يدين إتحاد الشباب الديمقراطي العالمي الهجوم الإجرامي الذي وقع في مدينة سروج – تركيا. الذي أسفر عن على الأقل 28 قتيل وأكثر من 100 جريح، بأكثرية من الطلاب.
الهجوم الإجرامي المذكور وقع في المركز الثقافي في المدينة خلال مظاهرة نظمت ضد قرار الحكومة لحظر مشاركة مجموعة من الشباب في إعادة بناء كوباني - عين العرب، التي لاتزال تحت اعتداء داعش. داعش المدعومة من قبل الحكومة التركية لمهاجمة المدينة، والمسلحة والمدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلفائهم ضد حرية وسيادة ووحدة الشعب السوري، وإمكانية بلورة خيار سياسي تغييري.
يعتبر إتحاد الشباب الديمقراطي العالمي هذا الإعتداء بالإعتداء اللفاشي، ويشير بأن الفاشية في المنطقة هي نتيجة المشاريع الإمبريالية والتدخلية في الشرق الأوسط والعالم أجمع.
يعبر إتحاد الشباب الديمقراطي العالمي عن تضامنه مع عائلات القتلى والجرحى في سروج، ويدعو الشباب المناهض للإمبريالية لمتابعة المسار للنضال المنظم ضد الإمبريالية ومشاريعها، وأيضا لمقاومة ومحاربة أي قوى فاشية ورجعية تهدف إلى كسر وحدة الشعوب، وإلى كسر وحدة الشباب المناهض للإمبريالية.
إتحاد الشباب الديمقراطي العالمي
22-7-2015
مخيم الفنانين المركزيمن الخميس 23 تموز بعد الظهر حتی الأحد 26 تموز مساءً في بلدة مجدليا - الجبل.يتضمن البرنامج نشاطات داخلية وحوارات مع فنانين وتمارين علی الحفل الختامي.يختتم المخيم بحفل فني في مدينة عاليه نهار الاحد 26 تموز مساءً.الفئات: موسيقی - غناء - إخراج - تصوير - شعر - رسم - نحت.رسم الاشتراك 30 الف ليرة.المواصلات مؤمنة من مركز الاتحاد - مار الياسالتجمع الخميس الساعة الواحدة ظهراللمراجعة: ربيع القيم 03962478وجدي ابو ذياب 70180365POSTS
بعد اثني عشر شهراً على اعتقاله وخمسة وخمسين يوماً من الإضراب المتواصل عن الطعام، ثم الرضوخ لمطالب الأسير الفلسطيني المحرر «الشيخ» خضر عدنان، أطلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فجر أمس، سراح عدنان، الذي اشترط يوم وقفه الإضراب، وتحديداً في 29 حزيران الماضي، أن يفرج عنه قبيل ليلة القدر، وهي إحدى أهم الليالي بالنسبة إلى المسلمين في شهر رمضان.
حاولت سلطات الاحتلال تعكير الفرحة على عدنان بالإفراج عنه في ساعة مبكرة من الفجر، أي في الوقت الذي ينشغل فيه الفلسطينيون بالسحور، ثم صلاة الفجر، وبصورة مفاجئة، ولكن ذلك لم يمنع من احتشاد العشرات لاستقبال «الشيخ» والترحيب به «منتصراً» بين شعبه، بعدما تحول إلى «أيقونة» استطاعت إجبار إدارة السجون للمرة الثانية على إطلاق سراحه، كاسراً بذلك سياسة الاعتقال الإداري التي يسجن فيها الأسير من دون معرفة القضية التي يحتجز بناء عليها ولا المدة التي سيقضيها داخل الزنازين.
وفي حفل عقد مساء أمس وترافق مع مؤتمر صحافي، كان الأسير المحرر قد تمنع عن الحديث مع الصحافيين قبله، قال عدنان، إن إفراج سلطات الاحتلال عنه في الساعة الواحدة ليلاً، كان كمن «يريد تغطية الشمس بغربال... الباطل الذي كشف جبنهم وباطلهم أكثر وأكثر»، مضيفاً: «اليوم انتصر الكف على المخرز». وقال خلال الحفل، إن «المحتل حاول قضم وسرقة فرحة شعبنا وأحراره بحريتي، ولكن بحمد الله أنى له ذلك»، موجهاً التحية إلى الذين نصروه وتضامنوا معه في إضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال. وتحدث عدنان، المنتمي إلى حركة «الجهاد الإسلامي»، عن سوء المعاملة التي كان يلقاها من مصلحة السجون: «منعوني من الصلاة إلا مقيداً، كما منعت من التحدث مع والدتي بعد تدهور حالتها الصحية». وتابع: «أحد ضباط الاحتلال قال لي بالعبرية حينما جاءني إنك لن تخرج من هنا، فقلت سأخرج بإذن الله، فأجابني: إن الله مشغول في سوريا... ها أنا أتحرر بفضل الله». في سياق متصل، أفادت مؤسسة «مهجة القدس للشهداء والأسرى» المقربة من «الجهاد الإسلامي»، أمس، بأن الأسير المضرب عن الطعام منذ 26 يوماً محمد نصر الدين علان يعاني ظروفاً صعبة في زنازين العزل الانفرادي في سجن «أيلا» في بئر السبع. وذكرت المؤسسة في بيان أن إدارة مصلحة السجون عزلت علان منذ ما يقارب 20 يوماً ضمن إجراء تعسفي للضغط عليه من أجل تعليق إضرابه. وأوضحت أن الزنزانة التي يحتجز فيها الأسير لا يوجد بها نافذة للتهوية، وكذلك فإنه لا يسمح له إلا بتناول كوب واحد من الماء يومياً. (الأخبار، الأناضول)
بعد ثلاثة عقود على مشاركته في الدورة الأولى من المهرجان، يعود الفنان اللبناني مع فرقته لتقديم أمسية موسيقية مساء الأربعاء 5 آب (أغسطس). الموعد يحمل رمزية بالنسبة إليه، فالموسيقى هي الطريقة الوحيدة لمواجهة الهجمة المتطرفة على المنطقة اليوم
محمد همدر - الاخبار
في عام 1985، انطلقت «مهرجانات بيت الدين» في عامها الأول. كانت الحرب اللبنانية قد دخلت عامها العاشر، فجاء المهرجان رسالة لاستمرار الحياة. انطلق من الجبل، تلك المنطقة التي كانت أيضاً مسرحاً لحرب ضروس. حينها، شارك مرسيل خليفة وفرقة «الميادين» في العام الأول من المهرجان الذي كان محليّاً، وتحوّل ليصبح دولياً بعد انتهاء الحرب. واليوم، يحتفل المهرجان بعيده الثلاثين في ظروف محلية وإقليمية ليست أفضل بكثير من عام الانطلاقة.
بعد إطلالته الأولى في «مهرجانات بيبلوس» العام الماضي، يشارك مرسيل خليفة وفرقة «الميادين» في الاحتفال بالعيد الثلاثين لـ «مهرجانات بيت الدين» ويعود بالذكريات الى الإطلالة الأولى عام 1985. في اتصالنا معه، يقول: «سنة 1985، افتتحت «مهرجانات بيت الدين». تحوّل قصر بيت الدين آنذاك إلى قصر الثقافة وإلى مكان فسيح لجمهور بالآلاف قدم من مناطق لبنانية عديدة.
وبدأ المهرجان باستضافة فرق عالميّة وتحوّل القصر إلى معرض تحف وكتب وايقونات». يعود خليفة إلى الحفلة التي قدمها في المهرجان، يقول: «أتذكر يوم السبت ٧ أيلول (سبتمبر) عام ١٩٨٥، قدمت و«الميادين» حفلة استثنائيّة في باحة القصر الداخليّة. الحشود خلعت الأبواب وألقت البطاقات. السطوح حول الباحة امتلأت. الكل كان هنا للفرح رغم مرارة الحرب».
