كان في السادسة حين أخذه والدُه على حماره من سحماتا إلى مدينة عكّا. هناك، من على كتفيْ والده، رأى فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم وهم يَصْعدون إلى الكرسيّ الذي أعدّه الجلّادون البريطانيّون لشنقهم، «فتتدلّى أجسامُهم وتتماوجُ حتى تفيضَ أرواحُهم الطاهرة». ومنذ ذلك اليوم صورُهم مرتسمةٌ في مخيّلته. ومنذ ذلك اليوم أبو ماهر يسير إلى فلسطين
سماح إدريسعصرَ هذا اليوم، سيحتضن ترابُ لبنان واحداً من أنبل القادة العرب وأطهرِهم وأشجعِهم وأصلبِهم وأشدِّهم عشقاً لفلسطين. ولا يسعُني في هذا الوقت القاتل، الذي تُفْجَع فيه أمّتُنا برحيل أخلصِ خلّصها، إلا أن أخطّ كلماتٍ سريعةً وفاءً لهذا الرجل القدوة.
من مميّزات القائد أبي ماهر
أبو ماهر كتلة من المميّزات الإنسانيّة والقياديّة والأخلاقيّة، أكثر ما لفتني منها عنصران أساسيّان.أولاً: تنوّع مجالات نشاطه في خدمة فلسطين، ولا سيما فلسطينيّو لبنان؛ بل لا نبالغُ في القول إنّه قد يكون أكبرَ مَن خَدم مخيّماتِ لبنان قاطبةً حتى يومنا هذا! وإنّ المرء ليُصابُ بالدُّوار من حيويّةِ هذا المناضل الفذّ وتنقّلاته: من تأسيس نقابةٍ، إلى إنشاء مجموعةٍ عسكريّة، أو نادٍ ثقافيّ
، أو مؤسّسةٍ تربويّة. كذلك فإنّ المرء سيعتريه الذهولُ من كيفيّة توصّل أبي ماهر إلى «اختراع» الوقت لمتابعةِ أعمالِ ما أسّسه: بعينٍ حانيةٍ، وقلبٍ عطوفٍ، وتصميمٍ فولاذيٍّ. وهاكم جردة بسيطة ببعض أعماله ومناصبه. وما سيُلحظ فيها، بلا شكّ، إنّما هو منحاها التأسيسيّ؛ بمعنى أنّ أبا ماهر لم يكن محضَ مشاركٍ أو تابعٍ، بل كان مسؤولاً (أوّلَ أحياناً!) عن تأسيس عددٍ هائلٍ من الهيئات الفلسطينيّة الشعبيّة والنقابيّة والسياسيّة والعسكريّة والتربويّة.أ) ففي ميدان التعليم، لم يكتفِ بأن أمضى سنواتٍ طويلةً في التدريس (كليّة التربية والتعليم في طرابلس)، وفي الإدارة (مدارس الأونروا في بعلبك وعين الحلوة وبرج البراجنة)، وفي عمل النظارة (الكليّة الأهليّة في بيروت وبعلبك وثانويّة خالد بن الوليد ـــــ المقاصد في بيروت)، بل كان وراء فكرة إنشاء مدرسةٍ في برج البراجنة. كذلك أسهم في تأسيس أنديةٍ ثقافيّةٍ في بعض مخيّمات لبنان. وعلى الرغم من أنه لم يحُزْ تعليماً جامعياً عالياً، فإنّ ما اكتسبه من تربيةٍ وطنيّةٍ صادقةٍ داخل المدارس التي ارتادها (سحماتا وترشيحا وصفد وعكّا والقدس)، وبفضل أساتذةٍ أجلاء (كحامد عطاري)، جعله يتيقّن من أهميّة التعليم والثقافة في تحرير الوطن ـــــ وهذا درسٌ سنعرضه بشيء من التفصيل لاحقاً، ولا يكفّ أبو ماهر عن التشديد عليه على امتداد مذكّراته الثريّة («تجربتي مع الأيّام»، خمسة أجزاء، عيبال وكنعان، دمشق، 2004).ب) أما في العمل العسكريّ، فقد كان أحدَ مؤسّسي المنظّمة العسكريّة لتحرير فلسطين (1949)، والفرع العسكريّ في حركة القوميين العرب. ولم يكن ذلك غريباً، بالمناسبة، على ابن حسين اليماني: فأبوه باع بقرتَه في بداية الثلاثينيّات من القرن الماضي ليشتري بثمنها بندقيّةً، وليلتحقَ بالثورة التي قادها شيخُ المجاهدين (من جبلة السوريّة) عزّ الدين القسّام. ولم يكن ذلك غريباً على الفتى أحمد، وهو الذي شاهد، بأمّ العين، الآباءَ الفلسطينيين يخبّئون السلاحَ لمقاومة الجيش البريطانيّ ومهاجمةِ المستعمرات الصهيونيّة. هذا بالإضافة إلى انخراطه لاحقاً في ما سمّاه «اشتباكاتٍ صغيرةً» مع الصهاينة، من قبيل ما فعله في تلّ الرميش ومستعمرة حولون.ج) أما في العمل النقابيّ، فإلى جانب قيادته نشاطاتٍ عمّاليّةً قبل طرده من فلسطين إلى لبنان، فإنه كان مؤسّس اتحاد عمّال فلسطين في لبنان، ونائبَ الأمين العامّ للاتحاد العامّ لعمّال فلسطين، وأحدَ مؤسّسي الكشّاف العربيّ الفلسطينيّ في لبنان، ومؤسّسَ رابطة الطلاب الفلسطينيين في لبنان، وأحدَ مؤسّسي اللجان الشعبيّة في مخيّمات الفلسطينيين في لبنان.د) وفي المجال السياسيّ المباشر، كان أبو ماهر أحدَ مؤسّسي شعبة فلسطين في حركة القوميين العرب، والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، فضلاً عن تأديته دوراً قيادياً طويلاً ومؤثِّراً في الجبهة المذكورة (حتى استقالته منها في أوائل تسعينيّات القرن الماضي) وفي «جبهة الرفض» و«جبهة الإنقاذ» واللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة. زدْ على ذلك ترؤّسَه «دائرةَ شؤون العائدين»، وعضويّتَه الفاعلة في أكثر من عشرة مؤتمراتٍ قوميّةٍ أو فلسطينيّة.ثانياً: مناقبيّته الفريدة. لعلّه لا أحد يستطيع تلخيصَ أخلاقيّة أبي ماهر العالية أفضل من جورج حبش، رفيقِه في نبلِ الأخلاق قبل أن يكون رفيقَه في السلاح والموقف. يركّز «حكيمُ الثورة» عند حديثه عن «ضمير الثورة» على الأمور الآتية: نظافة اليد واللسان، النزاهة الأخلاقيّة، التواضع في المأكل والملبس والعيش، الحساسيّة الخاصّة تجاه عوائل الشهداء والأسرى (مقدّمة «تجربتي مع الأيام»، ص 12). ولعلّ الحكيم أدرك خصالَ رفيقه بعمقٍ لا بحكْم دربهما الواحد الطويل فحسب (منذ مطلع عام 1951)، بل لأنّه يشترك وإيّاه كذلك في تلك الخصال أيّما اشتراك. بل لعلّنا نضيفُ إلى تلك الخصال رفضَهما معاً للمناصب حين تتعارض مع قدرتهما على تحمّل المسؤوليّة كاملةً. هكذا يكتب حبش ما يأتي: «مع حلول عقد التسعينات، أقدمَ أبو ماهر على التخلّي عن جميع مواقعه في الجبهة الشعبيّة ليفسحَ في المجال أمام الجيل الجديد... ليأخذَ دورَه. غير أنّ الرجل لم يتوقفْ عن العمل، بل تابع القيامَ بواجباته الوطنيّة التي شملتْ ميادينَ العمل السياسيّ والقوميّ والجماهيريّ...» (المصدر السابق، ص 13). هنا لا تفوتنا ملاحظة أنّ الحكيم استقال من مهمّاته التنظيميّة هو الآخر بعد شعوره بالعجز الصحّيّ عن إكمال مهمّاته، طامحاً إلى بناء «مركز الغد» لشرح أسباب الهزيمة العربيّة وسبلِ النهوض على حدّ تصريحه غيرَ مرّة؛ فيما أقدم أبو ماهر على الاستقالة من الجبهة، طامحاً إلى كتابة مذكّراته لتكون عوناً للأجيال القادمة في تلمّس طريقها في خضمّ الصراعات المضطربة.وإذا كان لي أن أقدّم واقعتيْن سمعتُهما شخصياً، ولا تزالان تهزّانني هزاً حتى اللحظة، تمثيلاً على مناقبيّة أبي ماهر، فستكون الأولى نقلاً عن أبي ماهر نفسه، والثانية نقلاً عن أخيه ورفيقي ماهر. أما الأولى فهي أنّني زرتُه قبل عدّة أعوام في منزله في الطريق الجديدة، فشكا سوءَ صحّته، فسألتُه لماذا لا يعودُ الطبيبَ، فأجاب إنّ طبيبه (د. إبراهيم السلطي) صديقُه ولا يقْبل أن يأخذ أجراً منه، وهو لذلك يفضّل ألا يذهب عنده إلا للضرورةِ القصوى احتراماً لوقته وصداقته وعمله! أما الثانية فملخّصُها أنّ الجبهة طلبتْ من ماهر (المقصود هنا أخو أبي ماهر) أن يقبضَ على أحد المشتبه في عملهم ضدّ المقاومة لمصلحة «المكتب الثاني»، فتقصّى ماهر تحرّكاتِه، وحين أيقن أنّه في منزله قبل سطوع الفجر قرع بابَه، ففتحتْ زوجتُه، فاستسلم الرجلُ لمعرفته بعزم ماهر وتصميمِه على الإتيان به مخفوراً مهما كان الثمن. عاد ماهر فسلّمه إلى الجبهة، ليُفاجأ بأبي ماهر يستشيطُ غضباً وهو يقول: «ألم يكن في استطاعتك أن تنتظر حتى يخرج من البيت بدلاً من أن تُفزعَ عائلته وترْهبَها؟ أنسيتَ ما كان يَحلُّ بكم حين يهجم عناصرُ المكتب الثاني على البيت في وسط الليل ليقتادوني إلى السجن أكثرَ من 50 مرّة؟». نظر ماهر إلى أخيه مذهولاً وأحجم عن حمل السلاح أيّاماً (مع أنه مسؤول عسكريّ ومقاتل). نعم، هذا هو أبو ماهر، أيّها السادة، وهذه هي التربية التي سلكها ونقلها إلى الآخرين: السلاحُ يُستخدم بأخلاقٍ وشهامةٍ وطهْر، مهما كانت الظروفُ وكان الخصومُ؛ فالغاية لا تبرِّر الوسيلة قطّ.
