Ihsan Masri

Ihsan Masri

قريبا تُعلن السلطة الساعة الصفر لفتح المطامر بمواكبة امنية والشروع في تنفيذ المرحلة المؤقتة من خطة الوزير اكرم شهيب، أمّا مجموعات الحراك، فقد أعلنت أنّها مستمرة في المواجهة داعيةً إلى تظاهرة حاشدة نهار الخميس المقبل في 8 تشرين الأول عند الساعة السادسة مساءً في ساحة الشهداء بالتزامن مع انعقاد طاولة الحوار، فيما أكّدت حملة اقفال مطمر الناعمة انها «لن تقبل فتح المطمر ثانية واحدة»

 

إيفا الشوفي - الاخبار

 

 

خلاصة الاجتماعات الثنائية لوزير الزراعة أكرم شهيب ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، التي ناقشاها أمس مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام عقب عودته من نيويورك، إنتهت الى إنشاء غرفة عمليات للإشراف على تنفيذ خطة شهيب برئاسة سلام، وقد عقد المشاركون في هذه الغرفة أول اجتماعاتهم التقنية أمس.

 

تؤكد مصادر مقربة من شهيب أنّ مطمر الناعمة سيُفتح لسبعة ايام في ظل مواكبة أمنية مع رهان السلطة على حركة اعتراض خفيفة، أمّا مطمر سرار، فسينتهي تجهيزه قريباً جداً على أن يُفتح خلال ثلاثة أيام كحد أقصى، فيما يحتاج المطمر المقرر انشاؤه في منطقة المصنع إلى نحو أسبوع ليصبح جاهزاً على نحو تام. وعليه ستبدأ الحكومة عبر مجموعة من المهندسين والخبراء مشاوراتها في البقاع اليوم مع الأهالي من أجل تقديم شرح عن موقع المطمر وإقناعهم به. في المقابل أعلنت حملة إقفال مطمر الناعمة أمس أنها «لن تقبل فتح المطمر ثانية واحدة ولو على جثثنا»، وأنّ «السماء السابعة أقرب من الأيام السبعة لفتح المطمر»، معتذرة من اللبنانيين «فلسنا من يتحمل مسؤولية النفايات وحملوها لبلدياتكم ونوابكم»، ومؤكدة أن «كفانا صفقات على حساب صحة المواطن». هكذا إذاً يُتوقع أن نشهد الايام المقبلة مواجهة بين الحملة والدولة التي اتخذت قرارها بفتح المطمر ولو باستخدام العنف.

أمّا مجموعات الحراك، فقد خاضت نقاشات كثيرة خلال الأيام الماضية على خلفية اجتماع الحركة البيئية مع شهيب ولجنته وما نتج منه، وخاصة بعدما حصل لغط عن مهمة وفد الحركة البيئية الذي يؤكّد الحراك انه جرى تفويضه مناقشة الجانب التقني فقط، وهو ما عاد وأكّده أمس لـ «الأخبار» الناشط في حملة «طلعت ريحتكم» وديع الأسمر قائلا إن «الحركة جرى تفويضها بعرض الخطة والاستماع الى الملاحظات عليها وإعطاء ملاحظاتها على خطة شهيب، ونقل هذه المناقشات الى الحراك لاتخاذ القرار». خلاصة هذه النقاشات عبّرت عنها مجموعات الحراك أمس في مؤتمر صحافي، أكّدت فيه ان الحراك «ليس من يقف عقبة بوجه إزالة النفايات»، وأن الفشل الذريع للدولة هو ما أوصلنا إلى هذا الوضع وبالتالي لا ثقة بوعود شهيب، إنما العمل الجدي يتطلّب إقرار مراسيم واضحة. وعليه أعلنت مجموعة مطالب هي: تحويل اموال البلديات المستحقة فورا ومن دون اي اقتطاع، ووقف جميع عقود سوكلين واستخدام القدرات التقنية والبشرية للشركة لضمانة استمرارية المرفق العام حتى ايجاد البديل من خلال اعلان فوري لمناقصات شفافة. كذلك الشروع فورا بتنفيذ الخطة المستدامة وعدم انتظار انتهاء فترة الخطة المرحلية، اعتماد سياسات الفرز من المصدر، التخفيف والاسترداد من اليوم الاول وان كان التطبيق تدريجيا وتشغيل معامل الفرز فورا، وضع جدول زمني مفصل وشفاف لاليات التنفيذ والمراقبة وارفاقه بالمرسوم كي يصبح ملزما للحكومة ككل. إضافة الى محاسبة جميع المتورطين بالفساد خلال العشرين سنة الماضية، اذ لا يعقل الاعتراف بعشرين سنة فساد من دون أي مبادرة، تحديد اطار ومعايير واضحة لادارة ملف النفايات من قبل البلديات، التخلي عن سياسات الطمر واعتماد خطة متكاملة تلحظ بوضوح ان الطمر هو اخر الحلول، كف يد مجلس الانماء والاعمار عن تنفيذ ومراقبة الخطة، واعادة هذا الدور الى مكانه الطبيعي في وزارة البيئة، بعد اقالة الوزير. والتعهد باحالة جميع من استخدم العنف ضد المتظاهرين العزل الى القضاء وتوقيف المسؤولين عن العمل حتى استكمال التحقيقات. نقاط بارزة أعلنتها مجموعات الحراك في إطار إيضاح موقفها من المشاورات التي جرت بين الحركة البيئية وشهيب اذ أكّدت على موقفها «المبدئي الداعم لاي حل يضمن احترام البيئة وصحة الاهالي والصالح العام»، وأعلنت «وقوفها وراء لجنة اقفال مطمر الناعمة واهالي المناطق المعنية مباشرة بقضايا المطامر». كذلك أعلنت أنّ من ضمن مطالبها «الشروع فوراً في تنفيذ الخطة المستدامة وعدم انتظار انتهاء فترة الخطة المرحلية». هذا يعني ان المجموعات وافقت ضمنياً على خطة شهيب بشرط إقرار مراسيم واضحة في مجلس الوزراء. يقول وديع الأسمر «ليس لدينا ملاحظات جوهرية على المرحلة المستدامة في خطة شهيب إنما ملاحظتنا الاساسية هي أنّ شهيب وضع خطة على مرحلتين ومرر في مجلس الوزراء المرحلة المؤقتة فقط من دون اي ذكر للمرحلة المستدامة»، لكن ماذا عن موقف الحراك من فتح المطامر؟ يقول الأسمر إنّ «الحراك ضد سياسة المطامر إنما الموافقة على فتح المطمر لسبعة ايام تعود إلى أهالي الناعمة وكذلك الأمر بالنسبة إلى مطمر سرار لكننا لن نسمح للحكومة بأن تبتز الأهالي». وهو ما يؤكده الناشط في مجموعة «بدنا نحاسب» أيمن مروة الذي أضاف أنه «إذا وافق الأهالي على المطامر تصبح مهمة الحراك دعم الأهالي عبر اشتراط وجود مراسيم واضحة تحدد سقفا زمنيا صارما وآليات واضحة مع مراقبة شديدة من قبل الحراك للتنفيذ». من جهته، يشرح رئيس التيار النقابي المستقل حنا غريب موقف مجموعات الحراك من النقاش الذي جرى خلال الأيام الماضية، إذ إن خطة الحراك البديلة تقوم على ثلاثة أسس: أولاً تشغيل معامل الفرز بكامل طاقتها ما يعني رفض سياسة المطامر واقتصار الطمر على العوادم وهو أمر يمكن أن يبدأ فوراً. ثانياً، تحويل أموال البلديات المستحقة، وأخيراً الفرز من المصدر. يقول غريب إنّ «المسألة ليست في فتح المطمر لسبعة ايام أو عدم فتحه إنما هذه النقاط الثلاث تمثل اساس الخطة من أجل الوصول الى الهدف الأساسي وهو مكافحة الفساد في هذا الملف. إذا وافقت الحكومة على هذه النقاط يكون الحراك قد حقق انجازاً عبر ضرب حلقة الفساد التي تحصل في سوكلين عبر ايقاف عقودها وبالتالي كسر منظومة الفساد القائمة على سوكلين ومجلس الانماء والاعمار وحيتان المال». هكذا، اعلنت المجموعات ان الرد على السلطة سيكون نهار الخميس المقبل في 8 تشرين الأول عند الساعة السادسة مساءً في ساحة الشهداء بالتزامن مع انعقاد طاولة الحوار عبر تظاهرة مركزية حاشدة على أن تشهد الأيام المقبلة تحركات مفاجئة للمجموعات.

استجوب المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان الزميل محمد زبيب، أمس، بناءً على الدعوى المرفوعة ضده من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق بتهم القدح والذم والتحقير. قدّم زبيب خلال الاستجواب «ما يكفي من المستندات والمعطيات عن علاقة المشنوق بملف بنك المدينة»، ليُثبت أن هذه الدعوى لا أساس لها وتشكّل انتهاكاً فاضحاً لحرية الصحافة والحق في الوصول الى المعلومات ونشرها. في نهاية الاستجواب ترك القاضي قبلان الزميل زبيب بسند إقامة، بانتظار أن يحدد الإجراءات التي سيتخذها

 

إيفا الشوفي - الاخبار

 

مثل رئيس قسم المجتمع والاقتصاد في «الأخبار» الزميل محمد زبيب، أمس، أمام المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، وتم استجوابه في الدعوى المقامة ضده من قبل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بتهمة القدح والذم والتحقير، على خلفية نشر صورة شيك على «فايسبوك» صادر من بنك المدينة عام 2002 لمصلحة المشنوق.استغرق الاستجواب نحو ساعتين ونصف الساعة، وحضره وكيل الزميل زبيب المحامي نزار صاغية، وفي نهايته قرر القاضي قبلان ترك زبيب بسند إقامة، بانتظار تحديد الإجراءات التي ستُتخذ.