مرسيل خليفة الذي تخرّج من «المعهد الوطني العالي للموسيقى» عام 1971، كان قد انطلق «صرخة ثائر» (موسيقاه وكلام محمود درويش) في صمت تلك الحقبة، حقبة الثورة والحرب والأحلام... لم تكن مشاركته الوحيدة في المهرجان الذي يقام في القصر التاريخي، لكنه يعتبر المشاركة هذا العام بداية جديدة «هذه السنة في ٥ آب (أغسطس) سنبدأ مع المهرجان من جديد رغم انني شاركت أكثر من مرّة خلال هذه السنوات. سنغني للفرح خلف أجفان العيون الخائفة والمذعورة من تلك الوحشيّة التي تغطّي منطقتنا وأعود مع «الميادين» وموسيقيين متميزّين». هو الفنان الذي حمل عوده وحمل الكلمة والرسالة في فنّه، لا يترك حدثاً إلا ويهديه نغماً، من لبنان الى فلسطين وسوريا والعراق، واليوم ومع هذه الهجمة السوداء المظلمة على المنطقة، التي لا تستثني لا البشر ولا الحجر ولا التاريخ ولا الحضارات، يقول مرسيل لـ «الأخبار»: «نتمالك أنفسنا ونعيّد ثلاثين المهرجان، ملتمعين ببريق الامل وقدرة الانبعاث بالتغيير، تغيير الانسان نحو الجمال والفرح.
نعود بيقين أقوى من الايمان بأن هذا العالم المعادي لا يواجه إلاّ بقوّة الخيال وكبرياء الابداع في عالم أفضل هنا على هذه الارض». الأمسية التي يحييها مرسيل خليفة مساء الأربعاء 5 آب (أغسطس) ضمن «مهرجانات بيت الدين الدولية» تحت عنوان «وعود من العاصفة»، سيشاركه فيها كل من رامي خليفة ( بيانو)، وبشّار خليفة (ايقاع)، واسماعيل رجب (كلارينيت)، وجوليان لابرو (أكورديون)، وحسن معتّز (تشيلو). ربما كانت هذه الهجمة المتطرفة الجاهلة على المنطقة اليوم الأكثر بشاعة والأكثر خطراً وتدميراً للقيم الإنسانية، هل يستطيع الفن الوقوف في وجهها؟ هل ما زال هناك أمل؟ يصف خليفة المواجهة الجديدة، قائلاً: «هل من مكان اليوم بعد للموسيقى، للشعر، للأغنية؟ نعم، كل المكان للموسيقى في هذا الزمان الإجرامي السافل خصوصاً، فكل موسيقى تضيء الآن هي شمس كبيرة، شمس تعيد الينا الحب والكرامة والحرّية، شمس تذكرنا بأن الجمال هو العالم. شمس تعيدنا إلى الحياة، تنقذنا. كل فن يضيء هو انتصار على الموت والحرب والوحشيّة والابادة الروحيّة والنفسيّة والجسديّة. ووسط هذا المشهد المرعب المؤلف من الجثث والاشباح والانقاض والزكام والضباع الكاسرة والغربان والعقبان، يبدو حب الموسيقى عملاً أحمق وفي منتهى الانانيّة، يبدو كذبة، فهو مستحيل، اذ من يستطيع أن يحب ويغني وهو يعيش في الموت؟ ذلك بالضبط هو الجنون، ذلك بالضبط هو الخلاص. الخلاص من حقارة الواقع وعجز الحقيقة والخلاص من فكرة الموت. وأن يقدر مهرجان على المضي حباً رغم كل شيء، فهذا هو ما يجعلنا نأتي الى بيت الدين لنقول إنّ هناك أملاً بعد».
بشير صفير - الاخبار
يحمل الصيف لنا موعدين مع الموسيقي وعازف البيانو اللبناني. برنامجان مختلفان جذرياً عن برامج السنة الماضية الكثيرة، سنستمع إلى الجديد، القديم النادر أو غير المنشور، المعروف لكن غير المؤدّى من قبل، الكلاسيكيات التي يتمنّى الجميع وجودها دائماً حتى لو تكرّرت في حفلات متتالية
تلقّى الفنان زياد الرحباني هذا العام عدّة دعوات للمشاركة في المهرجانات اللبنانية، فلبّى منها اثنتين فقط، بخلاف السنة الماضية الاستثنائية بعدد الحفلات، من بيروت إلى قلحات وغلبون والخنشارة، وصولاً إلى الناقورة، ولاحقاً صيدا وغيرها الكثير. كان من المفترض أن يغيب الرحباني عن موسم السياحة الفنية هذا الصيف، بداعي السفر إلى ألمانيا الذي تأجَّل… لحسن الحظّ، تقول الغالبية.
أما في الحقيقة، وبتجرّد، فلسوء الحظّ أن سفر زياد تأجَّل. نعم، لسوء الحظّ عموماً، أي حظّه وحظّنا، وللبحث صلة وها هي فوراً: لبنان الذي رسمه الأخوان رحباني وفيروز هو وطنٌ مُرتجى… «لبنان الحقيقي جايي» تقول الأغنية، وكل ما هو آتٍ هو علمياً غير موجود الآن هنا. المؤسف في الأمر أن لبنان الحقيقي لم يأتِ، كما يعرف الجميع. والاستنتاج الوحيد لملامح لبنان الحالي (بما أن الحقيقي لم يأتِ)، استناداً إلى هذا التسلسل المنطقي، بات واضحاً.
بالتالي — والجميع يعرف أيضاً — لبنان الذي نراه في إعلانات وزارة السياحة مبالغ فيه، كما تفرض ألف باء صناعة الإعلانات في العالم. فهذا البلد، العزيز جداً على قلبنا وقلب زياد بالمناسبة، راكم منذ تأسيسه الآفات العامة الممكنة، في المجتمع والسياسة والاقتصاد، وأضاف آفاتٍ «لبنانية» لتشكِّل «ميزته» العالمية لناحية التراجع على المستويات الآنفة. أما ألمانيا، فيمكن أخذ فكرة عنها باسترجاع أسماء عمالقتها، وهي أولى في فئاتها تاريخياً، من الباء إلى الباء… من باخ إلى الـBMW وما بينهما. وهناك قاسم مشترك بين جميع الشعوب، له دلالات تؤكّد عظمة ألمانيا، وهو شعور الطمأنينة العارم الذي ينتاب المرء أمام عبارة: صنع في ألمانيا. وهذا دفعَت ثمنه ألمانيا تعباً وصدقاً، وهنا بيت القصيد. لا شيء في العالم يقدّسه زياد الرحباني أكثر من التعب والصدق، و«مآثر» مجتمعنا في هذين المجالَين مشهود لها (وبالأخص في الموسيقى!)، فكيف لا نأسف على تأخّر سفَر زياد؟! كيف لا نأسف ونحن نعرف أنّه لو أراد إقامة حفلة في برلين، سيجد موسيقيين بأعداد كبيرة ومستويات متقاربة ومحيِّرة. وأنه، في المقابل، لتحضير حفلتَيه المرتقبتَين يعاني ما لا يدركه الجمهور ولا يستوعبه العقل البشري إن لقّمناه المعطيات التي تعرفونها عن قيمة زياد الفنية ووقته الثمين الذي، كلّما ضاع، لدينا جميعاً شعور بأن لحناً عظيماً ضاع معه. كلمة أخيرة في ضرورة سفر زياد: في جميع أنحاء العالم، ينظر المجتمع إلى يدَي عازف البيانو باحترام بالغ… بعض عازفي البيانو الكبار لا يسلّمون باليد، وهذا لا يزعج أحداً.
