمار يحدث زملاءه عن رؤياه لطَيفِ شاب «مطعون بخنجر في ظهره، ومصفوع على ناصيته»، قاطعه طور سركيسيان كعادته ممازحاً. تدخل بري طالباً من الأخير أن يلتزم الصمت، لكن سيرج أكمل مزاحه الذي لم يُسمَع إلى مقاعد الصحافة. ردّ عمار بالقول إنه لا يتقبّل المزاح، فأعرب سيرج عن سأمه من التهديد! عند هذا الحد، رفع عمّار من وتيرة كلامه، إذ خاطب زميله بهدوء من دون أن يلتفت إليه، قائلاً: ما حاججتُ (مختصراً القول المأثور: ما حاججت جاهلاً إلا وغلبني). أكمل عمار كلامه، مؤكداً ضرورة إنصاف الشباب الذي احتشد دفاعاً عن حرية لبنان وسيادته، وضحّى بدمه في سبيل الوطن. بدوره، أمل عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور أن يضخّ خفض سن الاقتراع «الدم في العروق اليابسة في النظام السياسي». جاراه في موقفه نواب الحزب التقدمي الاشتراكي الذين صوّتوا لمصلحة الاقتراع، في مقابل امتناع غير الحزبيين من أعضاء اللقاء الديموقراطي. وقبل طرح الاقتراح على التصويت، كان وزير الداخلية زياد بارود يأكل ظفر سبّابته اليمنى. بدا واضحاً منذ أول من أمس أن الاقتراح سيسقط. ولإسقاطه، تعاون كلّ من نواب تكتل التغيير والإصلاح والقوات اللبنانية وحزب الكتائب واللقاء الديموقراطي (غير المنتمين إلى الحزب التقدمي الاشتراكي) وتيار المستقبل وتكتّل «لبنان أولاً». ومن هذه الكتل، لم يميّز أحد صوته. حتى «العلمانيون» امتنعوا عن التصويت، كنائب اليسار الديموقراطي، الشيوعي (السابق) في كتلة المستقبل أمين وهبة. الخجل من القرار لم يُظهره إلا النائب عباس هاشم. فعندما حان دوره للتصويت، امتنع عن رفع صوته، مشيراً إلى زميله إدغار معلوف، كمن يقول: «رأيي من رأي إدغار». ورأي إدغار هو الامتناع عن التصويت. لكنه أعلن امتناعه بعد إصرار بري. وبعد الجلسة، قال هاشم لـ«الأخبار»: نحن مصابون بانفصام في الشخصية. هؤلاء امتنعوا. أما المؤيّدون، فهم أعضاء كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها الرئيس نبيه بري، ونواب كتلة الوفاء للمقاومة والحزب التقدمي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي والبعث والجماعة الإسلامية، والرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والنواب أحمد كرامي وقاسم عبد العزيز وتمام سلام ونقولا فتوش. خارج مجلس النواب، اعتصم ممثّلو منظمات شبابية وطالبية وحقوقية للمطالبة بخفض سن الاقتراع. ودخل ممثّلون عن بعض هذه المنظمات لحضور الجلسة في القاعة العامة. وقد أعرب معظم المشاركين عن استيائهم من عدم إقرار مطلبهم. وأعلن كلٌّ من قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني واتحاد الشباب الديموقراطي أن ممثّلين عنهما مُنِعوا من دخول قاعة مجلس النواب، عكس زملائهم في المنظمات الطالبية الأخرى، بذريعة «عدم وجود نواب ممثّلين لهم».
انتهت مؤقّتاً ذيول غضب الأهالي على اليونيفيل. عُقدت اجتماعات متفرّقة شارك فيها الشعب والجيش والمقاومة، إضافة إلى القوّات الدوليّة. ووجّه بعدها قائد اليونيفيل الجنرال الإسباني ألبرتو أسارتا كويباس رسالة مفتوحة إلى الجنوبيّين. الرسالة المهذّبة تطلب من الأهالي مساعدة الجنود الدوليّين واعتماد الحوار من أجل حلّ المشكلات التي قد تنشأ جرّاء قيام اليونيفيل بعملها. وإذ قال أسارتا إنّه يصعب استمرار وجود اليونيفيل من دون دعم الأهالي، فقد رأى أنّ «وجودنا في لبنان بعيداً عن ديارنا لا يراد منه غير مساعدتكم على العيش بسلام». لعلّ المشكلة الحقيقيّة تكمن في هذه العبارة بالذات. فصحيح أنّه لا أحد من الأطراف كافّة يريد لليونيفيل الانسحاب من جنوب لبنان: لا حزب اللّه، لا الأهالي، ولا إسرائيل، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ العلاقة بين اليونيفيل واللبنانيّين لا يمكنها أن تكون سليمة وودّية مئة في المئة. ذلك أنّ الجميع يعرف أنّ اليونيفيل المعزّزة بعد حرب تمّوز 2006، لم تتّخذ شكلها الحالي لحماية لبنان، بل لحماية إسرائيل. هذا لا يعني أنّ لبنان ليس أكثر أمناً بوجود اليونيفيل، لكنّه يعني أنّ المساهمة في حماية لبنان، إن وُجدت، هي مجرّد أثر جانبيّ للمهمّة الأصليّة التي هي حماية إسرائيل. الزعماء الغربيّون الذين أرسلوا قوّاتهم إلى الجنوب بعد حرب تمّوز أعلن بعضهم صراحةً أنّه يفعل ذلك لضمان أمن إسرائيل. تكفي مراجعة خطاب المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل آنذاك. أمّا رئيس الوزراء الإسباني، خوسيه لويس ثاباتيرو، فانتظر حادثة أسطول الحرية ليربط مصير الغرب بمصير إسرائيل. يضاف إلى ذلك الهلع الذي أصاب ممثل الأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، والرئاسة الفرنسية، ومجلس الأمن الدولي، جرّاء رشق آليات بالحجارة، وهو ما لم يصابوا به حين أصيبت الآليات نفسها بنيران إسرائيلية. لا طائل من إعلان أسارتا أنّه موجود هنا من أجلنا. فالجميع يعرف، كما أعلن حسن نصر اللّه في مهرجان الانتصار، «أنّهم يخجلون بنا». لن تحرّك الجيوش الغربيّة جنودها من أجل الجنوبيّين. يحرّكونها من أجل من يعدّونهم قاعدتهم الغربيّة في المنطقة. أمّا نحن، فيصيبنا من حسن تصرّفهم ما يصيب الشعب الأفغاني حين يرضخ جيش الاحتلال هناك لنصائح الأنثروبولوجيّين. فهرِّجوا لنا قليلاً، ولا تنسوا بابا نويل في أعياد الميلاد.
عدد الجمعة ٩ تموز ٢٠١٠ |