من دروس التجربة «اليمانيّة»
لا بدّ لكلّ مَن يطالع مذكّرات أبي ماهر أن يخرجَ بخلاصاتٍ كثيرة، سأقتصرُ هنا على أبرزها.1 ـــــ البعد النضاليّ الفلسطينيّ جزءٌ لا يتجزّأ من النضال العربيّ، مهما كانت شراسةُ تآمر الأنظمة العربيّة، قريبِها وبعيدِها، على القضيّة الفلسطينيّة. لذلك، ربّما، لم ينجرفْ أبو ماهر وراء شعار «يا وحدَنا» الذي روّجه اليمينُ الفلسطينيّ (ولا سيّما بعد هزيمة 1982) ليبرِّرَ استسلامَه أمام العدوّ الإسرائيليّ والولايات المتحدة.2 ـــــ إنّ للوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة ثوابت ينبغي أن ترتكزَ عليها، وهي التي تبنّتها قراراتُ المجالس الوطنيّة الفلسطينيّة المتعاقبة والمجلس المركزيّ واللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير، وتقضي بعدم التنازل عن شبرٍ من فلسطين ولا عن حقّ العودة إلى كامل فلسطين. ولهذا صرف أبو ماهر سنواتٍ طوالاً وهو يصارع المستسلمين داخل منظمة التحرير، بل وهو يناضل ضدّ بعض «الانحرافات» داخل الجبهة الشعبيّة نفسها على ما يردّد بعضُ العارفين.3 ـــــ لا انتصار بلا معرفة، والمعلّمُ الشجاعُ هو أساسُ النهضة. وهذا درسٌ لنا، نحن معشرَ الأكاديميين و«المثقفين»، الذين نسينا أو تناسينا أنّ شهاداتنا ومعارفَنا ليست وسيلةً للتباهي والتبجُّح، بل لخدمة الناس والمجتمع والأمّة، ولمواجهة الإدارة الظالمة أو المتقاعسة. لم يتردّدْ أبو ماهر لحظة في عصيان إدارة المدارس التي عمل فيها حين رأى فيها تهاوناً بحقّ فلسطين والطلاب (ولا سيّما مدارس الأونروا)، فطُرد أو سُجن جرّاء ذلك. فكم عددُ أساتذتنا اليوم الذين يؤْثرون السلامة على المواجهة مع الإدارة؟
■ ■ ■
اليوم يحْملك طلابُ المخيّمات والمقاصد وبعلبك وطرابلس وصيدا وبيروت يا أبا ماهر. ويسير بك أحفادُ جورج حبش ووديع حدّاد وغسّان كنفاني وأبي علي مصطفى وتلميذِك النجيب ناجي العلي. وسيردّدون جميعُهم، في قلوبهم، كلماتِك البسيطةَ المفعمةَ بالتحدّي والأمل:«سأعود إلى أرضي الحبيبة، بلى سأعود. هناك سيُطوى كتابُ حياتي، سيَحْنو عليَّ ثراها الكريمُ ويؤوي رفاتي. سأرجعُ، لا بدّ من عودتي!»* رئيس تحرير مجلة الآداب
«على العهد باقون»نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «عضو اللجنة المركزية للجبهة والقائد الفلسطيني الكبير» أحمد حسين اليماني «أبو ماهر اليماني». وقالت، في بيان النعي: «فقدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأسره والأمة العربية وأحرار العالم كله رجلاً مناضلاً فذاً وقائداً متواضعاً... يعيش بكل جوارحه أحاسيس الناس ومشاكلهم وهمومهم وآلامهم وآمالهم في العودة والحرية والاستقلال والكرامة».وتابع البيان: «كان وحدوياً آمن بالوحدة الوطنية الفلسطينية والوحدة العربية الشاملة طريقاً لتحرير كل ذرة من تراب فلسطين». وقالت «الشعبية» إنها «تعاهد القائد الغالي على الاستمرار في الكفاح والمقاومة ومواصلة السير على نهجه وطريقه ومبادئه لتحقيق كامل أهداف شعبنا».أما الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، فقالت في بيانها: «اليوم يغادرنا أبو ماهر لينضم إلى قوافل الشهداء الميامين وفي القلب منهم رفيق عمره ودربه أبو عدنان قيس عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية، حيث كان الراحلان من أوائل قادة اللاجئين في لبنان، الذين أسسوا اللبنات الأولى للحركة الوطنية المعاصرة، ومن أوائل الذين أدركوا مبكراً أهمية الدور الفلسطيني الخاص ممزوجاً ببعده القومي الديموقراطي التحرري».بدوره، رأى الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، الدكتور واصل أبو يوسف، أن اليماني «كان إلى جانب حكيم الثورة الدكتور جورج حبش (الصورة) والقائد الأمين العام الشهيد أبو علي مصطفى من مؤسسي الجبهة الشعبية وحركة القوميين العرب، حيث انتخب لسنوات عديدة عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبقي مدافعاً عن برنامجها الوطني وثوابت شعبنا حتى اللحظات الأخيرة».ويوارى جثمان الراحل بعد صلاة العصر اليوم (الأربعاء)، نحو الثانية والنصف من بعد الظهر، في مقبرة شهداء فلسطين. وتُقبل التعازي في ممثليّة منظّمة التحرير الفلسطينيّة، خلف فندق الماريوت، الجناح، أيّام الأربعاء والخميس والجمعة بين الحادية عشرة والواحدة، وبين الثالثة والسادسة.