ودفاعاً عن حرية الصحافة وتضامناً مع الزميل زبيب، نفّذ إعلاميون وناشطون وقفة احتجاجية على مدخل قصر العدل، معتبرين أن ما يحصل في هذه القضية هو جزء من ردّ السلطة على الحراك الشعبي، ومحاولة يائسة منها لكمّ الافواه وتهديد كل من يسعى الى كشف ملفات الفساد وفضح المتورطين فيها.وكان الزميل زبيب قد مثل في 21 أيلول الفائت أمام النيابة العامة التمييزية، لكن الاستجواب أُجّل الى الاول من الشهر الجاري، لكون الاستدعاء تم على أساس وجود كتاب معلومات من مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، إلا أن الوزير المشنوق تقدّم بدعوى شخصية في اليوم نفسه (21 أيلول)، ما استدعى من المحامي صاغية (حينها) طلب الاطلاع على مضمون الشكوى والاستمهال للرد عليه بحسب ما تقتضيه الأصول.

ما يكفي من معطيات

أمس، أجاب الزميل زبيب على جميع أسئلة المحامي العام التمييزي، وقدّم أدلة ومعطيات تساعد في إثبات أن ما قام به يندرج في اطار ممارسة واجباته كصحافي، وتساعد ايضاً في دحض اي ادعاءات مقابلة تتوسل تهم القدح والذم والتحقير للنيل من حرية الصحافة وحق الناس في الوصول الى المعلومات والاطلاع عليها.بعد انتهاء الاستجواب، خرج الزميل زبيب من قصر العدل معلناً أنه أبرز «ما يكفي من معطيات وأدلّة تجعل القضية القائمة ضدي من دون اساس. المعطيات باتت في عهدة النيابة العامة التمييزية، وعلى القضاء ان يتحرك في الاتجاه الصحيح». أمّا المحامي صاغية فأوضح: «اليوم حضرنا امام المحامي العام التمييزي. الدعوى تتعلق بنشر صورة شيك له علاقة ببنك المدينة لمصلحة الوزير المشنوق. وقد تحرك وزير الداخلية بعد نشر الشيك ورفع دعوى على الصحافي زبيب بتهمة الذم والقدح والتحقير. أما نحن فقد اعتبرنا ان الدعوى هي انتهاك لحرية الصحافة». وأضاف «أبرزنا امام المحامي العام كل الادلة التي تثبت أن الصحافي محمد زبيب قام بعمله الاستقصائي كما يجب، وتؤكد عدم خروج موكلي عن القانون، وأن موقفه صحيح. وقد ترك بسند إقامة، ونأمل ان يحفظ الملف لأنه لا مجال لإدانة زبيب بجرم القدح والذم والتحقير».المشاركون في الوقفة الاحتجاجية أعربوا عن إصرارهم على إعادة القضية الى جوهرها المتمثل في صون حرية الصحافة، وتحديداً حق الصحافي في كشف المعلومات التي تندرج في اطار المصلحة العامة. ورأوا أن دور القضاء اليوم يقضي بإعادة فتح ملف بنك المدينة عوض التحقيق مع كاشفي الفساد، وأكّدوا تمسّكهم بفضح ملفات الفساد وعدم الخضوع لسياسة كمّ الأفواه التي تنتهجها السلطة ضد الصحافيين والمتظاهرين، كما أكّدوا رفضهم لثقافة التدخّل في القضاء والسعي لاستخدامه في حماية أصحاب النفوذ.

دور سلبي أم زلة لسان؟

حضور نقيب المحررين الياس عون أمس أثار ملابسات كثيرة بسبب تصريحات أدلى بها. فهو اتصل بـ»الأخبار» مبدياً رغبته في المشاركة في الوقفة التضامنية، إلا أنه دخل الى قصر العدل وذهب مباشرة الى مكاتب النيابة العامّة التمييزية، وهناك التقى مع الزميل زبيب عندما كان متجهاً الى مكتب القاضي قبلان، وأبلغه تضامن النقابة معه، عارضاً المساعدة، ودعاه إلى زيارة المدعي العام التمييزي سمير حمود برفقته. أصرّ الزميل زبيب على التزام موعد الاستجواب عند القاضي قبلان، وأبلغ عون أن لا داعي لزيارة حمود. وهذا ما حصل، إذ دخل عون الى مكتب حمود، فيما دخل زبيب الى مكتب قبلان.بعد خروجه من قصر العدل، وزّع نقيب المحررين بياناً مكتوباً باسمه على وسائل الاعلام، جاء فيه: «انطلاقاً من واجبي كنقيب للمحررين، حضرت ومحامي النقابة الاستاذ انطون الحويس وكريستيل شويري الى جانب الزميل محمد زبيب الذي مثل أمام مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود والمحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان (الذي يتولى التحقيق)، حيث أكدنا احترامنا للقضاء اللبناني وحرصنا على تعزيز دوره وحضوره، مبدين في الوقت نفسه تضامننا مع الزميل زبيب وتعاطفنا معه». وأضاف: «إن ما حصل يدخل في إطار عمله كإعلامي يلاحق القضايا الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، وإنه لم يتقصد الإساءة الى أحد بقدر ما كان يعتبر أنه يقوم بعمل إعلامي صرف دون نية الاساءة الى الوزير نهاد المشنوق أو خرق السرية المصرفية». وتابع: «وبالمناسبة، أطالب الوزير المشنوق، وهو صحافي مارس المهنة لسنوات طويلة وكانت له بمثابة بوابة العبور الى الشأن العام والمواقع التي شغل في الحياة السياسية، بسحب الدعوى التي أقامها في حق الزميل محمد زبيب. وفي أي حال، فقد كلفت النقابة محاميها الاستاذ الحويس متابعة هذا الموضوع أمام المراجع القضائية المختصة».

لم يكتف عون بهذا البيان الخطي، بل طلب الإدلاء بتصريح شفهي، فأعلن أنه سيجري وساطة مع الوزير المشنوق من أجل سحب الدعوى ضد الصحافي محمد زبيب، آملاً «انتهاء الدعوى حبياً»، وقال: «سأتكلم مع الوزير المشنوق من أجل سحب الدعوى، وننقل اليه أن خطأً ورد في الخبر المنشور، في ضوء نتائج التحقيقات، وأن لا نية للإساءة، وما نشر هو عملية بحت إعلامية. وعندما تتضح الامور يجري العمل على التسوية والمصالحة». ورداً على سؤال، قال عون إن «الدعوى لم تسحب بعد. سنرى معالي الوزير إذا كان يريد سحبها، وسنعمل ما في وسعنا لتسهيل الامور من أجل التسوية والمصالحة». وعن سبب زيارته للقاضي حمود قال إنه «استشار حمود في القضية، خصوصاً أن مسألة الصحافة تعنيه، وطلبنا منه تخفيف الاحتقان عبر علاقاته مع القضاة». وأعلن عون أنّ زبيب وافق على المصالحة مع المشنوق.

نفي صاغية وزبيب

أكد المحامي صاغية والزميل محمد زبيب أنهما لم يجتمعا مع عون عند القاضي حمود، وأنهما لم يفوّضاه بأي دور، وبالتالي لم يجر الكلام عن أي مصالحة كي يوافقا عليها. كذلك أكدا أن الحديث مع عون كان عابراً و»تضامنياً» ولم يتطرق الى أي أمر يتصل بمصالحة أو سواها. «كل ما في الامر أنه عرض علينا الاجتماع كلنا عند القاضي حمود ورفضنا ذلك». وقال زبيب إنه «لا شيء شخصياً بينه وبين المشنوق، فما قمت به هو جزء من واجباتي الصحافية، وبالتالي من ادّعى أمام النيابة العامة التمييزية هو وزير الداخلية في انتهاك واضح للحريات الصحافية المصونة في الدستور... لا أفهم ماذا تعني المصالحة في هذه الحالة».وأبلغ الزميل زبيب نقابة المحررين استنكاره الشديد لما أدلى به النقيب عون، وطلب توضيح أنه لم يطلب من نقابة المحررين أي دور أو وساطة، ولم يطلب المصالحة ولم يفوّض أحداً بإجراء أي مصالحة. وطلب أيضاً الاعتذار عمّا قاله عون عن أن «خطأً ورد في الخبر المنشور، في ضوء نتائج التحقيقات».إلا أن النقيب عون اكتفى ليلاً بإصدار توضيح يقول فيه «إن البيان الخطي الذي وزّعه أمام قصر العدل اليوم (أمس) هو الذي يعكس رأيه في موضوع مثول الصحافي محمد زبيب أمام النيابة العامّة التمييزية»، معتبراً أنه بذلك تراجع عمّا أدلى به شفهياً، ولا سيما لجهة قبول زبيب مصالحة لم يجر عرضها إطلاقاً، وحصول خطأ لم تثبت التحقيقات حتى الآن حصوله، بل بالعكس.

«الأخبار» تدعم موقف الزميل زبيب

شارك نقيب المحررين الياس عون، في الوقفة التضامنية. ولدى دخوله الى قصر العدل، أعلن النقيب عون انه سيجري وساطة مع الوزير المشنوق من اجل سحب الدعوى ضد الصحافي محمد زبيب، آملا «انتهاء الدعوى حبيا»، وقال: «سأتكلم مع الوزير المشنوق من اجل سحب الدعوى، وننقل اليه ان خطأ ورد في الخبر المنشور، في ضوء نتائج التحقيقات، وان لا نية للاساءة، وما نشر هو عملية بحت إعلامية. وعندما تتضح الامور يجري العمل على التسوية والمصالحة «.وردا على سؤال، قال عون: «الدعوى لم تسحب بعد، سنرى معالي الوزير اذا كان يريد سحبها، وسنعمل ما في وسعنا لتسهيل الامور من اجل التسوية والمصالحة».يهم «الاخبار» ان تؤكد احترامها لموقف نقابة المحررين بالتضامن مع الزميل زبيب، والقيام بدورها لحماية الصحافيين والحريات الاعلامية، لكنها تؤكد، ان الزميل زبيب مستمر في الخضوع للاجراءات القضائية ما يتيح له تقديم الاجوبة المناسبة عن اسئلة الجهات القضائية، كما تفسح في المجال امام اظهار كل العناصر المادية التي تساعد على مواجهة كل اشكال الفساد. ومع التاكيد على عدم وجود اي نوع من الخصومة الشخصية مع الوزير المشنوق، الا ان مجريات الدعوى، تجعل «الاخبار» داعمة لقرار الزميل زبيب عدم الدخول في اي نوع من المصالحات التي غالبا ما تقود الى تغييب الحقيقة. وتؤكد «الاخبار» هنا، ان الزميل زبيب الذي يتمنى تضامن جميع الاعلاميين معه، ليس في وارد الطلب الى اي جهة نقابية او اعلامية التفاوض لاجل تحقيق اي نوع من المصالحات. وان الخطوة الوحيدة المفيدة هنا، هي بمبادرة صاحب الشكوى الى سحبها فقط.