بل إن بعض الناس لا يسلّمون باليد على عازف البيانو لأنهم يخشون مِن يدِهم على يدِه. يرون فيها يدَ الله على الأرض، للتشابه في الوظيفة الأساسية: خلق الجمال المبنيّ على قواعد الرياضيات المعقّدة وشيء إضافي لا تعريف له. هكذا إذاً هي الحال في ألمانيا، وعلى كوكب الأرض عموماً. لكن، في «قطعة السما» التي «عالأرض تاني ما إلها» لكونها «لوحات الله راسمها» على شكل «شطحات أحلى من الحلا»، تصاب يمنى زياد بعطبٍ من شدّة التعب (ما هو التعب؟ في قاموس أركيولوجيا اللغة: شعور بشري ناتج من عمل وجهد كبيرَين)، ويضطر إلى إلغاء حفلة، ثم يصدر بياناً صاغَ نِصفَه طبيبٌ مختصّ، فتجدون — يا ناس — من يقول: «عيب ما قام به زياد»… أما الشتائم، فتجدونها على مواقع التواصل السوقي. هذه الحادثة، التي «تِنْذَكَر ما تِنْعاد»، سبّبت إلغاء حفلته في «إهدنيات». أما في «الأعياد» (أعياد بيروت) بعدها بأسبوع، فأقيمت الحفلة المقرَّرة تفادياً لمزيد من المشاكل، بعد استعانة زياد بعازفة البيانو دارين شحادة لتكون يده اليمنى في الأمسية… تجدون تجسيداً دقيقاً لهذه الصورة في بوستر حفلته المرتقبة: حفلة إهدن!
إذاً، يقدّم زياد الرحباني حفلة وحيدة في «زوق مكايل» (23/7)، تليها أخرى في «إهدنيات» (30/7) تحت عنوان «العَلّ» بما تحمل هذه العبارة من معاني تفسِّر إيقاع «الجوّ حالياً» في لبنان. وكما في جولته الصيف الماضي، يشارك في الفرقة هذه السنة الموسيقي والمغنّي المصري الفائق الحساسية والبارع غناءً وعزفاً، حازم شاهين، ومواطنته المغنية الشعبية بالفطرة والنبرة الصوتية شيرين عبده. أما الموسيقيون الذين بذل الرحباني جهوداً لا تحتمل لجمعهم من أوروبا (عازف الدرامز الممتاز آرنو فون نيووِنْهويْزه) وسوريا وأرمينيا ومصر ولبنان...، فيغطّون جميع عائلات الآلات في الأوركسترا، من الوتريات إلى النحاسيات والخشبيات والإيقاع، بالإضافة إلى الآلات والإيقاعات الشرقية والكورس. أخيراً، في ما خصّ البرنامج الذين لنا عودة إليه عشية الحفلة الأولى، فأولاً، يختلف قليلاً بين الزوق وإهدن، لكنه، ثانياً، يختلف جذرياً عن برامج السنة الماضية، والأهم، أخيراً، أنه يختلف عموماً عن برامج حفلات زياد، وهذا ما سيرضي المتابعين وعابري السبيل من المغتربين الزائرين وحتى المتطلّبين جداً. ويتألف بالعموم من: الجديد، القديم النادر أو غير المنشور، المعروف لكن غير المؤدّى في حفلة من قبل، الكلاسيكيات التي يتمنّى الجميع وجودها دائماً حتى لو تكرّرت في حفلات متتالية.
رؤوف قبيسي - الاخبار
لا نخالف الحقيقة إذا قلنا في كتاب بسام أبو شريف الجديد «غسان كنفاني- القائد والمفكر السياسي» الصادر أخيراً عن منشورات «الريس»، إنه أقل من سيرة دقيقة عن الكاتب والمناضل الفلسطيني الراحل. لكننا لا نتجاوز الحقيقة أيضاً إذا قلنا إن الكتاب خليق بأن يقرأ، وإنه يكشف عن صفحات كانت مستترة من حياة غسان كنفاني وفكره نضاله. المؤلف جميل الأسلوب، دقيق الملاحظة ما في ذلك شك. لكن أهمية الكتاب وصدقيته تكمنان في حقيقة أنّ أبو شريف (1946) كان من عشراء غسان كنفاني المخلصين، واقربهم إليه وآثرهم عنده، وأنه فلسطيني مثله، وكاتب مثله، وسياسي ومناضل مثله، ومثله تعرّض للاغتيال. الفارق أن كنفاني مات بالبارود، بينما لا يزال أبو شريف في قيد الحياة، يكتب ويناضل.
ولد غسان كنفاني في عكا في فلسطين عام 1936 ومات في عام 1972 بعبوة انفجرت في سيارته قرب منزله في منطقة «مار تقلا» في بيروت، وكان له من العمر 36 سنة. أما المؤلف، فقد تعرض للموت بعد أسبوعين من رحيل كنفاني، عندما وصل إلى مكاتب مجلة «الهدف» في بيروت طرد باسم بسام أبو شريف، في داخله كتاب. ما أن فتحه «المرسل إليه»، حتى انفجرت في وجهه عبوة أصابته بحروق بليغة، وأفقدته شيئاً من سمعه ومن بصره، وتركت في الوجه واليدين عاهات لا تزال بادية على الرجل حتى اليوم.
نشأ غسان كنفاني، والصراع في فلسطين وعليها على أشده بين العرب واليهود. توفيت والدته وهو طفل صغير، فربته أخته الكبيرة فايزة. انتسب إلى معهد «الفرير» وكانت الفرنسية لغته الأولى في الكتابة. في عام 1948، وعلى أثر اشتداد المعارك، تغادر العائلة إلى لبنان، وبعد أربعين يوماً إلى حلب، ومن ثم إلى دمشق حيث استقرت، وحيث تابع الصبي دروسه الابتدائية، ثم دروسه الثانوية التي أظهر فيها تفوقاً في الأدب العربي والرسم. لم تغب السنوات الإحدى عشرة التي قضاها كنفاني في فلسطين عن باله. ظل مشدوداً إلى مسقط رأسه بأمراس خفية من الوجد والعشق والحنين، ما حمله وهو صبي يافع على دخول معترك السياسة والانخراط في حركة القوميين العرب، جاعلاً فلسطينه، الموضوع الأساس في قصصه ورواياته، بكل ما فيها من حوادث وذكريات وشخوص. عام 1955، يسافر الفتى غسان إلى الكويت للتدريس والكتابة في الصحف، وهناك يصدر أولى بواكيره الأدبية «القميص المسروق». في عام 1960، يحضر إلى بيروت للعمل في مجلة «الحرية» ويبدأ الكتابة في جريدة «المحرر» الأسبوعية البيروتية. في 1961، يسافر إلى يوغوسلافيا ليؤكد المشاركة الفلسطينية في مؤتمر طلابي، وهناك يتعرف إلى «آني»، معلمة أطفال دانمركية. تبدي الصبية اهتماماً بقضية الشاب الفلسطيني، ثم تسافر إلى بعض العواصم العربية ومنها بيروت، تلتقي غسان كنفاني مجدداً وتستشيره بأمور تتعلق بالقضية الفلسطينية، وكان يومها أحد المراجع المهمة في الموضوع. يشرح لها غسان قضية شعبه. يصطحبها إلى المخيمات، فتتأثر بما تشاهد، وترى الصورة مغايرة، لما كانت تبثه الدعاية الصهيونية في بلادها. ينمو حب بين الاثنين. وبعد عشرة أيام من وجودها في بيروت، يطلب غسان يدها للزواج. تكتب إلى أهلها في الدانمرك. يتزوجان في 1961 ويمر عام ويولد فايز، وبعده بخمس سنوات، تولد ليلى.