العدد ١٣٠٧ الاربعاء ٥ كانون الثاني ٢٠١٠يعلن الحزب الشيوعي المصري عن كامل أدانته للحادث الارهابى الجبان الذي وقفت خلفه فئات مجرمة كل الأجرام بهدف إحراق الوطن ونشر الفتنة وإرهاب المصرين مسلمين ومسيحيين.ونعلن إن الدولة تتحمل المسئولية الاساسية،فقد وفرت الدولة عبر ممارستها الطائفية وعبر سياستها الاجتماعية والاقتصادية مناخ مواتي لمثل هذه الحوادث الكارثية المحدقة بالوطن ،فبداية من فرض قانون الطوارئ وترويع المصرين وإتاحة الفرصة للتيارات الدينية المتعصبة وصولا الى فرض التميز الديني فى التعليم والأعلام والوظائف العامة إضافة الى التراخي الواضح فى محاسبة الجناة فى حوادث سابقة كالكشح ونجح حمادى والعمرانية وقبلها تاريخ طويل من المعاناة ...هذا المناخ استفادت منه وتاجرت به القوى التي تسعى إلى تأصيل فكرة الدولة الدينية والسلطة الدينية ،واليوم تأتى الحادثة الإجرامية لتدق ناقوس الخطر من جديد وتعطينا دلالات حول خطورة الوضع ...تحركت الجماهير الغاضبة مسلمين ومسيحيين ليكشفوا عورات النظام المصري الذى يتاجر بالوطن والمواطنين ويقمعهم ويسلبهم حقهم فى الخبز والحرية ، لقد انكشف النظام فى الحادثة الأخيرة وعليه الانصياع لمطالب الجماهير وانكشفت لعبة المتاجرة بالدين ونشر الطائفية ولغة التعصب واكتشف الجمهور عدوه الحقيقي الذي أعتدي على المتظاهرين الغاضبين من مسلمين ومسيحيين ضد الجرائم المتتالية .وطالبت القوى السياسية وجماهير الشعب المصري بفئاته المختلفة بمحاسبة المسئولين وعلى الجماهير التسلح بالوعي ضد الدعوات الطائفية التى تحاول حرف الجماهير عن مسارها في رفض القهر الواقع عليها خلال تحركاتها الاحتجاجية التى اتسمت بتضامن شعبى من الفقراء.ان الضمانة الحقيقية لحل هذه ألازمة والتي أحدى مظاهرها هو الطائفية والإرهاب هو أقامة نظام ديمقراطي علماني حقيقي تكون فيه المواطنة ودولة القانون هى الاساس .ونري انه كلما زادت البطالة والتهميش والفقر والتميز الديني والطبقي كلما احتدمت الظروف وترسخت ثقافة الموت والانتحار و الإرهاب والفاشية والعنصرية والاستبعاد الاجتماعي والديني .ونطالب بتبنى هذه المطالب والسعيى لتحقيقها:· إقالة حبيب العادلى وكافة القيادات الأمنية ومسئولي الأجهزة المناط بها حماية الوطن كما يدعون والتي تركت مصر نهبا للمستغلين وفريسة للإرهاب وأتضح دورها الحقيقي فى حراسة قوى الاستغلال والنهب للفقراء بل وعموما المصرين.· ..محاسبة كافة المسئولين عن بث دعاوى الكراهية والعنف ضد ابناء الوطن واقرار سياسات بديلة فى الأعلام والتعليم تسمح بحرية التعبير والفكر والعقيدة لبنى الوطن وترسخ لوجود دولة مدنية حقيقية .· الإسراع في تنفيذ قوانين من شانها حل المشكلة المتأزمة فى مصر والتي تشير الى احتمالية وقوع كارثة حقيقية مستخدمة نفق الطائفية كقانون دور العبادة الموحد .· أتأحة الفرصة للجماهير للتعبير عن موقفها الرافض للارهاب والطائفية لان ذلك هو الضمانة لحماية الوطن من كارثة الطائفية .الحزب الشيوعي المصري2 يناير 2011
- حدث في 3 كانون الثاني-
1521- البابا ليو العاشر يلقي الحرم على الاصلاحي مارتن لوثر زعيم الحركة البروتستانتية.1833- بريطانيا تحتل جزر فوكلاند.1919- توقيع اتفاقية بين الأمير فيصل بن الحسين ورئيس المنظمة الصهيونية العالمية حاييم وايزمن تنص على منح تسهيلات لاستيطان اليهود في فلسطين.1959- انضمام الاسكا الى الولايات المتحدة الاميركية.1961- الولايات المتحدة تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع كوبا.1965- تأميم الشركات الخاصة في سورية.1966- الهند وباكستان توقعان اتفاق سلام بعد وساطة قام بها الاتحاد السوفياتي.1969- السلطات الاميركية تصادر مجموعة اغاني جون لينون "عذراوان" (تو فيرجينز) في المطار لانه يحمل صورته مع زوجته عاريين.1990- استسلام الرئيس البنمي الجنرال مانويل نورييغا للقوات الاميركية التي دخلت البلاد لاعتقاله ومحاكمته بتهمة تهريب المخدرات.1993- روسيا والولايات المتحدة توقعان في موسكو اتفاقية خفض الاسلحة النووية الاستراتيجية "ستارت 2" التي تقضي بازالة ثلثي ترسانة كل منهما خلال 10 سنوات.1995- تدشين اول سوق للمال في السودان.2000- فرض منع التجول في قرية الكشح المصرية بعد مواجهات بين الاقباط والمسلمين اسفرت عن سقوط عشرين قتيلا.2004- تحطم طائرة تابعة لشركة الطيران المصرية فلاش ايرلاينز في البحر الاحمر، ما اسفر عن 148 قتيلا.2005- السلطات الجزائرية تعلن "القضاء شبه الكامل" على الجماعة الاسلامية المسلحة ومقتل زعيمها رشيد ابو تراب من قبل مقربين له في تموز/يوليو 2004.2007- الحكومة الصومالية تسيطر على كل المناطق التي كانت تحت سلطة المحاكم الاسلامية بمساعدة الجيش الاثيوبي.2008- فوز الديموقراطي باراك اوباما والجمهوري مايك هاكابي في اول انتخابات تمهيدية للانتخابات الرئاسية الاميركية في ولاية آيوا.
طلال سلماندوى الانفجار القاتل في كنيسة القديسين مار مرقس والأنبا بطرس بالاسكندرية في مشارق الأرض العربية ومغاربها التي تكتب يومياتها الآن بدماء أبنائها، كجرس إنذار بزلزال يتهدد مصر ومعها المستقبل العربي جميعاً بخطر داهم على المصير: ها هي النار تلفح ملجأنا وملاذنا الأخير الذي كنا نفزع إليه من حروبنا الأهلية وهشاشة مجتمعاتنا وضعف كيانات دولنا التي استولدت قيصرياً، والفتن المدبرة لخدمة أعدائنا وأولهم الإسرائيلي الذي يختزل في عدائه معظم قوى الهيمنة الاستعمارية في الكون.ها هي «الدولة» بين كياناتنا، التي استنبتت لأغراض الآخرين، تأخذها الغفلة فيضرب فيها التطرف الأصولي، عدو العروبة ومشوّه الدين الحنيف وخصم الأمن الاجتماعي، ويسيء إلى الطبيعة السمحاء لأهلها الذين عرفوا ـ أخيراً ـ «التعصب» كمرض وافد، وهم الذين اشتهروا على مر الزمن بأنهم الأرحب إيماناً والأعظم نفوراً من المتزمتين والمتشددين في تفسير التعاليم بما يخالف أحكام الشريعة وأصول الإيمان.ها هو «المجتمع» الذي كان النموذج في صلابة وحدته والقدوة في رحابة تديّنه وفي تفويض «الدولة» بأموره كافة، باعتبارها المرجعية الشرعية، يرّجه القلق ويواجه حالة طارئة على تقاليده وأعرافه، هو الكاره للشدة في الدعوة وللعنف في الممارسة، فكيف إذا ما بلغت حد القتل الجماعي للمؤمنين المتداعين للصلاة احتفاء بالميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة (التي يتمنى أن يراها واعدة) في البلاد التي يسودها ذلك النوع الفريد من الإيمان الصوفي الذي يرى كل فرد فيه أنه يقربه من الله؟!إذن، فمن اختار أن يضرب في مصر، وفي الاسكندرية تحديداً، وفي الكنيسة بالذات ليقتل المصلين، قد أصاب المسلمين جميعاً، داخل مصر وخارجها، ثم أنه قد أذى صورة «الدولة» في مصر، وهي المرجعية الأولى والأخيرة، واختار أن يمد الإرهاب إلى «المركز» بعد أن ضرب فأوجع في لبنان والعراق واليمن والسودان والجزائر إلخ..