«العائق الوحيد، لم يكن عائقاً تقنياً، بل كان عائقاً سياسياً اجتماعياً يتمحور حول إمكانية إيجاد مخرج يبرر الطمر في المرحلة الانتقالية»، هكذا علّق أحد الخبراء المستقلين الذين شاركوا في المشاورات بين الحركة البيئية واللجنة الفنية برئاسة وزير الزراعة أكرم شهيّب، أول من أمس. نتائج هذه المشاورات لم توافق عليها مكوّنات الحراك أمس، التي أبدت امتعاضها من الإيحاء أن المشاورات كانت مع «أهل الحراك» وأن هدفها احتواء التحركات الاحتجاجية

 

هديل فرفور - الاخبار

 

أكدت غالبية المجموعات لـ «الأخبار» أن «الحركة البيئية» كانت «مفوّضة في طرح الشق التقني فقط» مع وزير الزراعة أكرم شهيب ولجنته، وبالتالي مهمتها تقتضي ـ بحسب المجموعات ـ عرض الخطة البديلة التي تبناها الحراك من دون أن يكون لهذا التفويض «بُعد» التشاور مع السلطة.

حرص المجموعات على حصر التفويض بالشق التقني، لم يكن خافياً على شهيب، الذي ارتأى أمس الأول أن «يجمّد» المشاورات مع الحركة البيئية بعد ساعة ونصف من انطلاقها إلى «حين الاستحصال على تفويض رسمي يخولها مناقشة الجوانب التقنية والمؤسسية»، وتم استئناف هذه المشاورات عند الساعة السابعة مساءً انطلاقاً من أن هناك ضرورة للحديث في الجانب «المؤسسي»، لا في الجانب التقني فقط، أي تناول مسائل من نوع: من يقوم بماذا؟ «الجانب المؤسسي» الذي تذرّع به شهيب ترجم، بحسب ما ورد في محضر المشاورات، عبر النقاش الذي بدأه عضو لجنة الخبراء (ممثل مجلس الإنماء والإعمار) إبراهيم شحرور المتمثّل بتحديد الجهة المخولة تنفيذ خطة الحراك بعد طلب كف يد مجلس الإنماء والإعمار، وتساؤله عن الجهة التي ستقوم بسحب النفايات من الشارع، في ظل إلغاء دور سوكلين. ما يعني فعلياً، النقاش حول دور «سوكلين» و»مجلس الإنماء والإعمار»، الذي يشكّل صلب التحرّكات المنددة بتمديد صلاحية هاتين الجهتين.

بحسب محضر المشاورات المذكورة بقيت أمور كثيرة عالقة، إلا أنه جرى «التوافق على إلغاء قرار رقم 1/2015 البند 6 المتعلّق بشركة رامبول وتقسيم لبنان إلى 6 مناطق خدماتية». وجرى التوافق أيضاً على «التخلي» عن استخدام مكب برج حمّود في المرحلة الانتقالية، مع التأكيد أن إعادة تأهيله هو من صلاحية البلدية. وكذلك اتُّفق، بحسب المحضر الذي نشرته جمعية لا فساد، على أن تجربة التخمير اللاهوائي لم تُختبر بعد ولم تحدد كلفتها ونتائجها وبالتالي «استبعاد اقتراح التخمير الهوائي واللاهوائي لعدم ملائمتهما». إضافة إلى الاتفاق على إشراك لجنة إقفال مطمر الناعمة في الإشراف على تنفيذ المرحلة القادمة. ولفت المحضر إلى «تفهم الحركة البيئية المفوضة من الحراك المدني الشعبي اقتراح خطة الوزير شهيب ولجنة الخبراء».

يؤكد أحد الخبراء المستقلين الذين كانوا حاضرين في الاجتماع، أن خيار التخمير غير الهوائي لم يُبت و»تُرك مفتوحاً»، لافتاً إلى «عدم وجود حل واحد ومطلق للأزمة، بل هناك حلول متعددة (بخلاف ما يجري تصويره على أن الطمر هو الحل الأوحد)، وبالتالي ثمة تناقض يثيره المحضر. وجاء في المحضر أن شهيب أكد أن «معظم المراسيم المتعلقة بتحرير الأموال أصبحت قيد الإنجاز (..) والجميع على علم بالخلاف بين وزارة الاتصالات والمالية حول أموال البلديات، أما في ما خص إلغاء الديون لكل البلديات، فيحتاج إلى قانون في مجلس النواب، ولكن هناك إجماع سياسي للمضي في هذا القرار». وجاء في المحضر نفسه، أن قرار مجلس الوزراء تبنى الخطة المقترحة كاملة بشقيها الانتقالي والمستدام، واعتبر شهيب أن الفصل بين المرحلة المستدامة والانتقالية هي «مقاربة خاطئة»، مشيراً إلى أن مقررات مجلس الوزراء ليست المعيار الوحيد لتقديم فعالية تطبيق الخطة «بدليل أن مجلس الوزراء سبق أن أدخل في مقرراته العديد من الخطط التي لم تُبصر النور»، ليربط الوزير في ما بعد تعهده الالتزام بكافة القرارات والمراسيم بـ «عمل مجلس الوزراء». وكانت مجموعات الحراك، قد وجدت، أمس، «الكثير من المغالطات التي يحتويها المحضر»، على حد تعبير الأمين العام لاتحاد الشباب الديمقراطي عمر ديب، ذلك أن «اعتماد صيغة التوافق مضللة، إذ إن الحراك مصر على مبدأ عدم التفاوض مع السلطة»، لافتاً إلى أن ما ورد في المحضر ليس إلا وعوداً غير مضمونة. لم يصدر عن المجموعات التي اجتمعت مرتين، أمس، ظهراً ومساءً، لمدة ساعتين ونصف في كل اجتماع، أي بيان، إلا أن أجواء النقاش تركّزت على «ضرورة ترجمة هذه الوعود عبر مراسيم ومقررات فعلية، خصوصاً في ما يتعلّق بتحرير أموال البلديات». يقول الناشط في حملة «الشعب يريد» هاشم عدنان، إن هناك محاولة كانت لاستدراج الحركة البيئية نحو وعود سياسية تفضي إلى إعادة فتح مطمر الناعمة، لافتاً إلى «أن الهمّ الأول للوزير شهيب هو إعادة فتح المطمر 7 أيام وفق ما يقتضي القرار الوزاري». في هذا الصدد يشير عدنان إلى أن «خيار التخمير غير الهوائي بقي مفتوحاً من دون بتّه»، ليُصار التركيز على خيار الطمر. يقول رئيس جمعية «غرين لاين»، وأحد الذين أسهموا بوضع الخطة البديلة علي درويش، إن قرار مجلس الوزراء لا يلحظ هذه التعديلات المطروحة، «ولا يشير إلى تبني الخطة والتعديلات المطروحة عليها»، وبالتالي إن الضمانة الفعلية مفقودة في ظل التعاطي مع سلطة فاقدة للثقة. ويضيف: الإيحاء أن عدم التجاوب مع ما تطرحه اللجنة أو أن معارضة القرار الوزاري تعرقل الحلول التي باتت ملحة في ظل «استحقاق» الشتاء أمر غير مقبول. يتساءل ديب: «هل علينا أن نثق بوعود لجنة كي تُبصر النور؟»، ويلفت إلى ضرورة تلمّس وعود جدّية تتجسّد أولاً بمراسيم تصدر لتحرير أموال البلديات. في ما يتعلّق بحملة إقفال مطمر الناعمة، يؤكد عدد من الناشطين أن الحملة «متعاونة مع الحراك وتقف إلى جانبه، وأبدت استعدادها التجاوب معه في حال التوصل إلى حل مرض للحراك»، وفي هذا الصدد، اقترح في اجتماع المجموعات المسائي، أمس، «تعهّد رئيس مجلس الوزراء تمام السلام الشخصي خلال مؤتمر صحافي بإقفال مطمر الناعمة في يومه الثامن». هل هذا يعني أن هناك احتمالاً لقبول إعادة فتح المطمر، «إذا ما أصدروا المراسيم المتعلقة بتحرير أموال البلديات، من الممكن أن نتعاون في هذا المجال»، كان جواب أحد الناشطين لافتاً إلى أن «الحراك سيبقى خلف الأهالي الذين لن يتخلفوا عنا بدورهم». يصرّ الناشط في حملة «بدنا نحاسب» علي حمّود على «رفض الحملة مبدأ التفاوض مع السلطة، ذلك أن النقاش سيتخذ الأسلوب الملتوي المعتاد الذي يُظهر أن السلطة تقدّم الحلول، في حين أنها ستستغل مبدأ التفاوض التقني لضرب الحراك السياسي». يشير حمود إلى هذا «المبدأ» ليخلص إلى أن «الإشكالية الكبيرة التي ظهرت أول من أمس (عقب انتهاء اللقاء المتأخر مع شهيب) تكمن في الإيحاء أن شهيب التقى بمكونات الحراك في الوقت الذي لم تلتق الحملة، كذلك جزء كبير من بقية المكونات، مع شهيب ولم تتفاوض معه». بالنسبة إلى الحملة، الخطة البديلة تبدأ بمحاسبة الفاسدين، من ثم يأتي الجانب التقني، «هم يريدون العكس، إلهاءنا بالجانب التقني وتهميش الجانب السياسي الذي يتجسّد بمحاسبة المسؤولين المتعاقبين». في الاجتماع الذي عقدته مجموعات الحراك والذي كان مواكباً لمشاورات الحركة البيئية مع شهيب، أول من أمس، كان هناك توجه واضح مفاده التفويض إلى الحركة البيئية «الجانب التقني» فقط، وفق ما يقول الناشط في حملة «جايي التغيير» حسّان زيتوني لـ»الأخبار»، لافتاً إلى أن هناك اتفاقاً كان سائداً يقضي بـ «عدم إعطاء تنازلات في ما خص اقتراحات الخطة البديلة».