■ ■ ■
لم تصرف السياسة والصحافة المناضل «العتيد» عن الأدب، فتظهر روايته «عائد إلى حيفا»، وبعدها «أرض البرتقال الحزين» ثم «رجال في الشمس» وأخيراً «ما تبقى لكم» و»أم سعد»... روايات تستوحي فلسطين وصراع شعبها لاستعادة الأمل المفقود. الذين عرفوا غسان كنفاني، يقولون إنه كان مثقفاً نهماً. يقرأ كل ساعة ويكتب كل ساعة، «كانت عينه ثاقبة وحسه مرهف» كما يقول بسام أبو شريف. كتب المقالات والقصص والفصول وبعضها جمع في كتابه «الرجال والبنادق». في الكويت، كان يوقع مقالاته باسم مستعار، «ابو العز»، وكان من الأوئل الذين صوروا الحياة في الخليج بقصة «موت سرير رقم 12».
كان كنفاني أول من عرّف بشيء اسمه «شعر المقاومة» و»شعراء المقاومة». أصبحت كتاباته عنهم كما يقول أبو شريف «مرجعاً يقرر في الجامعات ومرجعاً للدارسين». يكتب محمود درويش عن الفترة السابقة لما كان يعرف بشعر المقاومة وشعراء المقاومة في الأرض المحتلة مقالة عنوانها «غزال يبشر ببركان»، فيقول: «الآن نقول: أدب الأرض المحتلة ونسكت! لكن الحالة كانت تختلف عامئذ. كنا مجموعة شباب دون الثلاثين، نفتقر إلى أدنى مقومات الرد العملي على الهزائم التي يعاصرها وعينا وعارنا. كنا نحاول كتابة الشعر، من دون أن نعي أنه شعر. أغلبية المواطنين كانت تسخر منا بالقول إننا مراهقون، وكان بعض المعلمين يقولون: مبتدئون لهم مستقبل. كان الشعر المقبول لدى الناس، هو الشعر المقبول خارج الأرض المحتلة، وكانت النجوم الشعرية الرائجة في العالم العربي ذاتها الرائجة لدى صحف العدو، باستثناءات قليلة. وبقينا مجهولين إلى أن قام غسان كنفاني بعمليته الفدائية الشهيرة: إعلان وجود شعر في الأرض المحتلة. انقلبت العلاقة داخل الأرض المحتلة، ومشى التطرف إلى نقيضه المتطرف: لا شعر إلا في الأرض المحتلة»!. يضيف محمود درويش في مقالته تلك، فيقول: «غسان كنفاني نقل الحبر إلى مرتبة الشرف، أعطاه قيمة الدم. يقتحمنا دائماً بقوة كلماته التي لا تموت. كم كتب الفلسطينيون وماتوا، لكن حبرهم كان يجف مع دمهم. كتابته هي النادرة التي تصلح للقراءة بعد العودة من جنازة كاتبها، وتاريخ تبلور النثر الفلسطيني لم يبدأ إلا مع غسان كنفاني». عام 1962، يبدأ الشاب المناضل العمل في مجلة «الحرية» التي كانت تصدرها حركة القوميين العرب. كان في الخامسة والعشرين. في 1965، يتسلم رئاسة تحرير صحيفة «المحرر»، صحيفة الناصريين والقوميين العرب، ويصدر عنها ملحق «فلسطين». في 1967، وبعد هزيمة حزيران، يطلب الناشر والصحافي المخضرم سعيد فريحة إلى غسان كنفاني العمل في جريدة «الأنوار»، فيظهر «ملحق الأنوار» الأسبوعي وينتشر بين الآلاف من القراء . في 1969، يؤسس غسان كنفاني مجلة «الهدف» الأسبوعية، لسان حال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويبقى فيها يكتب ويناضل حتى اليوم الأخير من حياته. عن تلك المرحلة، يكتب أبو شريف: «تلازمنا كتوأمين، وعملنا معاً وسهرنا معاً. جبنا طرقات بيروت وتناولنا الطعام في مطاعمها معاً وجلسنا معاً في مقاهيها الشهيرة، ولم نفترق إلا عندما فرقنا استشهاده». في الكتاب «مقابلة» مع غسان كنفاني جرت عام 1969، وكان يومها رئيساً لتحرير جريدة «الهدف». في المقابلة، يتحدث عن نفسه قائلاً: «غادرت فلسطين وأنا في الحادية عشرة. كان والدي محامياً. أرسلني إلى مدرسة فرنسية تبشيرية. لم أكن متمكناً من العربية، مما سبب لي كثيراً من المتاعب. وطالما هزأ بي أصدقائي لأنني لم أكن أجيد العربية. لكن عندما هجرنا من فلسطين، أصبح أصدقائي من طبقة مختلفة، ولاحظوا فوراً أن لغتي العربية ركيكة وألجأ إلى التعابير الأجنبية في أحاديثي. انصب اهتمامي على اللغة العربية لأعالج مشكلتي هذه. كان ذلك في 1954. أذكر أنني كسرت ساقي ذلك العام، فلزمت الفراش ستة أشهر، وشرعت في المطالعة بالعربية جدياً».
في «المقابلة»، يذكر الراحل شيئاً عن بداية حياته السياسية وهو في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة. يقول: «قابلت الدكتور جورج حبش لأول مرة. كنت أعمل يومها مصححاً في مطبعة. لا أذكر من عرّفني إلى الدكتور، لكني انخرطت على الفور في حركة القوميين العرب. هكذا ابتدأت حياتي السياسية. في 1960، طُلب مني الانتقال إلى لبنان للعمل في صحيفة «الحركة». وفي 1967، بدأت العمل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي فرع فلسطيني لحركة القوميين العرب. وفي 1969، باشرت عملي في صحيفة «الهدف»». في فصل مؤثر، يحكي غسان كنفاني عن تجربته في التدريس. يقول: «عندما باشرت التدريس، واجهت مصاعب جمة مع الأطفال الذين درّستهم في المخيم. كنت أغضب دائماً لدى مشاهدتي طفلاً نائماً أثناء الصف، وببساطة اكتشف السبب. كان هؤلاء الأولاد يعملون في الليل، يبيعون الحلوى أو العلكة أو ما شابه في دور السينما وعلى الطرقات. كانوا يأتون إلى الصف وهم في غاية التعب. تبيّن لي أن نوم الطفل ليس ناجماً عن استخفافه بي أو عن كرهه بالعلم، ولم يكن للأمر علاقة بكرامتي كمعلم، بل مجرد انعكاس لمشكلة سياسية». يصف بسام أبو شريف السنوات التي قضاها برفقة غسان كنفاني بأنها الأجمل في حياته: «تعلمت منه الكثير، وكنت معجباً به، واعتبره نموذجاً للتطور والتنور. إقباله على الحياة بشغف وتفاؤل كان يبث في من حوله شعوراً عميقاً بالأمان. كان مكتبه في مجلة «الهدف» قبلة للأجانب القاصدين الشرق، بحثاً عن الحقيقة والمعرفة، وللثوريين الداعين للحرية وحق تقرير المصير للشعوب من كل أنحاء العالم. أحب غسان كنفاني شجرة الصبار لشوكها وزهرها، تتحدى الجفاف وتصارع من أجل البقاء.