أن يضرب الإرهاب في مصر فهذا يعني أن الإصابة ستكون في القلب، وأن شظاياها ستتطاير حاملة معها أخطار الحريق إلى كل الدنيا العربية.إنه الإنذار الأعظم جدية وخطورة للأمة جميعاً، بتاريخها، بحاضرها، بمستقبلها كما بدورها.كان لمصر، عربياً، وأفريقيا إلى حد بعيد، بل وإسلامياً أيضاً، دور معطل الصواعق، مقدم النموذج الناجح لقدرة المجتمع الموحد على الإنجاز، ولخطورة دور الدولة في حماية «الوطن»، ثم لخطورة دور مصر في حماية الأوطان العربية من حولها، ويشهد اللبنانيون، بدمائهم، على فعالية ذلك الدور في التاريخ الذي سبق تيه السلطة في القاهرة التي أخذت مصر إلى الصلح مع العدو الإسرائيلي بشروطه وتحت الرعاية الأميركية.وبرغم هذه الخطيئة المميتة ظل العرب ينظرون إلى مصر على أنها متعبة بأوضاعها الاجتماعية، بالتزايد الهائل لعدد السكان فيها، بالاحتياج إلى الرساميل التي تساعدها على النهوض وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لأهلها... وأنها لا بد عائدة إلى دورها الذي لا تعوضها فيه أية دولة عربية أخرى.لقد خافوا عليها وهي تخضع لـ«سلام» عدوها، بينما كانوا ينظرون إليها بالإكبار والتقدير وهي تواجه فتقاتل، برغم فقرها، وتحقق الإنجاز العظيم بالعبور، خلال حرب تشرين، وتقارب النصر الذي كان يمكن أن يغيّر تاريخ المنطقة، ثم تأخذها الغواية الأميركية إلى السلام الإسرائيلي الذي لم يوفر لها الخبز ولا فرصة التقدم، وإن هي دفعت ثمنه باهظاً من دورها وحقها في القيادة، عربياً وإسلامياً وفي أوساط عدم الانحياز: هل نسينا أن القاهرة كانت ـ ذات يوم ـ إحدى عواصم القرار الدولي؟![ [ [÷ ملاحظة شخصية: على امتداد عقدين من الزمان كنت خلالهما مراسلاً صحافياً لدار الصياد، عرفت ـ في ما أزعم ـ مصر من الداخل، عبر كتابها وأدبائها ورسّاميها المبدعين وفنانيها وجمهور الزملاء الصحافيين في «الأهرام» و«الأخبار» و«روز اليوسف» ومعها «صباح الخير» فضلاً عن مطبوعات دار الهلال. ضمني الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ إلى «حرافيشه»، وأخذني لطفي الخولي إلى المنسبين إلى «التنظيم الطليعي» بعد «توبة» الشيوعيين، وعرفت العديد من المفكرين الإسلاميين. دخلت بيوتهم وتعرفت إلى أسرهم وأخذت عنهم بعض تقاليدهم. عرفت مصر أيام جمال عبد الناصر ثم أيام أنور السادات وأخيراً أيام حسني مبارك. سمعت المعترضين على «تعريب» مصر، وناقشت الموافقين على الصلح مع العدو الإسرائيليبعد «حرب رمضان» التي رأوا فيها إبراءّ لذمة مصر من فلسطين والتفاتاً إلى بؤس أوضاع أهلها الفقراء الذين يرون «العرب» في رواد شارع الهرم وملاهيه أو مشايخ نفط يتعاملون معهم بتعال كريه، ويطردونهم من «دولهم» المبتدعة والغنية وهم بين بُناتها الأوائل.سمعت سائق التاكسي يرد على من يسأله عن العروبة بسؤال: «لا مواخذه، سيادتك، هو النبي محمد مش عربي... يبقى خلاص»!وشاركت في نقاش صاخب ذات يوم، في مكتب توفيق الحكيم في «طابق الخالدين» بمبنى «الأهرام»، أيام كان محمد حسنين هيكل قائد مسيرتها الناجحة، بين أديب الرحلات الحسين فوزي، والكاتب المميز لويس عوض، كان أولهم مصري الاهتمامات مثاله في التقدم فرنسا، والثاني يرى أن مستقبل مصر في علاقتها بأوروبا ثم أميركا وأن ليس لها علاقة بالعرب أو بالشرق إلا من خلال موقعها الجغرافي.. وفوجئت ـ شخصياً ـ بلويس عوض ينفجر بصديقيه قائلاً: اسمع يا توفيق، واسمع أنت يا حسين، أمن مصر القومي يبدأ عند جبال طوروس، من أيام الفراعنة وحتى أيامنا هذه، وإسرائيل عدونا الذي فرض علينا العداء، وعلينا أن نحمي مصر، فإسرائيل خطر على مصر أولاً، وخطرها على مصر أعظم من خطرها على أي بلد عربي..÷ ملاحظة: لم يكن أي من الثلاثة معجباً بجمال عبد الناصر أو من المؤمنين بالعروبة هوية ومصيراً.÷ ملاحظة ثانية: سمعت العديد من أهل الرأي في مصر، عبر العهود المختلفة، ينتقدون شيئاً من التمييز في تعامل «الدولة» بين المسلم والقبطي، ويعتبرون أن هذا الخلل خطير حتى لو لم يكن مقصوداً، ويلحون على ضرورة أن تتولى الدولة علاجه (في الحكومات والإدارات ومجالات التوظيف كافة) مرة وإلى الأبد.سمعت كذلك عن محاولة تكتيل الأقباط الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة الأميركية في «مدارس الأحد»، ودفعهم نحو «البروتستانتية»، واستخدامهم في رفع شعار «الدولة القبطية»، وسمعت النخبة من أقباط مصر يعتبرون أولئك من الخونة والعملاء أو المضللين في أحسن الحالات.استمعت إلى البابا شنودة وإلى غيره من القسس والرهبان وهم ينبهون إلى خطر إسرائيل ويلقون الحُرم على من يتعامل معها بوصفها عدواً للشعب والدولة والدين، بينما مشايخ المسلمين، بمن فيهم شيخ الأزهر يفتون بشرعية الصلح مع هذا العدو..÷ ملاحظة ثالثة: كنت أمضي غالب أوقات فراغي من عملي، خلال زياراتي القاهرة، في المؤسسات الصحافية: روز اليوسف (وضمنها صباح الخير) والأهرام ودار الهلال صحبتي هم الكتاب والمبدعون أدباً ورسماً وكاريكاتوراً ومسرحاً وسينما. ولقد عجزت عن التمييز بين المسلم والقبطي منهم، برغم حدة «غرائزي» اللبنانية.. كيف تعرف أن مضيفك الذي دعاك إلى إفطار رمضاني في بيته هو «قبطي»؟ خصوصاً عندما ترى القناديل في أيدي أطفاله الذين سيخرجون بعد قليل للمشاركة في المهرجان الرمضاني الليلي مرددين مع أترابهم «وحوي يا وحوي.. رمضان جانا»؟![ [ [سمعت أقباطاً مصريين يتباهون، على الطريقة اللبنانية، بأنهم أساس مصر، فيرد عليهم أقباط آخرون بالقول: ومَن هم السبعون مليوناً الباقون؟ هل هم من الوافدين أو من الطارئين؟! كلنا، مع بعض، مصر.ولقد عاملني الكثير من المصريين الأقباط بإشفاق، خلال دهر الحروب الأهلية اللبنانية: ماذا تفعلون ببلدكم الجميل؟ كيف تقدمون الطوائف أو حتى الدين على الوطن؟ كيف تقدمون المعتقد الديني على الهوية الوطنية والقومية، إذا شئت؟ الدين لله، أما الوطن فهو لجميع أبنائه، والدولة هي الراعي الصالح. لماذا تتصارعون؟ العيب في السلطة عندكم. السلطة الضعيفة مصدر خطر على الدولة. نحن هنا بخير، برغم بؤس أوضاعنا المعيشية لأن الدولة تنوب عن الله في الأرض. هي مرجع الناس. أين إيمانكم بوطنكم؟ أين دولتكم؟ لو أن لديكم دولة لما أصابكم ما يصيبكم؟![ [ [ليست الوطنية (ومعها العروبة) في مصر خطاباً حماسياً وتظاهرة صاخبة وشعارات مدوية الرنين. إنها الإيمان بذاته، ولو غابت فصاحة التعبير. وفلسطين تسكن قلوب جميع المصريين الذين تمتلئ جدران بيوتهم بصور الشهداء الذين دفعوا حياتهم في المواجهات مع العدو الإسرائيلي على امتداد ربع قرن أو يزيد. وليس أعظم من القهر الذي يعتصر قلب المواطن المصري وهو يرى العلم الإسرائيلي يرفرف في سماء القاهرة، في مواجهة جامعتها التي خرّجت أجيال النخبة من أبناء الأمة العربية يقول لك السائق: «دي خرقة.. ما تدقش. بس لو العرب كانوا كلمة واحدة وحفظوا مصر لما كنا تورطنا مع هؤلاء الصهاينة الذين يكرههم العالم كله... بس سيدنا موسى ما كانش كده أبداً».