غسان ديبة- الاخبار

«في الغالب يتم الافتراض بأن الاقتصاد المبني على المؤسسات الخاصة (الراسمالي) لديه انحياز أوتوماتيكي للابتكار، ولكن هذا ليس صحيحاً. إن هذا الاقتصاد لديه فقط انحياز لتحقيق الربح» اريك هوبسباوم

قد يظن البعض أن أزمة الرأسمالية اللبنانية في لبنان هي مسألة عابرة أو دورية، وقد يعترف بعض الرأسماليين اللبنانيين والمدافعين عنهم من الاقتصاديين من جميع الألوان تحت الضغط ببعض أخطاء النموذج الاقتصادي اللبناني الذي بني بعد الحرب في ما يخص مجالات عديدة منه مثل ارتفاع الفوائد أو الاستدانة العامة.

إلا أن الكثيرين يظنون أن للبنان خاصية فريدة لا يمكن نقدها وتعتبر اللازمة الأساسية للبنان منذ الاستقلال حتى الآن، ألا وهي «المبادرة الفردية» التي رفعت إلى مستوى القداسة وربطت أونتولوجياً مع وجود لبنان ككيان. ومن أجل ضمان هذا الترابط وضع في مقدمة الدستور أن «النظام الاقتصادي الحر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة» حتى لا يجرؤ أحد حتى على مجرد التفكير بشكل آخر من التحفيز الاقتصادي. وتعتبر هذه الخاصية الملاذ الأخير للاقتصاد اللبناني، فإن هي بخير فالاقتصاد بخير. لكن «المبادرة الفردية» هي ليست الأساس في هذا الاقتصاد ولا في الاستحواذ على الثروة فيه، بل أكثر من ذلك فإنها بدأت تأخذ أشكالاً تدميرية تؤدي إلى تعميق أزمة الرأسمالية اللبنانية. السؤال الأساسي هو: هل المبادرة الفردية تؤدي إلى الابتكار والتقدم التكنولوجي في النظام الرأسمالي الحديث؟ يقول الاقتصادي في جامعة كامبريدج ها جون تشانغان، إن المبادر ــ البطل الذي تكلم عنه الاقتصادي النمسوي جوزيف شومبيتر انتهى ولم يعد له مكان في الرأسمالية. الآن النظم الكبيرة والجماعية (collective) هي المحرك الرئيسي لخلق التكنولوجيا وتطبيقها. ودور الدولة هنا أساسي في هذه العملية. وقد تراجع دور المبادرين الذين يمكن قياسهم بعدد العاملين لحسابهم في الاقتصادات المتقدمة الى ما دون 10% من القوى العاملة، أما في الدول النامية فيطغى دور المبادرين، إذ يصلون إلى ما بين 30 - 50% من القوى العاملة. وكلما تخلف الاقتصاد، زاد العاملون لحسابهم أو «المبادرون» وليس العكس كما يعتقد أصحاب نظرية المبادر ــ البطل. فمثلاً، في دولة بينين في أفريقيا الغربية، يصل عدد العاملين لحسابهم إلى أكثر من 80%. في لبنان، يحصل الشيء نفسه، إذ بيّن تقرير «مايلز» للبنك الدولي الصادر عام 2012 أن نسبة العاملين لحسابهم تبلغ 36%، بالإضافة إلى 19% من العاملين غير النظاميين. ويترافق هذا مع سيطرة القطاعات المنخفضة الإنتاجية على الاقتصاد، ما يخلق ديناميكية سيئة من ترابط المبادرة الفردية وانخفاض الإنتاجية في الاقتصاد. ويؤدي هذا الانخفاض إلى تراجع مستوى المعيشة لأكثرية اللبنانيين، إذ إن الترابط بين الاثنين سببي بامتياز. فكما قال آلان غرينسبان «إن مستوى الإنتاجية في نهاية المطاف يحدد معدل مستوى المعيشة». يقول الاقتصادي الأميركي الشهير لستر ثورو في كتابه «مستقبل الرأسمالية»، الذي نشر في 1996 في أوج صعود نجم الرأسمالية بعد انتهاء التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وقبل أزمة 2008، في معرض تناوله لدور التكنولوجيا وسبل خلقها في الرأسمالية، إن الرأسمالية ليس لديها ميكانيزم أوتوماتيكي للقيام بالاستثمارات والبحوث والتطوير الضرورية للتقدم التكنولوجي. فـ»القيم الرأسمالية هي في حرب مع الرأسمالية نفسها»، ويضيف متسائلاً، ومستلهماً من تجربة الإسبان في إهمال نظم الري التي بناها المسلمون في الأندلس: «هل الرأسمالية ستستثمر بالرأسمال البشري والبنى التحتية والبحوث والتطوير التي ستسمح لها بالازدهار، أم ستكون كالإسبان المسيحيين، غنية على المدى القصير من دون القيام بالاستثمارات الاجتماعية التي ستضمن نجاحها في النهاية؟». وكأن ثورو يتكلم عن لبنان اليوم الذي يستشري فيه مبدأ الربح السريع والاغتناء السريع وتراكم الثروة المالية والعقارية وتمركز رأس المال في قطاعات غير منتجة من دون الاهتمام بالاستثمار الطويل الأمد، لا الرأسمالي الثابت البحت ولا الاستثمار الاجتماعي. فالعقلية السائدة هي أنه ما دامت القلة الريعية وفي مقدمها المصارف والعقار بخير، فإن لبنان في أحسن أحواله، وفي الوقت نفسه تهترئ البنى التحتية وتغيب البحوث والتطوير وتصرف الأموال الطائلة الخاصة (أي تحول الموارد الخاصة) على بناء الرأسمال البشري الذي لا طلب عليه، فيتحول إلى موارد مبددة بالهجرة وتستبدل المهارات بالأموال الوافدة من المهاجرين التي تزيد من ريعية الاقتصاد، ما يخلق حلقة مفرغة تستنفد فيها القوى المنتجة في الاقتصاد. إن المبادرة الفردية في لبنان تستعمل كغطاء لحقيقة أن القطاعات الأساسية في الاقتصاد هي احتكارية حيث يتمركز رأس المال وبالتالي يتعذر على المبادرين الفرديين الدخول إليها والمنافسة. فالمبادرة الفردية تترك للمجالات الصغيرة حيث يتم الهدر للرأسمال وينتج مؤسسات منخفضة الإنتاجية، وفي أكثر الأحيان يجري تناسخ غير صحي لهذه المبادرات وغيرها بحيث تؤدي إلى ارتفاع نسبة الإفلاسات، وبالتالي تحول المبادرة الفردية إلى مبادرة غير إنتاجية أو حتى تدميرية للرأسمال والطاقات البشرية. بسبب كل هذا، يفتقد لبنان للوعاء العام والجماعي للتقدم الاقتصادي وخلق وتطبيق التكنولوجيا من أجل تحقيق اقتصاد ديناميكي يربط الاقتصاد بالكمّ الهائل من الرأسمال البشري الموجود والمتزايد سنوياً، وبذلك يكون لبنان أكثر دولة في العالم تهدر طاقاتها العلمية الكامنة. إن اللبنانيين «مبادرون فرديون»، وأهم مبادرة فردية الآن منتشرة بشكل هستيري هي البحث عن الهجرة، تليها المبادرات لفتح مطاعم وحانات ومحلات البيع الصغيرة الحجم والتصليح والخدمات الوسيطة والتشبيح، بالإضافة إلى المبادرة للانضمام إلى شلل الاحياء المسيرة من الزعامات الطائفية. هذا هو البؤس الحقيقي لاتفاق الطائف الذي جعل اللبنانيين يرمون سلاحهم من أجل أن يتفقوا على وطن كل شيء فيه يستباح من قبل الرأسمال الريعي والطائفية، وحتى الفرد الذي كان سيحقق الكثير جردوه من إنسانيته وقوة ابتكاره ليهاجر للخارج من أجل العيش الكريم ويبقى في الداخل فقط من أجل العيش، وذلك في أكبر جريمة ترتكب بحق رفاه الأجيال الحالية والقادمة.

يمثُل رئيس قسم المجتمع والاقتصاد في «الاخبار»، الزميل محمد زبيب، امام النيابة العامة التمييزية، عند العاشرة من قبل ظهر غد الخميس، في الدعوى التي اقامها ضده وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بتهم القدح والذم والتحقير، على خلفية نشر صورة شيك صادر من بنك المدينة الى المشنوق في عام 2002

هديل فرفور - الاخبار

 

مثّل استدعاء الزميل محمد زبيب للمثول امام النيابة العامة التمييزية في 21 ايلول الجاري انتهاكا فاضحا لحرية الصحافة المصونة في الدستور. يومها لم يجر الاستجواب نظرا لملابسات كثيرة، اذ جرى تبليغ الاستدعاء قبل 3 ايام من تسجيل دعوى شخصية تقدّم بها وزير الداخلية نهاد المشنوق. ومن دون تحديد اي سبب واضح للاستدعاء. وهو ما دفع الى تأجيل الاستجواب حتى الاول من تشرين الاول.