عن مصرع غسان كنفاني صبيحة الثامن من تموز (يوليو) 1972، يكتب أبو شريف «ذلك اليوم دخلت إلى مكتب «الهدف» لأصعق بنبأ اغتيال غسان وتناثر جسده إرباً. انزلقت إلى شق جليدي لا قعر له. تجمدت. أطرافه المتناثرة جمعت ووضعت في نعش. لمحت حذاءه الجلدي الموشح بالورود. سارت جنازة احتشد فيها الألوف من البشر. لم يسيروا بدعوة من أحد. لا يعرفهم التنظيم، ولا يعرفهم أهل الفقيد. كانوا يعرفون من هو الشهيد». يخبرنا بسام أبو شريف الذي عمل مع الدكتور جورج حبش في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ولازم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في ما بعد، وكان أحد مستشاريه، بأن المخابرات الإسرائيلية والأردنية، اغتالت غسان كنفاني. وفي فصل آخر، يقول إن غولدا مئير، رئيسة وزراء إسرائيل في حينه، هي من أمر باغتياله. أما محمود درويش، فقد اكتفى في مقالته المذكورة بالقول إن «الأعداء» اغتالوه، من دون أن يقول لنا من هم هؤلاء «الأعداء». قد يجد قارئ كتاب «غسان كنفاني- القائد والمفكر السياسي» جنوحاً في العاطفة وتكراراً لمقاطع، وسرداً كان يمكن اختصاره بعدد أقل من الفصول. لكن طراوة أسلوب المؤلف تجعلنا نغض النظر عن هذه الهنات. أما الجنوح في العاطفة، والميل إلى الاستعارات الوردية، فلهما ما يبررهما، إذا أدركنا حجم الصلة الحميمة التي كانت بين المؤلف والمناضل المغدور. هذه الصلة طبعت السرد بعنصر غالب، يشفع للمؤلف أي عيب قد يجده قارئ أو ناقد. إنه نوع من الوفاء النادر أظهره المؤلف لصديقه الراحل، ويجعلنا نقول من دون تردد، إن بسام أبو شريف كان كاتباً صادقاً، وكتابه يستحق منا كل ثناء وتقدير.
غسان ديبة - الاخبار
«من الغد سنصنع طريقاً جديداً للشعوب الأوروبية» الكسس تسيبراس
قرار رئيس الوزراء اليوناني بالذهاب الى الاستفتاء يوم الاحد الماضي حول الشروط التي وضعتها الترويكا المتحكمة في الاقتصاد اليوناني، لم يكن قراراً وطنياً فقط يلجأ الى حكم الشعب في مسألة مصيرية، بل عملية سياسية كشفت عن الوجه الديكتاتوري للانظمة الاوروبية في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية منذ الازمة في 2010. واليونان كانت الضحية الاكبر لهذه السياسات؛ فمنذ ذلك الوقت خضعت اليونان للتقشف، أي خفض النفقات الحكومية وخفض الاجور وزيادة الضرائب وتغيير أنظمة الضمان الاجتماعي، وخصوصاً أنظمة التقاعد.
ففي حالة اليونان، كانت أنظمة التقاعد المسألة الاساسية في الخلاف بينها وبين الترويكا. الأخيرة أرادت خفض معاشات التقاعد وزيادة سن التقاعد في سياسة أفقرت المتقاعدين وزادت من بؤسهم. والمفارقة أن صندوق النقد الدولي (أحد أطراف الترويكا) لديه أكثر الانظمة سخاءً لتقاعد موظفيه ذوي الاجور المرتفعة أصلاً، وهو يضع نصب عينيه بشراسة معاشات التقاعد اليونانية، وأصرّ على إلغاء العلاوات للمتقاعدين الذين يحصلون اليوم مثلاً على 500 يورو وسيخسرون 200 يورو، في إطار أكثر السياسات التي تكشف عن الحقد الطبقي لهذه المؤسسة العالمية التي حادت عن الاهداف المنشأة من أجلها في 1944. إن فرض التقشف وخفص الاجور ومعاشات التقاعد و»الاصلاحات» في ظل اليورو، التي لا يمكن للحكومة اليونانية أن تخفض من قيمته (كما كانت تستطيع مع الدراخما)، كانت السياسة المتبعة من أجل خفض التكلفة وزيادة التنافسية للسلع اليونانية ودفع الديون، ولكن هذه السياسة لم تؤدّ إلا الى المزيد من الخراب الاقتصادي، لأنها دفعت البلاد الى المزيد من الركود والبطالة التي تبلغ الآن 26% وتصل الى 60% بين الشباب! وقد حذر جون ماينارد كينز منذ زمن من خطورة هذه السياسات. إضافة الى التقشف، ترزح اليونان تحت دين كبير، وليس هناك في الافق إمكان خفض وطأته المرتفعة لعقود قادمة، خصوصاً إذا استمرت التجربة الفاشلة المفروضة. إذ على اليونانيبن أن يتحملوا كل هذا من أجل لا شيء. وعلى الرغم من ورقة داخلية صدرت عن صندوق النقد الدولي دعت الى إعفاء اليونان من 50 مليار دولار من دينها، إلا ان كريستين لاغارد، مديرة الصندوق، كانت في اليوم الذي نشر فيه هذا التقرير تطالب اليونان بأن تدفع كل مستحقاتها للصندوق البالغة 21.1 مليار دولار، علماً بأن التقرير المذكور يفترض نمواً 1.5% وفائضاً في الميزانية يصل الى 3.5% من الناتج، وما هذا إلا حلم آخر من أحلام النيوليبرالية ودعاة التقشف، إذ إن هكذا شدّ أحزمة في حالة اليونان سيؤدي الى تفاقم الركود الذي بات عميقاً فيها أصلاً؛ فقد خسرت اليونان منذ 2010 حوالى 25% من الناتج، وهي خسارة موازية للخسارة التي حصلت للولايات المتحدة والمانيا، وهما البلدان اللذان شهدا أسوأ الازمات خلال الكساد العظيم في 1929. كذلك فإن التقرير يلقي باللائمة على حكومة سيريزا في تفاقم الازمة، ولا يزال يصرّ على إخضاع اليونان للتقشف.
إن قرار المصرف المركزي الاوروبي عدم زيادة السيولة المتاحة للمصارف اليونانية، اضطر الحكومة اليونانية الى إقفال المصارف، وهذا كان مقصوداً لإخافة الشعب اليوناني وإذلاله أمام قوة المال، وهو بمثابة «إرهاب» كما قال وزير المالية اليوناني. أرادوا لليونانيين أن يقولوا «نعم»، وهي «نعم» كانت ستكون لمزيد من المعاناة والفقر والبطالة والظلم. إن النظام الاوروبي لم يرد أن يسمع رغبة الشعب اليوناني الحقيقية، ليس لأنه يختلف حول بضع نسب مئوية من هنا وهناك، لأن في مقدور الاوروبيين أن يلغوا أكثر من نصف الديون وتحويل الباقي الى سندات طويلة الامد أو أزلية من دون حاجة اليونان الى دفع أصل الدين، فهم لا يريدون ذلك لأنهم يخافون ليس من العدوى المالية بعد أن اتخذوا إجراءات لحماية الانظمة المالية الاوروبية، بل يخافون من العدوى السياسية التي ستهز أوروبا. الكثيرون يسألون اليوم: ماذا سيحصل؟ إن الطابة هي الآن في ملعب الترويكا، وقد تتراجع سياسياً أمام اليونان، ولكن الطريق الامثل أمام اليونان هو بالخروج من منطقة اليورو وتأميم المصارف كما فعلت أيسلندا والعودة الى الدراخما. فكما قال الان بلايندر، نائب حاكم الاحتياطي الفدرالي الاميركي: «لو كان لليونان عملة وطنية في صيف 2010 لكان انخفض سعر الدراخما... ولكان من المرجح أن ينتهي الركود في ذلك الوقت». كل هذا يعني الخروج كلياً من تحت وصاية الترويكا وخطط الانقاذ المالي مهما تنوعت أشكالها وشروطها. هذا سيحدث صدمة للنظام الاوروبي لتستفيق شعوبه من السحر الاسود للفكر الاقتصادي اليميني التقشفي وسياسات المصرف المركزي الاوروبي التي تخنقهم. قد لا تكون اليونان بحجمها الاقتصادي قوية كفاية لكسر هذا النظام، ولكنها ستهزّه على أمل أن تتدحرج كرة الثلج بدءاً من إسبانيا الى دول أخرى، خصوصاً في الجنوب الاوروبي، لتشكل أوروبا جديدة، أوروبا الديمقراطية وعصر التنوير والفكر العالمي والحرب ضد الفاشية. إن اليونان تعطي الشعوب الاوروبية الفرصة للعودة إلى الديمقراطية في تقرير مصيرها؛ فالبلد الذي أعطى العالم الديمقراطية الاثينية يعطي اليوم عالمنا البارد والكئيب نعمة التخلص من ديكتاتورية الرأسمال المالي والمصارف الكبرى والفكر الاقتصادي المتخلف، ليبزغ شمس الجمهوريات ويثبت كما قال السياسي والنائب العمالي البريطاني الراحل توني بن «ان الديمقراطية هي أكثر الافكار راديكالية وثورية»، وصولاً الى ما أراده ماركس أن تربح الطبقة العاملة حول العالم «معركة الديمقراطية».