[ [ [إن من ضرب في مصر إنما ضرب العرب جميعا: إنه يحاول هز إيمانهم بوحدة المصير. إنه يحاول أن يحرف إسلامهم بالتعصب وهم أكثر المسلمين ورعاً. إنه يحرّضهم على أهلهم داخل مصر. ثم إنه يصيب الوحدة الوطنية في كل بلد عربي. إنه يضرب القلب. إنه لا يستهدف النظام، وإن كان ضعف النظام في الإنجاز وفي توطيد أركان الوحدة الوطنية يسهل له مهمته. إنه يستهدف في مصر الأمة جميعاً من أدنى المشرق إلى أقصى المغرب.إن العرب في مختلف أقطارهم ينزفون الآن دماءهم في كنيسة القديسين مار مرقس والأنبا بطرس بالاسكندرية.صحيح أن الضربة قد استهدفت مسيحيين في كنيسة لكن ضحاياها خارج الكنيسة بالملايين. إنهم عموم العرب، بأكثريتهم الإسلامية وأشقائهم المسيحيين، وكلهم يرجع إلى الأصل ذاته... الكل ضحايا الإرهاب، وكل طرف بحجمه، لكن الخسارة عامة وفادحة.إنها حرب على الهوية الوطنية، على الشعور بوحدة الانتماء إلى الأرض والتاريخ المشترك. إنها حرب على المستقبل. في هذا القطر تستهدف طائفة، وفي قطر آخر تستهدف الدين الثاني. وفي كل الحالات هي تستهدف وحدة الشعب في كل بلد عربي، من لبنان إلى العراق، ومن البحرين إلى اليمن، والبقية تأتي..لكن مصر بتكوينها أقوى من الفتنة. إن وحدة شعبها راسخة لا تصدعها العمليات الإرهابية. ثم إن دولتها «أزلية» الثبات، ومسؤولية السلطة أن تحمي الدولة باعتبارها قاعدة الوحدة الوطنية وضمانتها العظمى.إن التآمر على مصر هو ذروة التآمر على العرب في حاضرهم ومستقبلهم. وردة الفعل العربية، شعبياً ثم رسمياً، كانت عظيمة الدلالات: لقد أحس كل عربي أن نار الفتنة تتهدده في منزله.وعلى العرب أن يحموا حاضرهم ومستقبلهم بحماية مصر.
اقام اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني فرع عين بعال و كشافة الاتحاد فوج عين بعال مرتون تحت عنوان من حقيوقد شارك كشاف الرسالة و حضر رئيس البلدية و نائب الرئيس وبعض الرفاق في الاتحاد
و بعد توزيع الجوائز القى رئيس الفرع احسان دبوق كلمة جاء فيهاأيها الكشفيون ، أيها الأطفال ، لنا جميعاً حقوق ، حقوق لن نتنازل عنها أبداً ، مهما بلغت الأمور ، حقوق تضمن لنا أن نعيش طفولةٍ حقيقيةٍ وامنة .أيها الكشفيون ، حقوقنا مقدسة ، ولن نسمح لأحد أن يسرقها منا . وكي نحمي وننتزع حقوقنا ، علينا أن نعمل يداً واحدةً ، فهذه الحقوق هي ما يجب أن يجمعنا بعيداً عن كل سبب للتفرقة .أيها الكشفيون ، أليس من حقنا أن نعيش فرحة الأعياد ، أليس من حقنا بأن نحظى بتعليم جيد مهما كانت ظروفنا المادية ، أليس من حقنا أن نشعر بالأمان في كنف عائلتنا ، أليس من حقنا بأن نرتدي ملابس جديدة ، أليس من حقنا بأن نعيش في مجتمعٍ يحترمنا ، أليس من حقنا بأن نلعب مع أطفالٍ مثلنا بعيداً عن الأفكار المعلبة والخوف من الأخر ؟أيها الكشفيون ، أليس من حقنا بأن نعيش طفولتنا بكل تفاصيلها ؟أيها الكشفيون ، كلها حقوق لنا ، وعلينا أن نحظى بها قبل من قبل ورفض من رفض !أيها الأطفال ، فلنعمل موحدين على ما يجمعنا . إن المستقبل لنا ، نحن رجال ونساء الغد ، نحن الأمل الباقي في وطنٍ يعاني ما يعانيه فلنكن منذ الصغر ، لا نقبل الظلم ولا ننحني أبداً ! هكذا كان الكشاف دائماً ، يتحلى بروح المسؤلية والمبادرة ، ويربي أجيالاً على أسس متينة .
نفّذ اتحاد الشباب الديمقراطي اعتصاماً رمزياً أمام السفارة التونسيّة في لبنان احتجاجاً على القمع الذي تمارسه السلطات التونسيّة بحق الشباب التونسي ومجمل شعب هذا البلد العربي. وحمل المتظاهرون شعارات تُندّد بالقمع وتدعو إلى سقوط "ديكتاتور تونس وكلّ ديكتاتور عربي"، وإلى "سقوط حزب الدستور"، وغيرها من الشعارات. وغنّى المشاركون نشيد اتحاد الطلبة التونسي.وقال رئيس الاتحاد علي متيرك في كلمة مقتضبة له، أن هذا اعتصاماً رمزياً وعفوياً للتضامن مع الشعب التونسي ضد كلّ قمع واستغلال طبقي، وشبه الاستغلال في تونس بالذي يتعرّض له الشعب اللبناني. فيما أعلن أمين عام الاتحاد عمر الديب إلى اعتصام أكبر في 26 كانون الثاني 2011 تزامناً مع التظاهرة الكبيرة التي ستجري في تونس.وقد تواجد بعض المواطنون التونسيّون في الاعتصام، ورددوا شعارات ضد نظام بن علي وضدّ السفير التونسي في لبنان.
كان العصر هو الموعد اليومي للقصف الآتي من المناطق الشرقية. كان على الجميع الاحتماء والوصول إلى بيته أو الملجأ قبل الوقت بقليل. ولأن ساعة الموت دقيقة، كانت الانفجارات تدوّي، وكان الناس يهربون، لكن قلة بقيت في بيروت. كان يقف في مقدمة هؤلاء سليم الحص. الإجراءات الأمنية من حوله تثير الضحك. شباك حديدي خلفه بضعة أكياس من الرمل. لكن الأهم هو سرعة النزول إلى طبقة سفلية لحظة اندلاع الجنون. كان الجميع يغطّ في نوبة من الضحك على نكتة تناسب الروليت الروسية: إذاعة لندن قالت منذ قليل إن السيدة عائشة بكار تعرضت لاعتداء بالقنابل!الذين يعرفونه منذ زمن، صاروا يمرون ولو لإلقاء التحية. كان مشهداً كوميدياً لصحافي يريد منه تقديراً للموقف أو معلومة وصلت من طريق موفد عربي جاء بقصد إطفاء نار بيروت. لكن قلة كانت تجرؤ على سؤاله: لماذا أنت هنا الآن؟الذين لم يحتاجوا إلى السؤال، كانوا أولئك الذين سمعوا طرقات قلبه وهو يمسك بأشيائه الصغيرة، تلك التي على شكل كتاب أو أوراق، وشرائط من الطرب العربي، وما وصله بالصدفة أو بالعناية من صحف ومجلات أجنبية، وهو يبتسم للموت المحيط بكل الجدران. كان يقول لكل المقيمين في المكان، وللزائرين أيضاً، إن الابتسامة أقوى من هذا الجنون.مرّ وقت على توقف العاصفة، لكن القتل الجديد ظل يحوم في الأجواء. صار على السياسيين أن يعلنوا صراحة استعدادهم للبقاء أحياءً في خدمة السلطان، أو تحدّي الموت الآتي عبر شائعة، أو سخرية، أو رشوة، أو دعوة على مائدة اللئام. وكل الذين أحرقوا العاصمة وزواريبها، صاروا يمسكون بالأمر من مقاعد خصصت لهم في القصور.لكن هؤلاء ظلوا يعيشون كابوس الرجل الذي قاومهم، ورفض ابتزازهم، وأدان جرائمهم، وفضح خياناتهم، ورفض كل أنواع رُشاهم، وصار هؤلاء يشدّ بعضهم اللحاف على بعض، وليس لديهم سوى هدف واحد: إعدام سليم الحص.أيها اللبنانيون،هل تعرفون رجلاً ما أخافه العدو يوماً، ولا أغوته المدن المفتوحة على مجهول معلوم، ولا زار أقبية الاستخبارات ولا اكترث بقاطنيها، ولا قبل مساعدة مخالف للقانون؟هل تعرفون مسؤولاً يحب شرطي السير، ويهتم فعلاً لأمر موظف البلدية، ويرفض النطق بالكفر، ولا يقصده مرابٍ أو سمسار أو مزوّر من رجالات المجالس الحاكمة عندنا بكل أشكالها ومسمّياتها؟هل تعرفون زعيماً لم يدخل إلى بيت الفساد على أنواعه وأشكاله وبكل أقنعته، ولم يحرّض جاراً على آخر باسم الله أو أوليائه، ولم يُدر ظهره لكلمة حق يجب أن تقال في زمانها ومكانها؟ثمة أوادم في لبنان، لكن الآدمي الذي أُطلق عليه وصف الضمير بحق، هو وحده سليم الحص.