تجري ملاحقة الزميل زبيب على خلفية نشر صورة شيك صادر من بنك المدينة الى المشنوق، وعلى الرغم من اقرار المشنوق نفسه بصحّة هذا الشيك الا انه ادعى انه جزء من ثمن عقار في ضهور الشوير باعه في ذاك الحين، وتقدّم بدعوى شخصية امام النيابة العامة التمييزية بتهمة القدح والذم والتحقير، علما ان وكيله المحامي كارلوس ابو جودة اعلن ان الهدف من هذه الدعوى هو معرفة كيفية حصول الزميل زبيب على هذه الوثيقة ومن سرّبها! متجاوزا حق الصحافي في حماية مصادره، ومع ذلك ردد ان «القضية ليس لها طابع اعلامي»! قضية ملاحقة الزميل زبيب اثارت ردود فعل واسعة لدى الجهات المعنية بالدفاع عن الحريات الصحافية، وتحت شعار «دفاعا عن حرية الصحافة وتضامنا مع الصحافي محمد زبيب»، دعت مجموعة من الناشطين والناشطات الى المشاركة في وقفة احتجاجية امام قصر العدل في بيروت، عند الساعة التاسعة والنصف قبل ظهر غد الخميس، لـ «مواكبة الزميل زبيب اثناء استجوابه» ولـ «الوقوف ضد كل محاولة لاستعمال القضاء من اجل حماية اصحاب النفوذ ومنع مساءلتهم وملاحقة كاشفي فسادهم»، فضلا عن «الدفاع عن الحق في الحرية والمعرفة والوصول الى المعلومات ونشرها».

نقيب الصحافة عوني الكعكي اعلن دعم النقابة لحق الصحافيين وحريتهم في التعبير عن رأيهم، مشيرا الى عزم النقابة على عقد اجتماع لاصدار موقف واضح إزاء هذه القضية. وأبدى نقيب المحررين الياس عون دعم النقابة للزميل زبيب، انطلاقا من «الدعم المطلق لحرية الراي والتعبير»، مشيرا الى وجوب الدفاع عن حق الصحافيين في تأدية واجباتهم. وراى محامي مؤسسة «مهارات» طوني مخايل ان مسارعة السياسيين الى رفع دعاوى قضائية ضد الصحافيين يرمي على نحو اساسي الى تضليل الراي العام، لافتا الى وجوب رد المسؤولين على المعلومة بمعلومة، ومشيرا الى ان «توسّل القضاء يأتي في آخر مراحل المواجهة». ينطلق مخايل من هذا المبدأ ليشير الى ان «النيابة العامة التمييزية التي تنظر في ملفات الفساد وهدر الاموال العامة وغيرها، عليها الّا تُستخدم كفزّاعة للتوقيف»، لافتا الى انّ من واجب الصحافي اطلاع الراي العام على قضايا حسّاسة كادارة الاموال: «زبيب هو صحافي متمرّس، ويدرك ان المعطيات التي نشرها موثقة وصحيحة وهي تثير شكوك حول ملف بنك المدينة الموجود لدى القضاء نفسه، وبالتالي المطلوب فتح الملف للتحقق من المعلومات التي نُشرت». يضع مخايل القضية بوصفها «تمسّ حرية تداول المعلومات على نحو اساسي»، مستغربا استدعاء زبيب الى النيابة العامة التمييزية بناء على كتاب معلومات (قبل استدراك الامر بتقديم دعوى شخصية) «فهي ليست قضية جرمية خطيرة». في ما يتعلّق باستدعاء النيابة العامة التمييزية له، يقول مخايل ان هذا الامر ذو وجهين «إذ انه بات عرفا استدعاء القضاة للصحافيين مباشرة كي لا يخضع الصحافي لتحقيق لدى القوى الامنية او مخافر جرائم المعلوماتية»، لافتا الى انه كان بالامكان تحويل القضية الى محكمة المطبوعات او اقفال القضية إذا لم يُتوسع بملف بنك المدينة. يختم مخايل بالقول: «ان نشر اي معلومة او وثيقة يحصل بهدف المصلحة العامة هو اسمى من مصلحة اي مسؤول»، مشيرا الى «حق الصحافي في توصيف الوقائع المسندة الى معلومات صحيحة». يقول المدير التنفيذي لمركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية «سكايز» ايمن مهنا إن «من المرفوض على نحو كامل التعاطي القضائي مع أي صحافي إلا من خلال محكمة المطبوعات»، مشيرا الى انه «من واجب الصحافي الإضاءة على أي عمل مشبوه يقوم به المسؤولون السياسيون، على أن يحدد القضاء ما إذا كان هناك مخالفة ارتكبها السياسي». يرى مهنا أن من المفارقة أن تبدأ القضية بموضوع «خرق للسرية المصرفية» وتتحول إلى موضوع «قدح وذم وتحقير (...) فالصحافي ليس، بالقانون، مؤتمناً على السرية المصرفية. إذا أراد الوزير المشنوق محاسبة أحد على خرق السرية المصرفية، فيجب أن يقاضي من سرّب صورة الشيك في المصرف أو في القضاء أو في الأجهزة الأمنية. أما إذا كان الموضوع قدح وذم، فمحكمة المطبوعات وحدها المخولة بالموضوع على أن يجري القضاء تحقيقاً شفافاً أيضاً بخلفيات الشيك. واذا تبيّن أن خلف الشيك عملية مشبوهة، تسقط حكماً الدعوى بالقدح والذم. أما إذا ثبتت براءة الوزير، فعندها تستأنف محكمة المطبوعات عملها. لذا، فإن أي مسار قضائي موجّه ضدّ أي صحافي، وضد زبيب، قبل إظهار الحقيقة كاملة بموضوع الشيك، سيبقى مستغرباً ومشكوكاً بنيّاته».

غسان ديبة -الاخبار

«على الكوادر الحزبية أن تكون أمينة للمثل الشيوعية ومؤمنة ايمانا راسخا بالماركسية» شي جين بينغ

 

لا يظن احد ان ما قاله رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في مؤتمره الصحافي حول لفظ الصين للاقتصاديين الماركسيين فيه ولو نذر يسير من الصحة. في وقت سابق من هذا العام حضر الرئيس الصيني جين بينغ جنازة وزير دعاية سابق كان يعد من اكثر الماركسيين تشددا، وانحنى ثلاث مرات امام نعشه.

 

ان يحضر الرئيس الصيني جنازة احد المسؤولين السابقين غير التاريخيين أمر غير مألوف، ولكن الحملة ضد الفساد التي اطلقها جعلته يتقرب من اليسار في الحزب، إضافةً الى الامور الرمزية فإن الحزب بدأ منذ فترة بالتشديد على التثقيف الايديولوجي واعلاء شأن الماركسية عبر المدرسة الحزبية المركزية وفي مختلف الجامعات والمعاهد العليا. وتقرر اخيرا عقد مؤتمر للماركسية شبيه بمؤتمر دافوس الشهر المقبل في جامعة بكين. وعلى الرغم من هذا الزخم الجديد، الا ان الحزب منذ اصلاحات دينغ هسياو بينغ كان دائما يضع الخلفيات الايديولوجية لسياسته الجديدة ضمن الماركسية، فهدف ادخال الاسواق والقطاع الخاص والراسمال الاجنبي ليس للتحول الى الرأسمالية بل لبناء القاعدة المادية للاشتراكية. فالاصلاح على الرغم من انه يخلق طبقة راسمالية، لكنها تبقى تحت سيطرة الحزب الشيوعي، وسيأتي اليوم الذي تستنفد فيه هذه الطبقة مهماتها التاريخية وتجري مصادرتها.