اليسار الأوروبي احتفل في اليومين الماضيين كما لم يحتفل منذ سنوات، وبدا كأن الحدث اليوناني أعاد إليه الروح. في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال وقف الشيوعيون والاشتراكيون والماركسيون وقالوا «شكراً اليونان»! أولئك الذين تفاءلوا بمستقبل أفضل منذ وصول رموز «سيريزا» الى السلطة في أثينا قبل أشهر، عبّروا أمس عن كسبهم الرهان على يسار تجرّأ على تطبيق ما كانوا ينادون به منذ سنوات في بلدانهم.
عناوين بعض الصحف اليسارية الأوروبية أظهرت بوضوح الحماسة التي غابت عن الأخبار الأوروبية، لا سيما الاقتصادية ــ الاجتماعية منها منذ سنوات، والتعليقات احتفلت من دون تجاهل خطورة ما أقدمت عليه أثينا وضرورة استكماله بخطى واثقة وقرارات سليمة. «شكراً اليونان»، «احترموا خيار اليونانيين»، «الديموقراطية الحقّة تتجلّى جنوباً»، «انتصار الديموقراطية في اليونان»، «أوروبا التوتاليتارية تتلقّى صفعة»... تلك عيّنة من عناوين بعض الافتتاحيات في بعض الصحف الفرنسية والإسبانية والإيطالية والبرتغالية ذات الميول اليسارية. OXI أي «لا» باليونانية تحوّلت OXygene، أي «أوكسيجين» بلعبة لغوية في بعض التحليلات، إذ رأى البعض أن رفض اليونان لسياسات الاتحاد الأوروبي المالية هو بمثابة «نافذة أمل أمام الشعوب الأوروبية» التي تعاني من تلك السياسات غير العادلة. مقال صحيفة «ليبيراسيون» من أثينا تحدّث عن الـ»لا المزعجة» بلعبه على كلمة OXI التي تحوّلت الى OXI gêne، وبيّن كيف «حاول معارضو رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس بثّ الذعر في نفوس اليونانيين وتهديدهم بأن التصويت السلبي سيقودهم الى الأسوأ». الحملة التي قادها معارضو توجّه تسيبراس في اليونان كما في باقي البلدان الأوروبية تكرّرت في حملتهم الإعلامية قبل صدور نتائج التصويت بأن «النعم ستنتصر وأن الحكومة اليونانية ستستقيل ليحلّ محلّها التكنوقراط». «لم تمطر السماء ضفادع ولم تمتلئ مياه المتوسط بالدماء» علّق أحد صحافيي جريدة «لومانيتيه» الشيوعية الفرنسية، مذكّراً بالحملة التهويلية التي انتهجها معارضو مقترحات حكومة تسيبراس منذ بداية المفاوضات. «لا اليونانية تحرّر الأفق» هكذا وصفها غريغوري مارين في «لومانيتيه»، هو أفق «صراع الطبقات» الذي يستعيد معركته الأصلية بين «العاطلين من العمل الذين شهدوا تراجعاً سريعاً في مستوى حياتهم»، و»مَن كان مستفيداً من سياسات التقشّف أو من لم يتأثروا بها». في فرنسا أيضاً، وعلى الأرض، تجمّع مئات اليساريين في ساحة «الجمهورية» في باريس عقب صدور النتائج اليونانية للاحتفال بـالـ»لا التي تفتح صفحة جديدة لكلّ أوروبا». إسبانيا التي قال البعض منذ بداية الأزمة اليونانية إنها «التالية» في الخروج من الاتحاد الأوروبي للأسباب المالية ذاتها، عبّرت أيضاً بأحزابها اليسارية عن احتفالها بـ»الديموقراطية الحقيقية». في صحيفة «بوبليكو» كتب المعلّقون مقالات «شكر لليونان ولشعبها الواعي»، مشيرين الى أن «التصويت اليوناني قد يغيّر أوروبا بأكملها». في إيطاليا ركّزت بعض الصحف اليسارية على مواجهة حملة الترهيب التي يقودها البعض للتحذير من انتقال «العدوى اليونانية» إلى إيطاليا، وتناولت بعض المقالات تحليل ثلاثية «الشعوب والقواعد المفروضة عليهم ومستقبل الاتحاد الأوروبي»، مشيرين الى أنه «عاجلاً أو آجلاً سيضطر الإيطاليون الى مواجهة ما فرض عليهم من قبل البلدان الشقيقة الأخرى». (الأخبار)
عمر ديب - الاخبار
يحتدم النقاش والبحث في أزمة الديون اليونانية وطبيعة الحلول المطروحة لها من قبل الاتحاد الأوروبي ومن قبل الحكومة اليونانية الحالية، وكذلك من قبل المعترضين عليهما معاً، خاصة مع اتجاه اليونانيين للاستفتاء على حزمة الإصلاحات الأوروبية. في هذا الإطار لا بد لنا خلال بحث هذه الأزمة أن نعود إلى مسألة دور ووظيفة الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو في خريطة السياسة والاقتصاد العالمي، وكذلك بحث مسألة الحلول السيادية وإمكانية السير بها من داخل المؤسسات الأوروبية أو من خارجها.
اكتمل تأسيس الاتحاد الأوروبي بشكله الحالي عام 1993، علماً بأن جذوره التاريخية تعود إلى عام 1951 حيث تشكلت نواته الأساسية من 6 دول هي: فرنسا، ألمانيا الغربية، هولندا، بلجيكا، لوكسمبورغ وإيطاليا التي شكلت آنذاك «المنظمة الأوروبية للحديد والفحم» كأول جسم اقتصادي أوروبي للتعاون وفتح الأسواق، ثم تلته «المجموعة الاقتصادية الاوروبية» عام 1957، واحتاج الأمر إلى الكثير من الاتفاقيات والوقت للوصول إلى الشكل النهائي عام 1993. وإذا ما نظرنا ملياً إلى هذه الدول – النواة التي أسّست الاتحاد الموسع لاحقاً، نرى أنها تتشكل فعلياً من تحالف الدول الثلاثة الأقوى في أوروبا (ألمانيا – إيطاليا – فرنسا) و3 دول تدور في فلكها، وكانت الوجهة الأولى في عملية التوسع هي باتجاه دول أوروبا الغربية الأخرى، لإحكام السيطرة الاقتصادية على هذا الجزء من أوروبا، فتوسعت باتجاه الدانمارك وإسبانيا والبرتغال واليونان وقبرص، بينما وقفت بريطانيا وحلفاؤها ضد هذا المشروع في البداية بسبب ارتباطها الأوثق بالفلك الأميركي، ثم ما لبثت أن انضمت إلى المجموعة الأوروبية في منتصف السبعينيات.