العدد ١٣٠٢ الاربعاء ٢٩ كانون الأول ٢٠١٠وصفت وثائق وزارة الخارجية الأميركية، التي نشرها موقع «ويكيليكس»، نظام الحكم والمحيط العائلي للرئيس التونسي زين العابدين بن علي بأنه أشبه بالمافيا. الجنرال بن علي، الذي يواجه اليوم انتفاضة شعبية، قام حكمه منذ سنة 1987 على الشرطة والفساد، الذي أظهرت تقارير دولية أنه يزداد سوءاً، إذ إن البلاد تحتل المرتبة الـ61 في مقياس الفساد في العالم
بشير البكر في الرابع من كانون الثاني سنة 1984، استفاقت تونس على هبّة شعبية كبيرة عُرفت باسم «انتفاضة الخبز». حينها شملت التحركات الاحتجاجية معظم المدن التونسية، وخلّفت أضراراً فادحة في الممتلكات العامة والخاصة، كاشفةً عن هشاشة فادحة في الموقفين الأمني والسياسي، إذ إن الانتفاضة استمرت أياماً عدة، في ظل غياب تام للسلطة والمعارضة.
لم يجد الرئيس، حينها، الحبيب بورقيبة، إلا عزل وزير الداخلية إدريس قيقة سبيلاً لاحتواء الموقف، والتراجع عن قرار رفع الدعم عن المواد الأولية، الذي اتخذته حكومة محمد مزالي، متجاهلاً المغزى السياسي للمسألة.ومن بين القرارات التي اتخذها بورقيبة لمعالجة تداعيات الوضع الجديد، استدعاء سفيره في بولونيا الجنرال زين العابدين بن علي، وتعيينه في منصب مدير الأمن الوطني، الذي سبق له أن شغله لفترة قصيرة سنة 1978 خلال أحداث قفصة في الجنوب التونسي. وكان واضحاً أنّ المهمة الأساسية المناطة ببن علي هي امتصاص آثار «انتفاضة الخبز»، لذا كان حذراً جداً من تكرار فشله في مواجهة أحداث قفصة.بدا المشهد واضحاً أمام بن علي، فالهبّة الجماهيرية بدأت عفوية بسبب رفع الدعم عن المواد الأولية، لكنّ المعارضة النقابية والإسلامية والقومية حاولت ركوب الموجة، وسارعت إلى استثمار الانتفاضة لإحداث تغيير شامل، وطرحت للمرة الأولى نقاشاً مفتوحاً بشأن أهلية استمرار بورقيبة رئيساً مدى الحياة، ولا سيما أن «محرر تونس وباني نهضتها الحديثة»، كما كانت تلقّبه الأدبيات الرسمية، قد دخل في مرحلة خريف العمر، وغلبت على قراراته أعراض الشيخوخة.وكان 1985 عاماً مفصلياً في تاريخ تونس البورقيبية، حين بدأ بن علي يرسم الطريق لمساره الطويل، مستهلّاً بالهجوم على المعارضة، التي شرع بتوجيه ضربة إلى رأسها، الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل الحبيب عاشور، واقتياده إلى السجن. ولفتت هذه الخطوة الأوساط كلها، لأن بن علي تجرأ على الرجل الذي كان يحسب حسابه حتى من طرف بورقيبة نفسه، إذ إن التونسيين كانوا يقولون إن البلاد متوازنة بالحبيبين، الحبيب بورقيبة والحبيب عاشور، فكل منهما يمثّل قطباً وزعامة ذات نفوذ ومرجعيات. الأول مثّل تونس الحديثة، التي كان هواها العام يميل إلى الانفتاح على الغرب سياسياً واقتصادياً وثقافياً، بينما الثاني كان رمز الطبقة العاملة، التي تمثّل العمود الفقري للاقتصاد.تكمن قوة عاشور في أنه أحد أعلام الاستقلال، والقطب الرئيسي لاتحاد العام التونسي للشغل، الذي برهن على حضوره ونفوذه من خلال جملة من المواجهات مع بورقيبة. وتمكّن عاشور مرات عدة من ليّ ذراع «المجاهد الأكبر»، ليضفي على العمل النقابي صبغة سياسية، ويفرض زعامته ليس بين النقابيين فقط، بل في تونس ككل. وكثيراً ما كان يجري النظر إلى هذا الحضور كوريث شرعي وبديل للمرحلة البورقيبية، التي كانت قد بدأت تستهلك نفسها، ولم تبرز من بين صفوفها وجوه جديدة قادرة على تجديد دمها، ذلك أن بورقيبة لم يترك فرصة لشخصية سياسية يمكنها أن تخلفه، وحرق مجايليه وخلفاءه المحتملين واحداً بعد الآخر، من أمثال صالح بن يوسف وأحمد بن صالح وأحمد المستيري.وبعدما سجن بن علي الحبيب عاشور وشق الاتحاد التونسي للشغل، اتّجه نحو المعارضة الإسلامية، ممثّلة بحركة النهضة التي كانت في أوج صعودها، فاتهمها بالإرهاب والقيام بتفجيرات ضد مقارّ الحزب الحاكم (الحزب الدستوري).وكان ذلك ذريعة لفتح معركة مع التيار الإسلامي ككل، فوجد الفرصة سانحة ليكيل له ضربة قاصمة، بدأت بسجن قادته البارزين، أمثال علي العريض وعبد الفتاح مورو وصالح كركر والحبيب المكني، الذين انضموا الى زعيم الحركة راشد الغنوشي، الذي كان قد اعتُقل سنة 1981، وحُكم عليه بالسجن لمدة 11 عاماً.لم تسلم المعارضة القومية واليسارية من سطوة بن علي، الذي رأى فيها رافداً من روافد الاتحاد التونسي للشغل في الأوساط الطالبية وهيئات حقوق الإنسان والتجمعات الثقافية. وأتاح ضرب هذا الوسط الديناميكي الفرصة لبن علي لإحكام قبضته على الجامعات في صورة رئيسية، لكونها كانت تمثّل خزان الاحتجاج ورصيد المعارضة السياسية.في السابع من تشرين الثاني سنة 1987، خرج بن علي من ظل بورقيبة، وأطل من على شاشة التلفزيون بشعره المصفّف بعناية والمضمّخ بالزيت والمصبوغ لإخفاء بعض شعيرات الشيب التي بدأت بالظهور على سالفيه. في تلك الليلة قرر بن علي أن يقصي والده الروحي، كما كان يسمّيه، مستنداً إلى بند دستوري يجيز إعفاء الرئيس بسبب «العجز عن الحكم»، في ما سمي حينها «الانقلاب الطبّي».وفي اليوم التالي، حفلت الصحف الفرنسية بتسريبات تتحدث عن انقلاب خاطف، قطع الطريق على انقلاب آخر كانت تُعدّ له حرم بورقيبة، الماجدة وسيلة، التي كانت تعمل على إعداد شخصية أخرى كخليفة لزوجها، وهي اختارت خصم بن علي، الوزير محمد الصياح. وكشفت ابنة شقيقة بورقيبة، سعيدة ساسي، أنّ خالها كان ينوي إقالة بن علي واستبداله بالصياح.ومن المفارقات الغريبة أنّ انقلاب بن علي لقي ارتياحاًَ لسببين: الأول أنه وضع حداً للصراع على السلطة بين عدة أجنحة من داخل القصر وخارجه، وسط تقاطعات إقليمية ودولية، والثاني أنّ بن علي قام بخطوة انفتاح تمثّلت في الإفراج عن زعماء المعارضة النقابية والإسلامية، الذين سبق له أن أودعهم السجن، وفي مقدمتهم الحبيب عاشور والغنوشي، وأتبع ذلك بسلسلة من الانفراجات في إطار أسس دولة القانون، إذ ألغى نظام التوقيف الاحتياطي للأشخاص، وحدده بأربعة أيام فقط، وحلّ محكمة أمن الدولة التي حاكمت أعضاء الحركات الإسلامية التونسية، وأصدر مرسوماً يلغي التعذيب «رسمياً»، وسمح بتأسيس فرع لمنظمة العفوالدولية. هذه، وغيرها من الإجراءات، ساعدت على انضمام كثير من مثقفي تونس وأكاديميّيها إلى مؤيدي بن علي، بل نُقل عن راشد الغنوشي قوله «أثق بالله وببن علي».