اما بشأن الامور الاخرى التي قالها، فاننا نقول له ان الاقتصاديين الماركسيين هم الذين وقفوا، منذ ان انزلق لبنان الى بناء الاقتصاد للقلة، الى جانب الحق والعمال والموظفين والفقراء الذين انتهكت حقوقهم على مدى سنوات، وهم الذين وقفوا ضد تشابك المصالح بين النظام الطائفي والقلة الرأسمالية، التي ترسخت من خلال استدانة الدولة من المصارف ورفع الفوائد وخفض الضرائب على الرأسمال والارباح والثروة، ورفعها على الطبقة المتوسطة والعاملة وتجميد الاجور لفترات طويلة ما استحدث اكبر ميكانيزم لاعادة التوزيع للدخل والثروة في لبنان واصبحنا اليوم من اسوأ الدول في توزع الثروة في العالم. هذه كانت الحرب الطبقية التي شنت بخبث وحقد ضد الطبقات المتوسطة والعاملة والفقراء. بخبث لانها غلفت ولا تزال على انها سياسات عمرت لبنان واعادت إليه وهجه ومكانته في العالم، وهي الاكذوبة التي انطلت على الكثيرين لفترة طويلة، ولكنها تكشّفت الان، ولذلك ترتعد فرائص هذه الطبقة وممثليها من الحراك الشعبي، لانهم يعلمون ان ما يبدأ بالنفايات والفساد والنظام الطائفي قد ينتهي بتغيير اقتصادي يطاول مصالحهم في العمق، فلا مجال بعد الان لان تستمر طبقات تستولي على اكثرية الدخل والثروة في الانفلات من دفع الضرائب والنهل من فوائد الدين العام والاستيلاء على الاملاك العامة وعلى رأسها وسط البلد. كان يمكن للبنانيين ان يتحملوا هذا النمط لو ان الرأسماليين اللبنانيين يراكمون الرأسمال الثابت ويطورون الاقتصاد في المجالات الصناعية والتكنولوجية، ويخلقون الوظائف العالية الاجر ويطلقون العنان للمقدرات العلمية الكامنة لدى الشعب اللبناني المتعلم، كما يحدث في الصين الان وحدث في كوريا الجنوبية وتايوان وغيرها، ولكن هؤلاء الرأسماليين فشلوا في تحقيق رسالة طبقتهم التاريخية وهم يعيشون اليوم الايمان - الفاسد، ويستعملون اقتصاد السحر الاسود والخطابة والدجل لتبرير انهم بدلا من الرأسمال الثابت راكموا الرأسمال المالي غير المنتج والساطي على الثروة المنتجة في الاقتصاد الحقيقي، وبدلا من التطوير الاقتصادي الصناعي والتكنولوجي بنوا اقتصادا ماليا- تجاريا- ريعيا، وبدلا من انتاج الوظائف العالية الاجر، فإنهم يقدمون إلى خريجي الجامعات وظائف قليلة باجور منخفضة، ويدفعون الاكثرية للهجرة، وبدلا من اطلاق المقدرات العلمية الكامنة يضيعونها في العمل الرتيب وغير الخلاق وفي البطالة وفي الهجرة الى الخارج. كل هذا كان من الممكن أيضا تحمله، غير ان انفلاتهم من دفع الضرائب العادلة، ونهلهم الفوائد العالية على مدى سنين طويلة حرم الدولة الموارد المالية، وجردها من القدرة على تقديم الخدمات العامة من كهرباء وماء، ومعالجة النفايات والنقل العام والتعليم الرسمي الجيد، وتسليح الجيش وبناء الطرقات. فعن اي اقتصاد يتكلم السيد شماس، وهم الذين ساهموا في تدميره وتدمير الدولة عبر حربهم الطبقية التي لا افق تاريخيا لها، بل تدميري. فكان بالحري به ان يعترف بهذه الحرب كما اعترف وارن بافيت اغنى اغنياء الولايات المتحدة بقوله «حسنا هناك حرب طبقية، وطبقتي طبقة الأغنياء تشنها وتنتصر». سيرت هذه الحرب الطبقية بحقد على العمال والفقراء لتدميرهم نفسيا واقصائهم وتهجيرهم وتحويلهم الى مستهلكين واصحاب منازل غارقين بالدين والضرائب وغلاء المعيشة واذلاء امام الاغنياء والزعماء الطائفيين. ارادوا ذلك لانهم يعلمون ان هؤلاء هم من كانوا دائما في الصفوف الامامية للقضايا الكبرى في لبنان، وهم الذين استشهدوا من اجل لبنان، ومستعدون للانغماس في العمل النضالي حتى النهاية من دون تقسيم بورجوازي لحياتهم الى مسارات منفصلة. عندما يهاجم السيد شماس «ابو رخوصة» يتخلى حتى عن ليبراليته المزعومة التي يجب ان تكون ضد الاحتكار ومع ارخص الاسعار، فحتى ادم سميث، ابو الليبرالية الاقتصادية، كان حذرا من «التجار» الذين بتنظيمهم يحاولون خلق قوانين واحتكارات، لان «مصالحهم دائماً ليست مطابقة لمصالح الناس، بل على نحو عام لديهم المصلحة لخداع وحتى اضطهاد الناس». هنا ايضا الايمان فاسد وكيف لا والطابع الاساسي للقطاع التجاري الذي يمثله هو الاحتكار ورفع الاسعار. اما بشأن العداء للشيوعية، فاننا بالطبع لا نتوقع غير ذلك، وليس على الشيوعيين التأثر سلبا بهذا، بل بالعكس فإنه وفّر دعاية من دون عناء للشيوعية والماركسية مشكورا عليها السيد شماس. كان من الممكن الخوف لو كان هذا العداء شبيها بعداء الطبقات البورجوازية في اوروبا واميركا اللاتينية الذي مهد في مراحل معينة للفاشية والحكومات العسكرية المعادية للشيوعية واليسار عامة. الا ان هناك ما يجعلني أجزم بأن هذه الطبقة غير جدية ولا عميقة ما فيه الكفاية، لتحمل مشروع كهذا، وما نحن الا امام نموذج كاريكاتوري عن هذا العداء او باروديا (parody) لا اكثر ولا اقل. كتب الان غرينسبان، الحاكم السابق للفدرالي الاميركي، «ان الرأسمالية والاشتراكية واضحتان بشأن الظروف الضرورية لخلق الثروة، أما الشعبوية، فلا». إنّ الرأسماليين اللبنانيين الشعبويين-الطائفيين ليس لديهم مشروع لخلق الثروة، بل للاستيلاء على الثروة. وهؤلاء الذين خربوا الاقتصاد اللبناني لن يغلبهم الرأسماليون الحقيقيون الذين هم قلة في مواجهة جحافلهم، بل يجب ان يهزمهم الشعب الذي بدأ اليوم بالتحرك ليقول لا لسنوات من الاقصاء والتهميش والتحقير، وليعلن بدء مرحلة جديدة من امتلاك المصير وتحقيق الذات في مجتمع اكثر عدالة وانتاجية وحيوية.

هشام يونس - السفير

بالإمكان القول أن فوز جيريمي كوربِن (مواليد 1949)، سواء عدُ يسارياً محفاظاً، إشتراكياً أو ماركسياً تروتسكياً، برئاسة "حزب العمال" البريطاني قد أثار مزيجاً من الإرباك والحيوية على حدٍ سواء في المشهد السياسي البريطاني. وبما لا يقل أهمية، داخل "العمال" الذي شكل الإطار التاريخي لليسار والذي إنتهت إليه معظم مجموعاته والتيارات بما فيها تلك المجموعات الشيوعية الثورية التي خصها لينين بالدعوة في المؤتمر الثاني للأممية الدولية آب 1920، داعياً جميعها للانخراط في "حزب العمال" توخياً للفاعلية والقدرة على التأثير والثورة التي توفرها الأحزاب الكبيرة ذات التمثيل الجماهيري.

 

حزب العمال والقطيعة مع الإرث الإشتراكي

 

لقد ظهّر هذا الفوز وفرز إتجاهات اليسار المُلتبس، وبالأخص اليسار الإنكليزي، نتيجة التخبط والأداء المربك الذي شهده منذ صعود اليمين وظهور التاتشرية بداية ثمانينيات القرن الماضي.

 

هذا الإرباك الذي إنتهى إلى مانفيست "العمالي الجديد" الهجين الذي أحدث قطيعة على مستويين: المشروع العام وأدبيات الخطاب وأهم مفاهيمه، والذي شكل برنامج طوني بلير الإنتخابي لرئاسة الحزب في 1994 وحدد مبادئ ما سيعرف لاحقاً ب"البليرية" ( نسبة لبلير)، والتي حكمت منذ وصول العماليين برئاسة الأخير إلى سدة الحكم عقب إنتخابات حزيران 1997 ولغاية حزيران 2010، مع سقوطها في الإنتخابات العامة أمام المحافظين من دون أن يتمكن هؤلاء من الحصول على الأغلبية المطلقة لتشكيل الحكومة ( حصلوا على 306 من المقاعد من أصل 650 مقعداً)،  ما دفعهم، في حينه، للإئتلاف مع "الديمقراطيين الليبراليين".

 

إلا أن إرث "البليرية" الجاثم على كاهل الحزب، إلى عوامل داخلية أخرى، ألحق به هزيمته الأقسى منذ عقود في آخر إنتخابات (حزيران الماضي)، والتي منحت المحافظين واليمين نصراً لافتاً. ولا يجب أن تُستبعد في هذا السياق، وفي إطار قراءة ظاهرة كوربن عوامل أخرى من بينها؛ تضعضع الحزب داخلياً وفقدان الثقة بالخطاب التقليدي الذي درج عليه العماليون ما بعد "البليرية".  وهو ما يفسر تصويت الشباب لكوربن الكهل وخسارة خصومه الثلاثة الشباب. ويمثل هؤلاء شريحة شبابية متعاظمة وناقمة،  تتطلع إلى نماذج تحمل خطاباً يسارياً واضحأً غير متذبذب سمعوه من أليكسيس تسيبراس في اليونان وزعيم حزب "بوديموس" في أسبانيا الشاب بابلو ايغلاسياس.

 

لقد كرس مشروع "العمالي الجديد" قطيعة مع مبادئ الحزب الإشتراكية التقليدية وتبنى مبادئ ملطفة لإقتصاد السوق، وهو ما سماه بلير "الطريق الثالث"، ما بين الإشتراكية والرأسمالية، أو إشتراكية ديمقراطية كما نصها تعديل غير مسبوق أقره الحزب للمادة الرابعة من دستور الحزب في العام 1995عقب توليه رئاسة الحزب (كانت قد أقرت في مؤتمر الحزب العام 1918). وهو ما أوقع الحزب بتناقضات عدة سواء على المستوى الداخلي بين المجموعات والتيارات المختلفة أو على مستوى الخطاب أو الخطط المالية والإقتصادية التي تبناها أثناء حكمه، وأفضت إلى إنكشاف كبير لليسار البريطاني والإنكليزي منه على وجه الخصوص، وأنتهت بهزيمة قاسية للعمال واليسار، ونهاية حكم "العمالي الجديد" في إنتخابات 2010 العامة. وعلى الرغم من أن ذلك عُد هزيمة ونهاية ل"البليرية" من الحكم،  إلا أن نهاية "البليرية"، أو الضربة القاصمة لها، داخل "العمال" لم تتحقق إلا بفوز جيرمي كوربن.

 

نهاية البليرية والعودة إلى الإطار اليساري

 

من هنا يأتي فوز كوربن ليشكل المنعطف الكبير "للعمال" ولليسار الإنكليزي على وجه الخصوص، حيث سبق لليسار الإسكتلندي، وفي وقت مبكر، أن أوجد لنفسه إطاراً آخر خارج "العمال" ضمن مركب حيوي جمع ما بين المبادئ الإشتراكية والتقدمية والمطالب الوطنية للأمة الإسكتلندية ضمن الحزب القومي الإسكتلندي وهو ما أسهم، بعد ما حققه من نجاحات في الإنتخابات العامة والمحلية، بشكل أو بآخر في تعزيز فرص مشروع كوربن لدى شرائح شبابية وعمالية إنكليزية ناقمة على أداء الحزب وغربته عن مبادئه وتخبطه التنظيمي الذي ظهر للعلن في آخر إنتخابات عامة ترشح لها زعيمه إد ميليباند.

 

وفي هذا السياق، جاء فوز كوربن بمشروعه، الذي يشكل نقيضاً للعمالية البليرية الهجينة في خطوطه العامة ومنظومة مفاهيمه اليسارية التقليدية، ليوحد اليسار خلف مبادئه الإشتراكية ولينهي، أو يكاد، أرث "العمالي الجديد" و"البليرية" دفعة واحدة.

 

إلا أن ذلك لا يعني بأن العمال إتجه إلى أقصى اليسار، وهذه مقولة يثيرها خصوم كوربن من انصار "البليرية" قبل غيرهم، وهم بالمناسبة فريق لا زال يملك قدراً ليس يسيراً من التأثير، بشبكة علاقات وبنية بناها لأكثر من عقدين، ولعل هذا هو التحدي الأهم لكوربن في المرحلة المقبلة أي عزل هذا الفريق عن الفاعلية.