ما يراهن عليه تسيبراس الآن هو حفظ رأسه مع الأوروبيين ويضم الاتحاد الأوروبي اليوم بعد توسعه شرقاً 27 دولة عضوة. أما منطقة اليورو، التي أدخلت العملة الأوروبية المشتركة مكان العملات الوطنية، فتأسست عام 1999 وتوسعت حتى باتت تضم اليوم 19 دولة تعتمد اليورو عملةً لها. وينبغي التمييز أن الاتحاد الاوروبي ومنطقة اليورو هما شيئان مختلفان، إذ إن عدة دول أعضاء في الاتحاد ليست ضمن منطقة اليورو، منها هنغاريا وتشيكيا وبريطانيا، وغيرها. وإذا نظرنا ملياً إلى تاريخ التأسيس الفعلي في اتفاقية «ماستريخت» والتوسع الكبير الذي جرى في بنية الاتحاد الأوروبي، نرى أنه حدث في عام 1993 وما بعد، أي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتساقط دول أوروبا الشرقية التي كانت تدور في فلكه. وبالتالي كانت وظيفة هذا التوسع هي الدخول إلى أسواق هذه الدول والسيطرة الاقتصادية عليها لإحكام القبضة على القارة الأوروبية وعزل روسيا. وكانت المستفيدة الأكبر في كل هذه المرحلة هي ألمانيا، لكونها الدولة الرأسمالية الأقوى في أوروبا والتي سيطرت شركاتها ومصانعها ومصارفها على الحصة الأكبر في السوق مع دور أقل لفرنسا وإيطاليا وبريطانيا ودور هامشي لكل من إسبانيا وهولندا، فيما ظلت الدول الأخرى مهمشة في هذا الاتحاد. فقد أصبحت المؤسسات الكبرى في هذه الدول، وتحديداً الألمانية والفرنسية والإيطالية ذات امتداد متشعب في كافة دول الاتحاد، وذلك على حساب المؤسسات الوطنية فيه، ومنها على سبيل المثال المصارف وشركات الاتصالات الخلوية وشركات البناء والنقل والفنادق. وتفرض العضوية في الاتحاد الأوروبي فتح الحدود أمام انتقال السلع والأفراد ورؤوس الأموال دون أي عوائق بين الدول الأعضاء، وهو ما أدى عملياً إلى غزو منتجات الدول المتقدمة أسواق الدول الأفقر وتدمير صناعتها وزراعاتها، وهذا ما ظهر جلياً في دول زراعية مثل البرتغال التي تشهد تحركات اعتراضية واسعة نتيجة غزو المنتجات الزراعية الفرنسية والإسبانية أسواقها وتقهقر الإنتاج المحلي تحت ضغط المنافسة. وكانت الاستفادة المباشرة الوحيدة لهذه الدول هي فتح باب التنقل والهجرة أمام مواطنيها إلى الدول الأغنى، فهاجر فقراؤها وطبقتها الوسطى وتحولوا إلى عمال وأجراء وأحياناً متسولين في الدول الأغنى، كذلك استفاد الطلاب من انفتاح الجامعات الأوروبية أمامهم. أما منطقة اليورو، فهي أكثر تطلباً وأكثر سطوةً على الدول الأعضاء فيها، إذ إضافةً إلى كل الشروط السابقة، فهي تفرض عملة موحدة وسياسة نقدية موحدة وإشرافاً مركزياً على سياستها المالية من قبل المصرف المركزي الأوروبي الموجود في ألمانيا وترأسه فرنسا، فلا تملك الدول الأعضاء القدرة على اتخاذ قرارت مالية مهمة، حتى لو كانت ذات طابع سيادي ومصيري مثلما يحصل في اليونان الآن تحت طائلة الطرد من منطقة اليورو. إذ إن أموراً مثل أسعار الفوائد أو طباعة العملة أو خفض قيمتها أو دعم المنتجين المحليين أو اعتماد سياسات ضريبية مختلفة وتحديداً الضرائب على رؤوس الأموال، وهي الوسائل التي قد تلجأ إليها الدول لاجتراح بعض الحلول المالية، كلها أمور ممنوعة على الدول الأعضاء لأنها أمور مقررة سلفاً في المصرف المركزي الأوروبي وفي دوائر القرار السياسي في بروكسل. بالتالي، إن مؤسسة الاتحاد الأوروبي ومؤسسة منطقة اليورو والمصرف المركزي الأوروبي هي من ضمن المؤسسات الرأسمالية الدولية والإقليمية للسيطرة والتوسع تحت غطاء الشعارات البراقة كالتكامل والتعاون، وهي تنطلق في برنامجها ووصفاتها من المنطق الليبرالي السائد عند الطبقات الحاكمة في الدول الأوروبية الكبرى. وهي بذلك لا تختلف كثيراً عن الدور الذي تقوم به هيئات اقتصادية ومالية أخرى مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وفي ما يخص الموضوع اليوناني تحديداً وحكومة «سيريزا» والمسائل المطروحة أمامها، فلا بد من فهم متطلبات العضوية في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو التي تنتمي إليهما اليونان حتى نفهم مدى عمق الأزمة وضيق الخيارات المتاحة أمام اليونانيين. وكنا قد أشرنا في مقالة سابقة هنا في «الأخبار» إلى التحديات المطروحة على سيريزا، والنقد الموجه إليها من قوى اليسار الأخرى مثل الحزب الشيوعي اليوناني لناحية تبنيها خطاباً يسارياً ديمقراطياً يحاول القول، منطلقاً من الوهم السائد عند الأحزاب الاشتراكية الأوروبية، إنّ بناء «أوروبا أخرى عادلة» من ضمن آليات الاتحاد الأوروبي هو الخيار المطروح الآن. كذلك قامت هذه الحكومة بالعديد من الخطوات التي لا يمكن المرور عنها بالنسبة إلى حزب يصنف نفسه في خانة اليسار ويصنفه خصومه في خانة التطرف. وأهم هذه الخطوات زيارة رئيس الحكومة تسيبراس للولايات المتحدة وطلب المساعدة من الرئيس الأميركي، معتبراً أن الديمقراطيين بقيادة أوباما أصدقاء لسيريزا واليونان، وثانيتها زيارة وزير الدفاع في الحكومة الجديدة لقواعد «الناتو» في اليونان وتأكيده انتماء اليونان إلى الحلف الذي يشكل الأداة الأساسية للحروب العدوانية كخيار أساسي لبلاده. هذه المؤشرات ترافقت مع قفزات إلى الجانب الآخر من الاصطفاف، إذ زار تسيبراس روسيا والرئيس بوتين، والتقى مسؤولين صينيين طالباً المساعدة في الأزمة. وهذا ما يشير إلى مقدار عالٍ من الانتهازية السياسية عند سيريزا، وهذه السمة من سمات الاشتراكيين الديمقراطيين في أوروبا في العقود الأخيرة. يريد تسيبراس أن يفعل كل شيء إلا وضع الإصبع على الجرح ووضع الأمور في نصابها الصحيح. يريد البقاء في اليورو ولا يريد تنفيذ الإملاءات الاوروبية، يريد الشيء ونقيضه، وهذا لا يعدو كونه مراوغة سياسية مفرطة، إذ يعلم العارفون أن البقاء في اليورو غير ممكن دون تنفيذ السياسات. يريد تسيبراس ان يراوغ، فهرب إلى استفتاء الناس حول قبولهم بالزيادات