وفي فترة قصيرة أطلق النظام سراح ما يقرب من 2400 سجين سياسي، كان الرئيس الجديد قد اعتقلهم أصلاً عندما كان مسؤولاً في النظامالسابق. لكن الربيع التونسي لم يدم طويلاً، وسرعان ما ظهرت ملامح دولة جديدة تتأسس على القمع الأمني والفساد، وتفشّى في الشارع الحديث عن التجاوزات واستغلال النفوذ ونهب المال العام، وجلّها ينسب إلى عائلة بن علي وزوجته ليلى، وبات شقيق بن علي، منصف، حديث الصحافة، واشتهر بتجارة المخدرات، ولاحقه القضاء الفرنسي وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.أما عائلة زوجته (الطرابلسي)، فصار لها موطئ قدم في الأعمال، من السياحة إلى الزراعة مروراً بالعقارات وتوزيع المحروقات وكذلك البناء. وركّزت إحدى وثائق «ويكيليكس»، الصادرة بتاريخ 23 حزيران عام 2008، التي كتبها السفير الأميركي روبرت جوديك، على زوجة الرئيس ليلى بن علي، حيث يرى التونسيون أنها تنتهك النظام انتهاكاً صارخاً، ما يجعلها مكروهة.ويعدّ شقيق ليلى، بلحسن طرابلسي، الأكثر فساداً وتورطاً في مشاريع فاسدة، والأكثر ابتزازاً للحصول على الرشى. وتعطي الوثيقة مثلاً بحصول ليلى بن علي على أرض في قرطاج بقيمة 1.5 مليون دولار أميركي لتشييد مدرسة قرطاج الدولية، إلّا أن النتيجة كانت أن باعت ليلى المدرسة لمستثمرين بلجيكيين. وتضيف الوثيقة إنه في عام 2006، سرق معاذ وعماد الطرابلسي يختاً لرجل الأعمال الفرنسي برونو روجيه. ويحفل كتاب الصحافيين الفرنسسيين نيكولا بو وجان بيير توكوا «صديقنا بن علي» بسلسلة من الأحداث ذات المغزى، ومنها على سبيل المثال قصة مروان بن زينب، الطالب اللامع المهتم بالمعلوماتية الذي توفي في «حادث سير» بعدما أسرّ لأقربائه بأنه حين تمكّن من اختراق النظام المعلوماتي الإلكتروني لقصر قرطاج «وجد قائمة بعملاء الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، المعتمدين رسمياً في تونس لمراقبة القيادة الفلسطينية».
ليلى رئيسة!الوجه الآخر للملهاة التونسية يكمن في قضية الرئاسة. فالدستور يجيز للرئيس ولايتين رئاسيّتيين متتاليتين، مدة كل منهما خمس سنوات، وبالتالي كان على بن علي أن يرحل في سنة 1997، لكنه أجرى تعديلاً يجيز له ولاية ثالثة انتهت في سنة 2002. ومن ذلك الحين كرّت سبحة التعديلات الدستورية، التي مدّدت لبن علي حتى سنة 2014. بعد هذا التاريخ سيكون على الرئيس التونسي تعديل الدستور مرة أخرى، إذا رغب في ولاية رئاسية جديدة، لأن سنّه ستكون قد تجاوزت سقف الدستور بسنة واحدة. لا أحد يستطيع التكهن، فقد يُفصّل بن علي الدستور على مقاسه مرةً أخرى، أو أنه سيفسح الطريق لزوجته كي تخلفه، كما تتحدث الأوساط التونسية. فليلى الطرابلسي (الصورة)، صاحبة صالون الحلاقة حتى سنة 1992 قبل أن تقترن ببن علي كزوجة ثانية، تدربت على شؤون الحكم، إلى حد أنها تلقي الخطابات نيابةً عن الرئيس.
- حدث في 29 كانون الأول-
1955- بولغانين يعلن أن الاتحاد السوفياتي يملك "السلاح المطلق" وهو صاروخ عابر للقارات قادر على حمل قنبلة هيدروجينية لمسافة أربعة آلاف كيلومتر.1962- اتفاق بين الصين وباكستان على الحدود في كشمير التي كلفت باكستان بحمايتها.1983- اضطرابات في تونس بعد قرار بزيادة أسعار الخبز والمواد الأساسية: 75 قتيلا.1998- الخمير الحمر يعتذرون عن المجازر التي وقعت في السبعينات وراح ضحيتها مليون شخص.
الانتفاضة الشعبية، التي شهدتها العديد من محافظات تونس احتجاجاً على البطالة وتردي الأوضاع الاجتماعية، لا تزال تعيش مرحلة تمدّد يظهر أنها أبعد من حركة مطلبية، بل ثورة على مرحلة كبت سياسي مستمرة منذ عام 1987
تونس ــ سفيان الشورابي مشاهد فظيعة وشهادات مثيرة نقلتها مقاطع فيديو روّجت لها أخيراً «اللجنة المحلية لمتابعة الأضرار» التونسية في إحدى مدن محافظة سيدي بوزيد (210 كيلومترات جنوب العاصمة تونس)، عن ممارسات رجال مكافحة الشغب أثناء قمعهم لاحتجاجات أهالي مختلف مدن وقرى تلك المحافظة.وقامت القوات الأمنية في هذه المنطقة، التي تشهد احتجاجات دخلت أسبوعها الثاني، بمداهمات واسعة النطاق لمحالّ ومنازل أهالي السكان، وأتلفت معداتهم ونهبت بضائعهم.الصدامات، التي سقط فيها قتيل واحد برصاص رجال الحرس الوطني وأدت الى توقيف عدد غير محدد من المواطنين، لا تزال متأجّجة، إذ نُظّمت أمس، مسيرة حاشدة جابت شوارع مدينة سيدي بوزيد، ردّد فيها المحتّجون شعارات، مثل «واجب حق التشغيل»و«التشغيل استحقاق يا حكومة الفساد».كذلك نفّذت مجموعة من الشباب أصحاب الشهادات العليا والعاطلين من العمل، اعتصاماً أمام مبنى معتمدية مدينة علي بن عون، المجاورة «من أجل المطالبة بحقهم في الشغل». وشارك في ذلك الاعتصام عدد من أهالي المنطقة مطالبين بإطلاق سراح الموقوفين ورفع الحصار الأمني المفروض على مدينتهم.التجمّعات الشعبية نشطت أيضاً في مدن أخرى، مثل القصرين وجرجيس وبن قردان وفرنانة وسوسة ونابل ومدنين وصفاقس وقفصة وأم العرائس والرديف، جوبهت جميعها من طرف الشرطة.هذه التحركات، كشفت عن عيوب كبيرة في برامج التنمية الاقتصادية التي تتّبعها الحكومة التونسية. فمحافظة سيدي بوزيد التي انطلقت فيها الاحتجاجات، يقطنها قرابة 400 ألف نسمة، بينهم نحو 42 ألف يعيشون تحت خط الفقر، حسبما أوردت دراسة وضعها الاتحاد العام التونسي للشغل. وتبلغ فيها نسب البطالة أرفع مستوياتها نتيجة غياب منشآت سياحية ضخمة أو منصات ومناطق صناعية توظف طالبي العمل.أسباب كافية تدفع السكان إلى التظاهر بعدما فقدوا الثقة في مؤسسات الدولة في تشغيل العاطلين من العمل والتقليص من حدّة الفقر.من جهته، ذكر المتحدث باسم لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش في سيدي بوزيد، عمر الزعفوري، لـ «الأخبار»، أنّ السلطة سخّرت قرابة 2 مليار دولار كاعتمادات تنموية لفائدة تلك الجهة منذ سنة 1987 «لا يعرف شيئاً عن آليات صرفها»، طارحاً مسألة الفساد الإداري والمالي الذي ينخر بقوة الجهاز الإداري التونسي. وقال «من المهم أن تحاسب السلطات جميع المسؤولين الذي اختلسوا تلك الأموال قبل الحديث عن برامج تنموية جديدة».