 

إن خطاب كوربن يركز على قضايا لا تبعُد عن الوسطية في مقاربتها للقضايا المعيشية، لكنه يبنيها على قيم لا تقبل التسويات وتنهل من المعجم اليساري التقليدي. في حقيقة الأمر كوربن يرفع القطيعة عن الإرث العمالي التقليدي، ولكنه لا ينزهه عن النقد، ويصر على إستخدام مفاهيمه التي يجدها صادقة تماماً في تناول المسائل والقضايا التي تواجهها بريطانيا، وفي ذلك هو نجح في تحقيق خرق في مساحة الرأي العام البريطاني، وخاصة لدى الجيل الجديد الذي لم يألف هذا الخطاب ولم يعشه.

 

كوربن والتحدي الحزبي

 

وقد تصح المقارنة بين جيريمي كوربن ومايكل فوت اليساري الذي يشابه الأول بافكاره الإصلاحية، التي قد يعدها البعض تقليدية أو جذرية، وإن كان كوربن يتجاوز فوت في آراءه فيما خص المؤسسة الحاكمة. وكان فوت قد إنتخب رئيساً للحزب عام 1980 بعد إستقالة رئيس الحزب جيمس كالاغان على أثر هزيمته في الإنتخابات العامة للعام 1979 أمام مارغريت تاتشر، وواجه تمرداً من ما سمي الجناح اليميني أو الوسط في "العمال" حينذاك، وقدم أربعة من مسؤولي الحزب سموا حينها "عصابة الأربعة" إستقالتهم، وشكلوا في العام ذاته 1981 "الحزب الإشتراكي الديمقراطي" قبل أن يندمج مع "الحزب الليبرالي" في 1988 ويشكلان  حزب "الديمقراطيين الليبراليين".

 

يواجه كوربن اليوم، كما فوت بالأمس، تحدي حصول تمرد من مجموعة "العمالي الجديد" من فريق طوني بلير وخلفه غوردن بروان وبعض يسار الوسط ( قدم ستة من وزراء حكومة الظل العمالية المعارضة إستقالتهم فور فوزه برئاسة الحزب)، وهو تحدي قد يُضعف الحزب على المدى القصير إلا أنه، وكما سبقت الإشارة، يعيد إليه هويته وخطابه وبالتالي يمنحه فرصة ليشكل إطاراً يقود التيارات اليسارية المختلفة خلف تصور واضح، على المدى المتوسط والبعيد. وهذه التيارات والمجموعات متعددة ومتمايزة، وبسبب تضعضع اليسار على مدى عقود توزعت في إطر عدة بعضها موجود داخل أحزاب أخرى تقف اليوم، للمفارقة، في مواجهة "العمال" ( الأحزاب الإسكتلندية المختلفة، حزب الخضر ( يشبهه البعض بثمرة البطيخ خضراء من الخارج وحمراء من الداخل) ، وحزب "الديمقراطيين الليبراليين" الذين يوجد في صفوفهم مجموعات ذات توجه يساري..) ويعتمد ذلك بشكل كبير على نجاح كوربن وفريقه بإيصال رسالته وإستقطاب الوسط وترتيب أولوياته وعدم خوض الحروب كلها دفعة واحدة، لأن من شأن ذلك إستنزافه وهو ما يوفر لخصومه الكثر فرصة للنيل منه. أما في حال نجاحه، فإن ذلك سيشكل أكبر تحول في الحياة السياسية البريطانية وسياستها الداخلية والخارجية.

 

لا شك أن عامل الوقت كفيل ببلورة رؤية ومشروع  هذا السياسي اليساري المتقشف والشفاف للغاية الذي حافظ على مبادئه طوال 32 عاماً من عمله السياسي. في حالة نادرة ومستقطبة للإعجاب المتزايد لدى الشارع البريطاني، بحيث بات يشكل اليوم ظاهرة وطنية تتجاوز اليسار وحزبه، وليس أدل على ذلك سوى إنضمام ما يزيد عن 400 الف منتسب جديد لحزب العمال معظمهم من الشباب، خلال فترة شهرين من حملة كوربن الإنتخابية و28 الف بعد إعلان فوزه، وهو ما يوفر لكوربن، جراء هذا الإستقطاب والدعم، فرصة لإصلاح "العمال" وتوحيد اليسار مجدداً، ضمن مبادئ تقدمية فقدها تباعاً منذ عقود، وهي مهمة لن تكون سهلة وفيها إستجابة ولو متأخرة لنداء لينين في مقدمة لإصلاح المؤسسة الحاكمة!

اثبتت مجموعات الحراك الشعبي انها لن ترضخ لقوى النظام. فعلت ما كان منتظرا منها، لمّت شملها، رفعت سقف خطابها ومطالبها، واعلنت ان «القوة والسلطة للشعب»، وان الشارع هو الحكم الآن في مواجهة نظام الزعماء والقمع الامني والهيئات الاقتصادية

 

إيفا الشوفي - الاخبار

 

ما اقترفته السلطة أول من أمس من قمع ممنهج بغية ضرب الحراك إرتدّ سلباً عليها. عنف الدولة وميليشياتها تُرجم اندفاعاً جدياً الى الأمام من قبل مكونات الحراك، التي اتحدت مجدداً للمواجهة، معلنةً أن الحكم اليوم للشارع فقط.

للمرة الأولى منذ انطلاق الحراك في تموز الماضي، ترفع المجموعات سقفها وتخاطب قوى النظام كلّها: الزعماء والأمن العام والهيئات الإقتصادية وميلشيات السلطة، بنبرة تهديد واضحة، متوعّدةً بأن الرد سيكون في مسيرة حاشدة نهار الأحد المقبل تنطلق عند الخامسة عصراً من جسر نهر بيروت - برج حمود مروراً بشركة سوكلين ثم شركة كهرباء لبنان لتنتهي في ساحة النجمة، أو بكلامٍ آخر في قلب بيروت، الذي اعلنته الهيئات الاقتصادية، امس، محمية للاغنياء لا مكان لاكثرية اللبنانيين فيه الا بوصفهم سياحا ومشترين للسلع الفاخرة. «ما قبل 16 أيلول ليس كما بعده»، وفق ما ورد في بيان لجنة تنسيق حراك 29 آب، الذي تلته نضال أيوب، وهي من المعتقلات تعسفاً نهار الأربعاء على يد الأجهزة الأمنية. المسيرة التي حدّدتها المجموعات لها رمزيّتها. يشرح عربي العنداري أنّ الإنطلاقة من برج حمود هي للتأكيد على أنّ «برج حمود ليست مزبلة»، وبالتالي لرفض إقامة مطمر هنا. تُكمل المسيرة الى سوكلين التي تمثّل رمزاً للفساد والتشبيك مع السلطة وهو ما أعلنه وزير الزراعة أكرم شهيب الذي تحدّث عن فساد في ملف النفايات عمره 20 عاماً وترمز الى التحاصص الحاصل بين أرباب السلطة. تصل المسيرة الى شركة كهرباء لبنان «رمز التخلف والفساد وعجز السلطة وفشلها»، لتنتهي أمام مجلس النواب في ساحة النجمة حيث يصب الفساد بأكمله. ردّ الحراك على رواية الأمن العام الذي بثّ بيانات مفادها أنّه القى القبض على شخص ينتمي الى تنظيم «داعش» كان يخطط للانخراط في الحراك وإطلاق اهانات خلال الإعتصام ضد وزير الداخلية نهاد المشنوق، وكتابة عبارات نابية ومسيئة على ضريح الرئيس رفيق الحريري.

 

اذ أعلنت المجموعات أنّ «هوية المعتقلين تفضح اكاذيب السلطة واعلامها الذي حاول اتهام الحراك بالتبعية والخيانة وتلقي التمويل الخارجي. ما حصل أمس خطط له على مدار الايام السابقة وبدا ذلك عبر تصريحات المسؤولين المطالبة بالتعاطي بحزم وصرامة لتمرير خطة شهيب المرفوضة وكذلك عبر اعلام السلطة الذي حاول شيطنة الحراك وتلفيق شائعات اختراقه من شبكات ارهابية بغرض التبرير المسبق للاعتداءات». أعلنت المجموعات أن «حجم العنف أول من أمس كان غير مسبوق مقارنة بالاعتداءات السابقة ما يشير الى تفاقم أزمة النظام الخائف من تنامي الحراك واختراق القواعد الشعبية للأحزاب المسيطرة»، مدركةً أنّ «هناك قرارا واضحا من السلطة بانهاء الحراك ظهر عبرالتكامل العضوي والتنسيق العلني بين المؤسسات الامنية وميليشات أركان النظام». انعكس هذا الأمر إيجاباً على وحدة الحراك الذي وضع استراتيجية للتحركات المستقبلية. تجاوزت المجموعات جميع التباينات بينها معلنةً أنّ مواجهة هذه السلطة هي الأولوية وبالتالي على الحراك أن «يرقى الى مستوى المعركة المفتوحة التي بدأتها السلطة ضدنا. علينا تفعيل التنسيق الحقيقي والفعال بين مكونات الحوار واستعادة زمام المبادرة في مختلف المناطق». ترجم الحراك خطابه بستة مطالب واضحة وحازمة على رأسها «إقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق وفتح تحقيق مستقل وشفاف لمحاسبة كل من أعطى الاوامر وغطى ونفّذ الاعتداءات والانتهاكات بحق المتظاهرين من ضباط وجنود وعناصر ميلشيوية»، إضافة الى «حث مجموعات الحراك ولاسيما لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين على اتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة تمهيداً لمحاكمة المشنوق لانتهاكه اكثر من مرة حق التظاهر المكفول دستوراً». كذلك «الافراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية تظاهرات 22, 23 و29 آب ووقف ملاحقتهم ووقف الإعتقالات التعسفية ووقف محاكمة المدنيين امام القضاء العسكري»، إذ لا يزال هناك 10 من معتقلي 22 و29 آب. و»اقالة وزير البيئة ومحاسبته على كارثة النفايات وفشله واهماله في تحمل مسؤولياته، فضلا عن تغطيته لفساد استمر 20 سنة وفق اقرار لجنة شهيب نفسها. وإعلان خطة طوارئ بيئية فورية للتعامل مع الكارثة البيئية التي نقبل عليها في فصل الشتاء، تتضمن اعلان حالة التأهب وفق قانون الدفاع المدني وتشغيل معامل الفرز بطاقتها الكاملة، متمسكين بملاحظاتنا على مقررات مجلس الوزراء الواردة في بيان 12 ايلول. المسارعة الى تحرير اموال البلديات والإتحادات من الصندوق البلدي المستقل تمكيناً لها من القيام بدورها في معالجة النفايات». وأخيراً «الدعوة الى انتخابات عاجلة تتضمن تمثيل جميع الفئات الاجتماعية على اختلافها من دون تمييز وتضمن للمواطن مشاركة حقيقية فيها بعيدا عن ادوات الاستزلام والاستقطاب الطائفي». الصيغة التي خرجت بها المجموعات في ما يتعلق بموضوع الإنتخابات من حيث «تمثيل جميع الفئات الاجتماعية «، تضع الأمور في منظارها الفعلي ردا على موقف الهيئات الإقتصادية بالأمس التي رفضت حرفياً أن «يتحول وسط البلد الى أبو رخوصة»، فأتى الجواب من الحراك الشعبي بأن ختم البيان: «القوة والسلطة والثروة للشعب»!