الضريبية كي يحسن شروط بقائه في اليورو ويتجنب قدراً قليلاً من الإملاءات الألمانية وكي يخرج بمظهر الزعيم الشعبوي الذي سأل الناس رأيهم في الضرائب. لكن في النهاية، لو أراد سيريزا البقاء في اليورو فستنفذ اليونان الشروط الاوروبية بطريقة أو بأخرى رغم كل المناورات. كذلك، لا ينبغي إغفال ان كل المفاوضات الدائرة اليوم ليست حول تخفيف الديون أو إلغائها، ولا حتى حول خفض فوائد القروض، بل تقتصر على إعادة جدولة الديون على فترات زمنية أطول عبر إعطاء اليونان قروضاً فورية لدفع القروض المستحقة ومن ثم استيفاء هذه الأموال بعد بضع سنوات، أي أنها تقترض لإيفاء قروض بفوائد عادية. هذه هي كل المسألة. ليست خلافاً على دور أوروبا وسياستها وليست خلافاً إيديولوجياً كما يحاول الألمان التهويل. تسيبراس يريد قروضاً دون أن يفرض الكثير من الضرائب على اليونانيين كي لا يخسر شعبيته، وأوروبا تشترط رفع الضرائب قبل إعطاء القروض لضمان استيفاء أموالها. وتشير كل المعطيات الأخيرة إلى أن سيريزا على استعداد للسير بمعظم الشروط المطلوبة مع رفض القليل منها حفظاً لماء الوجه. بالمناسبة، كل القروض التي ستأخذها اليونان في الحالتين، لن يصل منها شيء إلى الشعب اليوناني، بل ستستعمل لدفع قروض سابقة لصندوق النقد الدولي والمصرف الأوروبي والمصارف الألمانية والفرنسية، أي إن هذه الأموال ذاهبة مباشرة إلى المقرضين أنفسهم، وبالتالي لا تعدو كونها إعادة جدولة للديون الموجودة. كذلك، حتى إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود، ومضى سيريزا بتنفيذ ما وعد به لناحية عدم التزام الشروط المفروضة، فاليونان ستخرج من اليورو وليس من الاتحاد الأوروبي وهذا ما لم يطرحه سيريزا. أمام هذا الواقع الأسود، وأمام هذه السطوة الرأسمالية للمؤسسات الدولية والأوروبية، لو أرادت «سيريزا» أن تتصدى للعنجهية الألمانية فعلياً كما تقول، فالطرق واضحة ومختصرة: لا سيادة ولا قرار اقتصادياً مستقلاً داخل اليورو والاتحاد الأوروبي. مجرد البقاء داخله يعني الانصياع لسياسته. الطريق الأصوب والأسلم هو الخروج من هذه المؤسسة والعودة إلى القرار السيادي للدول الأعضاء. هناك، بعد استعادة العملة الوطنية، يمكن اتخاذ القرارات الاقتصادية التي تريدها الدول، عندها يمكن الحكومة فرض الضرائب كما تشاء والتعامل مع المصارف كما تشاء. يمكنها الدخول في تحالفات مع الروس أو الصينيين أو الأميركيين إن وجدت ذلك مناسباً أو مع غيرهم لو أرادت، لكن هذه الفسحة من الاستقلالية في السياسة المالية والاقتصادية معدومة كلياً داخل الاتحاد الأوروبي. المراوغات الأخرى التي تقوم بها سيريزا هي عواصف رملية سيجري خلفها إمرار ما يريده الأوروبيون، مع إظهار أن الشعب اليوناني حقق بعض ما يريد. ما يراهن عليه تسيبراس الآن هو حفظ رأسه مع الأوروبيين وإبقاء اليونان في اليورو من جهة وأمام شعبه الغاضب من جهة أخرى، وهذه المراهنة ليست سهلة على الإطلاق. كذلك كان من الغريب أن تحافظ اليونان على ميزانية عسكرية بقيمة 4 مليارات دولار في موازنتها السنوية الأخيرة دون أي خفض. وهذه الميزانية تساوي 2% من الناتج المحلي، أي إنها أكبر من مثيلاتها في ألمانيا وفرنسا. لم تشأ سيريزا إغضاب المؤسسة العسكرية، فحافظت على ميزانية هائلة كان يمكن توفير نصفها على الأقل مع حكومة أكثر جدية وجذرية. لطالما قيل إن الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية هي «عجلة احتياطية للرأسمالية»، إذ عندما يفشل اليمين في تحقيق السياسات الاقتصادية في الأوضاع الصعبة أمام شعبه، من الجيد أن يكون لديك بديل يساري ديمقراطي يحقق السياسات نفسها (ولو مع قليل من التجميل) ضمن الخطة ب البديلة لإنقاذ المؤسسة الرأسمالية من أزمتها. * ناشط يساري ــ لبنان
دعماً لنضال المعتقل في السجون الفرنسية جورج ابراهيم عبدالله نظم اتحادُ الشباب الديمقراطي اللبناني مهرجانا سياسياً فنيا في المركز الثقافي الروسي شارك فيه الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني د.خالد حداده ووفدٌ من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنظماتٌ شبابية ونقابية وشبيبة النيروز الكردية وحشودٌ شعبية وبمشاركة عائلة الأسير عبدالله.
بعد النشيد الوطني القى ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عضو اللجنة المركزية العامة هيثم عبدو كلمة اكد فيها ان قضية عبدالله اكبرُ من ان تكونَ قضية شخصٍ بل هي قضيةُ تحريرٍ شرعية ونضال تقدمي ضد مشروعٍ استعماري امبريالي يستهدف امتنا منذ مطلع القرن الماضي مشددا على ان عبدالله هو رمزٌ لتمسكنا بحقنا بالمقاومة .
الاسير المحرر انور ياسين اكد انه من العارِ على فرنسا البقاء رهينةَ الحلف الاميركي الصهيوني والتلاعب بمصير حقوقِ الانسان عبرَ الابقاءِ على احتجازِ المناضل عبدالله .
واكد ياسين ان المناضل عبدالله يخيفُ عدونا وعدوه لذلك يبقيه في السجن ، ودعا ياسين للاسفاقة من السُبات العميق ، منتقداً حالةَ الضعف والتشرذم التي اورثتنا اياها قياداتٌ تخلت عن مسؤولياتِها و دورِها .
روبير عبدالله شقيقُ المناضل جورج نقل تحياتِهِ الى المتضامنين ، مؤكداً على ثباتِ موقفهِ الرافض لكافةِ الضغوط التي تُمارَسُ عليه ، مطالباً القوى اليسارية اللبنانية والعربية والاوربية بتوحيدِ صفوفها في مواجهةِ الاخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية ، وطالبَ الدولةَ بالتحركِ والضغطِ على السلطاتِ الفرنسية للافراجِ عن شقيقه.
من جهته رئيسُ اتحادِ الشباب الديمقراطي حسان زيتوني شددَ على التمسكِ بنهجِ جورج ابراهيم عبدالله النضالي في سبيلِ القضيةِ الفلسطينية، وأكد علی استمرارية تحركات الاتحاد حتی اطلاق سراح الرفيق جورج .
وفي الختام كانت قصائدُ شعرية للشاعران عبدالله الجعيد وسليم علاء الدين