والثابت أن الشعارات المطالبة بتحسين الوضع الاجتماعي المرفوعة من طرف المحتجين لا تخفي المضمون السياسي الذي يقف وراء تحركاتهم، فللمرة الأولى مرة منذ تولي زين العابدين بن علي سدة الحكم في 7 تشرين الثاني 1978، يردّد التونسيون شعارات مناهضة لرئيس الدولة ولأطراف من أقاربه. فخلال التظاهرات رفع المئات من الغاضبين شعارات «التشغيل استحقاق يا عصابة السراق» و«التشغيل مش مزية يا عصابة الطرابلسية»، في إشارة الى عائلة زوجة الرئيس المتنفّذة ليلى طرابلسي. فمن النادر أن يُجهَر بمواقف صريحة ضد أقارب عائلة الرئيس الذين يتمتعون بنفوذ واسع النطاق، ويسيطرون على مفاصل الاقتصاد الوطني.ولتبرير العنف الذي لجأت إليه قوات الأمن ضد المواطنين، قالت وزارة الداخلية، إن المتظاهرين اقتحموا الممتلكات العامة وأضرّوا بمنشآت حكومية، لكن فاتها الحديث عن غياب تام للأحزاب السياسية وللجمعيات المستقلة في أداء دورها على تأطير المواطنين ومنع حدوث أي انفلات. ويُستشف ذلك من عمليات التضييق والمحاصرة التي تقول أحزاب المعارضة إنّ السلطة تمارسه ضدها. توصيف ينسحب أيضاً على قطاع الإعلام المحلي الذي غاب في البداية عن مواكبة الأحداث الجارية في المنطقة، قبل أن تفتح بعض الصحف صفحاتها بصورة فجائية لنقل المستجدات الحاصلة، لكن هذه المرة بصورة موجّهة تحيل للوهلة الأولى أن الوضع يسير نحو التهدئة. فصحيفة «الشروق» المقربة من السلطة نقلت مثلاً في عدد يوم أمس، خبر إيقاف عدد من المسؤولين المحليين، وفسحت كذلك المجال للتهجم على من نعتتهم بالمناوئين الذين يقومون بالركوب على الحدث وتهويل الأمور.بل إنّ بعض الأحزاب، التي تؤدّي دور المجمّل لقمع السلطة، غابت كلياً عن إسناد المحتجّين، ونشرت بيانات إعلامية تتهجّم على قناة «الجزيرة» الفضائية التي تكفلت بتغطية شاملة لأنباء الغليان الشعبي أمام صمت التلفزيون الحكومي.ووصف الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري، منذر ثابت، هذه التغطية بأنها «حملة إعلامية مشبوهة وأهداف تتعارض مع خدمة المواطن». أما الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، محمد بوشيحة، فقال «نحن متأكدون أن مزاعم الجزيرة وبعض وكالات الأنباء التي حذت حذوها قد باتت مكشوفة أمام الرأي العام الوطني وكل القوى الوطنية والمتمسكين بالمقاربة الموضوعية من أصدقاء تونس في الخارج». وأصدر حزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي، بياناً قال فيه «تبيّن لنا أنّ قناة الجزيرة اختارت التعامل في التعليق على الأحداث على جهات معينة معروفة بانتماءاتها السياسية، أي إنها ليست محايدة في نقل الحدث، بل وضعت نفسها طرفاً في معادلة اخترقتها هذه الأطراف رغم محدودية فعلها ميدانياً وذلك بالتهويل والتوظيف السياسيين».ورأت عضو مجلس النواب، عزيزة حتيرة، أن قناة «الجزيرة» «تبحث دوماً بل تعيش من التهويل ومن تضخيم الأحداث كي تستقطب المشاهد الذي يميل الى الإثارة». وأضافت إن القناة القطرية «تعتمد على شهود عيان مجهولين وعلى مراسلات عن بعد وعلى لقطات منشورة على الإنترنت من جانب هواة ومجهولة المصدر».حملة التعتيم الإعلامي لم تعد مفيدة في ظل تعاظم دور الإنترنت، الذي تحول إلى وسيلة إعلام أكثر صدقيةً وقرباً من الواقع، وشهد فعلاً بروز ما أصبح يسمى «الصحافي ـــــ المواطن». فغالبية الأحداث الجارية نقلتها عدسات الهواتف المحمولة وكاميرات التصوير الخاصة المملوكة من طرف المواطنين.ولا شك أن «الخضة» التي تهز بنيان الحكومة التونسية الآن لها العديد من الدلالات، أهمها أنها أوقفت النداءات اليومية المطالبة بتنقيح الدستور التونسي الذي يمنع الرئيس الحالي من مواصلة الحكم، بغاية الترشح في انتخابات سنة 2014، فانتظار اتخاذ تغييرات جوهرية لتحقيق الديموقراطية الحقيقية الغائبة عن تونس منذ استقلالها.
بن علي يتوعد بالحزم: متطرفون مأجورونبلغت الاضطرابات المطلبية في تونس حداً دفع بالرئيس زين العابدين بن علي إلى الظهور علناً أمس في خطاب نقل عبر شاشات التلفزة مباشرة لتأكيد مجموعة من النقاط، في مقدمتها «أن ما اتخذته الأحداث من أبعاد مبالغ فيه بسبب الاستغلال السياسي لبعض الأطراف»، مضيفاً أن «لجوء أقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين ضد مصالح بلادهم إلى العنف والشغب في الشارع وسيلة للتعبير أمر مرفوض في دولة القانون مهما كانت أشكاله».وقال بن علي إن «بعض الأطراف لا يريدون الخير لبلادهم ويلجأون إلى بعض التلفزات الأجنبية التي تبثّ الأكاذيب والمغالطات دون تحرٍّ، بل باعتماد التهويل والتحريض والتجني الإعلامي العدائي لتونس». وأضاف: «إننا نقدّر الشعور الذي ينتاب أي عاطل من العمل، وخصوصاً عندما يطول بحثه عن الشغل وتكون ظروفه الاجتماعية صعبة وبنيته النفسية هشّة، ما يودى به إلى الحلول اليائسة ليلفت النظر إلى وضعيته. نحن لا ندخر جهداً لتفادي مثل هذه الحالات بالمعالجة الخصوصية الملائمة».وتابع بن علي: «إن البطالة شغل شاغل لسائر بلدان العالم المتقدمة منها والنامية ونحن في تونس نبذل كل الجهود للحد منها ومعالجة آثارها وتبعاتها، وخصوصاً بالنسبة إلى العائلات التي لا مورد لها. وستبذل الدولة جهوداً إضافية في هذا المجال خلال المدة القادمة».وقال بن علي: «لقد دأبنا منذ التغيير على تكريس الحوار مبدأً وأسلوباً للتعامل بين سائر الأطراف الوطنية والاجتماعية حول القضايا والمستجدات التي تطرح أمامنا. ولا يمكن بأي حال من الأحوال رغم تفهمنا أن نقبل ركوب حالات فردية أو أي حدث أو وضع طارئ لتحقيق مآرب سياسية على حساب مصالح المجموعة الوطنية ومكاسبها وإنجازاتها، وفي مقدمتها الوئام والأمن والاستقرار، مشدداً على أن «لجوء أقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين ضد مصالح بلادهم إلى العنف والشغب في الشارع وسيلة للتعبير أمر مرفوض في دولة القانون مهما كانت أشكاله وهو مظهر سلبي وغير حضاري يعطي صورة مشوهة عن بلادنا تعوق إقبال المستثمرين والسياح بما ينعكس على احداثات الشغل التي نحن في حاجة إليها للحد من البطالة. وسيطبق القانون على هؤلاء بكل حزم». ومع ذلك، جدد بن علي «تأكيد احترام حرية الرأي والتعبير والحرص على ترسيخها في التشريع والممارسة».
العدد ١٣٠٢ الاربعاء ٢٩ كانون الأول ٢٠١٠