ايفا الشوفي - الاخبار

أمس، أظهرت أجهزة السلطة جزءاً من وحشيتها. يوم المواجهات الطويل بدأ عند التاسعة صباحاً بتجمعات سلمية خجولة ليتحوّل سريعاً إلى موجة اعتقالات طالت أكثر من أربعين متظاهراً. الاعتقالات لم تكن بريئة، إذ كان واضحاً أن هناك مستهدفين محددين يجب إلقاء القبض عليهم. على ضوء القمع الممارس والاعتقالات المكثّفة عاد الناس الى ساحتهم في رياض الصلح، ساحة المواجهات الأولى مع السلطة حيث أُطلق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين وسقط عشرات الجرحى. يقول الناشط حسّان الزين إنّ «العودة الى ساحة رياض الصلح هي عودة الى بدايات الإشكالات التي انطلقت من هنا، ولنثبت للسلطة أننا لسنا خائفين».أثبت الناس والمجموعات أنهم لن يتخلوا عن أي متظاهر، فتوجهوا عند السادسة مساءً إلى ساحة رياض الصلح وأعلنوا اعتصاماً مفتوحاً الى حين إطلاق سراح جميع المعتقلين، وحصلوا على مرادهم عند العاشرة ليلاً بإطلاق سراح سامر مازح من مخفر الجميزة، آخر المعتقلين، أمس.مئات المتظاهرين تجمّعوا هاتفين بشعار واحد: «ارحل يا مشنوق». هذه المرة لم يكن وزير البيئة محمد المشنوق المتهم الأساسي، بل أصبح وزير الداخلية نهاد المشنوق مُطالباً جدياً من قبل الناس بالاستقالة الفورية بسبب الوحشية التي مارسها عناصره الأمنيين ضد المتظاهرين.تُجمع المجموعات على أنّ ما حصل أمس هو فصل جديد من الحراك مشابه لواقعة 22 آب، وبالتالي يتطلب الأمر الخروج بخطة سريعة وقوية لمواجهة السلطة التي كان واضحاً على ضوء الأحداث أنها قررت القضاء على الحراك.

 

يقول أمين عام اتحاد الشباب الديمقراطي عمر ديب «إننا كسبنا التحدي مع السلطة، وأثبتنا أنه لا يمكن قمعنا أو منعنا من التظاهر. فعلى الرغم من حملة الاعتقالات استمرت التحركات طوال اليوم، ما أربك السلطة. كذلك أثبتنا أنه في حال فكرت السلطة مجدداً في اعتقال متظاهرين، فإننا قادرون على تجييش الشارع وإغلاق الطرقات وتعطيل البلد الى حين إخلاء سبيل أي معتقل».منذ ليل أمس بدأت المجموعات تتشاور من أجل تحديد الخطوات المقبلة، على أن يُعقد اجتماع موسّع اليوم لمختلف مجموعات الحراك لهذه الغاية. يرى المحامي نزار صاغية أنّه «منذ الصباح هناك محاولات حثيثة لضرب الحراك، بدأت بتوقيف شبان من مختلف المجموعات الأساسية في الحراك، تلاها هجومان كبيران من شبيحة بكل معنى الكلمة». يرى صاغية أنّ «المطالب لا تزال نفسها، لكن يوماً بعد يوم يتضح أن المعركة ليست معركة نفايات، بل هي معركة مواطن ضد زعيم».حتّى ليل أمس، لم يُتخذ قرار بين المجموعات من أجل المطالبة باستقالة وزير الداخلية، على أن تتم مناقشة هذه النقطة في اجتماع اليوم. يقول الناشط في حملة «طلعت ريحتكم» وديع الأسمر إنه «ستتم مناقشة هذه المسألة كمجموعات، وقد أثبتت المجموعات أن التنسيق الذي يحصل بينها على الأرض ممتاز وجدي». لكنه يؤكد أنّ «المشنوق خسر الأهلية ليكون وزير داخلية، وإذا لم يكن قادراً على ضبط عناصره فليرحل. أمّا إذا كان هو من أعطى الأوامر بالاعتداء على المتظاهرين، يجب محاسبته.

المطلوب اليوم استقالة المشنوقين». كذلك يؤكد ديب أنّ «أبرز نتائج اعتقالات أمس هو وجوب المطالبة فوراً باستقالة نهاد المشنوق ومحاسبته».خطة التحركات التي وضعها الحراك لهذا الأسبوع، والتي شملت اعتصاماً أمام مطمر الناعمة غداً وتظاهرة مركزية نهار السبت، ستناقش اليوم على ضوء الأحداث، مع توجّه لدى المجموعات الى حشد الناس نهار السبت بما يشبه تظاهرة 29 آب. يقول ديب إنّ «هذه الخطة قد تتغير، وسيتم التفكير بخطوات أسرع وأقوى لمواجهة هذه السلطة». أمّا صاغية فيرى أنّ «الرد على محاولة ضرب الحراك سيكون بالمستوى المناسب، وهو ما سيتقرر اليوم».ويؤكد وديع الأسمر أنه «أصبح واضحاً أنه كلّما خفّ ضغط الشارع على السلطة تعود الى المحاصصة ومحاولة الالتفاف على الحراك عبر القرار الوزاري الذي اتخذ بشأن النفايات والدعوة الى طاولة الحوار من أجل الاتفاق على الناس»، لذلك فإن النقاش اليوم سيتركز أيضاً على وجوب تكثيف الضغط والتحركات وعدم تأجيلها من أسبوع الى آخر، كما حصل سابقاً.

الاخبار

أحيا الحزب الشيوعي اللبناني، أمس، ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة اللبنانية (جمّول) في احتفال شعبي، امام صيدلية بسترس في منطقة الصنائع، بمشاركة الامين العام للحزب خالد حداده وأعضاء المكتب السياسي، رفعت خلاله الاعلام اللبنانية واعلام جبهة المقاومة.والقى عضو اللجنة السياسية وعضو قيادة بيروت الدكتور خليل سليم كلمة قال فيها: «33 عاما مضت وزهرة التحرير جمول بأريجها تعطر تاريخ لبنان المقاوم، 33 عاما ونحن نلح على ذكرى انطلاقة جمول لانها الاجمل والاصح ولانها درة الكفاح الوطني اللبناني والصفحة الاكثر اشراقا في تاريخ لبنان الحديث». وأضاف: «جمول اليوم بأبهى حلتها، ذكراها له طعم خاص ونكهة خاصة. في ذكرى جمول الى مزبلة التاريخ يا كبير عملاء العدو الصهيوني انطوان لحد. والنكهة الخاصة اننا في قلب انتفاضة شعبنا ضد هذا النظام الطائفي التعسفي الفاسد الظالم، من اجل الحرية والعيش بكرامة».وبعد توجه المشاركين الى وزارة الداخلية «للتضامن مع المعتقلين وطلب الحرية لحملة ارث جمول، شموع التغيير»، تحدّث حداده، فقال: «اليوم تستكمل المقاومة بوجهها الاخر حين اعلنا منذ اكثر من شهر اننا امام مرحلة اطلاق المقاومة الشعبية من اجل التغيير الديموقراطي، من اجل دولة حديثة ديمقراطية، دولة للرعاية الاجتماعية مدخلها قانون انتخاب نسبي خارج القيد الطائفي وعلى اساس الدائرة الوطنية الموحدة».

 

وأضاف أن الرعب من الحراك «يدل على ضعف ساد أوساط المتحلقين حول طاولة تقاسم السرقات المسماة طاولة الحوار الوطني الذين يحاولون توجيه الفقراء لضرب الفقراء». وأكد: «نحن الذين أطلقنا المقاومة في عز الفساد، في جو من السيطرة الخارجية ومن التآمر العربي ومن تآمر النظام اللبناني، نقول: مهما كان الظرف ومهما كانت موازين القوى لن نسمح في ضرب روح المقاومة عبر إعادة جثة هذا العميل، ونبلغكم بأننا أقمنا صلات مع وزارة الخارجية ومع الأمن العام ومن كل المعنيين في هذا الموضوع، وتعهدوا بأن لا تعود جثة هذا النتن الى بلادنا، وأن لا يقام أي قداس. نحن نقول لهم اننا نصبر لكن لصبرنا حدودا ولا يختبرنا ويجربنا أحد، جربتمونا ولا تجربونا مرة ثانية».وانتقل المشاركون بعد ذلك الى ساحة رياض الصلح للاعتصام هناك استنكارا لتوقيف مجموعة من شباب الحراك المدني.(الصورة لمروان بو حيدر)

الأكثر قراءة