أمس، بدأت فعاليات «أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي» في الجامعة الأميركية في بيروت. أول النشاطات كان قراءةً شعرية للشاعر مريد البرغوثي. امتلأت قاعة مبنى «وست هول» حتى آخر مقعد. يصعد مريد إلى المنبر، ويبدأ بإلقاء قصائده. يخيم الصمت على المكان، الجمهور في تناغم كامل مع الشاعر. شاعر دخل المقاومة والنضال من باب الفرح. في قصيدة «الشهوات» التي ألقاها، بَوح بجوهر المقاومة. وأنت تتابعه كلمة بكلمة، تلمس أن المقاومة فعل من أجل الحياة الجميلة. لوحة يقفز منها الجمال واللذة، رسمها البرغوثي بكلماته. أبيات عن كذبات بيضاء نشتاق إليها، وجموح نحو يوميات رائعة، مليئة بالتحرر، لدرجة أننا نبلغ مرحلة نضع على جدراننا صوراً غير خريطة فلسطين. بوضوح، قاوم البرغوثي بشعره كي يحيا، لأنه، كما مظلومون كثر، مشتاق إلى الحديث عن العشق والجمال.
على مستوى الجمهور، ربما، هي من المرات النادرة، التي يعبر فيها الصمت عن الإعجاب، أكثر من حدّة التصفيق المرتفعة، والوقوف للشاعر بعد انتهائه من تلاوة قصائده. وإلى جانب الشهوات، تلا البرغوثي قصائد أخرى، برزت منها قصيدته الجديدة «فليحضر التاريخ»، كذلك عاد إلى ديوانه «ليلة مجنونة» الذي أصدره في عام 1995، وتلا منه قصيدة عنوانها «لا مشكلة لدي». وللراحل محمود درويش حصته من «أمسية» البرغوثي، إذ قرأ للمصغين: «كشرفةٍ سقطت بكل ورودها». لم تسلم الأنظمة العربية من نقد البرغوثي. فهو إلى جانب حديثه عن المقاومة والنضال، استعان بمقتطفاتٍ من كتابه «منطق الكائنات». قال القلم للمبراة، والحديث للبرغوثي، «أنت كالأنظمة العربية، من يدخلك، يصغر رأسه وفكره». وللغسالة الأوتوماتيكية حصتها. قالت لها ربة المنزل: «لا يدخلك إلا غسيل وسخ، أما حبل الغسيل، الفقير، فلا يحمل إلا الثياب النظيفة». أما اليوم، فعند الثانية عشرة ظهراً، يستضيف الـ«وست هول» طاولةً مستديرة باللغة الإنكليزية حول «تخطيط الدمار البيئي الإسرائيلي»، فيما يستضيف مبنى «كولدج هول» عند السادسة مساءً ندوةً تتناول «ربط النضال ضد الصهيونية والإمبريالية» ويحاضر فيها كل من الدكتورة نهلة الشهال، هنا إبراهيم، وعامر جبران.